كما يتضح من دعم الغرب الخطابي للمتظاهرين في إيران ، فإن سياسة استخدام مزاعم حقوق الإنسان لملاحقة الحكومات التي لا يحبها الغرب ويتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان عندما يرتكبها نظام مدعوم من الغرب أو يرتكبها في البلدان الغربية ، هذه السياسة قصيرة النظر للغاية وتميل إلى نتائج عكسية.
مثال على ذلك: لأكثر من سبعين عامًا، قدمت الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الأوروبية دعمًا ثابتًا للنظام السعودي حتى عندما منع هذا النظام النساء من القيادة ، وأطلق العنان لشرطة الأخلاق لضرب أصحاب المتاجر الذين لم يغلقوا متاجرهم خلال صلاة الجمعة ، وأساءوا معاملة العمال المهاجرين ، واضطهدوا الشيعية ، وقطعوا رؤوس المعارضين ، وأطلقوا بشكل غير قانوني حروبا ضد جيرانها ، وأرسلوا فريقًا مكونًا من 15 عنصرًا لاستدراج منشق إلى مبنى القمصلية وتمزيق جسده. ثم بعد قرار واحد من قبل النظام السعودي بتقليص تصدير النفط قبل شهر واحد فقط من انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة وعندما يتم فرض عقوبات على النفط الروسي ، أدركت وسائل الإعلام والسياسيون فجأة مدى سوء النظام السعودي.
قريباً ، سترى المزيد من التعليقات ونقاط الحوار السياسي التي تكشف عن سجل المملكة العربية السعودية "السيئ" في مجال حقوق الإنسان. بالنظر إلى السياق ، لن ينتبه أحد ، ولن يثق أحد بمطالبات حقوق الإنسان التي وقف الغرب وراءها لتبرير عقوباته أو تدخلاته في البلدان التي يديرها قادة لا يتبعون التوجيهات الغربية ولا يلتزمون بها. هنا ، تستخدم صحيفة نيويورك تايمز البارزة وأكبر مؤثرين فيها سطرًا من كتاب ترامب ، إنهم يضحكون علينا ، للترويج لفكرة معاقبة النظام السعودي.
____________
قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية "تثيران السخرية والاستهزاء بحديثهما الاستعراضي عن البيئة، والذي يفتقد لأي مضمون حقيقي".
وأضافت الصحيفة في مقالتها: "في أوروبا، تظاهروا بأنهم يستطيعون التخلص من الانبعاثات الحرارية الكبيرة والقفز مباشرة إلى الطاقة المتجددة، وكل شيء سيكون على ما يرام. لقد تفاخر الألمان واعتزوا بأنفسهم لدرجة أنهم لم يدركوا أن السبب الوحيد الذي يجعل هذا الحلم الأزرق يبدو ممكناً هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يبيعهم الغاز الرخيص الأمر الذي سمح لهم بالاستفادة من الفارق".
ويوم الأربعاء، مع اتجاه العالم بالفعل نحو الركود ومع ضيق سوق النفط والغاز الطبيعي العالمي بالفعل، وافقت "أوبك+"، التي تضم المملكة العربية السعودية وروسيا، على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً، لضمان عدم تراجع أسعار النفط، بدلاً من العودة إلى أكثر من 100 دولار للبرميل والبقاء هناك، وفقاً للصحيفة.
ورأت الصحيفة، أن الولايات المتحدة وبخلاف أوروبا، كان بمقدورها من الناحية النظرية تلبية احتياجاتها من النفط والغاز، لكن حتى هي لا تملك موارد تصدير كافية للتعويض عن تقليص إنتاج النفط من جانب روسيا و"أوبك +"، داعيةً الدول الغربية إلى "التوقف عن بناء القلاع الهوائية".
كما أوردت أن "الطريقة الوحيدة الفعالة لتحقيق الانتقال، هي إرسال إشارة سعرية مقنعة، إما من خلال فرض ضرائب على الطاقة أو توفير حوافز للطاقة النظيفة".
وتبقى كل التصريحات، بحسب "نيويورك تايمز"، "عبارة عن وعود فارغة ما دام لم يتم ضمان إمداد مستقر وموثوق للطاقة مع الحد الأدنى من الانبعاثات وبأقل تكلفة".
وأضافت: "نحن نتباهى بأهدافنا الفاضلة، بينما يضحك بوتين وابن سلمان وهما يحققان الأرباح الهائلة من موارد الطاقة".
ولفتت الصحيفة إلى أن استراتيجية بوتين الطاقوية "ليست مجنونة ولا خالية من الأمل"، بل نجحت "بسبب عقدين من فشل الدول الغربية في التفكير بشكل استراتيجي في مجال الطاقة".
وتابعت: "لقد أرادوا تحقيق الغايات، هناك عالم لم يعد يعتمد على الوقود الأحفوري، لكنهم لم يقدموا الوسائل اللازمة لبلوغ ذلك الهدف بطريقة مستقرة، من خلال تعظيم أمنهم المناخي وأمنهم في مجال الطاقة وأمنهم الاقتصادي في الوقت نفسه".
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت، يوم الجمعة، بنحو 2% وتتجه الأسعار لتسجيل أكبر مكاسب أسبوعية في نحو 4 أشهر، وذلك بعد قرار "أوبك+" خفض الإنتاج لدعم أسواق النفط.
وارتفعت العقود الآجلة للخام العالمي مزيج "برنت" بنسبة 1.93% إلى 96.24 دولاراً للبرميل، كما صعدت العقود الآجلة للخام الأميركي "غرب تكساس الوسيط" بنسبة 2.15% إلى 90.35% دولاراً للبرميل، وفقاً لبيانات التداول.
وقررت مجموعة "أوبك+" يوم الأربعاء الماضي، خفض إنتاج المجموعة بمقدار مليوني برميل في اليوم انطلاقاً من الشهر القادم تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وجاء ذلك بعد اجتماع عقدته المجموعة، التي تضم دولاً منتجة للنفط من منظمة "أوبك" وخارجها، في فيينا لبحث أسواق النفط واستراتيجية الإنتاج، وسط مخاوف من حدوث ركود اقتصادي في العالم.
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات