‏إظهار الرسائل ذات التسميات مصر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مصر. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 29 أبريل 2021

الإسلام السّياسي والمراجعات الأردوغانية

    أبريل 29, 2021   No comments

عبد الباري عطوان

هذا الانفِتاح السّياسي التّركي التّدريجي والمُتسارع على المملكة العربيّة السعوديّة ومِصر وبدرجةٍ أقل على الإمارات والبحرين، بات محور اهتِمام الأوساط السياسيّة في المِنطقة العربيّة، وموضع تساؤلات المُحلّلين ورجال الإعلام، بالنّظر إلى حجم العَداء والتوتّر الذي كانت تتّسم به العُلاقات بين هذه الأطراف طِوال السّنوات العشر الماضية تقريبًا.

فمَن كان يتصوّر، وقبل أشهر، أن يُشيد الدكتور إبراهيم كالين، مُستشار الرئيس رجب طيّب أردوغان السّياسي، بالقضاء السّعودي ويُؤكّد احتِرام أحكامه التي أصدرها بالسّجن على ثمانية مُتّهمين مُتورّطين في عمليّة اغتيال جمال خاشقجي، ووصول أوّل وفد دبلوماسي تركي إلى القاهرة الأُسبوع المُقبل، بعد زيارات سريّة على مُستوى مَسؤولي أجهزة المُخابرات، واتّصالات هاتفيّة بين وزيريّ خارجيّة البلدين وتبادُل التّهاني بمَقدم شهر رمضان، و”لجم” محطّات المُعارضة المِصريٍة، وربّما قريبًا الليبيّة في إسطنبول ووقف انتِقاداتها لحُكومات بلادها؟

فإذا كانت العُلاقات وصلت بين تركيا ومِصر إلى حافّة المُواجهة العسكريّة على الأراضي الليبيّة، فإنّ نظيرتها بين تركيا والمملكة العربيّة السعوديّة دخلت ميادين الحرب الاقتصاديّة، والإعلاميّة، واتّسمت في بعض الأحيان إلى التّنافس الشّرس على زعامة المرجعيّة السنيّة في العالم الإسلامي، وما زالت المُقاطعة السعوديّة للبضائع والسياحة التركيّة قائمة، ولكن بقرار غير رسميّ علنيّ، حتّى كتابة هذه السّطور، وإن كانت هُناك مُؤشّرات عن بَدء تآكُلِها.

 

***

أربعة تطوّرات رئيسيّة تَقِف خلف هذا الانقِلاب الوشيك في العُلاقات بين تركيا ومُعظم مُحيطها العربيّ:

الأوّل: إدراك القِيادة التركيّة أنّ سِياسة “الصّدمة والتّرويع” السياسيّة والإعلاميّة التي مارستها طِوال السّنوات العشر الماضية، وضدّ مِصر ودول مجلس التّعاون الخليجي بزعامة السعوديّة، أعطت نتائج عكسيّة وارتدّت سلبًا على تركيا، واقتصادها وزعامتها الإسلاميّة، الأمر الذي دفع حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى اتّخاذه قرارًا في اجتماعه التّنظيمي الأخير في أنقرة إلى التخلّي عن هذه السّياسات التي أغرقت تركيا في حُروبٍ ومُواجهات وأزمات في مُحيطها الإقليمي أدّت إلى عزلها، وإضعاف اقتِصادها، واستِبدالها بسِياسات انفتاحيّة تقوم على التّهدئة والحِوار، وإعطاء مساحة أكبر للدّبلوماسيّة.

الثّاني: يبدو أنّ الرئيس أردوغان وصل إلى قناعةٍ مفادها أنّ “الإسلام السياسي” الذي تبنّاه، ودعمه بعد “ثورات” الرّبيع العربي، لن ينجح في تغيير الأنظمة القائمة، ومِصر والسعوديّة وسورية وليبيا والعِراق على وجه الخُصوص، وأنّ الاستِمرار في هذا الرّهان، في ظِل الأوضاع الاقتصاديّة الصّعبة، والعُزلة التركيّة والعَداء الغربيّ مُكلِفٌ جدًّا لتركيا والحزب الحاكم فيها.

الثّالث: تَصاعُد النّفوذ الإيراني في المِنطقة المدعوم بترسانةٍ عسكريّة قويّة، والانحِياز للقضايا العربيّة المركزيّة، وأبرزها مُواجهة المشروع الصّهيوني، وتأسيس محور المُقاومة بأذرع عسكريّة جبّارة في اليمن ولبنان وسورية والعِراق وفِلسطين المُحتلّة، في إطار مُقاطعة تامّة لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، ووصول صواريخه مُؤخّرًا إلى مُحيط ديمونة في النّقب.

الرّابع: التِقاء الرئيس أردوغان مع قادة مِصر والسعوديّة والإمارات ودول خليجيّة أُخرى على أرضيّة القلق والرّعب من الإدارة الأمريكيّة الجديدة بقِيادة جو بايدن التي أعلنت مُنذ اليوم الأوّل تغيير السّياسيات الأمريكيّة تدريجيًّا ضدّها، أيّ الدّول المذكورة، فقد أوقفت دعمها للتّحالف السّعودي في حرب اليمن، واعترفت بِما وصفته جرائم الإبادة التركيّة للأرمن، وكانت وما زالت أكثر ميلًا للموقف الإثيوبي في أزَمة سدّ النهضة، ولم يُبادِر بايدن بإجراء أيّ اتّصال مع الرئيس المِصري.

السّؤال الذي يطرح نفسه بقُوّةٍ هذه الأيّام، هو عمّا إذا كان قطار “التّهدئة” التّركي الذي بات على وشك الانطِلاق سيتوقّف في القاهرة والرياض وأبو ظبي فقط، أم أنّه سيُعرّج في طريق الذّهاب أو العودة إلى دِمشق الأقرب جُغرافيًّا إلى أنقرة؟

هُناك نظريّتان: الأُولى تقول بأنّ الرئيس أردوغان سيُحاول استِخدام الورقة الطائفيّة، أو العِرقيّة التركمستانيّة ومُحاولة تأسيس “محور سنّي” في مُواجهة النّفوذ الإيراني المُتصاعِد، ومن أجل تعزيز تدخّله العسكريّ في سورية الذي بدأ يتآكل، ولكن ما يُضعِف هذه النظريّة احتِمالات الرّفض المِصري لهذه النّزعات الطائفيّة والمذهبيّة والتمسّك بعلمانيّة الدّولة ومبدأ التّعايش بين الأديان والمذاهب فيها.

والثّانية تُؤكِّد بأنّ هذه المُصالحات التركيّة المُتسارعة مع اثنين من أهم أقطاب السّاحة العربيّة، أيّ السعوديّة ومِصر تَصُب في مصلحة الطّرفين، وقد تكون تمهيدًا للمُصالحة مع سورية أيضًا، بالنّظر إلى حالة الانفِراج الرّاهنة في عُلاقاتهما مع دِمشق، وعدم مُعارضتهما لاستِعادة مِقعَدها في الجامعة العربيّة، وهُناك معلومات غير مُؤكَّدة عن بوادر تهدئة تركيّة سوريّة بوِساطةٍ روسيّة وإعادة فتح جُزئيّ لقنوات الحِوار الاستِخباري.

***

هذا الانقِلاب في الموقف التركيّ هو اعتِرافٌ أوّليّ بفشل سِياسة التدخّلات السياسيّة العسكريّة السّابقة، وخاصّةً في ليبيا وسورية، وهي السّياسات التي تعرّضت لانتِقادات داخليّة شَرِسَة، وشكّلت ذخيرةً قويّةً في يد أحزاب المُعارضة، وإحداث انشِقاقات في صُفوف الحزب الحاكم، ونسف أبرز إنجازاته وهي التّنمية وقوّة الاقتِصاد التّركي والعُملة الوطنيّة.

الرئيس أردوغان أخطأ في تدخّلاته هذه، وخَلَقَ العديد من الأعداء دُون أن يُحافظ على أيّ من الأصدقاء، خاصّةً بمُساهمته بخلق حالة من عدم الاستِقرار والفوضى في كُل من ليبيا وسورية والعِراق، وسيضطرّ في نهاية المطاف إلى التّراجع عن هذه التّدخّلات، تقليصًا للخسائر، فمَن كانَ يتَصوّر أنّه سيَطرُق أبواب القاهرة والرياض طالبًا الوِد، ويتخلّى عن حركة “الإخوان المسلمين” ويُجَمِّد أذرعها الإعلاميّة، ويُقَدِّمها ككبش فِداء للحِفاظ على ما أسماه مصالح تركيا.. واللُه أعلم.

_____________________________

المصدر


الأحد، 30 يونيو 2019

الإخوان المسلمون في مصر يعلنون إجراء مراجعات داخلية

    يونيو 30, 2019   No comments

أعلن المكتب العامّ لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر تبنّي الجماعة توجهاً جديداً للفترة المقبلة، على خلفية ما وصفته بالواقع الجديد بعد وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي وبعد مراجعات داخلية متعددة.

ووصف بيان الجماعة الرئيس مرسي بأنه "رمز التجربة الديمقراطية المصرية"، متهمةً السلطات بـ "تعمد قتله عبر الإهمال الطبي" ومطالبة بمحاسبة جميع المتورطين في ما أسمته "الجريمة".

ورأى البيان أن ما حدث منذ الثالث منذ 3 تموز/يوليو 2013 هو "انقلاب عسكري نتج عنه حكم عسكري دموي يجب إنهاؤه فوراً"، في إشارة إلى الفترة التي تمت تنحية مرسي واستلام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي السلطة.

أما عن استراتيجية عملها المقبلة فأوضح البيان أن الخيار الاستراتيجي الأمثل والأبقى للإخوان هو الخيار الثوري الشامل عبر أدوات المقاومة المدنية المشروعة.

وفي ختام البيان أكدت الجماعة قيامها بمراجعات داخلية ووقوفها على الأخطاء، وخلصت إلى إعلان التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة.

وطرحت الجماعة نفسها كتيار وطني عام ذو خلفية إسلامية، مؤكدة على التواصل خلال الفترة المقبلة مع كافة المنتمين للمعسكر المناهض للحكم العسكري "لتوحيد الأهداف والمنطلقات" وصنع أرضية فكرية مشتركة.

القيادي في الإخوان المسلمين، محمد سودان، أكد أن بيان الجماعة الأخير لم يصدر عن مكتب الإرشاد العامّ، بل عن جماعة الإخوان المسلمين المنفصلة عنه، وأضاف "نحن نختلف في عدد من النقاط الواردة فيه".

وفي اتصال مع الميادين قال سودان إن من ينتمون لجماعة الإخوان بشر ومن الطبيعي حصول بعض الأخطاء خلال فترة حكمهم، وتابع "عندما تطالب أي إنسان بمراجعة أخطائه وهو غير قادر على الدفاع عن نفسه فهذا ظلم".

واتهم سودان النظام الحالي في مصر بأنه لم يسمح لأيٍ من أعضاء الإخوان المسلمين بالمشاركة في الحياة السياسية.
________________

نص البيان:
 
 إنَّ الحمدَ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ومن والاه، وبعد،،


تتوجهُ جماعةُ الإخوان المسلمين بالتحية إلى الشعوب الحرة حول العالم التي حملت قضية استشهاد الرئيس الشهيد محمد مرسي لتسجل في التاريخ شهادة وإقرار شعوب العالم الحر على جريمة قائد الانقلاب العسكري ونظامه واغتيالهم لأولِ رئيس ديمقراطي منتخب في مصر في ظل تواطؤ دولي مريب.

إنَّ استشهاد الرئيس محمد مرسي قبل أيام من مرور ستة أعوام كاملة على الانقلاب العسكري قد فرض واقعًا جديدًا على شكل وطبيعة الصراع بين معسكر الثورة والانقلاب العسكري، يتوجب معه، إعادة تأطير الأجندة الثورية في مصر على محوري الفكر والحركة، لذا فإن المكتب العام للإخوان المسلمين حرص على إعلان موقفه من عدة أمور محورية وهي:

أولًا- الرئيس الشهيد محمد مرسي:
فترى جماعةُ الإخوان المسلمين أنَّ الرئيس الشهيد محمد مرسي هو رمز التجربة الديمقراطية المصرية، بوصفه أول رئيس ديمقراطي منتخب، ونتهم سلطات الانقلاب بتعمد قتله بالإهمال الطبي، وستظل كافة الانتهاكات في حقه سواء السياسية، أو القانونية، أو الإنسانية قائمة حتى محاسبة جميع المتورطين فيها، وسنقوم بدعم كل الجهود الهادفة؛ للتحقيق الدولي بشأن قتل الرئيس وسنناضل من أجل ذلك.

ثانيًا- السلطة الحاكمة في مصر:
ترى جماعةُ الإخوان المسلمين أنَّ ما حدث في مصر منذ ٣ يوليو ٢٠١٣م هو انقلاب عسكري نتج عنه حكم عسكري دموي، لا نعترف به، ولا نشتبك معه سياسيًا، ونرى السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي يعيشها الوطن هو إنهاء الحكم العسكري وهو ما يتحقق بمجموعة من المظاهر وهي:

استعادة الإرادةِ الشعبيةِ من جديد، والقصاص العادل للشهداء منذ يناير ٢٠١١، وعودة العسكرِ للثكناتِ بشكلٍ كامل وحظر اشتغالهم بالسياسة وتفكيك منظومتهم الاقتصاديةِ ودمجها بالاقتصاد الوطني، واستقلال وتطهير الإعلامِ والقضاء، والشفافية فى المعلوماتِ، وإعادة الأموال والأراضي والشركات المغتصبة، وقيام المؤسسةِ الأمنيةِ بدورها الوطني.

ثالثًا – استراتيجية النضال ضد الحكم العسكري:
إنَّ أطر التغيير في الدول وفقًا للتجارب عبر التاريخ لها ثلاث أشكال، إما النضال الدستوري، وإما النضال الثوري، وإما النضال العسكري، وترى جماعة الإخوان المسلمين أن الحكم العسكري في مصر وتكوين المجتمع المصري ونخبته السياسية والاتجاه الشعبي العام لا يتناسبُ معه إلا الخيار الثوري الشامل والتغيير الكلي لمنظومة الحكم في مصر، ومواجهة آلتها العسكرية بالمنهجية الثورية التي شهدها العالم بامتلاك أدوات المقاومة المدنية المشروعة للشعوب للخلاص من النظم الديكتاتورية العسكرية، والتي دعمتها قرارات الشرعية الدولية في عدة دول مرات عديدة، وهذا هو الخيار الاستراتيجي للإخوان المسلمين في مصر حتى وإن طال الزمن في ذلك الطريق.
وبناء على تلك المحددات، فإنَّ المكتب العام للإخوان المسلمين يرى أن المرحلة الراهنة يتحتمُ فيها التركيز على هدفين مركزيين ذوي أولوية في طريق امتلاك أدوات النضال الثوري وهما:

أولًا – العمل على تحرير سجناء الرأي في مصر بشكل منهجي وعاجل، وهو الملف الذي عمل العسكر على تضخيمه لكسر شوكة الحراك الثوري، وعمل على سجن قيادات العمل الثوري من الشباب والتيارات السياسية المتعددة والرموز الوطنية كرهائن لديه خاضعين للتعذيب والإخفاء القسري والقتل العمد بالتصفية أو الإهمال الطبي والأحكام المجحفة بالإعدام والسجن المشدد، هادفًا من كل ذلك إرهاب المجتمع من أي حراك ثوري، وهو ما يحتم العمل الموحد لكسر استراتيجية ”رهائن الثورة“ التي تنتهجها السلطة العسكرية، والعمل تحت هدف رئيسي، وهو تحرير كافة المعتقلين وليس تحسين شروط السجن والعبودية، وذلك بالعمل المشترك لطرح ملف سجناء الرأي على كافة برلمانات العالم، والمحافل الدولية، ومحاصرة سلطات الانقلاب في ملف حقوق الإنسان، والعمل على تحرير المعتقلين الذين يمثلون دعمًا حقيقيًا لأي عمل ثوري مرتقب، ودافع نفسي لكسر حاجز الخوف لدى المجتمع.

ثانيًا – توحيد المعسكر الثوري ونبذ الخلاف، وهو ما نقدمه كطرح عام إلى كل الرافضين للحكم العسكري بمختلف الأيدولوجيات والأفكار وفي القلب منهم إخواننا في الطرف الآخر من الإخوان المسلمين لتجاوز مرحلة الخلاف، وتركيز الجميع على توحيد المنطلقات والأهداف كأساس أولي ينتج عنه تفعيل حقيقي للكيانات والتحالفات الثورية القائمة أو إنشاء أوعية جديدة.

ويؤكدُ المكتبُ العام لجماعةِ الإخوان المسلمين أنه ومع تقديم هذا الطرح فإننا قد قمنا بمراجعات داخلية متعددة، وقفنا خلالها على أخطاء قد قمنا بها في مرحلة الثورة ومرحلة الحكم، كما وقفنا على أخطاء وقع فيها الحلفاء والمنافسون من مكونات الثورة، وقد تسببت تلك الأخطاء والخلافات في تمكين الثورة المضادة من زمام الأمور، لذا فإننا نعلنُ أنَّ جماعة الإخوان المسلمين تقفُ الآن على التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة، ونؤمن بأن مساحة العمل السياسي العام على القضايا الوطنية والحقوق العامة للشعب المصري، والقيم الوطنية العامة وقضايا الأمة الكلية، هي مساحة أرحب للجماعة من العمل الحزبي الضيق والمنافسة على السلطة، وسنعمل في مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب العسكري كتيار وطني عام ذو خلفية إسلامية، داعمين للأمة ونمارس الحياة السياسية في إطارها العام، وندعم كل الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتنا في نهضة هذا الوطن في تجاربها الحزبية، ونسمح لأعضاء الإخوان المسلمين والمتخصصين والعلماء من أبناءها بالإنخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا في رؤيتنا لنهضة هذه الأمة.

ويؤكد المكتب العام للإخوان المسلمين، أنه سيعمل على التواصل خلال الفترة المقبلة مع كافة المنتمين للمعسكر المناهض للحكم العسكري، لطرح رؤيته ”لتوحيد الأهداف والمنطلقات للثورة المصرية“ من واقع المسؤولية الوطنية والأخلاقية، لصنع أرضية فكرية مشتركة تعمل على إعادة النضال الثوري للمساحة الفاعلة من جديد.

المكتب العام للإخوان المسلمين
القاهرة – السبت 26 شوّال 1440هـ – 29 يونيو 2019م

الجمعة، 27 يناير 2017

موقف الإخوان-سوريا الرسمي من مؤتمر أستانة

    يناير 27, 2017   No comments
تعتبر تركيا وقطر الراعي الدولي للإخوان المسلمون بعد ما يسمى بالربيع العربي. ثم أتجهت تركيا نحو روسيا مؤخرا... فما هو موقف الإخوان من مؤتمر أستانة؟

 ___________________
الموقف الرسمي من مؤتمر أستانة

بِسْم الله الرحمن الرحيم

إنطلاقاً من مبادئ الإسلام العظيم فقد حرصت جماعة الإخوان المسلمين في سورية على كلّ مبادرة من شأنها إيقاف نزيف الدماء والحفاظ على أرواح شعبنا السوري وتحقيق أهداف ثورته، وتعاملت معها بإيجابية وروح وطنية عالية.

وفي هذا السياق أصدرت الجماعة بياناً رحّبت فيه باتفاقية وقف إطلاق النار التي وقّعتها الفصائل العسكرية بتاريخ ٣٠ كانون أول ٢٠١٦، واعتبرتها خطوة مهمّة وإيجابية على طريق الحل السياسي.

واليوم والفصائل العسكرية تتّجه للمشاركة في مؤتمر أستانة فإننا نؤكد على مايلي:

أولاً: إنّ لقاء أستانة يهدف لتثبيت وقف إطلاق النار واختبار جدّية النظام وميليشياته من الالتزام بهذه الاتفاقية، والاتّفاق على إكمال العملية السياسية في جنيف، وهو الدور الذي تقوم به الهيئة العليا للتفاوض بما تملكه من شرعية دولية ومرجعية أممية، حسب وثيقة مؤتمر الرياض ومرجعيات جنيف.

ثانياً: نؤكّد على تمسّكنا بمبادئ الثورة وثوابتها، والعمل على تنفيذ البنود الإنسانية الواردة في قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وأن نتحرك جميعاً عن موقف واحد متماسك سياسياً وعسكرياً، ونعتبر أنّ مساحات الاجتهاد السياسي لا تستدعي الخلاف والتخوين، بل يجب أن ندعم بعضنا البعض ضمن رؤية الثورة المتفق عليها.

ثالثاً: مازالت روسيا وإيران والمليشيات الشيعية تمارس القتل والقصف في وادي بردى والغوطة وجنوب دمشق وريف إدلب وحلب، والذهاب لأيّ مبادرة أو خطوة سياسية لا يعني السكوت عنهم وعدم مواجهتهم وردعهم.

رابعاً: اعتبار بشار الأسد ونظامه وأجهزته الأمنية خارج نطاق التفاوض وأنّه لامستقبل لهم في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سورية بعد المجازر التي ارتكبوها بحقّ الشعب السوري.

خامساً: إنّ ثقتنا بنصر الله كبيرة وإنّ ثورات الشعوب ستنتصر في النهاية مهما كانت الصعوبات والتضحيات، وواجبنا هو الحفاظ والثبات على أهداف الثورة وعدم التفريط بها أو بجزء منها مهما كانت الضغوط ومن أيٍّ كان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٨
٢٠ كانون ثاني ٢٠١٧

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

راشد الغنوشي: ثورات مضادّة في مصر وليبيا

    سبتمبر 29, 2014   No comments
المقابلة | راشد الغنوشي: ثورات مضادّة في مصر وليبيا

آدم الصابري

■ لا نريد لتونس ما يحدث في مصر وليبيا
■ لسنا نادمين على ترك الحكم، وواثقون من فوزنا بالانتخابات التشريعية
■ غارات التحالف في سوريا والعراق لن تنهي ظاهرة الإرهاب
■ قيادات الإخوان مرحّب بها لدينا، لكن القرار يعود الى الحكومة
■ الثورة تصارع الثورة المضادة في ليبيا، ونرحب بالمسعى الجزائري
■ نريد الترك والفرس معنا ولا نريدهما يتنافسان على الهيمنة علينا

لطالما دارت الحياة السياسية التونسية حول الشخصيات ـ الرمز. زعيم «حركة النهضة»، راشد الغنوشي، بات إحدى تلك الشخصيات راهناً، ومن هنا كانت أهمية إجراء حوار معه، أكد فيه حقّ حركته في المشاركة في حكم البلاد التي رأى مستقبلها «مسلمة ديموقراطية»

■ يشهد العالم العربي ودول جوار تونس، ممثلة بليبيا وبمصر، ما يشبه المخاض، خاصة في ظل الإخفاقات التي عرفتها التيارات ذات التوجه الاسلامي. بناءً عليه، كيف يرى راشد الغنوشي مستقبل «النهضة»؟
ما يحدث في العالم العربي، خاصة في مصر و ليبيا، هو في حقيقة الأمر صراع بين إرادة التغيير والسعي للعودة إلى الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية، ونراه صراعاً بين الدفع إلى الأمام والجذب إلى الوراء، لذا فما يحدث باختصار هو صراع بين الثورة والثورة المضادة.

وفي ظل هذا الحراك الذي نتابعه باهتمام شديد، تعكف حركة النهضة على مناقشة ودراسة الأوضاع والأحداث على مختلف المستويات، سعياً منها إلى تجنب ما تعيشه بعض الدول كمصر و ليبيا، والاستفادة منها لإيجاد موطئ قدم ثابت يخدم تونس والتونسيين، ونحن متفائلون بأن قوى التقدم والتغيير والديموقراطية ستنتصر.

■ كيف ترون موازين القوى في العالم العربي، و دور القوتين المجاورتين النافذتين، إيران و تركيا؟
العالم العربي يتحرك بشكل متسارع يستدعي الحذر، فكثرة الأجندات خلطت الحسابات، والأصل أن يمثل الترك والفرس عمقاً لهذا العالم العربي، مبني على حسن الجوار والمساندة والتعاون، وينبغي أن يكون دورهما المستقبلي في إطار ترسيخ المبادئ المذكورة آنفاً بعيداً عن نزعة الهيمنة التي إن تنافس عليها الطرفان فستكون العواقب كارثية على العالم العربي. ونحن ندعو إلى بناء عالم إسلامي مبني على الاحترام والتوازن والمصالح المشتركة والمتبادلة، وليس تغليب طرف على آخر.

■ في ظل تلك التطورات، ما موقفكم من «التحالف الدولي» لضرب «داعش» ومكافحة الإرهاب؟
نحن نرفض التدخلات العسكرية الأجنبية مهما كانت الأسباب، ونحن مع احترام سيادة الدول والشعوب، وموقف الدولة التونسية في هذا الإطار كان واضحاً ومشرفاً بعد رفض المشاركة في تدخل التحالف الدولي في العراق وسوريا تحت غطاء محاربة ما يسمى «داعش» أو الإرهاب.

■ إذاً كيف ترون وتقوّمون مسألة محاربة الإرهاب وما يسمى تنظيم «داعش»؟
قبل البحث عن محاربة الإرهاب أو هذا «داعش»، يجب محاربة مسببات ظهور هذه التنظيمات، فالنظام السوري عاث في سوريا فساداً وأتى على الأخضر واليابس، مع تكميم الأفواه والتضييق على الحريات وممارسات الاستبداد والديكتاتورية ضد شعبه، هذه الممارسات هي التي أدت إلى ظهور الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. وفي العراق حصلت التجاوزات التي لا تغتفر بحق السنّة من طرف مختلف الحكومات العراقية المتعاقبة. لقد عاش السنّة في العراق كل أنواع التصفية والتضييق، ما أسهم في تغذية الحقد وهيّأ المناخ لظهور ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي بات يرى أنه يدافع عن الإسلام السني، رغم أنه غير صحيح. هذه الأمور هي التي شجعت على ظهور الإرهاب، فمحاربته عسكرياً تزيد الأمر تعقيداً، ونرى أن الحل الأمني لا يجدي نفعاً ما لم تسبقه محاربة الاستبداد والديكتاتورية، أي يجب محاربة مسببات الإرهاب.
لم ننسحب من الحكم ولا نريد
توافقات لتقاسم السلطة ولا نناور رئاسياً
قبل البحث عن محاربة الإرهاب

■ على جانب آخر، هل هناك نية لاستضافة قيادات من جماعة «الإخوان» المصرية في تونس؟
تونس دولة ديموقراطية تعمل في إطار الأمم المتحدة وتخضع للقانون الدولي كدولة مستقلة ذات سيادة، ومع تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية من طرف عدة دول، وخاصة خليجية، وباتت غير مرغوب فيها من طرف المجتمع الدولي، فإن اتخاذ أي قرار باستقبال شخصيات من الإخوان في تونس يخضع لما تراه الدولة التونسية مناسباً في إطار المجتمع الدولي. لكن نحن كحركة نرحب بالشخصيات الإخوانية التى ترغب في الإقامة بتونس، لأن التونسيين أيضاً وجدوا الدفء في مختلف دول العالم (عندما) كانوا مضطهدين من نظام بن علي، لذا فوجود قيادات من الإخوان المسلمين في تونس نرحب به.

■ عن الوضع في تونس، هل مسيرتكم في الحكم لم تكن عند المستوى المطلوب، بالنظر إلى انسحابكم في نهاية الأمر؟
لا أبداً، فتجربتنا في الحكم كانت خلال فترة حرجة جداً عاشتها تونس، فقد ورثنا عبئاً ثقيلاً عن النظام السابق، قابله شعب متعطش للحريات والتنمية والرفاهية، يعاني مشاكل في مواجهة تحديات، لذا فمشاركة النهضة في الحكم كانت صعبة، لكن هذا لا يعني أن المسيرة كانت سلبية، على اعتبار أننا قدمنا ما نستطيع وما يجب على مختلف المستويات. وهناك أمر آخر، حيث إن مشاركتنا في الحكم هي حقنا.
■ وكيف تفسرون انسحابكم من الحكم؟
النهضة لم تنسحب من الحكم، بل تنازلت لمصلحة تونس. فنحن أعطينا الأولوية للعام على الخاص، وللوطني على الحزبي، وجعلنا الأولوية في إنجاح الخيار الديموقراطي. لذا فتنازلنا نعتبره تضحية لإنقاذ المسار الانتقالي، وقد نجحنا في خدمة المسار الانتقالي وتحقيق الوفاق الوطني، فتنازلنا رسالة قوية للأطراف السياسية الأخرى، بأننا نريد شراكة سياسية مستقرة، لا توافقات مغشوشة لتقاسم السلطة، أو مشروع اقتتال سياسي يمزق وحدة التونسيين. لذا فنحن لسنا نادمين على مغادرة الحكم.

■ يرى البعض أن امتناع «النهضة» عن تقديم مرشح رئاسي بمثابة مناورة، ما حقيقة الموقف؟
امتناع الحركة عن تقديم مرشحها للانتخابات الرئاسية ليس مناورة، بل رعاية لمصلحة البلد وميزان القوة، وفي ذلك مصلحة لتونس، لأن منطق الأغلبية لا يصلح، والحل في التوافق، ونحن مقتنعون بأن تونس بحاجة لمرحلة انتقالية أخرى، لأن التجربة الديموقراطية في البلاد ناشئة وتحتاج لمزيد من الوقت.

■ من هو فارس حركة النهضة في السباق نحو قصر قرطاج؟
في الحقيقة ليس لنا أي اسم محدد في الوقت الراهن، وخاصة أن الهيئة الانتخابية لم تعلن الأسماء التي قُبل ترشحها، لكنْ لكل حادث حديث، وقد نتجه بعد ظهور الأسماء نحو من يخدم تونس والتونسيين، لأننا نسعى إلى خدمة البلاد والعباد، ومنع العودة للاستبداد أو الذهاب للفوضى. نحن لا نريد العودة للهيمنة، ونسعى إلى منع هيمنة حزب واحد على السلطة، ونشجع التعددية والشراكة.

■ كيف ترون مستقبل تونس؟
مستقبل تونس يسير نحو دولة مسلمة ديموقراطية، ونحرص على تحقيق انتقال ديموقراطي هادئ وسلس، وخاصة أن المجتمع التونسي معتدل يرفض الغلو والتطرف.

■ في مقابل تفاؤلكم، تشهد ليبيا الجارة أوضاعاً أمنية خطيرة، ما تأثير ذلك على تونس؟
الوضع الأمني في تونس يتأثر كثيراً بالوضع في ليبيا، والعكس صحيح، وفي هذا الإطار نسعى ونعمل على تحقيق بناء ديموقراطي يكون نموذجاً مغرياً لدى جيراننا الليبيين ويشجعهم على الاقتداء به، والانتقال من التعامل بالرصاص إلى التعامل بالسلام والحوار والبناء.

■ هناك جلسات حوار ستُعقَد في الجزائر، وأنتم على خط المجهودات المبذولة، كيف تتصورون مصير الحوار المنتظر في الجزائر؟
نعم، نحن على اتصالات واسعة مع كل الأطراف الليبية المتنازعة، ونسعى إلى التقريب بين وجهات نظرهم، وقد نعلن عقد جلسات مصالحة بين الفرقاء الليبيين قريباً، وفي هذا الإطار كانت لي زيارة للجزائر، حيث التقيت بالرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة وعدد من المسؤولين لإيجاد حل للأزمة الليبية من خلال عقد جلسات حوار في الجزائر. وقد لمست حرصاً كبيراً من الجزائريين على إنجاح الحوار وتحقيق المصالحة بين الفرقاء في ليبيا، وفي ذلك ندعم جهود الجزائر التي نتطلع إلى أن تتمكن بخبرتها من مساعدة الأخوة الليبيين في التوصل إلى وفاق وطني.

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

اليس من المفروض ان يجلس عقلاء المعارضة السورية سويا لاجراء مراجعة شاملة لتجربة السنوات الثلاث الماضية

    أبريل 29, 2014   No comments
عبد الباري عطوان
 وضع المعارضة السورية المسلحة بات “مقلقا” هذه الايام حيث بدأت الاضواء تنحسر عنها تدريجيا، وبشكل متسارع، في ظل تصاعد الانقسامات فيما بين قياداتها وفصائلها، وتقدم قوات النظام في بعض المناطق على الارض، ومضي الرئيس بشار الاسد قدما في خوض انتخابات رئاسية سيكون حتما هو الفائز فيهان دون اي اعتبار للانتقادات وحملات التشكيك في نزاهتها.
مؤتمر جنيف بنسختيه الاولى والثانية التي راهنت عليه المعارضة كسلّم للوصول الى هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة في حال موت سريري، ولا يزوره احد، وبدأ داعموه في الغرب يترحمون على روحه استعدادا لتكفينه ودفنه، اما منظومة اصدقاء سورية التي بدأت بمئة وستين دولة وانكمشت الى اقل من 11 دولة فقط، لم تجتمع منذ اشهر، واكتفت في الفترة الاخيرة باصدار البيانات الانشائية المكررة، واذا انتقلنا الى جامعة الدول العربية فانها تغيرت، بفعل عودة النفوذ المصري المتحالف ضمنيا مع النظام السوري، وتراجع النفوذ الخليجي نتيجة الازمة القطرية السعودية الى الانسحاب تدريجيا من الملف السوري، والتراجع عن منح الائتلاف المعارض مقعد سورية “الشاغر” فيها.

ولعل التطور الابرز هذه الايام هو كشف الدكتور احمد طعمة رئيس الحكومة السورية المؤقتة رفض الولايات المتحدة الامريكية تسليم الجيش الحر صواريخ “مان باد” المضادة للطيران واعترافه في حديث لصحيفة “عكاظ” السعودية في الوقت نفسه بان الجيش الحر تسلم مضادات للدبابات والدروع، ولكنه طالب في الوقت نفسه بعقد مؤتمر للمعارضة تتم فيه مناقشة القضايا الخلافية لحل الخلاف بين الاركان الجديدة بقيادة العميد عبد الاله البشير والواء سليم ادريس قائد الاركان السابق.
***
المعارضة السورية كانت تأمل ان تتسبب اتهاماتها للنظام باستخدام غازات سامة ضد بعض المدنيين في مناطق سورية عديدة، في حشد العالم الغربي الى جانبها على غرار ما حدث اثناء اتهامات مماثلة باستخدام النظام اسلحة كيماوية في الغوطة الشرقية قبل بضعة اشهر، ولكن هذه الآمال لم تتحقق، لان العالم الغربي مشغول بازمة اوكرانيا اولا، ولانه بات يتشكك بمصداقية هذه الاتهامات مثلما تبين من المقالة الطويلة الموثقة التي كتبها الصحافي الامريكي سيمون هيرش في صحيفة “لندن ريفيو اوف بوكس″ واتهم فيها تركيا بتزويد فصائل اسلامية متشددة لهذه الاسلحة الكيماوية، وان الادارة الامريكية تراجعت عن توجيه ضربات عسكرية لسورية بعد اضطلاعها على هذه الحقائق.
امريكا تعارض بشراسة تسليم المعارضة المسلحة لصواريخ مضادة للطائرات على عكس ما فعلت في افغانستان حيث زودت المجاهدين الافغان بصواريخ “ستينغر” الذين كانوا يقاتلون لاسقاط النظام الشيوعي وهزيمة وحلفائه السوفييت، فهي تدرك جيدا ان تسليم هذه الصواريخ يمكن ان يشل فاعلية الطيران الحربي السوري بأنواعه كافة، ويحسن موقف قواته المعارضة في ميادين الحرب، ولكنها تخشى ان تسقط هذه الصواريخ في ايدي الجماعات الاسلامية الجهادية وتستخدم بالتالي ضد طائرات مدنية وعسكرية اسرائيلية لاحقا.
افغانستان ليست مجاورة لاسرائيل، ولهذا لم تتردد واشنطن في تسليم صواريخ مضادة للطائرات السوفيتية الى المجاهدين، ورغم ذلك شقت هذه الصواريخ طريقها الى دولة قطر التي رفضت الادارة الامريكية في حينها بيعها لها، وعرضتها، اي دولة قطر، في عرض عسكري في منتصف الثمانينات كنوع من “المناكفة” للامريكان، الذين استشاطوا غضبا وطالبوا باستلامها فورا وكان لهم ما ارادوا.
المعارضة السورية جرى استخدامها كورقة ضغط من قبل حلفائها العرب والغربيين على حد سواء، ويبدو ان العمر الافتراضي لهذه الورقة بدأ يقترب من نهايته، ولعل تصريحات توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، وممثل المعسكر الغربي في الشرق الاوسط، التي قال فيها انه يجب التوصل الى اتفاق مع الرئيس الاسد، واقامة تحالف جديد مع روسيا لمواجهة التطرف الاصولي الاسلامي تؤكد مجددا “انقلاب” سلم الاولويات بالنسبة الى الغرب، بحيث تراجع هدف اسقاط النظام السوري الى الاسفل، بينما صعدت اولوية مواجهة الجماعات الاسلامية في سورية وغيرها من دول المنطقة (العراق، ليبيا، اليمن، مصر) الى قمة السلم.
***
عندما كانت الثورة السورية سلمية تطالب بالتغيير الديمقراطي قال السيد زهير سالم مسؤول العلاقات الخارجية في حركة الاخوان المسلمين في سورية عندما زارني في مكتبي قبل عامين ونصف العام تقريبا بصحبة السيد حاتم الراوي، ان حركة الاخوان، وهو شخصيا، يعارض تسليح الثورة السورية، ويصر على التمسك بابقائها ثورة مدنية، لان النظام السوري سيكون المستفيد الاول من عملية التسليح هذه، واكد ان حركة الاخوان تعلمت دروس مجزرة حماة عام 1982، واتفقت معه في هذا الرأي.
كلام السيد سالم يتحقق، ولو جزئيا، على الارض هذه الايام، عسكريا، وسياسيا، بعد ثلاثة اعوام من انطلاق الثورة السورية، سؤالي هو: اليس من المفروض ان يجلس عقلاء المعارضة السورية سويا لاجراء مراجعة شاملة لتجربة السنوات الثلاث الماضية، وممارسة النقد الذاتي، واعادة النظر في كل السياسات والخطوات السابقة، وفحص نقاط الضعف والقوة وبناء استراتيجيات جديدة على ضوء ذلك؟
ربما يكون سؤالنا هذا سابقا لاوانه ولكن نجد لزاما علينا طرحه نحن الذين نقف في خندق سورية الشعب والتاريخ والحضارة حقنا للدماء وتقليصا للخسائر المادية والبشرية فكل سوري عزيز علينا ايا كان موقعه وعقيدته.

الأربعاء، 26 فبراير 2014

«الجماعة» غاضبة من الحريري: انقلب على مبادئه

    فبراير 26, 2014   No comments
غسان ريفي

تتسع الهوة تدريجياً بين الرئيس سعد الحريري وبين «الجماعة الإسلامية» التي تعتبر قيادتها أن «رئيس الحكومة السابق يضع نفسه، عن قصد أو عن غير قصد، في مواجهة المشروع الإسلامي في المنطقة، بعدما شكل الإسلاميون في لبنان رافعة سياسية أساسية له بعد استشهاد والده، وقد استخدمهم منذ العام 2005 في مواجهة خصومه».
حتى الأمس القريب، كانت «الجماعة» تغض النظر عن برقيات التهنئة المتكررة التي أرسلها إلى «الانقلابيين» في مصر وفي أكثر من مناسبة. وقد حاولت البحث عن «أسباب تخفيفية» لموقف الحريري من «الانقلاب على الشرعية الدستورية في مصر الكنانة»، وبذلت جهوداً لإقناع قواعدها أن المواقف يتّخذها تيار «المستقبل» لا تعبّر عن حقيقة الموقف الضمني للرئيس الحريري. خصوصاً أن الحريري نفسه ونواب «المستقبل» والرئيس فؤاد السنيورة كانوا من طلائع المؤيدين للثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، رغم تحالفهم معه قبل ذلك!

في رأي قيادات من «الجماعة الإسلامية» أن مواقف تيار «المستقبل» المتقلّبة مما يحصل في مصر هي تعبير عن عدم وجود استراتيجية واضحة وموقف ثابت، أو أنها تعبير عن «انتهازية» في «المستقبل» الذي يبدو أنه ينقلب على نفسه وعلى تحالفاته ويلتحق بـ«القوي».
ويعتقد أصحاب هذا الرأي في «الجماعة الإسلامية» أن تيار «المستقبل» لا يعبّر عن «براغماتية» في التعاطي مع ما يجري في مصر، وإنما يعبّر عن نزعة قادة «المستقبل» بـ«أن يلتحقوا بالواقع الذي يمكنهم الاستفادة منه».
ويذكّر أصحاب هذا الرأي بأن «الحريري خاصم سوريا واتهمها باغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم عندما أدرك أن المزاج الدولي مع بشّار الأسد ذهب إليه وتبادل معه القبلات واعتذر عما أسماه يومها الاتهام السياسي، ومنحه صك براءة من التهمة، ثم لما حصلت الثورة في سوريا عاد وانقلب مجدداً على مواقفه. كما أن الحريري كان حليفاً للرئيس المخلوع حسني مبارك حين كان في السلطة وكان نظام مبارك حليفاً استراتيجياً له، حتى أن القاهرة صارت آنذاك قبلة الحريري والمستقبليين، ولما سقط مبارك سرعان ما تبرأ منه الحريري والسنيورة وبالتالي كل الذين كانوا يصفقون له، وساروا مع ثورة مصر التي انتخبت محمد مرسي رئيساً وصاروا حلفاء وشركاء في الغنم مع ثورة مصر، ولما حصل الانقلاب على الشرعية ساروا مع الانقلابيين».
تبعاً لذلك، تنظر قيادة «الجماعة الإسلامية» بعين الغضب إلى الزيارة التي قام بها الحريري الى مصر ولقائه رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور ووزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي. وهي إذا كانت غضت الطرف عن مواقف الحريري الإيجابية ممن تسميهم «الانقلابيين» على حكم الرئيس محمد مرسي في مصر، فان هذه الزيارة كانت بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير» وهي دفعت عدداً من قياداتها الى المطالبة بإعادة النظر في العلاقة التي تربط الجماعة بالحريري.
ومما يثير استغراب قيادات «الجماعة»، هو أن الحريري «لم يكن مضطراً للقيام بهذه الزيارة على رأس وفد نيابي من تيار المستقبل، خصوصا أنه ليس رئيساً للحكومة، وليس ممثلاً للسلطة في لبنان، لكي يدفعه البروتوكول أو العلاقات بين الدول الى زيارة مصر في هذا الوقت بالذات، علماً أن أكثر الحكومات العربية لا تتواصل مع المشير السيسي، والدليل على ذلك ندرة زيارات المسؤولين العرب الى مصر».
وتعتقد هذه القيادات أن «السيسي يفتش اليوم عمن يزوره في مصر بهدف توسيع باب الاعتراف بالانقلاب على حكم الاخوان المسلمين، وأن زيارة الحريري لم تكن موفقة، لكونها جعلته ينقلب على مبادئه وعلى مبادئ ثورة الربيع العربي، وهي ستؤدي الى محاصرته في الشارع العربي».
ويقول رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» عزام الأيوبي لـ«السفير»: «إن الزيارة جاءت ترجمة لمواقف سعد الحريري الإيجابية من الانقلابيين على الشرعية في مصر، وهو سيدفع ثمن هذه التصرفات في الساحة اللبنانية نتيجة انقلابه على المبادئ التي لطالما نادى بها، حيث يعتبر نفسه لبنانياً في مواجهة السلاح الذي ينقلب على الإرادة الشعبية، بينما هو في مصر يدعم السلاح الذي انقلب على الإرادة الشعبية، وهو في لبنان مع شرعية الدولة والمؤسسات، بينما في مصر يقف الى جانب من انقلبوا على الدستور والمؤسسات، فضلاً عن أن الساحة الإسلامية في لبنان ترى أن السيسي ومن يقف وراءه من قوى إقليمية ودولية، يحضرون لهجمة شاملة على المشروع الإسلامي في المنطقة العربية ككل، وبالتالي فإن الحريري وعبر الخطوات التي يتخذها يضع نفسه في مواجهة المشروع الإسلامي ومن يؤمن به».
ويلفت الأيوبي الى أن الحريري «يقوم، عبر مواقفه وتصرفاته، بتضييق المساحات المشتركة التي كانت تجمعه مع كثير من المكونات الإسلامية، وإن استمراره بهذا السلوك يؤدي الى محاصرته، وسيجعل تصريحاته وطروحاته الانفتاحية مجرد شعارات غير قابلة للتطبيق».
ينفي الأيوبي قيام تحالف سياسي بين «الجماعة» والحريري، معتبراً «أننا نتعاون في بعض الملفات المحددة، وأن استمرار هذا التعاون رهن بالظروف القائمة»، منتقداً «عدم ثبات الحريري على موقف محدد».
ويضيف: «لقد كنا من المنادين بضرورة السعي لتشكيل الحكومة، لكن سعد الحريري رفع السقف في هذا الإطار الى أعلى المستويات، ومن ثم تراجع عند أول محطة تفاوضية وفاجأ كل من سار خلفه، وبالتالي فهو لم يكن مضطراً للتصعيد ومن ثم التراجع، خصوصاً أن جمهوره لم يعد راضياً عن هذه التناقضات التي تضيّع بوصلة تحركاته».
ويؤكد الأيوبي أن «ليس من مصلحة الحريري دعم من يقوم بمحاربة المشروع الإسلامي في المنطقة، وأن يتبرأ في كل مناسبة وعند كل محطة من الإسلاميين الذين دعموا مسيرته»، مشيراً الى أن «هذا المشروع يتعرض اليوم لكل أنواع المؤامرات بهدف ضربه وإضعافه»، معرباً عن رفضه «لكل الأعمال التخريبية والإرهابية التي تنسب الى الساحة الإسلامية في المنطقة، والتي تصب جميعها في استهداف مشروعها».
__________
  جريدة السفير

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

عندما يغضب السعوديون جراء الطعنة الامريكية المسمومة

    أكتوبر 09, 2013   No comments
عبد الباري عطوان
ليس من السهل ان يغضب السعوديون ويفقدوا اعصابهم بسهولة، فقد تربى المسؤولون منهم على اقصى درجات ضبط النفس، وتجنب الانفعال، والاقدام على ردود فعل متوترة، هذا ما قاله وزير خارجية خليجي في تعليقه على عدم القاء الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لكلمته امام الامم المتحدة احتجاجا على التقارب الامريكي الايراني، واضاف الوزير السابق قائلا لكن الزمن تغير، والمصالح تغيرت، والاعصاب تآكلت ولم يعد من السهل ضبطها مثلما كان عليه الحال طوال عدة عقود في السابق.

الامير سعود الفيصل فقد اعصابه
مرتين والسبب سورية، الاولى عندما انسحب من اجتماع لاصدقاء سورية الاول الذي انعقد في تونس قبل عام ونصف العام تقريبا احتجاجا على تلكؤ الغرب في تسليح المعارضة السورية للدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات قوات النظام الدموية، والثانية في الامم المتحدة اثناء انعقاد الجمعية العامة، احتجاجا على عجزها عن حل الازمتين الفلسطينية والسورية، حسب قول مصدر رسمي سعودي.
السياسة السعودية في سورية تواجه العديد من العثرات، ابرزها ضعف تمثيل الائتلاف الوطني السوري الذي نجحت في الهيمنة عليه، واخراج الموالين لغريمتها قطر منه، وتقليص نفوذ الاخوان المسلمين فيه لمصلحة الليبراليين والاكراد، فالجيش السوري الحر سحب اعترافه من الائتلاف وهاجم رئيسة احمد الجربا المقرب جدا من السعودية.
اما العثرة الاكبر للسياسة السعودية فتتمثل في تصاعد قوة الجماعات الجهادية الاسلامية مثل الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، واكثر من عشرين جماعة اخرى يتبنى معظمها عقيدة تنظيم القاعدة الجهادية وهولاء من الد اعداء السعودية، وعانى زملاؤهم كثيرا من بطشها وقوات امنها، ويكفي الاشارة الى ان طائرات “الدرونز″ الامريكية (بدون طيار) تنطلق في حربها لاغتيال انصار القاعدة في اليمن من قاعدة جوية امريكية داخل الاراضي السعودية وقرب الحدود اليمنية.
السعودية وقطر ربما اختلفتا في صراعهما على السيطرة على المعارضة السورية، ولكنهما اتفقتا على شن حملة اعلامية مكثفة من خلال مدفعيتهما الاعلامية الثقيلة (العربية والجزيرة) من اجل اسقاط النظام، ولكن هذه المدفعية الثقيلة بدأت تفقد زخمها وقوتها وثقة مشاهديها بعد ان طالت الازمة السورية ودخلت النصف الثاني من عامها الثالث، ولم تنجح في اسقاط النظام السوري، مثلما نجحت في اطاحة الانظمة الليبية والمصرية واليمنية والتونسية.
ومن المفارقة ان الرئيس بشار الاسد الذي خسر الحرب الفضائية في بداية الازمة باعترافه في احد خطاباته، مقابل كسبه الحرب على الارض، بدأ يحقق مكاسب كبيرة في الفضاء هذه الايام، دون ان يخسر مواقعه على الارض او معظمها.
الرئيس الاسد بات اكثر ثقة بالنفس، وبدأ هجوما اعلاميا مضادا وبمعدل ثلاث مقابلات تلفزيونية وصحافية (دير شبيغل الالمانية) ومع كبريات المحطات الامريكية (سي بي اس)، والاقليمية وهو الذي كان يجد صعوبة بالغة في الحديث اليها، وظل يكتفي باعطاء مقابلات لمحطات تلفزيون لبنانية مثل “المنار” التابعة لحزب الله، او محطات تركية تنتمي الى الحزب الجمهوري المعارض لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ونكاية بزعيمه رجب طيب اردوغان.
السلطات السعودية تبدو حاليا كالنمر الجريح بعد ان طعنتها ادارة الرئيس باراك اوباما طعنة مسمومة في الظهر بالانقلاب مئة وثمانين درجة تجاه ايران، اي من العدو الذي كانت تحشد الاساطيل وحاملات الطائرات لمهاجمته، الى الدولة الصديقة التي يمكن الحوار معها، واشراكها في مؤتمر جنيف الثاني لحل الازمة السورية، والاهم من ذلك اعادة تقاسم مناطق النفوذ في منطقة الشرق الاوسط معه على اساس الشراكة وليس التنافس.
مأزق السلطات السعودية ربما اكثر تعقيدا من مأزق الرئيس الاسد نفسه، لان مأزق الاول استراتيجي يتعمق، والثاني مأزق عسكري تخف حدته تدريجيا بفضل التراجع الامريكي والدعم الايراني، والدهاء الروسي.
السعودية خسرت العراق، مثلما خسرت سورية، بعدم اطاحتها سريعا بنظام الاسد، وتوشك ان تخسر لبنان، لان خروج ايران من قفص الحصار السياسي الامريكي سيعزز قوة حلفائها في لبنان، وحزب الله على وجه الخصوص، وعلى حساب حلفاء السعودية من السنة، ونصف الموارنة المسيحيين، او ما يسمى بجماعة الرابع عشر من ايار بزعامة آل الحريري.
هذا لا يعني ان القيادة السعودية لا تملك اوراقا قوية في يدها تستطيع لعبها بطريقة مؤثرة اذا احسنت استخدامها، مثل قوتها المالية الهائلة (500 مليار دولار عوائد نفطية سنوية) ودورها الاقليمي خاصة علاقاتها القوية مع حكومة الانقلاب في مصر، لكن في المقابل تعاني صعوبات في تحشيد عمقها الخليجي، فخلافها مع قطر عاد الى الواجهة مجددا، اما سلطنة عمان فتتبنى سياسة محايدة هادئة، وسلطانها زار ايران قبل ثلاثة اسابيع ولقى استقبالا حارا من قيادتها وقبل انفراج العلاقات الامريكية الايرانية، والامارات ما زالت في حال من “الحرد” لاستبعادها من استضافة مقر البنك المركزي الخليجي للعملة الموحدة، والكويت غارقة في صراعاتها الداخلية بين الحكومة والمعارضة، والاسلاميون السنة في مواجهة نظرائهم الشيعة.
ولا يمكن تجاهل الاخطار الاخرى التي تحيط بالمملكة مثل تزايد قوة تنظيم القاعدة في اليمن، وتحول الاخيرة الى دولة فاشلة، وكذلك توتر العلاقات مع حركة الاخوان المسلمين في مصر وباقي دول المنطقة بسبب مساندتها للانقلاب العسكري المصري بقيادة الجنرال السيسي، وهو الدعم الذي ادى الى فتور علاقاتها مع تركيا ايضا.
بعد كل ما تقدم يبدو مفهوما خروج الامير سعود الفيصل عن طوره، وهو يرى سياسة بلاده الخارجية في تراجع خطير، مثلما يرى اثر سم الطعنة الامريكية ينتشر في الجسد السياسي السعودي، مثلما يرى انقلابا في المعادلات الاقليمية والطائفية في المنطقة في غير صالح السعودية، ودون ان تكون هناك فرصة كافية للتعاطي مع هذا التغيير المفاجئ بحكمة وروية.
وتراجع السيد حسن روحاني عن قبوله دعوة من العاهل السعودي لاداء فريضة الحج هذا العام بعد ان قبلها، يرسم صورة واضحة وملخصة  لهذه الازمة السعودية.
ايران اعتمدت على روسيا بوتين، والسعودية اعتمدت على الحليف الامريكي، الاولى تخرج تدريجيا من العزلة، والثانية تدخل بسرعة فيها ولو مؤقتا. الشيء الوحيد المؤكد ان رفض السيد روحاني غصن الزيتون السعودي الذي جاء متأخرا بعض الشيء، قد يعني ان “الحرب بالنيابة” بين البلدين في سورية والعراق واليمن ولبنان قد تزداد اشتعالا في الاسابيع القليلة القادمة.
اتمنى ان تدعو القيادة السعودية حميد كرزاي الرئيس الافغاني للحج والاستماع منه عن الخذلان والاذلال الذي عاناه ويعانيه من اصدقائه الامريكيين لعلها تستخلص بعض الدروس المفيدة.

الخميس، 26 سبتمبر 2013

التغريبة الحمساوية على طريق الخروج من قطر: حماس تفكّر بالخروج من الدوحة. أبواب طهران مفتوحة، ودمشق بشروط، والخرطوم الوجهة الأكثر احتمالاً

    سبتمبر 26, 2013   No comments
قاسم س. قاسم
يعيش رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل نوعاً من «الحصار» بحجة الحفاظ على أمنه. «أبو الوليد» غائب عن الساحة الفلسطينية، ويملأ وقته بممارسة الرياضة، فيما كوادر الحركة يناقشون صعوبات ما بعد انهيار حكم «الإخوان المسلمين» في مصر والانكفاء القطري. البحث جار عن مقر آخر للحركة غير الدوحة. دمشق عاتبة بقوة، وإن كانت هناك إشارات الى أنها تقبل العودة بشروط، فيما طهران مستعدة لفتح أبوابها. لكن الظروف الموضوعية ترشح السودان كأكثر الوجهات احتمالاً... إذا بقي هذا البلد مستقراً

يشعر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أنه يعيش في قطر ما يشبه الحصار، أو الاقامة الجبرية. هذا ما أسرّ به لبعض المقربين. شكا الرجل من عدم قدرته على التحرك براحة، بسبب الاستنفار الأمني من حوله. قيل له مراراً إن سفره يمثّل خطراً عليه. وهو، أصلاً، ممنوع من التصريح، وغير قادر على استقبال كل من يرغب في لقائه.

باختصار، يعيش «أبو الوليد»، اليوم، حالاً من البطالة. فلسطين وهمومها بعيدة عن الفيلا الفاخرة التي خصّصت لإقامته والتي لا يغادرها كثيراً. ووصل الامر بأحد قيادات الحركة الى التساؤل: هل هناك قرار بمنع خروج «أبو الوليد» من قطر؟
في الإمارة الخليجية، يعيش الحمساويون ــــ وليس مشعل وحده ــــ أسوأ أيامهم. وعلى رغم «خوف السلطات» عليهم، إلا أن المفارقة أن الحماية الامنية المؤمّنة لهم غير كافية. وبعض هؤلاء «لا يستطيع النوم ليلاً بسبب حالة القلق التي يعيشها»، بحسب ما ينقل بعض من التقى تلك القيادات. تصرفات السلطات القطرية دفعت ببعض أعضاء المكتب السياسي الغاضبين الى التفكير جدياً في الرحيل من الدوحة، والمطالبة بنقل مقر إقامة رئيس المكتب السياسي الى خارجها. وتشير المصادر الى أن مشعل أبدى موافقة على فكرة الانتقال من الدوحة الى مكان آخر: طهران، بيروت أو الخرطوم، وأن البحث في الأمر بدأ مع الحليف الأقرب والأوثق، برغم كل الخلافات... إنه حزب الله.

انقسام المكتب السياسي
المعاملة القطرية السيئة لمشعل أجّجت الخلافات داخل حماس. ففي الأساس، كان بعض أعضاء المكتب السياسي قد رفضوا خطوة الخروج من سوريا الى الدوحة، لما تحمله من معانٍ مستفزة لمحور المقاومة الذي لا تزال الحركة تصرّ على الانتماء اليه. يؤكّد متابعون للملف الحمساوي أن «قرار الذهاب الى قطر لم يتخذ بموافقة كامل أعضاء المجلس، وجرى التصويت بمن حضر». ويوضح هؤلاء: «كان الحاضرون حينها ثمانية من أصل ثمانية عشر عضواً». كوادر الداخل الذين يعرفون تماماً قيمة ما قدمته إيران وحزب الله وسوريا لهم كانوا أبرز الرافضين، ولذلك «عندما زار رئيس هيئة العلماء المسلمين يوسف القرضاوي غزة، تمنى رئيس الوزراء المنتهية ولايته إسماعيل هنية عليه عدم انتقاد حزب الله من على منابر القطاع». ولكن القرار اتخذ: انسحبت «حماس» من سوريا، ورفعت لواء «الإخوان المسلمين» وتبنّت سياستهم المعادية لدمشق التي آوتهم حين كانوا مرفوضين في العالم.
في الفترة الماضية، أصدر المكتب السياسي للحركة بيانات عدة. أحد هذه البيانات صدر عن نائب مشعل، موسى أبو مرزوق، بعد دخول سيطرة حزب الله على مدينة القصير، تمنى على الحزب سحب عناصره من سوريا. لكن أبو مرزوق أوضح لقيادات في الحزب، في ما بعد، أنه «ضُغط علينا لإصدار البيان، لا بل إنه كان مطلوباً أن يكون أشد لهجة ضد حزب الله»، بحسب مصادر قريبة من حزب الله. يومها، استوعب الحزب الإحراج الذي تعيشه الحركة، وأبدى تفهّمه لما قد يصدر عنها. لذلك لم تتوقف زيارات أعضاء المكتب السياسي للحركة الى بيروت حيث يحلون ضيوفاً على حزب الله. في إحدى زيارات القيادي محمود الزهار الاخيرة للبنان، «التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكثر من 6 ساعات»، يقول أحد الحمساويين.

القسّام: السلاح الإيراني يحمينا
على مدى سنوات تعاونت كتائب القسام مع حزب الله. تبادل الطرفان الخبرات. أوصل الحزب السلاح الايراني الى القطاع، واعتقلت شبكات للحزب في مصر بتهمة مساعدة المقاومة في غزة. لا تزال هذه العلاقة قائمة حتى الآن. يزور أبناء القسام بيروت. يمكثون أياماً عدة في العاصمة اللبنانية في ضيافة الحزب في طريقهم الى إيران. التنسيق بين الطرفين لا يمر في أغلب الاحيان عبر المكتب السياسي لحماس أو الحزب بل عبر «عسكر» الطرفين. حتى الآن، تؤكد الحركة التي أسّسها الشيخ الشهيد أحمد ياسين أنها مقاومة فلسطينية، حتى ولو ضلّ بعض أبنائها الطريق وأعطوا الأولوية لقتال النظام في سوريا.
من جهته، حزب الله يفضّل عدم تحميل الحركة مسؤولية تصرفات بعض عناصرها. وتجزم مصادر قريبة من الحزب بأن «لا قرار سياسياً في الحركة بالقتال ضد النظام. الذين يفعلون ذلك منطلقاتهم شخصية، ولا يمكن تحميل الحركة مسؤولية ما يقوم به بعض عناصرها أو من قامت بتدريبهم».
إصرار «القسام» على المقاومة والتأكيد أنها النهج الوحيد لتحرير فلسطين، خصوصاً بعد عملية «عمود السحاب» العام الجاري، دفعت إيران الى إعادة ترميم وتذخير مخزون حماس العسكري. وهذا الخيار أيضاً هو ما أبلغته قيادة القسام الى من يهمه الامر في طهران وحارة حريك، وقد وصلت أخيراً رسالة الى الحزب من «أبناء القسام»، أكدت فيها القيادات العسكرية، بحسب المتابعين، «تمسكها بالتعاون بين الطرفين»، وأن «الاموال القطرية لا تحرر فلسطين»، وأن «السلاح الايراني هو الذي يحمي أبناء القطاع ويحرر الاراضي المحتلة». الرسالة أكدت لحزب الله أن «عسكر غزة» لم يخرجوا من عباءة المقاومة ولم تمسّهم الطائفية بأمراضها.

حماس في حضرة قائد فيلق القدس
أخيراً، سافر وفد من حماس الى إيران لتقديم العزاء الى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني بوفاة والدته. قال رئيس الوفد محمد نصر كلاماً كثيراً أمام المسؤول عن ملف المقاومة في إيران. بعض زوار طهران يروون أن سليماني أبلغ وفداً من الفصائل الفلسطينية ومن المعزين أنه اطّلع على مشكلات حماس في الأمكنة كافة، كما اطّلع على المناخ المستجد لدى قيادة حماس للبحث عن مقر جديد.
ويقول بعض من اطلعوا على مجريات اللقاء أن «سليماني طرح فكرة العودة الى سوريا في حال أجرت الحركة مراجعة شاملة للمواقف التي اتخذتها في الفترة الماضية». وهذا، بحسب المتابعين للملف الحمساوي، ما بدأته الحركة بالفعل بعدما ثبت أن خيار خلع العباءة الفلسطينية والعودة الى الجذور الإخوانية كان خاطئاً.
ويقول المتابعون إن «العودة الى الجذور الفلسطينية» حتّمها تحذير «كتائب القسام» مسؤولي الحركة من أنه لم يعد جائزاً السكوت عن مواقف المكتب السياسي المعارضة تماماً لتوجهات «العسكر». وهو ما ظهر أخيراً خلال كلمة لـ«الكتائب» خلال عرض عسكري في مخيم النصيرات، أُعلن فيها رفض أي ضربة عسكرية لسوريا.
وبالعودة الى لقاء نصر وسليماني، تقول المصادر إن الأخير «اقترح على نصر أن تطرح حماس مبادرة على الاتراك لإقناعهم بأن العمل العسكري في سوريا لن يوصل الى نتيجة، وبأن الحل السياسي هو ما سينهي الصراع». ويعتقد الايرانيون أن هذه المبادرة قد تلقى تجاوباً من قبل الاتراك، لأن التجربة الاميركية حيّة أمامهم. فقد وافق البيت الأبيض على المضي في تسوية سياسية بعد اقتناعه بأن أي عمل عسكري لن يوصل الى حلّ. الحمساويون، من جهتهم، قد يتجاوبون مع هذا الاقتراح، لكن الاهم حالياً بالنسبة إليهم، هو: الخروج من قطر.

حماس والشتات الجديد
قبل سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، كان من المفترض أن ينتقل المكتب السياسي لحماس الى الاردن. أبدى الملك عبدالله موافقته على إقامة «أبو الوليد» وأعضاء المكتب في عمان. ورغم إبلاغ الاجهزة الامنية الاردنية الملك معارضتها لهذه الخطوة، بقي الأخير مصرّاً عليها، من أجل إرضاء الإخوان المسلمين في الاردن. لكن سقوط مرسي دفع الملك الى التراجع بعد شعوره بأن انكسار شوكة الإخوان في مصر سينعكس على الإقليم كله.
حالياً تبحث حماس عن ملجأ جديد لها يجعلها قريبة جغرافياً من فلسطين. دول الطوق لا تستطيع تحمّل وجود المكتب السياسي لحماس على أراضيها. مصر، بالطبع، لن تستقبل «أبو الوليد» في ظل الاتهامات المصرية للحركة بعمليات تخريب في القاهرة. ولبنان غير قادر على تحمّل هذا العبء، إضافة الى أن وجود الحركة على الاراضي اللبنانية سيحرجها نتيجة الانقسام السياسي الحاد فيه. أما بالنسبة الى سوريا، فهناك لائحة مطالب واضحة لاستقبال حماس مجدداً. «وأول الشروط العودة من دون أبو الوليد». هذا ما يؤكده مطلعون على المداولات. ويشير هؤلاء الى أن دمشق يمكن أن تغفر كل أخطاء حماس، «ولكن لا يمكن أن تنسى ما فعله مشعل في زيارته الاولى ــــ وربما الاخيرة ـــــ لفلسطين، عندما رفع علم المعارضة السورية».
من جهتها، «عرضت إيران استقبال الحركة في طهران»، بحسب من حضروا لقاء سليماني ونصر، «ولكن هذا أمر مستبعد، على الأقل الآن، إذ يستحيل أن تخرج حماس، مباشرة، من الدوحة وما تمثله من مشروع الى طهران وما تمثله من مشروع معاكس».
في ظل هذه المعطيات، تبقى الخرطوم الوجهة المقبلة الأكثر احتمالاً. أبناء السودان يعرفون حماس جيداً. في الخرطوم تجري انتخابات المكتب السياسي، وهناك يجتمع أعضاء المكتب عادة. اختيار هذا البلد قد يكون لقربه النسبي جغرافياً من فلسطين، وكذلك من ليبيا الإخوانية، وبذلك لا تكون حماس قد خرجت من جلدها كلياً. أضف الى ذلك أنه من المعروف أن إيران انشأت لحماس مصانع أسلحة في السودان.

