‏إظهار الرسائل ذات التسميات الفكر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الفكر. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 25 سبتمبر 2014

رسالة مفتوحة وجهها 126 عالما ومفكرا واكاديميا اسلاميا من مختلف دول العالم الى ابراهيم عواد البدري الملقب بـ "ابو بكر البغدادي" والى جميع المقاتلين والمنتمين الى ما يسمى تنظيم داعش

    سبتمبر 25, 2014   No comments
https://docs.google.com/a/reasonedcomments.org/viewer?a=v&pid=sites&srcid=cmVhc29uZWRjb21tZW50cy5vcmd8cmVhc29uZWQtY29tbWVudHN8Z3g6Mzg1OTBlNzM2NjEyMDRlNQ

اكد علماء ومفكرون واكاديميون اسلاميون ان الله كتب على نفسه الرحمة لقوله تعالى "كتب ربكم على نفسه الرحمة"، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف "ان الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي"، وبالتالي فلا يجوز المساواة بين السيف والغضب والرحمة، ولا يجوز ان تكون الرحمة منوطة بجملة "بعث بالسيف".

وفي رسالة مفتوحة وجهها 126 عالما ومفكرا واكاديميا اسلاميا من مختلف دول العالم الى ابراهيم عواد البدري الملقب بـ "ابو بكر البغدادي" والى جميع المقاتلين والمنتمين الى ما يسمى تنظيم داعش .اكد وا انه "من المستحيل ان يكون إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم منوطا ببعثه بالسيف لأنه يجعل (خطأ) السيف بمستوى الرحمة الإلهية"، ومؤكدين ان "الجهاد بدون سبب مشروع ليس جهادا بل حرابة وإجرام".

وفصل هؤلاء العلماء رأيهم من خلال 24 محورا، هي: الاصول والتفسير، اللغة، الاستسهال، الاختلاف، فقه الواقع، قتل الأبرياء، قتل الرسل (السفراء)، الجهاد، التكفير، أهل الكتاب، الرق، الإكراه، النساء، الأطفال، الحدود، التعذيب، المُثلة، نسبة الجرائم الى الله تعالى تحت عنوان التواضع، تدمير قبور الأنبياء والصحابة ومقاماتهم، الخروج على الحاكم، الخلافة، الانتماء الى الأوطان، وأخيرا الهجرة.

وشدد هؤلاء العلماء في محور التفسير على "ان جميع ما جاء في القرآن حق، وكل ما في الحديث الصحيح وحي، فلا يجوز ان يترك البعض، وبالتالي يجب التوفيق بين النصوص قدر المستطاع او ان يكون هناك سبب واضح لترجيح امر على امر".

وأضافوا ان "من اهم أركان الاصول فهم اللغة العربية، وهذا يعني فهم علوم اللغة والقواعد والنحو والصرف والبلاغة والشعر وأصل الكلمات والتفسير، وبدون هذه العلوم فإن الخطأ محتمل، بل مؤكد"، مشيرين الى ان إعلان ما سميتموه (الخلافة) كان بعنوان (هذا وعد الله) وقصد صاحب الإعلان "بوعد الله" الآية الكريمة "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر بعد ذلك فأؤلئك هم الفاسقون".

وفي تفنيدهم لهذا الرأي قالوا انه "لا يجوز ان تُحمل آية من آيات القرآن الكريم بشكل خاص على حدث حصل بعد 1400 عام من نزول القرآن، فكيف يقول ابو محمد العدناني بأن وعد الله هو الخلافة المزعومة، فعلى صحة زعمه كان عليه أن يقول (هذا من وعد الله)".

واستشهدوا على خطأ الفكر الداعشي في هذه المسألة بقوله تعالى "عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون"، موضحين ان الاستخلاف يعني "انهم حلوا في الارض بدل قوم آخرين ولم يعن أنهم حكام على نظام معين سياسي".

وبينوا انه لا يجوز ان يؤخذ مقتطف من القرآن بدون فهمه في سياقه الكامل خاصة في مسألة الجهاد، ولذلك كانت قلة قليلة فقط من الصحابة مؤهلة للإفتاء، لقوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، مشيرين الى انه "حينما يوجد اختلاف في الرأي فينبغي الأخذ بالأرحم ولا يشدد، ولا يظن ان الشدة هي معيار التقوى لقوله تعالى "واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم".

ولفتوا الى ان "معظم الناس الذين اسلموا عبر التاريخ اسلموا بالدعوة الحسنة مصداقا لقوله تعالى "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن"، مشيرين الى ان هناك دولا كبيرة اسلمت بدون فتوحات نتيجة الدعوة مثل اندونيسيا وماليزيا وافريقيا الغربية والشرقية.

واكدوا ان كلمة الجهاد مصطلح اسلامي لا يصح ان يستعمل ضد اي مسلم، وهذا اصل وأساس، مشيرين الى ان الجهاد مشروط بإذن الوالدين.

وقالوا ان الجهاد في الاسلام نوعان: الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الاصغر وهو الجهاد ضد العدو، لافتين الى انه ربما يأتي وضع معين على المسلمين لا يُستلزم فيه قتال ولا يجب فيه جهاد، وبالتالي فإن الجهاد بدون سبب مشروع وغاية مشروعة ومن غير اسلوب مشروع ومن دون نية مشروعة ليس جهادا بل حرابة وإجرام.

واشاروا الى شدة حرمة قتل النفس بصفته من اكبر الموبقات لقوله تعالى "من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا".

وأما في مسألة التكفير فقد اجمع هؤلاء العلماء على ان "الأصل في الاسلام ان من قال لا إله الا الله محمد رسول الله لا يجوز تكفيره"، لافتين الى ان التكفير من اخطر المسائل لأن فيه استحلالا لدماء المسلمين وحياتهم وانتهاكا لحرمتهم واموالهم وحقوقهم لقوله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا، فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".

___________

الاثنين، 4 أغسطس 2014

تفكّك «الجبهة الإسلامية» في سوريا: الإعلان عن تحالف جديد من 18 فصيلاً

    أغسطس 04, 2014   No comments
عبد الله سليمان علي  
يدخل المشهد «الجهادي» في سوريا مرحلة جديدة من الفرز وإعادة الهيكلة. وإذا كان عنوان المرحلة السابقة هو الطلاق بين «جبهة النصرة» من جهة وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، فعنوان هذه المرحلة سيكون طلاقا آخر بين «جيش الإسلام» و«أحرار الشام»، ليصل بذلك التحالف الذي حمل اسم «الجبهة الإسلامية» إلى نهايته بعد فقدانه الغطاء الإقليمي لاستمراره.
ويسير «جيش الإسلام»، بقيادة زهران علوش، بخطى حثيثة على طريق إكمال إجراءات الطلاق مع «حركة أحرار الشام الإسلامية» التي اضطر إلى الاقتران بها تحت مظلة «الجبهة الإسلامية»، التي كانت في حينها مطلباً سعودياً، أرادت الرياض من خلاله مواجهة مسار مؤتمر جنيف ومنع اتخاذه منصةً لإعلان الحرب على الإرهاب كما كانت تريد كل من دمشق وروسيا.

http://www.google.com/reviews/polls/display/7754288029976286359/blogger_template/vote?lnkclr=%2355850d&hideq=true&font=normal+normal+13px+Arial,+Tahoma,+Helvetica,+FreeSans,+sans-serif&txtclr=%23333&chrtclr=%2355850dفي ذلك الوقت، أي قبل مؤتمر جنيف، كانت أهم الفصائل المسلحة ـ باستثناء «داعش» و«النصرة» ـ تندرج في إطار جبهتين اثنتين هما «جبهة تحرير سوريا الإسلامية»، التي كان ينتمي إليها «جيش الإسلام» و«ألوية صقور الشام»، و«الجبهة الإسلامية السورية» التي كانت تهيمن عليها «حركة أحرار الشام» وتضم «لواء الحق». ويبدو أن الأمور تسير باتجاه استعادة ذلك الواقع، مع تغييرات تفرضها التطورات الميدانية والتحديات العسكرية المركبة التي تعيشها الساحة السورية.
فلم تمض 24 ساعة على إعلان الاندماج الكامل بين «جيش الإسلام» و«ألوية صقور الشام» حتى تبين أن خطوة الاندماج هذه لم تكن سوى تمهيد لخطوة أشمل، من شأنها توسيع الفجوة بين مكونات «الجبهة الإسلامية» والسير بها على طريق «المفاصلة الثانية» بعد المفاصلة الأولى بين «داعش» و«القاعدة». وتمثلت هذه الخطوة بالإعلان يوم أمس عن ولادة تحالف عسكري جديد ضمّ 18 فصيلاً من أكبر الفصائل الموجودة على الأرض.
والأمر المهم في هذا التحالف الجديد أنه لا يخفي سعيه إلى أن يكون الواجهة الجديدة للنشاط العسكري الموحد في سوريا، وبالتالي الاستيلاء على مسمى «الثورة السورية» والعمل باسمها، رغم أن فصائل كبيرة أخرى غير ممثلة فيه، مثل «أحرار الشام» و«جبهة النصرة».
ونص البند الأول من اتفاق هذه الفصائل على «تشكيل مجلس قيادة الثورة السورية، ليكون الجسم الموحد للثورة السورية». وحدد الاتفاق مهلة 45 يوماً يتم خلالها اختيار قائد للمجلس، وتشكيل المكاتب التابعة له، وخصوصاً المكتب العسكري والقضائي. وسيتوزع تشكيل المجلس الجديد، بحسب الجبهات التي كان يتوزع عليها تشكيل «هيئة أركان الجيش الحر» وهي الجبهة الشمالية، والشرقية والجنوبية، والغربية، والوسطى، بحيث يكون لكل جبهة من هذه الجبهات فرع يقودها، مؤلف من ممثلين عن جميع الفصائل المشاركة في تشكيل «مجلس القيادة».
وأهم الفصائل الموقعة على الاتفاق، هي «جيش الإسلام» و«ألوية صقور الشام» و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم» و«جيش المجاهدين» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«حركة نور الدين الزنكي» و«فيلق الشام» و«لواء الحق» و«هيئة دروع الثورة» وفصائل أخرى غيرها. وإذا كان غياب اسم «جبهة النصرة» عن الاتفاق يبدو طبيعياً، لأنها لم تدخل رسمياً من قبل في أي تحالف عام بين الفصائل، فإن غياب اسم كل من «أحرار الشام» و«لواء التوحيد» يطرح تساؤلات عديدة حول مصير «الجبهة الإسلامية»، اللذين يعتبران من مؤسسيها مع كل من «جيش الإسلام» و«ألوية صقور الشام» و«لواء الحق».
ورغم أن الاتفاق ترك الباب مفتوحاً لانضمام فصائل أخرى إليه، مشيراً بذلك على نحو خاص إلى «أحرار الشام»، إلا أنه من المستبعد أن يحدث ذلك، من دون أن يكون مستحيلاً، لاسيما وأن «أحرار الشام» تعيش تحت ضغط هائل من الاستقطاب والتجاذب بين نهجها ذي الميول «القاعدية»، وبين مقتضيات الميدان وما تفرضه من تحالفات تخالف نهجها، وما يتفرع عن ذلك أحياناً من حالات صراع داخلية بين قيادة الحركة وبين قاعدتها العسكرية.
وقد سبق لـ«أحرار الشام» أن رضخت للضغوط، ووافقت على بعض المواثيق والاتفاقات التي كانت ترفضها من قبل، ومثال ذلك التوقيع على «ميثاق الشرف الثوري» الذي أحدث جدلاً واسعاً، وأثار اتهامات متبادلة مع كل من «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية»، بسبب تلميحه إلى موضوع استبعاد «المهاجرين» من خلال تأكيده على العنصر السوري في العمل الثوري. وأكد مصدر من داخل «أحرار الشام»، لـ«السفير»، أن قيادة الحركة رفضت «ميثاق الشرف الثوري» عندما عرض عليها أول مرة، لأنها اعتبرته يتضمن بنوداً تشكل انحرافاً عن ثوابتها ومخالفةً لمنهجها. لكن الحركة عادت ووافقت على الميثاق من دون أي تعديل، بسبب التطورات الميدانية التي فرضتها حرب الفصائل «الجهادية» ضد بعضها البعض.
وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن «حركة أحرار الشام» لا تنطلق في تحديد موقفها بناءً على التطورات الميدانية فحسب، بل إن عامل التمويل يلعب دوراً كبيراً في تحديد الكثير من مواقفها، لاسيما بعد أن خسرت القسم الأكبر من مواردها المالية، التي كانت تدرها عليها آبار النفط في المنطقة الشرقية أو بعض المعابر الحدودية التي كانت تحتكر إدارتها قبل فقدانها السيطرة عليها، مثل معبر تل أبيض في ريف الرقة. لذلك تجد الحركة نفسها أسيرةً نوعاً ما لمصدر التمويل، المتمثل بتبرعات رجال الأعمال الخليجيين، والذين يسيرون في فلك أجهزة استخبارات بلادهم، وعلى رأسهم السعوديون والكويتيون.
وبذلك يكون زهران علوش قد نجح في حشر «أحرار الشام» في زاوية ضيقة لا تملك فيها الكثير من الخيارات. فإما أن تسير معه في تحالفه الجديد، متخليةً بذلك عن منهجها وثوابتها وما قد يترتب عنه من تزايد حالات الانشقاق عنها، وإما أن ترفض الانضمام إليه مخاطرةً بفقدان جزء آخر من مصادر تمويلها، الأمر الذي سيضعف من فاعليتها على الأرض ويضعها أمام تحديات جديدة.
في كافة الأحوال، وأياً كان قرار «أحرار الشام»، فإن هذه التطورات تعني أن «الجبهة الإسلامية» قد وصلت إلى نقطة النهاية بعد ثمانية أشهر فقط من تأسيسها، وأن الطلاق بين مكوناتها قد يصبغ المرحلة المقبلة بألوان جديدة من الصراعات والمعارك.

السبت، 28 يونيو 2014

مملكة «داعش» الكارثة السعودية... السعودية الكارثة || البغدادي يقترب من تحقيق ثأره من الجولاني ... ماذا يعني اعلان «الخلافة»؟

    يونيو 28, 2014   No comments
مملكة «داعش» الكارثة السعودية... السعودية الكارثة
جان عزيز

مع انتفاضة «داعش» العنفية الدموية من شمال غرب العراق مروراً بسوريا وصولاً إلى قلب لبنان، تحركت الماكينة البروباغاندية السعودية لمعالجة الأضرار الجانبية التي يمكن للتنظيم التكفيري الإرهابي أن يكون قد ألحقها بصورة الدولة العائلية. خطة شاملة وممنهجة وضعت في الرياض، طالبة من ممثلياتها الدبلوماسية في العواصم المعنية، التحرك بسرعة وفاعلية.

الأهداف المعلنة هي إدانة ارتكابات «داعش» أولاً، تأكيد رفض مملكة العائلة السعودية لها ثانياً، العمل ثالثاً بكل الوسائل المتاحة على «تبييض» صورة العائلة ونظامها أياً كان الثمن. مع رصد إمكانات هائلة وضعت بتصرف حملة العلاقات العامة تلك، للتعاون مع صحافيين ووسائل إعلام وأقلام وصفحات ومواقع، وألسن وسياسيين وصانعي رأي عام... دفاعاً عن دولة العائلة.

وفي هذا السياق تشدد الحملة السعودية المضادة، على عدد من العناوين التسويقية لمعركتها الصعبة، خصوصاً في بيروت، وبالأخص بعد انكشاف التابعيات السعودية لعدد من المشتبه بارتكابهم الجرائم الداعشية الإرهابية. عنوان أول عام، هو أن مملكة العائلة تمثل إسلام الاعتدال في مواجهة إسلام الضلال الإرهابي. ثانياً، أن نظام العائلة نفسها كان قد صنف «داعش» تنظيماً إرهابياً منذ آذار الماضي. إضافة إلى سواها من التنظيمات، مثل «جبهة النصرة» و«الإخوان المسلمون» و«حزب الله السعودي» وغيرها. ثالث عناوين بروباغاندا العائلة السعودية، أنه من المرجح أن تكون خلايا الإرهاب الداعشي في بيروت تخطط لاستهداف مصالح العائلة السعودية نفسها، وعلى خلفية هذا التصنيف الإرهابي بالذات. مع تفصيل بليد مكمل لهذا العنوان، يحاول الإيحاء بأن «داعش» وأخواتها باتت متضررة جداً من قرار نظام العائلة المذكور. ذلك أنه حظر على أي سعودي تقديم أي دعم مالي لتلك الحركات. علماً أن هذه الحجة السمجة، تعتبر إدانة للعائلة أكثر مما هي إنجاز لسياساتها في مكافحة الإرهاب. وفي السياق نفسه، يأتي العنوان الأخير الذي تسعى الحملة الدعائية إلى تسويقه، وهو أن أي تحقيق لم يظهر مرة واحدة، منذ بدء الموجات التكفيرية والإرهابية، بأن أياً منها قد نال أي دعم مالي رسمي من العائلة السعودية كنظام دولة. مع ما يعني ذلك من إقرار بقنوات تمويل أخرى، ظلت تعتبر فردية وشخصية ومبادرات تلقائية لا علاقة لدولة العائلة بها.
اللافت في هذه الحملة، أنها تخاطب العقل الغربي، وخصوصاً الأميركي منه، في سطحيته وفي أحادية فكره السياسي. كأنما الفكر التكفيري والإرهابي هو مجرد عبوة، أو عبارة عن مادة «سي 4» وصاعق لا غير. وبالتالي كأنما الإرهاب التكفيري هو مختزل ومقتصر على حفنة البترو ـــ دولار التي اشترت المادة المتفجرة، أو دفعت ثمن الصاعق، أو أمنت بدل أتعاب الأصولي المفجر أو المتفجر. ولذلك نرى الأبحاث الغربية عموماً والأميركية تحديداً، تركز على الجانب التمويلي للإرهاب التكفيري لا غير. منذ 11 أيلول وإجراءات «باتريوت آكت»، وصولاً إلى كل تحقيقات وزارة الخزانة الأميركية، انتهاء بدراسات مراكز الأبحاث. فيما الحقيقة المركزية في مكان آخر.
 
