‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين والسياسة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين والسياسة. إظهار كافة الرسائل

السبت، 18 مارس 2017

أردوغان المدجّن... يبحث عن دور... لم يندم أو يقم بمراجعة فكرية وسياسية لأهداف حكمه في سوريا

    مارس 18, 2017   No comments
 إيلي حنا

قد يقترن معظم المشهد السوري المعارض بنشاط وحضور أنقرة. تركيا رسمت على نحو واضح خريطة طريق لإسقاط الدولة السورية، بالسياسة والعسكرة. بعد 6 سنوات من الحرب نشهد انحساراً كبيراً في بنك أهداف رجب طيب أردوغان. هي الواقعية التي فرضها التدخّل الروسي ومعه دمشق وحلفاؤها. يد «السلطان» انكفأت بعد فشلها في الكباش الميداني والسياسي في غير معركة مفصلية. لم ينسحب من المشهد وإلغاؤه غير ممكن... هو المُدجّن سورياً في هذه المرحلة ينتظر اقتناص فرص جديدة في ظروف مغايرة.
«بشار الأسد ودائرته المقربة يوشكون على ترك السلطة والرحيل... ويجرى الاستعداد لعهد جديد هناك». هذا التصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تموز من عام 2012 يوضح أهداف بلاده الحقيقية لـ«سوريا الجديدة».

منذ اليوم الأول للأزمة السورية، شكّلت أنقرة الحصان الأسود للهجوم السياسي ثم التحضير العسكري لإتمام انقلاب المشهد.

بالتزامن مع هذا التصريح، قارب «أصدقاء السلطان» من الإمساك بمدينة حلب، لينتهي المطاف بتقاسمها مع الجيش.

أرياف الشمال تهاوت، ومن هناك إلى إدلب فريف اللاذقية الشمالي، كانت أنقرة عبر «مُنتجاتها» وحلفائها ترمي بثقلها في الميدان.

ومن الضروري التذكير الدائم بالتسجيلات الصوتية التي سُرّبت لمسؤولين أتراك كبار في آذار عام 2014 (مدير المخابرات حقان فيدان ووزير الخارجية (حينها) أحمد داوود أوغلو ونائب رئيس الأركان وغيرهم) عن سيناريو لتنفيذ عملية سرية لتبرير تدخّل عسكري في سوريا. في التسجيل قال فيدان: «لسنا في حاجة إلى أي حجج أو مبرّرات للتدخل العسكري... نستطيع أن نرسل أربعة أشخاص يطلقون ثمانية صواريخ نحو الأراضي التركية، أو عناصر من الاستخبارات للقيام بعمل استفزازي ضد ضريح سليمان شاه (...)، ثم نقول إنّ داعش هي التي قامت بذلك، وبعدها يتدخل الجيش التركي».

أنقرة الباحثة دائماً عن دور أكبر، تحيّنت كل الفرص لتعزيز حضورها في سوريا. لم يكبح هذا الدور المتعاظم سوى التدخّل الروسي المباشر في 30 أيلول 2015. جردة سريعة لأولى الطلعات الجوية تحيلنا على استهداف «أصدقاء أنقرة» من التشكيلات العسكرية. من ريف اللاذقية قرب الحدود وصولاً إلى حلب وريفها، كان ضغط «السوخوي» يشتدّ ويبدأ بقلب الموازين.
وبعد إسقاط أنقرة الطائرة الروسية في تشرين الثاني من عام 2015، كانت موسكو تزيد من حضورها عبر سلسلة قرارات عسكرية متدحرجة لإعادة ترتيب ساحة الاشتباك فوق الأراضي السورية. بدأ عملياً تحجيم الدور التركي وتدجينه.
في خلال تحرير مدينة حلب في كانون الأول الماضي، جاء الإجهاز على مزيد من الرهانات التركية. توالى إسقاط خطوط أنقرة الحمر لتنكفئ بعيداً عن حسابات «عاصمة الشمال».

شريك ناقص

من خصم لدود لروسيا إلى شريك مدجّن. هكذا جاءت مخرجات معركة حلب في ظلّ انكفاء أميركا المشغولة حينها بتسلّم دونالد ترامب رئاستها.
وضع الدبلوماسيون الروس نُظراءهم الأتراك إلى جانبهم على طاولة واحدة، لكن لم تكن علاقة نديّة، بل أقرب إلى شريك ناقص.
بالتزامن مع معركة الباب حاول حاكم قصر «شنقايا» القفز شرقاً نحو نهر الفرات. أكّد لموسكو أنّه لن يستهدف الجيش السوري بل يريد استكمال حربه ضد «داعش» وصولاً إلى الرقة، وإبعاد «الخطر الكردي».
نقلت موسكو، حسب معلومات «الأخبار» الرسالة إلى الجانبين السوري والإيراني. سريعاً جاء التحرك المضاد: أقفل الجيش السوري طريق «درع الفرات» عبر اتصال قواته جغرافياً بمناطق «قوات سوريا الديموقراطية» في ريف منبج الغربي. جُنّ جنون «السلطان»، وانعكست تصريحات عالية النبرة ضد طهران وسياساتها في المنطقة.
كانت المسألة مجرّد تعبير فجّ جراء انزعاج وخنق. يومها رُسّمت حدود أنقرة ضمن مثلّث جرابلس ـ الباب ــ أعزاز في ريف حلب الشمالي. العجز التركي استحال قوة روسية إضافية وتعزيزاً لمكانتها.

ست سنوات والشغل الشاغل لأنقرة وحكامها، هو الحرب السورية ومآلاتها. كُرسّت سياسات ومشاريع على أساس نتيجة الصراع السوري. غرق الداخل التركي في التفاصيل اليومية السورية. من مسألة اللاجئين إلى الحدود المشتعلة وخلفها مشروع دويلة كردية مروراً بالناشطين والمسلحين الذين وجدوا في تركيا مأوىً ومنصة.
لم تعدّل أنقرة استراتيجياتها، ما قبل الحضور الروسي المباشر، إلا في سبيل فعالية أكبر وتدّخل أعمق في بلاد الشام.

مؤخراً، حان موعد الواقعية. لم تحرق أنقرة كل أوراقها، لكن «الضابطة» الروسية حاضرة للتأديب والتأنيب. في النتيجة أمّنت تركيا حضوراً أساسياً في «مستقبل سوريا». فهي عبر قواتها الغازية ثبّتت وجودها في الجغرافية والعسكر، ليضاف ذلك إلى الدور السياسي والحضور التاريخي الذي يتيحه موقعها لتكون جزءاً مهماً من المشهد العام.
رجب طيب أردوغان لم يندم أو يقم بمراجعة فكرية وسياسية لأهداف حكمه في سوريا. لا زال يتمنّى أن يطأ أرض دمشق «فاتحاً» منتصراً، هو الأمر الواقع الذي فُرض عليه. بالحساب العام خسر العديد من النقاط... لكنّه لم يرفع الراية البيضاء.

الأربعاء، 8 مارس 2017

الحرب المزعومة بين السنّة والشيعة

    مارس 08, 2017   No comments
موفق محادين -- كاتب ومحلل سياسي أردني

لا يستطيع أحد من حيث المبدأ مهما بلغ شأوه في التحصيل الفقهي، ومهما كانت قيمته وأهميته في أهل مذهبه، أن يحتكر تعريفاً أو تشخيصاً محدداً أو شاملاً لهذا المذهب أو لهذه الفرقة في هذه الديانة أو تلك. بل إن أكثر المتشدّدين الذين ينسب
وفي ما يخص تعريف (السنّي)  وأهل السنّة فالمسألة إشكالية الى حد كبير بالنظر الى إشكالية تأويلات المرجعيات نفسها.

فلا المرجعية السياسية كافية، حيث رأت أوساط عديدة من المنتسبين لأهل السنّة (الخلافة) ملكاً  عضوضاً لا يستقيم والدين الحنيف.

ولا مرجعية الأئمة موضع اتفاق بالنظر إلى مواقف أبو حنيفة ومالك من أهل البيت، وإلى اعتبار  (إبن حنبل) عند البعض ناقلاً  أكثر منه مجتهداً (آلاف الأحاديث المنسوبة إليه) وعلاقته بخليفة قال عنه المؤرّخ السنّي المتشدّد (السيوطي) ما لايجوز أن يُقال بحق خليفة للمسلمين (قتل في مجلس لهو وشراب وسط مئات الجواري في بلاطه)

ولا مرجعية أهل الكلام وأهل الحديث مرجعية متوافق عليها، لا في الأصول ولا في الفروع ولا سيما في حال مثل القول بخلق القرآن عند المُعتزلة ..

ولا تزال المرجعيات الأشعرية الكبرى نفسها موضع سِجال بين الذين ينسبون أنفسهم لأهل السنّة، بل أن واحداً من قادة الجماعات التكفيرية هو (الزرقاوي) شكّك في إسلام زعيم حركة طالبان الراحل، الملا عمر لأنه كان من أنصار الطريقة الماتريدية الأشعرية .. وهكذا.

أما الحرب المذهبية المزعومة على أهل السنّة من  دون غيرهم من المسلمين، فدونها الوقائع والمعطيات التالية، وذلك غير أن (الحرب المذهبية بكل تلاوينها) هي تأويل أقنعة للحروب الحقيقية على النفط  والموارد والأسواق:

1- هي حرب تنتمي إلى مراحل الهبوط وأزمة حركات التحرّر وما ينجم عنها من فراغ وتخبّط  في الرأي العام

2- هي امتداد لحرب الأيديولوجيا السابقة ضدّ الشيوعية والناصرية، بل إن أوساطاً عديدة من الذين  يتباكون على أهل السنّة في العراق مثلاً، كانوا يعتبرون النظام السابق نظاماً (سنّياً) جائراً بحق (الشيعة)

3- إذا كان أهل السنّة هدفاً للحروب في بعض البلدان ماذا عما يجري في بلدان أخرى مثل مصر  وليبيا  وما شهدته  الجزائر  في غراديه، ومن هو الذي يموّل  ذلك ولماذا..؟ فمن المعروف أن الغالبية الساحقة من مسلمي مصر، هم من أهل السنّة، وأن جيشها وأمنها المُستهدف مؤسسات سنّية بالكامل. ومن المعروف أن ليبيا سنّية بنسبة 99%  فما الذي يفسّر القتال الدموي بين قبائلها ومدنها، ومن المعروف أن الولاية التي شهدت  المشاكل في الجزائر وهي ولاية غراديه تنقسم بين مذهبين من مذاهب أهل السنّة ... وهكذا.

