مرت الثورة السورية منذ انطلاقها في الخامس عشر من آذار لعام 2011 بثلاث مراحل رئيسية متمايزة، بدأت في أولها على شكل تظاهرات سلمية مدنية، ركزت راياتها على الوحدة الوطنية، وعبرت شعاراتها عن مطالب الشعب المحقة في الحرية والكرامة والديمقراطية، واستمرت هذه المرحلة ما يقارب الستة أشهر.
وفي المرحلة الثانية بدأت تزاوج بين المظاهرات السلمية والدفاع عن النفس وحماية المتظاهرين بقوة السلاح. في أواخر هذه المرحلة التي استمرت ما يقارب التسعة أشهر بدأت تظهر الانشقاقات عن جيش النظام لتشكل ما صار يعرف بالجيش الحر.
أما المرحلة الجارية فإن الصراع المسلح بين قوى النظام العسكرية والأمنية والجيش الحر والمقاتلين المحليين هي المسيطرة على مشهد الثورة، لتتراجع كثيرا المظاهرات السلمية وما يصاحبها من شعارات وطنية جامعة. خلال هذه المرحلة جرى تحول مهم في دور الجيش الحر والمسلحين المحليين فكثرت كتائبه لتغطي كامل جغرافية سورية ولينتقل من وضعية الدفاع عن النفس وعن المتظاهرين السلميين إلى الهجوم، شعاره الوحيد تقريبا هو إسقاط النظام بالقوة العسكرية.
إن جميع هذه التحولات في مسار الثورة هي تحولات موضوعية فرضتها مجابهة النظام للثورة بالقوة العسكرية والأمنية والتدخلات الخارجية المشجعة لخيار العنف والداعمة له. غير إن تصاعد العنف المتبادل بين قوى النظام وقوى المعارضة المسلحة على الأرض بات يهدد بصورة لم يسبق لها مثيل خلال المراحل السابقة للثورة وجود الدولة والوطن بل الثورة أيضاً.
لقد تفاقمت الأعمال العسكرية وامتدت لتشمل معظم المحافظات، مدنا وأريافا، وأصبح استخدام الدبابات والمدفعية والطيران الحربي في قصف الأحياء أمراً يوميا، كما تضاعف عدد الشهداء اليومي عدة مرات، أما مشاهد الدمار والنزوح وتدهور الوضع المعيشي لملايين السوريين، واعتماد أعداد متزايدة منهم على المساعدات الإنسانية لتأمين قوت أطفالهم، فقد بات جزءا من حقائق الحياة المرة للشعب كله. وللمرة الأولى في تاريخ بلادنا المعاصر أصبح مئات الآلاف من السوريين لاجئين في البلدان المجاورة، يقيمون في مخيمات أنشئت لإيوائهم، ويعتمد وجودهم كليا على جهود المنظمات الإنسانية.
لقد صار الدمار عاما شاملا جميع مدن وبلدات سورية بدرجات مختلفة ودخلت البلاد في حالة كارثية بكل المعاني الإنسانية والسياسية والأمنية والاقتصادية، وما تزال الأوضاع تتفاقم وتنذر بما هو أسوأ، حيث يزداد الضغط على التمايزات الدينية والطائفية والقومية، ويزداد خطر انهيار الدولة وانتشار الفوضى وتمزق الوحدة الاجتماعية للشعب.
إلى هنا أوصلنا الحل العسكري الأمني الإجرامي الذي يعتمده النظام في مواجهة ثورة الشعب من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية، وأوغل فيه بعيدا، دفاعا عن مصالح طغمة حاكمة تتعنت لتديم سيطرتها على ثروات الشعب ومصائره، تطالبها غالبيته الساحقة بالرحيل، وتتعنت في سياستها العمياء غير مبالية بمصالح الوطن ولا بحقوق الشعب ولا بأرواح مواطنين أبرياء تزهق، أو بخراب يتعمم كل يوم، ولا تلقي بالا إلى شرعة أو قانون ولا إلى مواثيق دولية، ولا حتى لأبسط ما يتطلبه العقل والضمير الإنساني، مادامت ترى فيه تعارضا مع مصالحها الأنانية الضيقة.