وهي أن الإرهاب لا يبدأ في الذراع التي فجرت. بل في العقل الذي كفّر. وفي هذه النقطة الجوهرية بالذات تظهر المسؤولية الجرمية والجنائية، المعنوية والمادية الكاملة لنظام العائلة السعودية. من مصر إلى لبنان تتضح تلك الكارثة التي خلفتها ذهنية تلك المملكة وسلوكيتها. مصر ولبنان بالذات، لأنهما أبرز نموذجين لحداثة العالم العربي وحضارته وانفتاحه وثقافته وصحافته وتلاقحه مع العالم ومع العصر ومع رفاه الإنسان وحقوقه. فالقاهرة كانت ولا تزال وستظل رائدة العالم العربي وقاطرة فكره وسياسته وثقافته. ومن يشاهد فيلماً سينمائياً لمصر الخمسينات، يسأل نفسه أي كارثة حلت بهذا البلد في غضون نصف قرن، على صعيد حضارته وثقافته وفنونه وكل أنشطة العقل والحياة فيه. يروي الشاهد على كل حياة مصر، علاء الأسواني، أن تلك الكارثة بدأت بعد العام 1973. بعد الحرب وأزمة النفط واضطرار القاهرة إلى أموال الرياض، وسط بهلوانيات السادات ومنهجية النظام السعودي في اختراق الأفكار والعقول. دخل المال السعودي إلى مصر، ودخل معه العقل الوهابي إلى إسلام مصر. وبدأ الانهيار. بعدها جاءت الطامة الكبرى طبعاً، مع تنافس قطر والسعودية على سرعة العودة إلى الخلف وعلى تسارع التخلف. فصارت الكوارث العربية تتوالى بسرعة انقطاع الضوء.
في لبنان، العنوان نفسه، والانهيار نفسه. يروي الكاتب محمد أبي سمرا، في كتابه البحثي الموثق، «طرابلس ساحة الله وميناء الحداثة»، كيف أن النواة الأولى للأصولية هناك بدأت بدعم سعودي وتمويل سعودي وإيعاز ونموذج سعوديين. من جماعة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الوهابية السعودية، إلى «نواة الجيش الإسلامي» في لبنان، أول تسمية مذهبية عنفية دخلت تركيبة الشخصية اللبنانية، مثل فيروس معلوماتي لم يلبث أن شاع وشلع وشنع... حتى أن وزيراً طرابلسياً يروي طرفة أن أحد المتنورين الطرابلسيين ترشح قبل أعوام لانتخابات بلدية طرابلس. فجعل لبرنامجه الانتخابي عنواناً وحيداً: «أعدكم العمل على إعادة طرابلس نصف قرن إلى الوراء»!
مسؤولية نظام العائلة السعودية؟ ليست في التمويل ولا في جنسيات الإرهابيين ولا في إلغاء سمات الدخول ولا في الصراع المذهبي مع الشيعة ولا في التنافس الجيو استراتيجي مع إيران. مسؤولية نظام تلك العائلة هي أولاً وأخيراً في الفكر. هي في أن تكون دولة في الألفية الثالثة باسم عائلة، وأن يكون شعب رعية بلا هوية، وأن يكون الآخر ملغى، والعقل ملغى، والفن ملغى، والرب ملغى، والمرأة ملغاة... في الفكر والواقع، بالقوة وبالفعل. هنا تكمن الكارثة السعودية، التي لا بروباغاندا تنفع معها ولا دعاية تشفع في تسويقها.

______________
البغدادي يقترب من تحقيق ثأره من الجولاني 
محمد بلوط

أبو بكر البغدادي قريبا في عقر دار شقيقه اللدود أبو محمد الجولاني. فخلال الساعات الماضية وصلت طلائع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» إلى شمال الشحيل في ريف دير الزور الشرقي، معقل «أمير جبهة النصرة».
والشحيل ليست معقل الجولاني وحصنه الأخير فحسب، بل هي مسقط رأسه أيضا، وهو ما يجعل المعركة من اجلها بين الجولاني والبغدادي، أمّ المعارك بين أخوة «الجهاد»، إذ لم يعد كافيا وحده، تفسير المذابح الواسعة التي يرتكبها بحق مقاتلي «النصرة» و«مجلس شورى المجاهدين في المنطقة الشرقية» ـ «مشمش»، بحاجة «داعش» إلى دير الزور ممرا بين جناحيها الشامي والانباري.
وبات مؤكدا أن معركة الشحيل ثأر شخصي للبغدادي مع الرجل الذي شد على يده ثلاثا خلال ثلاثة أعوام، لينقض ثلاثا «بيعته» على الولاء والطاعة. والأرجح ألا يسري إبهام الألغاز وضباب الألقاب التي يتخفى خلفها الرجلان إلا على الآخرين. أما أبو بكر البغدادي فليس سوى أبو دعاء، أو إبراهيم عواد السامرائي. أما أبو محمد الجولاني، فلا يناله من الجولان شيء، لأن كنيته الحقيقية قد تكون أسامة الحداوي «الشحيلي»، وهو ما يعرفه البغدادي.
فقبل أن يتفرغ الجولاني لبناء «أسطورته» خلال الحرب السورية، لم يكن سوى أسامة الحداوي، الطالب في كلية الطب الدمشقية حتى العام 2005، فيما كان شقيقه البكر سامر، ينال من علوم التجارة والاقتصاد في كلية مجاورة، على ما يقوله معارضون سوريون يتابعون مسارات «النصرة». والأرجح أن طريد «داعش»، وحبيس الشحيل، رجل لم يتجاوز الثلاثين من العمر بعد.
لم يتقمص طالب الطب الدمشقي في لثام الجولاني بالصدفة، فـ«الجهادية» السلفية مذهب أكثر مسقط رأسه الشحيل. فقبل أن يسقط الطب الدمشقي من سلة الحداوي، كان أكثر من 20 رفيقا له على ضفة الفرات، قد «انتحروا» بأحزمتهم في «الجهاد» العراقي، في ظلال «بيعة» أبو مصعب الزرقاوي وتنظيم «القاعدة».
وكانت الشحيل قد فزعت لحماه في الثمانينيات، فقاتل العشرات من أبنائها قرب نواعيرها مع جماعة «الإخوان المسلمين»، والطليعة المقاتلة، قبل أن يتفرقوا في السجون، وفي المنافي لمن أسعفه الحظ منهم. وعاد منها عمار الحداوي شيخ السلفية ورئيس «الهيئة الشرعية» في دير الزور اليوم، ليجعل منها، مع آخرين، بؤرة «جهادية»، بعد نفي دام نيفا وعقدين في العراق المجاور.
وخلال الحرب الأميركية على العراق اختارت المدينة، برضى دمشق، أن تكون ساحة تجمع لـ«الجهاديين» في دير الزور، قبل العبور إلى العراق. ومنها دخل مئات المقاتلين إلى معارك الانبار وتدفقت عبرها الأسلحة والعبوات والأحزمة الناسفة لقتال المحتل الأميركي أولا و«الصحوات» ثانيا. والحال، أن المدينة، التي تعد 30 ألف نسمة، وآلاف «الجهاديين» لم تشهد هدنة، ولا استراحة «مجاهد» في الأعوام التي سبقت اندلاع الحرب السورية. وعندما قامت «الثورة» المنتظرة في تخوم الشام، لم يفعل جهاديوها سوى إدارة بنادقهم نحو الداخل السوري، أسوة بأسامة الحداوي (أبو محمد الجولاني).
ولما بسط له أبو بكر البغدادي يد المبايعة في الأنبار في أيار العام 2011، للإتصال بخلايا الشام «القاعدية» النائمة، وإنشاء فرع شامي «للدولة» في أيار العام 2011، تحت مسمى «جبهة النصرة»، كان الحداوي قد أمضى ستة أعوام في معارك العراق. ويرجح معارضون سوريون أن يكون سامر، شقيقه البكر، الذي قاده نحو العراق قد استشهد قبل ذلك.
ووضع أبو مسلم التركماني، شيخ «الدولة» يده في البيعة، مزكيا لدى البغدادي «مجاهده» السوري الشاب، الذي بايع البغدادي على «جبهة نصرة» مؤقتة، تكون رهن إشارته، يعود بها إلى حضن «الدولة» الأم، عندما تحين الساعة. وكان أبو مسلم قد زكاه في العام 2009، للمرة الأولى، عندما دفع البغدادي لتعيينه «شيخا شرعيا لولاية نينوى»، رغم صغر سنه.
وراوغ الجولاني كثيرا قبل أن ينشق نهائيا عن البغدادي. وأرسل إلى «أميره» نهاية العام الماضي رسائل عدة تعد بحل «النصرة»، قبل أن يقرر أخيرا أن «حل النصرة لن يجعل أهل الشام ينضمون إلى الدولة».
وكان رئيس استخبارات «الدولة» أبو علي الانباري، وهو ضابط استخبارات بعثي عراقي سابق، قد أرسل تقارير كثيرة، ينصح فيها سيده بتصفيته. وكانت الشكوك قد ثارت عندما بدأ الجولاني بتعقب المقربين من البغدادي، كابي عمر القحطاني، وسجنهم. وعندما طلب أبو ماريا القحطاني إجازة من «الجهاد» لنقل زوجته إلى مستشفى في سوريا، أيقن البغدادي أن الجولاني لن ينصاع لطلبه، إذ اكتشفت استخباراته أن المتحدث باسم الجولاني، قد حمل معه إلى سوريا أموالا كثيرة تعود إلى «الدولة الإسلامية».
لم ينتظر البغدادي معركة الشحيل للتخلص من الجولاني، فعندما فشل في نيسان الماضي في إقناعه بالالتحاق بـ«الدولة»، أشار عليه رئيس «المجلس العسكري لـ«داعش» العقيد السابق في الجيش العراقي حجي بكر، ببدء عمليات اغتيال، واستجلاب فتاوى من مشايخ في السعودية، نجحت بقتل بعض المقربين من الجولاني، والاستيلاء على بعض مخازن الأسلحة، وشق «النصرة» نصفين.
ونجا الجولاني نفسه من القتل في الاجتماع، بعد أن تدخل أبو علي الانباري، ومنع أبو أيمن العراقي من قتله. وانضم إلى «داعش» المئات من «الجهاديين» القوقازيين والعرب. وفي الريف الشرقي لدير الزور، معقل «النصرة»، استجاب عامر الرفدان، عامل مصلحة المياه السورية السابق، لنداء البغدادي، وانشق عن الجولاني، ليصبح «والي ولاية الخير» (دير الزور) في «الدولة»، والمشرف على استغلال نفط المنطقة.
ويبدو أن البغدادي نفسه يشرف على المعركة الأخيرة في الشحيل، فليس حكم ناقض البيعة في عرف «الدولة» و«النصرة» سوى الذبح. وكلما اقتربت المعارك من الشحيل، شحذت السكاكين وسنت السيوف. فخلال اليومين الماضيين، ذبح «داعش» أربعة من المجلس العسكري في مدينة الموحسن رفضوا مبايعته، أما «النصرة» فردت بذبح من بايع منهم، فقطعت رؤوس قائد «لواء الصاعقة» أبو راشد، و«قائد المجلس العسكري» العقيد أبو هارون، وأبو عبد الله شلاش.
ويبدو البغدادي قريبا جدا من الإمساك بخصمه، وإنهاء «النصرة»، إذ لم يتبق للجبهة في دير الزور، معقلها الأساسي، أكثر من جيوب محاصرة، حيث يحاصر «داعش» أحياء دير الزور ومقاتلي المعارضة فيها، فيما يواجه هؤلاء الجيش السوري.
ومع تساقط قرى الريف الغربي، واختراق البوكمال، ومعظم الريف الشرقي، لم تعد «النصرة» تملك أكثر من نصف القورية، وجزء من الميادين. وكان «داعش» وجه انذارا ينتهي عصر اليوم يخير فيه «النصرة» وحلفاءها من ألوية «القادسية» و«عمر المختار» و«الله اكبر» بين التوبة او الموت. ويجنح وجهاء الميادين لتسليمها من دون قتال. واستطاع قائد «داعش» العسكري عمر الشيشاني إقناع «أميري النصرة» في البوكمال فراس السلمان وأبو يوسف المصري بخيانة الجولاني وتسليم المدينة وكتائبها من دون قتال.
وسلم «داعش» ولاية بادية حمص، التي تضم جزءا من دير الزور، إلى أبي أيمن العراقي، احد ألد أعداء الجولاني في «الدولة الإسلامية»، وأكثرهم دموية وعنفا، إمعانا في الحصار، والتهديد بأن معركة الشحيل ستكون معركة حياة أو موت لـ«النصرة» والجولاني.