4-  لماذا وقف أهل المؤتمرالإسلامي (السنّي) وغيرهم من الذين يزعمون الدفاع عن حياض أهل السنّة، مع أذربيجان الشيعية فيما وقفت إيران (الشيعية) مع أرمينيا المسيحية.

5- هل يتّفق أهل السنّة على الوهّابية كظاهرة سنّية إذا كان أهل السنّة هم الأكثر تعبيراً عن التسامُح  والتعايش؟ وإلى أي حد قطعت السعودية مع آل الشيخ (الوهّابيين) بعد  معركة السبلة 1929 وحادثة جهيمان العتيبي؟

6-  هل تركيا هي دولة سنّية بالنظر إلى هذه الخلطة فيها بين (أبو حنيفة) من دون غيره من الأئمة مع أهل الزوايا والتصوّف وخاصة الرومية (نسبة إلى جلال الدين الرومي) والبكتاشية (أيديولوجيا الباب العالي)، والإنكشارية لقرون عديدة ولماذا قام العديد من سلاطين آل عثمان بهدم مقامات (إبن حنبل) وشيّدوا مكانها مقامات لإبن عربي، وعلى من كانت حربهم في الشرق .. أليس على المماليك وكانوا الأكثر تشدّداً من بين أهل السنّة...

7-  عندما قامت الثورة في اليمن وأعلنت الجمهورية بدعم (القاهرة) قبل نصف قرن تقريباً وقامت السعودية بدعم الإمام بدر، هل كانت حرباً مذهبية بين (القاهرة السنّية) وبين صعده (الزيدية).

صحيح أن ثمة تباينات وحروباً أحياناً بين الوهّابية (في السعودية) وبين الزيدية في اليمن منذ ظهور الوهّابية التي اتّهمت الزيدية بتغليب العقل (المُعتزلة) على النقل، إلا أن ذلك  ليس مدعاة لتشخيص ما يجري، كحرب مذهبية، فالزيدية كما كل الفِرق اليمنية هي من دعامات الجمهورية والاستقلال والكرامة.

8- أما عن سوريا، وما يجري فيها، فلا بدّ من توضيح بعض طوته ذاكرة البعض:

-  رداً على  ربط ما يجري في حماة الستينات، فإن الذين أخذوا قرار قصف حماة  في الستينات هم من البعثيين (السنّة) بالكامل وهما (عبد الحليم خدام، ونور الدين الأتاسي وكان رئيسهم  آنذاك أمين الحافظ (السنّي)

-   إن الحركة التصحيحية التي قام بها  الرئيس الأسد 1970 اعتمدت على فريق من ضباّط سنّة أساساً مثل (حكمت الشهابي وناجي جميل) ولقيت دعماً من غرفة تجارة دمشق (السنّية)

-   إن أحداث 1979 فصاعداً لم تكن صراعاً مذهبياً  قط. بل صراعاً بين الحُكم الذي رفض اتفاقية كامب ديفيد وبين حلفاء هذه الاتفاقية الذين قدّموا للجماعات المسلّحة  كل أشكال الدعم، ومن ذلك سفن الأسلحة التي كانت بحراسة المصريين  للإسرائيليين، إلى جونيه وطرابلس ثم إلى الداخل السوري. وقد تزامن كل ذلك  مع العدوان الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية والجيش السوري  والحركة الوطنية  اللبنانية 1982

حسب  كتاب متحيّز ضدّ الأسد والعلويين هو كتاب (دائرة الخوف لـ غولد سميث) فإن العلويين وقراهم كانوا من الفئات الأقل استفادة من حُكم الأسد، وحسب اليهودي الأمريكي، روبرت ساتلوف (الطريق إلى دمشق) فلا معنى لاحتلال العراق  وإنهاء الدولة الشمولية إذا لم تسقط آخر الدول الشمولية في المنطقة، وهي سوريا. وهو يقصد دولة القطاع العام والربيع الاجتماعي و التحالف مع موسكو

الأحد، 19 فبراير 2017

في غياب الاستقلالية: حكومات بعض الدول العربية تراجع مواقفها في ظل تغيير الحكومات الغربية

    فبراير 19, 2017   No comments

واشنطن تجري مباحثات مع العديد من الدول العربية، بهدف إنشاء تحالف عسكري في الشرق الأوسط، مناهض لإيران.
 
ذكرت "وول ستريت جورنال" أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبحث مع دول عربية عديدة إمكان إقامة حلف عسكري في الشرق الأوسط يكون قادرا على مواجهة إيران، وتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل. وقالت الصحيفة الأمريكية إنه من أجل تحقيق هذا الهدف، تُجري الولايات المتحدة مباحثات مع كل من المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مصر والأردن. ومن المفترض أن يكون هذا التحالف ببنيته والقواعد القانونية، التي تنظم العلاقات بين أعضائه، شبيه تماما بحلف شمال الأطلسي. وسوف يؤخذ من الناتو بشكل خاص "مبدأ الدفاع الجماعي". أي أن الهجوم ضد أحد أعضاء الحلف سيعدُّ هجوما ضد الحلف بأجمعه.

وكما نقلت الصحيفة عن خمسة مسؤولين لم تسمِّهم من البلدان العربية، فإن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات معا، وكذلك مصر والأردن تنظر إمكان إنشاء حلف عسكري لمواجهة إيران وتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل. وستكون دول أخرى لاحقا قادرة على الانضمام إلى هذا التحالف العسكري، لكن الولايات المتحدة أو إسرائيل لن تكونا جزءا منه.

وقال دبلوماسي عربي لم يذكر اسمه للصحيفة إن الإدارة الأمريكية "سألت عما إذا كنا مستعدين للانضمام إلى قوة، تكون إسرائيل أحد مكوناتها. ويبدو أن الدور الإسرائيلي يتمثل في تقديم المعلومات الاستخبارية، وليس في خوض عمليات برية. الإسرائيليون على العموم سوف يؤمنون لنا المعلومات الاستخبارية، وهذا ما تجيد إسرائيل فعله".

وكما تذكِّر "وول ستريت جورنال"، فإن مصر والأردن وقعتا معاهدات سلام مع اسرائيل، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تعدَّان الدولة العبرية عدوا صريحا لهما.

وتقول الصحيفة إن الرياض وأبو ظبي رفعتا مطلبا إلى واشنطن: هما تريدان من البيت الأبيض إلغاء القانون، الذي يسمح لضحايا العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001 بمقاضاة حكومات الدول المتورطة في هذه الهجمات الإرهابية. وأكد مسؤولون من إدارة دونالد ترامب أنهم سيحاولون تعديل هذا القانون.

وروى المتحدثون مع الصحيفة كذلك أن الدبلوماسيين العرب وضعوا شرطين آخرين. الأول -أنهم على استعداد للتعاون بشكل وثيق مع إسرائيل، إذا ما أوقفت الأخيرة بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. والثاني - أن موقفهم يتوقف على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. وللتذكير، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب في وقت سابق عن هذه النية الأمريكية، ما أثار احتجاجات لدى الفلسطينيين وفي الشرق الأوسط.

أما بالنسبة إلى إيران، فإن سيد البيت الأبيض الجديد يستعرض موقفا صارما بتسميته إياها "الدولة الإرهابية رقم واحد".

وفي ختام اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعد الرئيس الاميركي باتخاذ إجراءات جديدة ضد الجمهورية الإسلامية، من أجل الحيلولة دون حصولها "على أي نوع من الأسلحة النووية". وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" يوم 5 فبراير/ شباط الجاري، انتقد دونالد ترامب اتفاقية البرنامج النووي الإيراني، التي وقعت بمشاركة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بتاريخ 14/07/2015.

هذا، وقد فرضت الولايات المتحدة في أوائل فبراير/ شباط الجاري أيضا عقوبات إضافية على إيران، وربطت هذا القرار بالبرنامج الإيراني لتطوير الصواريخ البالستية، ومساندة طهران لـ "حزب الله" اللبناني.

الجمعة، 27 يناير 2017

موقف الإخوان-سوريا الرسمي من مؤتمر أستانة

    يناير 27, 2017   No comments
تعتبر تركيا وقطر الراعي الدولي للإخوان المسلمون بعد ما يسمى بالربيع العربي. ثم أتجهت تركيا نحو روسيا مؤخرا... فما هو موقف الإخوان من مؤتمر أستانة؟

 ___________________
الموقف الرسمي من مؤتمر أستانة

بِسْم الله الرحمن الرحيم

إنطلاقاً من مبادئ الإسلام العظيم فقد حرصت جماعة الإخوان المسلمين في سورية على كلّ مبادرة من شأنها إيقاف نزيف الدماء والحفاظ على أرواح شعبنا السوري وتحقيق أهداف ثورته، وتعاملت معها بإيجابية وروح وطنية عالية.

وفي هذا السياق أصدرت الجماعة بياناً رحّبت فيه باتفاقية وقف إطلاق النار التي وقّعتها الفصائل العسكرية بتاريخ ٣٠ كانون أول ٢٠١٦، واعتبرتها خطوة مهمّة وإيجابية على طريق الحل السياسي.

