‏إظهار الرسائل ذات التسميات حزب الله. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حزب الله. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

مراجعة سعودية تجاه الملف اللبناني.. "نعم هُزمنا"... السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها

    نوفمبر 01, 2016   No comments
علي فواز
 
السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها
يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها، إلا أن دبلوماسي سعودي سابق يقرّ في حوار مع الميادين نت بارتكاب الرياض أخطاء في بلد الأرز ويشير بوضوح إلى أن وصول العماد عون إلى كرسي الرئاسة يمثل هزيمة للمملكة.

وجد سعد الحريري نفسه ضعيفاً أمام معادلة الوقت. استنزاف معنوي وشعبي بات يدفعه كل يوم من رصيده السياسي. الحلّ الوحيد الذي وضعه أمامه الخصوم هو الإقبال على خسارة محسوبة. تنازل ثقيل هو الطريق الوحيد لعودته إلى السلطة. من دون ميشال عون رئيساً للجمهورية لا وجود للحريري رئيساً للحكومة. السعودية من وراءئه لم تعد مرتاحة إلى لعبة الوقت. المملكة المنهمكة في ملفات خطيرة في المنطقة بدأت تنظر بقلق إلى مستقبلها في لبنان. استمرار الوضع الراهن في هذا البلد ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء صلاحية "الطائف". الاتفاق الذي رعته الرياض وأنتج توزيعاً جديداً للصلاحيات. قُلصّت صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي على حساب مجلس الوزراء ورئيسه السني المحسوب عليها.

هذه القراءة هي واحدة من التحليلات التي تفسّر خطوة الحريري الأخيرة. هي أيضاً تجيب على سؤال حول موقف المملكة الحقيقي من انتخاب عون رئيساً.

الصحافة الإسرائيلية عبّرت بشكل واضح عن التطورات في لبنان. أقلام قريبة من النخب السياسية كتبت بشكل واضح ما لم تستفيض به الصحافة اللبنانية حرصاً على "الوحدة". تحدثت الصحف العبرية عن هزيمة لمحور السعودية على حساب أصدقاء المحور الإيراني.
التسوية في لبنان تحتاج دائماً إلى إخراج. تسويق ما، يفترض أن البلد لا يحتمل هزيمة طرف على حساب طرف. التنازل هنا يتخذ لبوساً وطنياً. تصبح الهزيمة "تنازلاً" لمصلحة وطنية. لكن السياسة، خصوصاً في لبنان، قلّما تتصف بالتضحيات.

دبلوماسية الطوارئ

يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها في اليمن وسوريا والعراق والبحرين. لكنّ سياسة النأي عن لبنان ليست حديثة في تفكير صانعي القرار في المملكة. هي تعود إلى عهد الراحل وزير الخارجية السابق سعود الفيصل.

هذا ما يعبّر عنه دبلوماسي مخضرم هو المستشار السابق السعودي عبدالله الشمري.

التحليل الوارد في مقدمة المقال قد لا يتوافق كلياً مع قراءته. لكنّ حديثه الصريح مع الميادين نت يفتح أفقاً على زاوية جديدة للرؤية.

يعترف الشمري أولاً بأن السعودية تعرضت لهزيمة بقبولها عون. يقول: "وفق قواعد اللعبة القديمة نعم يمكن القول إن السعودية هزمت، ولكن وفق المنهج الواقعي السياسي يمكن القول إنها هزيمة في شوط المباراة على أمل أن تتعدل النتيجة في الشوط الثاني".

النتيجة واحد- صفر.

يؤكد الدبلوماسي السابق أن الرياض ارتكبت أخطاء في لبنان. مثال على ذلك؟ عدم تنويع سلتها وعلاقاتها مع الأطراف اللبنانية السنية وغير السنية.

يقول إن الحريري كان يزعم في مرحلة معينة إنه رجل السعودية الوحيد في لبنان. لا ينفي الشمري صحة ذلك لكنه يستدرك أن الحريري بالغ في عملية ترسيخ الانتماء هذا.

ويتابع "الوقت الآن لا يسمح بإنتاج حليف آخر غير الحريري لكني أعتقد أن الطرفين، السعودية والحريري، أسسا لقاعدة جديدة من التعامل البراغماتي بينهما". يسميها الشمري "دبلوماسية الطوارئ".

يشير الشمري إلى إعادة تموضع في السياسة الخارجية للسعودية تجاه لبنان. تموضع مبني على نظرة واقعية بدل السياسة العاطفية السابقة. أحد سمات هذه السياسة الجديدة هي الأخذ والرد بدل سياسة الاتجاه الواحد التي كانت سائدة.

أهمية هذا الكلام يأتي كونه يتزامن مع معلومات نشرتها صحيفة السفير اللبنانية. خلاصة هذه المعلومات تحقيقات بدأت تجريها الرياض في ملفات فساد تفوح من سفارتها في بيروت. يرفض الشمري التعليق على مضمونها.

السعودية، بحسب الشمري، لم تكن موافقة على وصول عون. هذا الموقف لم يبلغ حد التصلّب بل كان يحمل في طياته "عدم ممانعة".

لسان حالها للحريري "إذا كنت تتحمل هذه الخطوة فاقدم عليها ونحن نتحمل خفض الأضرار على أمل تعديل الأوضاع بعد تنصيب عون رئيساً والحريري رئيساً للوزراء".

المغامرة الأخيرة

يصف حركة الحريري بـ "المغامرة الأخيرة". يقول "شعوري وليس معلوماتي أن الحريري لم يفعل ذلك إلا بعدما فقد الأمل بالدعم السعودي المباشر، وربما لقناعاته أنه في حال اتبع النصائح السعودية ستبقى المشكلة بلا حل للسنوات المقبلة، مع ما يرافق ذلك من تبعات وخسائر".

استشعر سعد إذاً أن القضية اللبنانية لم تعد أولوية في السياسة الإقليمية والدولية. قام بتحركات تجاه روسيا وتركيا. يقول الشمري "لا أستبعد أنه تلقى نصائح من دول غير المملكة، أعرف أنه سمع من الروس والأتراك أن لا يضع نفسه في خانة المملكة فقط".

وضع الحريري إذاً المملكة أمام الأمر الواقع. الذي يقرأً تطورات العلاقة بين الحريري والسعودية يعرف، بحسب الشمري، أن الأمور لم تكن على ما يرام.

"هناك جملة من الأخطاء التي ارتكبها الحريري سياسياً واقتصادياً جعلت الحكومة السعودية بشكل عام تتراجع عن الاهتمام بلبنان كأولوية كونها معينة بملفات أخرى أكثر أهمية وخطورة مثل الملف اليمني والعلاقة مع أميركا".

لا يدلي الشمري بكلام صريح حول دلالات زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان إلى بيروت بالتزامن مع انتخاب عون. لكن يستنتج مما بين السطور أنها تشير إلى استعجال سعودي في حسم الملف اللبناني. في الوقت نفسه لا تريد الرياض أن يعرف الآخرون أنها كذلك.

هل هناك قطب مخفية؟ وربط للبنان بملفات أخرى؟

ينفي الشمري ذلك بشكل قاطع. "أؤكد أنه لو كان لدى المملكة شيء غير معلن لما كانت أرسلت السبهان. كان يمكن أن ترسل رئيس الاستخبارات بشكل سري أو مندوب أمني في زيارة غير معلنة، لكن إعلان الرياض عن الزيارة دليل على مسألة واضحة".

بالطبع يتنافي هذا الكلام مع تحليل آخر يرى أن زيارة السبهان كان لا بد أن تجري لكي لا تبدو الرياض كمن أصبح خارج اللعبة.

بالنهاية يعبّر الشمري عن تفاؤله حول مستقبل لبنان "على أساس الواقعية السياسية التي بدأت تعتمدها السعودية تجاه علاقتها ببيروت".

يقول "صحيح أن لبنان كان أحد أوجه التعبيرات عن التوتر السعودي الإيراني، إلا أنه يبقى النقطة الأضعف مقارنه بنقاط التوتر الأخرى المشتعلة".

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

القاعدة وحزب الله... من المهادنة إلى صراع الوجود 

    سبتمبر 19, 2014   No comments
عبد الله بن عمارة*
في خطاب الانتصار الاخير بدا السيد حسن نصر الله كمن يلقي الحجة على كل مكونات المشرق دولاً وشعوباً وهيئات، لجهة ضرورة مواجهة الظاهرة الداعشية التكفيرية وخطرها على الجميع. إلا أن البارز في الخطاب كان استحضاره من القاموس السياسي لحزب الله عبارة «صراع الوجود» التي جسدت حالة الجدية في التعاطي مع المشروع التكفيري من جهة ولترتيب اولوية الصراع معه ليوازي مرتبة الصراع مع المشروع الصهيوني من جهة أخرى.
يمكن لنا «التأريخ» لبداية مسار تعاطي حزب الله مع التيار التكفيري من احداث 11 سبتمبر 2001 على اعتبار القاعدة هي العنوان الابرز لهذا التيار. لقد كان بارزاً في موقفه من هذه الاحداث التأخر النسبي لصدور بيانه (16 سبتمبر) وعدم انخراطه في «حفلة الاستنكار والتنديد» التي اجتاحت العالم ككل تقريباً («نجد أنفسنا معنيين بالدعوة إلى الوعي والحذر وإلى عدم الانسياق مع حالة الخوف والهلع التي أريد تعميمها على امتداد العالم بما يمنح الإدارة الأميركية تفويضاً مطلقاً بممارسة كل أشكال العدوان والإرهاب بدعوى رد العدوان والإرهاب»). فحزب الله لم يفته هنا في ذروة الاحداث ان يسجل موقفه الجذري من الطبيعة التسلطية لأميركا: «... أم أنها تريد أن تستغل هذه الحوادث المأساوية لبسط المزيد من هيمنتها وتسلطهاعلى العالم والإيغال أكثر في السياسات الظالمة التي تتبعها...».
تميّز تنظيم القاعدة بدءاً من هذه الاحداث وما تلاها الى غاية الفترة التي اعقبت احتلال العراق عام 2003 بخطاب سياسي يتوج التنظيم نفسه من خلاله كحركة أممية هدفها مواجهة الهيمنة الأميركية الداعمة لإسرائيل، كما ورد في خطاب لابن لادن: «لن تحلم أميركا بالأمن قبل ان نعيشه واقعاً في فلسطين...». ولم يتوان الظواهري في الحديث عن هزيمة أميركا في لبنان في معرض ذكره لهزائم الأميركيين على يد «ابناء الامة». تميزت هذه المرحلة في مسار النظرة المتبادلة بين حزب الله والقاعدة بالمهادنة على الرغم من انتماء القاعدة لمرجعية فقهية اقصائية ورافضة للاختلاف، الى غاية الاحداث التي اعقبت احتلال العراق في 2003 والتي سجلت ظهور حالة مستجدة تقف على «يمين» قيادات الصف الاول للقاعدة فرضت اجندتها على القاعدة الام واستجرت اعترافاً بها، بقوة عملياتها الاستعراضية وتوغلها في البيئة السنية العراقية.

قاد أبو مصعب الزرقاوي هذه «الحالة التكفيرية» بخطاب متطرّف اكثر وفاء للأدبيات السلفية الوهابية وما تبعه من اداء اجرامي اعطى الاولوية لاستهداف الوجود الشيعي، كان ابرزها استهداف باقر الحكيم في مسجد الامام علي في النجف في 29 آب 2003. نفت القاعدة الام ببيان رسمي تلاه من اسمى نفسه الناطق باسم جبهات القتال في افغانستان، ابو عبد الرحمان النجدي، وبثه المرصد الاعلامي الاسلامي بتاريخ 8 أيلول 2003، تورطها في عملية الاغتيال بعبارات اظهرت البون الشاسع بين استراتيجية القاعدة الام آنذاك وتلك التي تبناها الزرقاوي
(«... ومساجد آل نبينا محمد يفجرها الأعداء لينجح مكرهم ولخدمة مخططاتهم... ونحن ننفي بقوة أني كون للقاعدة أي يد في التفجير الذي قتل محمد باقر الحكيم وانتهك حرمة بيت من بيوت الله وقتل الأبرياء...»).
ما تحدث عنه التنظيم الأم نسفه الزرقاوي في شريط بثّ في 5 نيسان 2004 بعبارة تبنّي ضمنية: «ولقد اكرمنا الله في مضى بقتل الحكيم». فبالنسبة للزرقاوي الشيعة يتآمرون «ليقيموا دولة الرفض ممتدة من إيران مروراً بالعراق وسوريا الباطنية ولبنان حزب اللات ومملكات الخليج الكرتونية التي تمتلئ ارضها بألغام الرفض وبؤر التشيع»، والذي لم يكن تنظيمه «التوحيد والجهاد» قد بايع القاعدة بعد، ولم يتم ذلك إلا في 17 تشرين الأول 2004 ببيان موقع من ابو ميسرة العراقي، الذي تحدث فيه عن «اتصالات بين ابو مصعب الزرقاوي مع الاخوة في القاعدة... تفهم اخواننا في القاعدة لاستراتيجية التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين». ما لفت الانتباه هو ان حالة الزرقاوي رغم مبايعتها للقاعدة الام فإنها هي من «اقنعت» القاعدة الام باستراتيجيتها في العراق التي تضع استهداف الشيعة وإيران وحزب الله كأولوية لها، شرحها الزرقاوي في اكثر من مناسبة كشريط «هل اتاك حديث الرافضة». والحوار الذي اجراه معه ابو اليمان البغدادي والصادر عن دار الفرقان. لقد مثلت مبايعة الزرقاوي للقاعدة وتأكيدها لثبات رؤيتها لحزب الله باعتباره عدواً، إنهاء لحالة المهادنة التي طبعت نظرة قياديي القاعدة الأم اتجاه إيران أو حزب الله والتي عبّر عنها الظواهري في رسالته للزرقاوي المسربة من الادارة الاميركية (مدير مكتب الامن القومي جون نيغروبونتي) بتاريخ 13 تشرين الأول 2005 والتي انتقده فيها ضمنياً لاستهدافه «لعوام الشيعة ومساجدهم»، وإن كان يقر بعداء راسخ للشيعة الا انه يرى تأجيل الصراع معهم ويتحدث عما يشبه مهادنة إيران - وضمنياً حزب الله. لقد اتضح أن منهج الزرقاوي الصدامي مع الشيعة وحزب الله قد انتصر على رؤية القاعدة الام وليس أدل على ذلك من الكتيب الذي الّفه «عطية الله»، أحد منظري القاعدة بعنوان «حزب الله اللبناني والقضية الفلسطينية رؤية كاشفة»، والصادر عن مؤسسة السحاب الاعلامية التابعة للقاعدة في 2008. لقد ادرك السيد نصر الله مبكراً خطورة المد التكفيري في العراق على المنطقة ككل، ففي خطاب تأبين باقر الحكيم في 1 أيول 2003 قال: «الأمل الوحيد لسيطرة أميركا على المنطقة لعقود ولأجيال هو ضرب الأمة في مسألة الشيعة والسنة.
هذا هو أخطر تهديد يواجه الأمة من قبل أميركا، ووحدة الشيعة والسنة هي أكبر تهديد يواجه المشروع الأميركي – الصهيوني الجديد في المنطقة...». ولا شك ان الحزب كان يعي طبيعة تكوين القاعدة كتنظيم له قابلية للاختراق من قبل اكثر من جهاز استخبارات. وهذا ما اشار له السيد في الخطاب نفسه، الا ان التحدي الاكبر في مسار مواجهة هذا الخطر ترسخ مع تصاعد الاحداث في سوريا وتجسدت فيه «الطبيعة الوظيفية» التي ارتضاها التيار التكفيري لنفسه في سياق الحرب لإسقاط سوريا كرائده للنسق الاستقلالي والتحرري في المنطقة ودخول حزب الله الحرب من موقع المدافع على مركز المقاومة في المنطقة. كان على السيد قبل الدخول في المواجهة المباشرة مع المشروع التكفيري بإطاره البارز القاعدة. تحذيره في حفل التخرج الجامعي السنوي في 16 كانون الأول 2012 من «أن الاميركيين والاوروبيين وبعض الحكومات في العالم العربي والاسلامي نصبت لكم كميناً في سوريا وفتحت لكم ساحة لتأتوا إليها من كل العالم... حتى يقتل بعضكم بعضاً في سوريا وانتم وقعتم في هذا الكمين». سبق ذلك الخطاب ببضع أشهر اعلان حزب الله الرسمي دخوله حلبة الصراع المباشر مع التكفيريين من خلال معركة القصير التي شكّلت مفصلاً مهماً في سياق تطور الحرب في سوريا في منحى تصاعدي لمصلحة الدولة في سوريا. «داعش» اليوم كوريث «للحالة الزرقاوية» في العراق تمدّد وصنع لنفسه «انتصارات» على وقع استراتيجية الرعب التي اعتمدها، فرض على حزب الله واقعاً جديداً قوامه الانخراط الحاسم في معركة المشرق الكبرى، للحفاظ على كينونة هذه المنطقة بكل تنوعاتها.
وكان لافتاً أن كتيّب «المذكرة الاستراتيجية» لأحد منظري القاعدة (عبد الله بن محمد) والصادر عن مؤسسة الماسدة الاعلامية اظهر ان «العقل الاستراتيجي» للقاعدة لم يتوقع دوراً حاسماً لحزب الله في الشام كقوة قررت ان تدخل معه في صراع وجودي. وفي زمن انتصاري خطه حزب الله منذ 32 سنة، لن تكون نتيجة هذا الصراع سوى اقتلاع هذا المشروع من المشرق.