_____________

ماذا يعني اعلان «الخلافة»؟  

رضوان مرتضى

راية «العُقاب» ترفرف. «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تحوّلت إلى «خلافة إسلامية على كل الأرض». ١٤ شهراً استلزمت أبو بكر البغدادي كي يُنصّب نفسه حاكماً بأمر الله. لم يعد أميراً للمؤمنين فحسب، بل بات الخليفة. خلَف النبي محمد، بخطاب أعلن عنه في بداية شهر رمضان عام ١٤٣٥ هجري، سُجّل الحدث التاريخي. أصحاب الرايات السود يريدون تسليم راية دولتهم لعيسى بن مريم

لم يتأخّر «أبو بكر البغدادي» في إعلان خلافته. لم يكتف الشيخ العراقي بلقب «أمير المؤمنين» على «الدولة الإسلامية في العراق والشام». لم يستطع الانتظار أكثر من أربعة عشر شهراً حتى زفّ المتحدث باسم دولته «أبو محمد العدناني» خبر إعلان «الخلافة الإسلامية». أعلن الرجل عن «تحقّق حُلُم الجهاديين». ومعه تحقّق، ربما، حُلُم البغدادي الذي أصبح «خليفة المسلمين»، الحاكم بأمر الله على كل الأرض. ولأول مرة، أُعيد إعلان «الخلافة» منذ سقوطها على يد أتاتورك قبل نحو تسعين عاماً. هكذا كسر بضعة آلاف من جنود «الدولة» حدود «سايكس ــــ بيكو». أُلغيت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» لتُستبدل بـ«الدولة الإسلامية» في كل الأرض. وبعدما كانت «راية الدولة خفّاقة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى»، أصبحت خلافة عامة لا حدود لها. سلطتها مطلقة على كل بلاد المسلمين.

وباتت مبايعة الخليفة واجباً على كل مسلم. ومن لا يبايع يُعتبر مارقاً. من يتخلّف أو يرفض، يُحارب ويُضرب عنُقه. وهذا ما جاء صريحاً واضحاً بتهديد العدناني للمتخلّف عن البيعة بقوله: «إياكم وشقّ الصف. ومن أراد شق الصف، فافلقوا رأسه بالرصاص وأخرجوا ما فيه ولا كرامة لأحد».

فماذا تعني «الخلافة الإسلامية»؟ يجيب أحد المشايخ السلفيين أنها تعني أن «الحدود والسدود بين البلاد الإسلامية لاغية. وأن النظام الاقتصادي سيكون واحداً وستكون عملة واحدة تحمل شعار الإسلام ولديها جيش يدافع عنها». ويضيف: «وتعني أيضاً عدم التبعية لأي دولة، وتستوجب إنشاء مراكز وجامعات ومعامل تمهيداً لجعل المسلمين قوة عظمى في شتى المجالات». وفي الحالة الراهنة، قررت «الدولة»، ممثلة بأهل الحل والعقد فيها، بعدما باتت تمتلك كل المقومات، إعلان قيام «الخلافة الإسلامية» وتنصيب «خليفة» للمسلمين. والمقوّمات بالنسبة إليها، هي المقومات نفسها التي كان يمتلكها الخلفاء منذ نحو ١٤٠٠ عام. وبحسب المشايخ السلفيين، المقومات تفرض أن يكون الخليفة حاكماً على أرض بكل معنى الكلمة، وليس بحكومة مؤقتة. ويرى هؤلاء أن «الدولة» انطلقت من سيطرتها على مساحات جغرافية شاسعة واعتبارها أن امتلاك المال والجيش والشعب، يخوّلها إقامة الخلافة، من دون أن تأخذ في الاعتبار أن كل زمن له مفهوم لمقومات الدولة. وقد حدد العدناني ذلك بفك الأسرى وتعيين الولاة والقضاة وجباية الضرائب ونشر التعليم الديني.

وهنا يؤخذ عليها إعلان الخلافة من دون حيازة «إجماع علماء الأمة». فهل فعلاً وافق أهل الحل والعقد أي العلماء والوجهاء على إقامتها؟ من هم هؤلاء؟ وإذا كان البغدادي خليفة على كل بلاد المسلمين، فهل تكفيه مبايعة علماء العراق والشام له، رغم انها لم تحصل؟ بالتأكيد إعلان قيام «الخلافة»، هي إحراج لجميع الفصائل الإسلامية المقاتلة. وقد خاطبت «الدولة» جنود الفصائل والتنظيمات قائلاً: «بطُلت شرعية جماعاتكم وتنظيماتكم. ولا يحل لأحد منكم أن يبيت من دون أن يُبايع». ثم أضاف: «لا يؤخر النصر إلا مثل وجود هذه التنظيمات لأنها سبب للفرقة».

يتساءل أحد أنصار «جبهة النصرة» عن معنى إعلان «الخلافة». ثم يجيب نفسه قائلاً: ذلك يعني أن «حركة طالبان» و«تنظيم القاعدة» بكل فروعه وكل الحركات المجاهدة على مختلف الجبهات آثمة وقتالها وقتلها واجب إن لم تُبايع خليفة المسلمين البغدادي. بدوره، يروي أحد أفراد «كتائب عبدالله عزام» لـ«الأخبار»: «لا مصلحة في إعلان الخلافة في هذه الظروف بل يترتب عليها مفسدة توجب بطلانها». ويرى الشاب اللبناني المطلوب بمذكرات توقيف «لانتمائه إلى تنظيم إرهابي» أن «قيامها في هذا التوقيت تدمير لما بناه مجاهدو الإسلام في كل مكان»، كاشفاً أن «الإعلان يعني أن كل من لا يبايعهم سيُحكم عليه بالردة والقتل». وردّاً على سؤال إن كان سيُلبي الدعوة لبيعة الخليفة، قال: «لا أشق الصف، لكن بالتأكيد لا أبايع. ليُضرب عنقي ألف مرة أهون علي من أن أبايع، لأني لا أرضى بشريعة تستبيح دماء ألوف مؤلفة من المسلمين بغير وجه حق». وفي السياق نفسه، يرى أحد القياديين في «جبهة النصرة» أن «البغدادي حكم على الشيخ الجولاني بأنه مرتد لمجرّد تركه بيعة أمير الإمارة عندما كانت البيعة سنّة وليست فريضة»، كاشفاً أنهم بـ«إعلان الخلافة يفرضون على جميع تنظيمات العالم الإسلامي أن تكون مع «الدولة» في كل شيء، ومنها قتال «الجبهة» أو ستُعتبر متخلّفة مرتكبة لفعل الردّة يجب قتالها من قبل جنود الدولة نفسها». شيخ سلفي ثالث يعتبر أن «إعلان الخلافة قمة الغباء، إذ لا تمتلك «الدولة» مقومات دولة حقيقية. هل القوة العسكرية تقيم الدولة؟ أين خبراء الاقتصاد والتربية؟ بنظري هذا انتحار سيعجّل في انهيارها». ويسأل آخر: «فهمنا أن الأموال تتحصّل من بيع النفط، لكن إذا حوصرت وضُربت ماذا سيحصل. أين هذه الخلافة التي لا يعرف أحدٌ رأسها؟».