واليوم والفصائل العسكرية تتّجه للمشاركة في مؤتمر أستانة فإننا نؤكد على مايلي:

أولاً: إنّ لقاء أستانة يهدف لتثبيت وقف إطلاق النار واختبار جدّية النظام وميليشياته من الالتزام بهذه الاتفاقية، والاتّفاق على إكمال العملية السياسية في جنيف، وهو الدور الذي تقوم به الهيئة العليا للتفاوض بما تملكه من شرعية دولية ومرجعية أممية، حسب وثيقة مؤتمر الرياض ومرجعيات جنيف.

ثانياً: نؤكّد على تمسّكنا بمبادئ الثورة وثوابتها، والعمل على تنفيذ البنود الإنسانية الواردة في قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وأن نتحرك جميعاً عن موقف واحد متماسك سياسياً وعسكرياً، ونعتبر أنّ مساحات الاجتهاد السياسي لا تستدعي الخلاف والتخوين، بل يجب أن ندعم بعضنا البعض ضمن رؤية الثورة المتفق عليها.

ثالثاً: مازالت روسيا وإيران والمليشيات الشيعية تمارس القتل والقصف في وادي بردى والغوطة وجنوب دمشق وريف إدلب وحلب، والذهاب لأيّ مبادرة أو خطوة سياسية لا يعني السكوت عنهم وعدم مواجهتهم وردعهم.

رابعاً: اعتبار بشار الأسد ونظامه وأجهزته الأمنية خارج نطاق التفاوض وأنّه لامستقبل لهم في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سورية بعد المجازر التي ارتكبوها بحقّ الشعب السوري.

خامساً: إنّ ثقتنا بنصر الله كبيرة وإنّ ثورات الشعوب ستنتصر في النهاية مهما كانت الصعوبات والتضحيات، وواجبنا هو الحفاظ والثبات على أهداف الثورة وعدم التفريط بها أو بجزء منها مهما كانت الضغوط ومن أيٍّ كان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٨
٢٠ كانون ثاني ٢٠١٧

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

جبهة “النصرة” تعدم “ابو النمر السوري” مفخخ طفلتيه وارسال احدهما لتفجير نفسها في مخفر للشرطة في دمشق..

    ديسمبر 26, 2016   No comments

عبد الباري عطوان

لم يصدق الكثيرون، ونحن من بينهم، اقدام رجل وزوجته على تفخيخ طفلتيهما المحجبتين، وتحت العاشرة من عمرهما، بحزامين ناسفين، وارسالهما لتفجير نفسيهما في مركزي شرطة تابعين للحكومة السورية في العاصمة دمشق، لان هذا الفعل الوحشي الهجمي ليس له اي علاقة، لا من قريب او بعيد، بالقيم العربية والاسلامية الحقة، ويشكل وصمة عار في جبين البشرية.

عبد الرحمن شداء المعروف لـ”ابو النمر السوري”، اقدم على هذه الجريمة النكراء وفخخ ابنتية بأحزفة ناسفة، وارسل احداهما، وتدعى فاطمة (9 سنوات)، لتفجير نفسها في مركز للشرطة في حي الميدان، وصور جريمته هذه على شريطي فيديو، وظهر فيه وهو يلقنهما بالمهمة، ويؤكد لهما انهما ينفذان هذه المهمة انطلاقا من العقيدة الاسلامية السمحاء، ويرشدهما الى كيفية الضغط على زر التفجير.
لا نعتقد ان النمور التي يحمل هذا “الشداء” اسمها، بل وكل الحيوانات الكاسرة الاخرى، يمكن ان تقدم على هذا العمل الهمجي الدموي، مهما بلغت درجة توحشها وشراستها، ولكن “ابو النمر” هذا فاقها جميعا في وحشيته، وربط خطيئته هذه بأكثر الديانات السماوية تسامحا.
عندما شاهدنا شريط الفيديو، وتابعنا عملية التنفيذ وتفاصيل التفجير بعد ذلك على لسان المتحدثين الرسميين في الاعلام السوري، لم نصدق انفسنا، واعتقدنا ان الشريط مفبرك، وجزء من حملة الحكومة السورية الدعائية، ولكن عندما صمتت كل الجهات في المعارضة السورية، واكد المرصد السوري لحقوق الانسان الموالي للمعارضة ان الجريمة حقيقية، مثلما اكد العثور على “ابو النمر” بلحيته الكثيفة، قتيلا بعد اطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين، في حي “تشرين” عند اطراف العاصمة السورية، ورجح المصدر ان تكون جبهة “فتح الشام”، او “النصرة” سابقا، التي ينتمي الى صفوفها القتيل، تبددت حالة الغموض، وظهرت الحقيقة ساطعة.
“ابو النمر” الحق ضررا كبيرا بالجبهة، وبالفصائل الاخرى المدرجة على قوائم المعارضات السورية، مثلما اساء ايضا الى الشعب السوري الكريم، صاحب الجينات الحضارية التي تمتد لاكثر من ثمانية آلاف عام، كانت تعكس تاريخا حافلا بالامبراطوريات، والابداع، والتعايش، والتسامح، والدول المدنية المزدهرة.
لا نعرف كيف تقبل فصائل المعارضة المسلحة هذه التي تقول انها تحمل مشروعا حضاريا بديلا للنظام الديكتاتوري، حسب ادبياتها، مثل هذه “الوحوش” في صفوفها، وتعد الشعب السوري بمستقبل افضل عنوانه العدالة الاجتماعية، والتسامح، واحترام حقوق الانسان، والحريات الديمقراطية، وسيادة القانون.
لا نشك مطلقا في وجود فصائل معارضة شريفة، تتمسك بالطروحات السابقة، وستكون شريكا في مستقبل سورية الجديدة، وستجلس على مائدة المفاوضات في الآستانة قريبا، فنحن لا يمكن ان نلجأ في هذه الصحيفة الى التعميم، ولكن هذه النماذج تسيء قطعا الى هذه المعارضة، وتنفر الشعب السوري منها.
“ابو النمر” السوري هذا يذكرنا بالعناصر التي ذبحت الصبي الفلسطيني القاصر والمعاق على متن حافلة صغيرة امام الكاميرات ايضا، بحجة التعاون مع النظام، وتبين لاحقا ان هؤلاء الجلادين ينتمون الى جماعة نور الدين الزنكي، المصنفة على انها احدى الفصائل  السورية “المعتدلة، فأي اعتدال هذا.
اعدام “ابو النمر” من قبل جبهة “النصرة”، قد يكون تطبيقا للقصاص من القتلة، واقامة الحد عليهم، ولكن هذا القصاص لن يمحو الضرر الذي احدثه في تنظيمه وصورة الاسلام السمح عموما.
هؤلاء الوحوش الذين يفخخون بناتهم ويذبحون الاطفال والنساء، ايا كانت هويتهم وانتماءاتهم، لا يمكن ان ينتموا الى الشعب السوري والعروبة والاسلام، وانما الى الجاهلية، وزمن التوحش، زمن وأد الفتيات، ومصيرهم جهنم وبئس المصير.



الجمعة، 2 ديسمبر 2016

هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم كليهما؟

    ديسمبر 02, 2016   No comments
ملاحظات المحرر: هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم  كليهما؟
______________ 

أردوغان يتراجع... مرة أخرى

 حسني محلي

بعد أقل من 24 ساعة على الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، خرج الأخير لينفي ما قاله سابقاً، بالقول إن «عملية درع الفرات في الشمال السوري لا تستهدف شخصاً أو دولة بل الإرهابيين». هذه الجملة تحولت إلى مادة أساسية لجميع محطات التلفزيون والمواقع الإخبارية، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي التي اتهمت أردوغان بالتراجع والتناقض الخطير، ليس في السياسة الداخلية فحسب، بل الخارجية أيضاً.

وليس جديداً أن يناقض أردوغا
رجب طيب أردوغانن نفسه في التصريحات خلال أيام أو حتى ساعات؛ ففيما كان يمتدح الداعية الاسلامي فتح الله غولن دائماً ويقول إنه قدّم إليه كل ما أراده، عاد ليعلن الحرب عليه بعدما ساهم غولن في كشف قضايا فساد نهاية عام 2013، تورّط فيها أردوغان وأولاده وبعض الوزراء المقربين منه. لكن الناخب التركي، الذي يصوّت لأردوغان، لم يعد يسمع بهذه التناقضات بفضل سيطرة الرئيس على 90٪‏ من وسائل الإعلام التي تتجاهل تصريحاته المتناقضة وتجد لها أحياناً تفسيرات غريبة.
وكان أردوغان قد قال قبل يومين، في مؤتمر عن القدس حضرته شخصيات إسلامية إقليمية وعالمية، إن «عملية درع الفرات تهدف إلى إطاحة حكم الرئيس (بشار) الأسد الظالم»، وهو ما أبرزته وسائل الإعلام العالمية، في الوقت الذي أعلنت فيه الأوساط الإسلامية أن أردوغان «زعيم تاريخي يناضل من أجل الحق، أي دعم الجماعات المسلحة في سوريا باعتبار أنها اسلامية، حتى إن كانت متطرفة».
لكنّ الإعلام الموالي له تجاهل أيضاً ردود الفعل الروسية على أقواله، خاصة حديث مصادر في الكرملن عن «غضب الرئيس بوتين من هذه التصريحات التي تتناقض مع الإطار العام لاتفاق بوتين مع أردوغان، منذ أن اعتذر الأخير من روسيا بسبب إسقاط الطائرة الروسية في ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٥». بعد ذلك، سعى مصدر في الرئاسة التركية إلى التهدئة عبر القول في الإعلام إنه «لا ينبغي تحميل الكلمات معاني أكثر مما تستحق». ويبدو أن بوتين لم يقتنع بهذه المحاولة، ما دفعه إلى تحميل وزير خارجيته رسالة واضحة يطلب فيها من أردوغان أن «يكذّب نفسه بنفسه، بأي أسلوب كان».

