‏إظهار الرسائل ذات التسميات التغيير العربي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التغيير العربي. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 24 نوفمبر 2013

موقف جماعة الاخوان المسلمين في سورية من الاتفاق الإيراني - الغربي حول التووي الإيراني: طعنة في صدر الأمن القومي العربي وأخرى في ظهر الثورة السورية

    نوفمبر 24, 2013   No comments
زهير سالم, الناطق الرسمي باسم جماعة الاخوان المسلمين في سورية: 

أعلن فجر اليوم عن توقيع الصفقة الإيرانية – الغربية. بعد مفاوضات ماراثونية كان الجميع يدرك أنها ليست أكثر من طريقة إخراج لتطمين المتخوفين من شعوب كثيرة منها الشعب الإيراني نفسه.

يقول المطلعون على الخبايا في الزوايا إن الاتفاق كان قد تمت هندسته مقترناً مع الصفقة الأسدية – الغربية على الترسانة الكيماوية السورية. تلك الصفقة التي عقدت شراكة دولية مع مجرم حرب وأهدرت دماء أكثر من ألف وخمس مائة سوري ثلثهم من الأطفال.

في عالم السياسة لا أحد يفرض إرادته على أحد إلا بما يملك من قوة الحديد أو قوة المصالح. ولن نكون أغير على مصالح الغربيين منهم. إلا أن الذي يهمنا من أمر هذه الصفقة ثلاثة أمور..

أولاً - إن الصفقة بما تفتحه في صيرورتها أمام إيران من سبيل لامتلاك السلاح النووي. سيجعل مهمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تأخذ على عاتقها الحد من انتشار الأسلحة النووية، مهمة عبثية لا معنى لها، أو ربما وهذا الأخطر مهمة عنصرية تتغاضى عن امتلاك بعض دول منطقتنا لهذا السلاح المبيد (إيران وإسرائيل)، وتفرض على بقية شعوب المنطقة أن يعيشوا تحت رحمة الآخرين الذين نكتشف يوماً بعد يوم أنهم يتمتعون بقدر غير محدود من العنصرية والنزق والكراهية..

ثانياً – إن امتلاك إيران للسلاح النووي الذي سيكون الثمرة المباشرة لهذه الصفقة؛ سيشكل تهديداً خطيراً لأمننا القومي العربي، لحضارتنا وثقافتنا ونظامنا العربي ودولنا وشعوبنا. وإنه لوضع استراتيجي جديد يفرض على ممثلي الأمن القومي العربي أن يبادروا بكل الجدية والمصداقية إلى اتخاذ التدابير الكفيلة لإيجاد نوع من توازن الردع حماية لشعوبهم ووجودهم.

وإنه من العبث بمكان أن يترك أمننا القومي لضمان أنظمة ودول بعيدة عن المنطقة لا يهمها من أمر شعوبها شيء. إن صمت الدول الخمس دائمة العضوية اليوم على الجريمة التي تجري في سورية، لأوضح دليل على ما نقول.

إن استرسال الحاكم العربي بعد اليوم في الصمت أو في التواني أو في الركون إلى الوعود الدولية سيشكل تخلياً فظاً عن الأمانة التي استرعاه الله إياها في حماية الإنسان والعمران.

إن اتفاقية الشراكة المعلنة اليوم كمعبر للقنبلة النووية الإيرانية أو الشيعية التي ستكون فك الكماشة الموازي للقنبلة النووية الإسرائيلية أو اليهودية؛ تشكل طعنة غائرة وغادرة في صدر الأمن القومي العربي على كل الأبعاد.

ومن ناحية ثالثة. وإزاء المعادلة الإيرانية الصفرية أمام مطالب وتطلعات الشعب السوري العادلة، وإزاء إصرار إيران وأتباعها حول العالم على كسر إرادة الشعب السوري، ثم انغماسها الطائفي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في جريمة الحرب التي تطحن إنسان سورية وعمرانها؛ ننظر إلى هذه الشراكة الصفقة بأبعادها الاقتصادية على أنها نافذة إضافية لتمكين إيران من الزج بمزيد من الزيت على نار الحرب التي يديرها مقاتلوها هناك. إن إغماض المجتمع الدولي العين عن التدخل الإيراني والحزبللاوي السافر ضد الشعب السوري لهو أكبر دليل على أن الصفقة مؤامرة ضخمة ضد شعوب المنطقة بشكل عام وهي طعنة في ظهر الثورة السورية بشكل خاص..

إن الأمر اليوم جد وليس بالهزل يحتاج إلى موقف فصل، موقف يترفع عن لغة الشجب والإدانة أو الخوف والتخويف. موقف يبادر إليه قادة الأمة في كل أقطارها لتدارك ما فات. لحماية أجيال الأمة وصيانة أمنها القومي الثقافي والحضاري والسياسي والاقتصادي. وموقف آخر يناط بالقيادات السياسية للمعارضة السورية لخط الطريق أمام استراتيجية جديدة تحقق تطلعات الشعب السوري وتكون وفية لدماء الشهداء..

والوفاء لدماء شهداء الثورة السورية لن تجدوه عند إيران ولا عند شركاء وحلفاء إيران. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

عالم ما بعد سان بطرس بورغ: الانقسام الكبـير 

    سبتمبر 06, 2013   No comments
ناهض حتر
ترك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضيوفه في قمة العشرين، يصطفون للصورة الجماعية الزائفة الابتسامات، ثم أقبل؛ لم يمنح نظيره الأميركي، باراك أوباما، سوى نظرة جانبية، نظرة قيصر معتدّ، ووقف حيث يفصل بينهما الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يوديونو. إنه الفراق أو إنه خلاصة مشهد رمزي للعالم الثالث مجدداً بين العملاقين.

في سان بطرس بورغ، انقسم العالم إلى منظومتين، إحداهما قديمة، تحاول تجديد هيمنتها، الرأسمالية الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة، وثانيهما جديدة، بقيادة ثنائية لروسيا والصين، تتكون من دول صاعدة في المنافسة الاقتصادية المحتدمة في مجال التجارة والصناعة والطاقة والمال؛ الصراع، في جوهره، هو صراع على مستقبل الاقتصاد العالمي، صراع على الموارد والأسواق والمبادلات والعملات، يستقطب الدول والقوى ويخوض المعارك سجالاً، في كل تلك المجالات. صراع على زعامة العالم وتهديد للأحادية القطبية الأميركية من الدولار إلى الأساطيل. إنما تتجمع هذه الصراعات، كلها، في سوريا؛ في سقوطها سقوط لمشروع نهوض عالمي، بينما يشكل انتصارها أملاً بعالم أكثر عدالة وازدهاراً وإنسانية.

حين وقعت الأزمة المالية الكبرى في الاقتصادات الرأسمالية التقليدية عام 2008، كان ائتلاف مجموعة العشرين أساسياً لتجاوزها، وخصوصاً أن اقتصادات الصين وروسيا والهند لم تقع في الحفرة، بل كانت قد وصلت إلى ذرى جديدة، بينما اقتصادا البرازيل وجنوب أفريقيا كانا أصلب عوداً من نظيراتهما التي تدور في فلك الرأسمالية الغربية، والتي تهاوت أنظمتها المالية تحت ضغط التورم السرطاني للأوراق المالية الافتراضية، في الولايات المتحدة والغرب، واقتصاد الحرب الفاشلة في العراق.
على هذه الخلفية بالذات، فاز باراك أوباما في الانتخابات الأميركية، في أجواء مصالحة عالمية تبدت في المسعى الجماعي لمواجهة الأزمة المالية. لقد ظهرت ضرورة التعاون العالمي، ونبذ الحروب، والعودة إلى شرعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وكان لا بد أن يأتي رئيس أميركي يعكس هذا المناخ الجديد.
ربما كان هذا الوضع هو الذي دفع بالتنظيرة الساذجة لبعض اليساريين العرب من مؤيدي الجماعات المسلحة في سوريا، حول قيام امبريالية جديدة في روسيا والصين. لكن هاتين الدولتين اللتين صمدتا أمام الأزمة المالية العالمية، بدأتا، منذ خمس سنوات، تحشدان قواهما الاقتصادية ليس فقط في اطار مجموعة البريكس، بل على نطاق أوسع عالمياً، باتجاه خيارات جديدة للإفلات من آثار الأزمة الحالية للرأسمالية الغربية، وذلك عبر تكوين اقتصاد عالمي موازٍ للسوق الرأسمالية. صحيح أنه يقوم على أسس رأسمالية أيضاً، ولكنه يسعى نحو الاستقلال ويأمل بعالم بلا حروب تحكمه الشرعية الدولية، كضرورة نمو وازدهار. وهو، أي عالم الاقتصادات الناشئة المضادة، على خلاف الرأسمالية الإمبريالية، مضطر إلى ألّا يكون إمبريالياً، بل ضد امبريالي، لجهة مصلحته في السلام والاستقرار والتوزيع المتوازن للموارد، وخصوصاً في مجال الطاقة وإدارة إعادة الهيكلة المالية للدول المتعثرة، خارج الشروط الاستعمارية النيوليبرالية لصندوق النقد الدولي.
في تغيّر العالم نحو تعددية قطبية في المجال الاقتصادي والمالي، تغير أوباما، ورضخ، شيئاً فشيئاً، لإرادة الرأسمالية الأميركية الغاضبة والقلقة إزاء استقلال نصف البشرية عن هيمنتها الاقتصادية؛ هنا ظهرت الضغوط على دول الاقتصادات الناشئة لإرهاقها في مجالي الطاقة والمال. ومع ما سُمي الربيع العربي، ظهرت، سياسياً، فرصة أميركية لإعادة هيكلة القوى في العالم العربي بما يحافظ على المصالح الأميركية، ويعزل الروس، ويحرم الصين التدفق النفطي السلس ويشدد حصار إيران من دون تكاليف حربية باهظة كالتي دفعتها واشنطن في العراق، وذلك باستخدام الأموال الخليجية والإسلام السياسي بشقيه الإخواني والجهادي. اصطدمت هذه الفرصة بالصمود السوري، المستند إلى القوة الاقليمية النقيض في الشرق الأوسط، إيران وحزب الله، ثم ما لبثت التطورات المصرية منذ ثورة 30 حزيران تصب في الاتجاه نفسه، وإنْ بتدرّج سوف ينتهي الى طلاق مبكر مع السعودية.
في تصاعد التوتر بين القوتين الأعظم، الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، حول سوريا، والتهديدات بالحرب وحشد الأساطيل في المتوسط، تظل الحقائق الأساسية للاقتصاد العالمي قائمة؛ فقد اعتبرت الدول المجتمعة في قمة مجموعة العشرين في بطرس بورغ، يومي 5 و6 ايلول الجاري، في بيانها الختامي، أن «الانتعاش ضعيف جداً والمخاطر لا تزال قائمة» ولا سيما تلك المرتبطة بـ«النمو البطيء في اقتصادات الدول الناشئة الذي يعكس تأثير تقلبات تدفق الرساميل والظروف المالية الأكثر صعوبة وتقلّب اسعار المواد الأولية».
وقبل ان يدافع عن سوريا، انبرى بوتين، في مؤتمر صحافي أمس، للدفاع عن الدول التي تحاول تحقيق ذاتها اقتصادياً، فدعا إلى «ضرورة تحقيق المكاشفة والشفافية في أسواق الطاقة والخامات لكي يكون الوضع فيها قابلاً للتكهن»، أي قابلاً لاحتساب تكاليف انتاج السلع والخدمات وتحقيق النمو وفق الخطط الموضوعة، بدل الفوضى العارمة القائمة في فوضى السوق الرأسمالي.
وفي ما يخص الهدف الآخر المطلوب تحقيقه لاستقرار أوضاع الاقتصاد العالمي، وهو خفض عجز ميزانيات الدول، أعلن بوتين «خطة سان بطرس بورغ» لخفض عجز الميزانيات وإجراء الإصلاح الهيكلي الشامل، وأوضح أن هذا سيتحقق «من خلال اتخاذ إجراءات تنظيم أسواق السلع وتنظيم الجباية وتنمية الثروة البشرية وتحديث البنى التحتية». وهي خطة وافقت عليها واشنطن من دون قرار فعلي بتبنيها، فهي تتعارض مع برامج صندوق النقد الدولي، الخاضع للإرادة الأميركية، والذي يفرض على الدول المتعثرة إجراءات تقشفية من دون بديل تنموي.
وفي تطور يعكس بروز القوة الاقتصادية العالمية الجديدة للاقتصادات الناشئة، أكد بوتين أن قادة دول مجموعة «بريكس» (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) اتفقوا على أن تتخذ بالإجماع كافة القرارات الأساسية المتعلقة بنشاط بنك التنمية التابع للمجموعة. وهو المؤسسة المالية الدولية الموازية لصندوق النقد الدولي الغربي. وستدفع مجموعة بريكس 100 مليار دولار لتأسيس صندوق للاحتياطيات النقدية يسعى إلى تحقيق الاستقرار في أسواق الصرف التي تأثرت سلباً بقرار تقليص التحفيز النقدي الأميركي. وستمول الصين، وحدها، 41 بالمئة من هذه الاحتياطيات.
نحن، إذاً، نعيش لحظة انقسام العالم إلى نظامين اقتصاديين ماليين لم يعودا قابلين للتعايش في إطار استراتيجي واحد؛ هكذا انتهت الأوبامية واستعاد الرئيس الأسمر «المسالم»، سلفه جورج بوش الابن، بينما تولت روسيا التعبير الاستراتيجي عن مصالح الاقتصادات الناشئة؛ وجاءت لحظة الصدام في سوريا؛ انتهت أوهام جنيف 2 وانتقل الفريقان إلى الصدام المحتوم؛ صدام لن يلجأ إلى الحرب المباشرة بين الدولتين، ولكن إلى حرب مفتوحة بالوكالة. لخص بوتين لقاءه بخصمه الرئيسي بكلمتين: «التقينا لـ 20 دقيقة، وبقي كل منا على موقفه». وأوضح مجدداً أن «استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة أمرٌ مرفوض خارج إطار مجلس الأمن»، مشدداً على أنّ «من يريد أن يتصرف بمفرده يخرج عن القانون الدولي»، ومؤكداً أن بلاده «لا تريد الانجرار إلى حرب، لكنها ستواصل دعم دمشق بالمستويات الحالية نفسها في حالة التدخل العسكري الخارجي».
ولكي لا يكون هناك التباس، أجاب بوتين عن سؤال المرحلة: «هل سنساعد سوريا؟ نعم سنساعدها. ونحن نساعدها الآن. نمدهم بالأسلحة ونتعاون في المجال الاقتصادي وآمل أن نتعاون بشكل أكبر في المجال الإنساني... لتقديم المساعدة إلى هؤلاء الناس - المدنيين - الذين يكابدون وضعاً صعباً اليوم». ولاحظ أنه «حتى في الدول التي تؤيد توجيه ضربة عسكرية لسوريا، فإن شعوبها ترفض خوض هذه الحرب»، مشيراً إلى أن «معظم الشعب الأميركي يرفض الضربة على سوريا». ورأى أنّ «موضوع الأسلحة الكيميائية ليس سوى ذريعة للتدخل العسكري في سوريا، واستفزاز من المسلحين الذين يأملون دعماً خارجياً». وفي لفتة تعكس تصميم موسكو على معارضة الضغوط الأميركية على النظام المصري الجديد، قال إن «وجود الإرهاب في مصر أمر خطير»، و«نحن سنتعامل مع أي حكومة في هذا البلد». وهي إشارة أولى إلى أن موسكو باتت تعتبر القاهرة حليفاً محتملاً. نجح أوباما، بالمقابل، في حشد إحدى عشرة دولة مشاركة في قمة العشرين، لإصدار بيان وقّعته كل من أوستراليا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والسعودية وإسبانيا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة. لم يصل البيان إلى حد الدعوة إلى القيام برد عسكري، لكنه قال: «ندعو إلى ردّ دولي قوي على هذا الانتهاك الخطير للقواعد والضمير العالمي. وهو ما من شأنه أن يبعث برسالة واضحة مفادها أنه يتعين عدم تكرار مثل هذا النوع من الفظائع. يجب محاسبة أولئك الذين اقترفوا هذه الجرائم».
واضح أن الضغوط التي سادت أجواء قمة العشرين ضد الحرب، بما في ذلك مواقف ألمانيا والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ودول البريكس، قد أثمرت انخفاضاً في لهجة التصعيد الغربي؛ فالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أعلن أنّ فرنسا «تنتظر تقرير محققي الأمم المتحدة، قبل أن تتخذ قراراً بشأن أي تحرك عسكري ضد سوريا»، فيما وجهت برلين الاهتمام نحو مؤتمر دولي لبحث ملف اللاجئين السوريين.
وبينما واصل أوباما إعلان مواقف متشددة، فقد أبقى على مخرج فرعي. قال: «أحلتُ الأمر على الكونغرس، لأنني لا أستطيع الزعم أنّ التهديد الناجم عن استخدام (الرئيس بشار) الأسد للأسلحة الكيمائية، يشكل تهديداً وشيكاً ومباشراً للولايات المتحدة». وأضاف أنه «لو كان هناك تهديد مباشر على الولايات المتحدة أو حلفائها، لاتخذتُ إجراءً من دون مشاورة الكونغرس».
إنها، بلا شك، خطوة إلى الوراء؛ فلا يزال البيت الأبيض يجري حساباته الصعبة، ويقلّب الأمر، ولا تزال الاحتمالات مفتوحة.