________________
* كاتب جزائري

الأحد، 6 أبريل 2014

نصر الله: الأسد سيخوض انتخابات الرئاسة ولا يواجه تهديدا بإسقاطه ... ومشاركة حزب الله في القتال في سوريا رفعت نسبة التأييد

    أبريل 06, 2014   No comments
قال حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني في مقابلة نشرت يوم الاثنين إن حليفه الرئيس السوري بشار الأسد سيخوض الانتخابات لولاية رئاسية جديدة هذا العام وإنه لم يعد يواجه التهديد بإسقاطه.

وأضاف نصر الله الذي يساند مقاتلو حزبه الأسد داخل سوريا أن دمشق تجاوزت خطر التقسيم بعد ثلاث سنوات على بدء الصراع.

وفقد الأسد السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا وأصبحت خاضعة لسيطرة إسلاميين متشددين وجهاديين أجانب. لكن قواته المدعومة بمقاتلين من حزب الله ومسلحين عراقيين شيعة وقادة عسكريين إيرانيين أجبرت مقاتلي المعارضة على الانسحاب من حول دمشق وأمنت معظم منطقة وسط سوريا.

وقال نصر الله في مقابلة مع صحيفة السفير اللبنانية "في تقديري مرحلة إسقاط النظام وإسقاط الدولة انتهت" مضيفا أنه يعتقد أن الأسد سيرشح نفسه لولاية رئاسية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول يوليو تموز.

وقال نصر الله عن الانتخابات المزمع إجراؤها على الرغم من استمرار الصراع ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين داخل سوريا "من الطبيعي أن يترشح وأعتقد أن ذلك سيحصل."

ويقول أعداء الأسد إن الانتخابات ستكون "محاكاة ساخرة للديمقراطية".

وقال نصر الله عن مقاتلي المعارضة "لا يستطيعون إسقاط النظام. يستطيعون أن يعملوا حرب استنزاف... الخطورة الحقيقية كانت ومازالت الى حد ما هي إنهاء سوريا... تقسيمها. الخطر كان كبيرا وجديا. أعتقد أننا تجاوزنا خطر التقسيم.

الاثنين، 17 مارس 2014

الأزمة السورية تدخل عامها الرابع: إرتداداتها عسكريا، سياسيا، عقائديا... رأي الإخوان، الواقع كما هو، ومستقبل الشرق الأوسط والدين والسياسة

    مارس 17, 2014   No comments
الأزمة السورية تدخل عامها الرابع: إرتداداتها عسكريا، سياسيا، عقائديا... رأي الإخوان، الواقع كما هو، ومستقبل الشرق الأوسط  والدين والسياسة

رأي الإخوان:

__________________________
يبرود.... بين غدر الأصدقاء و كيد اليهود!
د. خالد حسن هنداوي

قبل ثلاثة أيام ناشد رئيس الائتلاف لقوى الثورة السورية والمعارضة أحمد الجربا من يسمون أصدقاء سورية للوفاء بوعودهم ومد الجيش الحر بأسلحة نوعية للثبات في وجه شبيحة الأسد ومليشيات إيران والعراق وحزب الله ومن لف لفهم خاصة بعد أن تزود بالتقارير التي وصلته من بعض جماعات الثوار أن وضع مدينة يبرود في القلمون على خطر شديد بسبب نقص الأسلحة والذخائر التي نفذ أكثرها بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من القتال الضاري والصمود الأسطوري.

ولكن الوعود كانت كمواعيد عرقوب لم يف بها أحد من أصدقاء سورية حتى الكتائب الأخرى في ربوع سورية حيث هي بأمس الحاجة أن تدافع عن نفسها وتصد هجمات المعتدين في المواقع الأخرى الساخنة خصوصاً في حلب وريفها وريف حماة وحمص حالياً وهكذا فما كان متوقعاً حدث كما هو الحال في سقوط القصير بريف حمص والسفيرة بريف حلب للأسباب ذاتها.

وتلك سنة كونية إذ من غير المعقول صمود كتائب الثوار بأسلحتها العادية وذخائرها المحدودة غير الممدودة أمام قصف الجو والبر والبحر والبراميل المتفجرة والصواريخ البركانية الحارقة التي تدمر أبنية بل أحياء بكاملها فقد كنت أتبادل الحديث مع بعض القيادات السياسية للثورة بمن فيهم أحمد الجربا فيؤكدون أنهم يتعرضون لضغوط دولية وأن الدول الصديقة حتى العربية تحجب أي سلاح نوعي لأن التماسيح الكبار لا يسمحون لها ويحذرونها إن عصت ذلك ثم ينشئ أحدهم ليقول:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد

ويردد سياسي آخر قول جان جاك روسو: علينا أن نقبل أصدقاءنا على علاتهم!

لكنني كنت أجيبهم: أما فهمتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) وعلينا أن نتعلم ونأخذ الدروس فهاهم الأصدقاء الألداء كم خدعوكم وخذلوكم في مواقف سابقة قالوا كثيراً ووعدوا ولكنهم لم يفعلوا وما وفوا بوعودهم. وإنما الصديق عند الضيق كما يقول المثل العربي وإن هؤلاء – لعبا منهم – يقولون لكم إذا وافقت دولة على منحكم أي سلاح نوعي فلا بد للدول الأخرى التي وعدت والتقت بكم في باريس مؤخراً باسم هذه الصداقة أن توافق جميعاً ليتم تنفيذ تلك الدولة وعدها مما يعتبر ضحكاً على الذقون وأنى لذلك أن يدخل في العقل إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط ولذلك كان فولتير يقول: كل أمجاد العالم لا تساوي صديقاً صادقاً فأين هو الصدق معكم يا من تناشدونهم ولكن تسمعون جعجعة ولا ترون طحناً وهل يعرف الأصدقاء الحقيقيون إلا عند المحنة وهكذا أصبحتم كالمستجير من الرمضاء بالنار وما الذي يدريكم حقيقتهم فإن معظم هؤلاء الأصدقاء إن لم يكن كلهم إنما هم من الأعداء الكاذبين الذين لا يخضعون إلا لأوامر اليهود وأجنداتهم واليهود اليوم هم أشد حرصاً من أي وقت مضى على التمسك بالأسد المقاتل بالوكالة عنهم كي يضمن بقاءه في الكرسي بعد ترشحه للرئاسة. ومن ثم يزيد في اطمئنانهم على السلام الحقيقي والتقرب الكامل مع الغرب خصوصاً بعد علاقة أمريكا والغرب بإيران ويصبح حالنا كما قال المتنبي:

إذا انقلب الصديق غدا عدواً مبيناً والأمور إلى انقلاب

أما انقلب السيسي على مرسي وما كان الأخير يظن أن ذلك سيكون. إن إخوانكم الذين قاتلوا في يبرود القلمون قد ثبتوا رغم زمهرير الشتاء المعروف في يبرود بل إن كلمة يبرود نفسها إنما تعني بالآرامية البرد بينما الصداقة الحقيقية لا تتجمد في الشتاء كما يقول المثل الألماني – فماذا نقول لكم بعد خراب البصرة!

وطالما أن تل أبيب تفضل بقاء نظام بشار الأسد لاعتبارات جيواستراتيجية أنها معنية باستمرار حالة الاستقرار السابقة السائدة منذ أربعين عاماً في عهد الأب والابن على حدودها فإن الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر بالجامعة العبرية (موشيه معوز) يرجح الانحياز للأسد بل يشير إلى ما قاله رئيس الجناح السياسي الأمني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد في مؤتمر هرتزليا الأمني العام الماضي: إن "إسرائيل" تتبنى الرأي الذي يقول: إن سقوط الأسد سيفضي إلى كارثة عليها نتيجة تشكيل إمبراطورية إسلامية في الشرق الأوسط يقودها الإخوان المسلمون في مصر والأردن وسورية ويتفق معه المعلق الأمني البارز يوسي ميلمان الذي يؤكد قلق "إسرائيل" البالغ من تنامي الجماعات الإسلامية على حدود هضبة الجولان ويقول إن "الإسرائيليين" ظلوا صامتين في مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا عما يجري في سورية ميلاً إلى الأسد فقط: نعم إنهم أصبحوا يخافون من الإسلاميين والعلمانيين والمستقلين القادمين الجدد للحكم ولا يرضون إلا بمثل حافظ أسد وبشار اللذين حافظاً على حدودهم وأمنهم حتى استطاعوا التوسع في المستوطنات. وهم يأملون اليوم أن يصيروا سادة علينا لنفرش لهم سورية بالرياحين فعلى ماذا تعولون يا قواد الثورة من أصدقاء سورية الذين تكونت مجموعتهم من سبعين بلدا أبرزهم من البلاد العربية التي تتزعمها المغرب لحل القضية السورية خارج مجلس الأمن بعد فيتو روسيا والصين وكم هاجم فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في باريس نظام الأسد وأكد أنه لن يكون للأسد دور في مستقبل سورية ووافقه وزراء خارجية الدول الأعضاء الـ 11 في المجموعة مؤكدين أن هذا الأمر محسوم بينما هم اليوم لا ينبسون ببنت شفة.

بل قد كان جاء من المجموعة أن أية انتخابات رئاسية يجريها النظام السوري ستعتبر لاغية! وإن المجموعات المقاتلة مع النظام وعلى رأسها حزب الله يجب أن تخرج من سورية فما الذي يحدث يا ترى ومن نصدق؟ ثم تأتي الخارجية الأمريكية أمس لتصرح أن الأسد فقد شرعيته لقيادة شعبه. وكم قالت ذلك من قبل؟ ومتى جاء هذا التصريح الذي هو لذر الرماد في العيون؟ أبعد سيطرة النظام على يبرود الملتهبة في البرد القارس بواقع عشرين غارة وست براميل متفجرة يومياً فلك الله يا يبرود كم صنعت من الأبطال منذ انحزت إلى الثورة بعد شهر من نشوبها وبقيت محررة حتى غزاك لئام الجبناء فترجلت جريحة في 16-3-2014 بعد ذكرى مرور ثلاث سنوات تماماً على هذه الثورة المباركة ولم يشفع لك أنك استضفت العوائل الهاربة من لبنان من أتباع حزب الله في حرب 2006 لأنه كما قال الشاعر:

ولا ترج السماحة من لئيم فما في النار للظمآن ماء

ومتى يأخذ الوعي دوره وحقه يا قواد الثورة ومتى نحترس ونحذر من الأصدقاء الأعداء:

احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصد يق فصار أولى بالمضرة

وهل ستضيع يبرود بين مكر الأصدقاء وكيد اليهود؟!

___________________

مسؤولية الغرب المباشرة في احتلال يبرود

د. عوض السليمان
لا يخفى على متابع أن بشار الأسد بدأ يستعيد بعض السيطرة على الأرض في سورية بعد تسليمه السلاح الكيماوي للولايات المتحدة الأمريكية. ولا يشك أحد في أن جميع الأصوات المنادية بتزويد المعارضة السورية بالأسلحة النوعية قد خفتت وبالكاد نسمع حسيسها.

وكلا الأمرين طبيعي، إذ لا يعتقد عاقل أن الولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب عازمون على إسقاط الأسد، وذلك مع انطلاق الثورة السورية، فكيف بعد أن قدم الأسد سلاح الشعب السوري للعدو.

إن ما يحققه الأسد للولايات المتحدة وحلفائها أكبر بكثير من أي مصلحة قد تتحقق بإسقاطه أو إبعاده عن الحكم. فالرجل قد دمر سورية كلها في ثلاث سنوات وقتل مائتي ألف شهيد واعتقل خمسمائة ألف سوري كما شرد عدة ملايين.

وما كانت الولايات المتحدة الأمريكية ولا الكيان الصهيوني ولا الغرب كله مجتمعاً ليفعل بسورية أكثر مما فعله بشار الأسد، وبالتالي فأي مصلحة تلك التي قد تكون أكبر من الإبقاء على نظام الأسد في دمشق.

توقعنا في الشهر الثامن من العام الماضي أن قتل الأسد لأكثر من ألف شخص في الغوطتين بالسلاح الكيماوي، سيثمر عن صفقة غربية مع الأسد تقضي بأن يسمح العالم للأسد بقتل من يشاء وتدمير كل البنى التحتية في سورية والقضاء على الشجر والبشر مقابل تسليم ذلك السلاح.

ما المصلحة الأمريكية في تدمير السلاح الكيماوي السوري؟ بالطبع كي لا تصل تلك الأسلحة لمن قد يستخدمها ضد الكيان الصهيوني، فالأسد كان في مرحلة انهزام عسكري وأخلاقي في البلاد، وخشي الغرب على أمن "إسرائيل" من خلال وقوع الأسلحة بيد الثوار، ولهذا قرر تدميره تحت التهديد بضربة عسكرية لنظام بشار الأسد.

إذاً، كانت القوة ممكنة من أجل التخلص من السلاح، ولكنها غير ممكنة على الإطلاق عند قتل مئات الآلاف من المدنيين.

ليس هذا فحسب، فكم من مدينة إستراتيجية سقطت بيد نظام الأسد بعد تحريرها من قبل الثوار بسبب القصف الجوي بالبراميل. ويبرود خير دليل على ذلك. لو أراد الغرب الحفاظ على دم الشعب السوري والمدنيين في سورية، ولو أراد إسقاط الأسد بالفعل كما يدعي لفرض منطقة حظر جوي فوق سورية كما فعل بالعراق على سبيل المثال.

لو أن حظراً جوياً فرض على نظام الأسد، لما سقطت يبرود بيد الشبيحة هذا اليوم. فقد تعرضت المدينة في الأسابيع الماضية لأربعين غارة جوية يومياً بالبراميل المتفجرة. ولا نشك في أن الغرب والولايات المتحدة يدركان أهمية يبرود من الناحية الجغرافية الإستراتيجية للثوار.

وإذا اتفقنا أن الغرب يعلم ذلك جيداً فما الذي منعه من فرض منطقة الحظر الجوي لحماية مكاسب الثوار على الأرض، ناهيك عن وقف تدمير حلب وحمص ودرعا وغيرها.

وإذا كان الغرب يعرف أن موقف النظام العسكري سيتحسن بعد احتلال يبرود، وكذلك موقف إيران وحزب الله، فأي تفسير في عدم مساعدة الثوار إلا رغبته في مناصرة من يدعي كذباً أنه يحاربه.

لم تمنع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب منطقة الحظر الجوي فحسب، بل منعت وصول الصواريخ المضادة للطائرات إلى الثوار، بل وأوعزت إلى أدواتها في المنطقة باعتبار جبهة النصرة والإخوان المسلمين جماعات إرهابية، وهم يعلمون أن جبهة النصرة هي إحدى أهم الفصائل المقاتلة في القلمون، فكيف بعد ذلك يظن عاقل أن مثل هؤلاء قد يقفون مع الثورة السورية ضد بشار الأسد.

_____________

المراقب العام لإخوان سورية: "داعش" صناعة إيرانية.. ونشكر تركيا حكومة وشعباً
حاوره في اسطنبول: مجاهد مليجي

* كيف ترى الدور التركي في دعم نضال الشعب السوري؟

** لاشك أنّ مو قف تركيا من أقوى المواقف الدولية الداعمة لنضال الشعب السوري للخلاص من النظام القمعي الدموي الذي يعمل القتل ليل نهار في أبناء شعبه دون توقف أو رادع من المجتمع الدولي.

كما أنّنا نوجّه الشكر لهذا الموقف النبيل والشهم لتركيا حكومة وشعباً على دعمهم الرئيسي للشعب السوري على مستوى رعاية اللاجئين في مختلف المخيمات على الحدود السورية التركية وفي داخل تركيا، إضافة إلى الجهد التركي المتميز في مجال تقديم أعمال الاغاثة وتيسيرها لأبناء الشعب السوري، بغضّ النظر عن الدعم السياسي والدبلوماسي الذي توفّره تركيا لقضية الشعب السوري والذي يعدّ من أقوى مواقف الحكومات الإسلامية .

* ما هو الدور الفعلي الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمون اليوم على الساحة السورية؟

** حقيقة على أرض الواقع نقوم بدعم المجموعات ذات الفكر المعتدل في وقوفها ودفاعها عن الشعب السوري في الداخل، ونسعى لتجميع هذه القوى علها تعمل مشتركة خطط واحدة وعمل مشترك.

* كيف يكون الدعم هل يقتصر فقط على عناصر الإخوان ومؤيديهم؟

** إطلاقا.. فنحن نقدّم الإغاثة والدعم لكلّ أبناء الشعب السوري الذين يعيشون ظروفاً صعبة للغاية، وتأخذ هذه المساعدة عدّة أشكال أهمها المالية؛ لأنّ هذه الفصائل بحاجة إلى مصاريف متنوعة ونسعى لدعمهم بهذا، ومن خلال أعمال الإغاثة بالمواد الإغاثية المباشرة، وعندنا عدد من الجمعيات التي تعمل في هذا المجال، مثل جمعية العطاء الإغاثية، والأيادي البيضاء، والجمعية السورية للإغاثة والتنمية، وكلها تعمل على إغاثة الشعب السوري ونذّكيها لدى الآخرين لثقتنا في أعمالها وفي المشرفين على هذه الجمعيات وبالطبع أعمال الإغاثة للشعب السوري ولا نميّز بهذا أبدا.