كان هذا «التهديد» كافياً بالنسبة إلى الرئيس التركي ليتراجع عمّا قاله قبل يومين، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب هذا التراجع وماهية العلاقة بينه وبين بوتين، في وقت وصف فيه أعضاء في البرلمان، عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أقوال أردوغان بأنها خطيرة، خاصة إذا كان بوتين يملك بعض الأوراق الخطيرة التي يلوّح بها ليجبر أردوغان أولاً على الاعتذار رسمياً من موسكو، وثانياً وقف الدعم للجماعات المسلحة في سوريا، خاصة في حلب، وأخيراً تخليه عن مشروع إسقاط الأسد.
المفاجأة الثانية ظهرت عندما اضطرت وزارة الخارجية التركية إلى اعترافها بخطأ فادح في ترجمة أقوال الوزير الروسي سيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في مدينة أنطاليا، حينما قال لافروف إنه «لا روسيا ولا سوريا، أو قواتهما الجوية، على علاقة بمقتل الجنود الأتراك قرب مدينة الباب»، فنقل المترجم هذا الكلام: «ليس الروس، بل السوريون هم الذين هاجموا الجنود الأتراك». وأشار لافروف خلال المؤتمر الصحافي إلى أنه تم «نقاش هذه المسألة بعد الحادث على عدة مستويات» مع الجانب التركي، مشدداً على ضرورة «مراجعة هذه القضية مع الولايات المتحدة وباقي الأطراف».
في غضون ذلك، يستمر تجاهل الإعلام الموالي لأردوغان، في الداخل والخارج، هذا التكذيب، كما حال تجاهل أقوال الرئيس نفسه. وكان الإعلام الموالي منذ عام يهدد ويتوعد روسيا وبوتين ويقول إن أردوغان سيلقّن الرئيس الروسي درساً لن ينساه، كما لقّن العثمانيون أعداءهم الروس درساً. ويتزامن ذلك مع الجدال المبكر حول مصير الوجود العسكري التركي ودوره المحتمل في الشمال السوري، بعدما بات واضحاً أن أردوغان لن يستطيع التصرف بالقوات التركية المذكورة إلا في الإطار الذي حدّده بوتين، ومنع فيه الجيش التركي من دخول مدينة الباب، فيما منع الأميركيون تركيا من الاقتراب من منبج التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
إلى ذلك، اتفق «حزب العدالة والتنمية» الحاكم مع «حزب الحركة القومية» على مسوّدة التعديلات الدستورية الجديدة التي تهدف إلى تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدرم، خلال مؤتمر مع زعيم «الحركة القومية»، إن التصويت على هذه التعديلات في البرلمان سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن يكون الاستفتاء الشعبي في الربيع المقبل. ويمنح الدستور الجديد أردوغان صلاحيات مطلقة في جميع المجالات، بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، على أن يجري تعيين أو انتخاب نائبين لرئيس الجمهورية.

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

مراجعة سعودية تجاه الملف اللبناني.. "نعم هُزمنا"... السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها

    نوفمبر 01, 2016   No comments
علي فواز
 
السعودية تخلت عن الحريري أم تخلى هو عنها
يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها، إلا أن دبلوماسي سعودي سابق يقرّ في حوار مع الميادين نت بارتكاب الرياض أخطاء في بلد الأرز ويشير بوضوح إلى أن وصول العماد عون إلى كرسي الرئاسة يمثل هزيمة للمملكة.

وجد سعد الحريري نفسه ضعيفاً أمام معادلة الوقت. استنزاف معنوي وشعبي بات يدفعه كل يوم من رصيده السياسي. الحلّ الوحيد الذي وضعه أمامه الخصوم هو الإقبال على خسارة محسوبة. تنازل ثقيل هو الطريق الوحيد لعودته إلى السلطة. من دون ميشال عون رئيساً للجمهورية لا وجود للحريري رئيساً للحكومة. السعودية من وراءئه لم تعد مرتاحة إلى لعبة الوقت. المملكة المنهمكة في ملفات خطيرة في المنطقة بدأت تنظر بقلق إلى مستقبلها في لبنان. استمرار الوضع الراهن في هذا البلد ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء صلاحية "الطائف". الاتفاق الذي رعته الرياض وأنتج توزيعاً جديداً للصلاحيات. قُلصّت صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي على حساب مجلس الوزراء ورئيسه السني المحسوب عليها.

هذه القراءة هي واحدة من التحليلات التي تفسّر خطوة الحريري الأخيرة. هي أيضاً تجيب على سؤال حول موقف المملكة الحقيقي من انتخاب عون رئيساً.

الصحافة الإسرائيلية عبّرت بشكل واضح عن التطورات في لبنان. أقلام قريبة من النخب السياسية كتبت بشكل واضح ما لم تستفيض به الصحافة اللبنانية حرصاً على "الوحدة". تحدثت الصحف العبرية عن هزيمة لمحور السعودية على حساب أصدقاء المحور الإيراني.
التسوية في لبنان تحتاج دائماً إلى إخراج. تسويق ما، يفترض أن البلد لا يحتمل هزيمة طرف على حساب طرف. التنازل هنا يتخذ لبوساً وطنياً. تصبح الهزيمة "تنازلاً" لمصلحة وطنية. لكن السياسة، خصوصاً في لبنان، قلّما تتصف بالتضحيات.

دبلوماسية الطوارئ

يبدو أن السعودية في إطار إجراء مراجعة لسياستها تجاه لبنان. صحيح أن بيروت لم تعد أولوية مقابل الملفات الداهمة والخطرة المفروضة عليها في اليمن وسوريا والعراق والبحرين. لكنّ سياسة النأي عن لبنان ليست حديثة في تفكير صانعي القرار في المملكة. هي تعود إلى عهد الراحل وزير الخارجية السابق سعود الفيصل.

هذا ما يعبّر عنه دبلوماسي مخضرم هو المستشار السابق السعودي عبدالله الشمري.

التحليل الوارد في مقدمة المقال قد لا يتوافق كلياً مع قراءته. لكنّ حديثه الصريح مع الميادين نت يفتح أفقاً على زاوية جديدة للرؤية.

يعترف الشمري أولاً بأن السعودية تعرضت لهزيمة بقبولها عون. يقول: "وفق قواعد اللعبة القديمة نعم يمكن القول إن السعودية هزمت، ولكن وفق المنهج الواقعي السياسي يمكن القول إنها هزيمة في شوط المباراة على أمل أن تتعدل النتيجة في الشوط الثاني".

النتيجة واحد- صفر.

يؤكد الدبلوماسي السابق أن الرياض ارتكبت أخطاء في لبنان. مثال على ذلك؟ عدم تنويع سلتها وعلاقاتها مع الأطراف اللبنانية السنية وغير السنية.

يقول إن الحريري كان يزعم في مرحلة معينة إنه رجل السعودية الوحيد في لبنان. لا ينفي الشمري صحة ذلك لكنه يستدرك أن الحريري بالغ في عملية ترسيخ الانتماء هذا.

ويتابع "الوقت الآن لا يسمح بإنتاج حليف آخر غير الحريري لكني أعتقد أن الطرفين، السعودية والحريري، أسسا لقاعدة جديدة من التعامل البراغماتي بينهما". يسميها الشمري "دبلوماسية الطوارئ".

يشير الشمري إلى إعادة تموضع في السياسة الخارجية للسعودية تجاه لبنان. تموضع مبني على نظرة واقعية بدل السياسة العاطفية السابقة. أحد سمات هذه السياسة الجديدة هي الأخذ والرد بدل سياسة الاتجاه الواحد التي كانت سائدة.

أهمية هذا الكلام يأتي كونه يتزامن مع معلومات نشرتها صحيفة السفير اللبنانية. خلاصة هذه المعلومات تحقيقات بدأت تجريها الرياض في ملفات فساد تفوح من سفارتها في بيروت. يرفض الشمري التعليق على مضمونها.

السعودية، بحسب الشمري، لم تكن موافقة على وصول عون. هذا الموقف لم يبلغ حد التصلّب بل كان يحمل في طياته "عدم ممانعة".

لسان حالها للحريري "إذا كنت تتحمل هذه الخطوة فاقدم عليها ونحن نتحمل خفض الأضرار على أمل تعديل الأوضاع بعد تنصيب عون رئيساً والحريري رئيساً للوزراء".

المغامرة الأخيرة

يصف حركة الحريري بـ "المغامرة الأخيرة". يقول "شعوري وليس معلوماتي أن الحريري لم يفعل ذلك إلا بعدما فقد الأمل بالدعم السعودي المباشر، وربما لقناعاته أنه في حال اتبع النصائح السعودية ستبقى المشكلة بلا حل للسنوات المقبلة، مع ما يرافق ذلك من تبعات وخسائر".

استشعر سعد إذاً أن القضية اللبنانية لم تعد أولوية في السياسة الإقليمية والدولية. قام بتحركات تجاه روسيا وتركيا. يقول الشمري "لا أستبعد أنه تلقى نصائح من دول غير المملكة، أعرف أنه سمع من الروس والأتراك أن لا يضع نفسه في خانة المملكة فقط".

وضع الحريري إذاً المملكة أمام الأمر الواقع. الذي يقرأً تطورات العلاقة بين الحريري والسعودية يعرف، بحسب الشمري، أن الأمور لم تكن على ما يرام.

"هناك جملة من الأخطاء التي ارتكبها الحريري سياسياً واقتصادياً جعلت الحكومة السعودية بشكل عام تتراجع عن الاهتمام بلبنان كأولوية كونها معينة بملفات أخرى أكثر أهمية وخطورة مثل الملف اليمني والعلاقة مع أميركا".

لا يدلي الشمري بكلام صريح حول دلالات زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان إلى بيروت بالتزامن مع انتخاب عون. لكن يستنتج مما بين السطور أنها تشير إلى استعجال سعودي في حسم الملف اللبناني. في الوقت نفسه لا تريد الرياض أن يعرف الآخرون أنها كذلك.

هل هناك قطب مخفية؟ وربط للبنان بملفات أخرى؟

ينفي الشمري ذلك بشكل قاطع. "أؤكد أنه لو كان لدى المملكة شيء غير معلن لما كانت أرسلت السبهان. كان يمكن أن ترسل رئيس الاستخبارات بشكل سري أو مندوب أمني في زيارة غير معلنة، لكن إعلان الرياض عن الزيارة دليل على مسألة واضحة".

بالطبع يتنافي هذا الكلام مع تحليل آخر يرى أن زيارة السبهان كان لا بد أن تجري لكي لا تبدو الرياض كمن أصبح خارج اللعبة.

بالنهاية يعبّر الشمري عن تفاؤله حول مستقبل لبنان "على أساس الواقعية السياسية التي بدأت تعتمدها السعودية تجاه علاقتها ببيروت".

يقول "صحيح أن لبنان كان أحد أوجه التعبيرات عن التوتر السعودي الإيراني، إلا أنه يبقى النقطة الأضعف مقارنه بنقاط التوتر الأخرى المشتعلة".

الاثنين، 17 أكتوبر 2016

رجب طيب اردوغان يجمع الوقاحة والكبرياء والإستعلاء والدهاء... طوبى لمن أراد رجلا بهذه الصفات صديقا وناطقا باسمهم

    أكتوبر 17, 2016   No comments
مقدمتنا: رجب طيب اردوغان يجمع الوقاحة والكبرياء والإستعلاء والدهاء... طوبى لمن أراد رجلا بهذه الصفات صديقا وناطقا باسمهم.
_______________________
 
سامي كليب


نشأته مثيلا لما قاله قبل يومين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لنظيره العراقي حيدر العبادي. بلغ الذل العربي مرحلة يستطيع فيها سليل السلطنة العثمانية مخاطبة رئيس وزراء دولة عريقة بحضارتها وتاريخها كالعراق بالقول: «إن صراخك يا سيد عبادي ليس مهمّاً بالنّسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدّك أولاً».. أما الرد العراقي الرسمي فكان أبيخ من أن يُذكر، وذكّرنا بشكاوى العرب ونحيبهم أمام مجلس الأمن ضد إسرائيل.
في الجانب القانوني، ما قاله اردوغان خرق فاضح لسيادة دولة مفترض انها مستقلة (حتى ولو أنها مشرّعة لكثير من الدول الإقليمية والدولية). وفي الجانب الأخلاقي هذه وقاحة. وفي الجانب السياسي والديبلوماسي، فان كلامه لا يدخل مطلقا في أصول المخاطبات. اما في الجانب المذهبي، فهذا جوهر الكارثة التي تحرق الوطن العربي من رأسه حتى أخمص قدميه. يريد اردوغان بكل بساطة ان يقول للعبادي، لن اسمح لك بان تُسكن الحشد الشعبي (ذا الغالبية الشيعية) مكان سنة الموصل. ليس في الأمر اذاً محاولة ابداء الحرص على السنة العرب والتركمان والكرد فقط وإنما فيه شيء من أحلام التاريخ حيث كانت الموصل جزءا من السلطنة العثمانية. هنا لا شك أن اردوغان يدغدغ مشاعر قسم لا بأس به من العراقيين تماما كما كان حاله في سوريا ومصر وغيرهما، فثمة من يرى فيه حاميا للسنة مقابل حماية ايران للشيعة. وهذه مصيبة. فكيف لا يسأل اردوغان: «هل يمكن تفريق غازي عنتاب عن حلب، وسيرت عن الموصل..؟».
العقل الاردوغاني لن يتغير. لنعد قليلا الى جوهر موقفه مثلا حيال سوريا. يقول:
يسألوننا عن أسباب انشغالنا بسوريا. الجواب بسيط للغاية، لأننا بلد تأسس على بقية الدولة العليَّة العثمانية. نحن أحفاد السلاجقة. نحن أحفاد العثمانيين.
هذا ما قاله مرارا أيضا احمد داوود اوغلو رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب العدالة والتنمية سابقا ومنظّر السياسة الخارجية التي اختصرها في كتابه المهم «العمق الاستراتيجي». قال اوغلو قبل ان يُلقي عليه اردوغان كل مصائبه ويُبعده:
إن «شرقًا أوسط جديدًا يولد في المنطقة، وفكر هذا الشرق الجديد سترسمه تركيا التي ستقوده إلى التغيير».
وها هو اردوغان يقول في نهاية الشهر الماضي إن معاهدة لوزان لعام ١٩٢٠ هزيمة وليست نصرا. ما يعني ان الرجل مهجوس فعلا بإعادة مناطق عربية او يونانية وغيرها الى السلطنة الجديدة. يبدو ان ضم أراضٍ جديدة هو شروط أساسية لترسيخ عهد أي سلطان، تماما كما ان التواجد في واحدة من المدن الثلاث بغداد ودمشق ومكة هو شرط لترسيخ أي خلافة عبر التاريخ.
اصطدم المشروع التركي بالانقلاب العسكري المصري على الاخوان المسلمين واطاحتهم من الحكم. واصطدم بصمود الجيش السوري ودخول «حزب الله» وإيران ثم روسيا على خط الحرب. واصطدم بخذلان حلفائه في الأطلسي وبتحول الحرب السورية الى ساحة صراع روسي أميركي. وأخيرا شعر بأن الفخ الكردي في الشمال السوري أكبر من أن يتحمل استمرار السياسة التركية على حالها. طوى الصفحة وذهب لعند الرئيس فلاديمير بوتين يطلب العون، ووجد روسيا أيضا بحاجة اليه في ملفات أمنية وسياسية واقتصادية ونفطية كثيرة.
لم يتخَلَّ أردوغان عن أحلامه في سوريا وحلب. لا يزال يجاهر بموقفه المطالب برحيل الرئيس الأسد، ولا يزال يراهن على تغيير بعض قواعد اللعبة عبر جمع مجموعات مسلحة في اطار واحد بالتنسيق مع بعض الدول الخليجية خصوصا في الريف الحلبي. لكنه مضطر لتغيير بعض الاتجاهات موقتا بسبب التقارب مع روسيا والهم الكردي. لا بد إذاً من مكان آخر وساحة أفضل في المرحلة الحالية. لعله يجد في العراق خير الساحات. علاقته بكرد الشمال ممتازة سياسة وأمناً ونفطاً، خصوصا مع مسعود برزاني. هو قادر على اختراق الأراضي العراقية لضرب حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا يقدم نفسه مجددا كقائد سني يغري جزءا من العرب بشعاره حماية سنة الموصل ومنع ايران من توسيع دورها. ألم يكن لافتا انه بعد تحقيره العبادي، سارع مجلس التعاون الخليجي لفرش السجاد الأحمر لوزير الخارجية التركي؟
قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم قبل أيام: «لا تَمَسّوا سكان الموصل الأصليين. ان الموصل للموصليين. يجب عدم تغيير ديمغرافية الموصل عبر جلب مدنيين من خارجها وتوطينهم فيها». كذلك فعل اردوغان بحديثه عن سبب بقاء جيشه في «بعشيقة»، مشيرا الى الحرص على «السنة العرب والسنة التركمان والسنة الأكراد».
قد يفهم المرء ان الرئيس التركي يريد وقف التقدم الشيعي الايراني في العراق. فبعض المتطرفين الايرانيين عبّروا هم أيضا عن أحلام توسعية حين صار بعضهم يتحدث عن السيطرة على ٤ عواصم عربية وغير ذلك من الكلام الاستعلائي. لكن هل في الأمر فعلا حرص على السنة ضد «تمدد» شيعة ايران وشيعة العراق عبر الحشد الشعبي وغيره؟ اذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا الصراع السياسي المرير بين تركيا اردوغان ومصر عبد الفتاح السيسي منذ اطاحة الاخوان؟ وماذا فعل الموقف التركي فعليا للسنة في غزة المحاصرة والمدمّرة غير الكلام؟ لا بل ماذا فعل حين حوصرت وسحقت وقتلت مناطق سنية بكاملها في سوريا والعراق وليبيا وغيرها؟
الواضح ان الهدف التركي لا يختلف عن الهدف الاميركي ـ الخليجي في الموصل. يراد قطع الطريق على أي صلة وصل بين إيران وسوريا عبر العراق، كما يراد دفع مسلحي «داعش» وغيرهم من الأراضي العراقية صوب سوريا لاستكمال استنزاف روسيا وايران والجيش السوري و«حزب الله». ويراد كذلك إعادة رسم التوازنات المذهبية في العراق حتى لو رسخ ذلك احتمالات التقسيم التي تخدم إسرائيل قبل غيرها.
لكن هل يُلام فعلا اردوغان، ام يُلام قادة هذا النظام العربي المترنح في فِخَاخِ الفتن والاقتتال وأوهام الانتصارت على بعضهم البعض. فماذا فعلوا هم لغزة او اليمن او سوريا او ليبيا او حتى للصومال الجائع؟
لنتذكّر قليلا: قبل ساعات من غزو أميركا وبريطانيا للعراق وإعدام الرئيس صدام حسين، جرى الحوار التالي بين غوندوليسا رايس والأمير بندر بن سلطان، نقله حرفيا الكاتب الأميركي الشهير بوب ودوورد في كتابه «خطة الهجوم»:
قالت رايس وهي الصريحة والمرحة عادة (على حد تعبير ودوورد): «احبس أنفاسك، إننا مقتحمون، لا أحد يعرف ما سيحدث في نحو ٤٥ دقيقة، كيف سيتغير العالم».
سأل بندر: «أين هو الرئيس؟».
رايس: إنه يتناول طعام العشاء في هذا الوقت بالذات مع السيدة الأولى، وبعد العشاء قرر أنه راغب في أن يكون وحده».
بندر: «قولي له إنه سيكون في دعائنا وقلوبنا، فليباركنا الله جميعا»؛ أي ليباركه الله في المشاركة بتدمير واحد من أعرق وأكبر الدول العربية. ممتاز.
ثم اتصل الأمير بندر بولي العهد السعودي الأمير عبدالله، قائلا بالشيفرة حول قرب وقوع الغزو: «تقول النشرة الجوية الليلة إن مطرا غزيرا سيهطل على الروضة».
رد ولي العهد: «يا إلهي، سمعتك، سمعتك، هل أنت متأكد؟»
الأمير بندر: «نعم انا متأكد جدا، إن لدى الأميركيين قدرات عظيمة، أقماراً صناعية ومما اليها للتنبؤ بأحوال الجو».
من فعل هذا بشعبه، تخيل ما يمكن ان يفعله بالآخرين؟

لم تكن السعودية وحدها راغبة بتدمير نظام صدام حسين الذي ارتكب حماقة احتلال الكويت وهدد وتوعد دولا خليجية بعد انتهاء الحرب مع ايران. كانت أنظمة عربية كثيرة تريد ذلك وتعمل على ذلك وتساهم في ذلك. يجب ان نعترف بانه لولا التآمر العربي لما أعدم صدام (وبقي مرفوع الرأس في لحظة الإعدام)، ولولا التآمر العربي لما دُمِّر العراق ولما قُتل القذافي ودمرت ليبيا. ولولا التآمر العربي لما استشهد ياسر عرفات بطلا بالسم الإسرائيلي بعدما ساهم العرب ووهم السلام في عزله بمقاطعة العز في فلسطين، ولولا التآمر العربي لما غرقت سوريا وليبيا بالتدمير الممنهج بغض النظر عن أخطاء هذا الطرف او ذاك.
لا يلام اردوغان إذاً على طموحه بعد ان ساهم العرب بقتل بعضهم البعض. نكاد نقول اذاً: «برافو على اردوغان». هو يحاول إعادة المجد الى دولته. حقه ان يحلم ويعمل لحلمه. نقول أيضا إن إيران لا تلام على توسيع دورها، حقها ان توسّعه طالما ان العرب قرروا إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بالذل. اما الذي يُلام فهو هذا النظام العربي المهترئ الذي شرّع الأبواب لكل الغزاة. فكيف لا يقول رئيسٌ تركي لرئيس حكومة إحدى كبرى الدول العربية: «إلزم حدودك». هو يدرك انه من خلاله يقول لكل عربي: «إلزم حدودك» بغض النظر عما إذا كان هذا العربي شيعيا او سنيا او مسيحيا... انه من فتح كل الأبواب وشرعها لكل غازٍ وحالم.
يبدو بعد مرحلة تدمير الدول المركزية، ومن خلال الاشتباك التركي العراقي و«التلطيشات» التركية لإيران والادبيات الإسرائيلية الأخيرة، أن ثمة وقتا قد حان ربما لرسم خرائط ما بعد الدمار. يريد التركي ان يكون له نصيب ان لم يكن في سوريا فلا بأس في العراق.

متى يصحو العرب؟ او على الأقل: متى يوقفون التآمر على بعضهم البعض؟

الخميس، 6 أكتوبر 2016

اصداء الربيع العربي... بعد الإخوان... هل بدأ منظري القاعدة مراجعات فكرية ومنهجية؟

    أكتوبر 06, 2016   No comments
عبدالله ابن محمد:
 «القاعدة» ضائعة.... واندماج فصائل سوريا واجب وقريبا


نور أيوب
 
يأسف المنظّر «الجهادي» عبدالله بن محمد، لحال «القاعدة» الحالي. يصفه بـ«الضياع الاستراتيجي»، داعياً «التيار الجهادي» إلى الذوبان في مجتمعاته المحلية، كاندماج الفصائل المسلحة في سوريا في كيانٍ واحد

تنفّس «الجهاديون» الصعداء حين هبّت رياح «الربيع العربي» عام 2011. وجدوا في كرة اللهب المتدحرجة فرصةً ليحرقوا فيها خانقيهم، أملاً بالعودة إلى «الزمن الجميل»، وفرصةً لتكرار «الجهاد الأفغاني»، وصولاً إلى إعلان «الدولة الإسلامية».

دفعت هذه العوامل بمنظري التيار «السلفي الجهادي» إلى مشاركة طروحاتهم مع الملأ، خصوصاً أن آخرها كانت «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية»، لأبي مصعب السوري، عام 2004.
بعد سبع سنوات، عاد أحدهم ليقدّم رؤيته لـ«الجهاد العالمي». طرح عبدالله بن محمد «المذكرة الاستراتيجية». ارتكز يومها إلى «استراتيجية التحرك في نظرية الذراعين». أي التحرّك العسكري في أرض الشام، وآخرَ في أرض اليمن لاحتواء أرض الحرمين (المملكة العربية السعودية)، استكمالاً لمشروع «الجهاد العالمي»، وتحقيق قيام «الدولة الإسلامية».
يرى اليوم المنظّر «الجهادي» أن «مشروع القاعدة غيرُ قابل للحياة في سوريا، أو في أي بلد آخر»، ويصف أن حالة من «الضياع الاستراتيجي» يعيشها أبناء أسامة بن لادن، خصوصاً بعد دعوة زعيم التنظيم، الشيخ أيمن الظواهري، أنصاره إلى «الثورة في بلاد الحرمين» (المملكة السعودية).
يعلّل ذلك أن «أصل القاعدة هو منظمة عسكرية - فكرية تعمل لحشد الأمّة ضد العدوان الأميركي على العالم الإسلامي»، مشيراً أن «تخليها عن هذا الدور، ودخولها ميدان العمل الداخلي في الدول الإسلامية بدلاً عن الاستمرار في استهداف أميركا، أحدث الاضطراب والفوضى في داخلها». وهو ما ألزم التنظيم، بنشر خطب حمزة بن لادن، نجل زعيم التنظيم السابق أسامة، كـ«محاولة للعودة إلى الدور الأساسي في مواجهة أميركا».
فعمل التنظيم لا يصلح داخل المجتمعات العراقية، واليمنية، والسورية، والصومالية في ظل وجود «الهيمنة الغربية، لأن تلك المجتمعات ستدفع ثمن وجود القاعدة بالحصار والقصف، ومن ثم تحدث المصادمة بين القاعدة والمجتمع».

مشروع «القاعدة» غيرُ قابلٍ للحياة في سوريا أو في أي بلد آخر

يلمّح ابن محمد، في حديثه إلى «الأخبار» إلى وجوب «ذوبان القاعدة في الطيف الجهادي مع بقية التيار الإسلامي والشعبي»، ليتمكّن المجتمع من «اتخاذ قراره في وجه التدخلات الخارجية... ولا يسمح للغرب باستخدام ذريعة القاعدة لتفريقه عنها». وهي إشارة منه إلى سبب إعلان «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة) الانفكاك عن «القاعدة» الأم، باعتباره «درساً لبقية الفروع الداخلية في المنطقة».
إذاً، كان إعلان انفكاك ضرورةً ملحّة لـ«فتح الشام»، خصوصاً أن التقديم النظري كان قد طرحه ابن محمد في نظريته «حرب العصابات السياسية». فالنظرية «قدّمت رؤية واقعية للدور الذي يمكن أن تلعبه الفصائل الجهادية في الساحة السياسية في ظل الواقع المعاصر، ولا تختص بساحة معينة، وإنما تخضع لاعتبارات وظروف كل دولة»، يقول. وتصيغ نظرية ابن محمد الإطار العام للفصائل العاملة في سوريا فـ«لا تقود للمصالحة مع النظام السوري، إنما يسهّل عملية الاندماج مع مكونات الثورة المتنوعة... وبالتالي تكون الفصائل جزءاً من العملية السياسية دون الوقوع في الفخاخ»، لافتاً إلى أنها «مفتاح للعمل السياسي، وليست برنامجاً سياسياً». وبالاستناد إلى ذلك، يرسم المنظّر المرحلة التالية بالقول إن «البرنامج يضعه الجسم السياسي المنبثق عن ذلك، وبمجرد وجود هذا الجسم الجامع سيتوفر بديل مقبول دولياً للنظام في حالة سقوطه، أو يتوفر طرف مقابل يمثّل الثورة، ويملك قراره في حالة الوصول لاتفاق وسط ينهي الحرب كما حدث في البلقان».
تمهيد الاندماج أمرٌ طرحه ابن محمد، ولكن بلغته الخاصة. يرى، اليوم، في خطوة الاستقلال عن «القاعدة» الأم، و«سورنة» «فتح الشام» مقّدمة لذلك و«خطوة موفقة للغاية»، وهو أمر انعكس على «موقف الجيش الحر الأخير ورفضه بند الهدنة الروسية - الأميركية الخاص باستهداف جبهة فتح الشام»، واضعاً ذلك في إطار «مسار جديد للجبهة سيثمر عن زيادة التنسيق مع بقية الفصائل، وسينعكس على وحدة القرار العسكري ومن ثم السياسي، وستكون له آثار إيجابية».
يؤكّد أن الأمر «ضرورة يدركها الجميع»، لافتاً إلى أن «المسافة بدأت تقترب بين مختلف أطياف الثورة». يمتدح هنا القاضي العام لـ«جيش الفتح» الشيخ السعودي عبدالله المحيسني، مثنياً على تطوّر شخصيته و«أياديه الطيبة»، رغم أخطائه السياسية، في الوقت نفسه. ويضيف «من مميزات دوره أنّه مستقل... لم ينضوي تنظيمياً تحت أي جماعة، فضلاً عن أن يكون مشروعاً سعودياً أو تركياً أو قطرياً كما يروج البعض».
في المحصلة، يرى صاحب «المذكرة» أن مسار الاندماج سيقود «لاندماج أكثر مع الثقافة التي أنضجتها الثورة، وهي تفهم الآخر والتعايش معه، عقب هدم الكثير من الحواجز الفكرية بين تيارات الإسلاميين».

___________


المذكرة الإستراتيجية



استراتيجية التمكين لأنصار شريعة رب العالمين 


_____________

الأحد، 25 سبتمبر 2016

المراجعات: رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس″ يبدأ، للمرة الأولى، سلسلة من المراجعات "”النقد الذاتي"

    سبتمبر 25, 2016   No comments
عبد الباري عطوان

بعد فك حركة “النهضة” التونسية ارتباطها بحركة “الاخوان المسلمين”، وتأكيد السيد عبد الاله بنكيران، رئيس الوزراء المغربي، ان “حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي اليه ويتزعمه ليس “اخوانيا”، ها هو السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس″ يبدأ، للمرة الأولى، سلسلة من المراجعات و”النقد الذاتي”، ولكنها لم تصل الى درجة اعلان البراءة من “الاخوان”، ربما لأنه سيصبح قريبا رئيسا سابقا لحركته، ولا يريد قطع الجسور معهم أولا، ولحفاظه على علاقات مع بعض المنظمات الإسلامية، مثل هيئة كبار العلماء المسلمين التي يتزعمها الشيخ يوسف القرضاوي.
السيد خالد مشعل فاجأ المشاركين في ندوة نظمها مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة يوم أمس (السبت)، تحت عنوان “التحولات في الحركات الإسلامية”، عندما طرح العديد من الاعترافات غير المسبوقة من قبله، او من حركة “حماس″، نوجزها في النقاط التالية، قبل ان نعرج عليها بالتعليق والتمحيص:

    الأولى: التأكيد بأن حركة “حماس″ أخطأت عندما استسهلت حكم قطاع غزة بمفردها بعد حدوث الانقسام الفلسطيني مع حركة “فتح”، وعقب فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006.
    الثانية: قوله “اخطأنا عندما ظننا ان زمن “فتح” انتهى، وزمن “حماس″ بدأ، وفتح أخطأت عندما ارادت اقصاءنا”.
    الثالثة: اشارته الى ان هناك خطأين ارتكبهما الإسلاميون خلال وقت الثورات: الأول عندما بالغوا في تقدير الموقف وقلة الخبرة، وغياب المعلومة الدقيقة، والثاني الخلل والنقص في التعامل مع شركاء الوطن.
    الرابعة: التأكيد على عدم التدخل في الصراعات في المنطقة، فنحن مع الشعوب، ومع استقرار الامة أيضا.. نجتهد في إدارة علاقاتنا السياسية مع دول المنطقة، استنادا لمصالحنا وضروراتها كحركة تحرير ومقاومة، وإذا تعارضت المصالح ننحاز الى مبادئنا.

***
عدم رغبة السيد مشعل للترشح لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، التي كانت من ابرز عناوين مداخلته، تعود الى امرين: الأول، ان الحركة قررت ان تتمسك بنظامها الأساسي في عدم التجديد لرئيس مكتبها أكثر من دورتين، والسيد مشعل استنفذ الدورتين، اما الثاني، فرغبة السيد مشعل الشخصية في ترك هذا المنصب لأسباب عديدة لا نريد سردها، ولكن للتاريخ نقول بأنه وعندما التقيته على هامش آخر مؤتمر لحزب العدالة والتنمية برئاسة السيد رجب طيب أروغان، الذي انعقد في انقرة أواخر عام 2012، اكد انه لن يترشح في انتخابات الحركة في ذلك العام، ولولا تدخل الرئيس المصري في حينها محمد مرسي، والشيخ القرضاوي وآخرين، لما تراجع عن هذا الموقف.
اما بالنسبة الى اعترافه الأهم فلسطينيا، بأن الحركة “استسهلت” حكم قطاع غزة، فإن هذا الاعتراف يتطلب خطوات تصحيحيه، أبرزها ان “حماس″ لم تتعمد اقصاء حركة “فتح” او العكس، وانما معظم الفصائل الأخرى، وفئة المستقلين أيضا، وهم الأغلبية في الساحة الفلسطينية، وتعمدت، مثل معظم الفصائل الإسلامية الأخرى، التعاطي فقط مع الإسلاميين، ولم تؤمن بالشراكة مطلقا، والدليل ان معظم المشاركين في الندوة المذكورة كانوا منهم، أي انه لم يتغير الكثير، وكان المأمول ان يقدم السيد مشعل هذه المراجعات المهمة في ندوة موسعة، ومن كل الوان الطيف، ليكون هناك مجال لنقاش أوسع.
ولعل السيد مشعل وضع اصبعه على الجرح، عندما طالب الإسلاميين باحترام نقد الآخرين لهم، فمن المؤلم انهم، أي الإسلاميين، وفي ذروة حالة الغرور التي اصابتهم، وحكمت سياساتهم ومواقفهم اثناء بروز نجمهم في الثورات العربية واكتساحهم لصناديق الاقتراع، اقصوا أي لون آخر من الوان الطيف السياسي والعقائدي، بما في ذلك أبناء جلدتهم، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي والإخواني السابق احد الأمثلة، والقائمة طويلة.
صحيح ان السيد مشعل رد هذا الخطأ الى “المبالغة في تقدير الموقف”، واردفه بـ”قلة الخبرة وغياب المعلومة والخلل في التعامل مع شركاء الوطن”، وهذا كله صحيح، ولكن هذا تبرير غير دقيق، لان مبدأ الشراكة غائب في الأساس عن ادبيات الحركات الإسلامية “المعتدلة”، ناهيك عن المتطرفة منها.
لا شك ان قلة الخبرة، وغياب المعلومة الدقيقة اديا الى حدوث أخطاء، ولكن لا يحتاج الامر اليهما عندما يتعلق الامر باتخاذ قرارات استراتيجية بديهية، مثل اصدار فتاوى التكفير في حق زعماء عرب لمصلحة التدخلات الأجنبية العسكرية، او اعلان الجهاد في سورية، واغلاق سفاراتها في القاهرة، والإبقاء على السفارة الاسرائيلية، وكنت أتمنى لو ان السيد مشعل تطرق الى هذه المسألة في مراجعاته الجريئة.
حركة “حماس″ في رأينا تعرضت للتضليل المتعمد في بداية الثورات العربية، من خلال تزويدها بالتقديرات الخطأ، ولتوظيفها في خدمة اجندات تتعارض مع مبادئها وقيمها وكونها حركة تحرير لها مكانة بارزة في اذهان مئات الملايين من العرب والمسلمين، وحققت إنجازات تاريخية في تصديها لعدوانين إسرائيليين في أربع سنوات، وتنفيذ العشرات من العمليات الفدائية التي اوجعت الاحتلال واصابته في مقتل، والسيد مشعل يعرف اننا نعرف الكثير في هذا المضمار، وربما تكون لنا عودة بتفاصيل اكثر في المستقبل، ورواية الجانب الآخر من فصول التاريخ.
السيد مشعل استخدم تعبيرا له أكثر من معنى عندما قال “نجتهد في إدارة علاقاتنا السياسية مع دول المنطقة استنادا الى مصالحنا وضروراتها كحركة تحرير ومقاومة، وإذا تعارضت المصالح ننحاز الى مبادئنا”، وهذا كلام مهم، ولكن بعض اجتهادات حركة حماس وقيادتها كانت خاطئة وفي غير محلها، وابرزها التخندق الطائفي وبطريقة تنطوي على الكثير من الاستفزازية، ودون أي داع، فلماذا يدين علماء الحركة مثلا مؤتمر غروزني انحيازا للسعودية التي أبعدت عنه، وشاركت فيه مصر بأربعة من اكبر علمائها ودول عربية أخرى عديدة، مثل المغرب والجزائر واليمن والأردن والعراق وسورية ودول اسلامية؟ ولماذا لم تقف على الحياد، والشيء نفسه يقال عن وقوفها في خندق في مواجهة خندق آخر في حرب اليمن؟
***
نقطة أخيرة نتوقف عندها في مراجعات السيد مشعل، وهي قوله “ما لدينا من سلاح هو اضعاف ما كنا نملكه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة رغم اننا محاصرون”، وهذا كلام جميل يثلج الصدر، ويرفع الرأس عاليا، ولكن من حقنا ان نسأل السيد مشعل عن مصدر هذا السلاح، والتكنولوجيا العسكرية التي انتجت معظمه؟ هل قدمت الدول التي وقفت حركة “حماس″ وتقف في خندقها حاليا، رصاصة واحدة اليها، حتى ولو لبندقية صيد العصافير؟
نشكر السيد مشعل الذي أتاح لنا الفرصة من خلال مراجعاته ونقده الذاتي الجريء والشجاع لقول كل ما تقدم بكل صراحة ووضوح، ونأمل ان نشاهد في الايام المقبلة، وربما على ايدي قيادة حركة “حماس″ الجديدة القادمة ترجمات عملية لكل هذه المراجعات، واولها ان تطبق الحركة مبدأ الشراكة، والانفتاح على الآخر، وفق الثوابت السياسية الفلسطينية، ووضع قضية فلسطين فوق كل التقسيمات والفتن الطائفية، فهي قضية عربية وإسلامية وعالمية أيضا.





_________________


 "ندوة "التحولات في الحركات الإسلامية

  اليوم الاول


______________________

اليوم الثاني





___________________

السبت، 24 سبتمبر 2016

انشقاقات «النصرة» و«الأحرار»: الداعمون يمهّدون لمشهد «جهادي» جديد 

    سبتمبر 24, 2016   No comments
فتوى أحرار الشام
صهيب عنجريني

يتجاوز ما شهدته المجموعات المسلّحة أخيراً من انشقاقات وانقسامات دائرة الأحداث العابرة. في الجوهر، تنبع التموضعات الجديدة من عوامل أكبر من مجرّد خلافات «شرعيّة» حول جواز القتال تحت رايات أجنبيّة.