أوباما وجّه البنتاغون لتوسيع أهداف العدوان

أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما توجيهاته للبنتاغون لوضع لائحة موسّعة من الأهداف المحتمل ضربها في سوريا استجابة لتقارير استخبارية عن أنّ الرئيس السوري بشار الأسد ينقل قواته وأجهزة استخدام الأسلحة الكيميائية مع انشغال الكونغرس بمناقشة مسألة إعطاء الضوء الأخضر لعمل عسكري ضد سوريا، بحسب ما أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
ونقلت عن مسؤولين أنّ أوباما عازم حالياً على التشديد أكثر على جزئية «الردع والحد» من قدرة الرئيس السوري على استخدام السلاح الكيميائي، الأمر الذي تقول الإدارة إنه هدفها من الضربة العسكرية.
وأضافت أنّ «هذا يعني توسيع الأهداف لتتخطّى الخمسين أو قرابة الخمسين من المواقع الرئيسية التي كانت جزءاً من لائحة الأهداف الأساسية التي وضعتها القوات الفرنسية قبل تأجيل أوباما للإجراء العسكري السبت سعياً لموافقة الكونغرس على خطته».
وذكرت الصحيفة أنّها المرة الأولى التي تتحدث فيها الإدارة الأميركية عن استخدام مقاتلات أميركية وفرنسية لشن هجمات على أهداف محددة، إضافة إلى صواريخ «توماهوك» التي تطلق عبر السفن. وقالت إنّ هناك ضغطاً متجدداً لإشراك قوات أخرى من حلف شمالي الأطلسي. ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولين الكبار هم على علم بالأمور التنافسية التي يواجهونها حالياً، وهي أنه حتى في حال الفوز بتصويت الكونغرس سيكون عليهم القبول بقيود تفرض على الجيش.
ونقلت عن مسؤولين عسكريين أن الضربات «لن تستهدف مستودعات السلاح الكيميائي في حد ذاتها تفادياً لكارثة محتملة، بل ستستهدف وحدات ومقار عسكرية خزّنت وجهّزت الأسلحة الكيميائية وشنّت الهجمات ضد المتمردين السوريين، وكذلك المقار التي أشرفت على هذه الجهود، والصواريخ والمدفعية التي أطلقت الهجمات».
____
(الأخبار)

الأحد، 25 أغسطس 2013

قراءة في خلفيات الافتراق السعودي الأميركي

    أغسطس 25, 2013   No comments
التقرير الأسبوعي الصادر عن "مركز الدراسات الأميركية والعربية" ومكتب الميادين في واشنطن يسلط الضوء على الافتراق بين المصالح السعودية والأميركية نظراً إلى المتغيرات التي تجري في المنطقة بعدما نحت السعودية لعقود إلى الاعتماد على واشنطن كقوة عظمى.
بعد اندلاع "الربيع العربي" سارعت السعودية الى سحب 800 مليار دولار من المصارف الاميركية في نهاية شهر آذار 2011
بعد اندلاع "الربيع العربي" سارعت السعودية الى سحب 800 مليار دولار من المصارف الاميركية في نهاية شهر آذار 2011
بعد رعايتها قوى الثورة المضادة واندلاع "الربيع العربي" سارعت السعودية الى سحب "800 مليار دولار" دفعة واحدة من المصارف الاميركية، في نهاية شهر آذار 2011، من مجموع تراكم ثروة بلغ 3500 مليار دولار لحسابها في اميركا، جلبت لها متاعب سياسية مؤقتة لما شكلته من تداعيات على الاقتصاد الاميركي ادت الى هبوط قيمة الاسهم الاميركية.

في المقابل، كشفت المصادر الاميركية مؤخرا عن وجود قاعدة عسكرية "سرية" في الاراضي السعودية بمحاذاة الاراضي اليمنية، التي ينتهكها الطرفين المذكورين حيثما شاءا، مما يدل على حقيقة العلاقات الثنائية القائمة مع السعودية، حاضرا ومستقبلا، كمرتكز اساسي في بسط السياسة والهيمنة الاميركية ليس في المنطقة فحسب، بل في مناطق اخرى من العالم كما دل الدعم "السعودي" لقوات الكونترا المضادة في نيكاراغوا.
استندت بوصلة السياسة السعودية منذ عدة عقود الى "مبدأين": الولايات المتحدة هي قوة عظمى باستطاعتها توفير الحماية للعائلة الحاكمة؛ وان الولايات المتحدة تعتمد على تدفق النفط الى اسواقها من الجزيرة العربية. واستمر العمل بالاستناد الى هذه الثنائية بنجاح نظرا لتقاطع مصالح الطرفين، اذ راعت الولايات المتحدة بعض المصالح السعودية في سياستها الشرق اوسطية وحوض الخليج العربي ومناطق اخرى، سيما وانها كانت تصب في خدمة المصالح الاميركية العليا مما يستدعي توفير الحماية لها عند الحاجة.
ينشأ تعارض بين مصالح الاطراف المعنية احيانا نظرا لتغير الظروف والقوى اللاعبة، سيما وان المنطقة العربية لم تشهد وضعا من عدم الاستقرار طيلة القرن المنصرم كما هي عليه راهنا. وتيرة الحراك الشعبي في البلدان العربية مقرونة بالتطرف والارهاب العابر للحدود الاقليمية يهددان استقرار عدد من دول المنطقة. كما ان جهود ايران تقترب من انجاز هدفها بالحصول على قنبلة نووية لو ارادت ذلك. السياسة الاميركية، بالمجمل، يشوبها التخبط والفوضى كافضل تعبير عن انكفاء قوتها التي بشرت بها كقطب احادي على مستوى الكون. كما تجدر الاشارة في هذا السياق الى بروز عوامل الوهن والاعياء على القوات العسكرية الاميركية والتي، امتدادا، لم تعد على ذات الهيبة والمكانة السابقة التي روجت لها طويلا.
نظرا لجملة العوامل المذكورة، والتغيرات التي تفرض نفسها بسرعة اكبر مما قد يتم التحكم بها عن بعد، سيما وان الجيل الاول في العائلة المالكة السعودية قد شارف على الانقراض، فان القوى الصاعدة من الجيل الثاني رأت لزاما عليها تحسس طريقها الخاص في ترتيب سياساتها الخارجية بأشكال وتجليات لم تعهدها من قبل. وعليه، ينبغي الخوض في مسببات الظاهرة المتجددة وما تعنيه من انعكاسات وتداعيات على تحركات "السياسة السعودية" المقبلة في الاقليم بشكل خاص.

بروز أميركا منتجا عملاقا للطاقة
وكالة الطاقة الدولية توضح ان واردات الولايات المتحدة من نفط الشرق الاوسط ستتراجع
وكالة الطاقة الدولية توضح ان واردات الولايات المتحدة من نفط الشرق الاوسط ستتراجع
شكل اعتماد الولايات المتحدة على تدفق النفط السعودي احد مرتكزات ثوابتها السياسية، وحفزها لانشاء "قوات خاصة للتدخل السريع" في منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي لتوفير الحماية العسكرية للتحكم بمصادر وتسويق الطاقة. ونظرا لطبيعة حجم اقتصادها الضخم وافراط اعتماده على الحركة الدائمة ووسائل النقل الخاصة، لم يكن بوسعها توسيع هامش التنقيب واستخراج النفط من عمق خزان اراضيها ليواكب وتيرة تنامي الاستهلاك، على الرغم من تعدادها كاحد المنتجين الرئيسيين لمصادر الطاقة في العالم؛ النفط السعودي كان اقل كلفة وربما تم استغلال انتاجه لاقصى مستوى ممكن كي تتجه اميركا لاحقا للتحكم مجددا بالاسواق العالمية استنادا الى مخزونها الهائل من موارد الطاقة.
شكلت هذه الخلفية عاملا اساسيا محركا لتوفير اميركا الحماية لآبار النفط السعودية لضمان الولاء، بل تبعية السعودية لتحقيق مصالحها. في هذا الاطار، يمكننا رؤية تحرك ادارة الرئيس اوباما سياسيا بشكل حثيث في ملفات المنطقة كتعبير عن التعويض لتراجع النفوذ الاميركي، دشنته في رعايتها "لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل".
العامل الآخر في تباين المصالح السعودية والاميركية هو ما توصلت اليه تقنية استخراج النفط بالتفتيت الصخري من تطور والافاق الواعدة لزيادة انتاج اميركا من النفط، معطوفة على زيادة الانتاج في ابار النفط التقليدية، لا سيما في ولاية تكساس، مما يضع الولايات المتحدة في مرتبة جديدة لتبوأ موقع احد المصدرين الكبار للطاقة على المستوى العالمي.
من اليقين ان تلك التطورات ستترك تداعياتها على عموم دول مجلس التعاون الخليجي التي تهاونت مجتمعة بتبديد ثرواتها الطبيعية بسرعة قياسية. وقد سجلت بيانات الاستيراد الاميركي من النفط تراجعا ملحوظا لشهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من السنة الجارية، اذ استوردت من الدول الخليجية معدلات اقل مما كانت عليه العلاقة على امتداد 20 سنة مضت. وقد تنبأت وكالة الطاقة الدولية، في شهر تشرين الثاني 2012، ان انتاج الولايات المتحدة من النفط سيفوق معدلات انتاج الدول الخليجية مجتمعة كاكبر منتج للنفط مع حلول عام 2020. ونتيجة لتعزيز قدرة الولايات المتحدة الانتاجية لصناعاتها النفطية "غير التقليدية،" من المتوقع ان تتربع اميركا على مركز الصدارة في انتاج النفط لسنوات خمس مقبلة.
على هذه الخلفية، لا ينظر لدول الخليج النفطية ان تلعب دورا مؤثرا او قويا في المدى الابعد. اذ اوضحت وكالة الطاقة الدولية ان واردات الولايات المتحدة من نفط الشرق الاوسط ستتراجع من معدل 1.9 مليون برميل يوميا، عام 2011، الى ما لا يتعدى 100،000 برميل يوميا عام 2035 – اي ما يشكل نحو 3% من مجموع استيرادها النفطي.
وعليه، تتطلع العائلة السعودية الى البحث عن زبون وحليف دائم على المدى البعيد، والذي تشير التقديرات الراهنة ان الصين يمكنها ان تلعب هذا الدور، سيما وانها تعد لاعبا اساسيا حاليا في مجال استخراج النفط في العراق وايران. وبالنظر الى تزايد معدلات شهيتها النفطية لتلبية تنامي احتياجات اقتصادها ينبغي على الصين البحث عن مصادر اخرى، مما يضع الآبار "السعودية" تحت انظارها.
عانت الصين من عوارض الازمة الايرانية فيما يتعلق بعقود النفط، اذ علقت ايران العقود المبرمة مع الصين لتطوير حقل بارس الشمالي للغاز، عام 2011، بحجة عدم احراز تقدم، مما حدى بالصين الى سحب اطقم خبرائها الخاصة بتطوير المرحلة الحادية عشرة (11) من حقل بارس الجنوبي، الذي يعد من اكبر حقول مخزون الغاز الطبيعي في العالم (وفق احصائيات عام 2012)، عقب تهديد ايران بالغاء العقد المبرم نظرا لعدم احراز تقدم. كما ان صناعة النفط الصينية تخلفت عن اتمام الجدول الزمني لتطوير حقلي ازاديغان ويادافارن النفطيين. فضلا عن ان اجراءات العقوبات الاقتصادية التي تعاني منها ايران تركت آثارا بينة ادت الى تراجع قدرة الشركات النفطية الصينية توفير المعدات والتقنيات الضرورية لادارة اعمالها في ايران، اضافة لعدم رضاها عن شروط العقود المبرمة، وعدم تيقنها من مستقبل برنامج ايران النووي والذي قد يؤدي الى اندلاع مواجهات عسكرية، بالاضافة الى توجيهات القيادات الصينية العليا بابطاء وتيرة التقدم هناك.
الوضع داخل السعودية يختلف جذريا عما هو في ايران، اذ توفر الاولى للصين حقولا انتاجية وفيرة مقابل توفير الصين دعم عسكري محدود للسعودية، على الرغم من ان التقنية الصينية ليست بذات الكفاءة العسكرية مقارنة مع نظيرتها الاميركية. واستطاعت الصين بيع السعودية عددا من الصواريخ الباليستية، التي كشفت النقاب عنها الصحافة الاميركية قبل وقت قريب، علاوة على العلاقات الطيبة التي تربط الصين بايران مما يوفر الفرصة للسعودية، ولو نظريا، لممارسة نفوذ ما على السياسة الصينية نحو ايران، كما سعت لتحقيقه مع الولايات المتحدة في الملف عينه.

تطويق فشل السياسة الخارجية الأميركية
جنحت السعودية الى تحقيق اهدافها السياسية بذاتها عوضا عن رهن اعتمادها على الولايات المتحدة
جنحت السعودية الى تحقيق اهدافها السياسية بذاتها عوضا عن رهن اعتمادها على الولايات المتحدة
في الظروف الدولية الاعتيادية يبرز استبدال زبون نفطي بآخر كأمر لا يثير قدرا من الجدل، الا ان المأزق السعودي في مبادلة موقع اميركا بالصين، نفطيا، ينطوي على تعقيدات جمة بالنظر الى طبيعة القوة العسكرية الصينية التي لا توازي مثيلتها الاميركية في توفير، او الرغبة لتوفير، قدر حماية شامل لقطاع النفط السعودي. وما يفاقم الازمة ايضا عامل تفكك السياسة الخارجية الاميركية في عهد الرئيس اوباما مما ادى لبلورة عدة نقاط ملتهبة في الاقليم، يتعين على السعودية التعامل المباشر معها عوضا عن ايلاء الأمر في عهدة الولايات المتحدة كما كان يجري دوما.
من بين القضايا والملفات والتحديات البارزة نشأت الازمة المصرية وحالة عدم الاستقرار في اكبر دولة عربية، عسكريا وبشريا وحضاريا، بجوار السعودية، التي ترعى ظواهر بروز التطرف الاسلامي برمتها منذ اعتلاء الثورة الايرانية سدة الحكم، 1979، وعدم الرغبة في استيلادها في ساحات اخرى لما تشكله من تهديد وجودي على كيانها.
من ناقل القول ان سياسة الرئيس اوباما نحو مصر اتسمت بالتقلب وعدم انتظام مسارها: اذ "قبلت" التخلي عن عمادها الاساسي في شخص الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وحافظت على دعم وتوطيد حكم جماعة الاخوان المسلمين، الأمر الذي دفع الادارة الى توجيه نقدٍ قاسٍ للقوات العسكرية المصرية ووزير دفاعها اللواء عبد الفتاح السيسي، مع ملاحظة عدم انقطاع سيل الدعم الاجنبي بالكامل. لم يكن بوسع اوباما الا الاعلان عن تعليق المناورات العسكرية المشتركة المقررة مع القوات المصرية، والتلويح بتعليق مؤقت لبرنامح المساعدات الاميركية للقوات المسلحة المصرية. بيد ان اتخاذ مسار او اجراء اكثر وضوحا مما تقدم لا يلوح في الافق، الامر الذي وفر قدرا من الاطمئنان لجماعة الاخوان بان عودتهم للسلطة لا تزال واردة وبقاء التعويل على استمرار دعم ادارة الرئيس اوباما لهم.