هكذا، وبعدما باتت «الخلافة الإسلامية» أمراً واقعاً، يقول جهاديون لـ«الأخبار» إن قبلة الأنظار ستكون مكة. كذلك الأمر هي مدينة رسول الله. وبالتالي، سيعين الخليفة مندوباً في كل ولاية. ومن يدري؟ قد يكون لـ(ولاية) لبنان أمير (مستقبلاً، لأن ما نُشِر أمس عن تعيين رجل يدعى عبد السلام الأردني اميراً لداعش على لبنان، غير صحيح، بحسب مصادر أمنية). وقد يكون الجواب في جعبة «حزب التحرير»، الحزب الإسلامي الذي يدعو منذ سنوات لإقامة الخلافة.

 

الثلاثاء، 20 مايو 2014

ليبيا في مربع النار: الحرب على السلاح بالسلاح... انتقام العسكر... المسلحون يتوعدونه بمصير "القذافي"

    مايو 20, 2014   No comments
هي التجربة نفسها، تتكرر في أكثر من دولة في المنطقة لمعالجة ذيول ما عُرف بـ«الربيع العربي». عودة إلى دعم القوات المسلحة في مواجهة الإسلاميين. حصل هذا في الجزائر قبل عقود، وفي مصر قبل أشهر، واليوم في ليبيا، التي بات واضحاً أنها تحولت إلى مصنع للمجموعات التكفيرية، تصدّر الإرهابيين والسلاح إلى جميع أنحاء المعمورة. لكن لا شك في أن أمرين استعجلا «انقلاب حفتر»: الأول، تجمع عشرات آلاف التكفيريين المسلحين على الحدود مع مصر، كمحطة انطلاق نحو أرض الكنانة انتقاماً لحكم إسلامي زال. واقع دفع الحكم المصري ممثلاً بعبد الفتاح السيسي إلى تنسيق الجهود مع الجزائر بدعم غربي واضح لتصفية المجموعات الإسلامية في هذا البلد. والثاني حجم الخطر الذي وجد ضباط الجيش السابق أنفسهم فيه، بعد تصفية أعداد كبيرة منهم على أيدي الإسلاميين.

هي انتفاضة العسكر إذن، بل انتقامهم، مما حل بهم بعد رحيل معمر القذافي، حاضنتهم القبائل التي كانت ركيزة حكم العقيد!

لم تكن الصورة أول من أمس في طرابلس تشبه التي بثّها اللواء الليبي خليفة حفتر حين أعلن انقلاباً عبر مؤتمر تلفزيوني في شباط الماضي. الانقلاب الآن أصبح فعلاً على الأرض. أنصار حفتر وجنوده يقولون إنهم أتوا بعملية «كرامة ليبيا» ليخلصوها من فوضى السلاح والمجموعات الإسلامية المتشددة. الطرف الآخر يرى أن هذا التحرك مدعوم خارجياً من أجل مآرب أخرى.

خريطة الجماعات المسلحة

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد الكتائب المسلحة في ليبيا قد يصل إلى 300 ميليشيا مختلفة التسليح والأعداد، وبعضها يتبع أشخاصاً وأخرى تيارات سياسية مثل جماعة الإخوان المسلمون والقاعدة، أو تتبع مدناً ومناطق وحتى قبائل. كل هذه المجموعات ليس لديها وضع قانوني واضح في ظل غياب دور فعال للجيش الليبي وقوات الأمن التابعة للحكومة.

في خضم الصراع الحالي، تبدو أطراف الصراع في الشرق الليبي، خاصة مدينة بنغازي، غير واضحة التحالفات بسبب الخلاف في الرؤى وتقدير الموقف من وقت إلى آخر بل من يوم إلى ثانٍ، لكن العملية الجارية تظهر أن هناك ثلاثة تكتّلات بارزة في بنغازي ودرنة، يمكن تحديدها كالآتي:

أولاً: قوات اللواء خليفة حتفر

تضم في الأساس ضباطاً سابقين في الجيش الليبي ممن شاركوا تحت قيادته في حرب تشاد خلال الثمانينيات، وهؤلاء رفضت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي دمجهم في الجيش مجدداً، وكتيبة «حسن الجويفي» في برقة الحمراء وهي أكبر كتائب الجيش الليبي في الشرق، وكتيبة أولياء الدم الذين قتل عدد منهم على أيدي الجماعات الإسلامية.

أطراف الصراع غير واضحة... التحالفات وتتغيّر ارتباطاتها بسرعة
كذلك تحالَف حتفر مع القبائل الكبرى في الشرق الليبي (العبيدات والبراعصة والعواقير والعرفة) بعد أن تمكن من إقناعهم بالانضمام إلى صفه، وهناك تأييد له من أنصار الحراك الفدرالي في البلاد. أما في غرب ليبيا الذي يتصف بالصراعات القبلية أكثر منها مع المتطرفين، فتمثل التشكيلات المحسوبة على «الزنتان» القوى الضاربة للتيار المدني في مواجهة الإسلاميين، وهي تؤيد عملية حفتر، ولا سيما أنها أعلنت سابقاً رفضها التمديد للمؤتمر الوطني الذي انتهت ولايته في السابع من شباط الماضي.
ثانياً: القوى المتشددة المستهدفة

على رأس القوى المستهدفة تنظيم أنصار الشريعة، وكتيبة شهداء 17 فبراير، وكتائب شهداء أبوسليم، وكتيبة شهداء راف الله السحاتي، ومتشددون آخرون في درنة التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة (جيش الشورى الإسلامي)، وأصبحت تلك المدينة معقلاً للتيار الجهادي وتعلن تحديها لبناء الدولة الليبية.
وقد أعلنت الولايات المتحدة أواخر العام الماضي أن «أنصار الشريعة» تنظيم إرهابي، وتتهم ما لا يقل عن 15 من قياداته بالضلوع في الهجوم على قنصليتها في بنغازي (11 أيلول 2012)، كذلك خطف التنظيم عدداً من عناصر الأمن الرسمية وبادلهم بزملائهم قبل أيام قليلة من انطلاق عملية «كرامة ليبيا».
أما كتيبتا «شهداء 17 فبراير» و«راف الله السحاتي» المعروفتان بقربهما من جماعة الإخوان الليبية، فهما تشكيلان مسلحان مثيران للجدل، وقد أصدرت رئاسة أركان الجيش قراراً يقضي بإخلاء مقر «شهداء 17 فبراير» قبل خمسة أيام، لكن الأخيرة لم تمتثل للقرار. أخيراً يبرز تنظيم «جيش الشورى الإسلامي» الذي أعلن أنه لن يخضع لسيطرة الدولة ووصفها بالكافرة، إضافة إلى جماعة تطلق على نفسها اسم «جيش تحكيم الدين»، وأعلنت أخيراً تبنّيها الهجوم على كتيبة الصاعقة 21 المعروفة بـ«شهداء الزاوية».

ثالثاً: القوات الحكومية

قوات الشرطة التابعة لمديرية أمن بنغازي وتشكيلاتها المختلفة من قوات الأمن والإسناد، وكذلك «قوات الصاعقة» التي يقودها العقيد ونيس بوخماده، وهي المتبقية من الجيش الرسمي، إضافة إلى قوات «الغرفة الأمنية المشتركة» التي تضم عناصر من الثوار والجيش والشرطة، ويقدر تعدادها بـ6 آلاف عنصر. كل هذه القوات لم تفرض يدها على المدينة وتعاني من «ظاهرة الولاءات الرخوة» وتضارب القرارات الصادرة من الجهات العليا في البلاد، أكانت الحكومة المؤقتة أم المؤتمر العام.
ولا يغفل دور قوات «درع ليبيا» المكونة من عدد من المجموعات المسلحة التي يبدو أنها تنتشر في ليبيا كلها، حتى إن مظهرها وسلوك أفرادها يشبه وحدات الجيش النظامي، وهي تتلقى فعلياً دعماً من وزارة الدفاع، لكن هناك من يحسبها على جماعة الإخوان، وتتهم بأنها ارتكبت جرائم حرب.
*****
هكذا انتقم العسكر من الإسلاميين

إيمان إبراهيم 

 في عرف الدول لا تستطيع دولة النظر إلى خطر محدق بأمنها من دون تصرف. رغم ذلك، تحافظ القاهرة على مسافة للتدخل في المشهد الليبي المتأزم، مع أن قيادياً عسكرياً يكشف أن تحرك حفتر يصبّ في مصلحة مصر

القاهرة | لا ترى الأوساط الأمنية المصرية أن حالة الاستنفار على الحدود مع ليبيا وليدة الأيام الماضية، فعناصر القوات المسلحة المنتشرة على الحدود الغربية يعيشون هذه الحالة منذ أن ظهرت «الميليشيات المسلحة» وقسمت ليبيا جغرافيّاً إلى مناطق نفوذ، لكنها تنظر «بعين الاطمئنان إلى الاستعدادات العسكرية في تأمين تلك الحدود» إلى جانب التنسيق على المستويات كافة بين قوات حرس الحدود والقوات الجوية والبحرية ووحدات التدخل السريع.