من الأكيد أن هذا النظام هو المسؤول الأول عن كل ما يعانيه شعبنا من ويلات وكوارث، وهو المسؤول الأول عن إغلاق الأبواب حتى اليوم في وجه الحلول السياسية كلها، وهو المسؤول تماما عن خلق الشروط الموضوعية التي دفعت السوريين دفعا إلى حمل السلاح للدفاع عن أرواحهم وعن عائلاتهم وبيوتهم ضد الانتهاكات المروعة التي نفذتها وتنفذها عصاباته من ميليشيات ومخابرات بروح إجرامية موصوفة ومحترفة. وهو المسؤول الرئيسي بالتالي عن تعميم السلاح وتفاقم ظاهرة العسكرة وانتشار العنف بعد أن دفع الناس دفعا لليأس من إمكانية تحقيق مطالبهم المشروعة بالوسائل السلمية التي تمسكوا بها لأشهر طويلة، ولم يتعامل معها إلا بالنار والحديد والقتل العشوائي والاعتقالات والتعذيب.
لقد نجح النظام في جر قوى كثيرة إلى الميدان الذي بنى كامل استراتيجيته عليه والذي ظن انه يتفوق فيه ويناسب قيمه ووحشيته: الميدان العسكري، مستغلا عمق الجراح التي تسبب بها للمواطنين الثائرين وقصر نظر بعض قوى المعارضة التي ساهمت بتشجيع الناس على حمل السلاح بدلا من تنبيههم إلى مخاطره عليهم أولا وعلى الثورة ثانيا.
من جهة أخرى نجحت سياسات النظام واستخدامه للعنف المعمم كإستراتيجية للرد على مطالب الشعب المشروعة بجعل سورية مكشوفة أمام كل من يريد التدخل في شؤونها تحت أية ذريعة كانت دفاعا عن مصالحه. لقد لعبت دولا بعينها عربية وأجنبية قريبة وبعيدة أدواراً لم تكن في مصلحة الشعب السوري ولا في مصلحة انتصار ثورته، فعمدت إلى تغذية أوهام كثيرة لدى الثوار مثل وهم التدخل العسكري الخارجي أو وهم أن السلاح هو الحل وغيرها، مستفيدة من عمق معاناتهم ومن جاهزية بعض المعارضين السوريين خصوصاً في الخارج لقبول القيام بهذا الدور، وتأمينه ماليا وإعلاميا، وحتى بتقديم السلاح.
في لعبة السلاح المزدوجة صار النظام نتيجة سياسته الرعناء أكثر ارتهانا وتبعية للدول التي تمده بالدعم العسكري والاقتصادي الذي اشتدت حاجته إليه في ظل الحرب المفتوحة التي يشنها على الشعب وثورته، وبفعل هذه الحرب نفسها واقتناع بعض قوى ومجموعات المعارضة السورية بأنه لا سبيل لمواجهتها إلا بالسلاح، أصبح هؤلاء بدورهم أكثر تبعية وارتهانا لمن يمدهم بالمال والسلاح والتسهيلات، وبذلك تدولت القضية السورية إلى حد بعيد، وصار مستقبل بلادنا وشعبنا مرهونا لإرادات ومصالح دول كثيرة في العالم أكثر مما هو مرتبط بإرادة ومصالح السوريين وثورتهم من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية.
في هذا المناخ الذي يتحمل النظام المسؤولية الرئيسة عنه، ونتيجة لسيطرة المواجهة العسكرية على مشهد الثورة في سورية تواجه بلادنا ويواجه شعبنا اخطر التهديدات التي تطال أرواح أبنائه ومستقبل أجياله ووحدته الوطنية، بل تهدد وجوده كوطن موحد لجميع أبنائه، ناهيك عن أن القضية بالنسبة لبعض ممن حملوا السلاح، لم تعد قضية ثورة من أجل الحرية والكرامة والانتقال إلى نظام ديمقراطي يقرره الشعب بإرادته الحرة، بل صارت قضية القضاء على هذا النظام المتوحش بأي ثمن، حتى ولو كان الثمن تدمير الدولة ومؤسساتها وتدمير البنية التحتية للاقتصاد، ومهما كلف الأمر من أرواح ودمار وتمزيق لوحدة المجتمع وتهديد لوحدة التراب الوطني والسيادة الوطنية، ومهما كلفهم من رهن لقرارهم وتوجهاتهم السياسية للجهات الخارجية التي تقدم لهم الدعم الإعلامي والمالي وحتى بالسلاح.