وهذا العامل بالذات هو ما ادى الى تفاقم الاوضاع مجددا ووقوع مزيد من الضحايا نظرا للمراهنات الخاطئة من الاطراف الموالية للولايات المتحدة.
تعويل البعض على موقف اشد حزما من وزير الخارجية جون كيري لم يؤتِ ثماره، الذي انتظر فترة زمنية طويلة نسبيا، نحو ثلاثة اسابيع، بعد احتجاز الرئيس المعزول محمد مرسي قبل اطلاق تصريحات رسمية تتحايل على تسمية ما جرى بانقلاب وفق رغبات التيارات السياسية المتشددة داخل الحكومة الاميركية. بل اوضح كيري خلال جولته في باكستان ان ما جرى في مصر هو خطوة "لاستعادة الديموقراطية"، مما اشعل لهيب ردود افعال جماعة الاخوان واضطرار كيري للتراجع بعض الشيء عن توصيفاته السابقة، مطالبا "كافة الاطراف العودة الى طاولة الحوار" مجددا.
الجيل الثاني من العائلة الحاكمة في السعودية توصل الى قناعة مفادها بأن الولايات المتحدة "تمارس دورها القيادي من الخلف" مما يترتب عليه مبادرة سعودية سريعة لحماية مصالحها في مصر وملء الفراغ الناجم عن خروج قطر كممول مالي وداعم سياسي للسلطة الجديدة. بل ذهبت "الزعامة السعودية" الى تحذير الغرب باكمله من مخاطر دعم جماعة الاخوان المسلمين، او السعي لتقويض سيطرة القوات المسلحة على الحكومة الجديدة بزعامة اللواء السيسي. واوضحت ايضا للوضع الجديد في مصر عزمها على توفير الدعم المالي الذي قد تخسره مصر من المساعدات الاميركية.
واستطيبت "السعودية" اخفاق جماعة الاخوان باطلاق وزير خارجيتها سعود الفيصل وصف مصر بانها "الوطن الثاني لنا" مؤكدا ان عائلته الحاكمة ستعمل كل ما بوسعها للوقوف بوجه اي محاولات اجنبية لنشر عدم الاستقرار في مصر. وقال "في ما يخص اولئك القائلين بوقف دعهمهم لمصر او التهديد بوقفها، فالامة العربية والاسلامية الغنية بمواردها البشرية وقدراتها المادية ستقدم يد العون الى مصر".
التوجه السعودي نحو مصر، رغم ما ينطوي عليه من مغامرة تبرز تباينه مع توجهات السياسة الاميركية، كما تؤشر على مدى القلق السعودي من تعاظم قوة الاخوان المسلمين في ادارة اهم واكبر دولة عربية. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية بالقاهرة، جمال سلطان، قوله ان التوجه السعودي الجديد "ليس بدواعي التوسع. فالسعوديون يلجأون لمثل تلك الاجراءات بدافع الخوف وليس بدافع الجشع".
عامل الاستقرار في الاقليم ليس العنصر الوحيد الذي يقلق السياسة السعودية. ففي سورية، تدور حرب شعواء تدعمها السعودية بكل ما تملك من امكانيات ونفوذ اقليمي ضد منظومة حكم تأبى الخضوع للنزوات السعودية.
في سورية ايضا، تتباين المصالح السعودية مع حاميتها الاميركية. اذ تخشى الولايات المتحدة تنامي قدرة القوى الاسلامية المتطرفة لبسط سيطرتها على الاراضي السورية، واستخدامها كمنصة انطلاق لعمليات ارهابية تشن من هناك، تنظر السعودية الى قوى المعارضة كطرف موازٍ للنفوذ الايراني المتصاعد في سورية. في مصر، يلاحظ تنامي التفوذ السعودي مرحليا مقابل تردد وارتباك ادارة الرئيس اوباما في تقديم العون المطلوب لقوى المعارضة السورية ومفاضلة مجموعة على اخرى.
على خلفية هذا المشهد، جنحت السعودية الى تحقيق اهدافها السياسية بذاتها عوضا عن رهن اعتمادها على الولايات المتحدة. وعليه، لا زالت السعودية على قناعة تامة بأن ايران تشكل مصدر التهديد الاكبر لها وليس كيان العدو الصهيوني وتهديده التاريخي للأمة العربية، ارضا وشعوبا ومقدرات.
وتمضي السعودية لتحقيق رؤيتها بتعزيز علاقاتها مع الصين لموازنة النفوذ الايراني، مما يوفر لها مصدرا اضافيا لاسلحة نوعية تشمل الصواريخ الباليستية التي لا تسمح لها الولايات المتحدة باقتنائها. كما من شأن توجهها نحو الصين، كما تعتقد، تخفيف حوافز الاخيرة لبيع اسلحتها لايران وخشيتها من تداعيات اقفال مضيق هرمز امام الملاحة الدولية على متطلباتها الاقتصادية. وامتدادا، من شأن ذاك السياق دفع توجه الصين نحو الاستقرار في اوضاع الخليج بدل الالتفات لدعم ايران بشكل حصري.
هاجس "الخطر الايراني" يشكل بوصلة توجه السياسات السعودية ايضا نحو الدولة السورية ومنظومة الحكم هناك، لاعتقادها ان مصالح العائلة السعودية المالكة في سورية ستكون في منأى عن التهديد في ظل حكومة موالية للسعودية بدلا من منظومة وطنية وقومية عقائدية.
وفي ذات السياق، يرى الجيل الصاعد للحكم في السعودية ان مصالحه في مصر ستكون في مأمن تحت حكم تسيطر عليه القوات المسلحة بدلا من نظام ينادي بالخلافة الاسلامية مركزها تركيا العثمانية.
الحكم او الجزم على احقية السياسة السعودية "الجديدة" سابق لاوانه، سيما وان معالمها لم تكتمل بعد، وخاصة لعدم استقرار مركز وهوية الملك القادم بعد العاهل الراهن، عبد الله بن عبد العزيز، وتحديد الهيئات ومراكز القوى الداعمة له. مع كل تلك العوامل، ينبغي الاقرار باننا نشهد نوعا من التحول في بعض تطبيقات السياسة الخارجية السعودية للابتعاد بعض الشيء عن السياسة الاميركية في المنطقة، سيما وهي تترنح امام بروز اقطاب دولية اخرى هامة، تزاحمها على قيادة عالم متعدد الاقطاب.

_________
المصدر: مكتب واشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات الأميركية والعربية

الخميس، 1 أغسطس 2013

الدين وظاهرة المجتمع المدني

    أغسطس 01, 2013   No comments
رياض درار
مع بروز مصطلح المجتمع المدني في أدبيات ومراجعات مابعد أحداث بولندة برزت معضلة المرجعية التي تصطدم في بلادنا بقيم الأكثرية الساحقة من أبناء المجتمع المسلم ما دعا النخب العربية إلى الدعوة إلى قطيعة مع هذا المفهوم الذي تراه مفهوماً نشأ في سياق تاريخي خاص محصور بالمجتمعات الغربية ومن ثم فهي تستدعي استعداء مجتمعاتها لهذا المفهوم وتعميق الشرخ بينه وبين الشعب العربي المسلم.
ومع ذلك خرج في الأمة من يقول بأن المجتمع المدني ليس غريباً على الأمة في مسار التاريخ ، وأن التاريخ بما أنه حركية متواصلة ومتداخلة ونسبية ، فليس من المقبول تثبيت مصطلح فيه تثبيتاً أبدياً كتعريف صالح لكل زمان ومكان .

وفي مفهوم المجتمع المدني سواء أراد المثقف النخبوي ذلك أم لم يرد – وسواء انسجم هذا التحول مع مفهومه الذي اقتبسه عن آباء المجتمع المدني من روسو إلى غرامشي أم لم ينسجم , فمفاهيم المجتمع المدني التي نشأت في حالة نقض للطابع الديني للدولة والسياسة لم تعد كما نشأت ، وفي الغرب نفسه، ثم في أوربا الشرقية والاتحاد السوفياتي السابق لعب الدين دوراً أساسياً في حركية المجتمع، في مناهضته سلطان الدولة وأجهزتها البيروقراطية والحزبية، حيث اتخذ المجتمع المدني طابعاً صراعياً ضد البيروقراطية – الحزبية اللادينية – متحولاً عن أصل نشأته التي اتخذت طابعاً صراعياً مع التيوقراطية الدينية .
وقد ساهم المجتمع الذي تحرك من ضمن العودة إلى الديني المقدس في النشاط المدني دون أن يفقد صفته الدينية ، ولا يحق أن ننفي عنه صفة المدني لمجرد عودته إلى الكنيسة التي رفعت في أدبياتها إدانة التمييز العنصري وساهمت في تحرك المجتمع باتجاهات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان ، والتصدي للقهر الاجتماعي والطبقي ولها اهتمام بمشاكل العالم الثالث ، ووضعيات الحضارة الصناعية .. دون أن يؤثر ذلك في مسيحيتها ، أو يصادر علاقتها بما هو ديني .
فإذا كان الغرب قد تصدى لمسائل المجتمع المدني بروحه الجديدة فإن المجتمع العربي لن يكون معزولاً عن إسلامه وهو يتصدى لذات المسائل .إن الصيرورة التاريخية تهيب بالمتصدين لمسائل المجتمع المدني أن لا يتوقفوا عند المصطلح على أنه ثابت لايتغير وهذا يدعو :
1- إلى تجاوز المفهوم الذي يحصر المجتمع المدني في قالب الفلسفة الليبرالية ، أو المادية المعادية للدين ، والتي تدعو إلى فصله عن السياسة المدنية , لأنها بذلك تهدم المجتمع والسياسة المدنية ، وتثبت الحكم الفئوي للسلطة بصورتها العسكرية أو الاستبدادية الشمولية .
.2- إلى تجاوز النظرة الضيقة لبعض الحركات الإسلامية ، والموقف الدمجي الذي يدعو لتماهي المجتمع في الدولة تحت شعار الحاكمية الإلهية ، أو ولاية الفقيه ، أو حتى الخلافة . ففي نسبية التاريخ تجاه هذه الأطروحات نجد أن لا حقيقة مطلقة وثابتة وأبدية في المسائل التاريخية ، وأن مانعتقده حقائق هو ظواهر ينبغي وضعها في السياق التاريخي ، وداخل التاريخ الذي هو حركة وتحولات لاتتكرر ولا تأسره تطورات حتمية إلزامية .
ومن هنا فإن استيعاب تجربة الغرب برمتها لا في تجميدها في جزء منها أو مرحلة من مراحلها . وإذا كان لابد من الرجوع إلى الغرب ، فلننظر إليه في مساره المتكامل ، وفي إنجازاته كلها ، وفي أحدث ماابتدعه من مناهج وطرائق ونظريات .وفي الواقع فإن هذا ما فعله رواد النهضة حين اغترفوا من معين العلوم الغربية ، ووضعوا معالم مشروع نهضوي مبنية على فهم عميق للعصر الذي عاشوا فيه ، واستشراف للمستقبل من خلال رؤية علمية دقيقة مدركة لصيرورة تواريخ الشعوب ، دون أن يتخلوا عن أصالتهم ولا عن دينهم ، بل لعلهم واكبوا عصرهم ولم ينهاروا أمام نهضة الغرب ، بل واجهوه بأحكام شريعتهم ومصطلحاتها الشرعية .
إن القول بعدم تثبيت مفهوم نهائي للمجتمع المدني ، أو حتى وضع تعريف محدد له ، نابع من كونه ظاهرة . وبما أنه ظاهرة فإن له صفة التطور ، فلا يجوز أن نضع محددات قاطعة نهائية له ، بمعنى إذا فقدت هذه المحددات انعدم المجتمع المدني . وإنما يجوز القول بوجود أساسات للمجتمع المدني تتمثل بالديمقراطية ، والتعددية ، والتداول السلمي للسلطة ، ووجود المؤسسات .
فوجود المؤسسات المستقلة والتي تعمل بكامل الحرية يفترض التعددية التي هي أحد المداخل الرئيسة إلى المجتمع المدني . ولأن التعددية غير قابلة للتحقق إلا في إطار من الاستقلالية النسبية لكل العناصر المكونة لهذه التعددية فلا بد من الإقرار بالتداول السلمي للسلطة . والتداول السلمي يفترض الديمقراطية بما هي تعبير عن أن الحقيقة لا يمكن أن يملكها فريق واحد ، وإنما هي قاسم مشترك بين الجميع ، فلا يزعم فريق أنه صاحب القرار النهائي .
وبالتالي فإن المجتمع المدني لا يرفض الإيديولوجية ولكنه يرفض السلطة المؤدلجة، فالتعددية التي هي من مقتضيات المجتمع المدني تقوم على رفض الإيديولوجية الشمولية ، لكنها لا ترفض التعددية الإيديولوجية والسياسية . وعلى الجميع أن يلتزم بنواظم يتفق عليها الجميع ، وهي نواظم ممثلة بالدستور والقوانين الأساسية ، ويمكن للإيديولوجية بهذا المعنى أن تثري الدستور والقوانين بما يتفق عليه الجميع.

الأربعاء، 24 يوليو 2013

إعادة صياغة للتحالفات مع صعود «القاعدة» وصراع الشمال: الشمال السوري يعيد صياغة الخريطة السياسية والاصطفافات، بدءا من الحدث «القاعدي والكردي»

    يوليو 24, 2013   No comments
مقالاتمحمد بلوط
فعلى صعيد «القاعدة»، وإعادة الاستقطاب الذي يحدثه داخل «الجيش الحر» والجيش النظامي، تشير معلومات تلقتها الأمم المتحدة من ديبلوماسيين لا يزالون يعملون في سوريا، أن التطور السريع لتنظيم «القاعدة» وهيمنته على المزيد من الأرض والقرار السياسي للمعارضة السورية، دفع بالعشرات من الكتائب المقاتلة إلى إعادة النظر بمواقفها من الحرب الجارية ضد النظام السوري.

ويقول ديبلوماسي أممي، على صلة بالجماعات المقاتلة في سوريا، إن أكثر من مئة كتيبة من كتائب «الجيش الحر»، يعمل بعضها في مناطق الغوطة في ريف دمشق، بشكل خاص، قد تقدم على الانقلاب على الجماعات الإسلامية و«جبهة النصرة» والجماعات «الجهادية» الأخرى التي تستقدم مقاتلين أجانب، وتنضم إلى الجيش السوري.

وقال الديبلوماسي إن هذه الكتائب التي بدأت تصطدم بـ«جبهة النصرة»، عبّرت في اتصالات جرت معها عن احتمال انضمامها إلى الجيش السوري النظامي، للتصدي لخطر الجماعات الإسلامية، التي بدأت بالاصطدام بها في أكثر من منطقة.

وكانت أربع كتائب في حوران، تعمل بإمرة «المجلس العسكري» الذي يقوده العقيد احمد النعمة، قد حاولت في حزيران الماضي إيجاد وساطة مع الجيش النظامي، وعبر اللواء رستم غزالة، للاتفاق على هدنة في المنطقة الجنوبية، وحلول محلية تستند إلى وقف إطلاق النار، والتعهد بالكف عن قصف القرى، وإطلاق المعتقلين، ولكن الوساطات لا تزال تراوح مكانها.
وعلى الصعيد الكردي، أحدث الإعلان عن إدارة ذاتية مقبلة في المنطقة إعادة اصطفاف للمرة الأولى في سوريا، يقترب من حرب أهلية كردية ــ عربية ــ «قاعدية»، تدعمها تركيا و«الائتلاف الوطني السوري» المعارض.
وتعرض «الجيش الحر» في منطقة تل ابيض إلى انشقاق الوحدات الكردية عن صفوفه. واشتد الاستقطاب الكردي ــ العربي ــ «القاعدي» من جهة ثانية بانضمام لواء «جبهة الأكراد» التابع لـ«الجيش الحر» إلى صفوف مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية، الذين يقودهم «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، فيما تشكلت جبهة واحدة لقتال الأكراد في المنطقة، تضم «اللواء ٣١٣»، و«الفرقة ١١» من «الجيش الحر»، وبعض كتائب «المجلس العسكري» في الرقة، ومجموعات من «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، و«جبهة النصرة»، و«غرباء الشام»، و«أحرار الشام» الذين يسيطرون على الرقة، و«لواء التوحيد»، وإحدى «كتائب الفاروق» التي قدمت من حمص للقتال ضد الأكراد.
ودخل الأتراك على خط المعارك في الساعات الأخيرة، في منطقة تل ابيض. وقال قائد ميداني كردي لـ«السفير» إن طائرات تركية من دون طيار كانت تحلق في سماء المعركة، كما أن قذائف مدفعية جاءت من الجانب التركي سقطت بالقرب من المواقع الكردية في تل ابيض خلال المعارك مع «النصرة».
وكانت قيادة الأركان التركية قد استنفرت الفرقة الثانية من الجيش، والقاعدة الجوية في ديار بكر، ووضعتها تحت التدبير الأحمر. وأصدرت تعليمات لمقاتلاتها بالتحليق في المنطقة، وللطائرات من دون طيار بمراقبة ما يجري، وبإطلاق النار إذا ما تعرضت إلى أي مضايقة. ويقول الأكراد إن مئات من مقاتلي الجماعات السلفية بدأوا بالوصول مجددا بالقطارات من تركيا، وقد نزلوا في محطة رأس العين في الجانب التركي. واستولى الأكراد على رتل قادم من الرقة باتجاه تل ابيض، يضم ثلاث عربات رباعية الدفع مزودة برشاشات «دوشكا».
ويخوض الأكراد ضد تحالف «الحر» و«القاعدة» و«الجهاديين» قتالا حاسما حول منطقة تل ابيض الإستراتيجية، في حرب بدأت تمتد إلى معابر أخرى مع العراق وممرات إستراتيجية تحدد مستقبل الشمال السوري بين الإدارة الذاتية الكردية، والإمارة الإسلامية، فيما يبدو أمر «الحكومة المؤقتة» وهيئة «الائتلاف» التنفيذية، من دون بندقية او سند حقيقي يعتد به للدفاع عن ارض تقف عليها يوما ما.
ونجحت القوات الكردية بطرد «جبهة النصرة» و«الجيش الحر» من بلدة رأس العين الحدودية، والاستيلاء على معبرها مع تركيا. ويشكل تل ابيض رأس ممر عربي يقف عند الحدود التركية بطول 120 كيلومترا، وينتهي عند مدينة الرقة. ويبلغ عرض الممر ـ الجيب 20 كيلومترا، يغلب فيها الحضور السكاني العربي، ويعد بطنها الرخوة، الذي يشق منطقة أكثر كثافة من الأكراد، ويقسم المنطقة الكردية نصفين، واحدة تتجه شرقا نحو رأس العين وأخرى غربا نحو كوباني، احد اكبر التجمعات الكردية في الشمال السوري.