وعلى الرغم من أنّ التغيّرات المتتالية توحي (ظاهريّاً) بأنّها ناجمةٌ عن أسباب متباينة ترتبط بالمجريات داخل كل مجموعة بذاتها، لكنّها في الواقع نتاجٌ لعمل ممنهج يهدف إلى فصل المجموعات عموماً إلى صنفين اثنين: أوّلهما «صعب الترويض» ويُشكّل «الجهاديون المهاجرون (غير السوريين)» عموده الفقري، فضلاً عن نسبةٍ من «الجهاديين الأنصار (السوريين)» المتمسّكين في الدرجة الأولى بانتماءاتهم «الأيديولوجيّة». أما الصّنف الثاني، فيضم المجموعات القابلة للانقياد بسهولة، وتحوي هذه أعداداً كبيرةً من المقاتلين الذين سبق أن اجتذبتهم مجموعات شتّى اعتماداً على أموال «الداعمين»، من دون أن تدخل التوجهات «الأيديولوجيّة» للمجموعات في حسابات أولئك المقاتلين. حركة الانقسامات طاولت حتى الآن بنحو أساسي اثنتين من أكبر المجموعات المقاتلة في سوريا («جبهة فتح الشام/ النصرة» و«حركة أحرار الشام»). الاعتقاد بأنّها (الانقسامات) جاءت مفاجئة لقيادات المجموعتين أو داعميهما، لا يبدو خياراً صائباً. وعلى العكس من ذلك، يمكن القول إنّها كانت مُتوقّعةً لدى «القادة» ومُنتظَرةً لدى الداعمين الذين يسعى بعضهم إلى تسريع وتيرة هذه المتغيّرات، تمهيداً لما بعدها. عوامل عدّة أسهمت في تزايد الانقسامات، على رأسها التجاذب الإقليمي. كذلك، بدأت تأثيرات «فك الارتباط»، والسعي إلى «اندماج الفصائل» في الارتداد سلباً.

«فتح الشام/ النصرة»

إذا كانت خطوة «فك الارتباط» قد مرّت بهدوء أوّل الأمر، فلأنّ زعيم «النصرة» أبو محمّد الجولاني، كان قد أفلح في المرحلة الأولى في الإيحاء إلى معظم «كتائب المهاجرين» أنّ الخطوة ليست سوى إجراء شكلي، ولن تؤثّر في «ثوابت الجهاد» ولا في وضع «الجهاديين» الأجانب. إلا أنّ تأثير «الداعمين» سرعان ما أثبت تفوّقه على تأثير الجولاني، ولا سيّما أنّ لكل اللاعبين الخارجيين المؤثرين داخل المجموعات مصلحةً في دوران حركة الانقسامات. المفارقة أنّ دوافع الداعمين متباينة، غير أنّ أهدافهم تصبّ في خانة واحدة.
فتوى النصرة|فتح الشام

يرى الأتراك والأميركيّون ضرورة «تنقية النصرة» من العناصر التي تُقدّم الانتماء «العقائدي» على ما سواه، تمهيداً لتسيير «فتح الشّام» بنحو كليّ. بينما يرى الأردنيّون والسعوديون في الأمر فرصة لاستعادة جزء من التأثير المفقود، عبر إعادة تقوية مجموعات خالصة الصبغة «الجهاديّة» يمكن التأثير في قراراتها بواسطة المرجعيّات «الجهاديّة» التي تحتفظ عمّان بعلاقات «طيبة» مع معظمها. الأمر الذي ينطبق على الرياض، ولكن بدرجة أقل، ما يجعلها مضطرّة إلى الاستعانة بسلفيي الكويت في هذا السّياق. ورغم أن القطريين يبدون في ظاهر الأمر بعيدين عن هذا الصراع على النفوذ، غيرَ أنّهم ما زالوا حاضرين عبر اللعب على وترين متناقضين: أوّلهما من خلال الواجهة التركيّة، ويضمن للدوحة «إصبعاً» داخل المجموعات البعيدة عن «القاعدة»، وثانيهما يعتمد على العلاقة المباشرة ببعض قيادات «القاعدة» و«النصرة». ويعتمد القطريون في كلتا الحالتين على الدعم المالي المقدّم لمعظم المجموعات بمختلف مشاربها، ما يضمن قدراً لا يُستهان به من النفوذ الخفي. وجود الجولاني على رأس «فتح الشام» ما زال (حتى الآن) يلعب دوراً في تماسك «الجبهة» والتقليل من الانقسامات قدر الممكن، ويحافظ أبو محمّد على تواصل مستمر مع قيادات «القاعدة» ومرجعياتها بغية الحد من «النزف الجهادي» في صفوف جبهته. كذلك يستنفر جهود أمنييه و«شرعييه» للهدف ذاته، وجاءت «الفتوى» الأخيرة التي تُحرّم القتال تحت راية أنقرة في إطار هذه الجهود.

«أحرار الشام»

حتى مطلع عام 2015، لم يكن الحال داخل «حركة أحرار الشام الإسلامية» ليختلف كثيراً عن نظيرتها «فتح الشّام». الاختلاف الأساسي بين المجموعتين نابع من عدم مجاهرة مؤسس «الأحرار» حسان عبّود (أبو عبد الله الحموي) بـ«البيعة» التي كان يدين بها لزعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري. لكنّ وجود تيارين داخل «الأحرار» كان حاضراً بنحو فعلي منذ عام 2013، وهما تياران يتجاذبهما ولاءان «عقائديّان» أساسيّان: الأوّل لـ«القاعدة»، والثاني لـ«جماعة الإخوان المسلمين». كذلك انقسم الولاء السياسي داخل «الحركة» بين الرياض وأنقرة. نجح عبّود في الحفاظ على توازن دقيق داخل «الحركة» مع تغليب غير معلن للتيار «القاعدي»، قبل أن تطيحَه ومعظم قادة الصف الأول حادثة الاستهداف الشهيرة في أيلول 2014 (راجع «الأخبار»، العدد 2390 والعدد 2397). مهّدت التصفية (التي جرت بجهود تركيّة) لسيطرة أنقرة على مفاصل القرار داخل «الحركة» بدءاً من عام 2015. أخذت «أحرار الشام» بعدها بالعمل وفق منهج يشابه النهج «الإخواني» ليلمع نجم جناحها السياسي، لكنّ قسماً لا بأس به من كوادر «الحركة» ظلّ وفيّاً لانتمائه «القاعدي» ولـ«إرث حسّان عبّود». أفلح هؤلاء في تشكيل «لوبيات» مؤثّرة في القرار الميداني إلى حدّ ما. شهدت «الحركة» في آب الماضي مجاهرة أحمد عيسى الشيخ قائد «ألوية صقور الشّام» بالانفصال عنها، و«صقور الشام» واحدة من أولى المجموعات التي استقبلت «مجاهدين» أجانب في صفوفها. كذلك، كانت «أحرار الشّام» قبل أيام على موعد مع انشقاق «شرعيّين» مصريين اثنين، هما أبو شعيب وأبو اليقظان. ثمّة حديث متزايد في كواليس «الجهاديين» عن ارتباط المذكورَين بحزب النور السلفي المصري، وكانا من بين أشد المعارضين لـ«فتوى» إباحة القتال تحت راية الأتراك. مهّد انشقاقهما لانشقاق مجموعة تُعرّف عن نفسها باسم «كتيبة مجاهدي أشدّاء».

«جبهة أنصار الدين»

من المتوقّع أن تسعى «أشدّاء» للانضمام إلى «فتح الشام». لكنّ موقف «الجبهة» من خطوة كهذه لا يزال غير واضح، ويقول مصدر من داخلها لـ«الأخبار» إنّ «ضم منشقين عن أحرار الشام سيكون خطأً فادحاً، لأنّه سيؤزّم الموقف مع الإخوة فيها». وربّما لجأت «فتح الشام» في سبيل إنقاذ الموقف إلى حل وسط، يقوم على التنسيق مع «أشدّاء» من دون انضمامها رسميّاً، أو على ضمّها إلى مجموعة محسوبة على «الجبهة» بنحو غير رسمي مثل «جبهة أنصار الدّين» بغية ترميمها. وكانت الأخيرة قد «بايعت» الجولاني بوصفه ممثلاً لـ«تنظيم القاعدة في بلاد الشّام» («الأخبار»، العدد 2704). وإبّان «فك الارتباط»، ظهر تياران داخل «أنصار الدين» يسعى الأوّل إلى ضبط الأمور وعدم المجاهرة بالانفصال عن الجولاني والحفاظ على حدّ أعلى من التنسيق معه، فيما يرى الثاني أنّها باتت «في حل من البيعة». تُشكّل «الكتيبة الخضراء» مركز الزّخم الأساس داخل الفريق الثاني، وجاء انشقاقُها أخيراً عن «فتح الشّام» بمثابة انشقاق أيضاً عن «أنصار الدّين». يُعرف عن «الكتيبة الخضراء» منذ تأسيسها غلبة «المهاجرين السعوديين» داخلها. وضمن هذا الإطار يبدو طبيعيّاً انضمامُها إلى تنظيم «جند الأقصى»، نظراً إلى أن الأخير يُعَدّ ثانية أبرز المجموعات المحسوبة على السعوديّة (بعد «جيش الإسلام»). 

مساعٍ سعوديّة لتوسيع «جند الأقصى»

«شخصيّة جهاديّة بارزة» قد باشرت اتصالات مع مجموعة «أشدّاء» بغية استقطابها إلى تنظيم «جند الأقصى» أسوة بـ«الكتيبة الخضراء». ومن شأن هذه الخطوة في حال نجاحها أن تُشكل نواةً لحضور متزايد لـ«الجند» في الشّمال، بعد أن انحسر حضوره وكاد يقتصر على محافظة حماه. وتبدو العودة إلى الشمال بزخمٍ قويّ مطلباً سعوديّاً «حيويّاً». وتشير معلومات «الأخبار» إلى أنّ الشخصيّة «الجهاديّة» المذكورة تجري سلسلة اتصالات مع معظم المجموعات «القاعديّة» للغرض ذاته، ومن تلك المجموعات تبرز «كتيبة التوحيد والجهاد» الطاجيكيّة، و«كتيبة الإمام البخاري» الأوزبكيّة.
_____________

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.