ولكن التطور الابرز الذي زاد المشهد السوري تعقيداً وخطورة يتمثل في وفود أعداد كبيرة من المقاتلين المتشددين من الخارج تحت عناوين الجهاد وجبهة النصرة بتسهيل ودعم مالي وعسكري من دول ودوائر اقليمية ودولية، وقد استطاعت هذه العناصر المتشددة أن تجد لنفسها موطئ قدم على الساحة السورية تحت يافطة الدولة الاسلامية أو دولة الخلافة أو ما شابه ذلك. وقد اتسمت عملياتها بدموية شديدة واستهتار كبير بأرواح الناس ومصائرهم. وأخذت شيئاً فشيئاً تظهر في بعض المناطق كطرف نقيض للناشطين الديمقراطيين للسلميين وكتائب الجيش الحر واستهدفت مظاهراتهم ورموزهم وكوادرهم. أضافة الى كل ذلك أن مجموعات من المطلوبين الجنائيين وغيرهم أخذت تقوم بعمليات اختطاف وسلب ونهب وتلصق تهم هذه الارتكابات بفصائل الجيش الحر، وتدعي الانتساب اليه ما يفرض على الجميع التنبه الى ذلك والمساهمة في محاصرة هذه المجموعات وكف يدها عن ايذاء أبناء الشعب.
بطبيعة الحال ليس كل مواطن حمل السلاح ويمارس العنف اليوم أراد ذلك باقتناع وإرادة ولا كل من هم في جيش النظام ومؤسسات الدولة يريدونه أيضا، بل إن غالبية هؤلاء هي فعلا ضد حمل السلاح والعنف، ولكنهم يجدون أنفسهم أسرى لوضع صنعته طبيعة المواجهة التي فرضها عليهم نظام الطغمة المستبدة واستراتيجيتها الأمنية العسكرية المتوحشة، وكملتها سياسات وتدخلات دول في الإقليم وفي العالم يعرفها الجميع دفاعا عن مصالحها. ومما زاد في الطين بلة أن مجموعات ووجوه سياسية معروفة من المعارضة السورية الناشطة في الخارج على وجه الخصوص قبلت وتقبل هذا المنطق وتتجاوب معه لأسباب مختلفة.
لقد بات واضحا بعد نحو سنتين من عمر ثورة الشعب السوري في سبيل حريته وكرامته وبناء نظام ديمقراطي تعددي أن النظام غير قادر على القضاء عليها بالقوة العسكرية والأمنية، بل هو ذاته بدأ يتفكك أمام إصرار الشعب على السير بثورته إلى نهايتها المظفرة بإسقاط النظام من اجل بناء نظام ديمقراطي بديل مهما غلت التضحيات. لقد بينت مجريات الأحداث أن كل طلقة أو قذيفة تطلقها قواته فتقتل مواطنا أو تدمر بيتا أو متجرا، لم تجدِ في إبعاد الناس عن الثورة، بل زادتهم إصرارا على المضي فيها، على العكس كانت في الوقت ذاته تصيب مقتلا في البنيان المعنوي والسياسي والأخلاقي والنفسي لجمهور النظام وعناصر أجهزته، ومنهم عناصر الجيش والقوى الأمنية فتدفعهم للانشقاق عنه أو تشحنهم ضده وتقضي على ما تبقى من ولائهم إن كانوا موالين، ومن حيادهم إن كانوا محايدين. لقد راهن الشعب خلال المرحلتين الأولى والثانية على إسقاط النظام بالطرق السلمية، غير أن النظام نفسه اليوم يحفر قبره بيده من خلال استمراره بإستراتيجيته الأمنية العسكرية المتوحشة في مواجهة ثورة الشعب، لكنه للآسف بهذا الخيار، وهنا مكمن الخطر الأكبر، يجر البلاد كلها معه إلى الكارثة، إلى الدمار والتمزق.