وتتمسك «النصرة» والجماعات «الجهادية» بالممر الكردي لحسابات تركية وذاتية. فتركيا، سيسهل على القوات التركية التدخل في منطقة لا ينتشر فيها مقاتلو «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، في قلب منطقة الإدارة الذاتية الكردية المقبلة إذا ما تطورت نحو كيان يهدد المصالح التركية. كما أن الممر يشهد عمليات تهريب نفط حقول الورد والتيم من دير الزور والرقة التي استولت «النصرة» وعشائر العقيدات والبو حسن عليها، باتجاه تركيا. كما يشكل الممر نحو تل ابيض فتركيا، معبرا لتجارة الحشيش التي ازدهرت زراعتها، بحماية بعض الكتائب المقاتلة، والتي تريد الحفاظ على عائدات الجمارك في المعبر أيضا. والاهم أن المعبر لا يزال يشكل الممر الأساسي لشحنات الأسلحة و«الجهاديين» نحو الرقة والشرق السوري.

وقال قائد ميداني كردي لـ«السفير» إن القوات الكردية تقترب من معبر تل كوجر ـ ربيعة على الحدود العراقية ـ السورية، وهو معبر تسيطر عليه «جبهة النصرة» منذ ثمانية أشهر. وتقف القوات الكردية على بعد سبعة كيلومترات من المعبر، بعد ان دخلت القرى القريبة منه في ابو خزف وابو فرح، وتنتظر قرارا سياسيا، لاستعادته، وإقفال احد معبرين أساسيين سوريين مع العراق، تسيطر عليهما «النصرة»، هما ربيعة والبوكمال.
واستعاد الأكراد من المقاتلين الإسلاميين أمس، ثلاث من خمس قرى تشكل حزاما كرديا كبيرا حول مدينة تل ابيض، التي يدور القتال حولها. ويقول مسؤول كردي إن المقاتلين الأكراد اسروا اكثر من ٣٠ مقاتلا من «النصرة» و«الدولة الإسلامية» في المعارك حول اليابسة وعلي آغا وفندر والسكري وتل اخضر، وأن أميرين من «الدولة الإسلامية» في عداد الأسرى.

واتسعت المعارك على جبهة امتدت 70 كيلومترا إلى الغرب نحو كوباني، لا سيما في تل حلف. وبدأت الجماعات «الجهادية» تحريضا عنصريا ودينيا ضد الأكراد في الشمال السوري، واستنهاض حرب أهلية دينية وعنصرية ضدهم. ويقول مسؤول كردي ان أئمة الجوامع التي تسيطر عليها هذه الجماعات بدأت بالحث على قتلهم وإهدار دم الأكراد وإعلان نسائهم وأملاكهم حلالا للمقاتلين الذين يشاركون في المعارك.

وحذرت «جبهة النصرة»، في بيان، من أنها ستستهدف انطلاقا من اليوم أي آلية تمر على الطريق العام الذي يصل حلب بالمناطق الأخرى، بحجة أن القوات السورية تستخدمه لنقل الإمدادات. واعتبرت أن القوات السورية «فتحت الطريق للمدنيين والآليات بينما تستخدمه، في الواقع، لنقل الإمدادات العسكرية»، محذرة من أن «المجاهدين فخخوا الطريق».
____________
«السفير»

الأحد، 7 يوليو 2013

القرضاوي يفتي في وجوب تأييد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ويدعو الفريق السيسي ومن معه بالانسحاب حفاظا على الشرعية

    يوليو 07, 2013   No comments

اختلف موقف القرضاوي الذي ظل لسنوات يعبر عن الرأي الرسمي القطري في فتاويه وتعليقاته، تماما مع موقف قطر التي اعلنت تأييدها للتغيير في مصر وبعث اميرها الجديد الشيخ تميم برسالة تهنئة الى المستشار عدلي منصور في نفس يوم تعيينه رئيسا انتقاليا لمصر.
موقع "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" نقل الفتوى, وننشرها هنا كما هي:
________________
الامام القرضاوي يفتي في وجوب تأييد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ويدعو الفريق السيسي ومن معه بالانسحاب حفاظا على الشرعية


فتوى الدكتور القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في وجوب تأييد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وإبقاء الدستور مع ضرورة إتمامه، ودعوة الفريق السيسي ومن معه بالانسحاب حفاظا على الشرعية والديمقراطية

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا محمد رسول الله، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وعلى آلهم وأصحابهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

(أما بعد)

فهذه فتوى أصدرها للشعب المصري بكل فئاته ومكوناته، من كل من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما ومنهاجا، وبمحمد نبيا ورسولا، وجعل الشريعة الإسلاميه - بشمولها وتكاملها وتوازنها ووسطيتها- مرجعا له، حين تلتبس الأمور، وتتعقد المشكلات، ويتجه الناس يمينا وشمالا، فلا يجد الناس أفضل ولا أصفى من كتاب الله وسنة رسوله "ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور".

وخلاصة فتواي التي يشاركني فيها كثير من علماء الأزهر في مصر، وعلماء العالم العربي والإسلامي، وعلماء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أتشرف برئاسته:

أن المصريين عاشوا ثلاثين سنة - إن لم نقل ستين سنة - محرومين من انتخاب رئيس لهم، يسلمون له حكمهم باختيارهم، حتى هيأ الله لهم، لأول مرة رئيسًا اختاروه بأنفسهم وبمحض إرادتهم، وهو الرئيس محمد مرسي، وقد أعطوه مواثيقهم وعهودهم على السمع والطاعة في العسر واليسر، وفيما أحبوا وما كرهوا، وسلمت له كل الفئات من مدنيين وعسكريين، وحكام ومحكومين، ومنهم الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي كان وزير الدفاع والإنتاج الحربي في وزارة هشام قنديل، وقد أقسم وبايع أمام أعيننا على السمع والطاعة، للرئيس مرسي، واستمر في ذلك السمع والطاعه، حتى رأيناه تغير فجأة، ونقل نفسه من مجرد وزير إلى صاحب سلطة عليا، علل بها أن يعزل رئيسه الشرعي، ونقض بيعته له، وانضم إلى طرف من المواطنين، ضد الطرف الآخر، بزعم أنه مع الطرف الأكثر عددا.

وقد أخطأ الفريق السيسي ومن وافقه في هذا التوجه، من الناحية الدستورية، ومن الناحية الشرعيه.
أما الناحية الدستورية، فإن الرئيس المنتخب انتخابا ديمقراطيا، لا جدال ولا شك فيه، يجب أن يستمر طوال مدته المقرره له، وهي أربع سنوات، ما دام قادرا على عمله، لم يصبه ما يعوقه تعويقا دائماً عن العمل.
وإذا كان له أخطاء، قد اعترف بها هو شخصيا، فإن على الشعب وقواه السياسية المختلفة أن يصحح له أخطاءه، وينصح له، ويصبر عليه، ولكنه يظل رئيساً للجميع.

أما أن يخرج جماعة عن طاعة الرئيس، ويعطوا لأنفسهم سلطة على الشعب، ويعزلوا الرئيس ويبطلوا الدستور، ويفرضون رئيساً آخر، ودستوراً آخر، فإنه عمل يصبح كله باطلا، لأنهم أوجدوا سلطة لم يؤسسها الشعب، بل نقضوا عهد الله، وعهد الشعب، وأبطلوا ما قامت به ثورة عظيمه قام بها الشعب كله، وأقامه هذا النظام الديمقراطي الذي حلم به الحالمون دهوراً، وضحت من أجله سنين وسنين، حتى وصلت إليه. لهذا يرفض الدستور والنظام الديمقراطي كل ما أعلن من إجراءات غير دستورية.

وأما من الناحية الشرعية، فإن الشرع الإسلامي الذي يريده أهل مصر مرجعا لهم في دولة مدنية، لا دولة دينية ثيوقراطية، يوجب على كل من آمن به ورجع إليه؛ طاعة الرئيس المنتخب شرعا، وتنفيذ أوامره، والاستجابة لتوجيهاته، في كل شؤون الحياة وذلك بشرطين:
الشرط الأول: ألا يأمر الشعب بمعصية ظاهرة لله، بينة للمسلمين. وهذا ما صحت به الأحاديث النبوية المستفيضة التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما:
"اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" عن أنس بن مالك.
"من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا، فيموت، إلا مات ميتة جاهلية" عن ابن عباس.
"السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحب وكره، مالم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" عن ابن عمر.
"إنما الطاعة في المعروف" عن عليّ.
وهو تأكيد لما أشار إليه القرآن حين قال عن بيعة النساء: "ولا يعصينك في معروف".

ولم يثبت في واقعة واحدة : أن الرئيس محمد مرسي أمر مواطنا واحدا بمعصية ظاهرة لله تعالى. بل ما نراه من مظاهرات وتفاعلات في ميدان التحرير هو من حسنات محمد مرسي.
والشرط الثاني: ألا يأمر الشعب بأمر يخرجهم به عن دينهم، ويدخلهم في الكفر البواح، ويعنى به: الكفر الصريح، الذي لا يحتمل الشك والجدال، وهو ما جاء في حديث عبادة رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله على السمع والطاعة وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله" قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان" متفق عليه.

ومن هنا نتبين بيقين: أن الرئيس الشرعي مرسي لم يأمر بمعصية، ولم يرتكب كفراً بواحاً، بل هو رجل صوامٌ قوامٌ، حريص على طاعة الله تعالى.
فالواجب أن يظل رئيساً، ولا يجوز لأحد أن يدعي على الشعب أن له الحق في خلعه.

وادعاء الفريق السيسي أنه قام بهذا من أجل مصلحة الشعب ومنعا لانقسامه إلى فريقين، لا يبرر له أن يؤيد أحد الفريقين ضد الفريق الآخر.
ومن استعان بهم الفريق السيسي لا يمثلون الشعب المصري، بل جزءا قليلا منه. فالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب رئيس هيئة كبار العلماء- وأنا أحدهم- لم يستشرنا ولم نفوضه ليتحدث باسمنا، وهو مخطئ في تأييده الخروج على الرئيس الشرعي للبلاد، وهو مخالف لإجماع الأمة، ولم يستند في موقفه إلى قرآن ولا إلى سنة، بل كل القرآن والسنة مع الرئيس مرسي، وخالف علماء الأمة الإسلامية الذين لا يبيعون علمهم من أجل مخلوق كان. كل ما قاله الطيب: ارتكاب أخف الضررين. ومن قال : أن خلع الرئيس الشرعي، ورفض الدستور الذي وافق عليه نحو ثلثي الشعب، وإدخال البلاد في متاهة -لا يعلمها إلا الله- هو أخف الضررين، بل هو الضرر الأكبر الذي حذر منه الكتاب وأحاديث الرسول، وأقوال علماء الأمة.

ليت الدكتور الطيب يتعامل مع الدكتور مرسي كما تعامل من قبل مع حسني مبارك! فلماذا يكيل بمكيالين ؟ فهذا تخريب لدور الأزهر، الذي يقف دائماً مع الشعب، لا مع الحاكم المستبد.

وأما البابا تواضروس، فلم يوكله الأقباط، ليتحدث باسمهم، وقد كان منهم من شارك مع حزب الحريه والعدالة والأحزاب الإسلامية.

وأما البرادعي فلم توكله جماعة الإنقاذ، وليس معه الا حفنة قليلة من الأفراد، ولا تدعي القوى المعارضة أنه يمثلها.

وأما من تحدث باسم ( حزب النور) فإنما يمثل مجموعة قليلة معروفة من الأفراد، وكل السلفيين والجماعة الإسلامية، والأحزاب الوطنية الحرة والأفراد الشرفاء، ضد هذا التوجه، الذي يوشك أن يودي بالبلاد، وحقوق العباد، إلى ما لا تحمد عقباه.
إنني أنادي الفريق السيسي ومن معه بكل محبة وإخلاص، وأنادي كل الأحزاب والقوى السياسية في مصر، وأنادي إخواني من علماء العالم، وكل طلاب الحرية والكرامة والعدل، أن يقفوا وقفة رجل واحد، لنصرة الحق، وإعادة الرئيس مرسي إلى مكانه الشرعي، ومداومة نصحه، ووضع الخطط المعالجة، والبرامج العملية، التي تحفظ علينا حريتنا وديمقراطيتنا التي كسبناها بدمائنا، ولا يجب أبدا أن نفرط فيها.

إن حسني مبارك ظل ثلاثين عاما، يفسد في البلاد، ويذل العباد، ويسرق الأموال، ويهربها للخارج، ويستأجر البلطجيه ليحموا رجاله، إلى آخر ما يعرفه الناس من ألوان الطغيان والفساد، حتى سلم البلاد لمن بعده خرابا تماماً، ومع هذا لم يعزله الجيش، وإنما ترك له أن يوكل هو الجيش ليتولى الأمر من بعده، أفنصبر على حسني مبارك ثلاثين سنة، ولا نصبر على محمد مرسي سنة واحدة؟ ان العيب ليس في النظام الديمقراطي إنما العيب فيمن يطبقونه، وإصلاحه أن نعمل به لا ان نهدمه من أساسه.

حرام على مصر أن تفعل هذا، وأن تفرط في دستورها، وفي رئيسها المنتخب، وفي شريعة ربها، فليس وراء ذلك إلا مقت الله ونكاله "لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون".
إني أنادي من أعماق قلبي الشعب المصري كله، الذي أحبه وأفتديه، ولا أريد منه جزاء ولا شكورا، إنما أريد وجه الله وحده. أناديه في الصعيد والوجه البحري، وفي المدن والقرى، وفي الصحارى والأرياف، أناديه رجالا ونساءا شباباً وشيوخاً، وأغنياء وفقراء، وموظفين وعمالا، ومسلمين ومسيحيين، وليبراليين وإسلاميين، ليقفوا جميعا في صف واحد، للحفاظ على مكتسبات الثورة: على الحريه والديمقراطيه، والتحرر من كل ديكتاتورية، ولا نفرط فيها لحاكم مستبد، عسكريا كان أو مدنيا، فهذا ما وقعت به بعض الأمم، ففقدت حريتها، ولم تعد إليها إلا بعد سنين، ولا حول ولا قوة الا بالله.

اللهم احرس مصرنا واحفظ شعبنا، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا.. آمين.