وتفيد مصادر عسكرية مصرية لـ«الأخبار» بأن «الجيش يتحمل مسؤوليته كاملة في ضبط المناطق المتاخمة للحدود الليبية أو حتى تأمين امتداده الاستراتيجي في الأراضي الليبية إذا تطلب الأمر ذلك، وخاصة مع استمرار محاولات تسلل بعض العناصر المسلحة إلى الداخل لتنفيذ عمليات تفجير وإرباك المشهد قبل الانتخابات الرئاسية».
على الصعيد السياسي، ابتعدت الخارجية المصرية خطوة عن الموقف الذي أفادت به المصادر السابقة، فقد أعلنت الوزارة أنها تتابع باهتمام التطورات المتسارعة في ليبيا، لكنها استنكرت في بيان صحافي أمس «محاولات من داخل ليبيا وخارجها للزج باسم مصر في التطورات الجارية هناك التي تعتبرها القاهرة شأناً ليبياً خالصاً». وأكدت الخارجية في البيان أن «مصر حكومة وشعباً مع إنهاء الانقسام الجاري على الساحة الليبية وحقن الدماء مع رفض أي تدخل خارجي في قضايا ليبيا الداخلية»،
وكان وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي قد التقى نظيرة الليبي محمد عبد العزيز السبت الماضي قبل اقتحام مبنى المؤتمر الليبي العام (البرلمان)، وتحدثا عن اهتمام مصر بعقد «مؤتمر أمن الحدود» الذي كان من المخطط أن تستضيفه القاهرة. على جانب آخر، يشرح قيادي عسكري ليبي الأبعاد التي دفعت اللواء السابق في الجيش الليبي وقائد التحرك العسكري الحالي خليفة حفتر إلى التحرك نحو ملاحقة «الميليشيات التي تتشح بالثوب الإسلامي وباطنها جماعات مسلحة إرهابية»، ويقول لـ«الأخبار»، مفضلاً ألا يذكر اسمه تجنباً لأي تصفية جسدية قد تستهدفه، إن تلك الجماعات المسلحة بسطت سيطرتها على مساحات كبيرة من الأراضي الليبية ثم أقالت قرابة 2000 ضابط ليبي، بمن فيهم حفتر نفسه خلال توليها إدارة البلاد عام 2011».
وأضاف القيادي الليبي: «بعدما تمكنوا، نفذوا تصفية منهجية لكل المتقاعدين والمقالين من الجيش المنتشرين في مناطق شرق ليبيا ووسطها، وهو الأمر الذي دفع حفتر وعناصره إلى اتخاذ موقف ضد هذه المجرزة التي تعرض لها الضباط»، راصداً قتل الميليشيات قرابة 150 ضابطاً خلال الشهور الماضية، «كذلك قتلوا ضابطات سيدات متقاعدات منذ 10 سنوات، ثم هددوا حفتر وعناصره الموالية مباشرة».
ويزيد على أسباب التحرك الأخير الذي وصفه معارضوه والحكم المؤقت بالانقلاب، أن «الجماعات الإسلامية المسلحة وقعت في شرك الخوف بعد نجاح المتظاهرين المصريين في «30 يونيو» في القضاء على حلم جماعة الإخوان المسلمين وأملها في إقامة حكم إسلامي في مصر»، مشيراً إلى أن كل التيارات المسلحة المتحكمة في ليبيا قريبة من مشروع الإخوان رغم اختلاف مسمياتها وأفكارها ما بين جيش النصرة ودروع الإسلام وغيرها.
واتهم القيادي العسكري الليبي، وكيل وزارة الدفاع الليبية خالد شريف الذي يترأس حالياً الحرس الوطني بأنه يمول كل عمليات التسليح بين قطر وتركيا والجيش الحر في مدينة درنة، «والأخير يحتجز كل قادة الجيش كرئيس الاستخبارات العسكرية عبد الله السنوسي، ورئيس الأمن الخارجي أبو زيد دورده». واستطرد قائلاً: «النقاش حالياً يدور حول رد الاعتبار إلى بعض القبائل التي يمكن أن تدعم الجماعات الموالية لحفتر، وغالبيتها من أنصار القذافي وعلى رأسها قبائل بني وليد والمقارحة والجميل والعجيلات والقذاذفة؛ ليتصدوا جميعاً للتنظيمات المسلحة وتلك التابعة لتنظيمي القاعدة والإخوان، وخاصة أن هذه القبائل تتسم بالتعداد السكاني الأكبر والمهارة القتالية الأعلى بحكم رعاية القذافي لها واهتمامه بها». وشدد أخيراً على أن أنصار حفتر يحتاجون دعماً خارجياً من دول الجوار، ولاسيما في التسليح «لأنهم مجموعات تعتمد على الباقي من الأسلحة التي سرقت من مخازن القذافي، فيما تعتمد التنظيمات المسلحة على أسلحة تأتي لهم عبر الجسور البحرية والجوية من قطر وتركيا».
*****
تفاصيل «الانسحاب التكتيكي» من بنغازي

رغم إخفاق محاولته الأولى قبل أشهر، لم يكف اللواء خليفة حفتر عن التحشيد تمهيداً لعملية عسكرية كبيرة في المنطقة الشرقية من ليبيا بعد أن حصل على دعم من بعض القبائل وضباط قدامى. وبدأت محاولات حفتر في الانقلاب على السلطات المؤقتة ببيان تلاه عبر التلفاز وأحدث ضجة إعلامية، لكن لم يكن له صدى على الأرض.

وقالت مصادر في المؤتمر الوطني العام في ذلك الوقت إن معلومات استخبارية وصلت إلى رئيس المؤتمر وتفيد بوجود محاولة انقلاب، لكن قوة من الثوار مكلفة من الدولة أحبطت المحاولة بدهم القاعة التي أعلن منها البيان، ليصدر بعدها أمر من النائب العام بالقبض على حفتر الذي فرّ إلى الشرق حيث يواليه عناصر هناك.
عقب الحدث الأخير بأسابيع، بدأت تحركات اللواء من مدينة بنغازي لتجميع قوة عسكرية من ضباط متقاعدين وبعض من طاولهم قانون العزل السياسي وأبرزهم العقيد صقر الجروشي آمر القوات الجوية السابق.
فجأة برزت مدينة المرج التي تبعد ١٠٠ كم شرق بنغازي على سطح الأحداث، وتقول التقديرات إن جل قوة حفتر من تلك المدينة إضافة إلى ضواحي بنغازي كبنينا والرجمة والأبيار أو ما كان يعرف في عهد القذافي بالحزام الأخضر.
وقبل شهر احتل الموالون لحفتر قاعدة الرجمة الاستراتيجية، وأصدر آنذاك بعض ضباط القاعدة المعارضين بياناً يخلون فيه مسؤوليتهم عن الأسلحة والغازات الموجودة فيها، ثم استشعرت المجموعات المسلحة الخطر فاستدعت كل منتسبيها وحددت بعض المحاور التي يمكن عناصر حفتر الدخول منها.
صباح الجمعة الماضية، شنّ حفتر هجوماً استعمل فيه طائرة حربية أقلعت من قاعدة بنينا الجوية كما صرح بذلك المتحدث باسم القاعدة صالح الحاسي، واستهدفت الطائرة معسكر ١٧ فبراير بستة صواريخ نو «سي فايف» لكنها لم تحدث أضراراً، واستمر تحليقها مدة ساعتين في سماء بنغازي، الأمر الذي رأى فيه محللون أنه عملية لإرباك الخصم إلى حين استكمال العملية البرية.
لاحقاً بدأت العملية البرية التي انطلقت من الرجمة وبنينا لتشتبك العناصر بعضها مع بعض في منطقتي سيدي فرج والهواري، فتكبدت قوات حفتر خسائر في الأرواح بلغت نحو أربعين قتيلاً مقابل ثلاثين في الطرف الآخر.
وبعد هجوم آخر نفذته قوات حفتر في بنغازي، كلف رئيس المؤتمر الوطني العام باعتباره القائد الأعلى للجيش أحد القادة الميدانيين، هو زياد بلعم التنسيقَ مع الغرفة الأمنية المشتركة لتأمين المدينة وردع القوات المهاجمة، ولاحقاً أعلن اللواء المنشق انسحابه من المدينة لإعادة ترتيب صفوفه.
وتلفت التقديرات الأمنية إلى أنه يصعب على حفتر دخول بنغازي، لكن الساعات القليلة القادمة ستوضح مدى قدرة الأخير على تنفيذ عمليته وفق أهدافها في ظل انقسام الشارع بين مؤيد له ومعارض.

*****
ليبيا..حفتر يتوعد الإخوان والمسلحون يتوعدونه بمصير "القذافي"
قال اللواء خليفة حفتر , القائد السابق للقوات البرية في الجيش الليبي ان "عملية الكرامة" التي تشنها قوات عسكرية موالية له منذ يوم الجمعة الماضي تهدف الى تطهير ليبيا من المتطرفين وجماعة الاخوان المسلمين.
وتوعد حفتر في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرته اليوم الثلاثاء ، بتقديم كبار مسؤولي المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) والحكومة وجماعة الاخوان للمحاكمة في حال اعتقالهم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعب الليبي خلال فترة توليهم السلطة.
وانطلقت العملية التي يقودها حفتر من بنغازي, متجهة  الى العاصمة طرابلس , بينما تواصلت الاشتباكات المتقطعة في المدينتين منها مواجهات حول مبنى البرلمان في العاصمة ومواقع استراتيجية أخرى.
وفي تطور لاحق اقترحت الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني , مبادرة مفاجئة مساء أمس لحل الأزمة الراهنة في البلاد , تضمنت عشر نقاط , وطالبت المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بوقف عمله لحين اجراء الانتخابات العامة المقبلة.
ولم يصدر على الفور أي تعليق مباشر من نوري أبو سهمين رئيس البرلمان الذي أصدر قرارا مثيرا للجدل بتكليف قوة تضم مسلحين بالتمركز داخل العاصمة طرابلس.
في المقابل توعد تنظيم “أنصار الشريعة” الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمصير الديكتاتور المقتول معمر القذافي.
وقال التنظيم في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه اليوم “سنتعامل مع أي تحرك عسكري داخل بنغازي (شرق)، كما فعلنا مع القذافي وكتائبه خلال الثورة الليبية عام 2011 “.
وقتل القذافي بعد حكمه ليبيا لأكثر من 40 سنة في مسقط رأسه بمدينة سرت (شرق)، بعد أسره من قبل ثوار ليبيا، في أكتوبر/ تشرين أول 2011 .
ووجَّه التنظيم عبر بيانه رسائل إلى الليبيين وخاصة سكان بنغازي، قائلا “نقف مع مطالب شعبنا المسلم في مطالبته بالأمن والاستقرار تحت راية الشريعة الإسلامية، لا تحت راية ديمقراطية أو علمانية أو دساتير وضعية، كما ننادي قبائلنا الشريفة عريقة النسب أن تعلن صراحة مطالبتها إقامة الشريعة الإسلامية وأن تتبرأ من سفك دماء المسلمين بحجة الحرب على الإرهاب”.
وتابع “لطالما كنا أحرص الناس على دماء المسلمين، لكن على الرغم من ذلك استمر إعلام التضليل في هجومه الشرس علينا بقيادة العلمانيين، وأتباع النظام السابق بتأييد من الغرب وبعض الدول العربية”.
هذا وتتابع الولايات المتحدة عن كثب الاوضاع في ليبيا الا انها لم تقرر بعد ما اذا كانت ستغلق سفارتها في طرابلس ام لا، حسبما اعلن مسؤول اميركي الاثنين.
وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي "نحن قلقون جدا ازاء اعمال العنف التي وقعت نهاية الاسبوع في طرابلس وبنغازي"، ودعت كل الاطراف الى "الامتناع عن اللجوء الى العنف".
وبينما اعلنت السعودية الاثنين اغلاق سفارتها في طرابلس واجلاء دبلوماسييها، اضافت بساكي "لم نتخذ اي قرارات حول اخراج طاقمنا من ليبيا".
والولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب في ليبيا منذ مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين اخرين في هجوم في 2012 على القنصلية الاميركية في بنغازي.

______
(الأخبار) +وكالات

الخميس، 10 أبريل 2014

الإسلاميون ومفهوم الدولة: المشكلات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية

    أبريل 10, 2014   No comments
حسين العودات
رأى جان لوك أن الدولة هي تعاقد بين فئات المجتمع يتم برضاها، وتوضحت هذه النظرية لدى جان جاك روسو، الذي قال بضرورة توافق المجتمع على ما سماه “العقد الاجتماعي” كأساس لبنية الدولة ووظائفها وأهدافها، وضمنه مفاهيم سياسية وأخلاقية واجتماعية عدة، مثل المواطنة والدستور، والمساواة، وحقوق المواطن، والحرية والديمقراطية والقانون وغيرها، وما زال العقد الاجتماعي يعتبر في الدول الديمقراطية، فوق الدستور وله الأولوية واقعياً وأخلاقياً.

اتفق فلاسفة النهضة على أن الدولة هي دولة مدنية، وسلطة بشرية ديمقراطية، تتيح للعقول والعقلانية وللناس جميعاً المناخ الملائم للعمل، وتعتبر العقل والقانون أساس الممارسة الديمقراطية، ومفتاح الحقيقة والثورة العلمية، كما تعتبر الدولة الحديثة دولة المؤسسات والقانون الذي سيكون سيد الجميع، وتكفل سائر حقوق الفرد، لأنها دولة المواطنة، التي ترتكز على إرادة مواطنين أحرار، ترعى الدولة حقوقهم وتكفل حرياتهم.

تأثر النهضويون العرب بمفاهيم الدولة الحديثة هذه، ولكن تأثرهم بقي جزئياً، حيث اهتم كل منهم بجانب من معاييرها دون آخر، ولم يتبن أحد من النهضويين مفاهيم الدولة الحديثة أو معاييرها أو مكوناتها بكاملها، لكنهم جميعاً رفضوا الاستبداد وأدانوه، إلا أنهم لم يطرحوا بدائل له، لا الديمقراطية ولا غيرها، وحتى الشورى لم يعمقوا مفهومها ويطوروه ويحدثوه، ليصبح مكافئاً للديمقراطية أو بديلاً عنها.

لكنهم أجمعوا على مدنية الدولة وإبعاد الدين عن السياسة، ولخص الشيخ علي عبد الرازق بموضوعية وروية، آراءهم فقال: إنه لا وجود لما يسمونه المبادئ السياسية الإسلامية ونظام الحكومة النبوية، إذ لم تكن في الإسلام لا موازنة ولا إدارة نظام، ولم يرسل محمد (ص) ليمارس أي سلطة سياسية، ولم يمارسها في الواقع.

والحقيقة أن نهضويين عديدين قبل الشيخ علي عبد الرازق، مثل الشيخ عبد الرحمن الكواكبي والشيخ محمد عبده والشيخ قاسم أمين، وغيرهم من الفلاسفة الإسلاميين التقاة المتنورين، مالوا للدعوة إلى مدنية الدولة. تغير موقف الإسلاميين بعد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، سواء ما يتعلق منه بفكرة الدولة أم بماهيتها أم وظيفتها.

فرغم أنهم قالوا في المراحل الأولى بإبعاد الدين عن السياسة، رأوا بعدها أن الدولة تضم أوطاناً وقوميات وأمماً عديدة، تجمعهم الخلافة (التي كان يطمح إليها الملك فؤاد)، فاعتبرها حسن البنا رمزاً للوحدة الإسلامية، ثم بالغ واعتبرها شعيرة إسلامية والخليفة “ظل الله في الأرض” و”الإسلام دين ودنيا”.

وكانت آراؤه هذه غير منسجمة مع أفكاره وطروحاته التي كانت عند تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان يعتبر السياسة شيئاً والدين شيئاً آخر، وهو الذي قال: “قلما تجد إنساناً يتحدث إليك عن السياسة والإسلام إلا وجدته يفصل بينهما فصلاً، ويضع كل واحد من المعنيين في جانب، فهما عند الناس لا يلتقيان ولا يجتمعان، ومن هنا سميت هذه الجمعية إسلامية لا سياسية..”. إن وظيفة الدولة لدى الإسلاميين هي إقامة الدين.. وهذه هي الغاية التي تهدف إليها الحكومة الإسلامية.

“ولا تحدد مصالح الناس في الدولة الإسلامية، لا رغبة بعض القوى السياسية في الدولة، ولا أهواء جماهير الناخبين أو آراءهم، وإنما هي سابقة على وجود الجماعة أو الدولة الإسلامية ذاتها، ولازمة لها بحيث تفقد هذه الدولة مبرر وجودها إذا تخلت عن غايتها أو تنكرت لها”. لقد بقيت علاقة الدين بالسياسة..

والدين بالدولة، تقف على رأس المشكلات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية، وقد وصف أصحاب الخطاب الإسلامي الحديث الدولة الإسلامية بالصفات الأخلاقية والفضائل والمثاليات، وبالغوا في شرح هذه الفضائل، سواء بالاستشهاد بما سموه الدولة الإسلامية أيام الرسول والخلفاء الراشدين، أم بتخيل مواصفات الدولة الإسلامية المحتملة التي يتصورونها. وفي جميع الحالات لم تخطر لهم العودة لمناقشة التساؤلات البديهية، وهي: ما هي أسس الدولة الإسلامية التي يتحدثون عنها؟

هل مرجعيتها دينية صرفة؟ وهل هي إعادة صياغة للشريعة على شكل قوانين؟ وهل كانت الظروف مماثلة لحاضرنا لتنطبق اجتهادات الماضي على الحاضر؟.. وعشرات الأسئلة الأخرى التي يفتح كل منها الباب على عشرات الأسئلة المماثلة.

إن تصور الإسلاميين للدولة يعود للفكرة المتداولة عن الدولة قبل حركة النهضة العربية، وهذه الصورة على نقيض مع فكرة الدولة، مع فلسفتها ووظائفها وهياكلها. فالدولة بمعناها الحديث لم تكن موجودة، وإنما كانت سلطة فقط وسوطاً تسوس به الناس. ومع التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، قرروا أن الدولة هي دولة الوحدة الإسلامية الجامعة، التي لها معاييرها ومفاهيمها المختلفة واقعياً وكلياً، عن معايير الدولة الحديثة…

فلا الوطن ولا القومية ولا اللغة ولا الأرض المشتركة، تشكل عناصر تكوين هذه الدولة أو مقوماتها، إنما هي دولة العقيدة وكفى، مهما تباعدت أوطان المسلمين واختلفت قومياتهم ولغاتهم وحتى مصالحهم. وهكذا فإن ما تم تحديثه من الدولة هو شكلها الخارجي، وبعض هيكليتها، والأساليب التنفيذية للحكم، وبقيت المعايير القديمة للدولة هي السائدة، ولم تؤخذ المعايير الحديثة بشكل منهجي وجدي، كما لم تهتم دولتهم بدور الديمقراطية في وحدتها وقوتها.

___________

«البيان»

الاثنين، 31 مارس 2014

السلفية من السلمية إلى «عولمة الجهاد» وسوريا

    مارس 31, 2014   No comments
رانية الجعبري

100 مسلم بريطاني يُقاتلون في صفوف جبهة النصرة بسوريةبدأت الجماعات السلفية بعقيدة سلمية، ترفض الخروج على الحاكم، وانتهت اليوم إلى جماعات تحمل لواء «الثورة» والخروج على الحاكم بحجة الدفاع عن الأعراض التي تنتهك، والدماء التي تسيل. فهل هذا وفاء لإطارها النظري، الذي يطالبها بأن تكون بعيدة عن السياسة وقريبة من دعوة الناس للإيمان والأخلاق؟ أليست قناعتها الرافضة لتأسيس الأحزاب تلخص عدم جواز الانخراط في السياسة؟

ثمة أسئلة حقيقية تبحث عن إجاباتها حول طبيعة الظرف الذي نقل هذه الجماعات من خانة الدعوة السلمية إلى خانة «الثوريين» المنتفضين.
وثمة سؤال يخيف الأنظمة العربية أكثر من غيرها، فمن هو الشيطان الآتي من وجهة نظر هذه الجماعات؟ ففي السبعينيات كانت هذه الجماعات المتطرفة ترى في الاتحاد السوفياتي الشيطان الأكبر، وقبل أكثر من 10 سنوات أصبحت الولايات المتحدة هي ذلك الشيطان، واليوم اصبح النظام السوري هو الشيطان.

من الدعوة إلى السلطة

إن تتبع السلفية في الكتب والوثائق لا يقل صعوبة عن تتبعهم على أرض الواقع، فالتناقضات التي قد يلمسها الصحافي في تصريحات بعضهم، إنما هي موجودة في مراحل تطورهم. إذ بدأت السلفية كحركة سلمية. ويقول الكاتب والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية إبراهيم الغرايبة، لـ«السفير»، «تاريخيا لم تكن السلفية إلا حركة تشدد اجتماعي وديني واعتدال سياسي، وعادة تكون حليفة للنظام وتتبنى طاعة ولي الأمر»، مؤكدا أن مصطلح السلفية «الجهادية» غير دقيق، فلا جامع بين السلفية والقتال والسياسة، «برأيي يمكن تسميتها بالجماعات الإسلامية القتالية».
«التزمت الدعوة السلفية، منذ البداية، بالابتعاد عن الشأن السياسي، والتركيز على الحقل الديني والوعظي والفقهي» يقول الباحث المتخصص بالجماعات الإسلامية محمد أبو رمان. ويضيف، في بحثه بعنوان «السلفية في المشرق العربي»، أن «معارك السلفية الأولى مع الإسلاميين الآخرين كانت حول قضايا فقهية ودينية، مثل الصلاة على النبي بعد الأذان، وكيفية الصلاة، والموقف من الصوفية».
من تلك البوابة بدأ السلفيون ينافسون الجماعات الإسلامية الأخرى، تحديداً جماعة «الإخوان المسلمين»، على النفوذ في المساجد والجامعات، فأخذت تظهر المجموعات السلفية في مساحات مختلفة من المشهد الاجتماعي الأردني، من دون أن يكون لها أي دور سياسي فاعل، حسب أبو رمان.
هنا نلمس التناقض الأول، وهو تبني هذه الجماعات في بداياتها للدعوة وعدم الانخراط في السياسة، ومخالفتها لذلك في ما بعد، والأمر الثاني، وهو الأهم، التزامها بعدم الخروج على الحاكم، وهي اليوم ومنذ ثلاث سنوات تقاتل في سوريا بهدف الخروج عن الحاكم، ما يشير إلى أن هذه الجماعات غير المنظمة، والتي لا تؤمن بالتنظيم الحزبي، دخلت في مراحل تطور تنافي قناعاتها الأولى، فمن السلمية إلى الحرب، ومن الدعوة إلى محاولة الوصول إلى السلطة كما في أفغانستان وكما تسعى اليوم في سوريا.
فما الغريب أن نسمع في الأيام المقبلة أنها تسير نحو التنظيم الحزبي الذي تراه أقرب لـ«الكفار» وديموقراطيتهم، فمنظرو التيار السلفي في الأردن لم ينفوا إمكانية تأسيس مجلس شورى، وقد أوضح القيادي في التيار السلفي الأردني محمد الشلبي، في لقاء سابق نشرته «السفير»، أن انتخاباتهم تختلف عن انتخابات الآخرين، «فالمرشحون فيها ثقات، ومن يصوتون ثقات أيضا، وليس كما يجري بين عامة الناس».
ويبدو أن هذه الجماعات تبدأ بطابعها الدعوي المسالم، حتى إذا تغيرت الظروف، سعت الى تغيير القناعات وفق الظروف، فحكاية «الجهاد» المسلح لم تبدأ، وفق الغرايبة، إلا في مصر على يد «التيار المتشدد من جماعة الاخوان المسلمين» إذ نمت بقوة كردٍ على صراعها مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وبسبب التضييق والملاحقة انتقلوا إلى أفغانستان، وهناك بدأ فصل جديد لم يكن في السابق اسمه «السلفية القتالية»، وللمرة الأولى في التاريخ نسمع بفكرة «الجهاد العالمي» في أفغانستان. يصمت الغرايبة قليلا، يتأمل الفكرة، ويقول «عولمة الجهاد، جهاد غير مرتبط بمكان معين».
وهذا «الجهاد» الذي تم إعلانه في أفغانستان، صاغ خطابه على هذا النحو، الطريق إلى فلسطين تبدأ من أفغانستان، رغم أن القتال الجاري ليس ضد أميركا، حاضنة إسرائيل، بل ضد عدوها اللدود الاتحاد السوفياتي.

السلفية تأتينا من أبواب «النفط والهزيمة» الواسعة

يقول الغرايبة، في كتابه «جماعة الاخوان المسلمين في الاردن (1946-1996)»، ان العالم العربي شهد مدا اسلاميا بعد هزيمة حزيران في العام 1967، كما بدأت الحركات القومية واليسارية بالتراجع والانحسار.
ويضيف إلى ما سبق، خلال حواره مع «السفير»، الحضور الاجتماعي والاقتصادي السعودي الذي صحبه تغير بأنماط التدين، إذ اختار كثير من أبناء البلد السفر إلى السعودية والخليج العربي للعمل، فاعتنقوا التدين السلفي.
لكن من المحتّم أن الهزيمة كانت الباب الأوسع للتدين السلفي، يقول الغرايبة، مضيفا إن «التطرف رد نفسي على الهزيمة، ويمكننا تتبع المراحل كلها التي نحت فيها الشعوب إلى التطرف. كلها كانت بعد الهزائم، فقد ردت ألمانيا على هزيمتها بالحرب العالمية الأولى بالنازية، وإن اللجوء للتطرف يحميك من الشعور بالضعف».

استثمار «روح الهزيمة» في مواجهة السوفيات

شقّت أميركا طريقها لاستغلال الجماعات الدينية الإسلامية لتحقيق مطامعها في النفط، وقد أقنعت شركتا «كاليفورنيا» و«تكساس» للنفط وزير الداخلية والنفط الأميركي هارولد إيكز الذي كان يعتبر الذراع الايمن للرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، بعدم ترك السعودية للنفوذ البريطاني، وذلك وفق ما ورد في كتاب «لعبة الشيطان.. دور الولايات المتحدة في نشأة التطرف الإسلامي» لمؤلفه روبرت دريفوس.
وبالفعل فإن السعودية، التي تتبنى الفكر الوهابي، لم تكن مصدر النفط وحسب، بل مصدر الفكرة التي يمكنها الشيوع والتأثير على وعي جماهير عربية واسعة تتوق للوحدة والقومية العربية، والتي تتخذ من الاقتصاد الاشتراكي عقيدة اقتصادية تمكنها من التحرر وفك الارتباط مع القوى الاستعمارية. ويخلص دريفوس، في كتابه للنتيجة التالية، «لذلك ومن أجل مناهضة الشيوعية والقومية العربية شجعت السعودية على نمو الإخوان في مصر والشرق الأوسط قاطبة»، مضيفا «شعر عدد من ملوك السعودية بتهديد من الشيوعية ورأوا في الإخوان المسلمين وغيرهم من اليمين الإسلامي حركة مناهضة للشيوعية، وكان عبد الناصر في مصر يشكل تهديدا لا يقل أهمية».
وهكذا بدأت رحلة التصدي لـ «كفار» يسكنون الاتحاد السوفياتي ولهم أتباع في أرجاء الوطن العربي!
سوريا لم تكن بعيدة عن كل هذا، فيشير أبو رمان إلى أن سوريا عرفت السلفية في مرحلة مبكرة من تاريخها الحديث بعد تأثر جمع من الإصلاحيين الإسلاميين فيها بالحركة الوهابية، لكنه يشير إلى أن التدين في سوريا بقي أقرب إلى الإسلام الصوفي والإسلام الشعبي، ما ساهم في ترسيخ هذا التيار تبني الدولة السورية للإسلام الصوفي واستخدامه في أجهزتها الأيديولوجية، كمؤسسة الإفتاء والقضاء الشرعي.
ولعل الطلاق البائن بين النظام السوري وبين الجماعات السلفية كان في العام 1980 عند إقرار القانون 49 الذي ينص بالإعدام على من ينتسب إلى «الإخوان المسلمين». وهذا ما يصفه أبو رمان في بحثه قائلا «تم التعامل مع قوى الإسلام السياسي الحركي والجهادي بشكل عنيف، وتوج ذلك في بداية الثمانينات في عهد (الرئيس الراحل) حافظ الأسد بتدميره مدينة حماه، وتشتيت جماعة الإخوان المسلمين وغياب تأثيرهم في الداخل».
الأردن لم يكن بعيدا عن كل هذا، ففي منتصف القرن الماضي تقريبا ساهم المسؤول العسكري والأيديولوجي في «الإخوان» سعيد رمضان بتحويل الحركة الإسلامية في الأردن من السرية إلى العلنية. ويشير دريفوس إلى أن الذي سهّل لرمضان مهمته هو التاجر الأردني الثري عبد اللطيف أبو قورة الذي كانت تربطه علاقة وثيقة مع الملك عبد الله الأول. وراح رمضان وأبو قورة يطرحان قضية مواجهة مصر وبقية العالم الإسلامي في القرن العشرين للشيوعية والقومية اللتين تنكران تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمع.

_______
السفير

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.