من جهة أخرى وفي ظل التوازنات الدولية والإقليمية ومواقفها الراهنة المعلنة ولاعتبارات عملية – عدم القدرة على التفوق على النظام بالقوى والسلاح -لا يمكن للمعارضة المسلحة أن تسقط النظام بقوة السلاح وحده، وإن كانت تسبب له الضعف والوهن. لكنها من جهة أخرى فإنها عندما تهاجم جنوداً وأهدافاً ومواقع عسكرية فإنما تقتل سوريين يجد كثيرون منهم أنفسهم مضطرين للخضوع لآليات الانضباط العسكري ضمن جيش النظام، ومضطرين للدفاع عن أرواحهم أيضا، في حين أنه يمكن لكثيرين منهم أن ينشقوا عن النظام إذا ما عرض عليهم خيارات سياسية مقنعة لاسيما إذا تم توظيف الجهد السياسي والإعلامي المناسب لهذا الغرض.
إن عسكرة الثورة تضع هؤلاء في موقع الدفاع الإجباري عن النفس وتدفعهم بالتالي للتماسك ضمن مؤسسات النظام، بدل أن تدفعهم للانفكاك عنه والانضمام للثورة. وليس ثمة أمل في تغيير هذا الوضع تغييرا حاسما في المدى المنظور، لأن هذا لم يعد يتعلق بإرادة ورغبات الأطراف السورية، بل صار مرهونا بإرادة ومصالح الدول والجهات التي تؤمن التمويل والتسليح وبعض التدريب لكل من الطرفين المتصارعين، الأمر الذي تحكمه معادلات دولية وإقليمية كبرى ومعقدة، تقول محصلتها أنه لن يسمح للمعارضة بامتلاك ما يلزمها لكسر النظام عسكريا، كما لن يسمح للنظام بسحق المعارضة أيضا، لأن هؤلاء الذين يدعمونه( روسيا والصين وإيران وغيرها) لن يقبلوا بهزيمته وإخراجهم من معادلة المصالح الدولية في سوريا كما حصل في ليبيا، كما لن يقبل من يدعمون المعارضة المسلحة ( أمريكا والأطلسي وتركيا ودول الخليج) بهزيمتها وانتصار النظام، وبالتالي هزيمتهم أمام قطب دولي وإقليمي جديد يتشكل، ويريد تأكيد قوته وحضوره على المسرح الدولي عبر الصراع على سورية.
يقودنا كل ما سبق إلى استنتاج حتمي واحد وهو: ضرورة العمل على وقف دورة العنف الدموي المتصاعد فورا، إنقاذا للبلاد والشعب والثورة. يجب وقف الحل العسكري الأمني المجنون والمدمر لكل شيء الذي ينتهجه النظام، وفي المقابل يجب وقف لجوء الثورة إلى السلاح كخيار استراتيجي، وما يصاحبه من وهم بإمكانية تحقيق نصر على النظام بالوسائل العسكرية. وفي الوقت نفسه، يجب التمسك بلا هوادة بأهداف الثورة في الظفر بالحرية والكرامة للشعب، وبحقه في أن يقرر بنفسه ويختار النظام الديمقراطي الذي يريده، كما يجب الخلاص من نظام الاستبداد ورموزه مرة وإلى الأبد.
في إطار هذه المعادلة الواضحة المنفتحة – لا قدر الله- على أن تأخذ شكل الحرب الأهلية، أو الاحتلال الأجنبي، وربما فرض حل على السوريين لا يكون في مصلحة الشعب، يجب فعل كل شيء ممكن لإنقاذ البلاد والشعب وأهداف الثورة الديمقراطية.
ينبغي أن يكون واضحا كل الوضوح أن دعوة هيئة التنسيق لوقف العنف والاستراتيجيات العسكرية لا تعني أبدا دعوة لإلقاء الثوار لأسلحتهم، بل تعني ضبط استخدام السلاح وتحديد مهماته وتنظيمه في ضوء احتياجات الثورة وبما يراعي ويحترم حقوق الإنسان والقانون، وأن تتوحد وتنظم تشكيلات الثوار وتحدد عقيدتهم القتالية في إستراتيجية تحمي الثورة وأهدافها التي انطلقت من أجلها، كما تتكفل بحفظ الأمن والاستقرار في مناطق سيطرة الثوار، عبر الالتزام بالدفاع عن النفس وعن الشعب، وردع اعتداءات النظام وشبيحته المجرمين في كل مرة يحاولون فيها الاعتداء، دون التوهم بأن الأعمال العسكرية هي التي ستسقط النظام.