يوسف القرضاوي

رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الأربعاء، 3 يوليو 2013

بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة

    يوليو 03, 2013   No comments

 أما اليوم, فقد أكد القائد العام للقوات المسلحة المصرية اليوم أن الجيش المصري مستعد للموت دفاعاً عن الشعب ضد "الإرهابيين والمتطرفين"، وذلك بعدما أعلن الرئيس محمد مرسي رفضه التنحي وتمسكه ب"الشرعية". وأوردت صفحة على موقع فيسبوك تابعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يترأسه الفريق اول عبد الفتاح السيسي "ذكر القائد العام للقوات المسلحة أنه أشرف لنا أن نموت من أن يروّع أو يهدد الشعب المصري".

الاثنين، 1 يوليو 2013

طوفان بشري يهدر ضد «الإخوان» .. ورئيسهم «المعزول» مصر: الشعب يسترد ثورته .. ويحميها من الفتنة

    يوليو 01, 2013   No comments
وائل عبد الفتاح
ـــ1ــ
صدمة للجميع.
سلطة و معارضة... جيش واخوان...الشعب نفسه صدم نفسه. لم يتخيّل اكثر المتفائلين بأن شوارع مصر ستختفي تحت طوفان البشر. لم تحص الاعداد بعد، لكن حضورها الصادم فاق حدود انها مجرد «تمرد» يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، او موجة ثانية لـ«ثورة 25 يناير». إنها ثورة جديدة خططت السلطة لتحويلها الى «اقتتال أهلي» (المبالغة كانت تسمها حرباً اهلية).

تصوّر الرئيس، وحتى بعض قادة المعارضة أن الشعب سيكون مجرد «نداهة» تغيير، ينادي على الجيش ليبرر تغيير السلطة (أو ازاحة مرسي من القصر).
لكن الملايين أعادت تحديد قواعد الثورة، فخرج المتحدث الرئاسي ليلاً بلهجة هادئة، متحدثاً عن إمكانية تقبّل النظام الإخواني لمطالب المعارضة، وهي لهجة تمايلت في خلفيتها بين «التراجع» و«الخديعة».
الواقع تجاوز الخيال وفرض الشعب نفسه جسماً يحطم الاستبداد في طبعته «الاخوانية»، ومن حالفها من تيارات دولة المرشد.
الدهشة بدأت منذ ساعات الفجر حين بدأت الشوارع تملأ قبل مواعيد المسيرات بساعات كاملة، في اجواء احتفال بالانتصار، أي أن الشعب أعلن النتيجة ولم يصل «30 يونيو» الى مستوى المباراة، ولكن الى استعادة ثورة من لصوصها.
لم تكن تظاهرات / مسيرات / حشود يمكن اختصارها في كل الأوصاف التي لعب الاخوان و الاسلاميون على حصار «30 يونيو» بها.
ثورة تتجاوز السياسة دفاعا عن «الحياة» التي تحولت الى كابوس... ثورة اكبر من محاولة «اجهزة الدولة القديمة»(شرطة / جيش / قضاء) ترميم علاقتها بالمجتمع، واكبر من الانتقام من الاخوان والاسلاميين... وبالطبع اكبر من «المعارضة الجديدة» التي فشلت في أن تكون بديلاً وجعلت قطاعات كبيرة من المجتمع ترى الإنقاذ في «الجيش» بعد التعلم من «تجربة المرحلة الانتقالية».
الجيش الذي اتخذ خطوتين إلى الخلف، غالبا لن يتقدم بهما مرة أخرى، لكنه سيحافظ على موقعه، مرمماً صورته التي تهشّمت في مرحلة المشير.
الرئاسة تفقد كل لحظة املها في الجيش ـ ومن بعده الشرطة ـ وتحاول الكلام مع الاطراف الوحيدة التي تعرف الكلام معها (انصارها... وراعيها في واشنطن).
واشنطن ما زالت في ارتباكها (في الميــــادين لافتـــــات عن اوباما راعـــــي الإرهاب)، تحاول أن تقـــــفز من انحـــــيازها المباشـــــر، مكتفية بالنـــــــصائح وتصريحات مازالت في مرحلة «مع المصريين في طلب التغــــيير».
اما الانصار فتلعب خطابات البروباغاندا (المهزومة في معظمها) على العمى الذي يحجب الحقيقة، فيتحدثون على صفحات الاخوان عن تظاهرات محدودة، واعداد تسير خلف رموز نظام مبارك.
مرسي الآن من دون حلفاء فاعلين في الدولة او خارجها، يتحول مجرد «مغناطيس» غير فعّال لمجموعات مصالح صغيرة تشحن جمهوراً يتوق الى الشهادة.
ــ 2 ــ
رئيس جمهورية «رابعة... العدوية»
هذه النكتة تحولت أمس الى حقيقة، فلم يعد محمد مرسي رئيساً الا بالنسبة إلى المقيمين في مفترق طرق (يوصف بالميدان تجاوزا) مجاور لمسجد رابعة العدوية.
سكان رابعة كانوا جزءاً من خطة لعبت على تنفيذ الاشارة الاميركية بأن 30 يونيو «لن يكون شعب ضد سلطة»، وإنما «شعب ضد شعب».
جماهير رابعة، وحدهم الآن بلا تصور سياسي، ولا خطة يشاركون فيها لأن الطوفان اكبر من خطط مكتب الارشاد الاصلية والبديلة، وهذا ما بدا في المتحدثين باسم الجماعة او الرئاسة، كلاهما بدا أنه جاء متأخراً ولم يستوعب ما حدث.
وحده وسط الطوفان.
لا أحد يعرف بالضبط مكان محمد مرسي. يقولون إنه وعائلته في مقر الحرس الجمهوري. ظهر متحدثه في قصر القبة. لكنه مسجون فعلا بينما تتحول القاهرة وكل مدينة في مصر الى طوفان قد يغرق الرئيس، ان لم يتعلم الان دروس الطفو.
من سينقذه؟ الجيش ربما؟
مرسي فقد علاقته عملياً بمؤسسات الدولة. العلاقة الآن شكلية وبروتوكولية، حتى بينه وبين اجهزته الأمنية. هي اقوى ما لديه في تلك المحنة/اللحظة الحاسمة. يروي الكثير عن اجتماعات مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقائد الشرطة وزير الداخلية محمد ابراهيم الروايات من دون بهاراتها، وتتلخص في الآتي:
ـ الجيش رفض المواجهة.
ـ الشرطة تحججت بالتمرد بين صفوفها.
لم يعد لدى مرسي سوى رئيس حكومته (يجتمع معه لمناقشة احتياجات شهر رمضان) والمتحدث الرسمي (ليخرج ببيان عن السلمية وعن حادثة تحرش يوم الجمعة)... لا احد يكلّم الرئيس. كل بقايا مؤيديه يتكلمون عنه، بينهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي خطب للمقيمين في رابعة متساءلا: تحملتم مبارك ولا تريدون تحمل مرسي؟!
مرسي الآن بلا سلطة على أحد، بينما السلطة الفعلية على الأرض في يد القوات المسلحة. تدور مروحياتها بين المدن المصرية، واماكن تمركزها تجعل الخطوة القادمة من الجيش، أو بمعنى آخر ينتظر الملايين لحظة ابلاغ مرسي بأن الشعب على باب القصر والقوة لاتستطيع ايقافه... ماذا نفعل؟
ــ 3 ــ
الموجة الثالثة وصلت.
الثورة ضد التسلط والوصاية وحكم العصابة.
قوة حية من المجتمع تدفع بكل قوتها كتلة الاستبداد بعفنها المتكلّس منذ اكثر من ستين سنة.
مرسي المسجون تحت ارادة حرسه الجمهوري، وارادة مكتب الارشاد، لم يفهم أن المجتمع الذي ما زال مرتبكاً امام التغيرات لن يقبل سلطة فوقية بعدما تعلم او ادرك قوته.
المجتمع يتحرك ويقود، يبني جمهوريته من اسفل، بخبرة العائد من الصمت والسكون، والغائب عن وعي الحركة منذ عشرات السنين. لكن هناك طاقة ما تحركه، او تبعده عن طريق العودة الى الثبات /السكون/ نصف الموت.
بين الثبات والحركة يبدو المجتمع مرتبكاً، لكنه قادر على صنع مفاجآت. يصدم اكثر العارفين به في تكسيره للكليشيهات او الأنماط الجاهزة، فهو عصي على التلخيص او الوضع في علبة جاهزة.
هذه الحيوية لم يفهمها مرسي وجماعته.
لم تتعلم آذان الجماعة الا «السمع والطاعة»، ويتخيلون دائما القرارات هبوط من اعلى، ولا ارادة امام قرار فوقي /أبوي/ من مكتب الإرشاد.
مرسي نفسه ينتظر قرار مكتب الارشاد. لا يمكنه حساب الموقف بمفرده او بقدراته العقلية الفردية، ولا تحمل مسؤوليته كشخص مستقل، لأنه «مأمور» وليس صاحب أمر.
ينتظر مرسي ما يلقيه مكتب الإرشاد الذي يجتمع في مقرات بديلة، و يعيش كل اعضائه في بيوت بديلة (معظمها في مدينة نصر). انهم الان في وضع الحرب ليس في مواجهة مع السلطة (كما حدث طوال 85 عاماً) ولكن في مواجهة مع الشعب.
لدى مكتب الارشاد 3 سيناريوهات رئيسية:
ــ العناد ومحاولة لملمة القوة بتدعيم التحالف مع الاسلاميين والايحاء لهم أن الهزيمة ستشمل كل «التيار»، وهو تهديد يجد صدى لدى كل الاحزاب تقريباً باستثناء «حزب النور» السلفي.
ــ الخروج الآمن والتنازل عن السلطة وفق تسوية مع الجيش (السيسي) تضمن عدم اقصاء الجماعة، او محاكمة قادتها.
ــ اللعب على الوقت، والرهان على أن التظاهرات ستتحول الى كرنفالات ينفضّ عنها الناس، ويمكن بعدها التفاوض مع الجيش على بعض الاصلاحات لتهدئة الاوضاع والاحتقان، وتشمل هذه «التسوية» توسيع مساحة الشراكة مع المعارضة.
في كل السيناريوهات الجماعة في صراع وجودي بين السلطة والتنظيم (هل البقاء في السلطة يحمي التنظيم؟ أم الرحيل وبداية حقبة اختفاء / تقية جديدة؟)
الاعداد الكبيرة في الشوارع تسحب القدرة على الاختيار بين السيناريوهات، وسيتحول مع استمرارها الى عنصر اجبار على مغادرة السلطة من دون شروط، او بمجرد الحلم بالنجاة من المحاكمة. 

اليوم خفت صوت المطالبة بانتخابات مبكرة، وعلا صوت الرحيل، وغدا سيرتفع سقف المطالبة ليصبح المحاكمة واصطياد المرسي من مخبئه في مقر الحرس الجمهوري.

الأحد، 30 يونيو 2013

القيادي في «الإخوان» محمد البلتاجي لـ«السفير»:التوقيعات لا تغيّر نظاماً.. والبرادعي يعمل مع الفلول!

    يونيو 30, 2013   No comments
ماجد عاطف
يعرفه ميدان التحرير و«ثوار 25 يناير» جيداً، ولا يعرفونه. الكل يتلمس ملمحا فيه. يتذكرون لحظات، مواقف، تصريحات، كلها تعطي نتائج متعارضة، فالطبيب محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب السابق، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها «الحرية والعدالة»، صاحب وجوه متعددة. له تصريحات نارية طالت القوات المسلحة والمخابرات والقضاء، والاعتذارات عنها كانت أسرع من البرق. موجود هو في تفاصيل كثيرة، ومواقف حاسمة.

التقته «السفير» وكان معه حوار حول عام على حكم «الإخوان»، أو عام على «أول رئيس مدني منتخب» كما فضل هو.
يدخل مباشرة إلى اللحظة الراهنة ويقدم روايته ورواية «الإخوان»: «في تقديري، كان الترتيب أن يكون 30 حزيران انقلاباً كاملا ينهي الإرادة الشعبية التي جاءت برئيس منتخب للمرة الأولى في تاريخ مصر، لتدخل البلاد مرحلة انتقالية من جديد، يعاد فيها ترتيب الأوراق... كان مرتبا براءة أحمد شفيق من قضية أرض الطيارين، يعقب ذلك استقبال أسطوري له في المطار، ويتواكب مع هذا اجتماع مفاجئ للجنة العليا للانتخابات الرئاسية لفحص طعن مقدم بعد مرور سنة على الانتخابات الرئاسية، لتعلن أن لديها شكوكاً في نتائج هذه الانتخابات، وتدعو بالتالي إلى انتخابات رئاسية مبكرة».
ويضيف «هذا العنوان الذي اشتغل عليه بعض الأطراف السياسية، واشتغلت عليه مجموعات ضخمة جدا من شبكة الحزب الوطني السابق، وشبكة النظام السابق ومجموعات كبيرة جدا من البلطجية استعدادا لحفلة 30 حزيران كما رتبوا لها».
ويواصل: «المتغيرات حدثت على صعيدين: رفض أحد قضاة المحكمة حكم براءة شفيق، وبالتالي اضطرت المحكمة للتأجيل، ثم التنحي عن نظر القضية، ثم اضطرت اللجنة العليا للانتخابات ــ بالرغم من أنه ليس في المفهوم الدستوري ولا القانوني ولا السياسي مفهوم لوجود ما يسمى باللجنة العليا للانتخابات الآن للتنحي».
ويرى البلتاجي أن ثمة محاولات لإيجاد حلول، ويقول «نحن تحديدا مع إيجاد حلول سياسية، لكن الطرف الآخر كان طوال الوقت يرفض الجلوس، ويرفض الحوار إلا بشروطه، وفي الفترة الأخيرة كان شرطه لا حوار إلا بعد انتخابات رئاسية مبكرة. لا أعرف علام سيكون الحوار إذاً ما دام قادراً على فرض رأيه».
وبحسم يقرر: «الصورة أصبحت في المشهد المصري في غاية الوضوح الآن، لا يستطيع الإخوان المسلمون ولا التيار الإسلامي أن يحققوا حالة نجاح في تجربتهم من دون استيعاب باقي الأطراف. بالحد الأدنى إذا لم تستطع أن تسقطه، فهي تنجح في تعطيله وشغله، وفي المقابل إذا تصورت الأطراف الأخرى، الداخلية والخارجية مجتمعة، أنها تستطيع أن تقلب الطاولة ضد إرادة الشعب فهي أيضا واهمة لأن المسألة لم تعد كما كانت من قبل 25 يناير، وبالتالي لا بديل للطرفين من أن يجلسا ويتحاورا».
ويصر البلتاجي على أن النظام القديم هو المحرك للتظاهرات: «المعركة طول الوقت واضحة: ثورة وثورة مضادة لم تكن تستطيع أن تعلن عن نفسها بوضوح، أي أن يكون لها موضع قدم بشكل معلن».
هكذا، يضيف البلتاجي «في المرحلة الأخيرة حصل تشارك ولا أقول تحالفاً بين خصوم التيار الإسلامي المحسوبين على الثورة، وبعض من شاركوا في الثورة والمعارضة التقليدية التي لها أيضا قدر من الخصومة مع التيار الإسلامي، بالرغم من أنها كانت محسوبة على المعارضة، ما نستطيع أن نقول عليه مكونات النظام السابق، من مؤسسات دولة عميقة أو رجال أعمال النظام السابق أو شبكة الحزب الوطني السابق كنواب وقيادات حزبية وشبكة البلطجة المصرية».
ويتابع «للأسف الشديد، لا يتحرج حتى المحسوبون على الحركة الوطنية في تصريحات الدكتور محمد البرادعي والأستاذ حمدين صباحي والمهندس ممدوح حمزة بأن أيدينا في أيدي الفلول ضد الإخوان».
ويدخل مباشرة إلى حدود حساب القوة والتحمل: «الإخوة في المعارضة يرفعون شعار رحيل محمد مرسي وانتخابات رئاسية مبكرة. كيف يتحقق هذا دون عنف إذا نزل المئات أو الآلاف أو الملايين».
ويضيف «في 24 حزيران العام 2012 ثمة 12 مليون مواطن كانوا يرفضون مرسي، انتخبوا شفيق، إذاً جمع التوقيعات لملايين، إذا صح، لا يغير نظاماً في الدنيا كلها، ولذلك لا خوف عندي من نزول سلميين مطالبين بسقوط مرسي، وبأي حال من الأحوال هم لن يصلوا إلى 12 مليونا، فلا بد إذاً من استحضار قدر من العنف يستدعي نزول الجيش ويستدعي عودته إلى الساحة السياسية مرة ثانية».
وفي معرض تقييمه لتجربة عام من حكم الرئيس مرسي، اعتبر البلتاجي أن إعادة المؤسسة العسكرية إلى دورها الطبيعي كان أبرز إيجابيات العام الماضي، موضحاً «أظن أن أشد المتفائلين من الثوار كانوا يظنون أن سنوات ستمر حتى يحدث ذلك».
وفي الإيجابات على الصعيد الاقتصادي، يرى البلتاجي أنه بالرغم من الحصار الشديد في تدفق الاستثمارات والمساعدات والقروض، فإن «هناك فئات من المجتمع تحسنت أوضاعها، مثل أعضاء هيئة التدريس والأطباء والمدرسين».
أما في الجانب السلبي فأكد أن هناك تقصيراً من قبل الرئيس، «فهناك مشاكل في مساحة الشراكة الوطنية مع الفصائل السياسية المختلفة، ومساحة مشاركة الشباب في أدوار فاعلة، وضعف كفاءة الأداء في بعض المواقع، سواء بسبب الاختيار من دائرة ضيقة أو نتيجة اعتذار الآخرين، فقد خسر الوطن كفاءات كان يحتاجها».