محاسبة مشعل؟
كان الشهيد أحمد الجعبري، القائد العسكري لكتائب القسام، والقيادي الزهار، من أبرز المعارضين لسياسة «أبو الوليد». فخلال زيارة الامير القطري حمد بن جاسم لغزة، «حاول الأخير إقناع الجعبري بضرورة التهدئة مع الاسرائيلي في الوقت الحالي، لأن الثورات في العالم العربي أوصلت الإخوان المسلمين الى الحكم ويجب تمكينهم أكثر، وأن واقع الحال الآن أنه لا وجود لمقاومة ولا وجود لمفاوضات، والهدوء والتنمية هما الحل الافضل».
في تلك الجلسة خرج الجعبري من الجلسة معلناً تمسكه بالمقاومة، وبعدها بيومين اغتيل. ومن يومها سرت الشائعات عن دور للاستخبارات القطرية في اغتياله.
أما الزهار، فله كلمته بين عسكر غزة، لأنه قدم أبناءه شهداء. بعد إعادة انتخاب مشعل رئيساً للمكتب السياسي، حاول أعضاء المكتب «قصقصة» أجنحته داخل الحركة. لكن الرجل ظل متمرداً على المكتب السياسي بسبب رفضه أغلب المواقف التي صدرت عنه. وحالياً هناك توجه داخل حماس، وصلت أصداؤه الى إيران ودمشق، «يقضي بمحاسبة رئيس المكتب السياسي بسبب ما وصلت اليه حال الحركة»، بحسب أحد المتابعين. وفي حال تم ذلك وأقصي مشعل عن رئاسة المكتب، فستفتح صفحة جديدة في كتاب الحركة الفلسطينية.
_______

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

هل ينشأ تحالف سوري دولي ضد الإرهاب؟

    سبتمبر 20, 2013   No comments
زياد حيدر
قد لا يطول الوقت قبل أن تظهر فيديوهات جديدة مثيرة للغثيان من اعزاز، مع بسط تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) سيطرته عليها.
المعركة التي لم يكن من مفر منها، تأتي في سياق المنافسة الحادة القائمة بين القوتين العسكريتين القائمتين في الشمال، «الجيش الحر» الذي يشكل تحالف فصائل مختلفة، ليست متفقة سوى في أهدافها القريبة وهي مقاتلة النظام، وتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
التنظيمان الأخيران، و«داعش» هو الأقوى بينهما، يمتلكان طموحا عقائديا معروفا، يتمثل في إقامة دولة الخلافة الإسلامية، ووضع اليد على كل من المعابر الحدودية مع تركيا والعراق، كما آبار النفط التي تستطيع أن توفر للتنظيمين، ومن خلفهما التنظيم العالمي لـ«القاعدة» مصدر تمويل كبيرا، يتفوق على كل مصادر تمويل التنظيم التقليدية أو السابقة.

وتنطوي معركة اعزاز على أبعاد أكبر من إطار التنافس بين الطرفين، واستفزازات فروع «القاعدة» في المعارضة السورية لسائر التنظيمات، عبر حبس أطباء ميدانيين وناشطين للمعارضة المقربة من «الائتلاف الوطني» المعارض، مرورا في وقت سابق بقتل قياديين من «الجيش الحر».
إذ ان تقدم «داعش» في الشمال الحلبي بعد بسط سيطرتها على الرقة، ونفوذها الكبير في سائر الشمال الشرقي في سوريا يغيران سياق الحسابات، التي تميل منذ عامين لاعتبار أي تراجع لقوى الجيش السوري أو النظام، تقدما للحلفاء الغربيين الإقليميين المعادين له. وتمثل حالة «داعش» تقدما لخطر أكبر بنظر العالم من «خطر» انتصار الرئيس بشار الأسد على خصومه الداخليين، وفق الحسابات الغربية، الأمر الذي قد يغير وجهة حسابات العديد من الدول، ولا سيما بعد صفقة «الكيميائي».
ووفقا لخبراء غربيين، سبق أن عاصروا أزمات تتقارب مع الأزمة السورية بمعطيات متعددة، فإن «السير باتفاق جنيف لنزع السلاح الكيميائي السوري قد يرافقه السير بعملية أخرى، ستشكل سابقة في العلاقات السورية الدولية بعد عامين ونصف عام من المجافاة».
ويبنى الخبراء على معطيات ديبلوماسية وأخرى أمنية، إضافة للتطورات الميدانية المتمثلة بتقدم تنظيم «القاعدة»، واستيلائه على المزيد من المناطق كما تمكنه من تشغيل منظومات الدبابات والرادارات البسيطة ومضادات الطيران التقليدية التي استولى عليها في معاركه.
ويدخل في سياق المعطيات الديبلوماسية التنسيق الذي جرى بين الجانبين السوري والألماني في تبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بتنظيم «القاعدة» وإمداداته اللوجستية ومد الكوادر الأجنبية الذي يصله تحديدا. ورغم أن الجانب الألماني يتحرك في الظل، منذ أشهر، وتتجنب دمشق الإعلان عن تحركه علنا، إلا ان نشاط الديبلوماسية الألمانية لا يجري من دون متابعة أميركية حثيثة، وتنسيق غير مباشر بين عضوي حلف شمال الاطلسي، وذلك بينما تبقي دول أخرى على علاقات تواصل مع سوريا، كالنمسا واسبانيا واليونان وبعثة الاتحاد الأوروبي ودول شرقية أوروبية، ظلت تحتفظ بمنظور خاص للأزمة السورية، وأبقت على استقلالية قرارها باستمرار التواصل مع أركان السلطة في سوريا، وإن ضمن حدود دنيا، ومن دون إعلان.
من جهتها، تقدمت مصر في الصف العربي عن سائر الدول، وأجرت اختراقا في نظرة الجامعة العربية للأزمة السورية، باعتبارها تمثل تهديدا للأمن القومي المصري. وقام وفد عسكري رفيع المستوى، منذ شهر تقريبا بزيارة خاصة لسوريا، التقى خلالها ارفع القيادات العسكرية السورية. ووفقا للمصدر الموثوق الذي اطلع «السفير» على هذه المعلومة، أراد الجيش المصري «الاستفادة من تجربة الجيش السوري في حربه على الإرهاب» ولا سيما أن الجيش يخوض حرب عصابات منذ عامين تقريبا.
ورغم تفادي الطرفين الإعلان عن الزيارة أو الإشارة إليها، إلا ان الجانب الأميركي أحيط بها علما، وذلك ضمن إطار «تقدير المخاطر الذي ينطوي عليه نمو وتمدد تنظيم القاعدة في الشرق العربي» انطلاقا من سوريا ومرورا بسيناء على حدود إسرائيل.
وتشكل مصر، من دون شك، عنصر ثقل رئيسيا في هذه العملية، وساهم التحول الهادئ في موقفها نحو دمشق بخلق ارتياح كبير لدى القيادة السورية، وإن كانت حاجة دمشق لدور مصري قيادي تبقى مرهونة بالتطورات المصرية الداخلية.
وفي سياق التحضير لتحالف «ضد الإرهاب» تسعى دمشق لحشد أكبر حملة «تسويق» ممكنة، لتوضيح التهديد الذي تشكله تنظيمات مثل «داعش» و«جبهة النصرة» على الشرق المتنوع والعالم ايضا. ورغم أن مهمة كهذه تبدو سهلة في ضوء الإجرام العلني الذي تفاخر به هذه التنظيمات، إلا ان الرهان على دفع الرأي العام الغربي نحو تحول اوضح في نظرته للأزمة في سوريا يستمر، ويشارك به، إلى جانب حلفاء سوريا، ناشطون وأعضاء كونغرس سابقون، كالذين زاروا دمشق أمس الأول والتقوا الأسد.
ويعتقد خبراء أن المدة الطويلة التي ستستغرقها عملية نزع «الكيميائي»، والمحادثات التي ستجري في سياق هذه العملية، كما ضرورة وجود قوات دولية متخصصة لحماية بعض المواقع، والخطر الذي ينطوي عليه وجودهم على الأرض السورية، سيدفع الدولة التي تمثل رأس حربة الحرب على النظام، إلى تغيير بعض حساباتها، حتى لو جاء ذلك في إطار نصوص سياسية باهتة، لاجتماع «جنيف 2» المرتقب، خصوصا أن واشنطن التي تعتقد أنها حصلت على صفقة تاريخية، بموضوع «الكيميائي» السوري، تنظر في النهاية، إلى مصالحها ومصالح إسرائيل فقط.
بالامس، قال الاسد في مقابلته التلفزيونية، ان «المشكلة الآن هي في تسلل أولئك الإرهابيين إلى سوريا. والمشكلة الأخطر التي نواجهها هي أيديولوجيتهم، وهذا أهم من نسبة المناطق التي نسيطر عليها نحن أو التي يسيطرون عليها هم. في المحصلة فإن أعدادا كبيرة منهم أجانب وغير سوريين وسيغادرون يوما ما أو سيقتلون داخل سوريا، لكن أيديولوجيتهم ستظل مصدر القلق الأكبر لسوريا والبلاد المجاورة. وينبغي أن يكون هذا مصدر قلق لأي بلد في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة».

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

دول الخليج، باستثناء قطر، تضع ثقلها المالي والدبلوماسي لإنجاح الإدارة المصرية الحالية بعد إبعاد "الإخوان المسلمين" عن الحكم بسبب توّجس هذه الدول من التيار الإسلامي وخوفها من انهيار مصر

    أغسطس 21, 2013   No comments
تعتبر "فرانس بريس" أنّ دول الخليج، باستثناء قطر، تضع ثقلها المالي والدبلوماسي لإنجاح الإدارة المصرية الحالية بعد إبعاد "الإخوان المسلمين" عن الحكم بسبب توّجس هذه الدول من التيار الإسلامي وخوفها من انهيار مصر.
سعود الفيصل يؤكد استعداد دول الخليج لتعويض المساعدات الغربية لمصر في حال قطعها
سعود الفيصل يؤكد استعداد دول الخليج لتعويض المساعدات الغربية لمصر في حال قطعها
تضع دول الخليج الغنية، لاسيما السعودية والإمارات، ثقلها المالي والدبلوماسي لانجاح الإدارة المصرية الحالية بعد إبعاد الإخوان المسلمين عن الحكم، وذلك بسبب توجس هذه الدول من التيار الاسلامي وخوفها في الوقت نفسه من عواقب إنهيار لمصر، بحسب محللين.

وفي رسالة قوية الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الذي يعقد الاربعاء اجتماعا طارئا حول مصر بعد ان هدد بقطع المساعدات عن هذا البلد، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إن الدول العربية مستعدة لتعويض المساعدات الغربية في حال قطعها.
وطالب الفيصل الثلاثاء في تصريح لوكالة فرانس برس، المجتمع الدولي بـ "عدم اتخاذ اي اجراءات او سياسات من شأنها عرقلة وتعطيل جهود" الحكومة المصرية.
وقد تعهّدت السعودية والكويت والإمارات بعيد عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو بتقديم حزمة من المساعدات لمصر بقيمة 12 مليار دولار.
وقال المحللّ الكويتي عايد المناع لوكالة "فرانس برس" أن "دول الخليج لديها مشكلة مع التنظيمات الإسلامية وبالذات "الإخوان المسلمين"، وضرب هذا التيار وإضعافه في مصر واثبات فشله هو لصالح هذه الدول حتى لا يكون النموذج المصري قابلاً للتصدير إلى المنطقة الخليجية والعربية عموماً ".
واكدّ المناع ان الدول الخليجية "ستقوم بكلّ تأكيد بتقديم كلّ الدعم للإدارة المصرية الحالية المدعومة شعبيا".
وتقيم دول الخليج منذ عقود علاقات قوية مع المؤسسة العسكرية المصرية، وذلك منذ أيام الرئيس المصري أنور السادات.
وكانت العلاقة قوية ايضا مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تم اسقاطه اثر انتفاضة شعبية سببّت الكثير من المخاوف للخليجيين.
اما الإخوان المسلمين، وبالرغم من احتضانهم في دول الخليج بعد طردهم من مصر في عهد جمال عبدالناصر، فقد خسروا ثقة هذه الدول منذ غزو العراق للكويت حيث إعتبرت أن موقفهم كان مؤيدا لصدام حسين.
واتهمت الإمارات التنظيم الاسلامي بالسعي إلى الانقلاب على نظام الحكم في الدولة الاتحادية الغنية والمنفتحة. ومنذ 2012، تمت محاكمة العشرات من المنتمين الى الخلايا الاسلامية.
وبالنسبة للمحلل السياسي السعودي خالد الدخيل، فان الدافع الأساسي للسعودية لدعم الإدارة المصرية الحالية ووزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي هو الحرص على استقرار مصر.
وقال الدخيل لوكالة فرانس برس ان "السعوديين مرعوبون من امكانية انهيار الوضع في مصر".
وبحسب الدخيل، ستكون الرياض "مكشوفة تماما" اذا ما سقط الركن الثالث من الأعمدة الأربعة للنظام السياسي العربي التقليدي، أي العراق الذي بات "تحت التأثير الإيراني"، وسورية "التي تعصف بها حرب اهلية مدمرة"، ومصر والسعودية.
ورأى المحللّ ان السعودية "اختارت ان تقف في صفّ المؤسسة العسكرية المصرية التي تعرفها منذ عقود والتي تعتقد أنها الأصلح لإرساء الاستقرار في مصر بعد فشل "الإخوان" في الحكم وفي ظل الإنقسام الكبير في الشعب المصري".
وتاتي التغيرات الدامية في مصر والمواقف الغربية المنددة بما اعتبرته "انقلابا"، لتزيد من توجس دول الخليج إزاء سياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
واتفقّ المحللون الذين تحدثّت معهم وكالة "فرانس برس" على ان دول الخليج منزعجة مما تراه تودداً غربيا لتيار الاخوان المسلمين المنفتح على ايران، وعدم وضوح الاستراتيجية الغربية ازاء إيران.
وقال المحلل السياسي اللبناني المقيم في لندن عبدالوهاب بدرخان لوكالة فرانس برس ان السعودية والامارات شكلتا مجموعة ضغط او "لوبي معارض لوجهة النظر الغربية ومدافع عن ما حصل في مصر"، وهو تحرك قد يؤتي بثماره نظرا للثقل المالي والدبلوماسي الذي تملكه الدولتان.
وقال ان هذا الموقف ياتي على خلفية مخاوف خليجية كثيرة ومتعددة ازاء الغرب.
واوضح "السعودية لديها موقف كبير من اهمال القضية السورية وتركها تتفكك" كما ان "هناك معاناة خليجية من عدم الوضوح الأميركي والغربي بالنسبة لما يراد من ايران" وايضا "هناك استياء من التقارب بين الاخوان المسلمين وايران"، فضلا عن "الاستياء من تسليم العراق الى ايران".
واعتبر ايضا ان لدى الخليجيين هاجساً بان "الغرب لن يتردد في عقد صفقة مع ايران".الا ان هذا التوجه لا تشمل الدول الخليجية كلها.
فقطر، الدولة التي لعبت دوراً سياسيا لافتا في السنوات الاخيرة، تبدو وحيدة ومعزولة في دعم الإخوان المسلمين.
وقبل عزل مرسي، كانت قطر تعتبر الداعم المالي الأكبر لحكومته ولتيار الاخوان المسلمين، وذلك "لأسباب براغماتية اكثر منها عقائدية" بحسب الدخيل.
فالتحالف مع الإخوان الذين كانوا يبدون الأكثر قدرة على استلام الحكم في دول الربيع العربي، كان بوابة قطر لمزيد من النفوذ والثقل في المنطقة.
وقال الدخيل "قطر ستعاني الآن من عزلة كبيرة داخل مجلس التعاون الخليجي لان سقوط الإخوان اضعف الموقف القطري كثيرا".
وخلص إلى القول "لا بد للقطريين ان يعيدوا تموضعهم بعد أن وضعوا بيضهم كله في سلة الإخوان"
_____

الميادين

السبت، 17 أغسطس 2013

ملوك وشيوخ العرب مع الحكومة المؤقتة المصرية ضد الإخوان "الإرهابيين" لكنهم مع الإرهابيين السوريين ضد الحكومة السورية!

    أغسطس 17, 2013   No comments
من ملوك وشيوخ العرب من هو مع الحكومة المؤقتة المصرية ضد الإخوان "الإرهابيين" لكنهم مع الإرهابيين السوريين ضد الحكومة السورية:
عربت الإمارات العربية المتحدة عن «تأييدها ودعمها الكامل لتصريح خادم الحرمين الشريفين حول الأحداث الجارية في جمهورية مصر العربية الشقيقة».
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية أن «التصريح ينم عن اهتمام خادم الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية بأمن واستقرار مصر وشعبها.. كما يأتي في لحظة محورية مهمة تستهدف وحدة مصر واستقرارها وينبع من حرص خادم الحرمين الشريفين على المنطقة ويعبر عن نظرة واعية متعقلة تدرك ما يحاك ضدها».

وأضافت الوكالة «أن الإمارات تغتنم هذه الفرصة لتقف مع المملكة العربية السعودية في دعم مصر الشقيقة وسيادة الدولة المصرية وتؤكد أنها تدعم دعوة خادم الحرمين الشريفين لعدم التدخل في شؤون مصر الداخلية وكذلك موقفه الثابت والحازم ضد من يوقدون نار الفتنة ويثيرون الخراب فيها انتصارا لمصر الإسلام والعروبة، وهذا ما عهدناه من خادم الحرمين الشريفين من صلابة في الموقف وجرأة في قول الحق وطرح عقلاني هدفه مصلحة المنطقة واستقرارها وخير شعوبها».

من ناحيته، أشاد الأردن بموقف خادم الحرمين الشريفين، وذلك على لسان ناصر جودة وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني الذي قال لوكالة الأنباء الأردنية إن موقف خادم الحرمين أكد أن على المصريين والعرب والمسلمين التصدي لكل من يحاول زعزعة أمن مصر وشعبها.

وأضاف جودة أن الأردن يقف إلى جانب مصر في سعيها الجاد نحو فرض سيادة القانون واستعادة عافيتها وإعادة الأمن والأمان والاستقرار لشعبها العريق وتحقيق إرادته في نبذ الإرهاب وكل محاولات التدخل في شؤونه الداخلية.

من جهته، قال الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني إن «كلمة خادم الحرمين الشريفين عن الأوضاع في مصر تجسد التضامن العربي في أروع صوره. موقف أصيل ضد التدخل الأجنبي الذي يزرع الشقاق والفتنة»، وذلك على حساب الوزير الرسمي في موقع التدوين المصغر «تويتر»، وأضاف آل خليفة أن «لمصر مواقف تاريخية مشرفة معنا ضد التدخل الأجنبي والإرهاب، وعلينا اليوم الوقوف مع قيادتها وشعبها ضد من يريد إثارة الفتنة فيها».

__________
الخبر عن «الشرق الأوسط»

الأحد، 4 أغسطس 2013

عبد المنعم أبو الفتوح: رموز تنظيم مرسي لم يكونوا يجرؤون على السير في شوارع مصر

    أغسطس 04, 2013   No comments
يقدم عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية المصرية السابقة ومؤسس ورئيس حزب مصر القوية، رؤية مختلفة عن المشهد السياسي المصري بعد 30 يونيو (حزيران)، فقد شارك هو وحزبه الذي يعد لونا مختلفا من تيار الإسلام السياسي فيما يصفه أبو الفتوح بالغضبة الشعبية لإقالة الرئيس السابق محمد مرسي، لكنه يرفض تدخل الجيش، وإن كان يوافق في الوقت نفسه على خريطة الطريق الحالية التي أعلنت بالتوافق بين القوى السياسية والجيش، وهو موقف يعرضه لانتقادات من الجانبين، الإخوان المسلمين الذي كان يعد أحد قياداتهم قبل انشقاقه عن الجماعة في 2009 التي يقول إنه أصبح لا علاقة له بها منذ ذلك الوقت، وكذلك من التيارات السياسية المعارضة لحكم الإخوان والتي تقول إنه يمسك العصا من النصف.

يروي عبد المنعم أبو الفتوح في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في القاهرة تفاصيل المكالمات الهاتفية التي أجراها ظهر يوم 3 يوليو (تموز) مع أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى المنحل، مطالبا إياه بإبلاغ مرسي بضرورة الخروج وإعلان الدعوة لاستفتاء لبقائه أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ينتقد بشدة أداء الإخوان والرئيس السابق مرسي الذي يتهمه بالافتقار إلى الخيال السياسي، كما يشير إلى أن قيادات الإخوان لم تكن تجرؤ على التحرك بين الناس في تلك الفترة مما يشير إلى حجم الغضب عليهم، لكنه في الوقت نفسه ينتقد القوى السياسية التي دعت إلى تدخل الجيش، وقال إنه كان يأمل في استمرار النضال السلمي المدني حتى إسقاط مرسي، وفي ما يلي مقتطفات من الحوار الذي دار:
* ننطلق من المشهد السياسي الحالي، كما يبدو هناك انسداد في الأفق أو صعوبة شديدة في اتجاه حدوث مصالحة وطنية.
- طبعا، مصر في أزمة كبيرة بعد 3 يوليو، البعض يسميه انقلابا عسكريا والبعض لا يريد أن يسميه انقلابا، لكن هو في رأيي بكل التوصيف انقلاب عسكري، ولا يمكن أن نقارن ما حدث بعد 30 يونيو بما حدث بعد 25 يناير (كانون الثاني) التي كانت ثورة بكل المفاهيم من وجهة نظري لأنه كانت هناك حالة توحد شعبي حول إطاحة نظام مبارك بكل ما يعنيه نظام مبارك من فساد واستبداد ونظام بوليسي.. نظام حطم وأردى المجتمع والدولة المصرية أرضا على كل المستويات، المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وبالتالي الذي حدث في 25 يناير انتهى ليس بإسقاط نظام مبارك لكن بإسقاط مبارك نفسه وبقي نظام مبارك كما هو على مدار فترة المجلس العسكري ثم فترة الرئيس مرسي، فلم يقم المجلس العسكري ولا الرئيس مرسي على مدار سنتين ونصف السنة بعد إسقاط الرئيس مبارك بتغيير في النظام وبقي النظام مسيطرا كما هو بكل مكوناته.
30 يونيو عبرت عن حالة غضب شعبي حقيقي، دعك من الذي يقول إن هناك فلولا التحقت بهذا الغضب الشعبي في هذا اليوم، هذا حقيقي لأن هؤلاء أعداء ثورة يناير ولا يريدون لهذه الثورة أن تكمل مسارها، كان طبيعيا أن يستغلوا هذا الحدث، الغضب الشعبي، والذي شاركنا فيه ونفتخر بذلك.
البعض (الإخوان) يقول إنها ثورة مضادة، وهذا ليس صحيحا لكنها استغلت لأن الذين خرجوا يوم 30 يونيو لم يكونوا الفلول أو ناسا لهم دوافع طائفية، ولا هم بعض الكارهين للإخوان المسلمين ونظام مرسي، لكن كانت هناك حالة غضب شعبي من سوء الأداء الموجود في مصر ليس فقط في السنة التي رأس فيها مرسي مصر باعتباره أول رئيس شرعي منتخب ونحن كنا من الناس المعارضين له بشدة ونتمنى أن نسقطه كرئيس منتخب لكن كما جاء عبر الصندوق، وكان نضالنا الثوري في حزب مصر القوية أن يكون ذلك أيضا عبر الصندوق لكن نحن وغيرنا من المناضلين مدنيا فوجئنا بـ3 يوليو (إعلان الجيش عزل الرئيس).
* كانت هناك كما قلت غضبة شعبية؟
- طبعا طبعا، ونحن شاركنا فيها.
* وكما حدث في 25 يناير كانت هناك في 30 يونيو غضبة شعبية انحاز إليها الجيش، فما هو الفارق؟
- في 25 يناير الناس غضبت، كان الشعب المصري متوحدا في مواجهة نظام بكل فصائله وحالة التوحد أهم ميزات أي ثورة شعبية، لا يمكن أن تقوم ثورة شعبية والشعب منقسم وإلا لأصبح صراعا سياسيا، وهذا ما حدث في 30 يونيو، هذا كان صراعا سياسيا نحن وآخرون كنا غاضبين على نظام مرسي ورافضين له خرجنا نعبر عن غضبنا، وغضبنا كحزب معارض لم يكن يوم 30 فقط بل قبله بثلاثة أشهر، أنا قمت شخصيا بزيارة 16 جامعة مصرية وعمل مؤتمرات باسم الحزب في المحافظات كلها وكان النداء الرئيس لنا هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وشرحنا للناس لماذا، باعتبار أن هذا هو المسار المدني الديمقراطي، حينما يأتي رئيس ديمقراطيا انتخبه الشعب ونحن نحترم ذلك، ولا يمكن أن نسمح بالدوس على هذه الإرادة، لكن مسارنا كان النضال الثوري وأن نعمل توعية لمدة ثلاثة أشهر ثم شاركنا في مظاهرات 30 يونيو التي استتبعها اعتصام في الميادين وصولا إلى دعوة إلى عصيان مدني لإسقاط الرئيس، كل هذا نضال سلمي ديمقراطي طبيعي، وكنا من الرافضين بشدة أن نزج بالجيش المصري الذي نعتز به ونقدره ونحرص عليه في أتون السياسة، نعتبر أن أخطر نداء صدر من بعض الأطراف السياسية في مصر وبالذات داخل جبهة الإنقاذ هو نداء إلى الجيش المصري ليأتي ويصدر البيان رقم واحد لإسقاط النظام، قلنا هذا ليس نضالا ديمقراطيا أو مدنيا، وقلنا إن الاستعانة بالجيش خطر على الديمقراطية، وعلى الأمن القومي المصري، لأن دور الجيش الوحيد المقدس الذي أفخر أنا بأن لدي جيشا مصريا وطنيا مهنيا ليس طائفيا ولا جيش عصابات مثل جيش القذافي، المحافظة على حدود مصر والمحافظة على أمن مصر، نداؤه أو محاولة الزج به في السياسة خطر على الأمن القومي المصري. دعه يقم بواجبه ولا يجوز لمجموعة من السياسيين الفاشلين غير القادرين على أن يكملوا نضالهم السياسي في مواجهة تنظيم محمد مرسي بحيث يسقطونه عبر الصندوق فيستعيضون عن ذلك بنداء للجيش.. تعال يا جيش خلص لنا الموضوع الذي لا نستطيع أن نفعله بأنفسنا.
* مرسي رفض الانتخابات المبكرة.
- هذا حقه ولا أستغرب موقفه وإن كنت أعتبر ذلك قصورا أو غباء سياسيا أنه يرفض لأنه أتى بانتخابات فيقول والله الذي يريد أن يخرجني يكون ذلك بانتخابات، مقولته هذه مفهومة وبالتالي نحن كنا نكمل مسارنا الديمقراطي إلى إسقاطه بعصيان مدني، البعض يقول هل كان من الممكن أن تنجحوا؟ أقول نعم كان من الممكن أن ننجح، ولو لم يحدث كنا سنعيد الكرة مرة أخرى، وهذه هي الديمقراطية. فلو لجأنا كلما فشلنا في نضالنا السلمي للجيش لحل المشكلة فلن تقوم ديمقراطية في مصر.
* هل يمكن أن نعتبر ما حدث حتى مع اعتراضكم على تدخل الجيش تصحيحا للمسار يمكن أن يؤدي إلى الاستفادة منه، أو بمعنى آخر فرصة ثانية كما قال المبعوث الأميركي بيرنز في زيارته السابقة إلى مصر؟
- حتما هذا ما نريده الآن، لكن ما كنت أريد قوله، هو حتى لا نختلف على أن محمد مرسي كان رئيسا شرعيا، وكان هناك دستور شرعي نحن رفضناه بل دعونا الشعب إلى أن يقول «لا» له. لكن حصل استفتاء عليه وأقر، ونحترمه، هذه هي الديمقراطية التي للأسف أناس كثيرون لا يريدون أن يعترفوا بأن المسار الديمقراطي قد يأتي بما لا أريد لكن نحترمه، البعض يريد أن يأتي برئيس ودستور يقبله أو يخرج عن الذي حدث.
مع كل ذلك ما حدث حدث مع كل تداعياته التي نعيشها الآن، هناك انقسام داخل المجتمع المصري بين جزء من المجتمع.. نصفه ربعه أو أي نسبة، المهم جزء من المجتمع لا يمكن تجاهله، يرفض ما حصل ويريد أن يعود المسار الديمقراطي بعودة الرئيس المصري والدستور، وهناك جزء آخر من المجتمع يعتبر أن خروج الجيش صحح مسارا رغم أن خروجه غير مقبول بالنسبة لنا ومرفوض لكنه حدث لتصحيح هذا المسار.
وهذا الذي جعلنا في حزب مصر القوية ندعو إلى الجمع بين الطرفين اللذين لا ننتمي إلى أي منهما. فنحن في حزب مصر القوية لسنا مع الذين في رابعة العدوية أو ميدان النهضة مع أنهم يمارسون حقهم المشروع في إصرارهم على الدستور والرئيس المنتخب، هذا حقهم، ولسنا مع الطرف الآخر الذي يصفق لما نعتبره انقلابا عسكريا ولا يدرك تداعياته ومدى خطورته.
قلنا إنه من وجهة نظرنا حلا للموقف أن تعرض خريطة الطريق على استفتاء فتكتسب موافقة شعبية أو رفضا شعبيا ونحن مع هذه الخريطة ونؤيدها بتفاصيلها بما فيها التعديل الدستوري، والانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإن كنا نرى أنه يجب أن نبدأ بانتخابات رئاسية حتى يأتي رئيس وتأتي مؤسسة ديمقراطية منتخبة ويفتح فيها الباب لكل الأطراف وهي التي تقود الانتخابات البرلمانية أو التعديلات الدستورية ثم الانتخابات البرلمانية، أيا كان الترتيب، الخلاف على الترتيب ليس جوهريا أو ذا قيمة كبيرة.
* سيعيد ذلك ما حدث من قبل.. رئيس مطلق الصلاحيات من دون برلمان أو مؤسسات منتخبة تحد منه.
- لا، يكون الرئيس معه الدستور، صحيح الدستور مطلوب تعديله ونحن من المشاركين في تعديله ونريد هذا التعديل، لكن رئيس منتخب من دون برلمان أفضل مما هو قائم، فهناك رئيس يمارس الإرادة الشعبية في الإعلانات الدستورية والإرادة البرلمانية بعمل قوانين، ويمارس السلطة التنفيذية بأنه رئيس دولة يشكل حكومة، هذا رئيس أكثر وهو ليس منتخبا، لكن لو جاء رئيس منتخب يمارس هذه الصلاحيات فيكون مستندا إلى إرادة شعبية عن طريق الانتخابات.
* لاحظت أن مواقف حزبكم تواجه انتقادات من قوى سياسية بأنكم تمسكون العصا من الوسط، وهو موقف في مثل هذه الظروف ليس شعبيا.
- لسنا في الوسط، نحن لدينا خطنا وهو الطريق أو المربع الثالث، ونحن منذ فترة مبكرة رفضنا طرفي الاستقطاب ونبهنا كثيرا على أن هذا خطر على الوطن. نحن طريقنا واضح وحاسم، ونحن نرفض ممارسة السياسة على جثة الوطن، نحن نمارس السياسة لمصلحة الوطن وبالتالي رؤيتنا واضحة جدا، وبالتالي حينما نجد موقفا يخرج عن مصلحة الوطن من وجهة نظرنا أو يخرج عن المبادئ الأخلاقية في العمل السياسي نرفضه، وبالتالي نحن لسنا في الوسط بين اثنين، هذا مربعنا الخاص بنا، ومعنا آخرون وندعي أن هذا معبر عن الحالة الوطنية المصرية البعيدة عن التطرف في هذا الطرف أو ذاك، بالتالي أتمنى من الذين ينتقدون مواقفنا وهذا شيء نحترمه ونقدره جدا أن ينقدونا نقدا موضوعيا بدلا من أن يقولوا عنا أنتم رماديون أو بين بين وما إلى ذلك. هذا كلام مرسل.. انقدني قل أنت أخذت موقفا في الموضوع الفلاني. مثال على ذلك الذين ينتقدوننا ويقولون إننا شاركنا في 30 يونيو، الطرف المؤيد للرئيس مرسي وتنظيمه يقولون أنتم شاركتم في 30 يونيو وبالتالي أنتم كنتم قفازا للانقلاب العسكري، نحن كنا رافضين لتدخل الجيش، و30 يونيو لا علاقة له بما تم في 3 يوليو، نحن خرجنا في 30 يونيو بنداء محدد مع كل القوى الشعبية وعموم المصريين وما يطلق عليهم أعضاء «حزب الكنبة» نقول لا نريد مرسي ويجب أن يرحل ولكن بانتخابات رئاسية مبكرة، لكنه لم يستجب، لكن كنا نتمنى أن يأخذ هذا النضال الشعبي مداه، يعني ليس ممكنا أن يخرج الشعب يوم 30 يطلع الجيش يوم 3، وقت مبارك الشعب خرج يوم 25 يناير والجيش تجاوب معه بعد تنازله، أي بعد 18 يوما، وكان طبيعيا أن يخرج الجيش وقتها ويقول إنه سيدير الوطن في تلك الفترة، المسألة مختلفة هذه المرة. في 3 يوليو الجيش تدخل من دون أن يعلن الرئيس أنه سيرحل، كنا نتمنى أن يتجاوب مرسي لكنه لم يفعل بسبب قصور سياسي لديه، وهو أدار البلاد على مدار السنة بقدر كبير وهائل من غياب الخيال السياسي والقصور السياسي. حتى يوم 3 يوليو نفسه حاولت الاتصال به وأقول يا دكتور مرسي إنقاذا للمسار الديمقراطي، وكنا أول من نادى بانتخابات رئاسية مبكرة، وكنا نحذر من مصيبتين.. أن تحدث فوضى وهذا خطر على البلاد لأنه إذا جاءت الإدارة السياسية لا تلبي مطالب الناس فستكون هناك فوضى، الثاني خطر الانقلاب العسكري، وليس هو في حد ذاته بقدر ما أنه يعرض مؤسسة وطنية كلنا نعتز بها ولا نريد أن ندخلها في أتون السياسة للخطر، دعها تقم بواجبها وهو الحفاظ على حدود وأمن مصر وهذه أشرف مهمة يقوم بها الجيش، فكنا نحذر من الخطرين، ونقول ادع (الرئيس) إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لعل الشعب يأتي بك مجددا فمعناها أنه يجدد الثقة بك أو يرفضك فترحل مكرما معززا وهذا ليس عيبا، للأسف يوم 3 اتصلت، ولا هواتف ترد غير هاتف الدكتور أحمد فهمي وهو قريب لمرسي ورئيس لمجلس الشورى، قلت له يا دكتور قل للرئيس مرسي يخرج الآن، الكلام هذا يوم 3 يوليو الاتصال الساعة 12 ظهرا، قلت له يخرج الآن ويقول أنا أدعو الشعب المصري إلى استفتاء على انتخابات مبكرة أو استفتاء على الرئيس هل يقبل أن يستمر في مدته أو يريدني أن أرحل، وحينما يعبر الشعب عن رأيه يمتثل للإرادة الشعبية وهذا إنقاذا للمسار الديمقراطي المدني، لأني كنت أشعر أنه لا يمكن للجيش أن يوجه إنذارا لمدة سبعة أيام ثم إنذارا لمدة 48 ساعة ثم يخرج بعد ذلك ويقول بعد ذلك يا جماعة أنا متأسف وسلام عليكم. لا أعرف كيف كان الرئيس مرسي يتجاوب مع هذه الأشياء.
* هناك قدر من التشابه بين مواقف مبارك الأخيرة ومواقف مرسي في تجاهل ما يحدث في الشارع؟
- يمكن، العناد أو عدم الخيال السياسي، مرسي كان أكثر عنادا من مبارك لأنه رئيس منتخب، وهذا حقيقي لا خلاف عليه، ولكن ماذا لو جئت أنا بإرادة شعبية ثم وجد غضب ورفض شعبي، حينما تعلم أن رموز تنظيم مرسي لم يكونوا يستطيعون أن يسيروا في شوارع مصر، ألا تشعرون أن الناس ترفضكم، بسبب أدائكم وليس لأشخاصكم؟! في الوقت الذي زرت فيه 16 جامعة وكنت أعقد مؤتمرات وألتقي بالشباب في المحافظات والنجوع لم يكن يجرؤ أي رمز إخواني أن ينزل ويلتقي بالناس، ألم يشعركم هذا أن هناك غضبا، ليس لأشخاصكم وإنما لممارساتكم وتنظيمكم وحزبكم؟! إذن كيف تتعاملون مع هذا لو كانت المبادرة جاءت منهم؟! أسباب الغضب الشعبي كثيرة وحتى نكون أمناء ليس فقط سوء أداء الرئيس مرسي وتنظيمه، وغرورهم وكبرهم وعدم مشاركة الآخرين معهم واعتماد الرئيس مرسي ليس على الشعب المصري ولكن على تنظيمه، هناك أسباب أخرى هي الثورة المضادة، وهذا طبيعي هناك ثورة جاءت برئيس وهناك ناس تريد أن تسقطه.. الإعلام الذي سلط على مرسي وتنظيمه شوه كل شيء وعمل غسيل مخ للناس بهدف إسقاطه، فعلت هذا قوى النظام القديم، طبيعي أنها أضيرت بالثورة فكان طبيعيا أن تواجه أي منتج من منتجات الثورة وتحاول إسقاطه لكن هذا ليس مفاجئا.
أين أنت أيها الرئيس مرسي من ذلك؟ ماذا فعلت في السيطرة على مؤسسات القوة التي لا يمكن لأي رئيس أن يحكم من غيرها؟ مؤسسات القوة كانت خارج سيطرته، حين مذبحة الاتحادية أين أنت وأين الحرس الجمهوري الذي يواجه هذا وأين الشرطة؟ يقول أنا اتصلت بوزير الداخلية وظل أربع ساعات لا يرد، إذن أنت خارج الخدمة أيها الرئيس، إذن لماذا تريد أن تستمر؟! هذه هي المأساة التي نعيشها.
* مرت سنتان ونصف السنة، ولو افترضنا أنه حصلت انتخابات بعد تسعة أشهر، فهل سيتكرر السيناريو أم أن الوضع سيكون أكثر تنظيما أو قدرة؟
- الانتخابات كانت من حيث التنظيم منظمة والناس مارست حقها، لكن الانتخابات الرئاسية الديمقراطية التي جرت كان هناك خطر يتهددها أدى إلى هذه النتائج، وما زال الخطر قائما، والمسؤول عنه من هم في السلطة في ذلك الوقت وهم المجلس العسكري ومن هم موجودون في السلطة الآن، وهو أكبر خطر يهدد أي ديمقراطية في أي دولة ديمقراطية وليدة مثلنا، وهو المال السياسي، لأن المال السياسي دخل لأطراف، وأعلن عن هذا المستشار حاتم بجاتو. سبعة مرشحين للرئاسة من عشرة مرشحين تلقوا مالا سياسيا أداروا به معركتهم، في بلد 70 في المائة منه فقراء. حينما أكون أنا مرشحا لا أملك من المال الذي أقيم به حتى حملة دعائية في التلفزيون، ثم يأتي أحد المرشحين وينفق وفقا لما قيل عن أقل المبالغ التي أنفقت، من ثلاثة مليارات إلى 12 مليارا، إذن كيف أواجهه وهو ينفق كل هذا المال حتى أصبح منافسا رغم أنه كان في الترتيب رقم تسعة، فسار منافسا أساسيا في الانتخابات؟ وغير ذلك، ما دام هناك مال سياسي فهذا خطر يهدد مصر والديمقراطية في أي بلد. الخطر الثاني ما دام هناك مؤسسة قوة فوق جميع المؤسسات فلن تكون هناك ديمقراطية، فمؤسسات القوة يجب أن تكون خلف المؤسسات المدنية داعمة لها وحامية لها، وليست حاكمة. ولن تقوم ديمقراطية إلا بمنع هذين الأمرين وهما استمرار مؤسسة القوة حاكمة واستمرار المال السياسي الذي يأتي من الشرق ومن الغرب حتى الآن.
* لكن من الصعب منع المال السياسي والتمويل السياسي الموجود في العالم كله، إلا إذا كنت تتحدث عن المال الخارجي.
- أنا أقصد المال الخارجي بالدرجة الأولى. المال الداخلي مصريون يجتمعون ويدفعون فلوسا وما إلى ذلك، ومع ذلك في كل الدول الديمقراطية توضع معايير للإنفاق حتى من المال الداخلي. لا يمكن أن يكون مسموحا للمرشح أن ينفق 100 مليون أو مليار أو غيره، ومرشح آخر لا يجد ما يصرفه. لا بد أن تكون مصادر التمويل شفافة وتحت الرقابة. كل هذا للأسف لم يحدث، في الوقت الذي أعلن فيه أحد الرئيسين في لجنة الانتخابات الرئاسية أن سبعة مرشحين للرئاسة تلقوا أموالا. حسنا، فماذا صنعت؟ لماذا لم تتم إحالتهم للنيابة العامة؟ ولماذا لم تتخذ إجراء ضدهم؟ هذا شيء مؤسف.
* أعتقد أنك تقصد بمؤسسة القوة التي أشرت إليها المؤسسة العسكرية.
- طبعا.. طبعا.
* هناك رأي يقول إن علاقة المصريين بمؤسستهم العسكرية قوية وشعبية، وتاريخيا كان هناك أشكال تدخل بدأت حتى من أيام أحمد عرابي، أعني يوجد هذا الشكل من العلاقة.. الناس تثور فالمؤسسة العسكرية تدخل معهم.
- يجب أن نجتمع جميعا من أجل مصلحة هذا الوطن وهذه المؤسسة التي أهم ميزة تميزها أنها مؤسسة وطنية وليست مثل جيش حافظ الأسد وليست مثل كتائب نظام القذافي.. الجيش المصري جيش وطني نفخر كلنا ونعتز به كمصريين، لكن نريد منه أن يكون بعيدا عن أتون السياسة، وألا يكون وصيا على المجتمع ولا على الدولة لأن هذا خطر عليه وعلينا. ودع الناس تتفاعل وتستكمل تفاعلاتها. والديمقراطية تبني نفسها، مع تقديرنا لشفقته على وطنه، لكن نحن لم نكن في هذه الحالة في أي وقت من الأوقات.
* بالنسبة لخارطة الطريق التي أعلنت، ما رأيك فيها؟
- نحن نرى أنها خارطة مناسبة لكننا نقول إنها لو عرضت على استفتاء شعبي لأخذت مشروعية شعبية، حتى لا تفرض بالوصاية العسكرية، لكنها فرضت بالوصاية العسكرية.
* لكن قيل إنها كانت بالتوافق وإن قوى سياسية شاركت.
- لا.. وما مصدر التوافق؟ أنا مع الخارطة وأؤيدها رغم أنني لم أشارك فيها ولا في بنائها، لأنه من الطبيعي اتخاذ الإجراءات الثلاثة، وهي أن تقوم بعمل تعديلات دستورية وانتخابات برلمانية ورئاسية بغض النظر عن الترتيب. هذا طبيعي لتصحيح المسار، لكن على أن يتم عرضها على استفتاء شعبي حتى تأخذ مشروعية شعبية. أما ما حدث، فأين هي الأطراف التي شاركت وتوافقت؟ إذا كان أكبر الأحزاب المعبرة، وبعض مرشحي الرئاسة الذين يعبرون عن حالة شعبية، لم يشاركوا فيها أصلا. حتى لو قلت بالتوافق، إلا أن أي مرشح للرئاسة لم يدع لها أو يشارك فيها، حتى بالنسبة للمرشحين الذين حصلوا على مليون صوت فأكثر ويمثلون حالة شعبية. لم أشارك فيها لا أنا ولا غيري من مرشحي الرئاسة. ولم تشارك فيها أحزاب قوية وكبيرة.. البعض شارك «نعم»، ومع ذلك فخروجا من هذا، يمكن عرض خارطة الطريق على استفتاء، وهذا أمر سهل تحت إشراف المجلس العسكري، فتأخذ مشروعية شعبية إن تمت الموافقة عليها، وبالتالي لا تصبح معبرة عن وصاية ولا تكون قد فرضت بالقوة ولا بالمجلس العسكري، ولكن وقتها ستكون قد فرضت بإرادة شعبية، لكن هي كخارطة بحتة جيدة.
* جزء من خارطة الطريق يتعلق بمسألة المصالحة الوطنية ودعوة كافة الأطراف بمن فيهم الإخوان للمشاركة، هل هذا كلام عملي؟
- لو لم نحل المشكلة.. الرئيس الذي تمثله تجمعات شعبية موجودة في الميادين، منذ أكثر من 30 يوما، ولا يمكن غض الطرف عنها أو النظر لها بهذا التسفيه الحاصل من بعض الأطراف الإعلامية ووصمها بالإرهاب.. كل هذا كلام لا يحل مشاكل وكلام غير صحيح وعدوان على الناس وعدوان على هذه التجمعات بمجازر دموية وقعت مرتين. هذا لا يحل المشكلة. هذا طرف، وهناك طرف آخر، عليهما أن يجلسا.
* لكن الطائرة أقلعت، ومن الصعب أن ترجع مرة أخرى، وإلا فستسقط.
- لا.. لا.. أنا لست مع القول إن الطائرة أقلعت، تقصد أنه أصبح هناك واقع موجود. الحل ليس الرجوع إلى ما كان قبل يوم 3 يوليو. لا أحد يقول هذا، ولكن ليس الحل أيضا أن تنطلق من دون رعاية ولا تقدير ولا اعتبار لهذا الغضب الموجود. جزء من الشعب غاضب لما حدث وجزء مؤيد لما حدث. وبالتالي نقول إن طرفي الجانبين يجلسان معا لوضع حل لهذه المسألة. ونحن عرضنا حلولا وغيرنا عرض حلولا قابلة للتطبيق وليست مجرد حلول نظرية. لكن الانطلاق من دون اعتبار للغضب الشعبي أو مواجهته بالقوة وبالمجازر التي حدثت، فهذا لا يحل المشكلة.
* كنت أعتقد أن الأمر فيه مبالغات، لكن هناك تأييد جارف للجيش، ولو السيسي نفسه أراد أن يخوض الانتخابات الرئاسية فسيكسبها.
- لهذا أقول لك إنه يوجد انقسام شعبي. نختلف على نسبته. التأييد لهذا الطرف 60 في المائة أو 70 في المائة، وذاك الطرف 30 في المائة أو غير ذلك، إلا أنه يوجد انقسام بنسب يمكن أن نختلف حولها.. أن هناك غضبا شعبيا ضد عودة الرئيس مرسي، هذا صحيح، وأن هناك غضبا شعبيا آخر مع عودة الرئيس مرسي، يعبر عن نفسه في الميادين، فهذا صحيح أيضا، لكن ما نسبة هذا وما نسبة ذاك؟ لهذا نقول نذهب للصندوق ونعرض خارطة الطريق على الصندوق، فيؤيدها الشعب أو لا يؤيدها، بدلا من أن يدعي كل طرف أنه يمثل 80 في المائة من الشعب المصري أو أنه حشد 40 مليونا كما يقول مؤيدو الرئيس مرسي، والطرف الآخر يقول لا أنا يوم 30 يونيو أو يوم 26 يوليو خرج 33 مليونا. قل ملايين كما تريد، لكن أفضل طريقة لمعالجة هذا الانقسام أن يجرى استفتاء على خارطة الطريق، وعلى الجميع أن يحترم النتيجة ويلتزم بها لإعادة ضبط المسار الديمقراطي.
* هناك من يقول إن جزءا من سبب رفض النظام السابق ليس مجرد سوء أداء أو مشاكل اقتصادية، ولكن بسبب وجود قلق كبير عند قطاع من المصريين على هوية الدولة نفسها وعلى هويتهم هم، وإن هناك محاولة لأخذ هذه الهوية في اتجاه هم لا يريدونه.. ويقول بعض الناس إن هذا أضر بتيار الإسلام السياسي في المجتمع المصري وقد يكون على صعيد المنطقة، فهل هذه التجربة يمكن أن تفرز عملية مراجعات؟
- أنا أتصور أنه يجب أن الأطراف التي شاركت وعلى وجه التحديد تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم السلفيين والجماعة الإسلامية التي لحقت بهم.. يجب أن يراجعوا أنفسهم. وأنا من سنة 2007 كتبت وناديت كل أبناء الحركة الإسلامية: أيها الناس، لا تخلطوا العمل الحزبي بالعمل الدعوي. المؤسسات الدعوية التي قامت للدعوة إلى الله سواء حكومية أو رسمية أو شعبية يجب أن تظل في هذا المجال ولا تدخل في مجال المنافسة الحزبية كمؤسسات وبالتالي يكون الإخوان والجماعة الإسلامية والتيار السلفي والأزهر الشريف والكنيسة.. كل هؤلاء ينبغي أن يمارسوا عملهم الدعوي الديني بعيدا عن العمل الحزبي، وأن خلط العمل الحزبي بالعمل الدعوي الديني الإسلامي والمسيحي خطر على الدين وخطر على السياسة. وأنا أقول هنا إن هذا فصل وظيفي وشرحت هذا الكلام. وتجربة السنة الأخيرة أثبتت أن ما قلته في 2007 وناديت به وأكدت عليه، وهو خلط العمل الدعوي الديني بالعمل الحزبي أو السلطة، أدى إلى فساد السلطة وفساد العمل الدعوي، للأسف الشديد، فلعلهم يراجعون أنفسهم، وتنسحب كل المؤسسات التي زجت بنفسها في أتون العمل الحزبي سواء الأزهر أو الكنيسة أو المؤسسات الشعبية مثل الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، ويعودون إلى وظائفهم الطبيعية، أما بالنسبة لأفرادهم الذين يريدون أن يشاركوا فليشاركوا كمواطنين.. يعملون حزبا أو يدخلون مع حزب، لكن لا يكونون كذراع (سياسية لمؤسساتهم الدعوية). أنا ضد أن تكون أي مؤسسة من هذه المؤسسات حزبا أو أن يكون لها ذراع حزبية. لعل هذه أهم مراجعة يمكن أن يقوم بها هؤلاء. على كل هذه المؤسسات أن تبتعد عن التنافس الحزبي والتنافس للوصول للسلطة لأن هذا يضر الدين ضررا بالغا، وأن يقوموا بواجبهم الذي يحتاجه الوطن، وهو العمل الأخلاقي التربوي الدعوي. نحن في حاجة شديدة لمثل هذا العمل، لأننا كمصريين نحب أن ينشأ أولادنا تنشئة أخلاقية على القيم وعلى المبادئ سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين. إذا انشغل الجميع بالسلطة وبالتنافس على السلطة فمن سيقوم بهذا الواجب؟ وهذا هو الوقع الآن. انظر إلى الانهيار الذي نتعرض له والضياع الأخلاقي الموجود والكراهية التي أصبح البعض يخلط فيها بين كراهيته لتنظيم أو لحزب الحرية والعدالة أو لحزب النور وكراهيته للدين نفسه. هم خلطوا بين الاثنين، فلم يعد المواطن البسيط قادرا على التفرقة بينهما. أنت رافض حزب الحرية والعدالة أو حزب النور، أم رافض الدين نفسه؟! دخلت الدنيا في بعضها للأسف الشديد، فلعلهم يراجعون أنفسهم في هذه النقطة، وهي أهم نقطة.
* هل تعتقد أنه يمكن أن يحدث أمر مثلما حدث لتجربة أردوغان وأربكان في تركيا، أي يحدث تطور طبيعي بالنسبة لفكر الإخوان، أم هو صراع أجيال؟
- أنا لا أراه صراع أجيال. أنا أرى أنه يوجد اختطاف لجماعة الإخوان المسلمين من مجموعة لها فكر هذا الخلط، ويجب أن تراجع نفسها، وهذه مسألة تخصهم لأنني غادرت الإخوان نهائيا من سنة 2009. وبالتالي ما حدث من 2009 وحتى الآن والتفاصيل داخل التنظيم وإدارته وأشكاله أنا في الحقيقة لست مطلعا عليها بشكل يمكنني من أن أكون أمينا في عرض تفاصيل هذه المسألة.
* ومع ذلك لاحظت اليوم مواقع إلكترونية تقول إن أبو الفتوح هو المرشد الحقيقي لجماعة الإخوان.
- هذا من غرائب الإعلام الآن.. أن يقوم بنشر أكاذيب وتدليس وكراهية شديدة في المجتمع. يعني آخر واحد يمكن أن يتصور أن يكون في الإخوان الآن هو العبد الفقير إلى الله «أنا»، وبالتالي أنا لا علاقة لي لا بتنظيم الإخوان ولا بالجماعة ولا بمواقفها. وهذا لا علاقة له بالذم أو المدح في جماعة الإخوان المسلمين، ولكن هذا من باب تحديد المواقف.
* كيف تصف موقع حزبكم في الخريطة السياسية المصرية؟
- نحن حزبنا من أول يوم قمنا فيه قلنا إنه حزب مصري وطني قائم على ركائز أساسية أهمها أربع ركائز وهي احترامه للهوية العربية الإسلامية، واحترامه لقضية الحريات التي نعتبرها جزءا من الكرامة الإنسانية، والركيزة الثالثة الاستقلال الوطني وأنه لا يمكن لبلد كبير عظيم كمصر أن يظل يسير حتى الآن في ركاب الهيمنة الأميركية، وهناك فارق بين الاستقلال الوطني وأن تكون علاقتنا طيبة بالجميع كما ينبغي أن تكون. مصر أكبر من أنها تسير في ركاب هيمنة أميركية أو غير أميركية. الركيزة الرابعة هي الاهتمام بقضايا العدالة الاجتماعية في بلد 70 في المائة من سكانه فقراء. حتى نظام الرئيس مبارك وما بعده من مجلس عسكري ثم مرسي والنظام الجديد الحالي الموجود بعد الانقلاب العسكري، ساروا ويسيرون وكأن مصر بلد رأسمالي من دون أي رعاية لمعايير العدالة الاجتماعية، لا تنفيذ للحد الأدنى والحد الأعلى للأجور حتى الآن، النظام الضرائبي الذي يتوافق مع توفير الرعاية الصحية والتعليمية لكل المواطنين.. كل هذا نحن تحدثنا عنه في برنامجنا.
* هناك بعض الأشياء التي طرحت مثل الحد الأدنى للأجور في وقت تبدو فيه الموارد الاقتصادية لا تكفي، وكثيرون لا يجدون فرص عمل، أشياء كثيرة طرحت ويبدو أنها على أرض الواقع مجرد شعارات.
- الحد الأدنى للأجور تحدثنا عنه وقلنا حلولا عملية بعيدا عن الشعارات، أعني عندما تجد أن الحد الأعلى مثلا في دخل بعض موظفي ماسبيرو (التلفزيون الحكومي) أكثر من مليون جنيه، أنه إحدى المؤسسات الحكومية، أنا لا أتحدث عن المؤسسات الخاصة، المؤسسات الخاصة تعطي مرتبات كما تريد.. فلو تم ضبط الحد الأعلى للأجور فسيوفر ذلك موارد للحد الأدنى. وكذا النظام الضريبي. حين يكون هناك نظام ضريبي مهترئ وحين يكون للحكومة 40 مليار جنيه بهذا النظام الضريبي الضعيف، على بعض رجال الأعمال وعلى بعض المؤسسات.. لو جمعت الضرائب حتى بهذا النظام الضعيف، فإنها ستوفر موارد لـ«تمويل» الحد الأدنى للأجور. لو كانت هناك إرادة سياسية لوفرنا (أموالا) للحد الأدنى للأجور للناس لكي تعيش. ضعف الرواتب يؤدي لعنف اجتماعي. حينما يكون مرتب بعض الناس 200 جنيه أو 300 جنيه، في الوقت الذي يعيش فيه آخرون بمليارات الجنيهات، إذن أنت تدفع للعنف الاجتماعي.
* هناك كثير من الشواهد تشير إلى وجود ميل إلى العنف، وهو طابع جديد على ما يبدو على المصريين، ما سببه في رأيك؟
- أعتقد أن هذه حالة حقيقية موجودة في مصر.. يوجد عنف اجتماعي يعبر عنه في المجال السياسي ويعبر عن نفسه في الشارع العادي. حينما تقع مشاجرة عادية في منطقة الموسكي (وسط القاهرة) قبل ثلاثة أيام يموت فيها 15 شخصا.. كل هذا إحباط يعبر عن حالة إحباط بعد ثورة التف حولها الشعب كله وهي ثورة 25 يناير 2011، لكن الشعب طعن في طموحاته وفي آماله وفي حلمه بسلطة متخلفة سواء التي حكمت لمدة سنة ونصف السنة، وهي المجلس العسكري، أو سلطة الرئيس مرسي وتنظيم الإخوان المسلمين. الشعب لديه قدر كبير من الوعي وهو ليس غبيا، لكنه غبار ممن ينظر إلى الشعب بهذه الطريقة. الشعب مدرك أن البلد الذي انهار بعد 30 سنة من حكم نظام مبارك، لن يتم إصلاحه في سنة واحدة، لكن كان ينبغي أن يكون هناك أفق ورؤية، لا أن يخرج رئيس الدولة لكي يتحدث إليه في خطاب ديني ويدغدغ عواطفه، هذا لا يحل للمواطن مشكلة أكل العيش. كان يتمنى أن يخرج من يتحدث إليه في أكل عيشه، ومشكلة كذا تحل بطريقة كذا، وأن يجد بعض الآمال في حلول على الأرض، لكنه لم يجد كل هذا، فبالتالي العنف الاجتماعي الموجود في المجتمع المصري يعبر عن حالة غضب حقيقي موجودة لو لم تعالج بشكل صحيح وموضوعي وأمين، فإن هذا العنف سيزداد.
* أشرت إلى انهيار الدولة بسبب فترة حكم مبارك، هل كان مبارك كله، طوال 30 سنة، شرا؟
- لا يوجد إنسان كله شر، لكن معظم فترة حكمه كانت شرا.. دع السياسة جانبا، لأن الصين حكمها نظام مستبد إلا أنه كان يوفر للناس أكل العيش والصحة والتعليم، لكن حين نأتي لنظام مبارك تجد منظومة التعليم فيه منهارة وكذلك الأمر لمنظومة الصحة، وعملية الفساد بشكل غير مسبوق منذ أيام المماليك.. والذين ينهبون أراضي الدولة بهذا الشكل، بجانب استبداد سياسي ومصادرة ووضع نظام بوليسي يعتقل المعارضين السياسيين ويعذبهم ويقدمهم للمحاكمات العسكرية وغيره، يكون نظامه كله شر، لكننا لا نقول إن نظام مبارك لم يقم بعمل مشاريع بنية أساسية وطرق وكبار وغيرها.
* يلاحظ أنه تم تقسيم المجتمع إلى فلول وغير فلول.. أفهم أن بعض القيادات والوزراء، مثلا الحزب الوطني كان يقول إن عدد أعضائه ثلاثة ملايين، وبالتالي أصبحوا كلهم فلولا وأعداء بعد سقوط نظام مبارك.
- أنا كنت ضد استخدام كلمة فلول.. الفلول في تعريفنا في حزب مصر القوية هو كل من لوث بدماء وأموال المصريين، أي شارك في فساد سواء فساد سياسي أو مالي، سواء كان في السلطة أو في حزب آخر معارض. وبجانب هذا قلنا إنه ليس كل من كان في السلطة ولا كل من كان في الحزب الوطني إنسانا غير شريف. نحن كأطباء لمصر نقيب الأطباء الذي نفخر ونعتز به حتى هذه اللحظة هو الأستاذ الدكتور حمدي السيد وكان أحد كوادر الحزب الوطني لكنه كان رجلا وطنيا شريفا أمينا لم تلوث يده بالمال وكانت مواقفه كلها مع الحريات وضد إعلان حالة الطوارئ، وكان الحزب الوطني يضطهده وهو عضو فيه بسبب مواقفه. أنا أضرب مثلا، وقد لا يكون هذا المثل هو الغالب، وأن الجو الغالب كان السير مع جو الفساد والانحراف.
* طرح في بدايات مرحلة ما بعد مبارك إعادة قانون الغدر، في حين كان أحد أسباب صدور هذا القانون نظام الحكم الذي جاء بعد 23 يوليو 1952.
- لن تبنى الديمقراطية بعد ثورة إلا بالعدالة الانتقالية وجزء منها أن تواجه بالعدل وليس بالقوانين الاستثنائية كل من أفسد في الحياة السياسية أو المال. لكن ما هو القانون الذي يستخدم وهل قانون جديد أم قانون قديم.. الذي دعا لاستخدام قانون الغدر القديم، كان يقول إنك لو وضعت قانونا جديدا فمعناه أنك ستطبقه بأثر رجعي وبالتالي لن تطبقه على من أفسدوا، وبالتالي لا بد أن تأتي بقانون قديم، لكن في الحقيقة الثورة لم تستكمل أهدافها بسبب أن من تسلطوا على الحكم بعد الثورة أناس لم يتوفر عندهم الإرادة لتحقيق أهداف الثورة سواء المجلس العسكري أو نظام الرئيس مرسي وحزبه.
* يقال في التجارب التاريخية إنه أحيانا التغييرات الاجتماعية تأخذ وقتا، والبعض قال إن مصر ربما يكون أمامها من 10 إلى 15 سنة لكي تستقر وتضع قدميها على الطريق، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر تعيش في منطقة أصلا مضطربة وغير مستقرة، كما أن فترة الضعف قد تغري الآخرين بإثارة ملفات مثل ملف المياه، فإلى أي مدى يمكن أن تتسبب المرحلة الانتقالية الطويلة في التأثير على مصالح مصر؟
* لا شك أنه توجد كمية عداء موجهة لمصر. أعتقد أن الأمر مرتبط بأن تعيد النخب المصرية ضبط بوصلتها في الأداء، وأن يكون الأداء لصالح الوطن وليس لصالح أحزاب أو أشخاص. أتصور أن المواقف التي نمر بها تدفع كل وطني شريف أن يعيد النظر في أدائه نفسه. الأمر يحتاج من مؤسسات القوة في مصر أن تراجع نفسها وأن تدرك أن الديمقراطية لن تبنى في مصر ما دامت تريد أن تفرض الوصاية على المجتمع.. تحتاج من المؤسسات الدينية والدعوية أن تراجع نفسها أيضا بعدم الزج بالدين في أتون السياسة، كما نطالب كذلك بعدم الزج بالعسكر في أتون السياسة. أنا أتصور أن البناء الاجتماعي والبناء الديمقراطي يتعرض لكبوات مثل التي نحن فيها الآن، وهذا يدفع الجميع أن يراجع نفسه.
* ما رؤيتك للزيارات التي تقوم بها وفود أجنبية لمرسي؟
- أنا أتصور كتقييم كلي لها، أنها تعبر عن أن مصر في منطقة مهمة للعالم كله وهي منطقة الشرق الأوسط، وأن هذه المنطقة لن تستقر إلا باستقرار مصر، وبالتالي من مصلحة الجميع أن تستقر مصر. وطبيعي أن يكون أول المستفيدين من استقرار مصر هم أصحاب مصر.. هو الشعب المصري نفسه، وبالتالي يجب أن نكون نحن بكل قوانا السياسية وأحزابنا ومؤسساتنا حريصين على هذه الحالة.. حالة الاستقرار والاستمرارية.
* أعتقد أنه حتى الجيش لا يرغب في هذا، كل الإشارات من الجيش تقول إنه لا يريد ذلك.
- هم لا يريدون لكن البعض الآخر يريد أن يكون هذا الأمر، وهو أمر يمثل خطرا على الوطن. وعلى الجيش أن يحقق عدم الإرادة وأن ينسحبوا من المشهد في أقرب وقت لأنني أدرك أن القيادات الوطنية في الجيش المصري أخذت درسا كبيرا خلال السنة ونصف السنة التي تولى فيها المجلس العسكري إدارة البلاد بعد سقوط نظام مبارك، وأعتقد أنها اليوم لا تريد هذا، لكن للأسف بعض السياسيين الكسالى يريد أن يمارس السياسة ولو كان على جثة الجيش المصري نفسه، وهذا خطر علينا.
* شهدت طبعا أحداث 18 و19 يناير (1979) في مصر وكان عدد من خرجوا للشوارع كبيرا، ودائما يراودني سؤال: هل من خرجوا في تلك الأيام يعادلون عدد من خرجوا في 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013؟
- طبعا العدد في 18 و19 يناير كان عددا ضخما. الغضب وقتها كان كبيرا وكان المبرر الوحيد هو غلاء الأسعار والناس خرجت بشكل تلقائي، والادعاء بأن اليسار أخرجهم أو الإسلاميين ليس صحيحا. التصرف الذي حدث أنه كان هناك رئيس دولة قد تختلف معه، لكن كان لديه وعي سياسي، لحق العملية بسرعة وألغى الزيادات في الأسعار ونزل الجيش ليس لضرب الناس ولكن لاستيعاب الناس. ولهذا عولجت تلك الغضبة بشكل سريع وعادت الأمور لوضعها. كان هناك أفق تجاوب مع غضب شعبي. الإدارة السياسية التي لديها أفق لا يمكن أن تنظر للغضب الشعبي وتقول إن كل الموجودين في الشوارع 130 ألفا، كما حدث (من السلطة) يوم 30 يونيو 2013.
* هل تشعر أن القوى السياسية تشهد نضوجا في مصر؟
- جزء من إنضاجها أن نعطيها فرصة، ولذلك فأنا كنت معترضا على ما حدث في 3 يوليو 2013. لا بد أن يأخذ بناء الديمقراطية مداه. نحن، شعوب منطقتنا من دون استثناء، بما فيها الشعب المصري، لم يكن لديها سياسة.. ولم يكن هناك سياسة في مصر، ولم يكن هناك حتى القدرة على الخلاف ولا إدارة الخلاف في مصر. نحن قمنا بثورة وأطحنا بالنظام الذي كان يقف عقبة أمام الحرية وممارسة السياسة، ويجب أن أعطيها مداها. الناس وهي تتعلم السياسة مثل الطفل الذي يتعلم المشي.. يمشي ويقع. إذا قلت إنه وقع فينبغي ألا يمشي مرة أخرى، فإنه سيصاب بكساح، لا بد أن تعطيه فرصة ليمشي ويقع ويمشي ويقع، وبالتالي الإسراع في معالجة متاعب وعقبات ومشاكل الديمقراطية والحرية بعمل عسكري لن يعطي للديمقراطية مداها، وأن تنطلق كما حدث في مجتمعات أخرى مثل شرق أوروبا وأميركا اللاتينية وفي أفريقيا. ونتمنى أن يعطى لهذا المسار مداه من دون أن تتعجل المؤسسات العسكرية أو الدينية بالتدخل في هذا المسار، وعليها أن تبتعد عنه.
____________
المصدر: مكتوب

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.