إن شعبنا يواجه نظاماً لا أمان له، ولا ضمان لعدم استمرار اعتداءاته على المواطنين وارتكاب المجازر بحقهم كما دأب خلال أكثر من عام وثمانية أشهر من عمر الثورة، إلا بامتلاك قوة الردع. والدعوة لوقف العنف الهجومي من قبل قوات النظام وأجهزته أساسا تتطلب أيضا اقتناع والتزام المعارضة والثوار من مقاتلي الجيش الحر والمسلحين المحليين بعدم جدوى هذه الإستراتيجية لإسقاط النظام، في ظل كل ما أوضحناه سابقا من توازنات محلية وإقليمية ودولية، واقتناعهم بالمخاطر الكبرى التي ترتبها هذه الإستراتيجية على وحدة المجتمع والوطن.
وفي مجمل الأحوال يبقى حق الدفاع عن النفس في مواجهة كل اعتداء، مصونا ومقدسا كما هو في كل القوانين والشرائع المحلية والدولية، ولا يجري بالتالي إلقاء السلاح إلا بعد إنجاز حل سياسي شامل للوضع، تكون تسوية وضع السلاح في البلاد ( سلاح النظام وسلاح الجيش الحر) جزءا أساسيا منه، يضمن استمرار الدولة وسيادتها واحترامها التام لحقوق المواطنين بل وحمايتها لهذه الحقوق كما يفترض بها أصلاً، في سياق الحل الوطني الشامل المنشود لإقامة النظام الديمقراطي، الحل الذي يحقق للسوريين ما يريدونه من خلاص من هذا النظام ورموزه ومرتكزاته بصورة جذرية في نهاية المطاف، ويحفظ لهم وحدة شعبهم وبلادهم وسلمهم الوطني ومستقبل أجيالهم، وسيادتهم على وطنهم في الوقت نفسه.
يتوقف كل شيء في هذه المعادلة المعقدة على قبول النظام وقواته العسكرية والامنية والمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، الالتزام بوقف شامل لإطلاق النار والأعمال العسكرية والأمنية بكل أشكالها، وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين لدى كل الأطراف، وتوفير كل ما يلزم لعودة المهجرين واللاجئين ومعالجة الجرحى والمصابين وتأمين الغوث الإنساني الضروري لكل من يحتاجه وبأسرع وقت وغيرها مما ذكرناه في رؤية الهيئة للمرحلة الانتقالية، وما أقره مؤتمر إنقاذ سورية، وما ورد في مبادرة جامعة الدول العربية الأولى والثانية، وفي خطة كوفي عنان ذات النقاط الست، وفي وثيقة جنيف الصادرة عن اجتماع مجموعة العمل الخاصة بسورية في30حزيران 2013 والتي شاركت فيها الدول الخمس الدائمة العضوية والتي يعمل عليها الأخضر الإبراهيمي. وما اتفقت عليه المعارضة السورية في القاهرة في وثيقة العهد الأمر الذي سيكون في حال تطبيقه أهم مقومات المناخ المطلوب والضروري لإطلاق عملية سياسية بين كافة قوى المعارضة السياسية والعسكرية التي تشاركنا رؤيتنا، وبين مسؤولين سياسيين مخولين من النظام وتقبل بهم المعارضة، ويقبلون المبادئ المعروضة نفسها أيضا، تبحث في قضايا المرحلة الانتقالية والانتقال السلمي للسلطة.
ففي هذه العملية السياسية يكمن الحل وانتصار الثورة وحماية وحدة التراب والسيادة الوطنية والسلم الأهلي الذي يعز على كل السوريين المخلصين لشعبهم وبلادهم، ولو تطلب الأمر بعض الوقت والكثير من التفاوض المعقد والصعب والمحطات الانتقالية على الطريق.
وفي سياق هذه العملية السياسية ثمة حاجة أساسية وأكيدة لجهود ومساهمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والإقليمي والعربي، وثمة ضرورة لتحقيق تفاهم سياسي ولو بالحد الأدنى بين مختلف الأطراف المعنية على هذا المستوى، لتوفير الإمكانية وفرص النجاح لهذه العملية التي يتوقف على نجاحها مستقبل شعبنا وبلادنا، كما يتوقف عليها مصائر أجيالنا القادمة.
عن هيئة التنسيق الوطنية
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات