الأربعاء، 26 فبراير 2014

«الجماعة» غاضبة من الحريري: انقلب على مبادئه

    فبراير 26, 2014   No comments

غسان ريفي

تتسع الهوة تدريجياً بين الرئيس سعد الحريري وبين «الجماعة الإسلامية» التي تعتبر قيادتها أن «رئيس الحكومة السابق يضع نفسه، عن قصد أو عن غير قصد، في مواجهة المشروع الإسلامي في المنطقة، بعدما شكل الإسلاميون في لبنان رافعة سياسية أساسية له بعد استشهاد والده، وقد استخدمهم منذ العام 2005 في مواجهة خصومه».
حتى الأمس القريب، كانت «الجماعة» تغض النظر عن برقيات التهنئة المتكررة التي أرسلها إلى «الانقلابيين» في مصر وفي أكثر من مناسبة. وقد حاولت البحث عن «أسباب تخفيفية» لموقف الحريري من «الانقلاب على الشرعية الدستورية في مصر الكنانة»، وبذلت جهوداً لإقناع قواعدها أن المواقف يتّخذها تيار «المستقبل» لا تعبّر عن حقيقة الموقف الضمني للرئيس الحريري. خصوصاً أن الحريري نفسه ونواب «المستقبل» والرئيس فؤاد السنيورة كانوا من طلائع المؤيدين للثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، رغم تحالفهم معه قبل ذلك!

في رأي قيادات من «الجماعة الإسلامية» أن مواقف تيار «المستقبل» المتقلّبة مما يحصل في مصر هي تعبير عن عدم وجود استراتيجية واضحة وموقف ثابت، أو أنها تعبير عن «انتهازية» في «المستقبل» الذي يبدو أنه ينقلب على نفسه وعلى تحالفاته ويلتحق بـ«القوي».
ويعتقد أصحاب هذا الرأي في «الجماعة الإسلامية» أن تيار «المستقبل» لا يعبّر عن «براغماتية» في التعاطي مع ما يجري في مصر، وإنما يعبّر عن نزعة قادة «المستقبل» بـ«أن يلتحقوا بالواقع الذي يمكنهم الاستفادة منه».
ويذكّر أصحاب هذا الرأي بأن «الحريري خاصم سوريا واتهمها باغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ثم عندما أدرك أن المزاج الدولي مع بشّار الأسد ذهب إليه وتبادل معه القبلات واعتذر عما أسماه يومها الاتهام السياسي، ومنحه صك براءة من التهمة، ثم لما حصلت الثورة في سوريا عاد وانقلب مجدداً على مواقفه. كما أن الحريري كان حليفاً للرئيس المخلوع حسني مبارك حين كان في السلطة وكان نظام مبارك حليفاً استراتيجياً له، حتى أن القاهرة صارت آنذاك قبلة الحريري والمستقبليين، ولما سقط مبارك سرعان ما تبرأ منه الحريري والسنيورة وبالتالي كل الذين كانوا يصفقون له، وساروا مع ثورة مصر التي انتخبت محمد مرسي رئيساً وصاروا حلفاء وشركاء في الغنم مع ثورة مصر، ولما حصل الانقلاب على الشرعية ساروا مع الانقلابيين».
تبعاً لذلك، تنظر قيادة «الجماعة الإسلامية» بعين الغضب إلى الزيارة التي قام بها الحريري الى مصر ولقائه رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور ووزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي. وهي إذا كانت غضت الطرف عن مواقف الحريري الإيجابية ممن تسميهم «الانقلابيين» على حكم الرئيس محمد مرسي في مصر، فان هذه الزيارة كانت بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير» وهي دفعت عدداً من قياداتها الى المطالبة بإعادة النظر في العلاقة التي تربط الجماعة بالحريري.
ومما يثير استغراب قيادات «الجماعة»، هو أن الحريري «لم يكن مضطراً للقيام بهذه الزيارة على رأس وفد نيابي من تيار المستقبل، خصوصا أنه ليس رئيساً للحكومة، وليس ممثلاً للسلطة في لبنان، لكي يدفعه البروتوكول أو العلاقات بين الدول الى زيارة مصر في هذا الوقت بالذات، علماً أن أكثر الحكومات العربية لا تتواصل مع المشير السيسي، والدليل على ذلك ندرة زيارات المسؤولين العرب الى مصر».
وتعتقد هذه القيادات أن «السيسي يفتش اليوم عمن يزوره في مصر بهدف توسيع باب الاعتراف بالانقلاب على حكم الاخوان المسلمين، وأن زيارة الحريري لم تكن موفقة، لكونها جعلته ينقلب على مبادئه وعلى مبادئ ثورة الربيع العربي، وهي ستؤدي الى محاصرته في الشارع العربي».
ويقول رئيس المكتب السياسي لـ«الجماعة الإسلامية» عزام الأيوبي لـ«السفير»: «إن الزيارة جاءت ترجمة لمواقف سعد الحريري الإيجابية من الانقلابيين على الشرعية في مصر، وهو سيدفع ثمن هذه التصرفات في الساحة اللبنانية نتيجة انقلابه على المبادئ التي لطالما نادى بها، حيث يعتبر نفسه لبنانياً في مواجهة السلاح الذي ينقلب على الإرادة الشعبية، بينما هو في مصر يدعم السلاح الذي انقلب على الإرادة الشعبية، وهو في لبنان مع شرعية الدولة والمؤسسات، بينما في مصر يقف الى جانب من انقلبوا على الدستور والمؤسسات، فضلاً عن أن الساحة الإسلامية في لبنان ترى أن السيسي ومن يقف وراءه من قوى إقليمية ودولية، يحضرون لهجمة شاملة على المشروع الإسلامي في المنطقة العربية ككل، وبالتالي فإن الحريري وعبر الخطوات التي يتخذها يضع نفسه في مواجهة المشروع الإسلامي ومن يؤمن به».
ويلفت الأيوبي الى أن الحريري «يقوم، عبر مواقفه وتصرفاته، بتضييق المساحات المشتركة التي كانت تجمعه مع كثير من المكونات الإسلامية، وإن استمراره بهذا السلوك يؤدي الى محاصرته، وسيجعل تصريحاته وطروحاته الانفتاحية مجرد شعارات غير قابلة للتطبيق».
ينفي الأيوبي قيام تحالف سياسي بين «الجماعة» والحريري، معتبراً «أننا نتعاون في بعض الملفات المحددة، وأن استمرار هذا التعاون رهن بالظروف القائمة»، منتقداً «عدم ثبات الحريري على موقف محدد».
ويضيف: «لقد كنا من المنادين بضرورة السعي لتشكيل الحكومة، لكن سعد الحريري رفع السقف في هذا الإطار الى أعلى المستويات، ومن ثم تراجع عند أول محطة تفاوضية وفاجأ كل من سار خلفه، وبالتالي فهو لم يكن مضطراً للتصعيد ومن ثم التراجع، خصوصاً أن جمهوره لم يعد راضياً عن هذه التناقضات التي تضيّع بوصلة تحركاته».
ويؤكد الأيوبي أن «ليس من مصلحة الحريري دعم من يقوم بمحاربة المشروع الإسلامي في المنطقة، وأن يتبرأ في كل مناسبة وعند كل محطة من الإسلاميين الذين دعموا مسيرته»، مشيراً الى أن «هذا المشروع يتعرض اليوم لكل أنواع المؤامرات بهدف ضربه وإضعافه»، معرباً عن رفضه «لكل الأعمال التخريبية والإرهابية التي تنسب الى الساحة الإسلامية في المنطقة، والتي تصب جميعها في استهداف مشروعها».
__________
  جريدة السفير

ISR Weekly

About ISR Weekly

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.