‏إظهار الرسائل ذات التسميات العالم العربي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العالم العربي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

من «الثورة العربية الكبرى» إلى «الثورة السورية»: ما أشبه اللـيلة بالبارحة!

    فبراير 25, 2014   No comments

صالح عبد الجواد*
«صحيح أن الدولة العثمانية ساعدت على إسقاط نفسها، لكنها كانت تمثل البقية الباقية من خلافة تربط وتوحد بين المسلمين، وكان استمرار وجودها عقبة في تهويد فلسطين، ولهذا السبب، وليس من منطلق حقوق الإنسان، كان رأسها مطلوباً للغرب» (المجاهد الشهيد الشيخ راغب حرب) 1

يُظهر هذا المقال بعض أوجه الشبه المفزعة بين ما يسمى «الثورة العربية الكبرى» عام 1916 و«الثورة السورية» الحالية في شقها المُعسكر المحبذ لتدخل أجنبي تقوده وتنفذه الدول التي ليس لها من تاريخ وسجل مع العالم العربي (بما في ذلك بلاد الشام) إلا سجل أسود من التفتيت والتقسيم والتدمير، كان زرع إسرائيل في قلبه وتدمير العراق وتقسيم السودان وتحييد مصر وتطويقها وتهديد شريان حياتها أبرز جرائمها.

أما الهدف من هذا المقال، فهو فتح باب حوار مع القوى الإسلامية التي تتبنى الثورات المسلحة، لعلها ــ رغم انزلاقها في عدائها للنظام السوري إلى درجة ضاعت فيها المسلمات والمبادئ ــ تعود عن غيها، فيكون ذلك «كلمة سواء بيننا وبينكم».
كلتا «الثورتين»، العربية والسورية، استندتا إلى ظلم واقع لا ننكره، وإن كان هذا الظلم مبالغاً فيه، وهو في أحسن الأحوال «كلمة حق يراد بها باطل» 2.
وكلتا «الثورتين» عانتا انفصام الهوية. فالأولى، دشنها شريف مكة الحسين بن علي، أحد أهم الرموز الدينية في العالم الإسلامي، ورغم أنه كان من معسكر رجعي ومحافظ، فقد حارب، ويا للمفارقة، تحت راية القومية العربية، التي كانت في حينها إيديولوجية مقصورة على قلة من مثقفي المدن الشامية العصريين المتأثرين بالأفكار الغربية. والفكرة القومية ظل تأثيرها بعيداً عموماً عن متناول «مثقفي» مكة 3، وعن القاعدة البدوية «للثورة»، حيث لم يعرفها البدو أو حتى سمعوا بها. وفي الثورة الثانية، استطاع من أرادوا عسكرة الانتفاضة وتجييرها لأعداء سوريا اختطاف انتفاضة شعبية سلمية ذات مطالب عادلة في البداية، فأمسكوا بزمامها، فحرفوها عن مسارها السلمي العفوي وعسكروها، مدعين أنهم محاربون تحت راية الإسلام لتحقيق الديموقراطية والعدل.
وكلتا «الثورتين» استندتا إلى دعم العدو الخارجي نفسه (المثلث إياه: أميركا وفرنسا وبريطانيا) لإسقاط وتغيير النظام، وهو عدو، كان بما لا يقارن، أشد خطراً وظلماً من الأتراك العثمانيين أو النظام السوري.
وكلتا «الثورتين» جَيّرتا، بوعي أو دون وعي، مشروع «الثورة» لمصلحة أعداء الأمة وأجندتهم. الأولى، قادها لورنس «العرب» الذي وجه فيصل الأول كما تُحرك الدمى، ولم تكن صفة العروبة التي ألحقت باسمه، إلا تغطية وتضليلاً لما هو عليه في واقع الأمر: مجرد صهيوني مسيحي، عراب اتفاقية فيصل ــ وايزمن (1919) التي تنص على التخلي عن فلسطين لليهود، في مقابل دولة شريفية مستقلة. أما الثورة الثانية، التي روج لبدايتها الصهيوني العتيد برنارد ليفي، فقد أعماها الحقد عن أن ترى كيف تسلم «رقبة وطنها» لأجندة حلف الناتو وإسرائيل. وكلتاهما تحالفت مع الغرب الاستعماري وهو ينخر في أوطانهم. الأولى تحالفت مع الفرنسيين بعد عامين من احتلال فرنسا للمغرب عام 1812، ومع الإيطاليين بعد 3 سنوات من احتلال ليبيا، وكان من خلفهم وأمامهم سجل حافل من تدمير الجزائر ومحاربة إسلامه وعروبته وعبودية أبنائه ومن ابتلاع تونس. أما «الثورة السورية» (كحال الثورة الليبية)، فقد تحالفت مع نفس القوى العظمى الاستعمارية التي هودت فلسطين ودمرت العراق وليبيا والسودان، وعملت على تفتيتها.
وكلتا «الثورتين» طالبتا بتدخل أجنبي مسلح وبحصار اقتصادي لإضعاف النظام ودفع الشعب للتمرد عليه استجلاباً لهذا التدخل. قبل عشرين عاماً من الثورة العربية الكبرى، كتب السير فيليب كوري المفوض السفير البريطاني في إسطنبول إلى حكومته تقريراً بتاريخ الثامن والعشرين من شهر آذار/ مارس 1894 عن الثورات والهبّات في أرجاء الدولة العثمانية، التي مهدت لتفتيتها النهائي، يقول فيه:
«الهدف المباشر للثوار التحريض على الفوضى، مستفزين الدولة العثمانية لإنزال عقوبات شديدة، تجرّ تدخل القوى [الأوروبية] باسم الإنسانية» 4. (هل ضروري أن نذكر أن هذا هو بالتحديد نفس دور المعارضات العراقية والليبية والسورية الخارجية؟).
في الثورة الأولى، أدى الحصار البحري البريطاني الذي صادف فرضه موسمي قحط وجراد، إلى وقف وصول إمدادات الحبوب والمواد الغذائية إلى بلاد الشام، ما أدى إلى مجاعة وأوبئة اودت بحياة 20% من سكان بلاد الشام بين أعوام 1915 - 1918. أما في الثانية، فلم تتكشف آثار الحصار الاقتصادي بعد، وإن كان من غير المرجح أن يؤدي إلى نفس النتائج، نظراً إلى اعتماد سوريا على نفسها، ورفض عراقي وإيراني وروسي وصيني لهذه السياسة.
وكلتا «الثورتين» تتشاركان في حساب جردة الخسائر والأرباح: جرّ الكوارث إلى شعوبهما وشعوب العالم العربي. الأولى أدت إلى كوارث ما زلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم تحت عنوان سايكس - بيكو. وفي الحالة الثانية - إن نجحت - سنكون إزاء كوارث لن نستفيق منها أبداً. فالأولى، دمرت من خلال «هدم دولة الخلافة» كل ما بقي للمسلمين من رابطة تجمع في ما بينهم، رغم ما وصلت إليه هذه الخلافة من «رجل مريض». كذلك أسهمت في تقسيم العالم العربي وتجزئته وإضعافه، ورسم حدود التجزئة التي أضرت بالتكامل والتبادل وحرية الحركة بين الشعوب والأقطار العربية. وأدت دوراً أساسياً في تهويد فلسطين، فما كان للمشروع الصهيوني أن ينجح ابداً لولا زوال الدولة العثمانية.
زئيف جابوتنسكي مؤسس وزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية (منظّر اليمين والأب الروحي لبيغن وشارون ونتنياهو)، كان على قناعة تامة «بأن مصير المشروع الصهيوني مشروط بتدمير الدولة العثمانية، فهذا التدمير وحده الكفيل بتحرير أرض إسرائيل لمصلحة اليهود. وعليه، يجب الإسهام في المجهود الحربي إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى» 5.
أما «الثورة الثانية»، فستؤدي لا محالة - إن نجحت - إلى تفتيت سوريا بعد العراق والسودان وليبيا، ولا يبقى على المستعمرين بعد ذلك، إلا تفتيت مصر، حتى لا تقوم لنا قائمة من بعد إلى عقود طويلة قادمة.

ما أشبة الليلة بالبارحة!

البارحة، هو يوم الخامس من حزيران 1916، وهو يوم شؤم على الأمة 6. نجلا الشريف حسين، فيصل وعلي، يعلنان باسم والدهما وباسم الحركة القومية العربية، «استقلال العرب عن الأتراك» وبدء «الثورة العربية الكبرى» التي قال عنها المؤرخ الفلسطيني الراحل إميل توما: «لا ثورة، ولا عربية، ولا كبرى، ولا يحزنون».
وهم يعلنونها ثورة مقدسة على «الاحتلال التركي» وعلى «ظلم الأتراك واستبدادهم». ومن أين؟ من المدينة المنورة، وتحديداً بالقرب من قبر حمزة أمير الشهداء. المدينة المنورة لا أقل ولا أكثر، المدينة التي احتضن أهلها الرسول، فآوته بعد خوف، وتقاسم أهلها مع إخوانهم المهاجرين السراء والضراء، والتي صاغ فيها النبي دستور الأمة، وأُسس لما سيكون عليه دولتها.
وهما (أي نجلا الشريف حسين فيصل الأول وعليّ) يعلنان «الثورة» ممتطيين صهوة الجياد، رمز فروسية العرب وتحت «الراية الشريفية» المقصورة على اللون الأحمر الداكن وحده 7 التي كان يرفعها الهاشميون حتى تلك اللحظة رمزاً للحجازيين، والتي استُبدل بها بعد عام من «الثورة» علمٌ، هندسه وصممه مارك سايكس، مهندس اتفاقية سايكس/ بيكو 8!
دُشنت «الثورة» بإطلاق «الرصاصة الأولى»، وهي رصاصة جاءت من صناديق ذخيرة وصلت للتو، من حلفائهم الإنجليز عن طريق البحر مع صناديق محملة ذهباً وبنادق ورشاشات. في صناديق المال ليرات ذهبية تلمع، تحمل صورة فارس: (القديس جورج) يطعن بحربته ومن فوق سرجه رمز الشر: التنين 9 .
تُفتح الصناديق ويوزع الذهب والبنادق على «الثوار» كما هي تفتح اليوم صناديق الأسلحة في المفرق الأردنية على يد الملك عبد الله الثاني ابن حفيد الشريف، ثم يبدأ الثوار ثورتهم «العربية الكبرى» تحت قيادة لورنس «العرب» 10 بالتخريب والتدمير. وكان أهم ما قاموا بتخريبه، خط سكة حديد الحجاز الذي يربط المدينة المنورة بدمشق وإسطنبول، وهو خط أنشأه السلطان عبد الحميد بأمواله الخاصة وباكتتاب المسلمين، وخصوصاً مسلمي الهند. جاد فقراء المسلمين قبل أغنيائهم بالمال، وتبرعت النساء بحليهن الذهبية وحرم الكثيرون أولادهم لقمة العيش حتى تكتحل عيونهم بالطواف حول الكعبة وزيارة قبر الرسول. كان خط سكة حديد الحجاز يعني اختصار رحلة الثلاثة أشهر الطويلة، المحفوفة بالمخاطر والمعاناة والعطش واحتمال الضياع، إلى أيام معدودة. تمثلت أبرز هذه المخاطر، في القبائل البدوية التي امتهنت بالأساس سياسة قطع طريق الحج ونهب (وأحياناً قتل) الحجاج. «تعلمنا» كتب التاريخ المزور، أن هؤلاء الأعراب – قتلة الحجاج وعبدة الذهب الأصفر – هم داعمو الثوار الجدد 11. واليوم، في ضوء ما يجري في سوريا، أليس من الشرعي أن نتساءل: هل نـحن أمة بلا ثقافة أو ذاكرة؟

*كاتب عربي
__________

المراجع
1- الاقتباس مستلّ من مقطع وثائقي لفيلم عن حياة الشيخ راغب حرب وكفاحه، بثته قناة المنار على عدة حلقات بعنوان «عمامة المجد» 14-18 شباط/فبراير 2012. لاحظ موقف الشيخ راغب الذي أدرك الفارق بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية.
2- سأعالج ذلك في دراسة مستقلة، وإن تطرقت عرضاً لذلك لأغراض التحليل. قد يقول قائل إن الشريف حسين وأولاده قضوا شطراً من حياتهم في مدينة حضرية كوزموبوليتية (إسطنبول)، لكن هذا الأمر رغم صحته، لا يغير من جوهر ما قلناه شيئاً، بناءً على شهادات المؤرخين الذين عايشوا وعرفوا الشريف الحسين وشخصيته عن قرب.
3- «The immediate aim of the revolutionists has been to incite disorder, bring about human reprisals and so provoke the intervention of the powers in the name of humanity»
4- Sir Philip Currie British embassy Constantinople March 28,1894
5- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) رام الله، 1 كانون الثاني 2006.
http://www.madarcenter.org/databank/TopicView.asp?TopicID=364&SubID=12
6- أيضاً ذكرى حرب الخامس من حزيران عام 1967.
7- عوني الجيوسي: «انتحار المفارقة ومصرع السخرية هل صمم مارك سايكس علم العرب؟»
8- المصدر نفسه.
9- سمع أحد الإنجليز، البدو يحيون الكابتن لورنس بقولهم: «مرحباً أبا الخيال»، فسأل الإنجليزي عربياً: «لماذا يدعون لورنس أبا الخيال؟»، فأجابه العربي سائلاً: «ألم ترَ الجنيه الإنجليزي الذهبي الذي يحمل صورة الخيال؟ الذهب البريطاني، أكثر من أي شيء، هو ما دفع أبناء الصحراء من مكة إلى الشمال» [ للقتال].
10- لإضفاء عروبة زائفة ترضي العربان، يرتدي لورنس كواحد من المستعربين الأوائل العباءة متمنطقاً بخنجر يماني متزيناً بكوفية وعقال.
11- مئة عام أو تكاد، تفصلنا عن «الثورة العربية الكبرى»، وما زال خط سكة حديد الحجاز مدمراً، رغم العائدات النفطية السعودية الفلكية.
_________
الأخبار

الجمعة، 21 فبراير 2014

قنبلة القرضاوي الثانية تنسف اتفاق المصالحة السعودي القطري.. وتفجر ازمة مع الامارات ومصر.. والرد تجميد علاقات.. اغلاق حدود.. وربما عمل عسكري

    فبراير 21, 2014   No comments
عبد الباري عطوان
خطبة الشيخ يوسف القرضاوي “النارية” التي القاها من فوق منبر جامع عمر بن الخطاب في الدوحة بعد اعتكاف استمر لثلاثة اسابيع، “ستحرق” ما تبقى من علاقات بين دولة قطر وجيرانها السعوديين والاماراتيين، وستنبيء باجراءات “عقابية فورية” ضد الاولى اي دولة قطر، بالنظر الى التوتر القائم حاليا في العلاقات.
كثيرون اعتقدوا ان التهديدات الصريحة، والمباشرة، التي وجهتها المملكة العربية السعودية الى دولة قطر وتضمنت اغلاق الحدود معها، ومنع طيرانها من التحليق في الاجواء السعودية، وتجميد عضويتها في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وهي التهديدات التي وردت في صحيفة مقربة من الامارات والسعودية معا تصدر في لندن، ستؤدي الى دفع قطر الى “اسكات” الشيخ القرضاوي ومنعه من الخطابة، باعتباره مفجر الازمة مع الامارات التي اتهمها في خطبة سابقة ومن على المنبر نفسه، بمعاداة الحكم الاسلامي.