* لابد أنّكم كنتم على صلة بالائتلاف، ما هي تفاصيل المحادثات التي دارت في جنيف بين أعضاء الائتلاف وبينكم والتي يمكن الاستفادة منها؟

** الحقيقة في جنيف ما حصل هو مهزلة، والوفد السوري لنظام الأسد أتى لمضيعة الوقت، وأستطيع أن أقول إنّها مهزلة حقيقية، فالوفد السوري أتى لمضيعة الوقت وهذه قناعتنا السابقة كإخوان مسلمين ولمعرفتنا بطبيعة النظام السوري، وأصل الدعوة أتت لبحث بنود اتّفاق "جنيف1" والذي البند الرئيسي فيه هو تشكيل حكومة أو هيئة انتقالية لحكم البلاد، والوفد السوري رغم أنّه أتى بدعوة تنصّ على هذا البند؛ إلا أنه رفض بحث هذا البند، وأراد بحث موضوع آخر وهو الارهاب. ولذلك لم يحصل أيّ حوار حقيقي في جنيف، ووفد الائتلاف المعارض كان مصرّاً على بحث البند الرئيسي حول الهيئة الانتقالية التي تمّت الدعوة للمؤتمر على أساسه. فكان المؤتمر مضيعة للوقت كما قلت.

*ما هي التفاصيل المسكوت عنها في هذه اللقاءات على هامش المؤتمر وفي داخل جلساته؟

** لم يحصل أي لقاء حقيقي حتى يكون هناك تفاصيل، فلا يوجد أيّة تفاصيل لأنّه لم يحدث أي تفاوض مباشر أو حقيقي أو جاد، وكلّ ما في الأمر أنّ موقفنا كإخوان مسلمين كان واضحاً منذ البداية بأنّ نظام الأسد لا فائدة مطلقاً من الحوار معه، ولكن الائتلاف المعارض الإخوان جزء منه، أخذوا قراراً بالأغلبية بالمشاركة في "جنيف2"، ونزل الإخوان على رغبتهم، حيث كان هناك ضغط دولي على الائتلاف لكي يحضر ،وتجاوب الائتلاف مع هذا وما أراد أن يجابه الدول كلها، وشاركوا ولكن ثبت بعد ذلك للجميع أن لا فائدة مع هذا النظام بتاتاً، وأنّ من أفسد المفاوضات هو النظام السوري.

* طيب ما هي تفاصيل ما دار من أمور في الغرف المغلقة سواء بين أعضاء الوفد السوري المعارض وبين الوساطات؟

** الدول التي حضرت 11 دولة ووفودها كلّها حاضرة، وكانوا يضغطون على النظام لكي يدخل في حوار جاد ويبحث بنود "جنيف1"، ولكن النظام السوري يعرف أنّه إذا دخلوا في مناقشة جادة في بنود "جنيف1" حول موضوع الهيئة الانتقالية فإنّه يعني إبعاد الأسد وعصابته عن الحكم ولذلك رفض تماماًـ وأنّه هو الذي سيخسر بينما هو يريد أن يبقى في السلطة، وكل الوفود المشاركة بما فيهم الروس كانوا يضغطون على النظام السوري ولكن دون جدوى ؟... فالدول الغربية كانووا يريدون أن يصلوا إلى أيّ نتيجة.

* كيف ضغط الروس على النظام؟

** الروس ضغطوا على النظام ليحضر وليقبل ببحث الهيئة، لا أظنّ أنّ هناك أية تفاصيل. لا توجد تفاصيل تستأهل ذكرها.

* الإخوان حضروا في مؤتمر جنيف؟

** لم نشترك في المفاوضات، ولكن الهيئة السياسية للائتلاف عقدت في جنيف، وذهب ممثّل الإخوان في الائتلاف فاروق طيفور ليمثلنا في اجتماع الهيئة السياسية ليس أكثر من ذلكـ والحقيقة لم نشارك ولكن سمعنا فقط في هذا الاجتماع وكانوا يبحثوا مسار المفاوضات، كما شاركوا في اجتماع الوفد مع الوفود الغربية التي حضرت للمتابعةـ وسارت حوارات بين الهيئة السياسية للائتلاف ووفود الدول الغربية التي حضرت إلى جينف لتكون على هامش المؤتمر.

* هل هناك تفاصيل حدثت في هذه اللقاءات وحضرها ممثلكم فاوق طيفور وحكى لكم عنها يمكن ذكرها لنا؟

** المعنى الذي كان يؤكد عليه ممثلنا في اجتماعات الهيئة السياسية للائتلاف هو أنّ الغرب غير جاد في إنهاء الوضع الحالي في سورية ومتخاذل ومقصر ؛ بل وشريك في هذه الجريمة. وقد كان قيل لهم جميعاً إنّهم متخاذلون لأنّهم حقيقة في قضية الكيماوي استطاعوا الضغط على النظام وأجبروه على تسليم الكيماوي، أمّا البراميل المتفجرة فلا يريد الغرب التحرك لإنهائها رغم بشاعة تأثيرها، ولذلك فإنّ ممثلنا وعلى لسان الإخوان أخبرهم أنّهم شركاء في هذه الجريمة وليس من المعقول أنّهم لا يستطيعون الضغط على النظام لوقف البراميل المتفجرة، هم يستطيعون وهذا الموقف منهم غير معقول أو مقبول.

* عند مواجهة الوفود الغربية بحقيقة تخاذلهم وأنّهم شركاء في جريمة إبادة الشعب السوري، ماذا كانوا يردّون بحسب ما ذكره أستاذ طيفور؟

** كانوا يضعون وجوههم في الأرض هروباً من الإجابة، ويقولون إنّنا سنعود إلى حكوماتنا ونبلغهم بذلك ونبحث معهم الموقف.

* ما هي الأمور التي لم يذكرها الإعلام في محادثاتكم مع الوفود الغربية سواء في جنيف أو غيرها بشكل عام؟

** في جنيف أؤكد لك أنّ في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف هاجمنا مواقف الغربيين بقوة وبصراحة شديدة على تخاذلهم، وهذا ما لم يتناوله الإعلام أو يذكره، وهذا بعيداً عن المشاركة في المؤتمر.

* ما هي أهمّ القضايا التي طرحت في الغرف المغلقة ولم يتناولها الإعلام؟

** هذا قيل للوفود الغربية بصراحة وهم كانوا يسكتون ويتهربون من المواجهة..هذه لم يتكلم عنها الإعلام. ولم يشارك في الوفد ولكن لحضور اجتماع الهيئة السياسية التي عقدت على هامش المؤتمر، وثبت صحة وجهة نظرنا.

* ما هي التفاصيل التي أثيرت في "جنيف 2" ورفضها النظام الدموي بقوة؟ ولماذا؟

** مناقشة بنود "جنيف 1" والدعوة التي وجّهها الأخضر الإبراهيمي دعاهم لمناقشة تنفيذ مقررات "جنيف1" والنظام عندما جاء يعرف لماذا أتى ورغم ذلك أفسد المؤتمر.

* ما هو الدور الذي يقوم به مراقب الإخوان لدعم وخدمة القضية السورية على أرض الواقع بشكل عملي في العواصم العالمية؟

**نحن خارج سورية، لست أنا فقط ولكن كلّ الإخوان السوريين وغير الإخوان، فالكل جزء من الشعب السوري، ونحن كإخوان جزء من هذا الشعب السوري ونسعى لشرح القضية السورية والتواصل مع الأحزاب والمؤسسات المجتمع المدني في الدول الأوربية لخلق رأي عام لمواجهة تخاذل الأنظمة.

كما أننا نكثف من طلب الدعم للجمعيات،وساهمنا في إيجاد مظلة سياسية في المشاركة في المجلس الوطني والائتلاف ومع جميع التحالفات السورية على مستوى العالم، فنحن نسعى لتوحيد المعارضة والمجموعات المقاتلة المعتدلة على الأرض أيضاً من كل الأطياف، واستطعنا لتجميع المعارضة في الخارج ونسعى للإغاثة على الأرض، وكانت المجموعات الرئيسية في المجلس الوطني ابتداءً ثم بدأ التوسع في الائتلاف حتى وصل إلى شكله الحالي بفضل جهود الإخوان التجميعية والحريصة على توحيد المعارضة.

* البعض عبر عن احتمالات انعقاد مؤتمر الائتلاف السوري المعارض القادم بالقاهرة، هل ترى ذلك ممكنا؟

** جرى كلام عن انعقاده في القاهرة ولكن لم يتم البتّ فيه نهائيا.. ولكن لا يوجد عندي معلومات، وإذا تم في القاهرة لن يشارك الإخوان؛ لأنّ الاوضاع في القاهرة لا تتناسب مع الوضع الحالي في سورية، وأستبعد أن يعقد في القاهرة، اللهم إلا إذا ذهبت بعض الوفود، ولكن مؤتمر عام للائتلاف لا أعتقد.

* يتعرض الإخوان في سورية لهجمات منظّمة من خصومهم السياسيين على غرار ما تعرّض له الإخوان في مصر وتونس وليبيا وغيرها من الاتّهامات المتداولة من أنّكم إقصائيين وأنّكم لا تتعاونون مع الآخر، وأنّكم تريدون الاستحواذ وغيرها من الاتّهامات، فما هي أنسب السبل للتعاطي مع ذلك من وجهة نظركم؟

** نحن قرّرنا ألا ندخل في مهاترات مع أحد، وألا نرد على من يتهمنا مباشرة، وإنما نعمل على شرح مبادئنا وسياستنا عبر مواقفنا وتوضيحها عبر وسائل إعلامنا من صحافة ومجلات وغيرها من الإعلام والعمل الميداني على الأرض، وأبناء الشعب السوري بنفسهم يرون ويقيّمون. وفي الحقيقة لولا دور الإخوان ما تأسّس المجلس الوطني، ولا الائتلاف السوري المعارض الحالي، وعددنا في تشكيل المجلس الوطني أو الائتلاف وسط بقية المعارضة محدود جداً، وليس شرط أن يكون لنا سيطرة أو قوة رئيسية كما يروّج البعض. وعندما تشكّل المجلس الوطني، تنازلنا عن جزء من حصتنا ومن مقاعدنا لصالح مجموعات صغيرة لم تحصل على مقاعد، فهدفنا دوماً التوحيد والتجميع وليس السيطرة كما نتهم.

* من الاتّهامات التي توجّه لكم أنّكم تقولون إنّ الفضل لكم في عمل كل شيء، وكأنّ غيركم لن يستطيع فعل ذلك؟

** هذه حقيقة أنّ الإخوان بالفعل بذلوا جهوداً كثيرة، هل هذه سلبية؟!.. فكما تعرف أنّه في سورية لم يكن هناك حياة سياسية، ولم يكن هناك أحزاب، اللهم إلا الإخوان وحدهم الذين استطاعوا أن يحافظوا على كيانهم، وعندما بدأت الثورة استطاعوا أن يلملموا شتات الشعب السوري، ونحن كجماعة منظّمة وكيان متماسك أقدر من الأفراد على فعل هذا وهو شيء طبيعي.

* أمامكم ثلاثة أو أربعة نماذج عربية.. تونس واليمن وليبيا ومصر، أيّ النماذج ترونها أقرب لكم في سورية؟

** شعبنا لازال في ثورة، ونحن لم نصل بعد إلى تحرير سورية، وعندما تتحرر سورية يمكن أن نتحدث، فوضعنا مازال مختلفاً طبعا؛ لأنّ هناك ثورة، والدول التي ذكرتها انتهت مراحل ثورية فيها أو مرّت بمراحل ثورية لم تمرّ سورية بها بعد، كما أنّنا لم نصل إلى مرحلة الحكم بعد وإن كنّا نسعى للمشاركة في العملية الديمقراطية في سورية المستقبل، ولكنّنا لن نحكم منفردين ونريد أن نتعاون مع الجميع في حكم سورية، ويجب أن تشارك كل فئات وطبقات الشعب السوري في حكم بلدهم ولا إقصاء لأحد لا لقوميات ولا لطوائف، وكفى حكم الحزب الواحد، والقائد الأوحدـ وهذا النموذج يجب أن ينتهي، وهذه سياستناـ فسورية ملك للجميع بمن فيهم العلويين المناوئين للنظام الحالي، فالكل مواطنين سوريين ومن حقهم أن يشاركوا في حكم سورية، ولا إقصاء لأحد لأ لقوميات ولا لطوائف.

* ما هو الموقف المعلن للإخوان في سورية من الأكراد والقضية الكردية؟

** لا تحفّز، ونحن التقينا بالأحزاب الكردية وتحاورنا وليس هناك موقف من الأكراد، وشاركوا في الائتلاف، اللهم إلا بعض المتطرفين بيننا وبينهم خصومة، اللهم إلا بعض المتطرفيين مثل الـ "بي ك ك"، وعلى العكس دعيت دعوة رسمية إلى كردستان العراق، وعلى العكس بيننا وبين الأكراد علاقة طيبة.

* هل أثّرت الأوضاع الحالية في مصر عليكم في سورية؟ وكيف؟ وما هو دوركم في تجاوز تلك الآثار على أرض الواقع؟

** مبدئياً هذه التجربة مفروض نستفيد منها، ونحن ابتداءً نتكلّم عن ديمقراطية، فنحن ضدّ ما حصل في مصر، ليس لأنّه انقلاب على الإخوان، ولكن لأنّه انقلاب على الديمقراطية، ولم يعد ذلك مقبولاً لا عندنا ولا عند الشعوب العربية. ونحن عندما نقول إنّنا نقبل بصناديق الاقتراع فنحن صادقون ولن ننقلب عليه. وموقفنا عنتدما سئلت في بعض العواصم الأوربية هل تقبل بمسيحي رئيساً، فقلت لهم أليس مواطن سوري جاءت به صناديق الاقتراع نقبل به، أمّا الانقلاب على صناديق الاقتراع أمر نرفضه لأنّه ضدّ مبادئنا وأخلاقنا.

* ماذا تتعلّمون ممّا حدث في مصر، هل أصابكم بالإحباط؟

** أبداً، لم يصيبنا بالإحباط، ولكنّه أفادنا بضرورة أخذ الدروس والاستفادة، وكان يجب أن يهتم الحكم في مصر بتنظيف الأجهزة من بقايا النظام الديكتاتوري التي تآمرت عليه وانقلبت عليه، ونحن نستفيد بضرورة تنظيف الأجهزة، ويجوز الإخوان في مصر تأخروا في هذا ولم ينتبهوا لخطورة ذلك وقصّروا في هذا.

* هل الانقلاب الدموي في مصر أعطاكم دفعة للأمام أم للخلف؟

** لم يؤثّر بشكل مباشر على الساحة السورية، ومازال النظام السوري مصراً على إجرامه والشعب السوري مصرّ على أخذ حقوقه ونيل حريته.

*ما هي انعكاسات الأحداث في أوكرانيا عليكم؟ وكيف تواجهون آثارها عمليا؟

** ما حدث لم يؤثّر بشكل مباشر، لأنّه مازال النظام مصراً على إجرامه، والشعب السوري مصراً على نيل حريته.

* هل لكم تجربة عملية في التعاطي مع المجموعات التي ظهرت فجأة على الساحة لتفريق وتمزيق وحدة الأحرار؟

** هذه المجموعات هي جزء من النظام السوري، وهي نفسها جزء من دولة العراق والشام وهي نفسها داعش، وهذه من صناعة إيرانية، وهي أتت لإفساد الساحة الثورية في سورية، وتتحدّث باسم الثورة لتفسد الساحة على الأرض لصالح النظامـ وتربك الأمر على الأرض وهي جزء من النظام.

ورأينا ألا تهادن هذه المجموعات أبداً، وحقيقة بعد فترة كشف هذا الأمر فهي لا تخوض معارك ضد النظام، ولكنها تشتبك مع المقاومين وتستولي على المناطق المحررة، وتستولي على الغنائم وهم في الحقيقة أربكوا الساحة السنية ليتمكن المالكي وعصابته من العراق وبالفعل. انتهوا من العراق أتوا إلى سورية.

* هناك كلام عن انسحاب داعش قبل أيام قليلة من حمص وحلب، فهل ترى ذلك إعادة ترتيب صفوف؟

** داعش لم ينسحبوا من حمص ولكنهم طردوا، صحيح أنّهم طردوا من حمص وإدلب وحماة وتغلبوا عليهم ثم طردوهم بقوة من الفصائل السورية المسلحة.

* عملياً كيف تواجهون الدور الطائفي المشبوه في سورية؟ وما هي الآليات لذلك؟

** الدور الطائفي الآن في حرب، فالنظام استطاع إقناع الطائفة العلوية بأنّه الحامي لهم وأنّه إذا ذهب فالشعب سينتقم منهم، وأنّه الحامي لتجميعهم حوله، ونحن ننشر ثقافة التسامح وليس الانتقام، ونؤكّد على أنّه من أجرم في حق الشعب السوري وارتكب الجرائم يحاكمون بالقانون بعيداً عن أيّة انتقام، لأننا نريد أن ننتقل إلى دولة مدنية، ولكن النظام يخوّفهم ليبقوا ملتفين حوله، وأخطأ بعض الضباط ببقائهم حوله وارتكابهم الجرائم البشعة.

* كيف ترى الدور الطائفي في الحرب ضد الشعب السوري؟

** هذه حرب طائفية بامتياز واعتراف "حزب الله" بذلك أمراً ليس خافياً على أحد.. فـ"حزب الله" أعلن قتاله إلى جانب نظام الأسد المستبد، لا لشيء إلا لأنّه ينتمي إلى للقتال بزعم، فهي حرب طائفية فعلا، ونظام الأسد قام بتجنيد الطائفة العلوية في سورية واستدعى الشيعة من الخارج، من إيران الحرس الثوري وغيرهم، ونحن بالنسبة لإيران الآن لا نملك أن نفعل شيئاً، ولكن إذا انهار النظام فهؤلاء الغرباء سيخرجون قطعا.

* رؤيتكم في مواجهة هذه الهجمة الطائفية مستقبلاً؟

** نحن تكلمنا مع الايرانيين كإخوان مسلمين وقلنا لهم إذا انتم تركتم الساحة وتنسحبوا من الآن، وتتركوا هذا النظام وتقفوا مع الشعب السوري، ولكنكم إذا استمريتم في الوقوف إلى جانب ذبح الشعب السوري فلن يوجد سوري واحد يقبل بالحوار معكم.

ونحن لا نتحاور معهم بشكل مباشر ولكن عبر وساطات، وأبلغناهم أنّنا لن نتحاور معهم مباشرة إلا بعد أن يسحبوا قواتهم من سورية.

* من الذي كان يتوسط؟

** هم من كانوا يرسلون وسطاء وليس نحن.

* متى كانت آخر هذه الوساطات؟

** آخر هذه الوساطات كان منذ حوالي سنة، وحاولوا التواصل معناً مراراً خلال هذا العام أكثر من مرة، ولكن الطريق أمامهم مسكر تماما.

* الوضع في اوكرانيا كيف ترى انعكاساته عليكم في سورية؟

** نتأمل أن تخسر روسيا في حربها في أوكرانيا؛ لأنّ نفس الموقف وقفته في سورية هو ما حدث في أوكرانيا ضد إرادة الشعب الاوكراني .. ولكن الملفت للنظر أن المجتمع الغربي اهتمّ بأوكرانيا أكثر ممّا يجري في سورية

* لماذا؟

** أولاً هناك هدف للغرب، وهو مزيد من التدمير لسورية لصالح "إسرائيل" لأنّ أيّ حكم سيأتي لسورية بده عشر سنوات من إعادة البناء، ممّا يمثّل راحة واطمئنان لـ"إسرائيل".

والسبب الثاني أنّ معظم مراكز الأبحاث والدراسات الغربية تؤكّد أنّه إذا ما زال نظام بشار في سورية فإنّ البديل إسلامي لا محالة، وهذا خط احمر. وقناعتي لو أنّ المجتمع الغربي ضمن نظاماً موالياً له بعد الأسد لأنهى المشكلة، ويستطيع بالفعل التدخل لإنهاء هذا النظام، ولكنه غير متأكد ممّن سيأتي لحكم سورية.

* ماذا تريد أن تقول للسوريين؟

** رسالتي للسوريين أن يوحّدوا صفوفهم جميعاً في مواجهة هذا النظام، وأن يبتعدوا عن كلّ البرامج، لأن المتفق عليه بين جميع طوائف المعارضة والشعب السوري هو العمل على زوال هذا النظام ونيل الشعب حريته.

* معضلة تنوّع المعارضة ما بين الداخل والخارج هل هي ميزة أم عيب من وجهة نظركم؟

** قلت إنني أناشد الجميع بالتوحّد لأن الآن ليس وقت الخلافات، ولكن نتوحد أولاً ثم نذهب بعدها إلى الاتفاق أيضا، ولا أرى أيّ مبرّر للاختلاف. هناك فرق، فلكلّ دوره، وبالتالي من في الداخل تضحيات أكبر وصمود أكثر فلا غنى لكلاهما عن الآخر، وإنني أناشد الجميع بالوحدة، والوقت ليس وقت خلافات، ولكن وقت نضال ومواقف، والآن لا وقت للخلاف وكلنا علينا أن نوحّد صفوفنا جميعاً لمواجهة وإسقاط هذا النظام.
__________________________________
 
الرأي الآخر:
__________________________________
مسيرة «الجهاديين»... من السر إلى العلن
عبد الله سليمان علي
تعتبر شهادة المعارض السوري هيثم منّاع في 7 نيسان العام 2011 أول إشارة من نوعها إلى أن جهات خارجية كانت تعمل على إدخال السلاح إلى سوريا.
ورغم أن شهادة منّاع لم تؤخذ بالاعتبار لأسباب كثيرة، منها أن المناخ الإعلامي والسياسي السائد في تلك الفترة لم يكن يقبل بمرور أي إشارة تتعلق بالتسليح، لأن من شأنها تلويث طهارة ما اصطلح على تسميته بـ«الثورة السورية»، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن العمل لم يكن جاريا وبوتيرة متسارعة لإغراق سوريا بالسلاح، وتحويلها إلى ما أسماه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ما بعد «مغناطيس الإرهاب».
وفي الوقت الذي كانت تؤسس فيه «لجان التنسيق المحلية» و«الهيئة العامة للثورة السورية» و«اتحاد التنسيقيات» لقيادة احتجاجات الشارع السوري وتأطيرها ضمن عمل مؤسسي، ليتبين لاحقاً أن هذه اللجان والهيئات لم تكن سوى واجهة إعلامية وأداة بيد جهات خارجية سرعان ما اختفت بعد انتهاء دورها، كان الشيخ عدنان العرعور، المعروف بانتمائه إلى جماعة «الإخوان المسلمين» يطرح نفسه، عبر برنامجه على قناة «وصال»، كقائد ميداني للثورة السورية. وبعد ذلك، حظي العرعور فعلاً بمبايعة العديد من قادة الكتائب والألوية على رأسهم الرائد المنشق ماهر النعيمي، الذي لا تزال تربطه به علاقات قوية قائمة على التمويل والتسليح، بينما كان محمد رحال، وهو مقيم في السويد، يشكل «المجلس الثوري» الذي يعتبر أول تشكيل علني مبني على نزعة تكفيرية إقصائية منذ بدء الأزمة السورية. فقد أعلن بيان تأسيس هذا المجلس، في منتصف حزيران العام 2011، ووردت في مطلعه عبارة لها الكثير من المدلولات عندما نقرأها في الوقت الحالي: «الحالة الراهنة في سوريا هي حالة احتلال إيراني - صفوي يقوده حزب حسن نصر الله في لبنان بالتعاون مع عملاء الاحتلال الإيراني الصفوي من حكومة فيشي الأسدية». وقد سبق رحال كل من مأمون الحمصي، وهو عضو مجلس شعب سابق، وعبد الرزاق عيد، الذي أصبح لاحقاً عضواً في «المجلس الوطني» المعارض، حيث صرح كلاهما بوجود عناصر من «حزب الله» وإيران في درعا، وذلك في الأيام الأولى من اندلاع الأزمة في 17 آذار قبل ثلاث سنوات.
ولكن لم تكن هذه التحركات والتصريحات العلنية المفعمة برائحة الطائفية والتكفير أكثر ما يقلق في ما يجري على الساحة السورية، خصوصاً ما كان يجري تحت الأرض، حيث كانت الكثير من الخلايا تحفر أنفاقها في التربة بانتظار اللحظة المناسبة، لتطل برأسها أو نابها أو سكينها.
كان «المقاتلون الأجانب» يصلون إلى الأراضي السورية بسرية تامة، وكانت وجهتهم «كتائب أحرار الشام» التي تعتبر أول فصيل احتضن هؤلاء المقاتلين وأمّن لهم معسكرات التدريب. وكان وصول عدد من قدامى الرعيل الأول من الأفغان العرب منذ أيار العام 2011 مؤشراً مهما إلى أن ضوءاً أخضر قد أعطي لدول الجوار السوري بفتح حدودها أمام عبور قوافل «الجهاديين» للدخول إلى الأراضي السورية.
ورغم أن تشكيل «كتائب أحرار الشام» و«لواء الإسلام» سبق تشكيل «الجيش الحر» و«كتائب الفاروق»، إلا أن اسميهما لم يظهر في الإعلام إلا في وقت متأخر، وكانت العمليات التي يقومان بها تنسبها وسائل الإعلام إلى «الجيش الحر»، وهي سياسة إعلامية لا تزال متبعة حتى الآن في كثير من المعارك والاشتباكات.
من الذي كان يستدعي المقاتلين الأجانب للقدوم إلى سوريا؟ ومن كان يؤمن لهم مستلزمات القدوم؟ ومن كان يقدم التسهيلات ويزيل العقبات ويفتح الثغرات؟
عندما وصل زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني إلى سوريا قادماً من العراق، أواخر العام 2011، غادر القسم الأكبر من «المقاتلين الأجانب»، وكان عدد «كتائب أحرار الشام» بالمئات وانضموا إلى «جبهة النصرة لأهل الشام». وأصبحنا نعرف الآن أن زعيم تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) أبو بكر البغدادي هو من أرسل الجولاني وانتدبه لمهمة تأسيس «جبهة النصرة»، وبالتالي فإن دخول الطلائع الأولى للمقاتلين الأجانب إلى سوريا إنما كان بتوجيه من البغدادي. ودليل ذلك أن معظم هؤلاء المقاتلين الأجانب لم يتردد لحظة في الانشقاق عن «أحرار الشام» والانتقال إلى راية الجولاني مندوب البغدادي، ما يشير إلى أنهم كانوا يعلمون أن انضمامهم إلى «أحرار الشام» كان مؤقتاً أو تنفيذاً لأمر قيادتهم الحقيقية.
وبينما كانت «كتائب أحرار الشام» و«لواء الإسلام» تتشكل وتنمو وتزداد أعدادها بهدوء، وعلى نحو متقن وبعيداً عن الأعين، عبر اتصالاتها مع بعض قادة الكتائب ذات التوجه الإسلامي لجذبها إلى مدارها والاندماج معها، أو على الأقل التحالف في ما بينهما، كان «الجيش الحر» يترسخ إعلامياً كعنوان عريض لعشرات، بل مئات، الكتائب والمجموعات التي كانت تتكاثر كالفطر مع اتساع جغرافيا المعارك وامتدادها من مدينة إلى أخرى ومن محافظة إلى محافظة.
أما «جبهة النصرة» فقد تمكنت خلال وقت قياسي من فرض نفسها كأقوى فصيل مسلح على الساحة السورية، وأكثرها تدريباً وتسليحاً، ولكن كانت علاقتها مع كل من «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» تعاني من فتور وعدم ثقة، وأحياناً اتهامات متبادلة، ولم تنس «أحرار الشام» أن «جبهة النصرة» هي التي سرقت منها المقاتلين الأجانب بعد أن حضنتهم ودربتهم، وبنت عليهم الكثير من التوقعات والأحلام. كذلك لم تكن العلاقة على ما يرام بين «أحرار الشام» من جهة و«لواء الإسلام» من جهة ثانية، وهذا ما تجلى بشكل واضح مع نهاية العام 2012 عندما انضم كل منهما إلى جبهة مغايرة، فانضم «لواء الإسلام» إلى «جبهة تحرير سوريا الإسلامية» بينما انضمت «أحرار الشام» إلى «الجبهة الإسلامية السورية».
وكانت المساعي الإقليمية والدولية تنصب جميعها نحو هدف واحد، هو كيفية توحيد المعارضة السياسية. وكانت جهود موازية تبذل أيضاً لتوحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة واحدة متمثلة بـ«الجيش الحر»، ولكن العام 2013 كان محملاً بمفاجآت غير متوقعة، فهو لم يفشل مساعي التوحيد وحسب، بل زاد وعمق من الانقسام والفرقة بين هيئات المعارضة السياسية من جهة وبين الفصائل المسلحة من جهة ثانية. وكان الخلاف بين الجولاني والبغدادي في التاسع من نيسان العام 2013 بداية مرحلة التدهور الكبير في العلاقة بين الفصائل المسلحة، وبرز على الساحة السورية اسم جديد هو «داعش»، والذي كان لبروزه تأثير كبير على مجريات الأحداث. فانتقلت العلاقة بين الفصائل من عدم الثقة والاتهامات الإعلامية المتبادلة إلى الاغتيالات المتبادلة، وحوادث خطف القيادات، وصولاً إلى الحرب المباشرة بينها، التي اندلعت بقوة في الشهرين الأخيرين من العام 2103. وكان أهم الفصائل المشاركة فيها هي «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» ضد «داعش».
أما «الجيش الحر» فقد انتهى العام الثالث من ظهوره على وسائل الإعلام، ولم يتمكن حتى الآن من ترسيخ نفسه كبنية عسكرية صلبة تستطيع منافسة الفصائل الإسلامية، بل خسر الكثير من كتائبه وألويته التي سارعت إلى إعلان بيعتها إلى «أمراء الجهاد وقادته». وقد حدثت موجة كبيرة من هذه البيعات، لا سيما منذ أيلول العام 2013، عندما نجح «داعش» في طرد «ألوية أحفاد الرسول» من الرقة و«لواء عاصفة الشمال» من أعزاز في شمال حلب، وبدت الساحة السورية كأنها تتجه للسقوط كلياً بيد التنظيمات الإسلامية المتشددة.
لكن الحرب «الجهادية» بين الفصائل الإسلامية بعضها ضد بعض، أتاحت لـ«الجيش الحر» أن يلتقط أنفاسه، ويبذل، مع نهاية العام الثالث للأزمة، محاولة جديدة لإعادة هيكلة نفسه.

______________
«هزات ارتدادية» لمعركة القلمون الإرهاب يضرب في النبي عثمان
بعد ساعات من سقوط يبرود التي كانت تشكل أحد أبرز معاقل تفخيخ سيارات الموت المرسلة الى لبنان، فجّر انتحاري نفسه بسيارة مفخخة في منطقة النبي عثمان البقاعية، إثر افتضاح أمره، في ما بدا أنها محاولة لـ«المكابرة» وتحويل الأنظار عن الهزيمة في عاصمة القلمون، وصولا الى الإيحاء بأن إخراج المجموعات المسلحة منها، لا يعني ضرب قدرتها على الإيذاء.
ويمكن القول إن انفجار الأمس يندرج في إطار «الهزات الارتدادية» للتحول الميداني الذي طرأ على مسرح المواجهة العسكرية في سوريا، بعد استعادة مدينة يبرود الإستراتيجية، في تطور نوعي يحمل دلالات تتجاوز الحدود الجغرافية للحدث، الى ما بعدها.
وفي حين كشفت مصادر أمنية مطلعة لـ«السفير» عن ورود معلومات حول احتمال تسرّب أكثر من سيارة مشتبه فيها الى الداخل اللبناني، أشارت المصادر ذاتها الى أن الأجهزة الأمنية المختصة تأخذ بعين الاعتبار احتمال أن تلجأ المجموعات المسلحة الى ردود فعل انتقامية، بعد هزيمتها في يبرود، وإن يكن هامش حركتها قد تقلّص بعد الضربة التي تلقتها.
وأفاد مراسل «السفير» في البقاع الشمالي علي جعفر أن شبانا اشتبهوا بسيارة «شيروكي» تسير بسرعة على الطريق بين النبي عثمان والعين، فتمت ملاحقتها من قبل عبد الرحمن القاضي( العين) وخليل خليل (الفاكهة) اللذين أمرا سائقها بالتوقف، وتردد أنه تم إطلاق النار على عجلات السيارة، فما كان من الانتحاري إلا ان فجّر نفسه بعد اكتشاف أمره، ما أدى الى استشهاد القاضي وخليل ووحيدة نزهة الى جانب سقوط عدد من الجرحى، نقلوا الى مستشفيات المنطقة، ومن بينهم حسين نزهة الذي أصيب بجروح خطيرة، علما ان بعض المصادر أشارت الى وقوع اربعة شهداء.
وتسبب الانفجار بأضرار كبيرة في السيارات والمنازل السكنية والمحال التجارية المجاورة للمكان الذي وقعت فيه الجريمة الإرهابية.
وتبنت «جبهة النصرة» في لبنان التفجير واعتبرت أن البيان الصادر باسم «لواء أحرار السنة» في بعلبك، والمتبني للتفجير ايضا، هو عمل استخباري، فيما رجح مصدر أمني زنة المواد المنفجرة بحوالى 120 كيلوغراما، احدثت حفرة بعمق 70سنتمترا، و راجت تكهنات بأن تكون السيارة قد أتت من وادي رافق، وأن تكون وجهتها الأصلية بعلبك أو الهرمل. وليلا قطع عدد من اهالي اللبوة الطريق استنكارا للجريمة.
...ومع سقوط يبرود وما تلاه من تفجير إرهابي في منطقة النبي عثمان، فإن السؤال الملحّ لبنانيا هو حول منحى التطورات المحتملة في الأيام المقبلة وما تفرضه من تحديات وانعكاسات على أمن الداخل الذي كان ولا يزال عرضة لتهديد المجموعات المسلحة المنتشرة على الجانب السوري من الحدود الشرقية، تارة بالقصف الصاروخي وطورا بالسيارات المفخخة.
صحيح، أن مقاتلي «النصرة» وأخواتها تلقوا ضربة قاسية في يبرود، شتتت قواهم وبعثرت صفوفهم، إلا أنه يبدو من المبكر الجزم بانتهاء مفعولهم التخريبي كليا.
وفي المعلومات، أن المدعو أبو عبد الله العراقي كان يقود مجموعات التفخيخ في يبرود، وهو ورفاقه مجهولي المصير، فإما أنهم قتلوا في المعركة أو فرّوا الى الخطوط الخلفية في فليطا ورنكوس. وقد عُثر أمس، في المدينة المستعادة على عدد من السيارات الرباعية الدفع (شبيهة بتلك التي انفجرت في الضاحية والهرمل)، بعضها من دون لوحات وبعضها الآخر يحمل لوحات لبنانية.
ويبدو أن تجفيف خطر السيارات المفخخة بشكل أكبر يرتبط بإنهاء وجود المسلحين في فليطا السورية، والتي يبدو أنها ستكون مسرحا للمعركة المقبلة، بعدما هرب اليها عدد كبير من مقاتلي «النصرة» الفارين من يبرود.
أما التحدي الآخر المترتب على سقوط يبرود، فيتعلق بهروب آلاف المسلحين نحو فليطا ورنكوس وعسال الورد الملاصقة للحدود مع لبنان، انتهاء بجرود عرسال التي تسلل اليها خلال الساعات الماضية، وفق المعلومات الأولية، قرابة 1500مسلح، فيما نُقل الى داخل البلدة حوالى 100جريح وعدد من القتلى.
وعندما تبدأ معركة السيطرة على فليطا ومحيطها، يُرجح حصول تضخم في حجم «نزوح» المسلحين السوريين الى جرود عرسال، الامر الذي قد يفرض على هذه البلدة الخيار: فإما ان تطلب من الجيش اللبناني تولي زمام الأمن في داخلها وجوارها الجردي، وترفع الغطاء عن كل مسلح يمكن أن يتلطى بها وبأهلها، وإما أن تصبح «رهينة» لهذا الدفق المتوقع من المسلحين، مع ما سيعنيه ذلك من استدراج للمواجهة اليها، ومن أزمة مع جوارها اللبناني الذي سيغلق نوافذه عليها.
وفي انتظار أن تحسم عرسال خيارها، عزز الجيش اللبناني تدابيره الاحترازية لمنع تسرب المسلحين الفارين من يبرود الى العمق اللبناني، فيما ابلغت مصادر عسكرية «السفير» أن الوحدات المنتشرة على الأرض اتخذت كل الإجراءات اللازمة للحؤول دون أي فوضى قد تترتب على التطورات الاخيرة، لافتة الانتباه الى أن الطبيعة الوعرة للجرود المتاخمة للحدود تجعل من الصعب ضبط التسلل اليها وبالتالي فإن مسؤولية الجيش تتركز على حصر بقعة الزيت ومنع توسعها الى ما بعد عرسال.
ولعل الملف الامني المتصل بوضع عرسال ومحيطها، سيكون الاستحقاق الابرز امام الحكومة بعد نيلها الثقة النيابية، سواء على مستوى الإجراءات الميدانية التي يجب أن تتخذها المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية أو على مستوى المعالجات الخدماتية لتداعيات ارتفاع أعداد النازحين السوريين.
طرابلس
شمالا، تجددت ليلا محاولات جرّ طرابلس الى مواجهة عبثية ضد الجيش اللبناني، بعدما استهدف مسلحون بعض مواقعه في محيط التبانة فردّ الجيش بالأسلحة المناسبة، في أعقاب اعتداءات على المراكز العسكرية أدت الى استشهاد عريف وجرح 15عسكريا.
ولم تنعكس أجواء التوافق حول البيان الوزاري على الوضع الأمني في طرابلس الذي استمر عصيّا على الاحتواء بعد أربعة أيام على انطلاق جولة العنف الـ20، في ظل رفض المجموعات المسلحة من كل الجهات الالتزام بوقف إطلاق النار.
وقد أدت الاشتباكات المتنقلة على المحاور وما رافقها من حملات تحريض واستهداف للجيش الى تعطيل كل أوجه الحياة في المدينة، وإلى فرض حصار عليها بالحديد والنار، وانفلات عدّاد الضحايا الذي سجّل حتى ليل أمس مقتل 10 أشخاص بينهم شهيد للجيش، وجرح نحو 70 شخصا.

________


ماذا تعني هزيمة المسلحين في يبرود؟
«القصير 2» و«الغوطة 2» و«جنيف 2»

خليل حرب
ماذا جرى في يبرود؟ ولماذا تقهقر مسلحو المعارضة بأسرع مما توقع كثيرون؟ وما معنى دخول الجيش السوري المدينة التي ظلت توصف بأنها من قلاع المسلحين الحصينة، فإذا بها تتساقط بين ليلة وضحاها في لحظة مفارقة زمنية في ما يسمى «الذكرى الثالثة للثورة السورية»؟
وكيف يمكن قراءة معركة يبرود ربطاً بما جرى في القصير في حزيران الماضي، وبالتطورات العسكرية المحتملة في الغوطة الشرقية، وتداعيات هذا التقدم العسكري للجيش على مسيرة «جنيف 2» المتعثرة، وعلى الخيوط السياسية للمشهد في دمشق؟
وإذا كان من الصعب رسم صورة واضحة الملامح لما جرى خلال الساعات الـ48 الماضية في يبرود، واستخلاص معانيها الكاملة، إلا أن بالإمكان رصد مجموعة أحداث ونتائج لهذه اللحظة التي يراها كثيرون «إستراتيجية».
أول ما يمكن أن يقال إن ما جرى في يبرود يستكمل تقريباً انهاء «معركة قطع الشريان اللبناني». لكن الرسائل التي تخرج من دخان الاشتباكات في القلمون، يصل صداها الى ابعد من الخاصرة اللبنانية الرخوة... ربما نحو دمشق وواشنطن الى جانب الرياض والدوحة.
لكن ما هي هذه القيمة «الإستراتيجية» لما جرى في يبرود في هذه اللحظة؟. إذا كان مراقبون اعتبروا أن النظام السوري مر بثلاث مراحل اساسية في عمر الأزمة المفتوحة منذ ثلاثة أعوام، هي «الدفاع» ثم «الصمود» ثم «الهجوم»، فإن معركة القصير في الخامس من حزيران العام 2013، شكلت بداية انتهاء «مرحلة الصمود» من جانب النظام، والانتقال الى «مرحلة الهجوم». وبهذا المعنى، فإن معركة يبرود، تشكل نقطة الذروة في هذا الهجوم حتى الآن، لأنها الأكثر تعقيداً جغرافياً وعسكرياً حيث يصل ارتفاع بعض جبال القلمون الى ما بين 1400 متر و1650 متراً، فيما تجعلها تضاريسها شبيهة بالجبال الأفغانية التي أنهكت عبر التاريخ جيوشاً جرارة.
لكن الفصائل المعارضة، هُزمت بسهولة نسبية، ونزلت أو انسحبت من الجبال لسبب أو لآخر، من بينها، كما تشي الاتهامات المتبادلة عبر «تويتر»، التخاذل والتقاعس والخيانات... الى جانب القوة النارية للمهاجمين (تفاصيل صفحة14).
وبالإضافة الى ذلك، فإن من معاني يبرود، الاقتراب بشكل حاسم نحو إنهاء المفاعيل اللبنانية للأزمة السورية بالمعنى الأوسع للكلمة، وبمعنى آخر «قطع الشريان اللبناني» الذي يغذي نار الصراع السوري عبر الحدود، على خطين متوازيين: الحصن - الزارة وصولاً الى وادي خالد، ويبرود فليطة وصولاً الى عرسال، ما يعني أيضاً أن «ثنائية يبرود عرسال» قد انكسرت في أحد جزئيها، وهو ما يجعل التساؤل الكبير مشروعاً: كيف سيتم التعامل الآن مع عرسال في بُعدها اللبناني بعد سقوط «ظهيرها التكاملي التبادلي» في يبرود؟
ماذا أيضاً بشأن يبرود؟. هذه المدينة الحدودية هي صلة الوصل بين ما تبقى من المنطقة الوسطى ودمشق العاصمة. ويبرود أيضاً هي «عاصمة التذخير» والتسليح من القلمون باتجاه دمشق... وخيوطها تمتد بعيداً وصولاً الى مسلحي الغوطة وفصائلها في جوبر وحرستا ودوما، ما قد يشكل ضربة مؤذية لاحتمالات «معركة الغوطة 2» التي راجت التكهنات بشأنها في الأسابيع الأخيرة، بعد معارك الغوطة الكبرى في تشرين الثاني الماضي.
وإذا كان الجيش السوري و«حزب الله» قد تمكنا من دخول يبرود، فإن هناك بعض النقاط المتفرقة التي ما زالت تحت سيطرة المسلحين حول المدينة مثل فليطة، رأس المعرة، رنكوس، عسال الورد، وادي بردى، حوش العرب، تلفيتا، الرحيبة والناصرية بالإضافة الى الزبداني. لكن مصدراً مطلعاً على المشهد الميداني قال لـ«السفير» إن «مسألة صمود مسلحي المعارضة في هذه القرى، باتت مسألة وجهة نظر لا أكثر، وإن المعنى الواقعي الذي تنتجه هزيمة يبرود، يجعل خوض معارك كبرى في بلدات متناثرة، شبه مستحيل، خاصة اذا استفاد الجيش السوري وحزب الله، من 5 عوامل متوفرة حتى الآن».
وعدد المصدر هذه العوامل:
1- عامل الهزيمة النفسية التراجعية للخصم.
2- عدم الثقة والتفكك بين المجموعات المعارضة نفسها.
3- قوة الدفع المعنوي للخصم (الجيش و«حزب الله»)
4- قوة النار.
5- يبرود هي غرفة العمليات المركزية لكل القلمون، وتمثل «عاصمة التحكم» مثلما كانت القصير «عاصمة تحكم».
لكل هذه الأسباب، يقول المصدر، فإن التدحرج من يبرود سوف يستمر،علماً أن هناك قوى أساسية في فصائل المسلحين كانت تجري اتصالات مباشرة بالجيش و«حزب الله» تعبيراً عن الرغبة بالتوصل الى تسوية، وفق منطق المصالحات التي ترعاها الدولة السورية في مناطق اخرى.
وإذا كان الميدان العسكري بنموذجه «اليبرودي» مهم، إلا أن نموذج مصالحات المعضمية وبرزة، لا يقل أهمية، وهو المعيار المتدحرج الذي بات بالإمكان البناء عليه في العديد من مناطق الجغرافيا السورية. وبهذا المعنى، فإن معركة يبرود قد تعزز منطق الراغبين بالمصالحة في أكثر من منطقة ملتهبة بعدما بدا واضحاً أن المتضررين من «المصالحات» تنظيمات مثل «داعش» و«النصرة» و«الكتيبة الخضراء».
وفي حين تشير المعلومات المتوفرة الى أن «الجبهة الاسلامية»، بامتدادها السعودي، وتحديداً الرعاية التي كان يوليها رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان لها، لم تشارك، في معركة القلمون، كعادتها على ما يبدو في المواجهات الكبرى، حيث تؤثر الانسحاب المبكر، فإن المعلومات المؤكدة تشير الى ان «جبهة النصرة» هي التي خاضت القتال الرئيسي في يبرود، في حين سجل سقوط العديد من كبار قادة التنظيم وغيره من الفصائل خلال الايام الماضية، وهو ما أصابهم بالارتباك وتسبب بإحباط معنويات المقاتلين.
وسيكون من الضروري لرصد تداعيات يبرود، متابعة الوجهة التي ستسير عليها العلاقات المتوترة بين «داعش» و«النصرة» و«جيش الاسلام» خلال الاسابيع المقبلة، حيث من المتوقع في ظل النكسة الكبرى التي جرت الآن، اتجاهها نحو التعقيد، خصوصاً في ظل تبادل الاتهامات بالخيانة والتقاعس. لكن كان من اللافت ان الصراع الدموي بين هذه التنظيمات في اكثر من منطقة سورية والذي اوقع آلاف القتلى في صفوفهم خلال الشهور الثلاثة الماضية، لم تصل نيرانه الى القلمون، كما ظلت مناطق الغوطة بمنأى عنه نسبياً، ما يعني انها ستخضع لاختبار ساخن في الريف الدمشقي في القريب العاجل.
ومن المهم ملاحظة أن الحسم في يبرود جاء بعد اقل من شهر على تعثر مفاوضات «جنيف 2»، ومع وجود المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي في طهران، وتزايد التصريحات الاميركية، سواء على مستوى المسؤولين السياسيين او الأمنيين، او وسائل الاعلام مثل «واشنطن بوست»، برجحان كفة النظام في المواجهات الشرسة التي خاضها مع مختلف الفصائل على امتداد جبهات حمام الدم السوري. كما ترافق اقتحام يبرود مع خروج الخلاف السعودي القطري الى العلن للمرة الاولى بهذا الشكل الحاد، في وقت حدد مجلس الشعب السوري «شروطه» للمرشح المقبل للانتخابات الرئاسية السورية، ما يشكل ربما مفارقة ارتباط هذه الخطوة الرمزية في مغازيها السياسية، مع البصمة العسكرية في يبرود، واقتراب موعد ترشح الرئيس بشار الأسد.
ومن بين محصلة قصة يبرود، التي أصابها وأهلها الكثير من الخراب كغيرها من مدن المعاناة السورية، الخسارة المسجلة باسم كل من السعودية وقطر كلٌ من موقعه. القطريون من خلال ذراعهم الاولى المتمثلة بـ«النصرة»، والتي ربما كان من تجلياتها الانفراج السريع في قضية الراهبات المخطوفات، والسعوديون من خلال الانتكاسة الجديدة في مشروع بندر بن سلطان المتمثل بـ«الجبهة الاسلامية» التي الى جانب «النصرة»، تعتبران المكون الرئيسي للمعارضة المسلحة في القلمون.
وفي الخلاصة، فإن السؤال الملح هو: ماذا بعد القلمون؟ خاصة ان النظام منذ معركة القصير، لم يُمنَ بخسارة منطقة استردها، وهو ما يسمى «التحول النوعي بالتثبيت والحفاظ على المكتسبات» والتي يشارك فيها «جيش الدفاع الوطني».
فهل هي الجبهة الجنوبية في حوران والجولان؟ ام ريف حماه؟ او حلب؟ وبالتأكيد فإن المسألة ليست خاضعة للتكهنات، لكن سيكون من المهم متابعة التطورات في الغوطة على صعيد اسئلة المصالحات او المواجهات الداخلية بين الفصائل نفسها او تحرك الجيش استمراراً لسياسة القضم التدريجي. كما سيكون من المتوقع، ان القيادات السياسية والعسكرية السورية ستعمد بعد «تثبيت» الوضع في يبرود، (وهي من المكونات الاساسية لمعركة درع العاصمة)، الى مراقبة المشهد العام للصراع السوري وارتباطه بالسياسة، ثم قد تتقرر بعدها، الوجهة المقبلة لتدحرج المعركة.

____________

حماس على أبواب طهران وقطر تعيد وصل ما انقطع

علي هاشم

قبل أسبوع أو أكثر بقليل ذهب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح إلى العاصمة القطرية الدوحة، في زيارة حملت طابع السرية، أولاً بسبب الوضع الأمني لشلح الذي تضعه الولايات المتحدة على لائحتها للإرهابيين الأكثر خطراً في العالم، وكذلك إسرائيل الذي يتصدر مع غيره من قادة المقاومة لوائح التصفية الخاصة بها.
أما السبب الثاني للسرية فكان طبيعة الزيارة التي هدفت للقاء رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل الذي يتخذ من الدوحة مقراً له منذ تركه سوريا.
اللقاء بين أبي عبد الله وأبي الوليد ليس جديداً، فكلاهما يقود حركة مقاومة إسلامية فلسطينية، وكلاهما كان يجاور الآخر في دمشق قبل الأزمة، وكلاهما حليف لإيران. الجديد هنا هو مكان اللقاء: الدوحة، والمستجد هو أن مشعل ربما يزور طهران بعد رأس السنة الإيرانية، أي خلال أسبوعين فقط من الآن.
خلال الأشهر الماضية، كانت العلاقة بين حماس وإيران قد عادت إلى ما يمكن وصفه بالوضع المقبول. وفود عديدة من الحركة زارت طهران منذ صيف العام 2013، بعضها سياسي وبعضها عسكري وبعضها الآخر لأسباب أخرى مختلفة.
وحده مشعل ظل خارج قوائم المسافرين إلى طهران، لأن عوائق عدة كانت تمنع التواصل المباشر بينه وبين القيادة الإيرانية أو حتى بينه وبين الذين يمونون للتوفيق بينه وبينها. السبب معروف، وهو موقف مشعل من الأزمة السورية وتأييده الواضح والصريح خلال فترة معينة لـ«الثوار» في مواجهة النظام، بل وما حكي في أروقة «محور المقاومة» عن دور عسكري أو خبراتي قدمته حماس لبعض الكتائب، وهو الأمر الذي تم نفيه جملة وتفصيلاً على لسان أكثر من قيادي حمساوي، وذهب البعض منهم إلى القول إن الذين قتلوا من الحركة في معارك سوريا ذهبوا بمبادرة فردية.
مصادر قيادية في حماس أكدت أن الزيارة أصبحت وشيكة، وأن العلاقة مع طهران وإن مرت بما يشبه سحابة الصيف، إلا أنها اليوم جيدة وكذلك العلاقة بين حماس و«حزب الله»، وإن كل ما يحكى عن توتر أو فتور ليس سوى أمنيات من لا يرغب في رؤية «محور المقاومة» يعود إلى سابق عهده.
وتشير المعلومات المتوفرة من مصادر متقاطعة إلى أن العوائق التي كانت تمنع زيارة مشعل إلى طهران قبل أشهر كانت كثيرة، لكنها في الفترة الأخيرة انحصرت بعدم القدرة على تأمين موعد مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، الذي، ولأسباب عدة، كان يفضل التريث قبل حصول هكذا لقاء.
لكن حماس التي تعلم أن دون هذا الأمر لا شيء فعلاً يعيق الزيارة، جهدت لتأمين الموعد عبر الأصدقاء المشتركين والحلفاء المعنيين، وذلك لأن زيارة طهران من دون لقاء المرشد لن يكون لها المعنى والوقع الذي تريده أو الذي يريده مشعل، ولأن زيارة المرشد ستعني من دون شك أن صفحة كاملة طويت وأن حماس عادت بقوة إلى مكانها السابق في «محور المقاومة والممانعة» الذي يشهد اليوم عملية إعادة صوغ وبناء على قواعد جديدة تناسب زمن ما بعد «الربيع العربي».
في هذا الإطار، يقول مصدر عربي متابع للحراك الذي يجري على صعيد المنطقة إن عملية إعادة صياغة المحاور وبنائها تجري على قدم وساق في المنطقة بأسرها، «محور الاعتدال» يعيد تقييم تجربته بعد «الربيع العربي»، وكذلك «محور المقاومة والممانعة»، وكلاهما اليوم اختلفت أهدافه وعرضت جبهته وكثرت مشاكله.
ويضيف المصدر، إن اليوم لا بد من شكر التطورات الأخيرة في سوريا والخليج ومصر على دورها في تسريع حركة التموضع بالرغم من الخلافات والتناقضات، السعودية والإمارات والبحرين عزلت قطر التي وجدت نفسها أقرب إلى إيران تماماً كعُمان، وينطبق الأمر على تركيا وتونس و«الإخوان المسلمين» في المنطقة التي وإن كانت على خلاف جذري مع طهران حول سوريا، إلا أنها تجد نفسها إليها أقرب مما هي إلى «محور الاعتدال» الذي يعاد تشكله أيضاً بما يتناسب مع الخط السياسي والمصالح المشتركة.
أهم ما جاء على لسان المصادر المتقاطعة، هو أن الدوحة التي انحسرت علاقتها بالملف السوري خلال الأشهر الماضية، بدأت فعلياً بتصفية استثماراتها الجهادية على كل المحاور هناك، وأنها مستعدة للعب دور إيجابي إلى جانب تركيا في إقناع من تمون عليهم من المعارضة السورية للجلوس إلى طاولة جديدة للمفاوضات بناء على المبادرة التركية الإيرانية المشتركة للوصول إلى حل ينهي نزيف الدماء المستمر في سوريا، وأن يترك أمر الحسم في مصير الرئيس السوري بشار الأسد في نهاية المطاف إلى الشعب السوري، والنقطة الأخيرة هذه ربما تكون مربط الفرس في الصفحات الجديدة التي من المتوقع أن تفتح خلال الأسابيع المقبلة.

________________
ما بعد يبرود: هل تكرّ سبحة الانتصارات العسكرية سريعاً؟
علي عبادي


بين 5 حزيران/ يونيو 2013 تاريخ استعادة مدينة القصير و17 اذار/مارس 2014 تاريخ استعادة مدينة يبرود، محطات عديدة في الأزمة السورية تنقلت الجماعات المعارضة المسلحة خلالها من نكسة الى اخرى: فمن تسليمها بالعجز عن إسقاط النظام من دون تدخل عسكري أجنبي مباشر، الى إلقاء الملامة على الأطراف الدولية الداعمة لهم بعدم تقديم أسلحة "نوعية"، الى محاولات مستميتة لإحداث خروق متفرقة في الجبهات المختلفة في مطار منغ العسكري بريف حلب وريف اللاذقية الشمالي وبلدة مهين في حمص وصولاً الى الغوطة الشرقية. جاء توقيت استعادة يبرود مركز منطقة القلمون الاستراتيجية وبالسرعة والمهارة التي تمت بهما لتحدث شقاقاً بين الجماعات المسلحة بشأن تحديد من هو "الأب" لهذه الهزيمة المنكَرة، وقلقاً لدى الدوائر الإقليمية وفي مقدمها "اسرائيل" حول تداعيات هذه المعركة على الحسابات العسكرية في معادلة الصراع المفتوح وعلى مسار الأحداث في سوريا.

كان تحرير القصير نقطة تحول هامة في أحداث سوريا تسارعت بعدها محاولات التعويض في جبهات أخرى. لكن هذه المحاولات من حلب الى الساحل الى ريف دمشق وحمص وحماه لم يُكتب لها نجاح يذكر بل إن الجيش السوري تمكن من استعاد أغلب المواقع التي احتلتها المجاميع المسلحة، بل وحقق نقاطاً إضافية، كما في حال طريق خناصر- السفيرة وصولا الى شرقي حلب التي استأنف مطارُها الدولي رحلاته في الأيام الأخيرة.

لم تُرد الجماعات المسلحة والدول التي وراءها التسليم بمغزى هذا التحول، ظلت تسعى وراء مكسب ميداني تستثمره معنوياً وسياسياً، لكنها اضطرت لاحقاً الى الإقرار بأن لا حل عسكرياً لا سيما في أعقاب تراجع الولايات المتحدة عن التدخل العسكري في سوريا في ايلول/ سبتمبر الماضي. ونذكُرُ جميعاً الرهانات التي عقدت في الصيف الماضي، بدفع سعودي، على تحقيق إنجاز عسكري في حلب لحساب المعارضة، ثم في الغوطة الشرقية في الخريف الماضي لتهديد العاصمة مجدداً، ثم على جبهة درعا في الجنوب في الشتاء لاختراق الدفاعات حول دمشق. لكن هذه الرهانات جميعها أخفقت واضطر رُعاتها الى الانسحاب من المشهد السياسي بعدما تأكدوا من أن الوضع الميداني غير مُبشّر، في ضوء خيبة الأمل من أداء المعارضة وانقساماتها.

يبرود: الإنجاز النظيف والخاطف

تأتي معركة استعادة يبرود لتوجه ضربة أخرى الى أحلام كل المراهنين على تغيير الوضع العسكري سواء في محيط دمشق او في حمص او في اتجاههما. كان كمين العتيبة في الغوطة الشرقية الشهر الماضي إنذاراً صادماً لكل الإستعدادات التي قيل إنها تتم للتحرك من درعا في اتجاه العاصمة. ومعركة تحرير يبرود جاءت لتكمل الرسالة من واقع جغرافي صعب (تضاريس وجبال جرداء) ومناخ قاس شتاء وتحدٍّ عسكري  غير بسيط يتمثل في وجود آلاف المسلحين في مناطق سكنية وتحت الأنفاق عقدوا العزم- كما كانوا يقولون- على إفشال اختراق حصونهم وإيقاع كلفة بشرية عالية في الطرف المهاجِم. كل تلك الصعوبات تم تذليلها والتغلب عليها، وسقطت حصونهم في مدة قصيرة بأسرع مما تصور المسلحون، وبدون كلفة عالية على الطرف المهاجِم او خوض حرب شوارع كبيرة او حدوث تدمير واسع. ما السر في ذلك؟ ولماذا كانت معركة يبرود أسهل نسبياً من معركة القصير؟ وهل ستكون بداية تحولات دراماتيكية أسرع وأشد وقعاً من تلك التي شهدناها بعد معركة القصير؟

لا ريب في أنه، من طرف الجيش السوري وحزب الله، تمت الإستفادة من الخبرات المتراكمة ومن أهمها تجربة القصير التي تتسم بمنبسط من الأرض لكنه كثيف عمرانياً وحاشد تسليحياً، ووُضعت الخطط في يبرود على أساس تحقيق الهدف تدريجياً بعد عزل معاقل المسلحين الجبلية والقيام بعمليات نوعية اعتماداً على معلومات استخبارية تم جمعها بطرق شتى. وكان التوجه هو تضييق الخناق رويداً رويداً لدفع المسلحين الى الاستسلام او الانسحاب من أرض المعركة، من دون الاضطرار الى خوض معركة اقتحام سابقة لأوانها. أمكن من خلال عمليات اقتحام أولية إحداث ثغرة في دفاعات هذه الجماعات والنفاذ منها الى نقاط أخرى. لم يستطع المسلحون استيعاب تداعيات هذه العملية التي قُتل أثناءها عدد من قادتهم، فوقعوا في حال اضطراب مريعة، وبدأ فرار بعضهم ليثير موجة شائعات واتهامات متبادلة بالجبن والخيانة. وكرّت سُبحة الفرار و"الانسحاب التكتيكي" بصورة فوضوية لا مثيل لها، الأمر الذي أدى الى استعادة المدينة بكاملها.

كانت نتائج معركة يبرود صاعقة حتى لأكثر المتشائمين من قادة المعارضة المسلحة الذين توقعوا الصمود لبعض الوقت -على الأقل- ليتمكنوا من إشغال الطرف المهاجِم واستنزافه بكلفة عالية قبل وصول إمدادات من جهة ما أو الانسحاب الى مواقع أخرى عند الضرورة. ويعود تحقيق هذه النتيجة في الجانب العسكري الى تعزّز خبرة الجيش السوري، ومعه حزب الله، في معارك المدن واتباع تكتيكات متناسقة بهدف شلّ فاعلية الخصم الذي لم يتمكن لحدّ الآن من استيعاب عِبر المعارك السابقة وتقدير قوة الطرف المقابل. 


أهمية يبرود

يعود اهتمام الجيش السوري بمدينة يبرود الى انها باتت ملاذاً آمناً للجماعات المسلحة التي فرت من معارك سابقة في القصير وحمص وريف دمشق، ومنطلقاً لشن هجمات مؤذية على مناطق خلفية في بلدة معلولا ذات الآثار التاريخية الفريدة في ريف دمشق (حيث احتجزت الراهبات) وبلدة مهين بريف حمص ( حيث مستودعات سلاح رئيسة للجيش) ومناطق أخرى تطل على طريق حمص- دمشق. ولا ننسى ان موقع القلمون يمثل ثقلاً جغرافياً هاماً وعقدة مواصلات تربط ريف حمص بريف دمشق وصولا الى الاراضي اللبنانية المصدر الهام للتسلح والتمويل والإرتباط، وكانت توجد في هذه المنطقة مخازن سلاح للجيش وضع المسلحون أيديهم عليها قبل أكثر من عام. كما تمثل القلمون أهمية خاصة للجيش السوري بسبب إطلالتها على طريق دمشق – حمص الدولي الذي تتيح السيطرة عليه تأمين الإمدادات لقواته في العاصمة وريفها، كما تمنع المسلحين من إيصال الإمداد لقواتهم في ريف دمشق.

وتفيد استعادة القلمون، وصولاً الى إغلاق منافذ التهريب عند الحدود اللبنانية، في تأمين العاصمة بشكل أفضل، حتى لو بقيت جيوب مسلحة في ريف دمشق. وباستطاعة القوات المسلحة السورية في المرحلة التالية التركيز- وفق الأولويات التي تحددها- على الجبهة الوسطى في حمص وحماه ، والجبهة الشمالية في حلب وإدلب، والجبهة الجنوبية في درعا والقنيطرة.

أما حزب الله فيعود اهتمامه بمنطقة القلمون الى كونها تمثل قاعدة للجماعات المسلحة المتطرفة التي باتت تتحكم بمسار الوضع فيها وتطلق تهديدات جدية باتجاه لبنان، وترسل منها باتجاهه السيارات المفخخة. وينظر حزب الله باهتمام خاص الى أي محاولة من هذه الجماعات للسيطرة على طريق دمشق- بيروت أو المناطق التي تقع في الفناء الخلفي لقواعد المقاومة، بما يهدد بيئتها الاستراتيجية او طرق إمدادها. وسبق أن حدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في شهر ايار/مايو 2013 الغاية من القتال في سوريا بـ "تحصين المقاومة وحماية ظهرها وتحصين لبنان وحماية ظهره"، مشدداً على ان "سورية هي ظهر المقاومة وسندها والمقاومة لا تستطيع ان تقف مكتوفة الأيدي ازاء كسر ظهرها".

وتضيف معركة يبرود نقاطاً الى رصيد حزب الله الذي يعزز حضوره وإمكاناته وينظر العدو الاسرائيلي الى تمركزه في سلسلة جبال لبنان الشرقية وما بعدها على أنه يصعّب على جيشه حصر رقعة المواجهة في أية حرب مقبلة. وبعد الانفجار الأخير بموكب عسكري اسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، اتسم موقف العدو بالحذر الشديد لأنه يدرك أن حزب الله، مدعوماً من سوريا، بمقدوره النيل من الجيش الاسرائيلي انطلاقاً من نقاط جديدة لم تكن متوفرة له من قبل.

نكسات وتخبط 

التطورات الأخيرة تثبت أن اليد العليا في الميدان هي للجيش السوري، وأن الجماعات المسلحة تُراكمُ الهزائم وتبحث عن تبريرات لإقناع مؤيديها بأن ما جرى ليس أكثر من "نكسة"، بل إن بعضهم ذهب الى انه "إنجاز" في القدرة على الصمود لفترة طويلة و"تنظيم" انسحاب المدنيين والمقاتلين من المدينة! مُغْفلاً كل الأساطير والتهديدات بعظائم الأمور التي نُسجت قبيل استعادتها من قبل الجيش (لاحظ مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" المعارض رامي عبد الرحمن لجريدة "النهار" اللبنانية ان "المؤشرات كانت واضحة منذ وصول القوات المهاجمة الى تخوم يبرود بأن المدينة ستسقط، لكن ليس بهذه السرعة، مستغرباً كيف ان بعض قيادات جبهة النصرة مصرّة على نفي سقوط يبرود برغم البث المباشر من هناك). وهذه مفارقة تستحق التوقف لأنها تشير الى ان العقلية التي لا تزال تسيّر المعارضة المسلحة تقوم على الإعتقاد بأن في وسعها قلب المعادلة وإسقاط النظام، وهذا ما يطيل عمر الأزمة ويزيد من الخسائر.

إفتقاد هذه المعارضة الى الحسابات العقلانية يقودها من هزيمة الى أخرى، والإنفصالُ عن الواقع يدفعها الى ادعاء القدرة على اجتراح المعجزات بسلطان "إلهي" هذه المرة. هكذا يصبح الله قيد إشارة المقاتلين الذين يدعونه عبر مواقع التواصل الإجتماعي طلباً لعجائب فلا يُستجاب لهم، من دون أن يبحثوا عن الأسباب؛ لقد أوهموا أنفسهم إبان معركة القصير - استنادا الى فهم خاطئ للدين وللأسباب الطبيعية - بأنهم سينتصرون فيها لا محالة ولن تقوى أي قوة على طردهم من القصير، وظل هذا الإعتقاد يساورهم الى الأيام القليلة الأخيرة من المعركة. وقبيل معركة يبرود أعادوا نسج الأسطورة ذاتها، فاعتقدوا أنها ستكون "مقبرة" للجيش السوري وحزب الله، لكنهم ولّوا الأدبار عندما حمي الوطيس. كيف تفسر المعارضة المسلحة هذه التراجعات؟ بالتأكيد ستجد – كما حصل بعد معركة القصير- جُملاً إلتفافية تقول إنها كانت مجرد معركة ومجرد "ابتلاء"، كما عبّر أحدهم من بعيد وهو يزيّنُ للمتراجعين استمرارهم في هذا المسلسل الانتحاري الذي يذهب بالكثير من الأرواح.

برغم ذلك كله، يمثل أي انتصار عسكري للجيش السوري تقدماً مضطرداً لمنطق الدولة وتراجعاً لطروحات الجماعات المسلحة التي تواجه تحدياً صعباً في إقناع حاضنتها الشعبية بجدوى خياراتها الجذرية، وفي إقناع الكثير ممن حملوا السلاح- اعتقاداً منهم بأن النظام سيسقط قريباً- في البقاء على هذا المسار. وقد لاحظنا ارتفاعاً في نسبة الشباب الذين يقومون بتسوية أوضاعهم ونشاطاً في تحرك المصالحات في العديد من المناطق. بهذا المعنى، فإن العمل العسكري يؤتي ثماراً إيجابية في اتجاه إعادة سوريا الى المسار الطبيعي، على أن يكون مرفقاً بمعالجات سياسية واجتماعية استثنائية للعبور الى بر الأمان.

التأسيس لانتصارات جديدة

ما بعد يبرود ليس كما قبلها. مرحلة يُتوقع أن تنفتح على تطورات عسكرية قد تتكثف فيها المواجهات بهدف إبعاد سطوة المجموعات المسلحة عن منشآت حيوية وطرقات رئيسية وتأمين تواصل قطعات القوات المسلحة واستعادة ثقة المواطن بالدولة والتمهيد لإنجازات جديدة تقف فيها القيادة السورية على أرضية أكثر ثباتاً، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبتّ في مستقبل مفاوضات جنيف. واذا كانت معركة استعادة القصير أضعفت الرهان على إسقاط النظام، فإن معركة استعادة يبرود من شأنها أن تقطع الشك باليقين وتؤسس لتراجع بعض الجماعات والأفراد عن حمل السلاح طريقاً للمعارضة، خاصة بعدما تأكد أن هذا السبيل كان مؤلماً ومكلفاً لسوريا وشعبها ووَضَعهما على حافة الإنزلاق الى التجزئة والإرتهان لقوى كبرى تتربص بالبلاد. وتبقى المشكلة الأساسية مع الجماعات العقائدية المتطرفة او تلك المرتبطة بمحاور اقليمية ودولية تريد لها الاستمرار في المواجهة حالياً بانتظار أمر ما.

وهناك معطى دولي جديد قد يساعد مهمة القيادة السورية في استعادة المناطق الخارجة عن السيطرة، ويتمثل هذا المعطى في الإنشغال الدولي بأزمة أوكرانيا والتي زادت من التباعد بين روسيا والمعسكر الغربي. وهذه الأزمة مرشحة لكي تمتد زمنياً ولا يبعد أن يمارس كلا الطرفين فيها أقصى ضغوطه على الآخر. وفي حين يأمل بعض المعارضين أن تضعف شوكة روسيا او ان توافق على تقديم تنازلات في سوريا لحفظ مصالحها في القرم، فإن ذلك لا يعدو أن يكون أملاً ورهاناً يضاف الى ما سبقه من آمال ورهانات، خاصة ان الأزمة في اوكرانيا ليست عابرة وهي تختصر معركة نفوذ مريرة بين روسيا واميركا على أبواب اوروبا بما يعيد أجواء الحرب الباردة. وفي وسع القيادة السورية ان توظف الهامش الزمني المتاح أمامها لفرض وقائع جديدة على الأرض  تصب في مصلحة إنهاء او تقليص الأخطار التي تعيشها سوريا وتخفيف معاناة شعبها.

الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

حزب الله، خطوة تنظيم عاجلة

    ديسمبر 11, 2013   No comments
ناهض حتر
إقدام وفد «المجموعة اللبنانية للإعلام ـ تلفزيون المنار» على الاعتذار عن تغطية الحراك الشعبي البحريني السلمي، من أجل تلافي قرار عربي بوقف بث القناة ــــ كما حصل بالنسبة للتلفزيونات السورية ــــ ليس مجرد «سقطة» أو «تصرف خاص بأعضاء الوفد». فالوصف الأول أخلاقي، فكأن مندوبي «المنار» تخلوا و«خانوا». وهذا لا يفيد بشيء في تحليل جدي، كما أن تبرير الحزب ليس مقنعاً؛ فوفد «المنار» حزبي أو خاضع للمستويات الحزبية. دعونا، إذاً، نعالج الحدث باكتشاف جذوره:

أولاً، لعل التماسك الفكري السياسي المعروف عن حزب الله، قبل العام 2011، قد تعرّض للكثير من التصدعات بسبب التطورات النوعية الكبيرة التي شهدها المشرق والعالم العربي. فقد انتقل الحزب من الاطمئنان الصوفي إلى واحدية فكرية ــــ سياسية، تتمحور حول مقاومة إسرائيل، إلى الدخول في شبكة تناقضات فرضها الواقع، واندرج فيها الحزب ميدانياً، وحوّلته إلى قوة إقليمية متعددة الجبهات والمداخلات. وهو ما لم يحظ سوى بالمعالجات المتتابعة في خطابات حسن نصر الله، من دون أن ينخرط الحزب في مراجعة فكرية ــــ سياسية، يبدو أنها مؤجلة حتى إشعار آخر، ربما بسبب صعوبتها المزدوجة. فهي، من جهة، تحتاج إلى خيال سياسي وابداع فكري وورشات نقاش صريحة وشجاعة، إضافة إلى أنها تطرح، من جهة أخرى، ضرورة إعادة تنظيم وعي أعضاء الحزب وجمهوره.

(1)حزب الله، كما هو معروف، حزب إسلامي، وجد نفسه يقاتل في صفوف نظام قومي علماني هو النظام السوري، ضد قوى إسلامية، صحيح أن التركيز، هنا، هو على الجماعات التكفيرية، ولكن المواجهة، في سوريا، تشمل، أيضاً، الإخوان المسلمين وكل تيار إسلامي معارض للدولة العلمانية. وفي تسويغ ذلك، برز مبرران، أحدهما سياسي مما تلح عليه خطابات السيد حسن نصرالله، فتوضح ــــ وهذا صحيح ــــ أن الدفاع عن النظام السوري، هو، واقعياً وميدانياً واستراتيجياً، دفاع عن المقاومة ذاتها، وعن سلاحها وخطها، والثاني شعبي لا محيد عنه، ينظر بعين الرضا والحماسة لمشاركة الحزب في معركة سوريا، من موقع مذهبي ضمني.

(2) وعلى خلفية الصراع مع سوريا بالذات، دخل حزب الله في تناقض في ما يتصل بالموقف من «حماس»؛ ففي الأساس، لكانت الأيديولوجية الواحدية الواقفة خلف أولوية البندقية ضد إسرائيل، وبمعزل عن كل الأبعاد السياسية، ستحافظ على العلاقات بين حزب الله وحماس. وقد مشى الحزب وراء محاولة الفصل تلك، وفشل أو تعثّر، سواء بسبب الرفض السوري أو بسبب ضغوط حلفاء الحزب الجدد من قوميين ويساريين أو بسبب ضغوط جمهور الحزب نفسه، ذلك الذي رأى في السلوك الحمساوي خيانة للمقاومة.

(3) وامتدّ الارتباك، بطبيعة الحال، إلى الشأن المصري؛ فمنطلقات حزب الله، تجعله يميل إلى الإخوان والإسلاميين، تحت مقولة الخامنئي، عن «الصحوة الإسلامية»، لكن، في المقابل، يجد الحزب نفسه مضطرا إلى النظر إلى الجيش المصري ونظامه، كحليف جديد للنظام السوري، لا يمكن الاستخفاف بحضوره ووزنه النوعي.
(4) وإذا كان السقوط المدوّي للإسلام السياسي السني في العالم العربي، مريحاً لحزب الله في الميدان السوري، فهو يطرح الأسئلة حول مستقبل الإسلام السياسي الشيعي العربي أيضاً، في لبنان نفسه، ولكن أشدّ هولاً في العراق، حيث أصبح واضحاً أن إنهاء الانشقاق والفلتان الأمني وعودة الدولة ودورها الخدمي والتنموي والإقليمي، هو رهن بالعودة إلى علمانية الدولة.

ثانياً، التداخل أو قل التماهي بين حزب الله والجمهورية الإسلامية في إيران، كان سالكا، بلا تناقضات جوهرية ــــ اللهم الا في مقاربة الشأن العراقي ــــ لكن اليوم، بعدما بدأت مسيرة التفاهمات الإيرانية ــــ الأميركية، حدث افتراق موضوعي في مضمون وشكل مقاربة حزب الله للموقف من السعودية والخليج، سواء حول سوريا ولبنان والبحرين ــــ وهي مقاربة المجابهة الصريحة كما رسم ملامحها خطاب نصر الله في اتهام السعودية بالإرهاب ــــ وبين مقاربة الدولة الإيرانية التي تنزع إلى توسيع نطاق المصالحات البراغماتية (وهي تتضمن، بالطبع، تقديم تنازلات) مع الخلايجة، بل والسعي الدؤوب للتفاهم مع السعودية. وهو ما يحقق المصالح المشروعة للدولة الإيرانية.

كل أشكال التناقضات السابقة ــــ وسواها كثير ــــ أثّرت، وتؤثّر على أعضاء حزب الله ــــ ربما من دون مقاتليه ــــ وخصوصا كوادره الإدارية والفنية ومؤسساته ووسائل إعلامه، بعدة نزعات، كالاضطراب والبراغماتية والشعبوية والميركنتيلية الخ وهو ما يطرح على الحزب، من دون تأخير، مهمة القيام بخطوة تنظيم عاجلة، تعيد تعريف أيديولوجيا الحزب واستراتيجيته وتؤكد استقلاليته الفكرية والسياسية ووسائله، وذلك في غرفة نقاش لا تستبعد الحلفاء والأصدقاء.
_____
«الأخبار»

الخميس، 26 سبتمبر 2013

التغريبة الحمساوية على طريق الخروج من قطر: حماس تفكّر بالخروج من الدوحة. أبواب طهران مفتوحة، ودمشق بشروط، والخرطوم الوجهة الأكثر احتمالاً

    سبتمبر 26, 2013   No comments
قاسم س. قاسم
يعيش رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل نوعاً من «الحصار» بحجة الحفاظ على أمنه. «أبو الوليد» غائب عن الساحة الفلسطينية، ويملأ وقته بممارسة الرياضة، فيما كوادر الحركة يناقشون صعوبات ما بعد انهيار حكم «الإخوان المسلمين» في مصر والانكفاء القطري. البحث جار عن مقر آخر للحركة غير الدوحة. دمشق عاتبة بقوة، وإن كانت هناك إشارات الى أنها تقبل العودة بشروط، فيما طهران مستعدة لفتح أبوابها. لكن الظروف الموضوعية ترشح السودان كأكثر الوجهات احتمالاً... إذا بقي هذا البلد مستقراً

يشعر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أنه يعيش في قطر ما يشبه الحصار، أو الاقامة الجبرية. هذا ما أسرّ به لبعض المقربين. شكا الرجل من عدم قدرته على التحرك براحة، بسبب الاستنفار الأمني من حوله. قيل له مراراً إن سفره يمثّل خطراً عليه. وهو، أصلاً، ممنوع من التصريح، وغير قادر على استقبال كل من يرغب في لقائه.

باختصار، يعيش «أبو الوليد»، اليوم، حالاً من البطالة. فلسطين وهمومها بعيدة عن الفيلا الفاخرة التي خصّصت لإقامته والتي لا يغادرها كثيراً. ووصل الامر بأحد قيادات الحركة الى التساؤل: هل هناك قرار بمنع خروج «أبو الوليد» من قطر؟
في الإمارة الخليجية، يعيش الحمساويون ــــ وليس مشعل وحده ــــ أسوأ أيامهم. وعلى رغم «خوف السلطات» عليهم، إلا أن المفارقة أن الحماية الامنية المؤمّنة لهم غير كافية. وبعض هؤلاء «لا يستطيع النوم ليلاً بسبب حالة القلق التي يعيشها»، بحسب ما ينقل بعض من التقى تلك القيادات. تصرفات السلطات القطرية دفعت ببعض أعضاء المكتب السياسي الغاضبين الى التفكير جدياً في الرحيل من الدوحة، والمطالبة بنقل مقر إقامة رئيس المكتب السياسي الى خارجها. وتشير المصادر الى أن مشعل أبدى موافقة على فكرة الانتقال من الدوحة الى مكان آخر: طهران، بيروت أو الخرطوم، وأن البحث في الأمر بدأ مع الحليف الأقرب والأوثق، برغم كل الخلافات... إنه حزب الله.

انقسام المكتب السياسي
المعاملة القطرية السيئة لمشعل أجّجت الخلافات داخل حماس. ففي الأساس، كان بعض أعضاء المكتب السياسي قد رفضوا خطوة الخروج من سوريا الى الدوحة، لما تحمله من معانٍ مستفزة لمحور المقاومة الذي لا تزال الحركة تصرّ على الانتماء اليه. يؤكّد متابعون للملف الحمساوي أن «قرار الذهاب الى قطر لم يتخذ بموافقة كامل أعضاء المجلس، وجرى التصويت بمن حضر». ويوضح هؤلاء: «كان الحاضرون حينها ثمانية من أصل ثمانية عشر عضواً». كوادر الداخل الذين يعرفون تماماً قيمة ما قدمته إيران وحزب الله وسوريا لهم كانوا أبرز الرافضين، ولذلك «عندما زار رئيس هيئة العلماء المسلمين يوسف القرضاوي غزة، تمنى رئيس الوزراء المنتهية ولايته إسماعيل هنية عليه عدم انتقاد حزب الله من على منابر القطاع». ولكن القرار اتخذ: انسحبت «حماس» من سوريا، ورفعت لواء «الإخوان المسلمين» وتبنّت سياستهم المعادية لدمشق التي آوتهم حين كانوا مرفوضين في العالم.
في الفترة الماضية، أصدر المكتب السياسي للحركة بيانات عدة. أحد هذه البيانات صدر عن نائب مشعل، موسى أبو مرزوق، بعد دخول سيطرة حزب الله على مدينة القصير، تمنى على الحزب سحب عناصره من سوريا. لكن أبو مرزوق أوضح لقيادات في الحزب، في ما بعد، أنه «ضُغط علينا لإصدار البيان، لا بل إنه كان مطلوباً أن يكون أشد لهجة ضد حزب الله»، بحسب مصادر قريبة من حزب الله. يومها، استوعب الحزب الإحراج الذي تعيشه الحركة، وأبدى تفهّمه لما قد يصدر عنها. لذلك لم تتوقف زيارات أعضاء المكتب السياسي للحركة الى بيروت حيث يحلون ضيوفاً على حزب الله. في إحدى زيارات القيادي محمود الزهار الاخيرة للبنان، «التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكثر من 6 ساعات»، يقول أحد الحمساويين.

القسّام: السلاح الإيراني يحمينا
على مدى سنوات تعاونت كتائب القسام مع حزب الله. تبادل الطرفان الخبرات. أوصل الحزب السلاح الايراني الى القطاع، واعتقلت شبكات للحزب في مصر بتهمة مساعدة المقاومة في غزة. لا تزال هذه العلاقة قائمة حتى الآن. يزور أبناء القسام بيروت. يمكثون أياماً عدة في العاصمة اللبنانية في ضيافة الحزب في طريقهم الى إيران. التنسيق بين الطرفين لا يمر في أغلب الاحيان عبر المكتب السياسي لحماس أو الحزب بل عبر «عسكر» الطرفين. حتى الآن، تؤكد الحركة التي أسّسها الشيخ الشهيد أحمد ياسين أنها مقاومة فلسطينية، حتى ولو ضلّ بعض أبنائها الطريق وأعطوا الأولوية لقتال النظام في سوريا.
من جهته، حزب الله يفضّل عدم تحميل الحركة مسؤولية تصرفات بعض عناصرها. وتجزم مصادر قريبة من الحزب بأن «لا قرار سياسياً في الحركة بالقتال ضد النظام. الذين يفعلون ذلك منطلقاتهم شخصية، ولا يمكن تحميل الحركة مسؤولية ما يقوم به بعض عناصرها أو من قامت بتدريبهم».
إصرار «القسام» على المقاومة والتأكيد أنها النهج الوحيد لتحرير فلسطين، خصوصاً بعد عملية «عمود السحاب» العام الجاري، دفعت إيران الى إعادة ترميم وتذخير مخزون حماس العسكري. وهذا الخيار أيضاً هو ما أبلغته قيادة القسام الى من يهمه الامر في طهران وحارة حريك، وقد وصلت أخيراً رسالة الى الحزب من «أبناء القسام»، أكدت فيها القيادات العسكرية، بحسب المتابعين، «تمسكها بالتعاون بين الطرفين»، وأن «الاموال القطرية لا تحرر فلسطين»، وأن «السلاح الايراني هو الذي يحمي أبناء القطاع ويحرر الاراضي المحتلة». الرسالة أكدت لحزب الله أن «عسكر غزة» لم يخرجوا من عباءة المقاومة ولم تمسّهم الطائفية بأمراضها.

حماس في حضرة قائد فيلق القدس
أخيراً، سافر وفد من حماس الى إيران لتقديم العزاء الى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني بوفاة والدته. قال رئيس الوفد محمد نصر كلاماً كثيراً أمام المسؤول عن ملف المقاومة في إيران. بعض زوار طهران يروون أن سليماني أبلغ وفداً من الفصائل الفلسطينية ومن المعزين أنه اطّلع على مشكلات حماس في الأمكنة كافة، كما اطّلع على المناخ المستجد لدى قيادة حماس للبحث عن مقر جديد.
ويقول بعض من اطلعوا على مجريات اللقاء أن «سليماني طرح فكرة العودة الى سوريا في حال أجرت الحركة مراجعة شاملة للمواقف التي اتخذتها في الفترة الماضية». وهذا، بحسب المتابعين للملف الحمساوي، ما بدأته الحركة بالفعل بعدما ثبت أن خيار خلع العباءة الفلسطينية والعودة الى الجذور الإخوانية كان خاطئاً.
ويقول المتابعون إن «العودة الى الجذور الفلسطينية» حتّمها تحذير «كتائب القسام» مسؤولي الحركة من أنه لم يعد جائزاً السكوت عن مواقف المكتب السياسي المعارضة تماماً لتوجهات «العسكر». وهو ما ظهر أخيراً خلال كلمة لـ«الكتائب» خلال عرض عسكري في مخيم النصيرات، أُعلن فيها رفض أي ضربة عسكرية لسوريا.
وبالعودة الى لقاء نصر وسليماني، تقول المصادر إن الأخير «اقترح على نصر أن تطرح حماس مبادرة على الاتراك لإقناعهم بأن العمل العسكري في سوريا لن يوصل الى نتيجة، وبأن الحل السياسي هو ما سينهي الصراع». ويعتقد الايرانيون أن هذه المبادرة قد تلقى تجاوباً من قبل الاتراك، لأن التجربة الاميركية حيّة أمامهم. فقد وافق البيت الأبيض على المضي في تسوية سياسية بعد اقتناعه بأن أي عمل عسكري لن يوصل الى حلّ. الحمساويون، من جهتهم، قد يتجاوبون مع هذا الاقتراح، لكن الاهم حالياً بالنسبة إليهم، هو: الخروج من قطر.

حماس والشتات الجديد
قبل سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، كان من المفترض أن ينتقل المكتب السياسي لحماس الى الاردن. أبدى الملك عبدالله موافقته على إقامة «أبو الوليد» وأعضاء المكتب في عمان. ورغم إبلاغ الاجهزة الامنية الاردنية الملك معارضتها لهذه الخطوة، بقي الأخير مصرّاً عليها، من أجل إرضاء الإخوان المسلمين في الاردن. لكن سقوط مرسي دفع الملك الى التراجع بعد شعوره بأن انكسار شوكة الإخوان في مصر سينعكس على الإقليم كله.
حالياً تبحث حماس عن ملجأ جديد لها يجعلها قريبة جغرافياً من فلسطين. دول الطوق لا تستطيع تحمّل وجود المكتب السياسي لحماس على أراضيها. مصر، بالطبع، لن تستقبل «أبو الوليد» في ظل الاتهامات المصرية للحركة بعمليات تخريب في القاهرة. ولبنان غير قادر على تحمّل هذا العبء، إضافة الى أن وجود الحركة على الاراضي اللبنانية سيحرجها نتيجة الانقسام السياسي الحاد فيه. أما بالنسبة الى سوريا، فهناك لائحة مطالب واضحة لاستقبال حماس مجدداً. «وأول الشروط العودة من دون أبو الوليد». هذا ما يؤكده مطلعون على المداولات. ويشير هؤلاء الى أن دمشق يمكن أن تغفر كل أخطاء حماس، «ولكن لا يمكن أن تنسى ما فعله مشعل في زيارته الاولى ــــ وربما الاخيرة ـــــ لفلسطين، عندما رفع علم المعارضة السورية».
من جهتها، «عرضت إيران استقبال الحركة في طهران»، بحسب من حضروا لقاء سليماني ونصر، «ولكن هذا أمر مستبعد، على الأقل الآن، إذ يستحيل أن تخرج حماس، مباشرة، من الدوحة وما تمثله من مشروع الى طهران وما تمثله من مشروع معاكس».
في ظل هذه المعطيات، تبقى الخرطوم الوجهة المقبلة الأكثر احتمالاً. أبناء السودان يعرفون حماس جيداً. في الخرطوم تجري انتخابات المكتب السياسي، وهناك يجتمع أعضاء المكتب عادة. اختيار هذا البلد قد يكون لقربه النسبي جغرافياً من فلسطين، وكذلك من ليبيا الإخوانية، وبذلك لا تكون حماس قد خرجت من جلدها كلياً. أضف الى ذلك أنه من المعروف أن إيران انشأت لحماس مصانع أسلحة في السودان.

محاسبة مشعل؟
كان الشهيد أحمد الجعبري، القائد العسكري لكتائب القسام، والقيادي الزهار، من أبرز المعارضين لسياسة «أبو الوليد». فخلال زيارة الامير القطري حمد بن جاسم لغزة، «حاول الأخير إقناع الجعبري بضرورة التهدئة مع الاسرائيلي في الوقت الحالي، لأن الثورات في العالم العربي أوصلت الإخوان المسلمين الى الحكم ويجب تمكينهم أكثر، وأن واقع الحال الآن أنه لا وجود لمقاومة ولا وجود لمفاوضات، والهدوء والتنمية هما الحل الافضل».
في تلك الجلسة خرج الجعبري من الجلسة معلناً تمسكه بالمقاومة، وبعدها بيومين اغتيل. ومن يومها سرت الشائعات عن دور للاستخبارات القطرية في اغتياله.
أما الزهار، فله كلمته بين عسكر غزة، لأنه قدم أبناءه شهداء. بعد إعادة انتخاب مشعل رئيساً للمكتب السياسي، حاول أعضاء المكتب «قصقصة» أجنحته داخل الحركة. لكن الرجل ظل متمرداً على المكتب السياسي بسبب رفضه أغلب المواقف التي صدرت عنه. وحالياً هناك توجه داخل حماس، وصلت أصداؤه الى إيران ودمشق، «يقضي بمحاسبة رئيس المكتب السياسي بسبب ما وصلت اليه حال الحركة»، بحسب أحد المتابعين. وفي حال تم ذلك وأقصي مشعل عن رئاسة المكتب، فستفتح صفحة جديدة في كتاب الحركة الفلسطينية.
_______

الأحد، 22 سبتمبر 2013

حوار ومصارحة بين «حماس» و«حزب الله» وإيران

    سبتمبر 22, 2013   No comments
شهدت بيروت وطهران في الأسبوعين الماضيين سلسلة لقاءات على مستوى قيادي بارز بين «حزب الله» وحركة «حماس» والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتركّز البحث في هذه الاجتماعات على العناوين التالية: تقيّيم التطورات الاخيرة في مصر وسورية وفلسطين، المتغيّرات التي حصلت بعد إسقاط حكم «الاخوان المسلمين» في مصر، ما يتعرّض له قطاع غزة من حصار جديد، التهديدات الأميركية لسورية وأزمة السلاح الكيماوي، إضافة إلى البحث حول العلاقة بين قوى «محور المقاومة»، وكيفية إعادة ترتيب العلاقة بين القوى الإسلامية الفاعلة وبين هذه القوى والقوى القومية واليسارية والليبرالية، والتي كانت شهدت انتكاسات كبيرة بسبب الأوضاع في مصر وتونس.

وتؤكد المصادر أن هذه الإجتماعات حفلت بإجراء مراجعة نقدية صريحة لكلّ ما حصل في السنتين الماضيتين، إنّ على صعيد الوضع المصري وأداء «الإخوان المسلمين» وحركة «حماس»، أو لجهة التطورات السورية ومواقف إيران و«حزب الله» والتي أدّت الى تفكك محور المقاومة وتدهور العلاقات بين القوى الإسلامية ولا سيما بين إيران و«حزب الله» و«الإخوان المسلمين».

كما جرى إستعراض الأحداث التي حصلت وتحصل في اكثر من بلد عربي يشهد هجمة قاسية من «محور الاعتدال»، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وبدعم إقليمي ودولي، والهادف للقضاء على الثورات الشعبية العربية وتصفية القضية الفلسطينية وتشويه وضرب القوى الإسلامية وافشال تجربة الإسلام السياسي.

وأبدى المجتمعون تخوفاً من التطورات المقبلة التي تؤشر لمحاولات محاصرة قوى المقاومة، والإستفادة من الضغوط الأميركية والدولية من أجل محاصرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وادخال المنطقة في صراعات مذهبية وعرقية تمهيدا لتقسيمها إلى دويلات صغيرة، بما يحقق أهداف المشروع الصهيوني ــ الأميركي التفتيتي.

وقد إتفق المشاركون في اللقاءات على ضرورة استمرار التواصل المباشر وعقد لقاءات دورية لبحث التطورات الجارية، والإتفاق على خطة عمل مشتركة من أجل اعادة تفعيل وتعزيز محور المقاومة وترتيب العلاقة بين كل مكوّناته، والإستفادة من الأخطاء التي حصلت، وكذلك العمل لإعادة مدّ الجسور بين القوى والحركات الإسلامية، وبينها وبين بقية التيارات القومية والناصرية والليبرالية والتي تلتقي معها في رؤية موّحدة بشأن ما يجري في المنطقة.

وتكشف مصادر إسلامية أن حركة «حماس» تلعب حالياً دوراً محورياً واساسياً على صعيد التواصل بين القوى والحركات الإسلامية، وبينها وبين إيران، وهي تنشط في لبنان والمنطقة من أجل ترتيب العلاقة بين الإسلاميين، ومن أجل إعادة إبراز أولوية الصراع مع العدو الصهيوني وتفعيل دور المقاومة.

وتؤكد المصادر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أعادت تعزيز دعم حركة «حماس» وحكومة غزة، وأن المسؤولين الإيرانيين يعقدون لقاءات متواصلة مع قيادات إخوانية بارزة لدراسة مختلف التطورات وتقييّم ما جرى والعمل من أجل مواجهة التحديات المقبلة.

وأشارت المصادر إلى أن اجواء اللقاءات التي عقدت اتسمّت بالصراحة والوضوح وتحديد الأخطاء التي حصلت، وكانت وجهات النظر متقاربة في قراءة التطورات وتحديد المخاطر الآتية.
_____________
المصدر: صحيفة السفير اللبنانية

السبت، 17 أغسطس 2013

لا انتحاري في تفجير الرويس... والقتلة معرفون: وقائع خطط التــكفيريين ضد المقاومة وناسها

    أغسطس 17, 2013   No comments

لبنان على حافة الهـاوية: الردع أو الانهيار



ابراهيم الأمين
منذ اعلان حزب الله انخراطه العلني في المعركة الى جانب الجيش العربي السوري ضد المجموعات التفكيرية، وضعت الاجهزة غير المدنية في الحزب تقديرات حول ردات الفعل سياسيا وطائفيا واعلاميا وامنيا وعسكريا. وكان متوقعا ان تبادر مجموعات المعارضة السورية المسلحة الى اطلاق صواريخ من مناطق الحدود باتجاه مناطق بعلبك الهرمل، وأُخذ بالحسبان انّ من الضروري المسارعة الى اتخاذ اجراءات تصعّب الأمر.
كذلك تحسبت المقاومة ومعها اجهزة رسمية لإمكانية قيام مجموعات مسلحة متطرفة، سورية وغير لبنانية، بعمليات امنية في العمق اللبناني وعدم الاكتفاء بمنطقة البقاع. وأعدت مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني قوائم تحذير ربطاً بما لديها من معلومات جمعتها من مصادرها المباشرة، او بالتعاون مع اجهزة امنية خارجية عن نشاط مجموعات متطرفة على صلة بتنظيم القاعدة. والمشكلة ان الجيش واجه حملة من انصار فريق 14 اذار بقيادة تيار «المستقبل» تحت عنوان انه لا وجود لمثل هذه المجموعات في لبنان. ومع ذلك، فقد واصل الجيش اجراءاته الاحترازية، وتعرض لعدة هجمات مباشرة من جانب هؤلاء، ولم تفلح محاولاته في الوصول الى اماكن يعيشون فيها داخل بلدة عرسال، او في الجرود التابعة لها.

ومع مرور الوقت، بدا واضحا ان هذه المجموعات قررت وضع خطة عمل تستفيد من خلالها من مجموعة عناصر، أبرزها الفوضى الامنية وعدم وجود تنسيق بين الاجهزة الامنية الرسمية، ووجود غطاء سياسي واعلامي لها يصل الى حد تبرير أفعالها، من خلال تحميل حزب الله مسؤولية اي عمليات امنية تحصل في مناطق نفوذه، إضافة الى شن حملة على كل محاولة لدخول منطقة عرسال، او بعض المخيمات الفلسطينية، كذلك الحملة غير المسبوقة التي تلت احداث عبرا شرقي صيدا.
وكانت العملية الاولى في بيروت من خلال قصف الضاحية الجنوبية بصواريخ كاتيوشا، وتكررت العملية لكن من خلال استخدام منطقة في كسروان، بعدما اتخذت اجراءات في مناطق عرمون وبشامون والتلال المشرفة على مطار بيروت والضاحية، لكنّ الاسترخاء الامني سمح لهذه المجموعة بالعودة الى هذه المنطقة، والقيام بحركة مراقبة ورصد ونقل لوجستي بين البقاع وبيروت وصيدا والمخيمات الفلسطينية في اكثر من منطقة، حيث جرى الإعداد لمشاريع ارهابية جديدة.
بعد تفجير بئر العبد في التاسع من تموز الماضي، سارعت مديرية الاستخبارات في الجيش الى تفعيل انشطة المكافحة لهذه المجموعات، وجرى تقاطع يومي للمعلومات مع جهاز امن المقاومة، بينما ظل فرع المعلومات «بليداً» لا يقوم بانشطة جدية، رغم التواصل الذي جرى بينه وبين استخبارات الجيش اللبناني من جهة، وحزب الله ايضا.
وخلال ثلاثة اسابيع كانت المعلومات الاساسية قد توافرت بفعل اخطاء ارتكبها الجناة، وبفعل اعمال متابعة وتحقيقات حرفية من نوع خاص. وجرى التوصّل الى نتائج اولية اتاحت التعرف إلى عدد من الاشخاص، حيث نُفّذت عمليات توقيف لبعضهم، ما ساعد على كشف بقية التفاصيل، بينما توارى الاخرون عن الانظار، علما ان كل عمليات الرصد تؤكد وجودهم في بلدة عرسال او في محيطها. وهو امر لا ينفيه ضباط من فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي ايضا.
وبعد تفجير الرويس، وجدت قيادة الجيش ان المطلوب المباردة الى خطوات عملانية وعلنية، لوضع الجميع امام مسؤولياتهم، فكان القرار الصعب الذي صدر أمس، وقضى بان يصدر وزير الدفاع فايز غصن بياناً يضمّنه المعلومات المفصلة الموثقة والاكيدة لدى مديرية الاستخبارات، وخصوصا أن الجيش يعاني بقوة حملة الانتقادات التي يتعرض لها منذ وقت بعيد من قبل فريق 14 اذار، وهي الحملة التي تكثفت بعد احداث عبرا، وبعد التوصّل الى معلومات عن نية فريق 14 اذار، وتيار «المستقبل» على وجه الخصوص، منع اي عملية دهم او متابعة امنية في بلدتي مجدل عنجر وعرسال.
وبحسب مصادر التحقيق، فقد امكن التوصل الى معلومات منها:
ـــ المجموعة التي تولت اطلاق الصواريخ على الضاحية الجنوبية تتكون من فلسطينيين، أبرزهم يُدعى أحمد طه، وهو متوارٍ حاليا في بلدة عرسال. ويتولى إدارة طه وتحريكه احد المسؤولين في تنظيم اسلامي فلسطيني معروف. وجرى شراء الصواريخ من احد المخيمات الفلسطينية في بيروت.
ـــ المجموعة التي اعدت ونفذت التفجيرات على طريق شتورا ـــ المصنع، وشتورا ــ زحلة، اتخذت من بلدة مجدل عنجر قاعدة لها، وهي كانت تتولى مراقبة الطرقات المؤدية الى سوريا مباشرة، او الى بعلبك، واعدت قائمة بسيارات تعتقد انها مخصصة لنقل كوادر او مقاتلين من حزب الله الى سوريا. وقد صارت لائحة الأسماء والتفاصيل الخاصة بها لدى مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني. وحاولت المديرية اعتقال عدد منهم مرات عديدة، لكنها ووجهت بمقاومة تدل على «إقامة محصنة» لهؤلاء في بلدة مجدل عنجر.
ـــ المجموعة التي كُلفت إعداد السيارات المفخخة وتفجيرها في الضاحية الجنوبية، كذلك العبوات على طريق الهرمل، اتخذت من عرسال قاعدة لها. وقد جمعت مديرية استخبارات الجيش اللبناني المعلومات المفصلة عن هؤلاء، وأورد الوزير غصن بعض الاسماء في بيانه امس، علما ان ح. الحجيري، هو الاسم الاكثر شهرة بين هؤلاء، بعدما تولى بنفسه وضع متفجرة بئر العبد الاولى في 9 تموز الماضي.
ـــ اتُّخذ القرار بتفجيرات الضاحية قبل اكثر من شهر ونصف شهر، وكُلّفت مجموعة بينها ح. الحجيري التوجه الى بيروت يوم 8 تموز الماضي، بسيارة ضمته واخرين، مع حقائب تحوي كمية كبيرة من المتفجرات والصواعق الخاصة بها. وأُبلغت هذه المجموعة ضرورة الحصول على سيارة من المنطقة القريبة من الضاحية وسرقتها وتفخيخها، وهو الامر الذي جرى نهاية نهار 8 تموز على شاطئ خلدة، حيث ترجل مسلحان من سيارتهما نحو سيارة كيا كانت تقف الى جانب الطريق، وبداخلها فتاة شيعية ومعها شاب سني، وأُجبرا على الخروج من السيارة التي عمد المسلحون الى نقل حقائب المتفجرات اليها، قبل الانطلاق بها نحو منطقة قريبة من الضاحية، بينما توجهت الفتاة صاحبة السيارة الى مخفر قريب لقوى الامن الداخلي، متقدمة بشكوى عن سرقة السيارة، واعطت مواصفات السارقين والسيارة التي كانت بحوزتهم، لكنّ قرار التنفيذ كان متخذا مسبقا، حيث توجهت سيارة الكيا بعد تفخيخها، ويقودها ح. الحجيري الى الضاحية عبر طريق مطار بيروت، ووصلت الى المرأب في بئر العبد، حيث تركت ثُم فُجّرت لاحقاً عن بعد.
ـــ كذلك تولّت مجموعة من الفرقة إياها سرقة سيارة بي ام اف وتفخيخها بكمية كبيرة من المتفجرات، وقادها احد اعضاء المجموعة الى منطقة الرويس أول من أمس، وركنها قرب صالون للحلاقة هناك، لتنفجر بعد نحو 15 دقيقة من مغادرته المكان. بحسب ما اظهرت التحقيقات الجارية الان.
ـــ وتشير معطيات التحقيقات الاولية الى ان المجموعة نفسها تقف خلف عمليتي التفجير في الضاحية الجنوبية، رغم حصول محاولة للتضليل من خلال بعض الاسماء.
كذلك تشير التحقيقات، الى ان ادارة الملف بكاملة عهد بها الى اشخاص من بلدة عرسال، ليسوا منتمين سابقا الى اي تنظيم اسلامي، لكن تولى ادارة عملهم وتمويلهم والتخطيط لهم واختيار الاهداف ثلاثة اشخاص، بينهم سوري وفلسطيني وسعودي. وهؤلاء يتبعون بواسطة جهة اخرى لجهاز امني تابع لدولة خليجية كبرى.

___________

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.