_______________

ثورة «المجتمع» على «الجماعة»

وائل عبد الفتاح
عبرت آن باترسون شارع ريحان (وسط القاهرة)، وسارت على قدميها الى مبنى وزارة الداخلية.
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. ولم يعلن شيء عن زيارتها، كأنها في جولة تفقدية، او عادية، او تعيد سيرة المندوب السامي وجولاته.
باترسون لا تسير بحريتها فقط، لكنها تستعرض قوتها. تسير وسط نطاق من اسوار حجرية تحيط بها وزارة الداخلية نفسها. استعراض لايبدو سياسياً فقط لكنه دفاع وجودي عن تركيبة/شركة للحكم تستنسخ ديكتاتورية محلية برعاية اميركية.
وكان طبيعياً ان تحرق صورة باترسون في بروفة «30 يونيو»، باعتبارها احد اعمدة شركة الحكم التي يدير مرسي الدولة من خلالها.
البروفة/والثورة او موجتها الثانية في اساسها ضد شركة الحكم، او بمعنى آخر «سلطة العصابة المحلية» المدعومة بالراعي الذي يمتلك «كهنوت الديموقراطية».
وكما ان مرسي والجماعة ترى الخير في الإذعان لها، فإن هذا ما تلتقي عنده مع اميركا، وباترسون راعية اللقاء والاتفاق، في إيمان عميق يرى ان قتل الملايين وقهرهم لا يعني شيئاً ما دامت الصناديق ستعمل وتنتج تلك الديموقراطية «تحت السيطرة».
المجتمع يثور اذاً على «فيتيش الصناديق» التي يختصر فيها الديموقراطية، باعتبار انه يمكن السيطرة على المتنافسين وأدواتهم في المال والنفوذ والسلاح.
الفيتيش يعني ديموقراطية مجرمة.
والتعبير استعيره من كتاب استمتع بقراءته للفيلسوف الفرنسي جاك رانسيير، التقطه المترجم الذكي احمد حسان بوعي وحساسية سياسية وثقافية، وصدر في القاهرة (عن دار التنوير) تحت عنوان: «كراهية الديموقراطية».
الديموقراطية المجرمة هي المفروضة بقوة السلاح، وهذا هو ما يسر بالنسبة إلى ضراوة الديموقراطية التي تحكمنا بها شركة الحكم بين الإخوان والجيش برعاية اميركية.
انها تلك الديموقراطية التي يتصورها الراعي الاميركي منحاً تسقط من اعلى، على القدر الذي نستحقه كمتسولي «حريات» او «شعوب بدائية» ترضى بما يلقيه الاميركي الطيب ومن يدخلهم في مداراته الى هذا الشعب.
إنها الافكار الميتة التي تفرض بقوة السلاح عنصرية «امبراطورية» التي ترى ان هذه هي الديموقراطية التي نستحق، وتفرض انظمة استبداد ووصاية لا تعرف من الديموقراطية سوى صناديق الاقتراع، بل انها تتعامل بما يمس هوس الصندوق لتستبدل به ديموقراطية حقيقية تعني اول ما تعني تحرير المجال العام او كما قال رانسيير في كتابه «كراهية الديموقراطية»: «ليست الديموقراطية شكلا للحكم، ولا شكلا للمجتمع، وتتطلب ممارستها ان تتبلور، خلال الصراع من اجل تحرير المجال العام، مؤسسات مستقلة، وقوانين تنظم عملها، وثقافة يتصرف وفقها الافراد، ولا يمكن في غياب كل هذا تلخيصها في صندوق الاقتراع».
هنا لا بد من كشف ان تلخيص الديموقراطية في الصندوق هو مجرد ايمان زائف بالديموقراطية التي لا تهتم بمن يحكم، بل بمدى اتساع المجال الذي تتحرك فيه مؤسسات المجتمع وتتحقق فيه الحريات.
بمعنى آخر، الديموقراطية ليست شكلاً للحكم، لكنها الأسس التي توضع لكي تفقد الدولة سيطرتها على المجال العام، اي انها شكل من اشكال العقد الاجتماعي، او قانون العلاقة بين الدولة والمجتمع، لا تتيح للدولة ابتلاع المجتمع ولا الاستحواذ عليه.
وهنا يمكن مثلا ان تأتي الصناديق برئيس مجنون مثل بوش الصغير او بساحر الأقليات اوباما. الرئيس هنا لا يستطيع تغيير علاقة الدولة بالمجتمع، ولا اللعب لتضييق المجال العام الذي تنمو فيه مؤسسات المجتمع.
المشكلة اذاً مع مرسي وشركة الحكم انها تعيد انتاج الاستبداد بالصناديق، بعدما فقد موجات الاستبداد العسكري شرعيات ثورات التحرر او الانتصارات العسكرية.
اميركا تصوّر ان «الديموقراطية» هي ضمن حزمة المعونة العسكرية والمالية لأنظمة تضمن دورانها في فلك الرعاية، وتتصور هنا ان هذا ما نستحقه من ديموقرطية، وهذه نظرة متعالية، لا ترى ما احدثته الثورة من تغيير، ومن صعود قوة المجتمع لتوسع مساحتها ضد منطق شركة الحكم التي ترعاها اميركا.
نظرة اميركا ميتة مثل شركة الحكم كلها.
والمجتمع يثور على جماعة أعادت إنتاج الديكتاتورية بملامح دينية (إنتاج فرعون اسلامي).
والثورة لا تعني فقط فشل خطة خيرت الشاطر في «التمكين» او «الأخونة» او «فتح مصر» او ترهل التنظيم الذي عاش تحت الارض تحت وهم انهم «الطليعة المؤمنة»، كما انها ليست مجرد تخبط سياسات ادت الى شعور عام بالسخط والغضب واليأس.
الخلل في المشروع نفسه... مشروع تدمير الدولة الحديثة اواستعادة الخلافة او الاستاذية كما اسماها حسن البنا او اختيار لحظة بعينها من تاريخ المسلمين واعتبارها الاسلام.
تصلح احلام الحنين الى لحظة في التاريخ اساساً لتكوين تنظيم فاشي (كما حدث في ايطاليا بعد الحرب العالمية الاولى)، لكنّ الاخوان وكل خوارجهم من تنظيمات تلعب على نفس الفكرة. يريدون «فاشية» يسمونها «سماحة» وعبر الديموقراطية اي وسيلة مهما افرغوها من مضمونها او سياق افكارها لا يمكنها ان تلغي اعتمادها على التساوي بين البشر.
هناك تصور خادع بأنه يمكن لمشروع يقوم على تدمير الدولة الحديثة ان يبني اعمدته على أطلالها.
ومنذ الاعلان عن «30 يونيو»، ومرسي يبحث عن معلم يدربه على قانون الطفو، ذلك القانون الذي عاش به مبارك سنواته الثلاثين. لكن كيف سيطفو الايديولوجي/ صاحب المشروع/مندوب الجماعة المؤمنة/ رأس حربة الحكم الاسلامي؟
مبارك كان خفيفاً. اختار موقع الموظف، بأدراجه وملفاته وتراثه الطويل ليدخل به قصر تركه السادات وعبد الناصر ساحة حروب في الداخل/والخارج، وأصبحت طبيعة الموظف (عند مبارك) بطولة وحدة عند قطاع من طبقات وشرائح ارهقتها حروب الرئيس/ بطل الثورة والحرب والسلام وتريد العيش في امان يعد به الموظف بتبريد كل شيء ووضعه في الدرج.
القانون هنا يعتمد على « تبريد» موقع مصر الجغرافي/ السياسي/الثقافي، وثقلها «الساخن» كمحرّك يعبر بالمنطقة اقاليم (بين الحداثة والتخلف/ بين الاستبداد والديموقراطية/ بين القرن الخامس والقرن الحادي والعشرين/ بين المقدس والفوضوي/ بين الاستقرار والثورة/ بين النفط والفايسبوك).
الطفو عند مبارك كان اختياراً يناسب طبيعته، والطريقة التي استلم بها الحكم بعد ذروة درامية (قتل الحاكم في قلب استعراض جيشه)، ولم يكن هناك حل الا السيطرة على الاحداث بدفعها الى «ثلاجة» الحكمة وأدراج الموظف الخالدة، وضع مصر كرأسمال سياسي ورمزي رهن التفاوض لا التفاعل.
بهذه المعادلة توقف نمو مشروع «دولة» محمد علي عند حدود البيروقراطية، وانتقلت المؤسسة العسكرية (النواة الصلبة) في مرحلة ما بعد ثورة العسكر (١٩٥٢) من وضع القتال الى تمتين بيروقراطيتها مقابل تبريد حسها القتالي وفعاليتها كأكبر جيش في المنطقة واتساع ذراعها المسيطر على حركة الاقتصاد والمهيمن من بعيد على تركيبة السلطة.
مرسي (او جماعته) عقد شراكته مع المؤسسة، بعد فترة صعبة خاضت فيها للمرة الأولى حروباً داخلية ضد مواطنين، بهدف تغيير التوازن الذي اختل بعد لثورة، حيث فقدت النواة الصلبة موقعها، وبدا ان تركيبة «الدولة» كلها دولة كهنة يعرفون المصالح العليا من غرفهم السرية، وشعب او قطيع هائم في الساحات من اجل إدارة الماكينة الكبيرة.
الحس القتالي للمؤسسة (البيروقرطية لإدارة الجيش) ضد مواطنين مصريين، دفعت ثمنه بقبول شراكة مع الاخوان في الحكم (برعاية اميركية) في شركة ما زالت مرتبكة في عملية الطفو مع الرئيس الثقيل بأفكاره على انه «امير مؤمنين» وليس رئيساً.
مرسي في بدايته تصور انه قادر على ان يكون «الوحش السني» الذي يعيد امجاد الناصرية من دون عبد الناصر، وبتغيير رايته الأيدولوجية من القومية الى الاسلام، وأغوته نجاحات غزة في التوافق بين حماس واسرائيل، لكنه عاد سريعاً من الغواية تحت إلحاح متطلبات «مباركية» من دون مبارك.
كيف يدير «امير المؤمنين» دولة على خطى الموظف؟
سؤال كانت إجابته الوحيدة في «تمكين» الجماعة من مؤسسات غرقوا فيها، وانكشفت الكفاءات المتواضعة عن كوارث تراكمت عندها ما يلخصه الشعب في: «البلد بتغرق».
وبالرغم من ان غالبية المصريين لا تريد حرباً مع اسرائيل، الا ان الشعور بالخطر دفع قطاعات مثلا للمطالبة بالحرب (ضد الارهاب في سيناء وضد اثيوبيا في ازمة مياه النيل)... وكما يحدث في لحظات الغرق يصرخ البعض مستدعياً بطولات رؤساء ما قبل مبارك، ويسخر البعض، مقارناً بين ما يفعله مندوبهم في القصر الرئاسي وبين عنتريات الإخوان قبل الوصول للحكم.
يغرق «امير المومنين» في اول فرصة، بعدما تصادم مع مجتمع ثقافته تقوم على اعادة تشكيل المشاريع الكبرى في خطوط متوازية، فيضع الفرعونية بجوار المسيحية والاسلام، والحداثة بجوار التخلف، والفوضى بجوار النظام والسماحة بجوار العنف والتقوى بجوار «الفرفشة».


ترتيب يسمح للمجتمع بهذا التجاور المميز، تقاطع مع الجماعة بكل ما تملكه من نرجسية وقلة كفاءة، لتحاول تغيير حياته اليومية، وتمارس عليه سلطة من حاكم أقل ذكاء وقوة.
الثورة او موجتها الثانية تتجاوز السياسة، وواجهتها ليست سياسية تسعى لتغيير عقلاني، لكنه المجتمع كله بكل تفاصيله (سماحته وعدوانيته، برجوازيته وبلطجيته... الخ) في مواجهة جماعة فشلت في الطفو وغرقت في طريقها لتوسيع اوهامها، وأرادت تحويل المجتمع الى مزرعة كبيرة لتربية السمع والطاعة.

الأحد، 23 يونيو 2013

السيسي يؤكد ان الجيش المصري قد يتدخل لمنع “اقتتال داخلي” ويدعو الى توافق

    يونيو 23, 2013   No comments
اكد وزير الدفاع المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسي الاحد ان الجيش قد يتدخل في الحياة السياسية لمنع “اقتتال داخلي” ودعا في الوقت ذاته الى “توافق وطني” معتبرا انه لا يزال هناك اسبوع “يمكن ان يتحقق خلاله الكثير” قبل التظاهرات الحاشدة التي دعت اليها المعارضة في 30 حزيران/يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.

وهي اول مرة يتحدث فيها وزير الدفاع المصري عن امكان تدخل الجيش مجددا في الحياة السياسية منذ توليه مهام منصبه في اب/اغسطس الماضي ومنذ تسلم الرئيس المصري محمد مرسي مقاليد السلطة في 30 حزيران/يونيو العام الماضي بعد فوزه في اول انتخابات رئاسية عقب اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك اثر ثورة شعبية في شباط/فبراير 2011.

والتفت المعارضة المصرية حول حملة اطلقها مجموعة من الشباب في ايار/مايو الماضي تحت اسم “تمرد” تدعو المصريين الى التوقيع على استمارة تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين والى النزول في تظاهرات في كل انحاء مصر في 30 حزيران/يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.

وقال السيسي في تصريحات نشرت على الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري المصري على شبكة فيسبوك ان “القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها” مضيفا ان “لدينا من الوقت أسبوعا يمكن أن يتحقق خلاله الكثير .. وهي دعوة متجردة الا من حب الوطن وحاضره ومستقبله”.

واكد الفريق اول السيسي ان “المسؤولية الوطنية والأخلاقية للقوات المسلحة تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الإقتتال الداخلي أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو إنهيار مؤسسات الدولة”.

وتابع “ليس من المروءة ان نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين والموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه” في اشارة على ما يبدو الى تصريحات صدرت عن شيوخ سلفيين وقيادات سياسية اسلامية خلال الايام الاخيرة دعت الى التصدي بالقوة للمتظاهرين الذين يعتزمون النزول الى الشارع نهاية الشهر للمطالبة باقالة الرئيس الاسلامي محمد مرسي واجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وشدد السيسي، الذي كان يتحدث اثناء ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، على ان “الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هي إساءة للوطنية المصرية والشعب المصري بأكمله فهو الوعاء الحاضن لجيشه ولن تقف القوات المسلحة صامتة بعد الان على أي إساءة قادمة تُوجه للجيش … وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري”.

وكان القيادي في جماعة الاخوان المسلمين محمد البلتاجي وجه انتقادات للجيش المصري في كلمة القاها خلال تظاهرة حاشدة نظمها الاسلاميون الجمعة، الا انه عاد واكد السبت على صفحته على فيسبوك انه لم يكن يقصد اي اساءة للقوات المسلحة.

وقال وزير الدفاع المصري “يخطئ من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية ولن نظل صامتين أمام إنزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه”.

ودعا الرئيس مرسي مجددا السبت المعارضة الى الحوار لمحاولة تخفيف التوتر المتزايد في البلاد.

وقال في مقابلة مع صحيفة اخبار اليوم المصرية السبت “يدي ممدودة للكل، وهذا الحوار مفتوح السقف، وما أسعى إليه هو الحوار المتوازن الذي يحقق أهداف الثورة وطموحات شبابنا وشعبنا”. ويندد خصوم مرسي بسعي حركة الاخوان المسلمين التي ينبثق منها الرئيس، الى السيطرة على كل مفاصل الحكم في البلاد وفرض عقيدتها الاسلامية على المجتمع. كما يواجه مرسي اتهامات بالاخفاق في اخراج البلاد من الازمة الاقتصادية الخطيرة التي تمر بها.

وتؤكد حملة “تمرد” انها جمعت 15 مليون توقيع لاشخاص يطالبون بتنحي مرسي.

ويقول انصار الرئيس المصري في المقابل انه يملك شرعية أخذها من صناديق الاقتراع في انتخابات ديموقراطية، ويتهمون المعارضة بالقيام ب”ثورة مضادة” بهدف الاطاحة بمرسي في الشارع ومنعه من تغيير بعض المسؤولين المتهمين بانهم من بقايا مرحلة الرئيس المخلوع حسني مبارك.
____________

 القدس العربي

الثلاثاء، 21 مايو 2013

الأزمة السورية في الإعلام الدولي

    مايو 21, 2013   No comments
 تمثل المعركة على بلدة القصير الحدودية تحولا نوعيا في الازمة السورية، حيث ظهرت فيها الحرب بالوكالة الجارية في سورية بوضوح، حزب الله يقاتل الى جانب النظام السوري، والمقاتلون السوريون يدافعون عن بلدتهم وبدعم من بعض العناصر ‘الجهادية الخارجية’ حسب الاتهامات الموجهة من حزب الله والنظام اليهم.
وما تكشف عنه المعركة ايضا انها تعتبر تصعيدا للازمة التي لا تزال تثير مخاوف اقليمية وتجبر الالاف من السوريين على الرحيل للدول المجاورة.
ويثير دور حزب الله، في الوقت نفسه الذي اصبح يتدخل ‘على المكشوف’ في سورية مخاوف داخل لبنان. ويبدو ان الحزب ومعه الراعية الايرانية
 
يريدان بالدخول على خط سورية التأكيد على ان المعركة على نظام الاسد هي معركة وجودية بالنسبة لهما، ومن هنا فالمقاومة لاسرائيل التي ظل الحزب يؤكد على اهميتها تم حرف اهدافها الآن للمشاركة في الحرب الاهلية. فلم يعد الحزب يتحدث او يفسر مقتل بعض من كوادره اثناء ‘ادائهم مهمات جهادية’ في سورية، ولم يعد الهدف حماية الشيعة في سورية ولا مقام السيدة زينب في دمشق، بل وحماية النظام. وبحسب احد سكان الضاحية الجنوبية في بيروت، ‘الشهداء يعودون بالعشرات، واعرف بنفسي اربعة منهم، لم يعد الامر سرا، والناس يتحدثون عنها علنا’.
ويعتبر القتال على بلدة القصيرة مهما للنظام لان السيطرة عليها تعني تعزيز سيطرة النظام على الممر المؤدي الى مدينة حمص، ثالث مدن سورية، وسيؤمن الطريق اليها المعابر الى مدن الساحل التي تعيش فيها الغالبية العلوية. كما ان السيطرة على القصير يعني فتح الطريق الى منطقة البقاع في الجنوب اللبناني مما تعني دعما مستمرا من الشيعة في المنطقة للقوات الموالية لبشار الاسد.
وبالنسبة للمعارضة، فالبلدة كانت ميدانا للمقاتلين لاكثر من عام حيث وفرت لهم معبرا جيدا للسلاح القادم من لبنان، وخسارتها يعتبر كارثة كما قال احد مقاتلي كتيبة الفاروق لصحيفة ‘واشنطن بوست’، ان سقوط البلدة يعني سقوط حمص بيد النظام. ومن هنا فسقوط القصير بيد النظام يعتبر ‘كارثة’ مما يعني خسارة المعارضة مدينة حمص بالكامل حسب مقاتل من كتيبة الفاروق نقلت عنه ‘واشنطن بوست’، وقال ان حزب الله مدرب بشكل جيد على حروب الشوارع ويستخدم فيها ‘قوات النخبة’.
واشارت الصحيفة الى الجدل الذي تثيره مشاركة حزب الله في سورية داخل لبنان. وفي الوقت الذي اعترف فيه حزب الله بخسارة 25 من مقاتليه الا ان الخسائر على جانب المعارضة اضخم حيث نقلت عن احد المقاتلين قوله ‘نحن في موقع الدفاع′ عن النفس.

قوة الجيش السوري

وترى صحيفة ‘لوس انجليس تايمز′ ان الهجوم الذي قام به الجيش السوري على القصير يظهر تصميما وارادة من جيش يواجه حربا مضى عليها اكثر من عامين. وقالت ان الجيش لا يزال يتمتع بقدرة قتالية عززها وجود مقاتلي حزب الله الى جانبه. وقالت ان النجاحات التي حققها الجيش دفعت من توقعوا رحيل النظام وكتبوا نعيه لاعادة النظر في حساباتهم، حتى في ظل المؤتمر الدولي الذي تعد له كل من واشنطن وموسكو الشهر المقبل. وترى الصحيفة ان العملية العسكرية الاخيرة في القصير تظهر ان الحكومة لا تزال قادرة على اللكم على الرغم من الخسائر الفادحة التي تعرضت لها. ونقلت عن جوزيف هاليدي من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى قوله ان العملية الاخيرة ‘تجبرنا على اعادة النظر بهذه الكلام الذي نقوله واصبح مقدسا وهو ان سقوط النظام بات محتوما’. ولا يعني سقوط القصير انقطاع الدعم اللوجيستي للمقاتلين فالحدود اللبنانية مع سورية طويلة وفيها معابر يمكن للمقاتلين استخدامها لادخال السلاح، وستظل القرى والبلدات السنية على الجانب الاخر في لبنان تدعم المقاومة السورية. وتتساءل الصحيفة عن السبب الذي اوقف زحف المقاتلين ففي بداية اذار (مارس) سيطروا على اول عاصمة محافظة- الرقة، وكانوا يقتربون من قطع خط الامدادات في معظم انحاء البلاد، ولكنهم توقفوا حيث نجحت الحكومة في منتصف نيسان (ابريل) بفتح عدد من الطرق قرب ادلب وبعدها حققت الحكومة انجازات مهمة اهمها سيطرتها على البلدة الاستراتيجية خربة غزالة في درعا.
وفي الوقت الذي تلوم فيه المعارضة الغرب على تراجعاتها لتردده بدعمها بالسلاح الثقيل الا ان هناك اسبابا اخرى لعدم تحقيق الانتصار في الحرب، وقد قدمت مجلة ‘تايم’ محاولة للاجابة عليه. وتقول في تقرير مطول عن النشاطات التي يقوم بها المقاتلون في ادلب ان السبب الذي جعل المعارضة تفشل في السيطرة على محافظة كاملة من الـ14 محافظة في سورية يعود الى صعوبة توحيد الجماعات المقاتلة، وعدم تناسق الدعم العسكري من الاسلحة والذخائر التي تصل للمقاتلين، والسبب الاخير هي قدرة الجيش السوري وابداعيته في اختراع الاساليب الجديدة للمواجهة.
ويعترف قادة في الجيش الحر بانهم يتحركون على قدر ما لديهم وعليه ‘فالوسائل الضعيفة تؤدي الى نتائج ضعيفة’.

جدل لبناني

وقد ادت التطورات في القصير الى ظهور خطاب جديد لا يركز على ضرورة رحيل النظام ولا خطر القاعدة بل والخوف من انهيار سورية وهو ما اشار اليه ويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني الذي قال ان بلاده عازمة على المضي لاقناع الاتحاد الاوروبي برفع الحظر عن نقل الاسلحة للمعارضة السورية لان ‘سورية تقترب للانهيار مع كل اسبوع يمر وتواجه معها المنطقة كارثة’. ويثير دور حزب الله الجديد في سورية جدلا لبنانيا حيث تتهم المعارضة الجيش اللبناني بالتآمر والسماح لمقاتلي الحزب لدخول سورية، وتقول المعارضة انه ينظر للمشاركة على انها جر للبنان للتدخل في سورية وهي تهمة رماها الحزب والنظام السوري على المعارضة اللبنانية السنية التي تدعم المقاتلين السوريين. ويعترف بعض اطراف المعارضة ان الجيش السوري سيسيطر على القصير بدعم من حزب الله ولكنها ستكلفه مئات القتلى من كوادره. ونقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ عن احدهم قوله ان المقاتلين الشيعة يواجهون مقاومة شرسة من السوريين. وقال عضو في جماعة الرابع عشر من ايار ان حزب الله سيتورط كما تورط الفرنسيون في ‘دين بين فو’ الفيتنامية عام 1954. وقالت الصحيفة ان معركة القصير تضع حزب الله وبشكل متزايد في مواجهة الجماعات الجهادية في المنطقة. وتهدد المشاركة هذه باندلاع حرب شاملة بين السنة والشيعة في المنطقة. وتشير الى اثر الوضع السوري على المجتمع اللبناني المنقسم طائفيا حيث يصلي الشيعة لاقاربهم في حزب الله ممن ارسلوا الى سورية.

استفزاز

وعلقت صحيفة ‘الغارديان’ على التطورات الحالية حيث قالت ان تحول حرب بالوكالة بين القوى الاقليمية الى معركة يشارك فيها مقاتلون اجانب كان مسألة وقت. وقالت ان الحزب يتعامل مع الحرب في سورية على انها حرب وجودية له ولراعيته ايران، فنجاة الاسد هو نجاة لهما ولمصالحهما، مما يعني ان اي محاولة لتحقيق مصالحة في سورية اصبح املا بعيد المدى، خاصة بعد الحرب الطائفية البشعة التي بدأها النظام اولا ومن ثم ولسوء الحظ بعض المقاتلين. وتقول الصحيفة في افتتاحيتها ان سورية ايا كان حالها، سواء في الشمال والشرق التي يسيطر عليها المقاتلون او الجنوب والغرب التي يسيطرعليها النظام لم تعد تملك مصيرها او تتحكم باراضيها. ووصفت ‘الغارديان’ الحال بسيادة ‘الفصائلية’ فمن بين القوى المقاتلة ضد النظام تتميز جبهة النصرة بالتماسك والقوة وهي التي اعلنت الولاء للقاعدة. كما ان هناك انقساما بين القيادات الميدانية وتلك الموجودة في تركيا والدوحة، ويضاف الى هذا الوضع انقسام بين الدول الداعمة فهناك من جهة السعودية والامارات العربية المتحدة والاردن التي تخشى من سيادة الاسلاميين، ومن جهة اخرى قطر وتركيا اللتان تدعمان الاسلاميين خاصة الاخوان المسلمين. وتقول الصحيفة انه ان كانت القاعدة (سنية) تواجه حزب الله (شيعية)،فان الانظمة السنية في الخليج تقوم بهمة جيدة لاضعاف سياستها الخارجية ايضا. وتتساءل ان كان دخول حزب الله للحرب جاء بسبب الضربة الاسرائيلية على دمشق، وهي الهجمات التي دفعت روسيا لارسال صواريخ اس-300 ، وتقول ان دخول حزب الله وهو المنظمة الاكثر تسليحا وتنظيما في المنطقة كان مسألة وقت. وهنا تعود الصحيفة الى تصريحات هيغ التي قال فيها ان الوقت قد حان لرفع الحظر عن الاسلحة للمعارضة وارسالها ‘في ظروف يتم السيطرة عليها بحذر’. وتعلق الصحيفة بالقول ان كلام الوزير هيغ استفزاز لان الغرب فقد التأثير على فصائل المعارضة السورية. وتختم بالقول انه لا بريطانيا ولا امريكا او حتى روسيا يمكنها ‘القيادة من الخلف’ خاصة ان الخيار الدبلوماسي للحوار مع الاسد قد رفض ولمدة طويلة، وعليه فلا مكان ‘لسائقي المقعد الخلفي’ في نزاع عسكري. ولهذا عبرت المعارضة عن غضبها من تصريحات هيغ التي قال فيها ‘علينا ان نقنع المعارضة للمجيء الى طاولة المفاوضات، مع الاعتراف بصعوبة تفاوضهم مع نظام ارتكب مذابح وقتل الالاف من الاشخاص’. وجاء الاعتراض على كلامه من المقاتلين الذين يريدون السلاح وليس المؤتمرات. وفي نفس السياق ترى صحيفة ‘نيويورك تايمز′ ان مشكلة المؤتمر الدولي الذي وافقت الولايات المتحدة وروسيا على عقد تنبع من موسكو التي زودت النظام بالسلاح المتقدم وهنا تتساءل لماذا تسلح روسيا سورية.
المؤتمر والاسلحة

واجابت عليه في واحدة من افتتاحياتها قائلة ان الامل الذي ولد قبل اسبوعين بعد اعلان الولايات المتحدة وروسيا عن خطة لانهاء الحرب في سورية يتلاشى شيئا فشيئا، وروسيا هي السبب. فبدلا من استخدام قوتها وتأثيرها على الاسد وتدفعه لحل عبر التفاوض، قامت روسيا في الآونة الاخيرة بارسال صواريخ متقدمة مضادة للسفن الحربية وهناك حديث عن صفقة من الصواريخ المتقدمة (اس- 300)، فيما قام الروس بتعزيز وجودهم العسكري في المنطقة. وتقول الصحيفة ان ارسال الصواريخ المضادة للسفن كان توقيته غير موفق، لان الاسد مادام يعرف ان له حلفاء يدعمونه عسكريا وسياسيا فلن يجد اي حافز يدفعه للموافقة على وقف اطلاق النار او على عملية نقل للسلطة. واشارت الى تصريحاته النادرة للصحيفة الارجنتنية ‘كلارين’ يوم السبت والتي اقترح فيها ان المؤتمر الدولي لن يؤدي الى تقدم حقيقي نحو السلام في بلاده، ورفض فكرة التحاور مع الجماعات المسلحة. وتقول الصحيفة ان روسيا لديها مصلحة في الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في طرطوس وهي الحيوية لسوق الغاز الطبيعي والنفط، وتحتاج والحالة هذه الى تأكيدات تحمي هذه المصالح في مرحلة ما بعد الاسد. وفي الاطار نفسه هناك مصلحة روسية وامريكية العمل على منع وقوع روسيا في ايدي الجهاديين وعدم تحولها الى دولة فاشلة. وتعترف الصحيفة ان روسيا ليست المعوق الوحيد للتقدم في سورية، فمن بين جماعات المعارضة هناك المتطرفون مثل حزب الله المدعوم من ايران.

الاثنين، 15 أبريل 2013

الكيماوي السوري عنوان الحرب

    أبريل 15, 2013   No comments

عبد الباري عطوان

اكثر من مصدر عربي من المقربين من صناع القرار في المنطقة العربية، ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، تحدث عن احتمال حدوث تطورات خطيرة جدا في الملف السوري في شهر حزيران (يونيو) المقبل ربما تكون حاسمة، وان بعض قيادات عليا جرى ابلاغها، من قبل الولايات المتحدة الامريكية بتفاصيل وافية في هذا الصدد.

هذه المصادر لم تعط اية تفاصيل محددة، واكتفت بالعموميات، وهذا مفهوم، فالحرب خدعة، لكن ما يضفي بعض المصداقية على هذه الاحاديث عدة امور:

اولا: ان معظم الحروب والغزوات التي اندلعت في المنطقة العربية جرت وقائعها في فصل الصيف وشهر يونيو خاصة (حرب عام 1948، حرب يونيو 1967، غزو لبنان 1982، حرب جنوب لبنان الثانية تموز/يوليو 2006 غزو الكويت اب/اغسطس 1990، ويمكن ايضا اضافة هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر وثورات مصر يوليو 1952 والعراق يوليو 1958).

ثانيا: عثور علماء يتبعون الجيش البريطاني على ادلة طبية شرعية بان اسلحة كيميائية قد استخدمت في النزاع بسورية، وقالت صحيفة ‘التايمز′ نقلا عن مصادر في وزارة الدفاع قولها ‘ان عينة من التراب اخذت من منطقة قريبة من دمشق من قبل وحدة خاصة، ووصلت الى لندن حملت بالتأكيد اثباتات ان نوعا من الاسلحة الكيميائية قد استخدم، دون توجيه اصابع الاتهام بشكل واضح الى النظام او المعارضة.

ثالثا: كشف محطة ‘سي ان ان’ الامريكية معلومات عن اقدام الادارة الامريكية على احياء خطط عسكرية للتدخل في سورية، استجابة لضغوط من اعضاء ديمقراطيين وجمهوريين في الكونغرس.

رابعا: اكتمال التدريبات العسكرية المكثفة لوحدات نخبوية تابعة للجيش السوري الحر في الاردن وتركيا على ايدي خبراء امريكيين وبريطانيين، وباشراف وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي. اي. ايه) مع منتصف شهر ايار (مايو) المقبل.