ولكن من الواضح ان هذه التهديدات اعطت ثمارا عكسية تماما من خلال متابعة ما ورد في الخطبة النارية للشيخ القرضاوي على دولة الامارات وعلى السعودية وعلى حكومة المشير عبد الفتاح السيسي في مصر، ولا نعتقد ان الشيخ القرضاوي يمكن ان يعود الى منبر الخطابة، وان يقول  ما قاله دون موافقة، بل تحريض، السلطات القطرية الرسمية.
من يعرف امير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الحاكم الفعلي للدولة حاليا، يدرك جيدا انه رجل لا يقبل التهديدات بسهولة، ومن غير المستبعد ان يكون قد اوعز للشيخ القرضاوي بالذهاب الى المسجد والقاء الخطبة النارية هذه رغم مرضه الشديد، اي القرضاوي، الذي كان باديا عليه، لتنفيذ الآراء التي قالت ان الضغوط والتهديدات الاماراتية والسعودية نجحت في اسكات الشيخ القرضاوي، واشارت الى ان قطر بدأت في ابعاد القيادات الاخوانية المصرية التي لجأت اليها.
***
دولة الامارات لم تحتمل هجوم الشيخ القرضاوي السابق عليها، واحتجت رسميا على ما ورد في خطبته الاخيرة حول معاداتها للحكم الاسلامي، واستدعت السفير القطري في ابو ظبي وقدمت له احتجاجا شديد اللهجة، ومن المتوقع ان تغضب اكثر عندما خاطبها في خطبته اليوم قائلا “اغضبكم مني سطران قلتهما عنكم.. ماذا لو افردت خطبة عن فضائحكم ومظالمكم؟”، واضاف متعجبا “انهم لا يطيقون سبع كلمات”.
وهاجم الشيخ القرضاوي “الحكام الذين دفعوا مليارات الدولارات ليخرجوا الرئيس محمد مرسي من الحكم واتوا بالعسكر الذين اكتسبوا آلاف الملايين من قوت الشعب، ولم يكتفوا بذلك بل سلبوا الناس كل حقوقهم من حرية وعدالة وديمقراطية” قاصدا بذلك حكام السعودية والامارات دون ان يسميهم بالاسم.
هجوم الشيخ القرضاوي سواء من حيث اللهجة الحادة التي اتسم بها، او من حيث التوقيت ينسف كليا اتفاق المصالحة والتعهدات المكتوبة التي قدمها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير دولة قطر للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في حضور امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر اثناء اللقاء الثلاثي الطارئ في الرياض في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، وهو اللقاء الذي امتص غضبة سعودية ضد قطر كادت ان تؤدي الى ابعادها من مجلس التعاون اثناء القمة الاخيرة في الكويت.
وكان الامير تميم تعهد بوقف دعم الاخوان المسلمين في الخليج ومصر، ووقف حملات قناة “الجزيرة” الفضائية على السلطات المصرية ودعم مظاهرات الاخوان المسلمين واحتجاجاتهم، والالتزام بسياسات مجلس التعاون الخليجي في هذا الاطار.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو حول طبيعة الردين السعودي والاماراتي على خطبة الشيخ القرضاوي ودعم السلطات القطرية المفترض لها، لانه لا يوجد احد في الخليج يصدق ان الشيخ القرضاوي يمكن ان يعتلي المنبر ويقول ما قاله في خطبته دون علم مسبق من السلطات التي تبث الخطبة على الهواء مباشرة وعبر شاشة التلفزيون الرسمي.
هناك عدة اجراءات فورية وغير فورية محتملة يمكن الاقدام عليها:
*اولا: سحب السفراء من العاصمة القطرية الدوحة، وابعاد السفراء القطريين من عاصمتين مؤكدتين هما الرياض وابو ظبي، وعاصمتين اخريين غير مؤكدتين، الاولى المنامة التي قد تتضامن مع الرياض والثانية الكويت التي كان اميرها هو الشاهد على التعهدات المكتوبة والموقع عليها.
*ثانيا: اغلاق الحدود البرية والاجواء الجوية وحصار قطر بالتالي لان السعودية هي منفذها البري الوحيد الى العالم.
*ثالثا: تجميد عضوية قطر في الجامعة العربية بتحريض مصري خليجي، ومن ثم تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وربما تلعب حكومة مصر التي قال وزير خارجيتها نبيل فهمي ان صبرها قد نفذ تجاه ممارسات قطر دورا مهما في تجميد عضوية قطر في الجامعة خصوصا.
***
اما الاجراءات غير المباشرة وغير المستبعدة فربما تتمثل في ضغوط واجراءات عسكرية، خاصة ان الدول الثلاث اي السعودية والامارات ومصر حاولت قلب نظام حكم الشيخ حمد بن خليفة واعادة والده الشيخ خليفة الى الحكم في شهر حزيران (يونيو) عام 1995 ولكن المحاولة باءت بالفشل.
السعودية اتهمت دولة قطر بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، وكذلك عناصر اخوانية داخل المملكة، وتولى عمليات الدعم، مثلما افادت تقارير اخبارية، احد افراد الاسرة الحاكمة القطرية، ولم يصدر عن دولة قطر اي نفي لهذه التقارير، وهذا خط احمر سعودي يتعلق بأهم مفاصل الامنين الوطني والقومي.
خطبة القرضاوي صبت الكثير من الزيت على نار ملتهبة اساسا، وما علينا الا توقع الكثير من المفاجآت في الاسابيع المقبلة.
خطبة الشيخ القرضاوي “النارية” قد تدخل التاريخ السياسي العربي الحديث على انها الخطبة التي “قوضت” مجلس التعاون الخليجي في صيغته التقليدية المعروفة ان لم تكن قد نسفته، وهو يترنح منذ فترة على اي حال، بعد اكثر من ثلاثين عاما من صموده في مواجهة العديد من الحروب والاعاصير السياسية التي عصفت بالمنطقة.
________

خطبة نارية للقرضاوي يهاجم فيها قادة الامارات ويتهمهم بالتآمر على ثورة مصر بدفع المليارات.. ويهدد بكشف فضائحهم ومظالمهم

القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
قال الدكتور يوسف القرضاوي – معرّضا بحكّام الإمارات – أغضبكم منّي سطران قلتهما عنكم، ماذا لو أفردت خطبة عن فضائحكم ومظالمكم؟
 وقال القرضاوي- متعجبا – إنهم لا يطيقون 7 كلمات.

 وهاجم القرضاويالحكّام الذين دفعوا مليارات وراء المليارات ليخرجوا  مرسي الحاكم الذي اختاره الشعب،  وأتوا بالعسكر الذين اكتسبوا آلاف الملايين من قوت الشعب، ولم يكتفوا بذلك بل سلبوا الناس كل حقوقهم من حرية وعدالة وديمقراطية.
القرضاوى متعبا
وأضاف القرضاوي- الذي بدا متعبا- في خطبة الجمعة اليوم من مسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة:
 لم أخطب منذ ثلاثة أسابيع، جمعة اعتذرت عنها، وجمعتان أقعدني المرض الذي يقعد الناس في هذه الفترة من الزمن” الشتاء” وقرأ قوله تعالى “وخلق الانسان ضعيفا”.
 وقال إن هناك ضعفين يتعرض لهما الانسان: ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة” الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير”.
 وقال القرضاوي: الكذابون والأفاكون يقولون ما يقولون، وخاطب القرضاوي هؤلاء الذين وصفهم بالكذّابين قائلا:
إني ما دمت حيا، ومادام فيّ عقل يفكر ولسان ينطق، وجسم يتحرك، سأظل أخطب  وسأقول كلمة الحق، يرضى بها من يرضى، ويغضب منها من يغضب.
 وتابع: لا يهمني غضب الغاضبين ورضا الراضين، وإنما يهمني رضا الله تعالى، مشيرا إلى أن رضا الناس غاية لا تدرك.
غضب اللئام
واستشهد القرضاوي بقول الشاعر القديم:
إذا رضيت عنّي كرام عشيرة.. فما زال غضبانا عليّ لئامها.. الظالمون يدفعون المليارات لسفك دم
سأقول الحق ما دمت حيا
 وتابع: سأظل أقول الحق، ولا أعادي دولة من الدول، ولا فردا من الأفراد، ولا مجلسا من المجالس، مشيرا إلى أن كل ما يهمه هو الإسلام والمسلمون، وأنه يريد أن يجمع الأمة ويحييها.
 وتابع القرضاوي: أنا في الثامنة والثمانين من عمري، ماذا أريد من الدنيا؟
ليت هؤلاء الناس الغافلين المستكبرين في الأرض، ليتهم يحيون من مماتهم وغفلتهم.
ووصف هؤلاء بأنهم فقدوا عقولهم، مشيرا إلى أنه يقول كل ما في نفسه التي لا تحمل شرا لأحد مسلما أو غير مسلم، برا كان أو فاجرا.
وتحدث القرضاوي عن موضوع الاستكبار في القرآن الكريم، مشيرا إلى أن المستكبرين لن يسعدوا دنيا ولا أخرى.
 وتلا قوله تعالى “إن في صدورهم إلاّ كبر ما هم ببالغيه”
وضرب القرضاوي مثلا بامبراطور فرنسا الذي قال “أنا الشعب” وبمقولة خديوي مصر “ما أنتم إلاّ عبيد إحساناتنا” .
وحذّر القرضاوي من ذنوب القلوب “رياء ، حسد، كبرياء .. وغيرها”  لأن مصير الاستكبار السوء في الدنيا والآخرة.
وقسم القرضاوي الاستكبار إلى: استكبار على الله كما فعل إبليس، واستكبار على الناس.
 وأورد حديث النبي محمد صلوات الله عليه “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” رواه مسلم
وقال إن الرسول صلّى الله عليه وسلم عرّف الكبر – كما ورد في الحديث- بأنه بطر الحق وغمط الناس.
وقال القرضاوي إن أحوال المسلمين في العالم تسوء كل حبيب وتسر كل عدو، مشيرا إلى أنه كتب على هذا الجيل أن لا يكاد يفرح إلا ويحزن بعد ذلك، مشيرا إلى أن ثورات الربيع العربي قامت في “تونس، مصر، اليمن، سورية، ليبيا”
لتقاوم استبداد الحكام، وانتصروا في 4 دول، وبقيت الدولة الخامسة “سورية”، التي كادت تنهزم، لولا مسارعة أهل الباطل لنصرتها وتآمروا بليل على ثورة سورية.
 وقال: لم يكمل مرسي سنة واحدة، حتى اختطفوه بالقوة المسلحة، مشيرا إلى أن شعب مصر صبر على حكامه 60 عاما، ثم ثار ثورة علّمت العالم كله، مؤكدا أن الركون والخضوع ليس من شيمة المصريين.
وهاجم القرضاوي المجلس العسكري الذي انقلب على مرسي، مشيرا إلى أن الذين غدروا بمرسي وافتروا عليه ، لن يفلحوا أبدا، وتلا قوله تعالى “وقد خاب من افترى” “وخاب كل جبار عنيد”
وتابع: ننتظر النقمة تنزل بهؤلاء.
ونبّه القرضاوي على مذابح المسلمين في افريقيا الوسطى،  حيث فعلوا فيهم الأفاعيل، ونكّلوا بعشرات الآلاف من المسلمين، وأجبروهم على الرحيل من بلادهم الأصلية.
أمة المليار والـ 700 مليون؟
وقال القرضاوي: كيف يسكت “مليار و700 مليون” وهم عدد أمة الاسلام على ما يحدث من مذابح ضد المسلمين ؟!وتساءل : أين الأمم المتحدة ومؤسسات العالم الإسلامي والعالم الغربي؟
المسجد الأقصى والمسجد الحرام
وتحدث القرضاوي عن فلسطين والقدس ، مشيرا إلى أن اليهود يريدون أن يقسّموا المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي.
واستصرخ القرضاوي المسلمين قائلا : لا ينبغي للأمة أن تفرّط  في المسجد الأقصى، وإذا فرطت في المسجد الأقصى، ستفرط في المسجد الحرام، لأنهما مسجدان ذكرا في آية واحدة.
وحذّر القرضاوي من استيلاء اليهود على الأقصى، ويكتفي المسلمون بالصراخ والعويل.
مشيرا إلى أنه لن يعيش أحد أكبر من عمره، في إشارة منه إلى الجهاد.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

مكرمة ملكية لايران: لم تكن مملكة القهر قد ادانت الجريمة البشعة، وهي لم تفعل ذلك يوم تفجير الرويس بل يسمع كل انواع التبرير والتغطية لهذه الجرائم

    نوفمبر 20, 2013   No comments
ابراهيم الأمين
لم يكن أحد يتوقّع ان السعودية، ومن معها في حلف تدمير سوريا والعراق ولبنان، يمكن ان ترتدع عن شيء. لكن احداً لم يتوقع ان تبادر مملكة القهر بالمسارعة الى نقل المعركة نحو مرحلة جديدة. بينها فتح الباب امام محاولة تعميم تجربة «انتحاريون في العراق» نحو لبنان، كما هي الحال في سوريا، وكما يجري العمل بقوة، الآن، في اليمن. حتى مساء امس، لم تكن السعودية قد ادانت الجريمة البشعة، وهي لم تفعل ذلك يوم تفجير الرويس. اصلاً، من يقابل السعوديين على مختلف مستوياتهم في الحكم، يسمع كل انواع التبرير والتغطية لهذه الجرائم.

وهو ما يكرّره أزلام الرياض في بيروت من ان المسؤولية تقع على عاتق حزب الله. هؤلاء، لا يدرون ــ او انهم يدرون ولا يهتمون ــ بأنهم لا يوفّرون الغطاء السياسي فقط، ولا الدعم اللوجستي والمالي، بل يقولون للأدوات المفجّرة انهم لن يتنصّلوا منهم، وسيرفضون ادانة جرائمهم، وسيحمّلون القتيل مسؤولية مقتله.

واذا كانت المواجهة المفتوحة في سوريا تتيح استنتاج أن جماعات متضرّرة تريد توجيه ضربات مباشرة الى حزب الله، على خلفية مشاركته في القتال هناك، فلا أحد يمكن ان يكون عاقلاً ويقبل ان يتحول الرد جرائم عشوائية مفتوحة ضد المدنيين. لكن يبدو ان من يملك القرار ليس مهتماً لا بالمدنيين، ولا بأي شيء آخر. بل قرر ان يتقدم خطوة كبيرة نحو بوابة الانتحار. والا فمن هو العبقري الذي قرر الدخول مباشرة في مواجهة مباشرة وبجريمة مباشرة ضد ايران؟

لا حاجة للعودة الى الخلف. بل هناك حاجة الى توضيحات هادئة لأمور عدة:
اولاً: ان أهداف المعركة القائمة في سوريا لن تخضع لابتزاز دموي كالحاصل الآن. بمعنى أوضح: مغفّل من يعتقد بأن ايران او حزب الله سيبدّلان موقفهما من الأزمة السورية ربطاً بهذه الجرائم، وبالتالي، فإن مسار الاحداث في سوريا سيستمر على المنوال القائم حالياً، وحيث مؤشرات الاسبوع الماضي تقود الى مفاجآت لم تكن متوقعة لناحية حجم الانهيار الذي اصاب المجموعات المسلحة المعادية للحكم والمقاومة. وهو الانهيار الذي تجلّى هروباً جماعياً من ساحات المواجهات في ريف دمشق وبالقرب من لبنان كما في حلب وبقية المناطق.

ثانياً: ان النتائج السياسية لما يجري الآن في سوريا، لن تعدل فيها جرائم من هذا النوع. لا بل على العكس، فإن المعطيات التي تعرفها السعودية، قبل غيرها، تشير الى مزيد من التقدم لمصلحة محور المقاومة، والى مزيد من التراجع والخسائر في صفوف المحور المقابل. وهذا الامر سيُظهّر في نوع الاتفاق المرتقب بين ايران ودول الغرب، كما في مستقبل البحث في الحل السياسي للأزمة السورية.

ثالثاً: ان توتر السعودية وفريقها في الاقليم، وفي لبنان وسوريا، سيكون امام استحقاقات جديدة، لأن نقل المعركة الى هذا المستوى، وتوسيع رقعة النار من العراق الى سوريا ولبنان وصولا الى اليمن والبحرين، سيكون له مقلبه الاخر، وهو أمر لا يعتقد كثيرون ان في مقدور مملكة القهر تحمّله.

رابعاً: ان استسهال جهات لبنانية، سياسية او رسمية او شعبية، التعامل بخفة مع هذا النوع من الجرائم، واللجوء الى تبريرها والتغطية عليها، واظهار علامات التشفي جراء ما يحصل، يدفعها الى موقع الشريك في الجرائم. وهي شراكة لها ثمنها الحقيقي الذي يبدأ بتولّي الجناح التكفيري سدّة القيادة، وعندها لا اعتدال ولا من يعتدلون، ويمر بجعل هذا الجمهور وأمكنته قواعد فيها نظام حياة مختلف وخاص، وفيها قواعد لكل انواع الارهاب والاجرام، وصولاً الى جعل المجموع مسؤولاً عن جرائم افراد.

خامساً: ان الامن الوقائي الذي يقوم به حزب الله، ومعه قوى وأجهزة امنية لبنانية رسمية، نجح في تعطيل الكثير من الاعمال الارهابية. لكن فتح الباب امام مسلسل الانتحاريين، سيفرض على هذه الجهة اللجوء الى العمل الردعي الاستباقي، وهو المفهوم الذي له ما له في مواجهة مجانين يستعجلون لقاء الله!

سادساً: يبدو أن الجبهة العالمية لتدمير المشرق العربي، قررت استعجال معركة دموية مع ايران. وللأخيرة طرقها وآليات عملها ومنظومة الردع الخاصة بها. ولن يكون لبنان بالتأكيد ساحة لترجمة ذلك.

أخيراً، يتضح من توتر وجنون السعودية، ومن معها، أن خسارة مشروع اسقاط سوريا ستفرض علينا انتظار موجات اضافية من الجنون على شكل «مكرمات ملكية» باللون الاحمر!

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

التسوية الروسيّة المكاسب والخسائر: سوريا تحت مظلّة النووي الروسي

    سبتمبر 11, 2013   No comments
ناهض حتر

كشف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، الاستحقاقات المترتبة على روسيا، لقاء القبول السوري الإيراني بالمبادرة الروسية للتخلّص من الأسلحة الكيميائية السورية؛ فقد أعلن، أمس، ما يأتي:
أولاً، أنّ «تخلّي سوريا عن سلاحها الكيميائي يكتسب مغزى فعلياً فقط عند تخلي أميركا عن استخدام القوة». وهو ما يعني التزاماً واضحاً ومحدداً بأمن سوريا كحليف استراتيجي في مواجهة الولايات المتحدة والغرب.
ثانياً، أنّ «سوريا كانت تعتبر سلاحها الكيميائي في مقابل السلاح النووي الإسرائيلي». وهو ما يعني أن النووي الإسرائيلي بات مطروحاً على طاولة البحث، ما سيكون، على المدى البعيد، جزءاً من أي تسوية شاملة في المنطقة، لكنه، على المدى القريب، سيكون مطروحاً في أي مفاوضات حول الملف النووي الإيراني. لكن الأكثر أهمية، في هذا التصريح، هو أن موسكو قررت وضع سوريا تحت مظلتها النووية، لقاء تخليها عن قوة الردع الكيميائي

خلال ساعات، نُزع فتيل الحرب الأميركية على سوريا؛ أعلن الروس مبادرة الإشراف الدولي على ترسانة سوريا الكيميائية، مقابل وقف العدوان. وافقت دمشق فوراً، وردّت واشنطن بصورة إيجابية فيها شيء من الحذر الكاذب؛ فقد كشف وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، سريعاً، أن المبادرة التي غيرت المناخ الدولي كله باتجاه التسوية، طُبختْ مع الأميركيين؛ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، باراك أوباما، تبادلا الحديث، في عز إعلانهما الانقسام الكبير بين معسكريهما، حول إمكانات التوصل إلى مخرج من حتمية الحرب. هكذا تكون قواعد اللعبة بين العملاقين، قد وُضعَتْ؛ دمشق وطهران، تفاهمتا مع الروس حول استراتيجية إدارة الصراع من خندق مشترك، لكن، على الضفة الأخرى، حيث لا يوجد حلفاء بل أتباع، فليس ثمّة سوى المفاجأة والخيبة والعويل، وكأنّ رئيس ما يُسمّى «الجيش الحر»، كان يصرخ باكياً بحناجر بندر بن سلطان ورجب طيب أردوغان وبقية الصغار، كالصغار: نريد الضربة، نريد الضربة. لكن عالم اليوم هو عالم الكبار؛ العملاء والخونة والحاقدون، ليسوا سوى أدوات.
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية اليمينية، تشارك أولئك الصغار صيحاتهم المرعوبة: حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة سيستنتجون أنهم لم يعودوا قادرين على الوثوق بها. وتنبّه الصحيفة، خصوصاً، إلى إمكانية خسارة النفوذ الأميركي في مصر. ومصر هي الجوهرة المكنونة للفائز أخيراً في مسار الصراع في المنطقة.
الصراع الدائر معقّد للغاية، ويشتمل على ملفات متعددة ومتداخلة ونقاط للتفاهم وأخرى للتفجير. وإذا كنا لا نغفل، إطلاقاً، أحجام القوى الإقليمية والدولية وأدوارها، فالحقيقة الأولى التي ينبغي أن نراها لكي نفهم التطورات ونتمكن من التنبؤ بها، هي أن الصراع يدور بين الدولتين العظميين، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة.
في العالم العربي، هناك العديد من القيادات والسياسيين وصنّاع القرار والرأي، ممن لا يفهم ـــ أو لا يريد أن يفهم ـــ أن مرحلة القطبية الأحادية قد انتهت، وأننا دخلنا، بالفعل، مرحلة تعدد الأقطاب في إطار معسكرين، روسي وأميركي: لم تفقد روسيا ـــ حتى بتفكك الاتحاد السوفياتي ـــ مواردها الهائلة من الأراضي الشاسعة أو ثرواتها الطبيعية الضخمة أو بناها التحتية كبلد صناعي حديث أو، أخيراً، قواها وصناعاتها العسكرية التقليدية والنووية. ما فقدته روسيا هو هيكلية الدولة والإرادة السياسية الاستراتيجية لإدارة كل ما تملك في مشروع قومي. وهذا ما حققته إدارة بوتين للبلاد. وقد نجحت سريعاً، اقتصادها الآن قوي، بلا أزمة، وجيشها أقوى ويتم تحديثه بميزانيات ضخمة. وهو جيش محترف، لكنه مبني على أسس قومية وشعبية، وأخيراً، فإن مستوى حياة الروس اليوم، بالمجمل، ربما يكون الأفضل عالمياً، فالإحصاءات الغربية تقول إن 77 بالمئة من الروس «سعداء».
بالمقابل، الولايات المتحدة قوة عالمية جبارة، اقتصادياً وعسكرياً، لكنها تعيش ثلاث أزمات: الأزمة المالية الاقتصادية المتجذرة ـــ والتي لم تشهد سوى معالجات هشة ـــ وأزمة اجتماعية تختزن ثورة الفقراء والمهمشين، وأزمة الحروب الفاشلة الباهظة التكاليف في أفغانستان والعراق.
وللولايات المتحدة حلفاء في أوروبا الغربية وأتباع في الشرق الأوسط، ولروسيا، أيضاً، حلفاء من الكبار كالصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وحلفاء أقوياء في المنطقة كإيران وسوريا وحزب الله.
هذه هي اللوحة، وهذه هي توازناتها. وهي، على نحو ما، تعيدنا إلى مطلع الستينيات.
في آب 1962، حصلت الولايات المتحدة على ذريعة للحرب على كوبا؛ كانت قد جربت إطاحة الرئيس فيديل كاسترو بوسائل حرب العصابات المرتزقة (غزوة خليج الخنازير) وفشلت، حين اكتشفت أن روسيا السوفياتية نصبت في الأراضي الكوبية صواريخ نووية متوسطة، ووقع العالم كله في القلق المرعب لحرب كونية، لم يكن الرئيس الأميركي الديموقراطي، جون كينيدي، يريدها بالنظر إلى توجهات إدارته السلموية (بمعنى تفضيل خوض الصراع بالاستخبارات والميليشيات المحلية، لا بالعسكر)، لكنه وجد نفسه، وسط ضغوط التأزيم، في موقف حربجي.
وحين اقترب الفريقان من حافّة الهاوية، توصلا إلى اتفاق بمبادرة الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف: موسكو تسحب صواريخها، وواشنطن تتعهّد بعدم الاعتداء على كوبا؛ كانت تلك اللحظة التي مُدّ فيها الخط الساخن بين عاصمتي الحرب والسلام، وتوضحت حدود الحرب الباردة ومساراتها.
لعل بوتين (الذي يعدّ سقوط الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوستراتيجية في التاريخ)، أفضل تلامذة الحقبة السوفياتية في إتقان الجدل بين تأكيد الانقسام الكبير للعالم، وبين عقد التسويات المعقدة لتلافي الحروب في اللحظة الأخيرة. لكن ميزة بوتين عن أساتذته السوفيات، هي الدينامية السريعة؛ فليس هناك وقت لإضاعته؛ ذلك أن روسيا تستعدّ لتأسيس دورها القيادي في القرن الحادي والعشرين.

الخسائر

في المبادرة الروسية لتجميع الأسلحة الكيميائية السورية وإتلافها، وربما اضطرار دمشق إلى التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة الكيميائية، خسائر جدية لمحور المقاومة والممانعة، لا نستطيع إنكارها، وهي:
أولاً، تجريد سوريا من سلاحها الاستراتيجي الذي يشكل قدرة الردع أمام السلاح النووي الإسرائيلي. وبالمحصلة، سيؤدي ذلك إلى خلل في ميزان القوى بين سوريا والعدو الإسرائيلي. وربما يكون البديل الوحيد المتاح لاحقاً هو الاعتماد على سدّ الثغرة بالمقاومة.
ثانياً، تسليم السلاح الكيميائي السوري تحت الضغط العسكري، سوف يفتح شهية الولايات المتحدة وإسرائيل، لممارسة التهديد بالحرب لوقف المشروع النووي الإيراني. وقد اعتبرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن تطبيق المبادرة الروسية بشأن كيميائي سوريا، سيكون له «تداعيات إيجابية» على الملف النووي الإيراني، من خلال التلويح «بالخيار العسكري ضد إيران».
ثالثاً، ليس هناك ما يضمن عدم الانزلاق إلى وضع استباحة السيادة السورية من خلال التفتيش على النسق العراقي. وهو ما سترفضه دمشق، ويجدد، تالياً، مناخ التهديد بالحرب. وهو ما يتطلب اليقظة، وتقنين تقديم التنازلات، وتلافي الركون إلى مزاج تجنّب الحرب بأي ثمن ... إلخ.

المكاسب

يستطيع أوباما، بالطبع، أن يتبجّح بأن الحكومة السورية رضخت تحت التهديد العسكري. وفي هذا القول ما هو صحيح؛ فدمشق قدمت تنازلاً كبيراً جداً لتجنّب الحرب، لكن، بالمقابل، لا يخفى على أحد أن أوباما كان في مسيس الحاجة إلى مخرج ينقذه من حرب هي فوق طاقة الولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً ومعنوياً واستراتيجياً. وهو ما صاغ السياسة الحربية المترددة للبيت الأبيض. ولقد بات الجميع يعرف ويقرّ بأن إرادة المجابهة ـــ وقدراتها ـــ لدى سوريا وحلفائها، هي التي عطلت، مرة بعد أخرى، الضربات الصاروخية الأميركية. وهذه هي الخلفية الأساسية للمكاسب المتحققة جراء التوافق الروسي الأميركي لتلافي الحرب مقابل الكيميائي؛ لقد اكتشف العالم كله ـــ ربما باستثناء العملاء الصغار في الشرق الأوسط ـــ أن القوة الأميركية لم تعد فوق التوازنات الدولية المستجدة، وأنها مقيّدة بعوامل كابحة، داخلياً وأوروبياً وعالمياً.
ولكن، ما الذي حققه محور المقاومة والممانعة بالملموس؟ تجنّب الحرب الشاملة؟ نعم؛ فرغم ثقتنا بأن حرباً كتلك لن تضع أوزارها بانتصار المعتدين، وأن سوريا وإيران والمقاومة، ستخرج منها، أقوى دفاعياً وسياسياً، إلا أن تحقيق الحد الأدنى من الأهداف (إسقاط مشروع تفكيك سوريا، وتصليب محور المقاومة، وتعزيز تحالفاته الدولية) من دون حرب، ولو بكلفة الكيميائي، يبقى الخيار الأقل كلفة وجدوى. وهو خيار له مكتسباته، ومنها:
أولاً، منع توجيه ضربات عسكرية لسوريا، كان من شأنها أن تزيد من دمار البلد وآلام أهلها، وتضعف قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه ـــ وإنْ موقتاً ـــ على خوض المعركة مع الجماعات المسلحة والإرهابية، وربما حتى تجنّب مذابح سيقترفونها تحت القصف الأميركي.
ثانياً، إحباط الخطة السعودية ـــ التركية الجاهزة لاستغلال العدوان الأميركي والتوغّل البري، أثناءه وبالتنسيق معه، في الأراضي السورية بقوتين مجهزتين مما يسمى الجيش الحر والجماعات الإرهابية، إحداهما تنطلق من الجنوب والأخرى تنطلق من الشمال، على أساس أن تلتفّا على دمشق لتلافي دفاعاتها القوية، ومن ثم تلتقيان في حماه، وتشطران سوريا، بالتالي، إلى شطرين؛ عندها يحدث التقسيم والتطهير على أساس طائفي ومذهبي. ونحن لا نقول إن هذه الخطة كان لها حظ حتمي من النجاح، لكنها كانت جاهزة، وكان يمكن أن تؤدي، ولو جزئياً، إلى تغيير ما في هيكلية الحرب السورية. ثالثاً، إفشال التخطيط الإسرائيلي ـــ وهو ذو وزن أساسي في الحرب الأميركية ـــ الذي كان يركّز على ما بعد سوريا، أي على استجرار الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة ـــ رغم كلفتها الباهظة على إسرائيل نفسها ـــ ضد إيران؛ فمع توسّع الحرب، وشمول الرد السوري ـــ المدعوم من إيران وحزب الله ـــ على ضربات موجعة لمواقع إسرائيلية، كانت ستخلق الشروط للعدوان على الجمهورية الإسلامية نفسها، كما على مواقع حزب الله في لبنان.
رابعاً، الإفساح في المجال أمام الجيش العربي السوري والمقاومة لمواصلة العمليات العسكرية والأمنية ضد الإرهابيين. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تسريعاً في هذه العمليات، وإحراز مكاسب جدية على الأرض؛ ذلك أن كسب المعركة الداخلية ضد الإرهاب وفرض الأمن على مناطق أوسع فأوسع في البلاد، يشكل أساساً لتصعيب خطط العدوان اللاحقة، ويمكن من تحقيق تسوية تكفل ليس فقط وحدة سوريا وإنما، أيضاً، استقلالها وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودورها الرئيسي في محور المقاومة. ويمكننا، هنا، أن نقدّر أن القيادة المشتركة التي تدير المعركة الوطنية في سوريا، سوف تضع على الطاولة، في المرحلة المقبلة، ضرورة الذهاب إلى الحد الأقصى في استخدام القوة لكسر الجماعات المسلحة، وخصوصاً أن الأخيرة تشعر الآن باليأس، ومن المتوقع أن ينفضّ عنها المقاتلون غير المؤدلجين، بحيث تزداد السيماء الإرهابية لتلك الجماعات، وتزداد عزلتها المحلية والإقليمية والدولية.
خامساً، تعزيز وتوثيق العلاقات التحالفية بين سوريا ومحور المقاومة وبين روسيا ودول «بريكس». وسيكون على روسيا، بموجب التزام السوريين بالتخلّص من أسلحتهم الكيميائية، (1) ضمانة عدم اعتداء الولايات المتحدة على سوريا أو إيران أو حزب الله. وهي ضمانة لها استحقاقات جدية في العلاقة بين العملاقين، (2) زيادة وتسريع تزويد سوريا بالسلاح والعتاد، واستكمال توريد نظام صواريخ «اس 300»، وتفعيل الدور الروسي في الدفاع السوري، في مجالات عسكرية واقتصادية وإنسانية عدة، وأهمها شمول سوريا بالمظلّة النووية.
___________

