‏إظهار الرسائل ذات التسميات العالم العربي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العالم العربي. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 31 يوليو 2019

ما سبب استدارة الإمارات نحو طهران؟

    يوليو 31, 2019   No comments
 قاسم عز الدين
 

الاجتماع الخامس الأخير "لخفر السواحل بين الإمارات وإيران" يعود إلى عام 2013، ولم يكن من المتوقع قبل أسابيع قليلة انعقاد الاجتماع السادس الحالي في طهران بسبب التصعيد الأميركي في مياه الخليج وانخراط الإمارات والسعودية في صدارة "فريق الباءات"، بحسب تعبير وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

لكن لقاء وفد عسكري إماراتي في طهران بذريعة "خفر السواحل" لا يشير فقط إلى التراجع الإماراتي، بل يشير أيضاً إلى تجاوب إيران مع المساعي الإماراتية بعد أن أقفلت طهران الأبواب أمام محاولات أبو ظبي.

في العدوان على اليمن وفي التحريض على الحرب ضد إيران، ذهبت أبو ظبي أبعد من الخطوط الحمر حتى عبّرت طهران عن غضبها إثر إقلاع الطائرة الأميركية التي أسقطتها طهران من الأراضي الإماراتية.

فأمام هذه المشاركة الإماراتية في العدوان المباشر على إيران، أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى "المدن الزجاجية" في معرض حثّ السعودية والإمارات على التراجع عن المشاركة في تدمير المنطقة لخدمة مآرب ترامب و "إسرائيل".

انسحاب القوات الإماراتية من بعض مناطق اليمن، يدلّ في المقام الأول بين دلائل أخرى على أن الإمارات فقدت الأمل من المراهنة على الحماية الأميركية في الحرب على إيران. لكن أبو ظبي تأخرت في استكمال استدارتها نحو طهران، فحاولت إرسال رسائل سريّة عبر "أشخاص يتحدثون عن السلام"، بحسب تعبير المستشار الإيراني لشؤون الدفاع حسن دهقان، بينما تطلب إيران انفصال الإمارات والسعودية عن فريق "الباءات"، وفق وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

في سياق فشل المراهنة على الحماية الأميركية، يشير المندوب السعودي في الأمم المتحدة لأول مرة إلى استعداد الرياض لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد إفراج الرياض عن سفينة إيرانية تعرّضت للإصابة بعطل أمام الشاطىء السعودي ولم تفرج عنها مدة شهرين ونصف. وربما ما يجري تسريبه عن رسائل ترسلها الرياض عبر السفارة السويسرية إلى طهران، هو في هذا السياق.

في المقابل لم تنجح المحاولة الأميركية لإنشاء "تحالف الراغبين لحماية حرية الملاحة في الخليج". فدعوة مايك بومبيو إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا لحماية سفنها في مياه الخليج، لم تسفر عن خطوات ملموسة وهو ما حدا بوزير الخارجية الأميركية إلى الخلاصة بما تبيّن له بأن "تشكيل التحالف في مضيق هرمز يتطلب وقتاً أكثر مما كان مفترضاً". ولا سيما أن وزير الخارجية الألمانية يشير إلى رغبة ألمانيا بخفض التوتر والبحث عن حلول دبلوماسية.

بريطانيا التي تستجيب في العلن على الأقل إلى دعوة بومبيو، بإرسال المدمّرة "أتش أم أس دانكن"، تبالغ عمداً في ادعاءات لا تحظى بالصدقية بشأن حماية السفن. وهو ما كشفه حرس الثورة بالصوت والصورة حين أظهر أن السفينة البريطانية "إستينا أمبيرو" التي احتجزتها إيران كانت ترافقها الفرقاطة الحربية، ولم تكن بعيدة عنها بحسب الادعاء البريطاني.

فضلاً عن ذلك يشير بعض الخبراء إلى أن المدمّرة البريطانية التي وصلت إلى مياه الخليج كانت مدرجة لكي تحل محل الفرقاطة وليست دليلاً على استعداد بريطانيا لحماية السفن التي ترفع العلم البريطاني، كما يدّعي وزير الدفاع بن والس.

حزب المحافظين برئاسة رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون، يحاول الاصطفاف وراء جون بولتون في ادّعاء التصعيد ضد إيران في الخليج أملاً في مدّ يد العون الأميركي للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق وعقد صفقة موعودة مع ترامب. لكنه يراهن إلى جانب ذلك على أوروبا "لتشكيل مهمة بحرية أوروبية مشتركة".

وهذه المراهنة وتلك دونهما عقبات جمّة قد تؤدي إلى الإطاحة بحكم حزب المحافظين وتعريض بريطانيا إلى انفصال إيرلندا واسكوتلندا. لكن هذه المآلات قد تكون أقل خطورة على السعودية والامارات إذا لم يتراجعا عن فريق "الباءات" لحماية أمن الخليج وحرية الملاحة بين دول المنطقة.

الأربعاء، 13 يونيو 2018

تونس تعلن رسمياً عن النتائج النهائية للانتخابات البلدية.. وتصدّر قائمات المستقلين تليها حركة النهضة الإسلامية وحركة نداء تونس بالمركز الثالث

    يونيو 13, 2018   No comments
أعلنت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات البلدية بعد ان صادق مجلس الهيئة خلال اجتماعه أمس على القرارات النهائيّة لنتائج الانتخابات البلدية بـ 28 دائرة انتخابية.

وقد أقرت المحكمة الإدارية جميع النتائج التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وأعلن محمد التليلي المنصري ان اكثر عدد من الطعون تقدم به حزب نداء تونس وهو 11 طعنا في الطور الابتدائي و20 طعنا في الطور الاستئنافي ثم الحبهة الشعبية تقدمت ب 5 طعون وحركة النهضة ب 3 طعون، أما القائمات المستقلة فتقدمت ب 14 طعنا في الطور الابتدائي وطعنان في الاستئنافي.

وقدرت نسبة المشاركة في التصويت بـ 35.6% ، وأحتسبت 35753 ورقة بيضاء، و71517 ورقة ملغاة و1806969 عدد الاصوات المصرح بها.

في حين سجلت أعلى نسبة مشاركة بولاية المنستير ببلدية مزدور ومنزل حرب واقل نسبة مشاركة ببلدية حي التضامن باريانة، وقد تحصلت 93.5 % من القائمات المترشحة على مقاعد، و115 قائمة تحصلت على اقل من 3% من الاصوات.

وفي ما يلي التوزيع النهائي للمقاعد: 

القائمات المستقلة 2373
حركة النهضة 2193
حركة نداء تونس 1600
الجبهة الشعبية 261
التيار الديمقراطي 205
مشروع تونس 124
حركة الشعب 100
افاق تونس 93

في حين بلغت نسبة الفائزين بمقاعد من الذكور 53% ، و47% من الاناث، فيما بلغت نسبة رؤساء القائمات من الذكور الذين تحصلوا على مقاعد 70 بالمائة، مقابل 30% فقط من النساء.

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

دول الخليج في منعطف وتخبط اعلامي وسياسي: هل هذا دليل عن نية في مراجعة بناءة وشاملة أم ضرب من سياسة الضرورة

    أغسطس 16, 2017   No comments
السعودية تطلب رسمياً من العراق التوسط مع إيران
وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي، يقول من طهران إن السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التدخل للتوسط بين الرياض وطهران بغرض تخفيف التوتر بين البلدين.
 
قال وزير الداخلية العراقي، قاسم الأعرجي، إن السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التدخل للتوسط بين الرياض وطهران.

وأشار الأعرجي الذي يزور طهران حالياً إلى زيارته الأخيرة إلى السعودية ولقاء ولي عهدها محمد بن سلمان، مؤكداً أن بن سلمان طلب منه رسمياً ليتوسط العراق بين إيران السعودية بغرض تخفيض التوتر بين البلدين.

وأضاف وزير الداخلية العراقي "سبق وأن طرح الملك سلمان هذا الطلب. وأنا رددت عليهم، عليكم أن تحترموا الحجاج الإيرانيين وتتعاملوا معهم بأحسن طريقة ممكنة وأن تسمحوا لهم بالدخول إلى مقبرة البقيع ووعدَنا الجانب السعودي بهذا الشأن".

وشدد الأعرجي أن العلاقات الودية بين إيران والسعودية تخدم أمن المنطقة.

تصريحات الأعرجي جاءت خلال توقيعه مذكرة التفاهم مع وزیر الداخلیة الایراني عبد الرضا رحماني فضلي، لاتخاذ التدابیر اللازمة حول كیفیة تنظیم مراسم ذكرى أربعين الإمام الحسين وتوفیر الأمن للزوار ومراقبة حدود البلدین، بحسب ما أوردت وكالة "ايرنا" الإيرانية.

من جانبه، قال رحماني فضلي إن احترام الحجاج الإيرانيين مهم جداً لطهران، وإن بلاده "تسعى دوماً لتعزيز علاقاتها مع السعودية"، مؤكدا أن إيران "لم تكن سباقة في قطع العلاقات مع السعودية".

وفي 25 شباط/فبراير الماضي، زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد، وهي الزيارة الأولى لمسؤول سعودي رفيع المستوى منذ العام 1990.

كما التقى الأمير محمد بن سلمان، وزير النفط العراقي جبار اللعيبي في جدة، الأربعاء 9 آب/أغسطس.
المصدر: وكالات
_________________


السعودية: لم نطلب أية وساطة مع إيران!

مصدر مسؤول يقول بحسب ما ذكرت وكالة "واس" إن المملكة العربية السعودية لم تطلب أية وساطة بأي شكل كان مع جمهورية إيران وأن ما تمّ تداوله من أخبار بهذا الشأن عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً.
الأعرجي قال إنّ السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي التدخل للتوسط بين الرياض وطهران
الأعرجي قال إنّ السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي التدخل للتوسط بين الرياض وطهران
نفت السعودية الأربعاء طلبها أية وساطة مع إيران وذلك بعد تصريحات لوزير الداخلية العراقي مؤخراً أكد خلالها أن الرياض طلبت من بغداد أن تكون وسيطة بينها وبين طهران.

ونقلت وكالة واس السعودية عن "مصدر سعودي مسؤول" قوله إنّ "المملكة العربية السعودية لم تطلب أية وساطة بأي شكل كان مع جمهورية إيران".
  


وأوضح المصدر أن ما تمّ تداوله من أخبار بهذا الشأن "عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً"، مؤكداً "تمسك المملكة بموقفها الثابت الرافض لأي تقارب بأي شكل كان مع النظام الإيراني الذي يقوم بنشر الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم ويقوم بالتدخل بشؤون الدول الأخرى"، وفق تعبيره.

وأضاف المصدر نفسه أن المملكة ترى أن "النظام الإيراني الحالي لا يمكن التفاوض معه بعد أن أثبتت التجربة الطويلة أنه نظام لا يحترم القواعد والأعراف الدبلوماسية ومبادئ العلاقات الدولية وأنه نظام يستمرئ الكذب وتحريف الحقائق وأن المملكة تؤكد خطورة النظام الإيراني وتوجهاته العدائية تجاه السلم والاستقرار الدولي"، وفق ما قال.

 وأشار المصدر إلى أن "المملكة تهيب بدول العالم أجمع بالعمل على ردع النظام الإيراني عن تصرفاته العدوانية وإجباره على التقيد بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والأنظمة والأعراف الدوبلوماسية".

ويأتي النفي السعودي بعد تصريحات لوزير الداخلية العراقي، قاسم الأعرجي قال فيها إنّ السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التدخل للتوسط بين الرياض وطهران.

وأشار الأعرجي الذي زار طهران مؤخرا إلى زيارته الأخيرة إلى السعودية ولقاء ولي عهدها محمد بن سلمان، مؤكداً أن بن سلمان طلب منه رسمياً توسّط العراق بين إيران والسعودية بغرض تخفيض التوتر بين البلدين.
 

المصدر: وكالات
_________________

ما هي مراهنة السعودية للخروج من عنق الزجاجة؟


 قاسم عزالدين

النفي السعودي لطلب الوساطة العراقية مع إيران، يؤكد أن السعودية تصرّح في العلن على عكس ما تأمله خلف الكواليس الدبلوماسية، وأن أزمتها تطبق على حركة التراجع أو التقدّم. لكنها ربما تحلم بالمراهنة على متغيرات في العراق تحفظ ماء الوجه.

مصدر سعودي خفي الاسم والهوية، ينفي في معرض التأكيد على الطلب السعودي بوساطة العراق مع إيران، كما أوضح وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي. النفي جاء متأخراً يومين عن تصريح الأعرجي، وتميّز بتصعيد مفتعل ضد إيران "التي ترفض السعودية اللقاء معها قبل نبذها الإرهاب". وهو أشبه بردّ على وسائل الإعلام القطرية التي استغلت تصريح الأعرجي لأكثر من يومين متواصلين ضد السعودية التي تكيل بمكيالين في أزمتها مع قطر.

النفي السعودي له أسبابه، وملخصها أن الورقة شبه الوحيدة التي تحظى بشيء من القوام في اليد السعودية هي ترويج الوهم بأن الرياض لا تزال الند القوي الذي سيهزم إيران في المنطقة بالتحالف مع واشنطن. فالإقرار بطلب الوساطة من العراق هو بمثابة اعتراف صريح على الملأ بالهزيمة، وسقوط ما تحرص السعودية على إعلاء شأنه للحفاظ على بعض المكانة والهيبة والنفوذ.

لكن ما يرشح من أصداء متعددة خلف الكواليس يؤكد أن السعودية أثارت الموضوع مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومع وزير الداخلية قاسم الأعرجي الذي استقبلته الرياض قبل العبادي بعدما كانت تتهمه بالولاء للحرس الثوري وقائد فيلق القدس قاسم سليماني.

وكذلك أعربت السعودية عن رغبتها بالتسوية مع إيران مع زعيم التيار الصدري، "إذا احترمت إيران عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة" بحسبما رشح عن الزيارة. ولا ريب أن خطوطاً أخرى تفتحها السعودية على خفر، قد يكون خط موسكو في أولويتها.

طلب الوساطة السعودي أكثر وجاهة من النفي وأكثر إلحاحاً، أملاً بمساومة إقليمية قبل فوات الأوان؛ ففي سوريا تخرج السعودية من الملعب خالية الوفاض، ولم يبقَ لها غير "جيش الإسلام" وجماعات أخرى قليلة الفاعلية في الميدان بعدما وصلت المتغيرات والتوازنات السياسية الإقليمية والدولية إلى استحالة الاستثمار بداعش والنصرة.

وقد لا يكون الملف السوري هو المأزق الذي يكشف أزمة السعودية ضد إيران وسوريا والمقاومة، بل إن الملف اليمني هو أكثر ما يقضّ مضاجع السعودية فيما كان يسمى "حديقتها الخلفية" وبوابة الأمن القومي لدول الخليج.

اللعبة التي انتهت في سوريا، على قول روبرت فورد، انتهت أيضاً وبشكل أكثر وضوحاً في اليمن. فما توخته السعودية في دغدغة أحلام "إعادة الأمل" للسيطرة على اليمن، خابت آماله على الرغم من الحصار الخانق والدمار الهائل. ففي كل يوم يزداد الضغط على السعودية لوقف المجازر على اليمن وهو ضغط تتسارع وتيرته في الميدان اليمني وتتفاعل أصداؤه الإنسانية في المجتمعات الغربية والأمم المتحدة، وفق ما نشرته "فورين بوليسي" بشأن تقرير يكشف اتهامات خطيرة لجرائم ضد حقوق الإنسان.

في تقريره السنوي بشأن الحريات الدينية، يتهم وزير الخارجية الأميركية ريكس تليرسون حلفاء واشنطن "بعدم احترام الحريات الدينية"، وعلى الأثر يرد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية مفلح القحطاني بأن هذا الاتهام لا يتطابق مع ما كان يقوله المسؤولون في الإدارة الأميركية.

ويذهب مركز أبحاث "مجموعة الأزمات الدولية" أبعد من ذلك في التحذير من الاستمرار في الحرب "الذي يؤدي إلى تعزيز القاعدة" و"داعش" في اليمن. ومن جهتها تضغط الحركات المناهضة للحرب على الحكومة الإسبانية لوقف مبيع السلاح الذي استخدمه الأمن السعودي ضد المدنيين في العوامية.

وبموازاة هذا الضغط يضطر رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو لفتح تحقيق بشأن السلاح الكندي الذي استخدمه الحرس السعودي ضد المدنيين في القطيف، ومن المرجح أن يستمر الضغط على السعودية بأشكال متعددة كما تكشف تقارير المجاعة وداء الكوليرا.

حيث لا مفر من تراجع السعودية عن المكابرة بحثاً عن تسويات إقليمية مع إيران، ربما تعوّل الرياض على الوقت الطويل لتمرير حفظ ماء الوجه في أحلام المكانة والهيبة. وربما تراهن على تحسين بعض مواقعها بمعيّة مساعي أميركية لإنشاء إقليم في الأنبار العراقية يمتد إليه النفوذ السعودي عبر الأردن، لكن من أجل الطموح إلى أي شكل من أشكال صور الهيبة والمكانة في حدها الأدنى، ينبغي الخروج أولاً من عنق الزجاجة.

المصدر: الميادين نت
 


_________________

الصدر و«عرعر»... جسرا الخليجيين إلى بغداد
 
خطت السعودية خطوة إضافية على طريق مشروعها المرسوم لعراق ما بعد «داعش»، مُقِرّة تشكيل مجلس تنسيق مع بغداد، ومُعلِنة قرب افتتاح منفذ عرعر الحدودي. بالتوازي مع ذلك، دخلت الإمارات، ومعها البحرين، على خطّ المشروع السعودي، لتؤدّيا دوريهما في جوقة إعادة بلاد الرافدين إلى «الحاضنة العربية»

تمضي السعودية، ومعها حلفاؤها من دول الخليج، قدماً في محاولاتها إخراج العراق من فلك المحور المناوِئ لها، وإدخاله في حظيرة «الاعتدال العربي»، وإن تلبّست جهودها، هذه المرة، لبوس السعي في وساطة مع الخصم الإيراني، لا تزال غير واضحة المعالم. ولعلّ التطورات التي شهدها اليومان الماضيان تنبئ بأن المخطط السعودي يسير وفق ما حُدّد له من خطوات ومحطات، تبدأ من الجانب السياسي ولا تنتهي على المستويين الدعوي والإعلامي.

ومع انضمام الإمارات، بوجهها الأكثر بروزاً أخيراً، وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إلى جوقة التهليل لعودة بلاد الرافدين إلى «الحاضنة العربية»، يدخل مشروع الرياض وحلفائها، إزاء بغداد، طوراً جديداً فيه من الصراحة ما يكفي لاستشراف المرحلة المقبلة.
وبعدما استقبل وليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، أول من أمس، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، معرباً له عن تطلّع الإمارات إلى أن «يلعب (العراق) دوره الطبيعي على الساحة العربية بما يعزز أمن واستقرار العالم العربي»، أطل قرقاش، من على حسابه على موقع «تويتر»، مبشّراً بـ«(أننا) بدأنا كمجموعة مرحلة بناء الجسور والعمل الجماعي المخلص»، واصفاً التحرك الذي يقوده ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تجاه العراق، بـ«الواعد». وأشار إلى أن استقبال ابن زايد للصدر «جزء من التواصل الخليجي مع العراق»، مضيفاً أن «طموحنا أن نرى عراقاً عربياً مزدهراً مستقراً. التحدي كبير والجائزة أكبر». ولم تخلُ تصريحات قرقاش من غمز من قناة قطر، إذ قال إن هذا التحرك السعودي، بمشاركة الإمارات والبحرين، «مثال على تأثير دول الخليج متى ما توحدت الرؤية والأهداف».

وبدأ الصدر، الأحد، زيارة للإمارات، تلبية لدعوة رسمية من سلطات أبو ظبي، التي أرسلت إليه طائرة خاصة لنقله ذهاباً وإياباً. والتقى زعيم «التيار الصدري»، أمس، رجل الدين الإماراتي أحمد الكبيسي، المنحدر من محافظة الأنبار غربي العراق. ولفت مكتب الصدر، في بيان، إلى أن الجانبين شددا، خلال اللقاء، على «أهمية العمل بالروح الإسلامية الأصيلة ونبذ العنف والفكر المتشدد، وأن يحوز صوت الاعتدال على المساحة الأكبر في خضم التوترات الطائفية التي تشهدها المنطقة والعالم». ويشي لقاء الصدر ــ الكبيسي، والتصريحات الصادرة عنه، بأن من ضمن المخطط السعودي الخليجي إزاء بلاد الرافدين نفض أيدي الممالك والإمارات من لوثة الإرهاب التكفيري، وامتطاء صهوة رجال الدين، السنّة والشيعة، المؤيدين للرياض وحلفائها، للدخول في مضمار جديد عنوانه «نبذ الطائفية واستعادة العروبة».
وتزامنت زيارة الصدر إلى أبو ظبي مع زيارة لوزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، إلى بغداد، حيث التقى الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري. وأكد آل خليفة، خلال لقاءاته بالمسؤولين العراقيين، رغبة بلاده في «توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين». وثمة اعتقاد بأن المنامة تحاول استغلال التحرك السعودي إزاء السلطات العراقية، لحمل الأخيرة على الإسهام في إخماد الانتفاضة الشعبية في البحرين.
على المقلب السعودي، خطت الرياض أمس خطوة إضافية على طريق استمالة بلاد الرافدين، إذ أعلن مجلس وزرائها الموافقة على إنشاء مجلس تنسيق مع العراق. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن مجلس الوزراء فوّض، خلال جلسته الأسبوعية برئاسة ولي العهد، وزير التجارة والاستثمار، رئيس الجانب السعودي لمجلس التنسيق السعودي العراقي، بالتوقيع على صيغة المحضر، من دون إيراد تفاصيل إضافية. وكان مجلس الوزراء العراقي قد أقرّ، في 4 تموز الماضي، تشكيل المجلس الذي سبق أن أُعلن عنه خلال زيارة العبادي للسعودية نهاية حزيران الفائت. ويُفترض أن يتولى المجلس الإشراف على مختلف مجالات التعاون بين البلدين، بما فيها مجال الطاقة وعملية إعادة الإعمار.
بالتوازي مع ذلك، أعلن مجلس محافظة الأنبار أنه سيتم، قريباً، افتتاح منفذ عرعر الحدودي مع السعودية (430 كلم جنوب غرب الرمادي)، بشكل دائم، بهدف التبادل التجاري بين بغداد والرياض. وأفاد عضو المجلس، فالح العيساوي، بأن عملية الافتتاح ستتم بعد عيد الأضحى (مطلع أيلول المقبل). وأشار العيساوي، في تصريح صحافي، إلى أن القائم بأعمال السفارة السعودية في العراق، عبد العزيز الشمري، زار الإثنين منطقة عرعر، برفقة عدد من المسؤولين في الحكومة المحلية، للاطلاع على الاستعدادات النهائية لافتتاح المنفذ. وأكد أن «المنفذ سيبقى مفتوحاً بشكل دائم بين البلدين، لا سيما مع تحسّن العلاقات بينهما»، متابعاً أن «العراق يسعى للعودة إلى محيطه العربي لتحقيق الأمن والاستقرار». وأشار إلى أن «المنفذ يُعدّ حيوياً لمحافظة الأنبار من خلال الضرائب والجمارك التي ستذهب لإعمار البنى التحتية للمحافظة، والمساهمة في إعادة البناء». ومنفذ عرعر، الوحيد البري بين البلدين، أُغلق قبل حوالى 30 عاماً، ويتم فتحه سنوياً أمام الحجاج العراقيين، ويعاود الإغلاق بعد إعادتهم إلى البلاد. وتسعى السعودية إلى إقامة منطقة تجارة حرة في مدينة عرعر، بهدف اتخاذها غطاءً لتحركات سياسية بعيدة من التعقيدات التي يفرضها العمل داخل بغداد.
(الأخبار)___________

إيران ترحب بوساطة مع السعودية وتدعوها لوقف حرب اليمن


أعلنت إيران ترحيبها بأي وساطة بين دول المنطقة بما فيها السعودية شرط أن تكون الوساطة قادرة على دعم أمن المنطقة واستقرارها. كما دعت طهرانُ السعوديةَ إلى وقف الحرب في اليمن.

فقد قالت إيران إن إعلان وزير داخلية العراق وساطة بين الرياض وطهران أمر إيجابي. ورحب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في تصريح للجزيرة بالخطوة شريطة أن تكون هذه الوساطة قادرة على تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وقال بهرام إن بلاده -وبعد الحديث عن الوساطة العراقية- لم تتلق أي إشارات واضحة تفيد برغبة السعودية في تحسين علاقتها مع إيران. وسبق للخارجية الإيرانية أن قالت إنها تأمل من السعودية وقف الحرب في اليمن وقبول الحقائق على الأرض.

وكان وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي قال في وقت سابق إن السعودية طلبت من بغداد التدخل للتوسط بينها وبين طهران، وأكد أن الأخيرة تلقت هذا بشكل إيجابي، وأن المملكة وعدت بالتجاوب مع الشروط الإيرانية.

وأوضح الأعرجي -في تصريحات إعلامية من طهران الأحد الماضي - أن السعودية طلبت من رئيس الوزراء حيدر العبادي التدخل لتخفيف التوتر مع طهران، مضيفا أنه أثناء زيارته للمملكة طلب السعوديون منه ذلك أيضا.

يُذكر أن الأعرجي زار الرياض بدعوة رسمية منها الشهر الماضي على رأس وفد رفيع المستوى، حيث التقى نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف.
المصدر : الجزيرة_______________

ولي عهد أبو ظبي مستقبلاً الصدر: التجربة علمتنا أن ندعو إلى ما يجمعنا وننبذ دعاة الانقسامولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان يستقبل في قصر الشاطئ مساء الأحد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في زيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية، والطرفان يستعرضان "العلاقات الأخوية بين البلدين وعدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وتطورات الساحة العراقية".
 
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية فقد استعرض الطرفان "العلاقات الأخوية بين البلدين وعدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك"، إضافة إلى تطورات الساحة العراقية، وأكد ولي عهد أبو ظبي انفتاح الإمارات على العراق حكومة وشعباً.

كما هنأ الصدر بـ "الانتصار الكبير على إرهاب داعش" مؤكداً أهمية استثمار هذه اللحظة "للبناء الوطني" الذي يجمع كل العراقيين.

وذكرت الوكالة الإماراتية أن ولي عهد أبو ظبي أكد للصدر أهمية استقرار وإزدهار العراق والتطلع لأن يلعب دوره الطبيعي على الساحة العربية بما يعزز أمن واستقرار العالم العربي.


و قال صاحب ولي العهد إنّ " التجربة علمتنا أن ندعو دائما إلى ما يجمعنا عرباً و مسلمين وأن ننبذ دعاة الفرقة والانقسام" ، مشدداً على أن المشاهد التي تكررت في الوطن العربي بكل ما تحمله من خسائر بشرية ومادية "تعلمنا ضرورة العمل المشترك لحماية وصيانة المحيط العربي".

وكان المكتب الخاص لزعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصدر، أكد أنّ الأخير سيزور الإمارات الأحد وسترسل الإمارات طائرة خاصة للصدر لنقله ذهاباً وإياباً.

وكان الصدر زار السعودية في تموز/يوليو الماضي، حيث التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقالت وكالة الأنباء السعودية حينها إنه جرى خلال اللقاء استعراض للعلاقات السعودية العراقية، فيما أوضح الموقع الرسمي للصدر أنّ الزيارة جاءت بدعوة رسمية من السعودية، وأنه "استبشر خيراً وانفراجاً في العلاقات بين البلدين وتقهقراً للحدة الطائفية في المنطقة العربية والإسلامية".

المصدر: الميادين
______________

بعد 11 عاماً.. مقتدى الصدر في السعودية

وصل زعيم التيار الصدري #مقتدى_الصدر إلى المملكة العربية #السعودية، الأحد.

وكان في استقبال الصدر لدى وصوله مدينة #جدة، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان.

وجاء في بيان صادر عن مكتب الصدر: "إننا استبشرنا خيراً فيما وجدناه انفراجاً إيجابياً في العلاقات السعودية العراقية، ونأمل أنها بداية الانكفاء وتقهقر الحدة الطائفية في المنطقة العربية الإسلامية".
يذكر أن آخر زيارة قام بها مقتدى الصدر للسعودية كانت في العام 2006.
 
العربية.نت_________________

   





الأربعاء، 31 مايو 2017

ما هي أسباب الغضب السعودي على قطر؟

    مايو 31, 2017   No comments
قاسم عزالدين
 
الصراع السعودي ــ الإماراتي مع قطر، ينفجر على إثر المراهنة السعودية على دونالد ترامب بكل ممتلكاتها وديونها اللاحقة للانتقام من إيران والمقاومة. لكن قطر تحاول مع تركيا وبعض اللوبيات الأميركية ضمانة رأسها ببعض المرونة. وبينما يتنبأ كثيرون في قراءة خيارات قطر للخروج من الأزمة، قد لا يكون بمتناول السعودية غير الانتقال من أزمة إلى أخرى.
تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية
تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية
في البدء سرت قناعة راسخة بين معظم دول الخليج وخبراء عرب في الغرب، أن 99% من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط هي في يد أميركا على ما أفصح الرئيس أنور السادات عشية دخوله في "سلام الشجعان". وبينما تطمئن السعودية إلى ما تسميه "الشراكة الاستراتيجية" في الحماية الأميركية القديمة مقابل النفط، راحت قطر والإمارات تُنسج "شراكاتها" الخاصة عبر لوبيات قوى الضغط الغربية والأميركية المؤثرة في القرار والأحداث السياسية، مقابل الدعم المالي.

تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية وتنظيم ورش العمل والدراسات والاتصالات وغيرها وهي بمجملها تضم متقاعدين من الجيش والإدارة السياسية و المحامين والمستثمرين .... لهم صلات وثيقة بصناعة القرار أو التأثير به بحسب التركيبة الاميركية القائمة على ضغط اللوبيات والمصالح المتبادلة أو المتعارضة فيما بينها.

بحسب الأرقام التي تثيرها شركات ضغط إماراتية، تتجاوز نفقات العلاقات العامة القطرية 3 مليارات دولار سنوياً، تستفيد منها شركة "بورتلاند" للعلاقات العامة ومجموعة "جالاجر". وكذلك شركة "سكوين باتون بوجز" بعقد قيمته 332 ألف دولار سنوياً، بحسب تصريح وزارة الخزانة الأميركية. وأيضاً شركة "ليفبيك" للاتصالات الاستراتيجية بعقد سنوي قيمته 188 ألف دولار، وشركة "ميركيوري" للشؤون العامة بعقد يبلغ 155 ألف دولار في السنة.

تستثمر قطر في الولايات المتحدة حوالي 46 مليار دولار منها استثمار في مشروع "مانهاتن غرب" بحوالي 8,6 مليار دولار. وفق موقع "ميمري" اليميني الذي تدعمه الإمارات بين مروحة واسعة من وسائل الإعلام والاتصالات الداعمة لترامب. لكنها تستثمر أيضاً في شركات إعلامية  بينها مشاركة في ملكية صحيفة "هافتنغون بوست" التي نشرت تقرير اللوبي الإماراتي ودور السفير يوسف العتيبي في واشنطن. وتدعم كذلك مؤسسات دراسات وأبحاث أميركية مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" التي تنظم ندوات وورش عمل يشارك فيها مؤثرون مثل روبير غايتس وجوناثان شانزر وكثيرون.

مقابل هذه الانجازات القطرية في أميركا التي حملت حملة إيران وسوريا والمقاومة طيلة السنوات الماضية، ذهبت الامارات في الاتجاه نفسه مع شركات إعلامية ومراكز أبحاث ولوبيات محامين ومستثمرين، بحسب تقرير "هافتنغتون بوست". فالتقرير يؤكد الدعم الاماراتي لمراكز أميركية عديدة منها مركز التقدم الأميركي ومركز الدراسات الدولية والاستراتيجية. وكذلك بعض الصحف الكبرى مثل وول ستريت جورنال وفورين بوليسي وغيرها. كما يؤكد أيضاَ الدعم الاماراتي لما يُعرف  بقوى "ثينك تانكس" التي يدير إحداها المبعوث الاميركي الاسبق إلى الشرق الأوسط "دونيس روس". وهي التي وصلت إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الذ عيّنه ترامب "مايك بومبيو" الذي دعم قانون حظر الأخوان المسلمين في الكونغرس الأميركي. فضلا عن نشاطات " رمز السخاء على السياسيين" يوسف العتيبة في أوتيل "فيرمونت" بحسب تعبير التقرير.

لم ينفجر الصراع القطري ــ الاماراتي على الرغم من تصادم المصالح والنفوذ في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا أيضاً إلى حد ما. فالسعودية لعبت دور ضابط الايقاع تحت سقف الأولوية المشتركة في مواجهة إيران و"الأذرع الإيرانية في الدول العربية". وقد ضبطت السعودية الخلاف الاماراتي ــ القطري حين كاد ينفجر بين الطرفين إثر تمدد تركيا في قطر منذ العام 2014، ثم إنشاء "مجلس التعاون الاستراتيجي التركي ــ القطري". لكن المراهنة السعودية على ترامب في الذهاب إلى أولوية مواجهة إيران و"أذرعها"، غيّر المعطيات السعودية القابلة لغض الطرف عن بعض التناقضات في حديقتها الخلفية. فهي ترمي بجل الثروات المنظورة والمستقبلية في جيب ترامب بما يتجاوز مبلغ 380 مليار دورلار الذي جرى الإعلان عنه، تعويلاً على رهان مغامرة قسوى أقرب إلى المقامرة. وفي هذا الأمر تصطدم بعمق مع قطر التي دعمت حملة هيلاري كلينتون ولا تزال تعتقد أن الرئيس الأميركي سينتهي به المطاف خارج الحكم في السنة المقبلة، على غرار فضيحة "ووترغيت".

بالمقارنة مع أزمة السعودية في مراهنتها بكل الممتلكات والديون المقبلة على ترامب، تبدو أزمة قطر في انفجار الصراع مع الامارات والرياض أقل من مأزق عنق الزجاجة. فهي يمكنها أن تسلك خط المرونة مع إيران وفق المسلك التركي وعلى إيقاعه الذي لا يذهب بعيداً ربما "في تعزيز العلاقات التاريخية العريقة" كما وعد الأمير القطري في مكالمته مع الرئيس حسن روحاني. وهي إذ تعتمد على التدخل العسكري التركي مقابل محاولة التدخل العسكري السعودي ــ الاماراتي إذا وصلت التداعيات إلى الانتقام. كما تعتمد قطر على ضعف ترامب في موازين القوى الأميركية للجمه عن التفكير بنقل قاعدة العديد الاميركية. وإذا احتاج الأمر يمكن استرضاء ترامب ب35 مليار دولار عرضها الأمير القطري على ترامب بحسب موقع "ميمري". فالسؤال الذي يطرح على قطر ماذا عساها فاعلة تجاه التوتر مع السعودية، ربما يكون معكوساً وهل تركت السعودية في يدها ورقة لم تحرقها؟

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

مراجعة سعودية تجاه الملف اللبناني.. "نعم هُزمنا"... السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها

    نوفمبر 01, 2016   No comments
علي فواز
 
السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها
يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها، إلا أن دبلوماسي سعودي سابق يقرّ في حوار مع الميادين نت بارتكاب الرياض أخطاء في بلد الأرز ويشير بوضوح إلى أن وصول العماد عون إلى كرسي الرئاسة يمثل هزيمة للمملكة.

وجد سعد الحريري نفسه ضعيفاً أمام معادلة الوقت. استنزاف معنوي وشعبي بات يدفعه كل يوم من رصيده السياسي. الحلّ الوحيد الذي وضعه أمامه الخصوم هو الإقبال على خسارة محسوبة. تنازل ثقيل هو الطريق الوحيد لعودته إلى السلطة. من دون ميشال عون رئيساً للجمهورية لا وجود للحريري رئيساً للحكومة. السعودية من وراءئه لم تعد مرتاحة إلى لعبة الوقت. المملكة المنهمكة في ملفات خطيرة في المنطقة بدأت تنظر بقلق إلى مستقبلها في لبنان. استمرار الوضع الراهن في هذا البلد ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء صلاحية "الطائف". الاتفاق الذي رعته الرياض وأنتج توزيعاً جديداً للصلاحيات. قُلصّت صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي على حساب مجلس الوزراء ورئيسه السني المحسوب عليها.

هذه القراءة هي واحدة من التحليلات التي تفسّر خطوة الحريري الأخيرة. هي أيضاً تجيب على سؤال حول موقف المملكة الحقيقي من انتخاب عون رئيساً.

الصحافة الإسرائيلية عبّرت بشكل واضح عن التطورات في لبنان. أقلام قريبة من النخب السياسية كتبت بشكل واضح ما لم تستفيض به الصحافة اللبنانية حرصاً على "الوحدة". تحدثت الصحف العبرية عن هزيمة لمحور السعودية على حساب أصدقاء المحور الإيراني.
التسوية في لبنان تحتاج دائماً إلى إخراج. تسويق ما، يفترض أن البلد لا يحتمل هزيمة طرف على حساب طرف. التنازل هنا يتخذ لبوساً وطنياً. تصبح الهزيمة "تنازلاً" لمصلحة وطنية. لكن السياسة، خصوصاً في لبنان، قلّما تتصف بالتضحيات.

دبلوماسية الطوارئ

يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها في اليمن وسوريا والعراق والبحرين. لكنّ سياسة النأي عن لبنان ليست حديثة في تفكير صانعي القرار في المملكة. هي تعود إلى عهد الراحل وزير الخارجية السابق سعود الفيصل.

هذا ما يعبّر عنه دبلوماسي مخضرم هو المستشار السابق السعودي عبدالله الشمري.

التحليل الوارد في مقدمة المقال قد لا يتوافق كلياً مع قراءته. لكنّ حديثه الصريح مع الميادين نت يفتح أفقاً على زاوية جديدة للرؤية.

يعترف الشمري أولاً بأن السعودية تعرضت لهزيمة بقبولها عون. يقول: "وفق قواعد اللعبة القديمة نعم يمكن القول إن السعودية هزمت، ولكن وفق المنهج الواقعي السياسي يمكن القول إنها هزيمة في شوط المباراة على أمل أن تتعدل النتيجة في الشوط الثاني".

النتيجة واحد- صفر.

يؤكد الدبلوماسي السابق أن الرياض ارتكبت أخطاء في لبنان. مثال على ذلك؟ عدم تنويع سلتها وعلاقاتها مع الأطراف اللبنانية السنية وغير السنية.

يقول إن الحريري كان يزعم في مرحلة معينة إنه رجل السعودية الوحيد في لبنان. لا ينفي الشمري صحة ذلك لكنه يستدرك أن الحريري بالغ في عملية ترسيخ الانتماء هذا.

ويتابع "الوقت الآن لا يسمح بإنتاج حليف آخر غير الحريري لكني أعتقد أن الطرفين، السعودية والحريري، أسسا لقاعدة جديدة من التعامل البراغماتي بينهما". يسميها الشمري "دبلوماسية الطوارئ".

يشير الشمري إلى إعادة تموضع في السياسة الخارجية للسعودية تجاه لبنان. تموضع مبني على نظرة واقعية بدل السياسة العاطفية السابقة. أحد سمات هذه السياسة الجديدة هي الأخذ والرد بدل سياسة الاتجاه الواحد التي كانت سائدة.

أهمية هذا الكلام يأتي كونه يتزامن مع معلومات نشرتها صحيفة السفير اللبنانية. خلاصة هذه المعلومات تحقيقات بدأت تجريها الرياض في ملفات فساد تفوح من سفارتها في بيروت. يرفض الشمري التعليق على مضمونها.

السعودية، بحسب الشمري، لم تكن موافقة على وصول عون. هذا الموقف لم يبلغ حد التصلّب بل كان يحمل في طياته "عدم ممانعة".

لسان حالها للحريري "إذا كنت تتحمل هذه الخطوة فاقدم عليها ونحن نتحمل خفض الأضرار على أمل تعديل الأوضاع بعد تنصيب عون رئيساً والحريري رئيساً للوزراء".

المغامرة الأخيرة

يصف حركة الحريري بـ "المغامرة الأخيرة". يقول "شعوري وليس معلوماتي أن الحريري لم يفعل ذلك إلا بعدما فقد الأمل بالدعم السعودي المباشر، وربما لقناعاته أنه في حال اتبع النصائح السعودية ستبقى المشكلة بلا حل للسنوات المقبلة، مع ما يرافق ذلك من تبعات وخسائر".

استشعر سعد إذاً أن القضية اللبنانية لم تعد أولوية في السياسة الإقليمية والدولية. قام بتحركات تجاه روسيا وتركيا. يقول الشمري "لا أستبعد أنه تلقى نصائح من دول غير المملكة، أعرف أنه سمع من الروس والأتراك أن لا يضع نفسه في خانة المملكة فقط".

وضع الحريري إذاً المملكة أمام الأمر الواقع. الذي يقرأً تطورات العلاقة بين الحريري والسعودية يعرف، بحسب الشمري، أن الأمور لم تكن على ما يرام.

"هناك جملة من الأخطاء التي ارتكبها الحريري سياسياً واقتصادياً جعلت الحكومة السعودية بشكل عام تتراجع عن الاهتمام بلبنان كأولوية كونها معينة بملفات أخرى أكثر أهمية وخطورة مثل الملف اليمني والعلاقة مع أميركا".

لا يدلي الشمري بكلام صريح حول دلالات زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان إلى بيروت بالتزامن مع انتخاب عون. لكن يستنتج مما بين السطور أنها تشير إلى استعجال سعودي في حسم الملف اللبناني. في الوقت نفسه لا تريد الرياض أن يعرف الآخرون أنها كذلك.

هل هناك قطب مخفية؟ وربط للبنان بملفات أخرى؟

ينفي الشمري ذلك بشكل قاطع. "أؤكد أنه لو كان لدى المملكة شيء غير معلن لما كانت أرسلت السبهان. كان يمكن أن ترسل رئيس الاستخبارات بشكل سري أو مندوب أمني في زيارة غير معلنة، لكن إعلان الرياض عن الزيارة دليل على مسألة واضحة".

بالطبع يتنافي هذا الكلام مع تحليل آخر يرى أن زيارة السبهان كان لا بد أن تجري لكي لا تبدو الرياض كمن أصبح خارج اللعبة.

بالنهاية يعبّر الشمري عن تفاؤله حول مستقبل لبنان "على أساس الواقعية السياسية التي بدأت تعتمدها السعودية تجاه علاقتها ببيروت".

يقول "صحيح أن لبنان كان أحد أوجه التعبيرات عن التوتر السعودي الإيراني، إلا أنه يبقى النقطة الأضعف مقارنه بنقاط التوتر الأخرى المشتعلة".

الأربعاء، 14 مايو 2014

السعودية: تراجُع الخاسر ... «صقر» السعودية والشخصية الأساس المعادية لإيران تفتح ذراعيها لحوار مع الجمهورية الإسلامية

    مايو 14, 2014   No comments
إيلي شلهوب
Iran and Saudi Arabia
تطور بالغ الدلالة والمعاني ما صدر عن سعود الفيصل يوم أمس. «صقر» السعودية والشخصية الأساس المعادية لإيران تفتح ذراعيها لحوار مع الجمهورية الإسلامية. العبرة ليست في طهران ولا في الرياض، بل في بغداد وحمص وبيروت و... فيينا

دعوة سعودية للحوار مع إيران، لا شك في أنها لن تكون تفصيلاً عابراً، لا من حيث مضمونها الرامي إلى «تسوية الخلافات وجعل المنطقة آمنة ومزدهرة»، ولا من حيث توقيتها النووي، والإقليمي، والدولي. ولا من حيث الشخصية الصادرة عنها التي تعد من «صقور» المملكة.

المعلومات الواردة من طهران تؤكد أن «أي تغيير لم يطرأ في الموقف الإيراني»، مشيرة إلى أن «الجمهورية الإسلامية، منذ وصول الرئيس حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة، أعلنت أنها منفتحة على حوار مع السعودية وقد عبرت عن ذلك مرّات عديدة علناً»، بينها التصريحات التي رافقت جولة وزير الخارجية محمد جواد ظريف الخليجية الأخيرة والتي كان يأمل منها، في نهاية المطاف، بمحطة في الرياض. وتشير تلك المعلومات إلى أن «الممانعة والرفض كانا دائماً سعوديين، رغم كل الانفتاح الذي أبدته طهران من أجل إصلاح ذات البين».
وتضيف المعلومات نفسها إن آليات عديدة طرحت لحوار بناء، في خلال المحادثات التي جرت عن طريق الوساطة العمانية، والتي جمدتها مسقط بعدما ساءت علاقتها مع الرياض، وعبر الكويت التي تسلمت الشعلة من السلطنة قبل أشهر وتحولت إلى الوسيط الأساس بين الطرفين. وأوضحت أن من بين تلك الآليات ما طرحه السعوديون عن خطوات متوازية تصاعدية لبناء الثقة، تبدأ بلقاء وكيلي وزيري خارجية البلدين، على أن تنتقل إلى محادثات بين وزيري الخارجية، لتصل في نهاية المطاف إلى زيارة يقوم بها الشيخ روحاني للسعودية للقاء الملك عبد الله».

المعلومات المستقاة من دوائر معنية بالعلاقات الإيرانية السعودية تؤكد أن السعوديين طرحوا أخيراً عبر الكويتيين أن يزور مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان الرياض لإجراء محادثات، لكنه «عرض لم يحظ بالرضى الإيراني، على قاعدة أن لا الأجواء السعودية ولا المناخ المرافق لعرض كهذا ولا آلياته ولا حتى مستوى المتفاوضين من ناحية درجة التفويض التي يمتلكانها يمكن أن تؤدي الى اختراق جدي».
لكن، لماذا هذه الدعوة اليوم، في هذا التوقيت بالذات؟ وما هي الدوافع التي تقف خلفها؟
المعلومات نفسها تقدم مستوى أكثر اتساعاً في مقاربتها، تشير إلى «انتخابات العراق التي أظهرت حصول (رئيس الحكومة) نوري المالكي على كتلة برلمانية ستتجاوز في حجمها ما كان يمتلكه في البرلمان السابق، وبالتالي بات واضحاً أنه قاب قوسين من ولاية ثالثة مؤكدة. هناك أيضاً التطورات الأخيرة في حمص، مع ما يعنيه ذلك من يد طولى للمحور الداعم للرئيس (السوري بشار) الأسد على المستوى الميداني في هذا البلد. وهناك أيضاً الوضع في الساحة اللبنانية حيث تبيّن بالدليل القاطع أن لا انتخابات رئاسية من دون رضى محور المقاومة. كلها عوامل، تضاف إلى الضغط الأميركي والدفع الكويتي، عملت على إقناع السعوديين على ما يبدو باتخاذ هذه الخطوة».
ولعل الدفع الأميركي تجلى أمس في زيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل للسعودية، حيث التقى قادة المملكة لبحث ملفي سوريا وإيران. أما الدفع الكويتي فيتجلى في زيارة أمير الكويت لطهران في الأول من حزيران المقبل، حيث من المقرر أن يبحث العلاقات الثنائية، وبينها الخلافات حول الجرف القاري، لكن الأهم أن جوهر اللقاءات سيتركز حول العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي والسعودية على وجه التحديد، إضافة إلى سوريا وأمور أخرى.

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أعلن في وقت سابق أمس أن المملكة وجهت دعوة لمحمد جواد ظريف لزيارتها، قائلاً «نرغب في استقباله، فإيران جارة لدينا علاقات معها وسنجري مفاوضات معها».
وتابع الفيصل، خلال مؤتمر صحافي على هامش منتدى التعاون بين العالم العربي وآسيا الوسطى، «سنتحدث معهم، وإذا كانت هناك خلافات نأمل أن تتم تسويتها بما يرضي البلدين. كما نامل أن تكون إيران ضمن الجهود المبذولة لجعل المنطقة آمنة ومزدهرة وأن لا تكون جزءاً من مشكلة انعدام الأمن في المنطقة». وأشار الى التعبير عن الرغبة في إعادة الاتصالات بين البلدين عبر عنها الرئيس الإيراني (حسن روحاني) ووزير الخارجية (جواد ظريف)». وتابع «لقد أرسلنا دعوة إلى وزير الخارجية لزيارة السعودية، لكن العزم على القيام بالزيارة لم يتحول الى واقع بعد. لكننا سنستقبله في أي وقت يراه مناسباً للمجيء.
وليس واضحاً إن كانت مصادفة، أم أمر مخطّط له أن تأتي زيارة هاغل ودعوة الفيصل مع بدء المرحلة الأخيرة من المفاوضات النووية بين إيران والغرب، وبينما كانت قدما ظريف تطآن فيينا لترؤس الوفد الإيراني إليها.
لكن الأكيد أن تصريحات المرشد علي خامنئي يوم أمس، والإشارات التي مررها فيها، هدفها تظليل محادثات فيينا. كان حريصاً على التشديد على عجز أميركا عن «ارتكاب أي حماقة، سواء عسكرية أو غيرها»، مشدداً على أن «اعتمادنا على طاقاتنا الداخلية وتعزيزها وتركيز جهودنا على الإمكانات الذاتية سيحبط مخططات أميركا والقوى الأخرى في فرض الاستسلام على الشعب الإيراني عبر ممارسة الضغوط». وقال خامنئي، في كلمة ألقاها أمام حشد كبير من أهالي محافظة إيلام بمناسبة ذكرى مولد الإمام علي بن أبي طالب، إنه «ينبغي للقوى الكبرى أن تعلم أن الشعب الإيراني لن يرضخ لمطامعها لأنه شعب حي وشبابه يتحركون وينشطون بالاتجاه الصحيح».
كلام بالغ الوضوح لعله يقف خلف تأكيدات ظريف، من فيينا، «أن الجزء الصعب» قد بدأ فعلاً وأن الاتفاق المنشود قد يجهض حتى في حال غياب التوافق حول فقط «2% من المواضيع المطروحة للبحث». وتدخل محادثات إيران ومجموعة «٥+١» مرحلة جديدة بالغة الدقة والحساسية، مع بدء صياغة ما بات يعرف بـ«الاتفاق النهائي». وستبدأ المفاوضات الفعلية صباح اليوم عقب لقاء ظريف على مائدة عشاء مساء أمس مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي تتفاوض باسم «5+1»، على أن تتواصل حتى يوم الجمعة.
وخلافاً للجلسات السابقة، سيتولى ظريف وأشتون عقد معظم الاجتماعات.
وقد تكون أكثر الملفات خلافية خلال تلك الجولة، البند المتعلق بمفاعل أراك للمياه الثقيلة الذي يطلب الغرب إغلاقه، وقدرة تخصيب اليورانيوم التي تتمسك طهران بأن تحتفظ بها بعد التوصل الى اتفاق محتمل.
ولعل ما يجعل الغرب يعتقد بإمكان الوصول إلى حد أدنى من التفاهم النووي حاجة الطرفين إلى اتفاق كهذا؛ فالرئيس الأميركي باراك أوباما، إضافة إلى كونه بنى سياسته الخارجية في المنطقة على تسوية مع إيران، محكوم بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس آخر هذا العام. وهي انتخابات يبدو واضحاً أنه يحتاج في خلالها إلى «نصر» خارجي لضمان فوز حزبه بها، وخاصة في ظل فشل مشروعه لـ«الربيع العربي» ولإبرام تسوية فلسطينية إسرائيلية ولإسقاط الأسد، وآخر الغيث أزمته في أوكرانيا.
أما الرئيس روحاني، فيراهن على ما يبدو على تفاهم نووي يؤدي إلى رفع العقوبات، وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، ما يشكل رافعة له أمام منافسيه من الأصوليين. لكن المشكلة بالنسبة إلى هذا الأخير أنه أدرك، ولو متأخراً، أن ملف العقوبات الدولية والأميركية مرتبط بملفات أربعة، يحتل النووي الجزء الأصغر منها. أما الملفات الثلاثة الأخرى فهي «الإرهاب» و«حقوق الإنسان» و«الصواريخ»، وبالتالي لا حل للعقوبات قبل الانتهاء نهائياً من الملفات الأربعة تلك. بل حتى لو حصل هذا، يبقى على أوباما مشكلة حل خلافاته مع الكونغرس الذي لا يزال يعارض أي رفع للعقوبات عن إيران.

___________

الفيصل يدعو ظريف.. والكويت تمهّد للخرق  

شكّل إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن توجيه دعوة رسمية سعودية لنظيره الايراني محمد جواد ظريف، أول خرق في المسار المتأزم للعلاقات بين طهران والرياض في السنوات الأخيرة، وأعطى اشارات ايجابية مكملة للاشارات التي تحدث عنها قبل أيام قليلة الديبلوماسي الايراني العريق حسين أمير عبد اللهيان، بحيث بدا أن ثمة قنوات مفتوحة بين العاصمتين أفضت الى قرار السعودية فتح أبوابها أمام الايرانيين.
ومن الواضح أن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في نهاية آذار الماضي الى الرياض، وتأكيده للملك عبدالله أن بلاده ماضية قدماً في خيار توقيع الاتفاق النووي النهائي مع طهران، ومواقف دولة الكويت وتشجيع بعض عواصم الدول الكبرى، ومنها روسيا، ساهمت كلها في بث مناخات ايجابية في الاتجاهين، على أن يتوج هذا المسار بزيارة يقوم بها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني الى السعودية قبل نهاية العام الحالي على الأرجح.
وكان لافتاً للانتباه أن الإعلان السعودي جاء بعد أيام قليلة من اعلان عبد اللهيان عن مبادرة ايرانية لحل الأزمة السورية، مؤكداً أن الفرصة «باتت سانحة الآن لحل الأزمة السورية سياسياً»، وترافق هذا الموقف الايراني مع تطورات سياسية ـ ميدانية في الساحة السورية، أبرزها انطلاق مسار الانتخابات الرئاسية وخروج مسلحي المعارضة من حمص القديمة.
وقال الفيصل في مؤتمر صحافي على هامش «منتدى التعاون بين العالم العربي وآسيا الوسطى»، إننا «نرغب في استقباله (ظريف)، فإيران جارة لدينا علاقات معها، وسنجري مفاوضات معها».
وتابع «سنتحدث معهم وإذا كانت هناك خلافات نأمل أن تتم تسويتها بما يرضي البلدين. كما نأمل أن تكون إيران ضمن الجهود المبذولة لجعل المنطقة آمنة ومزدهرة وألا تكون جزءاً من مشكلة انعدام الأمن في المنطقة».
وأشار الفيصل إلى التعبير عن الرغبة في إعادة الاتصالات بين البلدين، «عبر عنها الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته»، مضيفاً «لقد أرسلنا دعوة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة السعودية، لكن العزم على القيام بالزيارة لم يتحول إلى واقع بعد. لكننا سنستقبله في أي وقت يراه مناسباً للمجيء».
لم يصدر أي تعليق من طهران على الاعلان السعودي، لكن المتابعين لملف العلاقات الايرانية ـ الخليجية، بدوا غير متفاجئين. ثمة اشارات مهدت للموقف السعودي. يتكتم الايرانيون على المعلومات التي راجت في الآونة الأخيرة، والتي تحدثت عن لقاءات عقدت بين مسؤولين ايرانيين وسعوديين في عاصمة دولة خليجية. هم يكتفون بالقول إن الأبواب كانت مفتوحة والتواصل يستمر بشكل دوري مع السفير السعودي في طهران عبد الرحمن الشهري منذ تسلمه مهامه الجديدة في شباط الماضي.
يُصر المتابعون على أن العاصمة الكويتية لعبت دوراً تشجيعياً بين طهران والرياض وحاولت التعويض عن حساسية السعوديين من أي دور لسلطنة عمان في هذا السياق، بعدما تكشفت فصول مفاوضات أميركية ـ ايرانية على مدى شهور طويلة في العاصمة العُمانية، من دون علم كل جيران مسقط.
وكان الرئيس روحاني قد وضع منذ انتخابه قبل 11 شهراً نصب عينيه أولوية إعادة بث الحرارة في العلاقات التي تدهورت بين طهران والرياض، خصوصاً طوال الولاية الثانية للرئيس الايراني السابق محمود أحمدي نجاد حيث كان يتهمه السعوديون بالتنصل من كل التفاهمات التي أبرموها معه، كما اتهموه بإجهاض محاولات جرت لترتيب ملف العلاقات الثنائية عن طريق رئيس مصلحة تشخيص النظام الرئيس الايراني الاسبق الشيخ هاشمي رفسنجاني.
ووفق المتابعين فإن رفسنجاني يلعب حالياً دوراً كبيراً في اعادة فتح الأبواب، وهو الذي تناقلت الصحف الايرانية له صورة في نيسان الماضي أثناء قيام السفير السعودي عبد الرحمن الشهري بتقبيل جبينه في أول لقاء يعقد بينهما وتخلله نقل رسالة شفهية من الملك عبدالله الذي يكن له مودة شخصية كبيرة، ووجه اليه دعوة جديدة لزيارة المملكة وعد بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة، علماً أن رفسنجاني كان قد حاول سابقاً، القيام بمبادرة ما في اتجاه تطبيع العلاقات لكنه لم يجد استعداداً لدى مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي، خصوصاً في ظل الحملة التي كانت وسائل الاعلام السعودية الرسمية تشنها على أحمدي نجاد قبيل انتخاب روحاني.
وكان وصول الشهري الى طهران أول بادرة إيجابية في اتجاه تحسين العلاقات، وأسهمت المفاوضات التي جرت طوال ثلاثة أشهر، عبر قنوات متعددة، في رسم معالم جدول أعمال ايراني ـ سعودي مشترك يبدو مثقلا بالملفات الأمنية، من الخليج (البحرين والسعودية واليمن) الى لبنان وفلسطين، مروراً بسوريا والعراق. لذلك، ثمة أولوية لهذا الملف الأمني، يليه الملف الاقليمي المتداخل حكماً مع الملف الأول، لكن مع تغليب البعد السياسي عليه، وهنا، يجري الحديث عن قواسم مشتركة في ساحات اقليمية عدة، أبرزها الأمن الخليجي المشترك، من دون إغفال حقيقة وجود تباعد في وجهات النظر في أكثر من ملف، خصوصاً سوريا والعراق، حيث يصر السعوديون على أن اية تسوية سياسية في سوريا يجب أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد خارجها، من دون تجاهل حقيقة أن ملف المجموعات الإرهابية «القاعدية» على أرض سوريا بدأ يشكل عنصراً ضاغطاً على كل دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن المتوقع أن يحتل الملف السوري حيزاً أساسياً في أي حوار سعودي ايراني، اذ أن الرياض تعتبر أن الملف السوري يمس كل منظومة الأمن القومي العربي، فيما لا تخفي طهران نظرتها القائلة بأن الملف السوري يمس أمنها القومي أيضاً، وبالتالي، ثمة تداخل بين أمن هذه المنظومة وتلك، الأمر الذي يحتم حواراً يؤدي الى ترسيم حدود النفوذ والمصالح.
كما أن الرياض بدت مستفزة جداً من التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عشية الانتخابات الأخيرة، والتي اتهم فيها السعودية وقطر بدعم المجموعات الارهابية في العراق والمنطقة والعالم.
لذلك، تبدو فرص إيجاد تفاهمات بين الايرانيين والسعوديين، في الملفات الأمنية الخليجية كبيرة يليها لبنان، حيث ألمح الجانبان الى وجود فرص حقيقية لإنتاج تفاهم يشكل مظلة للاستقرار السياسي الذي ينعم به لبنان منذ تشكيل حكومة تمام سلام.
وهنا، يعني الحديث عن تفاهم، أن جدول أعمال ظريف سيتناول موضوع الانتخابات الرئاسية اللبنانية، في ظل ميل غربي للقبول بوجهة النظر القائلة إن الايرانيين وحليفهم اللبناني «حزب الله» لا مصلحة لديهم بالفراغ، بل هم أصحاب مصلحة في انتخاب رئيس جديد، بما يؤدي الى تحصين الاستقرار وتعزيزه.
ويطرح الجانبان ملفاً اضافياً هو «الملف الإعلامي»، اذ أن طهران تشكو من دور بعض الفضائيات السعودية التي تؤدي دوراً خطيراً في مجال التحريض المذهبي، ويرد السعوديون بالاشارة الى وجود فضائيات ايرانية تلعب الدور نفسه، كما أن صحيفة «كيهان» الايرانية لطالما نشرت مواضيع تتناول العائلة المالكة في السعودية، فضلاً عن الاساءة الى دول خليجية عدة عبر مطالبتها بضم البحرين الى ايران الخ...
ومن المتوقع، بحسب المتابعين، أن تشكل زيارة ظريف الذي سيحمل رسالة رسمية من الرئيس روحاني الى الملك عبدالله بن عبد العزيز، فاتحة صفحة جديدة في العلاقات الايرانية الخليجية، من دون استبعاد احتمال قيام كل من أمير الكويت صباح الأحمد الصباح وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة، بزيارة طهران قبل نهاية العام الحالي.
وكانت ترتيبات بروتوكولية متصلة بإمكان اجتماع كل من وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه حسين أمير عبداللهيان بالملك عبدالله بن عبد العزيز، قد أدّت الى عدم حصول الزيارتين في الخريف الماضي، علماً أن ظريف زار معظم حلفاء السعودية في الخليج، بما في ذلك الكويت وقطر وعمان والإمارات منذ إبرام الاتفاق النووي المؤقت في تشرين الثاني الماضي.
ولا يخفي الإيرانيون حاجتهم السياسية، لا بل الاقتصادية بالدرجة الأولى، لاستمرار المنحى التطبيعي مع جيرانهم الخليجيين، وبالتالي بناء «علاقات وثيقة جداً»، عملاً بمبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وهي العبارات التي طالما كررها الرئيس روحاني مراراً منذ وصوله الى سدة الرئاسة الإيرانية حتى الآن.
 _
(السفير)

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

من «الثورة العربية الكبرى» إلى «الثورة السورية»: ما أشبه اللـيلة بالبارحة!

    فبراير 25, 2014   No comments

صالح عبد الجواد*
«صحيح أن الدولة العثمانية ساعدت على إسقاط نفسها، لكنها كانت تمثل البقية الباقية من خلافة تربط وتوحد بين المسلمين، وكان استمرار وجودها عقبة في تهويد فلسطين، ولهذا السبب، وليس من منطلق حقوق الإنسان، كان رأسها مطلوباً للغرب» (المجاهد الشهيد الشيخ راغب حرب) 1

يُظهر هذا المقال بعض أوجه الشبه المفزعة بين ما يسمى «الثورة العربية الكبرى» عام 1916 و«الثورة السورية» الحالية في شقها المُعسكر المحبذ لتدخل أجنبي تقوده وتنفذه الدول التي ليس لها من تاريخ وسجل مع العالم العربي (بما في ذلك بلاد الشام) إلا سجل أسود من التفتيت والتقسيم والتدمير، كان زرع إسرائيل في قلبه وتدمير العراق وتقسيم السودان وتحييد مصر وتطويقها وتهديد شريان حياتها أبرز جرائمها.

أما الهدف من هذا المقال، فهو فتح باب حوار مع القوى الإسلامية التي تتبنى الثورات المسلحة، لعلها ــ رغم انزلاقها في عدائها للنظام السوري إلى درجة ضاعت فيها المسلمات والمبادئ ــ تعود عن غيها، فيكون ذلك «كلمة سواء بيننا وبينكم».
كلتا «الثورتين»، العربية والسورية، استندتا إلى ظلم واقع لا ننكره، وإن كان هذا الظلم مبالغاً فيه، وهو في أحسن الأحوال «كلمة حق يراد بها باطل» 2.
وكلتا «الثورتين» عانتا انفصام الهوية. فالأولى، دشنها شريف مكة الحسين بن علي، أحد أهم الرموز الدينية في العالم الإسلامي، ورغم أنه كان من معسكر رجعي ومحافظ، فقد حارب، ويا للمفارقة، تحت راية القومية العربية، التي كانت في حينها إيديولوجية مقصورة على قلة من مثقفي المدن الشامية العصريين المتأثرين بالأفكار الغربية. والفكرة القومية ظل تأثيرها بعيداً عموماً عن متناول «مثقفي» مكة 3، وعن القاعدة البدوية «للثورة»، حيث لم يعرفها البدو أو حتى سمعوا بها. وفي الثورة الثانية، استطاع من أرادوا عسكرة الانتفاضة وتجييرها لأعداء سوريا اختطاف انتفاضة شعبية سلمية ذات مطالب عادلة في البداية، فأمسكوا بزمامها، فحرفوها عن مسارها السلمي العفوي وعسكروها، مدعين أنهم محاربون تحت راية الإسلام لتحقيق الديموقراطية والعدل.
وكلتا «الثورتين» استندتا إلى دعم العدو الخارجي نفسه (المثلث إياه: أميركا وفرنسا وبريطانيا) لإسقاط وتغيير النظام، وهو عدو، كان بما لا يقارن، أشد خطراً وظلماً من الأتراك العثمانيين أو النظام السوري.
وكلتا «الثورتين» جَيّرتا، بوعي أو دون وعي، مشروع «الثورة» لمصلحة أعداء الأمة وأجندتهم. الأولى، قادها لورنس «العرب» الذي وجه فيصل الأول كما تُحرك الدمى، ولم تكن صفة العروبة التي ألحقت باسمه، إلا تغطية وتضليلاً لما هو عليه في واقع الأمر: مجرد صهيوني مسيحي، عراب اتفاقية فيصل ــ وايزمن (1919) التي تنص على التخلي عن فلسطين لليهود، في مقابل دولة شريفية مستقلة. أما الثورة الثانية، التي روج لبدايتها الصهيوني العتيد برنارد ليفي، فقد أعماها الحقد عن أن ترى كيف تسلم «رقبة وطنها» لأجندة حلف الناتو وإسرائيل. وكلتاهما تحالفت مع الغرب الاستعماري وهو ينخر في أوطانهم. الأولى تحالفت مع الفرنسيين بعد عامين من احتلال فرنسا للمغرب عام 1812، ومع الإيطاليين بعد 3 سنوات من احتلال ليبيا، وكان من خلفهم وأمامهم سجل حافل من تدمير الجزائر ومحاربة إسلامه وعروبته وعبودية أبنائه ومن ابتلاع تونس. أما «الثورة السورية» (كحال الثورة الليبية)، فقد تحالفت مع نفس القوى العظمى الاستعمارية التي هودت فلسطين ودمرت العراق وليبيا والسودان، وعملت على تفتيتها.
وكلتا «الثورتين» طالبتا بتدخل أجنبي مسلح وبحصار اقتصادي لإضعاف النظام ودفع الشعب للتمرد عليه استجلاباً لهذا التدخل. قبل عشرين عاماً من الثورة العربية الكبرى، كتب السير فيليب كوري المفوض السفير البريطاني في إسطنبول إلى حكومته تقريراً بتاريخ الثامن والعشرين من شهر آذار/ مارس 1894 عن الثورات والهبّات في أرجاء الدولة العثمانية، التي مهدت لتفتيتها النهائي، يقول فيه:
«الهدف المباشر للثوار التحريض على الفوضى، مستفزين الدولة العثمانية لإنزال عقوبات شديدة، تجرّ تدخل القوى [الأوروبية] باسم الإنسانية» 4. (هل ضروري أن نذكر أن هذا هو بالتحديد نفس دور المعارضات العراقية والليبية والسورية الخارجية؟).
في الثورة الأولى، أدى الحصار البحري البريطاني الذي صادف فرضه موسمي قحط وجراد، إلى وقف وصول إمدادات الحبوب والمواد الغذائية إلى بلاد الشام، ما أدى إلى مجاعة وأوبئة اودت بحياة 20% من سكان بلاد الشام بين أعوام 1915 - 1918. أما في الثانية، فلم تتكشف آثار الحصار الاقتصادي بعد، وإن كان من غير المرجح أن يؤدي إلى نفس النتائج، نظراً إلى اعتماد سوريا على نفسها، ورفض عراقي وإيراني وروسي وصيني لهذه السياسة.
وكلتا «الثورتين» تتشاركان في حساب جردة الخسائر والأرباح: جرّ الكوارث إلى شعوبهما وشعوب العالم العربي. الأولى أدت إلى كوارث ما زلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم تحت عنوان سايكس - بيكو. وفي الحالة الثانية - إن نجحت - سنكون إزاء كوارث لن نستفيق منها أبداً. فالأولى، دمرت من خلال «هدم دولة الخلافة» كل ما بقي للمسلمين من رابطة تجمع في ما بينهم، رغم ما وصلت إليه هذه الخلافة من «رجل مريض». كذلك أسهمت في تقسيم العالم العربي وتجزئته وإضعافه، ورسم حدود التجزئة التي أضرت بالتكامل والتبادل وحرية الحركة بين الشعوب والأقطار العربية. وأدت دوراً أساسياً في تهويد فلسطين، فما كان للمشروع الصهيوني أن ينجح ابداً لولا زوال الدولة العثمانية.
زئيف جابوتنسكي مؤسس وزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية (منظّر اليمين والأب الروحي لبيغن وشارون ونتنياهو)، كان على قناعة تامة «بأن مصير المشروع الصهيوني مشروط بتدمير الدولة العثمانية، فهذا التدمير وحده الكفيل بتحرير أرض إسرائيل لمصلحة اليهود. وعليه، يجب الإسهام في المجهود الحربي إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى» 5.
أما «الثورة الثانية»، فستؤدي لا محالة - إن نجحت - إلى تفتيت سوريا بعد العراق والسودان وليبيا، ولا يبقى على المستعمرين بعد ذلك، إلا تفتيت مصر، حتى لا تقوم لنا قائمة من بعد إلى عقود طويلة قادمة.

ما أشبة الليلة بالبارحة!

البارحة، هو يوم الخامس من حزيران 1916، وهو يوم شؤم على الأمة 6. نجلا الشريف حسين، فيصل وعلي، يعلنان باسم والدهما وباسم الحركة القومية العربية، «استقلال العرب عن الأتراك» وبدء «الثورة العربية الكبرى» التي قال عنها المؤرخ الفلسطيني الراحل إميل توما: «لا ثورة، ولا عربية، ولا كبرى، ولا يحزنون».
وهم يعلنونها ثورة مقدسة على «الاحتلال التركي» وعلى «ظلم الأتراك واستبدادهم». ومن أين؟ من المدينة المنورة، وتحديداً بالقرب من قبر حمزة أمير الشهداء. المدينة المنورة لا أقل ولا أكثر، المدينة التي احتضن أهلها الرسول، فآوته بعد خوف، وتقاسم أهلها مع إخوانهم المهاجرين السراء والضراء، والتي صاغ فيها النبي دستور الأمة، وأُسس لما سيكون عليه دولتها.
وهما (أي نجلا الشريف حسين فيصل الأول وعليّ) يعلنان «الثورة» ممتطيين صهوة الجياد، رمز فروسية العرب وتحت «الراية الشريفية» المقصورة على اللون الأحمر الداكن وحده 7 التي كان يرفعها الهاشميون حتى تلك اللحظة رمزاً للحجازيين، والتي استُبدل بها بعد عام من «الثورة» علمٌ، هندسه وصممه مارك سايكس، مهندس اتفاقية سايكس/ بيكو 8!
دُشنت «الثورة» بإطلاق «الرصاصة الأولى»، وهي رصاصة جاءت من صناديق ذخيرة وصلت للتو، من حلفائهم الإنجليز عن طريق البحر مع صناديق محملة ذهباً وبنادق ورشاشات. في صناديق المال ليرات ذهبية تلمع، تحمل صورة فارس: (القديس جورج) يطعن بحربته ومن فوق سرجه رمز الشر: التنين 9 .
تُفتح الصناديق ويوزع الذهب والبنادق على «الثوار» كما هي تفتح اليوم صناديق الأسلحة في المفرق الأردنية على يد الملك عبد الله الثاني ابن حفيد الشريف، ثم يبدأ الثوار ثورتهم «العربية الكبرى» تحت قيادة لورنس «العرب» 10 بالتخريب والتدمير. وكان أهم ما قاموا بتخريبه، خط سكة حديد الحجاز الذي يربط المدينة المنورة بدمشق وإسطنبول، وهو خط أنشأه السلطان عبد الحميد بأمواله الخاصة وباكتتاب المسلمين، وخصوصاً مسلمي الهند. جاد فقراء المسلمين قبل أغنيائهم بالمال، وتبرعت النساء بحليهن الذهبية وحرم الكثيرون أولادهم لقمة العيش حتى تكتحل عيونهم بالطواف حول الكعبة وزيارة قبر الرسول. كان خط سكة حديد الحجاز يعني اختصار رحلة الثلاثة أشهر الطويلة، المحفوفة بالمخاطر والمعاناة والعطش واحتمال الضياع، إلى أيام معدودة. تمثلت أبرز هذه المخاطر، في القبائل البدوية التي امتهنت بالأساس سياسة قطع طريق الحج ونهب (وأحياناً قتل) الحجاج. «تعلمنا» كتب التاريخ المزور، أن هؤلاء الأعراب – قتلة الحجاج وعبدة الذهب الأصفر – هم داعمو الثوار الجدد 11. واليوم، في ضوء ما يجري في سوريا، أليس من الشرعي أن نتساءل: هل نـحن أمة بلا ثقافة أو ذاكرة؟

*كاتب عربي
__________

المراجع
1- الاقتباس مستلّ من مقطع وثائقي لفيلم عن حياة الشيخ راغب حرب وكفاحه، بثته قناة المنار على عدة حلقات بعنوان «عمامة المجد» 14-18 شباط/فبراير 2012. لاحظ موقف الشيخ راغب الذي أدرك الفارق بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية.
2- سأعالج ذلك في دراسة مستقلة، وإن تطرقت عرضاً لذلك لأغراض التحليل. قد يقول قائل إن الشريف حسين وأولاده قضوا شطراً من حياتهم في مدينة حضرية كوزموبوليتية (إسطنبول)، لكن هذا الأمر رغم صحته، لا يغير من جوهر ما قلناه شيئاً، بناءً على شهادات المؤرخين الذين عايشوا وعرفوا الشريف الحسين وشخصيته عن قرب.
3- «The immediate aim of the revolutionists has been to incite disorder, bring about human reprisals and so provoke the intervention of the powers in the name of humanity»
4- Sir Philip Currie British embassy Constantinople March 28,1894
5- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) رام الله، 1 كانون الثاني 2006.
http://www.madarcenter.org/databank/TopicView.asp?TopicID=364&SubID=12
6- أيضاً ذكرى حرب الخامس من حزيران عام 1967.
7- عوني الجيوسي: «انتحار المفارقة ومصرع السخرية هل صمم مارك سايكس علم العرب؟»
8- المصدر نفسه.
9- سمع أحد الإنجليز، البدو يحيون الكابتن لورنس بقولهم: «مرحباً أبا الخيال»، فسأل الإنجليزي عربياً: «لماذا يدعون لورنس أبا الخيال؟»، فأجابه العربي سائلاً: «ألم ترَ الجنيه الإنجليزي الذهبي الذي يحمل صورة الخيال؟ الذهب البريطاني، أكثر من أي شيء، هو ما دفع أبناء الصحراء من مكة إلى الشمال» [ للقتال].
10- لإضفاء عروبة زائفة ترضي العربان، يرتدي لورنس كواحد من المستعربين الأوائل العباءة متمنطقاً بخنجر يماني متزيناً بكوفية وعقال.
11- مئة عام أو تكاد، تفصلنا عن «الثورة العربية الكبرى»، وما زال خط سكة حديد الحجاز مدمراً، رغم العائدات النفطية السعودية الفلكية.
_________
الأخبار

الجمعة، 21 فبراير 2014

قنبلة القرضاوي الثانية تنسف اتفاق المصالحة السعودي القطري.. وتفجر ازمة مع الامارات ومصر.. والرد تجميد علاقات.. اغلاق حدود.. وربما عمل عسكري

    فبراير 21, 2014   No comments
عبد الباري عطوان
خطبة الشيخ يوسف القرضاوي “النارية” التي القاها من فوق منبر جامع عمر بن الخطاب في الدوحة بعد اعتكاف استمر لثلاثة اسابيع، “ستحرق” ما تبقى من علاقات بين دولة قطر وجيرانها السعوديين والاماراتيين، وستنبيء باجراءات “عقابية فورية” ضد الاولى اي دولة قطر، بالنظر الى التوتر القائم حاليا في العلاقات.
كثيرون اعتقدوا ان التهديدات الصريحة، والمباشرة، التي وجهتها المملكة العربية السعودية الى دولة قطر وتضمنت اغلاق الحدود معها، ومنع طيرانها من التحليق في الاجواء السعودية، وتجميد عضويتها في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وهي التهديدات التي وردت في صحيفة مقربة من الامارات والسعودية معا تصدر في لندن، ستؤدي الى دفع قطر الى “اسكات” الشيخ القرضاوي ومنعه من الخطابة، باعتباره مفجر الازمة مع الامارات التي اتهمها في خطبة سابقة ومن على المنبر نفسه، بمعاداة الحكم الاسلامي.

ولكن من الواضح ان هذه التهديدات اعطت ثمارا عكسية تماما من خلال متابعة ما ورد في الخطبة النارية للشيخ القرضاوي على دولة الامارات وعلى السعودية وعلى حكومة المشير عبد الفتاح السيسي في مصر، ولا نعتقد ان الشيخ القرضاوي يمكن ان يعود الى منبر الخطابة، وان يقول  ما قاله دون موافقة، بل تحريض، السلطات القطرية الرسمية.
من يعرف امير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الحاكم الفعلي للدولة حاليا، يدرك جيدا انه رجل لا يقبل التهديدات بسهولة، ومن غير المستبعد ان يكون قد اوعز للشيخ القرضاوي بالذهاب الى المسجد والقاء الخطبة النارية هذه رغم مرضه الشديد، اي القرضاوي، الذي كان باديا عليه، لتنفيذ الآراء التي قالت ان الضغوط والتهديدات الاماراتية والسعودية نجحت في اسكات الشيخ القرضاوي، واشارت الى ان قطر بدأت في ابعاد القيادات الاخوانية المصرية التي لجأت اليها.
***
دولة الامارات لم تحتمل هجوم الشيخ القرضاوي السابق عليها، واحتجت رسميا على ما ورد في خطبته الاخيرة حول معاداتها للحكم الاسلامي، واستدعت السفير القطري في ابو ظبي وقدمت له احتجاجا شديد اللهجة، ومن المتوقع ان تغضب اكثر عندما خاطبها في خطبته اليوم قائلا “اغضبكم مني سطران قلتهما عنكم.. ماذا لو افردت خطبة عن فضائحكم ومظالمكم؟”، واضاف متعجبا “انهم لا يطيقون سبع كلمات”.
وهاجم الشيخ القرضاوي “الحكام الذين دفعوا مليارات الدولارات ليخرجوا الرئيس محمد مرسي من الحكم واتوا بالعسكر الذين اكتسبوا آلاف الملايين من قوت الشعب، ولم يكتفوا بذلك بل سلبوا الناس كل حقوقهم من حرية وعدالة وديمقراطية” قاصدا بذلك حكام السعودية والامارات دون ان يسميهم بالاسم.
هجوم الشيخ القرضاوي سواء من حيث اللهجة الحادة التي اتسم بها، او من حيث التوقيت ينسف كليا اتفاق المصالحة والتعهدات المكتوبة التي قدمها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير دولة قطر للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في حضور امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر اثناء اللقاء الثلاثي الطارئ في الرياض في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، وهو اللقاء الذي امتص غضبة سعودية ضد قطر كادت ان تؤدي الى ابعادها من مجلس التعاون اثناء القمة الاخيرة في الكويت.
وكان الامير تميم تعهد بوقف دعم الاخوان المسلمين في الخليج ومصر، ووقف حملات قناة “الجزيرة” الفضائية على السلطات المصرية ودعم مظاهرات الاخوان المسلمين واحتجاجاتهم، والالتزام بسياسات مجلس التعاون الخليجي في هذا الاطار.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو حول طبيعة الردين السعودي والاماراتي على خطبة الشيخ القرضاوي ودعم السلطات القطرية المفترض لها، لانه لا يوجد احد في الخليج يصدق ان الشيخ القرضاوي يمكن ان يعتلي المنبر ويقول ما قاله في خطبته دون علم مسبق من السلطات التي تبث الخطبة على الهواء مباشرة وعبر شاشة التلفزيون الرسمي.
هناك عدة اجراءات فورية وغير فورية محتملة يمكن الاقدام عليها:
*اولا: سحب السفراء من العاصمة القطرية الدوحة، وابعاد السفراء القطريين من عاصمتين مؤكدتين هما الرياض وابو ظبي، وعاصمتين اخريين غير مؤكدتين، الاولى المنامة التي قد تتضامن مع الرياض والثانية الكويت التي كان اميرها هو الشاهد على التعهدات المكتوبة والموقع عليها.
*ثانيا: اغلاق الحدود البرية والاجواء الجوية وحصار قطر بالتالي لان السعودية هي منفذها البري الوحيد الى العالم.
*ثالثا: تجميد عضوية قطر في الجامعة العربية بتحريض مصري خليجي، ومن ثم تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وربما تلعب حكومة مصر التي قال وزير خارجيتها نبيل فهمي ان صبرها قد نفذ تجاه ممارسات قطر دورا مهما في تجميد عضوية قطر في الجامعة خصوصا.
***
اما الاجراءات غير المباشرة وغير المستبعدة فربما تتمثل في ضغوط واجراءات عسكرية، خاصة ان الدول الثلاث اي السعودية والامارات ومصر حاولت قلب نظام حكم الشيخ حمد بن خليفة واعادة والده الشيخ خليفة الى الحكم في شهر حزيران (يونيو) عام 1995 ولكن المحاولة باءت بالفشل.
السعودية اتهمت دولة قطر بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، وكذلك عناصر اخوانية داخل المملكة، وتولى عمليات الدعم، مثلما افادت تقارير اخبارية، احد افراد الاسرة الحاكمة القطرية، ولم يصدر عن دولة قطر اي نفي لهذه التقارير، وهذا خط احمر سعودي يتعلق بأهم مفاصل الامنين الوطني والقومي.
خطبة القرضاوي صبت الكثير من الزيت على نار ملتهبة اساسا، وما علينا الا توقع الكثير من المفاجآت في الاسابيع المقبلة.
خطبة الشيخ القرضاوي “النارية” قد تدخل التاريخ السياسي العربي الحديث على انها الخطبة التي “قوضت” مجلس التعاون الخليجي في صيغته التقليدية المعروفة ان لم تكن قد نسفته، وهو يترنح منذ فترة على اي حال، بعد اكثر من ثلاثين عاما من صموده في مواجهة العديد من الحروب والاعاصير السياسية التي عصفت بالمنطقة.
________

خطبة نارية للقرضاوي يهاجم فيها قادة الامارات ويتهمهم بالتآمر على ثورة مصر بدفع المليارات.. ويهدد بكشف فضائحهم ومظالمهم

القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
قال الدكتور يوسف القرضاوي – معرّضا بحكّام الإمارات – أغضبكم منّي سطران قلتهما عنكم، ماذا لو أفردت خطبة عن فضائحكم ومظالمكم؟
 وقال القرضاوي- متعجبا – إنهم لا يطيقون 7 كلمات.

 وهاجم القرضاويالحكّام الذين دفعوا مليارات وراء المليارات ليخرجوا  مرسي الحاكم الذي اختاره الشعب،  وأتوا بالعسكر الذين اكتسبوا آلاف الملايين من قوت الشعب، ولم يكتفوا بذلك بل سلبوا الناس كل حقوقهم من حرية وعدالة وديمقراطية.
القرضاوى متعبا
وأضاف القرضاوي- الذي بدا متعبا- في خطبة الجمعة اليوم من مسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة:
 لم أخطب منذ ثلاثة أسابيع، جمعة اعتذرت عنها، وجمعتان أقعدني المرض الذي يقعد الناس في هذه الفترة من الزمن” الشتاء” وقرأ قوله تعالى “وخلق الانسان ضعيفا”.
 وقال إن هناك ضعفين يتعرض لهما الانسان: ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة” الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير”.
 وقال القرضاوي: الكذابون والأفاكون يقولون ما يقولون، وخاطب القرضاوي هؤلاء الذين وصفهم بالكذّابين قائلا:
إني ما دمت حيا، ومادام فيّ عقل يفكر ولسان ينطق، وجسم يتحرك، سأظل أخطب  وسأقول كلمة الحق، يرضى بها من يرضى، ويغضب منها من يغضب.
 وتابع: لا يهمني غضب الغاضبين ورضا الراضين، وإنما يهمني رضا الله تعالى، مشيرا إلى أن رضا الناس غاية لا تدرك.
غضب اللئام
واستشهد القرضاوي بقول الشاعر القديم:
إذا رضيت عنّي كرام عشيرة.. فما زال غضبانا عليّ لئامها.. الظالمون يدفعون المليارات لسفك دم
سأقول الحق ما دمت حيا
 وتابع: سأظل أقول الحق، ولا أعادي دولة من الدول، ولا فردا من الأفراد، ولا مجلسا من المجالس، مشيرا إلى أن كل ما يهمه هو الإسلام والمسلمون، وأنه يريد أن يجمع الأمة ويحييها.
 وتابع القرضاوي: أنا في الثامنة والثمانين من عمري، ماذا أريد من الدنيا؟
ليت هؤلاء الناس الغافلين المستكبرين في الأرض، ليتهم يحيون من مماتهم وغفلتهم.
ووصف هؤلاء بأنهم فقدوا عقولهم، مشيرا إلى أنه يقول كل ما في نفسه التي لا تحمل شرا لأحد مسلما أو غير مسلم، برا كان أو فاجرا.
وتحدث القرضاوي عن موضوع الاستكبار في القرآن الكريم، مشيرا إلى أن المستكبرين لن يسعدوا دنيا ولا أخرى.
 وتلا قوله تعالى “إن في صدورهم إلاّ كبر ما هم ببالغيه”
وضرب القرضاوي مثلا بامبراطور فرنسا الذي قال “أنا الشعب” وبمقولة خديوي مصر “ما أنتم إلاّ عبيد إحساناتنا” .
وحذّر القرضاوي من ذنوب القلوب “رياء ، حسد، كبرياء .. وغيرها”  لأن مصير الاستكبار السوء في الدنيا والآخرة.
وقسم القرضاوي الاستكبار إلى: استكبار على الله كما فعل إبليس، واستكبار على الناس.
 وأورد حديث النبي محمد صلوات الله عليه “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” رواه مسلم
وقال إن الرسول صلّى الله عليه وسلم عرّف الكبر – كما ورد في الحديث- بأنه بطر الحق وغمط الناس.
وقال القرضاوي إن أحوال المسلمين في العالم تسوء كل حبيب وتسر كل عدو، مشيرا إلى أنه كتب على هذا الجيل أن لا يكاد يفرح إلا ويحزن بعد ذلك، مشيرا إلى أن ثورات الربيع العربي قامت في “تونس، مصر، اليمن، سورية، ليبيا”
لتقاوم استبداد الحكام، وانتصروا في 4 دول، وبقيت الدولة الخامسة “سورية”، التي كادت تنهزم، لولا مسارعة أهل الباطل لنصرتها وتآمروا بليل على ثورة سورية.
 وقال: لم يكمل مرسي سنة واحدة، حتى اختطفوه بالقوة المسلحة، مشيرا إلى أن شعب مصر صبر على حكامه 60 عاما، ثم ثار ثورة علّمت العالم كله، مؤكدا أن الركون والخضوع ليس من شيمة المصريين.
وهاجم القرضاوي المجلس العسكري الذي انقلب على مرسي، مشيرا إلى أن الذين غدروا بمرسي وافتروا عليه ، لن يفلحوا أبدا، وتلا قوله تعالى “وقد خاب من افترى” “وخاب كل جبار عنيد”
وتابع: ننتظر النقمة تنزل بهؤلاء.
ونبّه القرضاوي على مذابح المسلمين في افريقيا الوسطى،  حيث فعلوا فيهم الأفاعيل، ونكّلوا بعشرات الآلاف من المسلمين، وأجبروهم على الرحيل من بلادهم الأصلية.
أمة المليار والـ 700 مليون؟
وقال القرضاوي: كيف يسكت “مليار و700 مليون” وهم عدد أمة الاسلام على ما يحدث من مذابح ضد المسلمين ؟!وتساءل : أين الأمم المتحدة ومؤسسات العالم الإسلامي والعالم الغربي؟
المسجد الأقصى والمسجد الحرام
وتحدث القرضاوي عن فلسطين والقدس ، مشيرا إلى أن اليهود يريدون أن يقسّموا المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي.
واستصرخ القرضاوي المسلمين قائلا : لا ينبغي للأمة أن تفرّط  في المسجد الأقصى، وإذا فرطت في المسجد الأقصى، ستفرط في المسجد الحرام، لأنهما مسجدان ذكرا في آية واحدة.
وحذّر القرضاوي من استيلاء اليهود على الأقصى، ويكتفي المسلمون بالصراخ والعويل.
مشيرا إلى أنه لن يعيش أحد أكبر من عمره، في إشارة منه إلى الجهاد.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

مكرمة ملكية لايران: لم تكن مملكة القهر قد ادانت الجريمة البشعة، وهي لم تفعل ذلك يوم تفجير الرويس بل يسمع كل انواع التبرير والتغطية لهذه الجرائم

    نوفمبر 20, 2013   No comments
ابراهيم الأمين
لم يكن أحد يتوقّع ان السعودية، ومن معها في حلف تدمير سوريا والعراق ولبنان، يمكن ان ترتدع عن شيء. لكن احداً لم يتوقع ان تبادر مملكة القهر بالمسارعة الى نقل المعركة نحو مرحلة جديدة. بينها فتح الباب امام محاولة تعميم تجربة «انتحاريون في العراق» نحو لبنان، كما هي الحال في سوريا، وكما يجري العمل بقوة، الآن، في اليمن. حتى مساء امس، لم تكن السعودية قد ادانت الجريمة البشعة، وهي لم تفعل ذلك يوم تفجير الرويس. اصلاً، من يقابل السعوديين على مختلف مستوياتهم في الحكم، يسمع كل انواع التبرير والتغطية لهذه الجرائم.

وهو ما يكرّره أزلام الرياض في بيروت من ان المسؤولية تقع على عاتق حزب الله. هؤلاء، لا يدرون ــ او انهم يدرون ولا يهتمون ــ بأنهم لا يوفّرون الغطاء السياسي فقط، ولا الدعم اللوجستي والمالي، بل يقولون للأدوات المفجّرة انهم لن يتنصّلوا منهم، وسيرفضون ادانة جرائمهم، وسيحمّلون القتيل مسؤولية مقتله.

واذا كانت المواجهة المفتوحة في سوريا تتيح استنتاج أن جماعات متضرّرة تريد توجيه ضربات مباشرة الى حزب الله، على خلفية مشاركته في القتال هناك، فلا أحد يمكن ان يكون عاقلاً ويقبل ان يتحول الرد جرائم عشوائية مفتوحة ضد المدنيين. لكن يبدو ان من يملك القرار ليس مهتماً لا بالمدنيين، ولا بأي شيء آخر. بل قرر ان يتقدم خطوة كبيرة نحو بوابة الانتحار. والا فمن هو العبقري الذي قرر الدخول مباشرة في مواجهة مباشرة وبجريمة مباشرة ضد ايران؟

لا حاجة للعودة الى الخلف. بل هناك حاجة الى توضيحات هادئة لأمور عدة:
اولاً: ان أهداف المعركة القائمة في سوريا لن تخضع لابتزاز دموي كالحاصل الآن. بمعنى أوضح: مغفّل من يعتقد بأن ايران او حزب الله سيبدّلان موقفهما من الأزمة السورية ربطاً بهذه الجرائم، وبالتالي، فإن مسار الاحداث في سوريا سيستمر على المنوال القائم حالياً، وحيث مؤشرات الاسبوع الماضي تقود الى مفاجآت لم تكن متوقعة لناحية حجم الانهيار الذي اصاب المجموعات المسلحة المعادية للحكم والمقاومة. وهو الانهيار الذي تجلّى هروباً جماعياً من ساحات المواجهات في ريف دمشق وبالقرب من لبنان كما في حلب وبقية المناطق.

ثانياً: ان النتائج السياسية لما يجري الآن في سوريا، لن تعدل فيها جرائم من هذا النوع. لا بل على العكس، فإن المعطيات التي تعرفها السعودية، قبل غيرها، تشير الى مزيد من التقدم لمصلحة محور المقاومة، والى مزيد من التراجع والخسائر في صفوف المحور المقابل. وهذا الامر سيُظهّر في نوع الاتفاق المرتقب بين ايران ودول الغرب، كما في مستقبل البحث في الحل السياسي للأزمة السورية.

ثالثاً: ان توتر السعودية وفريقها في الاقليم، وفي لبنان وسوريا، سيكون امام استحقاقات جديدة، لأن نقل المعركة الى هذا المستوى، وتوسيع رقعة النار من العراق الى سوريا ولبنان وصولا الى اليمن والبحرين، سيكون له مقلبه الاخر، وهو أمر لا يعتقد كثيرون ان في مقدور مملكة القهر تحمّله.

رابعاً: ان استسهال جهات لبنانية، سياسية او رسمية او شعبية، التعامل بخفة مع هذا النوع من الجرائم، واللجوء الى تبريرها والتغطية عليها، واظهار علامات التشفي جراء ما يحصل، يدفعها الى موقع الشريك في الجرائم. وهي شراكة لها ثمنها الحقيقي الذي يبدأ بتولّي الجناح التكفيري سدّة القيادة، وعندها لا اعتدال ولا من يعتدلون، ويمر بجعل هذا الجمهور وأمكنته قواعد فيها نظام حياة مختلف وخاص، وفيها قواعد لكل انواع الارهاب والاجرام، وصولاً الى جعل المجموع مسؤولاً عن جرائم افراد.

خامساً: ان الامن الوقائي الذي يقوم به حزب الله، ومعه قوى وأجهزة امنية لبنانية رسمية، نجح في تعطيل الكثير من الاعمال الارهابية. لكن فتح الباب امام مسلسل الانتحاريين، سيفرض على هذه الجهة اللجوء الى العمل الردعي الاستباقي، وهو المفهوم الذي له ما له في مواجهة مجانين يستعجلون لقاء الله!

سادساً: يبدو أن الجبهة العالمية لتدمير المشرق العربي، قررت استعجال معركة دموية مع ايران. وللأخيرة طرقها وآليات عملها ومنظومة الردع الخاصة بها. ولن يكون لبنان بالتأكيد ساحة لترجمة ذلك.

أخيراً، يتضح من توتر وجنون السعودية، ومن معها، أن خسارة مشروع اسقاط سوريا ستفرض علينا انتظار موجات اضافية من الجنون على شكل «مكرمات ملكية» باللون الاحمر!

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

التسوية الروسيّة المكاسب والخسائر: سوريا تحت مظلّة النووي الروسي

    سبتمبر 11, 2013   No comments
ناهض حتر

كشف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، الاستحقاقات المترتبة على روسيا، لقاء القبول السوري الإيراني بالمبادرة الروسية للتخلّص من الأسلحة الكيميائية السورية؛ فقد أعلن، أمس، ما يأتي:
أولاً، أنّ «تخلّي سوريا عن سلاحها الكيميائي يكتسب مغزى فعلياً فقط عند تخلي أميركا عن استخدام القوة». وهو ما يعني التزاماً واضحاً ومحدداً بأمن سوريا كحليف استراتيجي في مواجهة الولايات المتحدة والغرب.
ثانياً، أنّ «سوريا كانت تعتبر سلاحها الكيميائي في مقابل السلاح النووي الإسرائيلي». وهو ما يعني أن النووي الإسرائيلي بات مطروحاً على طاولة البحث، ما سيكون، على المدى البعيد، جزءاً من أي تسوية شاملة في المنطقة، لكنه، على المدى القريب، سيكون مطروحاً في أي مفاوضات حول الملف النووي الإيراني. لكن الأكثر أهمية، في هذا التصريح، هو أن موسكو قررت وضع سوريا تحت مظلتها النووية، لقاء تخليها عن قوة الردع الكيميائي

خلال ساعات، نُزع فتيل الحرب الأميركية على سوريا؛ أعلن الروس مبادرة الإشراف الدولي على ترسانة سوريا الكيميائية، مقابل وقف العدوان. وافقت دمشق فوراً، وردّت واشنطن بصورة إيجابية فيها شيء من الحذر الكاذب؛ فقد كشف وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، سريعاً، أن المبادرة التي غيرت المناخ الدولي كله باتجاه التسوية، طُبختْ مع الأميركيين؛ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، باراك أوباما، تبادلا الحديث، في عز إعلانهما الانقسام الكبير بين معسكريهما، حول إمكانات التوصل إلى مخرج من حتمية الحرب. هكذا تكون قواعد اللعبة بين العملاقين، قد وُضعَتْ؛ دمشق وطهران، تفاهمتا مع الروس حول استراتيجية إدارة الصراع من خندق مشترك، لكن، على الضفة الأخرى، حيث لا يوجد حلفاء بل أتباع، فليس ثمّة سوى المفاجأة والخيبة والعويل، وكأنّ رئيس ما يُسمّى «الجيش الحر»، كان يصرخ باكياً بحناجر بندر بن سلطان ورجب طيب أردوغان وبقية الصغار، كالصغار: نريد الضربة، نريد الضربة. لكن عالم اليوم هو عالم الكبار؛ العملاء والخونة والحاقدون، ليسوا سوى أدوات.
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية اليمينية، تشارك أولئك الصغار صيحاتهم المرعوبة: حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة سيستنتجون أنهم لم يعودوا قادرين على الوثوق بها. وتنبّه الصحيفة، خصوصاً، إلى إمكانية خسارة النفوذ الأميركي في مصر. ومصر هي الجوهرة المكنونة للفائز أخيراً في مسار الصراع في المنطقة.
الصراع الدائر معقّد للغاية، ويشتمل على ملفات متعددة ومتداخلة ونقاط للتفاهم وأخرى للتفجير. وإذا كنا لا نغفل، إطلاقاً، أحجام القوى الإقليمية والدولية وأدوارها، فالحقيقة الأولى التي ينبغي أن نراها لكي نفهم التطورات ونتمكن من التنبؤ بها، هي أن الصراع يدور بين الدولتين العظميين، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة.
في العالم العربي، هناك العديد من القيادات والسياسيين وصنّاع القرار والرأي، ممن لا يفهم ـــ أو لا يريد أن يفهم ـــ أن مرحلة القطبية الأحادية قد انتهت، وأننا دخلنا، بالفعل، مرحلة تعدد الأقطاب في إطار معسكرين، روسي وأميركي: لم تفقد روسيا ـــ حتى بتفكك الاتحاد السوفياتي ـــ مواردها الهائلة من الأراضي الشاسعة أو ثرواتها الطبيعية الضخمة أو بناها التحتية كبلد صناعي حديث أو، أخيراً، قواها وصناعاتها العسكرية التقليدية والنووية. ما فقدته روسيا هو هيكلية الدولة والإرادة السياسية الاستراتيجية لإدارة كل ما تملك في مشروع قومي. وهذا ما حققته إدارة بوتين للبلاد. وقد نجحت سريعاً، اقتصادها الآن قوي، بلا أزمة، وجيشها أقوى ويتم تحديثه بميزانيات ضخمة. وهو جيش محترف، لكنه مبني على أسس قومية وشعبية، وأخيراً، فإن مستوى حياة الروس اليوم، بالمجمل، ربما يكون الأفضل عالمياً، فالإحصاءات الغربية تقول إن 77 بالمئة من الروس «سعداء».
بالمقابل، الولايات المتحدة قوة عالمية جبارة، اقتصادياً وعسكرياً، لكنها تعيش ثلاث أزمات: الأزمة المالية الاقتصادية المتجذرة ـــ والتي لم تشهد سوى معالجات هشة ـــ وأزمة اجتماعية تختزن ثورة الفقراء والمهمشين، وأزمة الحروب الفاشلة الباهظة التكاليف في أفغانستان والعراق.
وللولايات المتحدة حلفاء في أوروبا الغربية وأتباع في الشرق الأوسط، ولروسيا، أيضاً، حلفاء من الكبار كالصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وحلفاء أقوياء في المنطقة كإيران وسوريا وحزب الله.
هذه هي اللوحة، وهذه هي توازناتها. وهي، على نحو ما، تعيدنا إلى مطلع الستينيات.
في آب 1962، حصلت الولايات المتحدة على ذريعة للحرب على كوبا؛ كانت قد جربت إطاحة الرئيس فيديل كاسترو بوسائل حرب العصابات المرتزقة (غزوة خليج الخنازير) وفشلت، حين اكتشفت أن روسيا السوفياتية نصبت في الأراضي الكوبية صواريخ نووية متوسطة، ووقع العالم كله في القلق المرعب لحرب كونية، لم يكن الرئيس الأميركي الديموقراطي، جون كينيدي، يريدها بالنظر إلى توجهات إدارته السلموية (بمعنى تفضيل خوض الصراع بالاستخبارات والميليشيات المحلية، لا بالعسكر)، لكنه وجد نفسه، وسط ضغوط التأزيم، في موقف حربجي.
وحين اقترب الفريقان من حافّة الهاوية، توصلا إلى اتفاق بمبادرة الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف: موسكو تسحب صواريخها، وواشنطن تتعهّد بعدم الاعتداء على كوبا؛ كانت تلك اللحظة التي مُدّ فيها الخط الساخن بين عاصمتي الحرب والسلام، وتوضحت حدود الحرب الباردة ومساراتها.
لعل بوتين (الذي يعدّ سقوط الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوستراتيجية في التاريخ)، أفضل تلامذة الحقبة السوفياتية في إتقان الجدل بين تأكيد الانقسام الكبير للعالم، وبين عقد التسويات المعقدة لتلافي الحروب في اللحظة الأخيرة. لكن ميزة بوتين عن أساتذته السوفيات، هي الدينامية السريعة؛ فليس هناك وقت لإضاعته؛ ذلك أن روسيا تستعدّ لتأسيس دورها القيادي في القرن الحادي والعشرين.

الخسائر

في المبادرة الروسية لتجميع الأسلحة الكيميائية السورية وإتلافها، وربما اضطرار دمشق إلى التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة الكيميائية، خسائر جدية لمحور المقاومة والممانعة، لا نستطيع إنكارها، وهي:
أولاً، تجريد سوريا من سلاحها الاستراتيجي الذي يشكل قدرة الردع أمام السلاح النووي الإسرائيلي. وبالمحصلة، سيؤدي ذلك إلى خلل في ميزان القوى بين سوريا والعدو الإسرائيلي. وربما يكون البديل الوحيد المتاح لاحقاً هو الاعتماد على سدّ الثغرة بالمقاومة.
ثانياً، تسليم السلاح الكيميائي السوري تحت الضغط العسكري، سوف يفتح شهية الولايات المتحدة وإسرائيل، لممارسة التهديد بالحرب لوقف المشروع النووي الإيراني. وقد اعتبرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن تطبيق المبادرة الروسية بشأن كيميائي سوريا، سيكون له «تداعيات إيجابية» على الملف النووي الإيراني، من خلال التلويح «بالخيار العسكري ضد إيران».
ثالثاً، ليس هناك ما يضمن عدم الانزلاق إلى وضع استباحة السيادة السورية من خلال التفتيش على النسق العراقي. وهو ما سترفضه دمشق، ويجدد، تالياً، مناخ التهديد بالحرب. وهو ما يتطلب اليقظة، وتقنين تقديم التنازلات، وتلافي الركون إلى مزاج تجنّب الحرب بأي ثمن ... إلخ.

المكاسب

يستطيع أوباما، بالطبع، أن يتبجّح بأن الحكومة السورية رضخت تحت التهديد العسكري. وفي هذا القول ما هو صحيح؛ فدمشق قدمت تنازلاً كبيراً جداً لتجنّب الحرب، لكن، بالمقابل، لا يخفى على أحد أن أوباما كان في مسيس الحاجة إلى مخرج ينقذه من حرب هي فوق طاقة الولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً ومعنوياً واستراتيجياً. وهو ما صاغ السياسة الحربية المترددة للبيت الأبيض. ولقد بات الجميع يعرف ويقرّ بأن إرادة المجابهة ـــ وقدراتها ـــ لدى سوريا وحلفائها، هي التي عطلت، مرة بعد أخرى، الضربات الصاروخية الأميركية. وهذه هي الخلفية الأساسية للمكاسب المتحققة جراء التوافق الروسي الأميركي لتلافي الحرب مقابل الكيميائي؛ لقد اكتشف العالم كله ـــ ربما باستثناء العملاء الصغار في الشرق الأوسط ـــ أن القوة الأميركية لم تعد فوق التوازنات الدولية المستجدة، وأنها مقيّدة بعوامل كابحة، داخلياً وأوروبياً وعالمياً.
ولكن، ما الذي حققه محور المقاومة والممانعة بالملموس؟ تجنّب الحرب الشاملة؟ نعم؛ فرغم ثقتنا بأن حرباً كتلك لن تضع أوزارها بانتصار المعتدين، وأن سوريا وإيران والمقاومة، ستخرج منها، أقوى دفاعياً وسياسياً، إلا أن تحقيق الحد الأدنى من الأهداف (إسقاط مشروع تفكيك سوريا، وتصليب محور المقاومة، وتعزيز تحالفاته الدولية) من دون حرب، ولو بكلفة الكيميائي، يبقى الخيار الأقل كلفة وجدوى. وهو خيار له مكتسباته، ومنها:
أولاً، منع توجيه ضربات عسكرية لسوريا، كان من شأنها أن تزيد من دمار البلد وآلام أهلها، وتضعف قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه ـــ وإنْ موقتاً ـــ على خوض المعركة مع الجماعات المسلحة والإرهابية، وربما حتى تجنّب مذابح سيقترفونها تحت القصف الأميركي.
ثانياً، إحباط الخطة السعودية ـــ التركية الجاهزة لاستغلال العدوان الأميركي والتوغّل البري، أثناءه وبالتنسيق معه، في الأراضي السورية بقوتين مجهزتين مما يسمى الجيش الحر والجماعات الإرهابية، إحداهما تنطلق من الجنوب والأخرى تنطلق من الشمال، على أساس أن تلتفّا على دمشق لتلافي دفاعاتها القوية، ومن ثم تلتقيان في حماه، وتشطران سوريا، بالتالي، إلى شطرين؛ عندها يحدث التقسيم والتطهير على أساس طائفي ومذهبي. ونحن لا نقول إن هذه الخطة كان لها حظ حتمي من النجاح، لكنها كانت جاهزة، وكان يمكن أن تؤدي، ولو جزئياً، إلى تغيير ما في هيكلية الحرب السورية. ثالثاً، إفشال التخطيط الإسرائيلي ـــ وهو ذو وزن أساسي في الحرب الأميركية ـــ الذي كان يركّز على ما بعد سوريا، أي على استجرار الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة ـــ رغم كلفتها الباهظة على إسرائيل نفسها ـــ ضد إيران؛ فمع توسّع الحرب، وشمول الرد السوري ـــ المدعوم من إيران وحزب الله ـــ على ضربات موجعة لمواقع إسرائيلية، كانت ستخلق الشروط للعدوان على الجمهورية الإسلامية نفسها، كما على مواقع حزب الله في لبنان.
رابعاً، الإفساح في المجال أمام الجيش العربي السوري والمقاومة لمواصلة العمليات العسكرية والأمنية ضد الإرهابيين. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تسريعاً في هذه العمليات، وإحراز مكاسب جدية على الأرض؛ ذلك أن كسب المعركة الداخلية ضد الإرهاب وفرض الأمن على مناطق أوسع فأوسع في البلاد، يشكل أساساً لتصعيب خطط العدوان اللاحقة، ويمكن من تحقيق تسوية تكفل ليس فقط وحدة سوريا وإنما، أيضاً، استقلالها وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودورها الرئيسي في محور المقاومة. ويمكننا، هنا، أن نقدّر أن القيادة المشتركة التي تدير المعركة الوطنية في سوريا، سوف تضع على الطاولة، في المرحلة المقبلة، ضرورة الذهاب إلى الحد الأقصى في استخدام القوة لكسر الجماعات المسلحة، وخصوصاً أن الأخيرة تشعر الآن باليأس، ومن المتوقع أن ينفضّ عنها المقاتلون غير المؤدلجين، بحيث تزداد السيماء الإرهابية لتلك الجماعات، وتزداد عزلتها المحلية والإقليمية والدولية.
خامساً، تعزيز وتوثيق العلاقات التحالفية بين سوريا ومحور المقاومة وبين روسيا ودول «بريكس». وسيكون على روسيا، بموجب التزام السوريين بالتخلّص من أسلحتهم الكيميائية، (1) ضمانة عدم اعتداء الولايات المتحدة على سوريا أو إيران أو حزب الله. وهي ضمانة لها استحقاقات جدية في العلاقة بين العملاقين، (2) زيادة وتسريع تزويد سوريا بالسلاح والعتاد، واستكمال توريد نظام صواريخ «اس 300»، وتفعيل الدور الروسي في الدفاع السوري، في مجالات عسكرية واقتصادية وإنسانية عدة، وأهمها شمول سوريا بالمظلّة النووية.
___________

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.