خامسا: انتهاء المدة الزمنية لقرار الاتحاد الاوروبي بفرض حظر على ارسال اسلحة للمعارضة السورية مع اوائل شهر يونيو المقبل، الامر الذي يفتح الطريق على مصراعيه امام كل من بريطانيا وفرنسا للتصرف بحرية وانفراد، وتزويد المعارضة السورية المسلحة بمعدات حديثة وصواريخ مضادة للطائرات والدروع.

سادسا: تفاقم الخلاف بين السلطات السورية والامم المتحدة حول مهام لجان التحقيق الدولية في استخدام الاسلحة الكيماوية. فسورية التي تقدمت بطلب تشكيل هذه اللجان تريد اقتصار عملها على منطقة خان العسل في حلب، بينما تريدها الامم المتحدة ان تمتد الى حي البياضة في حمص واماكن اخرى، حيث تتهم المعارضة السلطة باستخدامها للاسلحة الكيماوية فيها.

‘ ‘ ‘

تسريب وزارة الدفاع البريطانية انباء العثور على عينات للتربة من منطقة في ريف دمشق تثبت استخداما للاسلحة الكيماوية لا يمكن ان يكون خدمة لحرية التعبير، وتعزيزا لمهنية صحيفة ‘التايمز′، فلا بد ان يتأتى ذلك في اطار ‘خطة ما’ لا نعرف عناصرها وقطعا سنعرفها لاحقا.

هذا التسريب يذكرنا بارسال المخابرات البريطانية الصحافي البريطاني الايراني الاصل فرزات بازوفت الى بغداد لاخذ عينات تربة بالقرب من معمل كيماويات عراقي، اثبتت المختبرات البريطانية انها تحتوي على اثار تؤكد ان هذا المعمل ينتج اسلحة دمار شامل، لتبرير الخطوات الامريكية البريطانية لضرب العراق وحصاره وتدمير اسلحة الدمار الشامل لديه في مطلع التسعينات.

الرئيس الامريكي باراك اوباما وجه تحذيرا شديد اللهجة للنظام السوري قبل ستة اشهر بان اي استخدام للاسلحة الكيماوية ‘عمل يتطلب ردا دوليا جديدا’، وليس من قبل الصدفة ان يعيد بيان وزراء خارجية دول ‘مجموعة الثماني’ الصناعية الكبرى اثناء اجتماعها الاخير في لندن (عقد اجتماع منفصل على هامشها حضرته المعارضة السورية ‘المعتدلة’ وكان من بين الشخصيات القيادية السيدان معاذ الخطيب وغسان هيتو من الائتلاف السوري) الفقرة نفسها.

نحن امام تطبيق وشيك للسيناريو الذي جرى استخدامه لتبرير حصار العراق ومن ثم غزوه، وهو السيناريو الذي ارتكز بداية على استخدام الاسلحة الكيماوية في ضرب بلدة حلبجة الكردية ومقتل اكثر من خمسة الاف شخص واتهم النظام العراقي بالمسؤولية عنه من قبل الغرب.

حي البياضة في حمص قد يكون ‘حلبجـــة ســــورية’ وبشـــار الاسد ربما يكون صدام حسين الجديد، فعملية جمع الادلة بدأت تتكثف على قدم وساق، لتبرير وشرعنة اي تحرك عسكري يبدو وشيكا.

‘ ‘ ‘

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل التحرك العسكري، الذي قد يتم من خلال اقامة مناطق حظر جوي، ودعم المعارضة المسلحة بالسلاح، هو لاستدراج تورط ايراني علني اكبر، ام سيتم في اطار حرب امريكية اسرائيلية عربية، على ايران وسورية معا؟

نتحدث هنا عن ايران لان تقارير اسرائيلية تقول ان ايران ستصبح دولة نووية عسكرية قبل نهاية هذا العام، اي امام امريكا واسرائيل بضعة اشهر للحيلولة دون وصولها، اي ايران، الى هذا التحول الاستراتيجي الاخطر في المنطقة بأسرها.

عنصر الاختلاف الذي قد يقلب كل هذه الحسابات ان نظام صدام حسين عندما واجه الحصار ومن ثــــم الحرب، كان يقف وحده دون اي اصدقاء عرب او روس (دعم الشعب العربي لا يكفي وقصفه لاسرائيل باربعين صاروخا لم تشعل الشارع مثلما اعتقد) فروسيا غورباتشوف كانت مفلسة تمر بمرحلة انتقالية والصين كانت تركز على التنمية الاقتصادية، اما نظام الاسد فيحظى بدعم روسيا وايران وحزب الله ودول البريكس (الهند والصين وجنوب افريقيا والبرازيل).

شهر يونيو هو احد اكثر شهور الصيف سخونة، ومن المفارقة انه يبدأ هذا العام قبل شهر رمضان المبارك بأربعين يوما، ولا نستغرب، او نستبعد ان يكون الاكثر التهابا من كل الشهور السابقة في تاريخ العرب.

القدس العربي

الخميس، 24 يناير 2013

ثورة «الجياع» ضاعت في صراع «الحكم والرأي» 

    يناير 24, 2013   No comments
بيسان كساب

قد يبدو من الصعب التصور، في ظلّ الصورة الذهنية التي خلقها الإعلام الرسمي، أن «ثورة يناير» صنعتها الطبقة الوسطى المتعلمة، كما يظهر من خلال الوجوه اللامعة الشابة، التي أخذت البرامج التلفزيونية تستضيفها منذ اندلعت الثورة، بوصفها قيادات هذه الثورة. لكن جمعة الغضب في 28 كانون الثاني، شكلت نموذجاً صارخاً لبطولة المهمشين، الذين كانوا وحدهم قادرين على هزيمة جهاز الشرطة الجهنمي، بحيل تعلموها من المواجهات المتكررة مع جهاز الدولة في مدن الصفيح، من قبيل حفر الطرق وانتزاع أنابيب المياه واستخدامها كمتاريس تحول بين الشرطة وإمداداتها، إضافة الى إفساد مفعول القنابل المسيلة للدموع.

ومع ذلك، أطلق الإعلام مقولات أخذ يكرّرها مراراً بإصرار لافت، في مواجهة المظالم الاجتماعية التي نكأت الثورة جراحها من قبيل «هذه ثورة كرامة لا ثورة جياع». ومهدت تلك المقولات الطريق لاستخدام قمع الدولة في مواجهة المطالب الاجتماعية، التي أخذ صوتها يرتفع شيئاً فشيئاً، بينما الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تزداد تردّياً، وصولاً الى تصوير الإعلام الطبقة العاملة المصرية مثلاً، والتي شاركت في الثورة من خلال أكبر موجة من الاحتجاجات والإضرابات في تاريخها، بأنّها تعمل عن عمد لصالح الثورة المضادة بإضراباتها المتصاعدة للإضرار بالاقتصاد، وصولاً الى إصدار مرسوم بقانون يحظر الإضرابات، وهو أول قانون أصدره المجلس بعد توليه الحكم.
ومع تقدم الوقت، أخذ صوت العدالة الاجتماعية يخبو لصالح معارك القوى السياسية، صاحبة الصوت الأعلى في الإعلام، حول نصيبها من كعكة الثورة، بعدما تحولت الأنظار عن أبطالها الحقيقيين؛ «ففي ثورة مصر 2011، اعتبرت المظالم السياسية والاقتصادية ذات ارتباط وثيق بمحاولات علاج مشاكل الفساد والظلم المعقدة»، كما قالت منظمة «شاتام هاوس»، في مذكرة إحاطة صادرة في نيسان من العام الماضي تحت عنوان «الخبز والكرامة والعدالة الاجتماعية: الاقتصاد السياسي لانتقال مصر».
وأضافت «شاتام هاوس» «يطرح السؤال أحياناً عما إذا كانت الأسباب الجذرية للاحتجاجات سياسية، أهي تعبير عن رغبة في الديموقراطية والحقوق أم اقتصادية مضادة لارتفاع أسعار المواد الغذائية وركود الأجور؟ وهذا التقسيم خاطئ، إذ إن احتجاجات مصر في عام 2011 بيّنت مجموعة متنوعة من المظالم السياسية والاقتصادية المترابطة بعمق. وجمعت شعارات المحتجين الأساسية (الخبز والكرامة والعدالة، والخبز والحرية والكرامة الوطنية) خليطاً من الهموم السياسية والاقتصادية والأخلاقية».


وبوادر الثورة كانت قد بدأت تتضح للخبراء المقربين من الحزب الوطني المنحل قبل اندلاع الثورة، وهذا ما يظهر في «تقرير الاستثمار الأول: نحو توزيع عادل لثمار النمو»، الذي أعدّه مجلس أمناء الهيئة العامة للاستثمار في 2009، محذّراً من مفارقة ارتفاع معدلات الفقر؛ فبالرغم من ارتفاع معدلات النمو على نحو مطّرد في العقد الأخير من حكم حسني مبارك، إلا أن نسبة السكان دون خط الفقر القومي ارتفعت من 16.7 في المئة في 2000 إلى 22 في المئة في 2008، وفق أحدث البيانات المتوفرة من البنك الدولي.
لكن المجلس الأعلى للقوات المسلّحة، الذي تولى حكم البلاد بعد سقوط مبارك، تجاهل على ما يبدو تلك الحقائق، ورفض موازنة وزير المال سمير رضوان، وهو عضو بارز في الحزب الوطني، بعد الثورة، واعتبرها توسعية. وسرعان ما تحولت أول موازنة بعد الثورة الى موازنة تقشفية تراجعت فيها مخصصات صندوق تدريب العمالة الى مليار جنيه بدلاً من ملياري جنيه، كما تراجعت فيها الاستثمارات الحكومية من 55.9 ملياراً الى 47.2 مليار جنيه، وكذلك إجمالي مخصصات الدعم من 138.7 ملياراً الى 133 مليار جنيه، ومساهمات الخزانة لدعم صناديق المعاشات من 12.8 ملياراً إلى 10.7 مليارات جنيه، بخلاف التراجع عن رفع حد الإعفاء الضريبي من تسعة آلاف جنيه سنوياً الى 12 ألف جنيه، وعن زيادة دعم الإسكان للفقراء بنحو 500 مليون جنيه.
وسعى المجلس، من جهة ثانية، لدرء أي أعباء على الأغنياء من قبيل الضريبة التي اقترحها رضوان على الأرباح الرأسمالية من توزيعات شركات الأموال والأشخاص والدمج والاستحواذ وإعادة تقييم الأصول. وبدت طبقة مستثمري البورصة، وقد أحرزت انتصاراً ساحقاً، وخصوصاً حين أعلن محمد عبد السلام، رئيس البورصة آنذاك، إلغاء تلك الضريبة قبل يوم من إعلان التراجع عنها من قبل وزارة المال.
وبالرغم من أن الأيام الأخيرة في حكم المجلس العسكري شهدت صراعاً مكشوفاً بين الطبقة العسكرية والقوى الإسلامية، إلا أن الصراع لم يعكس أي تباين في السياسات الاقتصادية. وتقول «شاتام هاوس» «يبدو أن الأحزاب الإسلامية، التي فازت بانتخابات مجلس الشعب، تفضل الاستمرار في سياسة مؤيدة للسوق بصورة عامة».
وكانت جماعة الإخوان المسلمين على رأس القوى الرافضة لرفع الحد الأقصى للضرائب الى 30 في المئة خلال النقاشات التي دارت في ما سمّي الحوار الوطني حول السياسات الاقتصادية في وزارة المال، بدلاً من 25 في المئة وفقاً لما انتهى إليه رأي الحكومة بعد الثورة.
أما الدستور الجديد، فقد بدا نموذجاً صارخاً لانحياز الجماعة وحلفائها من القوى الإسلامية الى تحرير الأسواق، إذ نص على ربط الأجر بالإنتاج للمرة الأولى. كما لم يتضمن أي حد أقصى للملكية الزراعية، ولم يمنع ملكية غير المصريين للأراضي الزراعية، متراجعاً عما تضمنه دستور 1971 في هذا الشأن.
وهو موقف يتسق مع تراث جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت أبرز من هاجم إجراءات الإصلاح الزراعي، وأيدت في 1992 قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية، الذي ألغى مكتسبات الفلاحين المستأجرين وأفضى تطبيقه في 1997 الى انتفاضة فلاحية عارمة.
لكن الضربة القاصمة لشعبية الجماعة ربما تكون بالإقدام على تطبيق حزمة من التعديلات على قوانين الضرائب، جمدها الرئيس محمد مرسي بعد ساعات قليلة من الإعلان عنها. وهي تعديلات تتضمن رفع سعر الضرائب على مبيعات عدد من السلع الأساسية مثل زيوت الطعام والبطاطس، بخلاف سلع أخرى مؤثرة بشدة في أسعار عدد أكبر من السلع والخدمات من قبيل الاسمنت والاتصالات، كما تضمنت رفع الضريبة على الإعلانات التجارية على نحو قد يرفع بشدّة كلفة الإنتاج، ومن ثم السعر النهائي لكل السلع والخدمات تقريباً.
ولأن الجماعة تدرك أنها قد تكون قاب قوسين أو أدنى من انتفاضة اجتماعية، في حال إقدامها على تطبيق التعديلات الضريبية المجمدة بقرار من مرسي، فقد أعلن حزب «الحرية والعدالة»، التابع لها رفضه للضرائب الجديدة على المبيعات، بينما أعلنت الحكومة تأجيلها، ربما الى ما بعد الانتخابات البرلمانية، وهو ما يعني أن الجماعة أدركت درس انتفاضة الخبز التي واجهها الرئيس أنور السادات في كانون الثاني 1977، وهي الانتفاضة التي وصفتها مجلة الدعوة المتحدثة باسم الجماعة وقتها بأنها مؤامرة من الشيوعيين.

وفي حين أن الثورة ربما تكون على الأقل قد أسفرت عن رفع الحد الأدنى للأجور الى 700 جنيه شهرياً عبر إجراءات أقرها سمير رضوان، إلا أن انهيار الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي خلال كانون الثاني الحالي، ربما من جراء تراجع البنك المركزي عن حمايته، قد أفقد تلك الزيادة أي قيمة.

المحطات الأبرز في مسار الثورة


11 شباط 2011: أطاحت الثورة في يومها الثامن عشر الرئيس حسني مبارك، الذي سلّم البلاد للمجلس العسكري.
30 آذار 2011: أصدر المجلس العسكري إعلاناً دستورياً مؤقتاً لإجراء انتخابات، وسط غضب من المعارضة الليبرالية التي كانت تطالب بإسقاطه.
تشرين الثاني 2011 – كانون الثاني 2012: في هذه الفترة، تم إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر، والتي حصد فيها الإسلاميون غالبية مطلقة وصلت إلى 70% من مقاعد البرلمان.
26 آذار 2012: تم تعيين أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد والتي هيمن عليها الإسلاميون، وتعرضت لانتقادات لاذعة لأنها لا تمثل طوائف الشعب المصري.
10 نيسان 2012: علقت المحكمة الدستورية العليا عمل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور المصري الجديد.
7-12 حزيران 2012: تم تشكيل جمعية تأسيسية جديدة بعد مفاوضات طويلة بين الأطراف والأحزاب السياسية، ولكنها لم تسلم من الطعون ومواجهتها للمزيد من التحديات القانونية. ثم تم حل البرلمان بقرار قضائي في 14 من الشهر نفسه.
24 حزيران 2012: انتخاب محمد مرسي أول رئيس مدني وإسلامي للبلاد.
12 آب 2012: استغل الرئيس المصري حادث الاعتداء على جنود مصريين في سيناء ليقيل رئيس المجلس العسكري، وزير الدفاع، محمد حسين طنطاوي، ورئيس الأركان سامي عنان، معلناً بذلك نهاية حكم وصاية المجلس العسكري.
أيلول 2012: انسحاب ممثلي التيارات الليبرالية من اللجنة التأسيسية واتهامهم الإسلاميين بفرض أجندة إسلامية والترسيخ لدولة دينية.
22 تشرين الثاني 2012: أصدر مرسي إعلاناً دستورياً اعتبر ممهداً لولادة ديكتاتورية، ما أثار تظاهرات ومواجهات واعتصامات أمام القصر الرئاسي.
25 كانون الأول 2012: إقرار الدستور المصري الجديد بموافقة بلغت 64% من نسبة المصوّتين في أجواء شابها بعض الشكوك واتهامات تزوير.

عن الأخبار

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.