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

الجولاني v/s البغدادي: حرب أمراء القاعدة 

    أغسطس 07, 2013   No comments

رضوان مرتضى

وصل الخلاف بين أميري «جبهة النصرة» و«دولة العراق الإسلامية» حدّ القطيعة. لم تُفلح محاولات التسوية وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب» بعد، فانعكس الخلاف شقاقاً في الميدان وتفرّقت السُبل بـ«المجاهدين». هنا مستجدات الخلاف والحل المقترح وتسريبات يصف فيها رُسل أبو بكر البغدادي «جبهة النصرة» بـ«العصابة» وأميرها أبو محمد الجولاني بـ«الجندي المنشقّ»


لم يُقطع النزاع بعد. خلاف أُمراء تنظيم القاعدة في «سوريا الكبرى» يزداد احتداماً. والشقاق وصل حد الطلاق بين أمير «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي وأمير «جبهة النصرة لأهل الشام» أبو محمد الجولاني. جهود المصلحين لم تُثمر بعد، فيما تُركّز محاولات احتواء الخلاف على «حصره بالقادة من دون تسرّبه إلى الإعلام والعسكر»، لا سيما أن جبهة القتال في سوريا بدأت تشهد انشقاقات عدد كبير من «المجاهدين» وانضمامهم إلى صفوف فرع القاعدة الوليد المسمّى بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، تحت راية الشيخ البغدادي. كما بدأ يسري بين المجموعات الجهادية خلاف شرعي حيال «خطيئة» مخالفة ولي الأمر التي ارتكبها الشيخ الجولاني برفضه النزول عند رغبة أميره، مقابل من يعتبرون أن البغدادي ارتكب خطأً بإعلانه الاندماج من دون استشارة قيادة «القاعدة»، كون سوريا «ولاية مكانية» لـ«جبهة النصرة» ويرأسها الجولاني، في حين يقتصر حكم البغدادي على العراق. علماً أن الخلاف بين الجهتين مردّه رفض الجولاني عرض البغدادي بدمج الجماعتين تحت مسمّى واحد، وإصرار الأخير على الدمج ما استدعى تدخّل زعيم «تنظيم القاعدة» الدكتور أيمن الظواهري للفصل في الخلاف، فاقترح إبقاء القديم على قدمه حتى يُقضى الأمر بشأن النزاع المستجد. وفي هذا السياق، أكّدت مصادر جهادية لـ«الأخبار» أنّ رسالة الظواهري التي عرضتها قناة «الجزيرة» في التاسع من شهر حزيران الماضي صحيحة مئة في المئة، كون الظواهري دعا فيها إلى «تجميد الوضع على ما كان عليه قبل الخلاف لحين الفصل فيه»، طالباً إلغاء «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وإبقاء «دولة العراق الإسلامية» على اسمها وأميرها البغدادي، و«جبهة النصرة» كما هي وأميرها الجولاني، باعتبار أن كلا الشيخين أخطآ بحسب رسالة الظواهري. خطأ البغدادي إعلانه الدولة من دون مشورة وخطأ الجولاني إعلانه رفض الدولة وإعلان انتمائه للقاعدة من دون استشارة الظواهري. غير أن واقع الميدان نحا باتجاه مخالف لمشيئة الظواهري، إذ انسحب التخبّط الحاصل على مستوى القيادة على العسكر الضائعين بين تعدد الولاءات. فانقسم رفاق السلاح على بعضهم. وعزز ذلك، تنافسٌ قديم بين الظواهري والبغدادي الذي يعتبر نفسه الأوْلى بخلافة زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن. وعلى وقع تبادل التّهم بـ«مخالفة شرع الله وعدم الانصياع للفتوى الشرعية الملزمة الصادرة عن إمارة التنظيم»، خرجت فتاوى تُحرّم القتال بين الجهاديين بعدما وصل التوتّر حدّاً غير مسبوق. هكذا شُقّ صف تنظيم «جبهة النصرة» الذي يُعدّ رأس حربة مجموعات المعارضة المسلّحة التي تقاتل الدولة السورية. وعوضاً عن توحّد الصف تحت إمرة واحدة، تفرّق عسكر القاعدة بين «الجبهة» و«الدولة». فقد تناقل موقع «يوتيوب»، أول من أمس، مقطعاً مصوّراً لعملية انتحارية في مطار منّغ في حلب أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» مسؤوليتها عن تنفيذها، علماً أن أبرز هجوم «استشهادي» نفّذته «جبهة النصرة» تمثل في اقتحام مبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق في أوائل آب ٢٠١٢. ورغم التنافس السائد، لم يُسجّل بعد وقوع أي اشتباك مسلّح بين أتباع التنظيمين، علماً أنهما يتشاركان المناطق المسيطر عليها في محافظات الرقة وإدلب وحلب ودير الزور والحسكة، وصولاً إلى ريف اللاذقية الشمالي مع الغلبة لصالح «الدولة الإسلامية» فيها، وكلما اقتربنا جنوباً باتجاه الحدود السورية العراقية، فيما يُسجّل الوجود الأكبر لمقاتلي «جبهة النصرة» في المناطق الوسطى والجنوبية (ريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة وحماه). وبحسب المعلومات، ظهر الانقسام إلى العلن عبر اعتماد المجموعات الجهادية ذات الهوى القاعدي شعارين، يعبّر كل واحد منهما عن انتماء الفصيل الذي يرفعه. وبعدما كان شعارها الوحيد راية «جبهة النصرة»، وهي عبارة عن راية الاسلام السوداء، خُطّ في أسفلها «جبهة النصرة»، برز شعارٌ جديد هو راية «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي تقاتل تحت راية تنظيم القاعدة المعروف المرسوم داخله «ختم النبوّة» في دائرة بيضاء (محمد رسول الله)، لكنّه ذُيّل بعبارة (عراق ـــ شام). وفي ظل ترقّب التسوية المنتظر نضوجها إثر اجتماع قادة التنظيم في توقيت لم يُحدد سوى أنه سيُعقد بعد شهر رمضان، أُخليت الساحة لـ«رُسل تنظيم القاعدة» الذين بدأوا جولاتهم على رموز بارزة في التنظيم بين سوريا ولبنان والعراق وباكستان وأذربيجان.
وعلمت «الأخبار» من أوساط جهادية أن «الشيخ البغدادي أوفد رسولين من قبله للمشاركة في المفاوضات الجارية لإنهاء النزاع، أحدُهما يُلقّب بـ«زناد الإسلام» الذي يُعد المنسق الخارجي لـ«دولة العراق الإسلامية»، والذي يُروّج أن «الجولاني فقد التزكية وأصبح جُندي الدولة المنشقّ»، فيما تكشف المصادر نفسها أن الشيخ الجولاني يتولّى بنفسه التواصل مع الشخصيات نفسها إلكترونياً. إزاء ذلك، تكشف معلومات الجهاديين أنّ «دولة العراق الإسلامية» تتقدم على حساب تراجع «جبهة النصرة»، لا سيما بعد مبايعتها من قبل عدد من شيوخ وعشائر وكتائب إسلامية، بينها «كتيبة الليبيين» و«جيش المهاجرين والانصار» و«مجلس شورى المهاجرين». وفي الوقت نفسه، ينقل هؤلاء أن هناك مجموعات جهادية متعاطفة مع «جبهة النصرة» كـ«لواء أحرار الشام» و«لواء أنصار الحق»، أعلنت مبايعتها للشيخ الجولاني مؤخراً. وفي هذا السياق، تنقل المصادر نفسها أنّ أتباع الشيخ البغدادي يُحرّضون ضدّ أتباع «جبهة النصرة» بوصفهم «عصبة الجولاني». ويتهمونهم بأنهم «عصاة وبُغاة ومنافقون يُريدون إسقاط رمزية الشيخ البغدادي في البلاد». وبحسب هؤلاء، فقد تطور الأمر إلى وقوع «إشكال كبير بين قيادات ومجلس شورى جبهة النصرة مع قيادة دولة العراق الإسلامية». إزاء ذلك، تنقل أوساط جهادية سورية أنّ «الجولاني تلقى رسالة جديدة من الظواهري يقترح عليه فيها، لوقف التناحر وإصلاح الأمر، إلغاء الجبهة والمبايعة مع الدولة الإسلامية»، لكن الأخير ردّ عليه بأنه ماضٍ في خياره بانتظار الفصل من إجماع قادة التنظيم.
تجدر الإشارة إلى أنه يُنقل عن الجولاني عدد من المآخذ على البغدادي. أولاً اعتباره أن «إعلان الدولة إلاسلامية حصل من دون استشارة الفصائل المقاتلة في الشام». ومأخذه على «طلب الشيخ البغدادي البيعة لنفسه»، واختياره إخراج الخلاف إلى العلن مع ما يستتبعه ذلك من احتمال وقوع اقتتال داخلي بين الكتائب. فضلاً عن تقديراته التي رأت أن الخطوة جاءت متسرّعة وغير موفّقة بسبب «عدم استقرار الوضع السوري والاضطراب العام الذي يُعطي الفرصة للعدو المتربص، الداخلي («النصيري»)، والخارجي (الأميركي)، بحيث جاء هذا الإعلان على طبق من ذهب ليُستخدم ضد المجاهدين».

خلافات الأمراء

ليس جديداً الخلاف بين أمراء «تنظيم القاعدة»، إنما جديدهم تبادل الردود علانية عبر الإعلام. أزمة أمراء القاعدة في سوريا، تكرّرت منذ سنوات في العراق. فقد سبق أن وقع خلاف بين زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأمير التنظيم في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي. كذلك وقع خلاف بين الرجل الثاني في التنظيم حينها الدكتور أيمن الظواهري والزرقاوي أيضاً. أما خلفيات هذا الخلاف، فكان بسبب مآخذ كل من الظواهري وبن لادن على تشدد الزرقاوي ومغالاته في استهداف أبناء المذاهب الأخرى من دون التركيز على الحرب ضد قوات الاحتلال الأميركي. وقد خرج إلى الضوء مضمون رسالتي بن لادن والظواهري، بحيث نصح الأخير أمير التنظيم في بلاد الرافدين بـ«أن لا يستنزف جهده في قتل عامة الشيعة وفي مهاجمة مساجدهم وبأن يكف عن بث مشاهد الذبح كي لا تُنفّر المسلمين من تنظيمه على تقدير أن نصف المعركة ساحتها التشويه الإعلامية الذي يجند له الأميركيون وقتاً وجهداً كبيراً». ليس هذا فحسب، يُسجّل خلاف آخر بين الزرقاوي وأستاذه أبو محمد المقدسي، الذي يُعد أحد أبرز منظري التيار السلفي الجهادي. وقد تمحور هذا الخلاف حول أسلوب عمل وتأسيس الإمارة الإسلامية.

الأمير والجندي

أخرجت مناظرات أُمراء القاعدة العلنية إلى الضوء صراعاً على مستوى قيادة التنظيم. بطلاه شيخان يتنازعان الإمارة الإسلامية بين «أمير جبهة» و«أمير دولة». الأول أمير «جبهة النصرة لأهل الشام» أبو محمد الجولاني الذي يُلقّب بـ«الفاتح». خرج اسمه إلى العلن في الأشهر الأولى للأزمة السورية من العام ٢٠١١، بعد ظهوره في تسجيل مصوّر من إصدار «المنارة البيضاء»، يُومها أعلن عن تشكيل الجبهة. أما هوية الجولاني فبقيت سريّة لم تُكشف حتى حقيقتها بعد. يتنقّل الرجل ملثّماً، فيُبقي لثامه على وجهه حتى في الاجتماعات التي يحضرها مع قادة الألوية المقاتلة. معلومات «جهاديين» تكشف أنّه شارك في قتال الأميركيين في العراق، مشيرةً إلى أنّه قضى سنوات عدة في الزنازين العراقية. وإثر اندلاع «الثورة السورية»، أوفده أمير دولة العراق الإسلامية إلى سوريا لتأسيس «نواة جهادية» عُرفت لاحقاً بـ«جبهة النصرة». أما أمير تنظيم «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر البغدادي، فقد خلف أبو عمر البغدادي الذي قُتل في اشتباك مع القوات الأميركية في العام ٢٠١٠. ويعدّ البغدادي أحد المشايخ المقرّبين من أبرز أمراء القاعدة أبو مصعب الزرقاوي. لمع نجمه بعد إعلانه الوحدة عبر دمج «جبهة النصرة» بـ«دولة العراق الإسلامية» تحت مسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وكشفه تفاصيل سريّة بشأن تأسيس «جبهة النصرة» وإيفاده الجولاني لهذه الغاية. ويسجّل للبغدادي مواجهته زعيم «تنظيم القاعدة» أيمن الظواهري عبر تسجيل صوتي صادر عن «مؤسسة الفرقان للانتاج الإعلامي»، حمل عنوان «دولة الإسلام في العراق والشام باقية»، أكّد فيها تمسكه بخياره دمج «الجبهة» و«الدولة» حاسماً أمره بأنه لن يُساوم ولن يتنازل عنها.

الأربعاء، 3 يوليو 2013

بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة

    يوليو 03, 2013   No comments

 أما اليوم, فقد أكد القائد العام للقوات المسلحة المصرية اليوم أن الجيش المصري مستعد للموت دفاعاً عن الشعب ضد "الإرهابيين والمتطرفين"، وذلك بعدما أعلن الرئيس محمد مرسي رفضه التنحي وتمسكه ب"الشرعية". وأوردت صفحة على موقع فيسبوك تابعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يترأسه الفريق اول عبد الفتاح السيسي "ذكر القائد العام للقوات المسلحة أنه أشرف لنا أن نموت من أن يروّع أو يهدد الشعب المصري".


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.