‏إظهار الرسائل ذات التسميات تركيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تركيا. إظهار كافة الرسائل

السبت، 18 مارس 2017

أردوغان المدجّن... يبحث عن دور... لم يندم أو يقم بمراجعة فكرية وسياسية لأهداف حكمه في سوريا

    مارس 18, 2017   No comments
 إيلي حنا

قد يقترن معظم المشهد السوري المعارض بنشاط وحضور أنقرة. تركيا رسمت على نحو واضح خريطة طريق لإسقاط الدولة السورية، بالسياسة والعسكرة. بعد 6 سنوات من الحرب نشهد انحساراً كبيراً في بنك أهداف رجب طيب أردوغان. هي الواقعية التي فرضها التدخّل الروسي ومعه دمشق وحلفاؤها. يد «السلطان» انكفأت بعد فشلها في الكباش الميداني والسياسي في غير معركة مفصلية. لم ينسحب من المشهد وإلغاؤه غير ممكن... هو المُدجّن سورياً في هذه المرحلة ينتظر اقتناص فرص جديدة في ظروف مغايرة.
«بشار الأسد ودائرته المقربة يوشكون على ترك السلطة والرحيل... ويجرى الاستعداد لعهد جديد هناك». هذا التصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تموز من عام 2012 يوضح أهداف بلاده الحقيقية لـ«سوريا الجديدة».

منذ اليوم الأول للأزمة السورية، شكّلت أنقرة الحصان الأسود للهجوم السياسي ثم التحضير العسكري لإتمام انقلاب المشهد.

بالتزامن مع هذا التصريح، قارب «أصدقاء السلطان» من الإمساك بمدينة حلب، لينتهي المطاف بتقاسمها مع الجيش.

أرياف الشمال تهاوت، ومن هناك إلى إدلب فريف اللاذقية الشمالي، كانت أنقرة عبر «مُنتجاتها» وحلفائها ترمي بثقلها في الميدان.

ومن الضروري التذكير الدائم بالتسجيلات الصوتية التي سُرّبت لمسؤولين أتراك كبار في آذار عام 2014 (مدير المخابرات حقان فيدان ووزير الخارجية (حينها) أحمد داوود أوغلو ونائب رئيس الأركان وغيرهم) عن سيناريو لتنفيذ عملية سرية لتبرير تدخّل عسكري في سوريا. في التسجيل قال فيدان: «لسنا في حاجة إلى أي حجج أو مبرّرات للتدخل العسكري... نستطيع أن نرسل أربعة أشخاص يطلقون ثمانية صواريخ نحو الأراضي التركية، أو عناصر من الاستخبارات للقيام بعمل استفزازي ضد ضريح سليمان شاه (...)، ثم نقول إنّ داعش هي التي قامت بذلك، وبعدها يتدخل الجيش التركي».

أنقرة الباحثة دائماً عن دور أكبر، تحيّنت كل الفرص لتعزيز حضورها في سوريا. لم يكبح هذا الدور المتعاظم سوى التدخّل الروسي المباشر في 30 أيلول 2015. جردة سريعة لأولى الطلعات الجوية تحيلنا على استهداف «أصدقاء أنقرة» من التشكيلات العسكرية. من ريف اللاذقية قرب الحدود وصولاً إلى حلب وريفها، كان ضغط «السوخوي» يشتدّ ويبدأ بقلب الموازين.
وبعد إسقاط أنقرة الطائرة الروسية في تشرين الثاني من عام 2015، كانت موسكو تزيد من حضورها عبر سلسلة قرارات عسكرية متدحرجة لإعادة ترتيب ساحة الاشتباك فوق الأراضي السورية. بدأ عملياً تحجيم الدور التركي وتدجينه.
في خلال تحرير مدينة حلب في كانون الأول الماضي، جاء الإجهاز على مزيد من الرهانات التركية. توالى إسقاط خطوط أنقرة الحمر لتنكفئ بعيداً عن حسابات «عاصمة الشمال».

شريك ناقص

من خصم لدود لروسيا إلى شريك مدجّن. هكذا جاءت مخرجات معركة حلب في ظلّ انكفاء أميركا المشغولة حينها بتسلّم دونالد ترامب رئاستها.
وضع الدبلوماسيون الروس نُظراءهم الأتراك إلى جانبهم على طاولة واحدة، لكن لم تكن علاقة نديّة، بل أقرب إلى شريك ناقص.
بالتزامن مع معركة الباب حاول حاكم قصر «شنقايا» القفز شرقاً نحو نهر الفرات. أكّد لموسكو أنّه لن يستهدف الجيش السوري بل يريد استكمال حربه ضد «داعش» وصولاً إلى الرقة، وإبعاد «الخطر الكردي».
نقلت موسكو، حسب معلومات «الأخبار» الرسالة إلى الجانبين السوري والإيراني. سريعاً جاء التحرك المضاد: أقفل الجيش السوري طريق «درع الفرات» عبر اتصال قواته جغرافياً بمناطق «قوات سوريا الديموقراطية» في ريف منبج الغربي. جُنّ جنون «السلطان»، وانعكست تصريحات عالية النبرة ضد طهران وسياساتها في المنطقة.
كانت المسألة مجرّد تعبير فجّ جراء انزعاج وخنق. يومها رُسّمت حدود أنقرة ضمن مثلّث جرابلس ـ الباب ــ أعزاز في ريف حلب الشمالي. العجز التركي استحال قوة روسية إضافية وتعزيزاً لمكانتها.

ست سنوات والشغل الشاغل لأنقرة وحكامها، هو الحرب السورية ومآلاتها. كُرسّت سياسات ومشاريع على أساس نتيجة الصراع السوري. غرق الداخل التركي في التفاصيل اليومية السورية. من مسألة اللاجئين إلى الحدود المشتعلة وخلفها مشروع دويلة كردية مروراً بالناشطين والمسلحين الذين وجدوا في تركيا مأوىً ومنصة.
لم تعدّل أنقرة استراتيجياتها، ما قبل الحضور الروسي المباشر، إلا في سبيل فعالية أكبر وتدّخل أعمق في بلاد الشام.

مؤخراً، حان موعد الواقعية. لم تحرق أنقرة كل أوراقها، لكن «الضابطة» الروسية حاضرة للتأديب والتأنيب. في النتيجة أمّنت تركيا حضوراً أساسياً في «مستقبل سوريا». فهي عبر قواتها الغازية ثبّتت وجودها في الجغرافية والعسكر، ليضاف ذلك إلى الدور السياسي والحضور التاريخي الذي يتيحه موقعها لتكون جزءاً مهماً من المشهد العام.
رجب طيب أردوغان لم يندم أو يقم بمراجعة فكرية وسياسية لأهداف حكمه في سوريا. لا زال يتمنّى أن يطأ أرض دمشق «فاتحاً» منتصراً، هو الأمر الواقع الذي فُرض عليه. بالحساب العام خسر العديد من النقاط... لكنّه لم يرفع الراية البيضاء.

الاثنين، 27 فبراير 2017

تقلبات رجب طيب أردوغان من "صديق" الى اخر قد تعزل تركيا أكثر... تركيا وإيران: نهاية عقود العسل؟!

    فبراير 27, 2017   No comments
بعض الحقائق حول تركيا التي من الصعب الجدال عليها:
1. تركيا الآن محكومة من قبل رجل واحد: رجب طيب أردوغان
2. أردوغان متهور جدا ومتقلب المزاج
3.
أردوغان يسعى للتفرد بالسلطة
4. صداقة
أردوغان مع روسيا حصلت عندما شعرأردوغان ان الولايات المتحدة خططت للإطاحة به أو على الأقل عدم الاكتراث لانقاذه
5.
أردوغان الآن بدأ التمحور ترامب، عندما لوح الأخير بنيته انشاء "المناطق الامنة" في سوريا.
6. انعطف
أردوغان بعيدا عن روسيا وإيران بتوجهه نحو ترامب  وحكام الخليج.
7. عندما يفشل ترامب في إنشاء مناطق آمنة في سوريا ويستمر في تسليح الأكراد، فإن أردوغان لن يجد أصدقاء، ما عدا، ربما بعض حكام الخليج... لأنه اثبت انه لا يمكن ان يوثق به.


______________________
تركيا وإيران: نهاية عقود العسل؟!
علي هاشم
كان التماثل في السياقات بين إيران وتركيا خلال القرون السابقة مثيراً للاهتمام. الأعوام المئة وخمسون الأخيرة حملت كثيراً من التشابه والتقارب بما في ذلك مرحلة ما بعد الثورة في إيران وصعود نجم الإسلاميين في تركيا. لكنّ هذه الثقة التي امتدت لعقود وترجمت في دعم إيران لأردوغان إبّان محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/ يوليو 2016 تبدو أنّها أمام اختبار صعب نتيجة الأزمة السورية. فما يلبث أن ينتهي مفعول المهدئ المؤقت حتى يعود الصراخ مجدداً ليملأ المكان.


روح الحروب العثمانية ــ الفارسية تنبعث أصواتاً مرتفعة على جانبي حدود تركيا وإيران. في السابق كان الصراع بين سلطان وشاه حتى وصل ذروته في معركة "تشالديران" عام 1514 وأنهي على مراحل بين قصر شيرين وأرضروم (1و2). إنتهت حروب المملكتين ولم يطل الأمر حتى إنتهى زمن السلالات. سقط القاجار والعثمانيون معاً، وصعد نظامان جديدان في أنقرة وطهران معاً. فالضابطان المتمرّدان، رضا "مكسيم" خان ومصطفى كمال أفندي، استبدلا السياق الديني الملكي بالسياق العلماني، وقامت في تركيا الجمهورية بنكهة ملكية عسكرية، وفي إيران وُلدت ملكية بنزعة تغريبية.

كان التماثل في السياقات بين إيران وتركيا خلال القرون السابقة مثيراً للاهتمام. بيد أن الأعوام المئة وخمسين الأخيرة، (إضافة إلى كونها شهدت علاقات مميّزة بين الجارين)، حملت كثيراً من التشابه والتقارب. فقبل عزل رضا شاه في إيران كان أتاتورك قد أسلم الروح. وبعد الرجلين دخلت البلاد في مرحلة من الرفاه السياسي. في إيران كان الحاكم إسمياً محمد رضا بهلوي نجل الشاه الأول، بينما في تركيا تداول على السلطة عدد من الرؤساء. لكن المرحلة تمخضت في البلدين عن أول انتخابات حرّة ونزيهة في بداية الخمسينيات، أوصلت إلى رئاستي حكومتي البلدين كلاً من السياسي الإيراني المتمرد محمد مصدّق ونظيره التركي عدنان مندريس.

لم يطل الأمر على مصدّق ليطيح به انقلاب أميركي ــ بريطاني، سمي بعملية "أجاكس". وأعاد الانقلاب تنصيب الشاه الإبن محمد رضا بهلوي في آب/ أغسطس العام 1953. ولم يصمد مندريس في تركيا أبعد من العام 1960 حين أطاح به انقلاب عسكري. أُعدم مندريس ووضع مصدّق في الإقامة الجبرية في مدينة أحمد آباد الإيرانية واستقر الحكم للجيش في تركيا وللملك في إيران حتى أواخر السبعينيات.

مع الثورة الإسلامية في إيران كان نجم نجم الدين أربكان يسطع في تركيا. فالخمسيني المؤسس لأحزاب إسلامية عدّة وصل إلى موقع نائب رئيس الحكومة لكنّ انقلاب الجيش في آذار/ مارس العام 1980 وضع حداً لطموحاته على نحو مؤقت، بيد أنّه وفّر للحالة الإسلامية التركية زخماً لم يكن موجوداً من قبل. في العام 1996 كان حزب الرفاه الذي يتزعمه أرباكان في أفضل أيامه، وهكذا أصبح زعيمه رئيساً للحكومة إلى أن اضطّر للاستقالة عام 1997 بأمر من الجيش.
ومع إطلالة الألفية الجديدة عاد الإسلاميون ليصعدوا السلم بوجوه جديدة وأصبح رجب طيب أردوغان وعبد الله غل، من تلامذة أرباكان السابقين، قادة الحزب الجديد، فتقاسما السلطة بين رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة وبالعكس، إلى أن انتهى المطاف بأردوغان وحيداً على رأس الهرم التركي.


بينما كان يتحيّن كثر سقوط أردوغان وقفت طهران إلى جانب القيادة التركية ضدّ محاولة الانقلاب
بينما كان يتحيّن كثر سقوط أردوغان وقفت طهران إلى جانب القيادة التركية ضدّ محاولة الانقلاب
في 15 تموز/ يوليو 2016 كاد انقلاب عسكري يطيح بأردوغان وينهي حقبة حزبه العدالة والتنمية في السلطة التي امتدت منذ العام 2001. وفي اللحظة المحورية تلك، وبينما يتحيّن كثر من خصوم تركيا في المنطقة والعالم، لحظة سقوط أردوغان الذي انقلب شعار سياسته من صفر مشاكل إلى صفر أصدقاء، كان المرشد الإيراني السيد علي خامنئي يوجّه مسؤوليه الرئيسيين للتواصل مع القيادة التركية وسؤالهم إن كانوا يحتاجون لأي نوع من الدعم.

روسيا كانت بدورها، رغم الخصومة التي تسبب بها إسقاط طائرة حربية روسية على الحدود مع سوريا، تمدّ يد العون لخصمها الجديد وتقدم له معلومات إستخبارية تنقذه من المصير المحتوم. في تلك الليلة لم تجد أنقرة إلى جانبها سوى موسكو وطهران.

وقفت أنقرة مجدداً على رجليها، لكنها وجدت نفسها وسط حرب على جبهات متعددة. فهي تواجه  في الداخل جماعة الداعية فتح الله غولن، وحرباً ضروساً إلى الشرق مع الأكراد، وحرباً حتى النخاع على الجبهة السورية. العراق بدوره شكل جبهة أخرى مشتعلة قد يجد أردوغان نفسه في أي لحظة مضطراً لخوضها. هذا إلى جانب صراع الهوية القاتل الذي تعيشه البلاد. فتركيا التي كانت حتى سنوات قليلة مضت علمانية تريد الإلتحاق بالغرب، (هكذا على الأقل تربى أبناؤها)، ها هي اليوم تقدّم نفسها إسلامية تريد أن تقود الشرق ولا تدري إذا كانت قادرة على التوفيق بين ما تمنّي به النفس وما هو ضروري لأمنها القومي. وحين خرجت أنقرة من أزمتها تتلمس خارطة طريق تحالفاتها، بدت روسيا أفضل من يمكن البدء ببناء الثقة معه. هكذا رأت أنقرة، أما طهران فهنا على ما يبدو كانت تكمن المشكلة بالنسبة للأتراك.

خمس سنوات من الحرب السورية ومن تضارب المصالح على امتداد المنطقة يبدو أنه مزّق جدار الثقة بين أنقرة وطهران. لعلّ تركيا تعتقد أنها على حق في ما تقوم بها، وربما يؤمن أردوغان بأن ما يفعله في سوريا واجب إلهي. الأمر هو ذاته بالنسبة لإيران، التي ترى قيادتها أن الحرب في سوريا دفاع مقدس وأن الدور الذي تقوم به هناك هو الحق بعينه.

بين حق حتميّ هنا وحقّ حتميّ هناك قطعاً لا محلّ للجسور مهما أظهر طرف للآخر من حسن نوايا ومهما عبّر واحد للثاني عن حبّ وغيرة وحرص. ما بين الإيرانيين والأتراك حالياً لا يختلف كثيراً عما كان بينهم خلال سنوات ما قبل اتفاقية أرضروم (1 و2). المدى الحيوي للأمن القومي خرج عن الحدود المرسومة سابقاً، والتنافس وصل إلى أوجه في ظل فراغ كبير على امتداد الخريطة من قصر شيرين إلى اللاذقية. ليس ممكناً على ما يبدو رتق الأفتاق التركية ــ الإيرانية، ولا الكلام الإيجابي، ولا المبادرات، ولا اللقاءات أو التنسيق وغيرها، فكل هذه المحاولات يمكن أن تلعب دور المهدّئ المؤقت الذي ما أن ينتهي مفعوله حتى يعود الصراخ مجدداً ليملأ المكان.

حلفاء إيران ربما يبدون سعداء بالتهجم التركي. وحلفاء أنقرة لا تسعهم الدنيا جراء التصعيد التركي يوماً بعد يوم  ضدّ طهران. فالصراع اليوم لم يعد كما جرى تشخيصه سابقاً بأنه تناقض مصالح في مناطق الحلفاء واتفاق مصالح على حدودي البلدين. الأخطر اليوم أن المنطقة بأسرها في وضع يسمح بتطور التوتر إلى ما هو أكثر من ذلك في ظل تواجد قوات برية لكلا الطرفين على مساحة واحدة. الأكثر خطورة هنا أن البلدين إنتهى بهما المطاف طرفين رئيسيين في صراع المنطقة، ومؤتمر أستانة الأوّل رسخ المشهد عبر جمعهما معاً كطرفي نزاع لا كشريكين في حله. التعقيد الإضافي للمشهد يأتي من الولايات المتحدة التي يبدو أن تصعيدها الكلامي ضد طهران يشكل نوعاً من الإغراء لأردوغان لإعادة التموضع مجدداً مع دولة كبرى، ولا سيما أن حليفته اللدودة إيران، تبدو بدورها مرتاحة إلى حد ما على جانبها من الخريطة.

الجمعة، 27 يناير 2017

موقف الإخوان-سوريا الرسمي من مؤتمر أستانة

    يناير 27, 2017   No comments
تعتبر تركيا وقطر الراعي الدولي للإخوان المسلمون بعد ما يسمى بالربيع العربي. ثم أتجهت تركيا نحو روسيا مؤخرا... فما هو موقف الإخوان من مؤتمر أستانة؟

 ___________________
الموقف الرسمي من مؤتمر أستانة

بِسْم الله الرحمن الرحيم

إنطلاقاً من مبادئ الإسلام العظيم فقد حرصت جماعة الإخوان المسلمين في سورية على كلّ مبادرة من شأنها إيقاف نزيف الدماء والحفاظ على أرواح شعبنا السوري وتحقيق أهداف ثورته، وتعاملت معها بإيجابية وروح وطنية عالية.

وفي هذا السياق أصدرت الجماعة بياناً رحّبت فيه باتفاقية وقف إطلاق النار التي وقّعتها الفصائل العسكرية بتاريخ ٣٠ كانون أول ٢٠١٦، واعتبرتها خطوة مهمّة وإيجابية على طريق الحل السياسي.

واليوم والفصائل العسكرية تتّجه للمشاركة في مؤتمر أستانة فإننا نؤكد على مايلي:

أولاً: إنّ لقاء أستانة يهدف لتثبيت وقف إطلاق النار واختبار جدّية النظام وميليشياته من الالتزام بهذه الاتفاقية، والاتّفاق على إكمال العملية السياسية في جنيف، وهو الدور الذي تقوم به الهيئة العليا للتفاوض بما تملكه من شرعية دولية ومرجعية أممية، حسب وثيقة مؤتمر الرياض ومرجعيات جنيف.

ثانياً: نؤكّد على تمسّكنا بمبادئ الثورة وثوابتها، والعمل على تنفيذ البنود الإنسانية الواردة في قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وأن نتحرك جميعاً عن موقف واحد متماسك سياسياً وعسكرياً، ونعتبر أنّ مساحات الاجتهاد السياسي لا تستدعي الخلاف والتخوين، بل يجب أن ندعم بعضنا البعض ضمن رؤية الثورة المتفق عليها.

ثالثاً: مازالت روسيا وإيران والمليشيات الشيعية تمارس القتل والقصف في وادي بردى والغوطة وجنوب دمشق وريف إدلب وحلب، والذهاب لأيّ مبادرة أو خطوة سياسية لا يعني السكوت عنهم وعدم مواجهتهم وردعهم.

رابعاً: اعتبار بشار الأسد ونظامه وأجهزته الأمنية خارج نطاق التفاوض وأنّه لامستقبل لهم في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سورية بعد المجازر التي ارتكبوها بحقّ الشعب السوري.

خامساً: إنّ ثقتنا بنصر الله كبيرة وإنّ ثورات الشعوب ستنتصر في النهاية مهما كانت الصعوبات والتضحيات، وواجبنا هو الحفاظ والثبات على أهداف الثورة وعدم التفريط بها أو بجزء منها مهما كانت الضغوط ومن أيٍّ كان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٨
٢٠ كانون ثاني ٢٠١٧

الخميس، 26 يناير 2017

هل يستطيع ترامب إقامة "منطقة آمنة في سورية"؟... هل نشهد تقاربا بين “النصرة” و”الدولة الإسلامية”؟ وصداما روسيا أمريكيا؟ وما دور مؤتمر استانة في كل ذلك؟

    يناير 26, 2017   No comments
هل يستطيع ترامب إقامة "منطقة آمنة"؟

 قاسم عزالدين

قد لا يكون حديث ترامب في المنطقة الآمنة أجدى من الأماني التركية بخصوصها وما إحالتها للدراسة ووضع الخطة سوى من علامات المماطلة. فالدراسات والخطط التي أعدّتها وزارتا الخارجية والدفاع في عهد باراك أوباما لا تشوبها شائبة على الورق. لكنها في كل مرّة كان يتم البحث في وضعها على الأرض، كانت تواجهها معضلات تتجاوز قدرة الولايات المتحدة في أولوياتها.
ما تناوله دونالد ترامب بصدد رغبته في إقامة منطقة آمنة في سوريا، جاء في سياق حديث عن شاغله الشاغل لمحاربة المهاجرين. فما وعد به أثناء حملته الانتخابية يحاول أن يقدمه بطابع التزام جدي في إدراجه ضمن ما يُعرف بتقليد أول تسعين يوماً بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
في هذا السياق تطرّق ترامب في حديثه مع قناة "أي بي سي نيوز" الأميركية، إلى التأكيد على إقامة منطقة آمنة وأن وزارتي الدفاع والخارجية "ستعدّان الدراسة لوضع الخطة". لكن ما أشار إليه هو فرع من أصل عدائية للهجرة أسهب فيها ظناً أنها علّة العلل في أميركا والعالم. وسرعان ما وقعت إشارة ترامب في وزارة الخارجية التركية موقعاً طيّباً، إذ تلقفها الناطق الرسمي باسمها حسين مفتي أوغلو مذكّراً بالفضائل التركية السبّاقة منذ زمن طويل في مضمار المنطقة الآمنة. لكنه لم يشأ المغامرة في الإشادة بما تطرّق إليه ترامب منتظراً "نتيجة الدراسة ومقاصدها" كما قال.
وفي أغلب الظن أن ما يتناوله ترامب بشأن المنطقة الآمنة، لا يتقاطع مع الدعوات التركية بأكثر من التشابه في اللفظ ولا سيما في لحظة تدعو فيها واشنطن رعاياها في تركيا إلى توخّي الحذر "على خلفية تصعيد الخطاب المعادي للولايات المتحدة". بل ربما أن مقاصد الطرفين متناقضة تماماً من وراء القصد. فبينما يتوخّى البيت الابيض إقامة المنطقة الآمنة مع وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، تأمل أنقرة أن تكون ضدها في التمام والكمال.
وقد لا يكون حديث ترامب في المنطقة الآمنة أجدى من الأماني التركية بخصوصها وما إحالتها للدراسة ووضع الخطة سوى من علامات المماطلة. فالدراسات والخطط التي أعدّتها وزارتا الخارجية والدفاع في عهد باراك أوباما لا تشوبها شائبة على الورق. لكنها في كل مرّة كان يتم البحث في وضعها على الأرض، كانت تواجهها معضلات تتجاوز قدرة الولايات المتحدة في أولوياتها. ومنها عدم استعداد واشنطن لمغامرة عسكرية على الأرض في مواجهة موسكو، كما قال جون كيري سابقاً وكما يقول دونالد ترامب اليوم ولاحقاً. ومنها أيضاً عدم استعداد واشنطن لفرض حظر طيران والتفريط بالتنسيق مع موسكو في الأجواء السورية، وهو ما يأمل ترامب توطيده في مواجهة "داعش" والنصرة كما يقول.
ما توقفت عنده إدارة أوباما من معضلات حاولت تخطيها في الاعتماد على حرب بالوكالة، لا تحظى بمثله إدارة ترامب المنكفئة على نفسها من دون أن يبقى لها الكثير من الأوراق لحرب بالوكالة على الأرض. فمعظم الأوراق في الأزمة السورية باتت في أيدي الثلاثي الراعي لمحادثات آستنة روسيا وإيران وتركيا، على ما يتقاطع عليه الثلاثي وليس على ما يرغب كل من جانبه.المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أشار إلى هذا المتغيّر فيما يدل على أن الادارة الاميركية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار المستجدات وعليها "دراسة العواقب المحتملة كافة". فقطار الثلاثي يتحرّك من محطة الأزمة السورية السابقة بتوأدة لكن بشكل محسوس. وقد شعرت بتحركه دول أوروبية كثيرة تحاول أن تحجز لها مقعداً، وفي مقدمها فرنسا بمرشحها الاشتراكي المحتمل "بنواه هامون" ومرشحها اليميني "فرنسوا فييون" فضلا عن مرشح اليسار الراديكالي "جون لوك ملنشون" ومرشحة اليمين الشوفيني مارين لوبان.
تشعر بالتحرك أيضاً دول مجلس التعاون الخليجي التي أوفدت وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح إلى طهران "من أجل حوار يتحلّى برؤية مستقبلية لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة" كما نُقل عن رسالة الأمير. ولا ريب أن ما يتواتر عن اتصالات بين عمان ودمشق لمواجهة مخاطر "داعش" في البادية السورية وحوض اليرموك، قد لا يكون جلّه محض ادّعاء في ظل نقلة نوعية بين موسكو وعمان. وفي هذا السياق تدعو موسكو حزب الاتحاد الديمقراطي بين منصّات سياسية أخرى في اتجاه مرجعية مفاوضات جديدة في جنيف، وربما لقطع الطريق على الفيدرالية في اتجاه حلول أخرى.
قد تكون تعقيدات الأزمة السورية شديدة التشعّب، لكن القطار يتحرّك نحو ضوء آخر النفق.
______________

ترامب يفاجئ الروس بقرار إقامة “مناطق آمنة” في سورية.. و”الجيش السوري الحر” يتآكل لمصلحة “احرار الشام” الاخوانية المدعومة تركيا.. فهل نشهد تقاربا بين “النصرة” و”الدولة الإسلامية”؟ وصداما روسيا أمريكيا؟ وما دور مؤتمر استانة في كل ذلك؟

عبد الباري عطوان
نتائج مؤتمر استانة الذي اختتم اعماله قبل يومين فقط، بدأت تنعكس توترا وصدامات دموية على الأرض السورية بين الفصائل المسلحة، حليفة الامس، ودخول دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الجديد الى الحلبة “مبكرا”، بإعلانه عن إقامة “مناطق آمنة” في سورية “للأشخاص الفارين من العنف”.
التطور الأول، أي الاشتباكات الدموية بين فصائل الجيش الحر التي شاركت في مؤتمر استانة، وجبهة “النصرة” كان متوقعا، لان هذه الفصائل التزمت بإتفاق يحولها الى “صحوات” تنخرط في تصفية الأخيرة المدرجة على قائمة الإرهاب روسيا وامريكيا، وأخيرا تركياً، لكن ما لم يكن متوقعا هو “المناطق” الآمنة التي يريد ترامب اقامتها داخل الأراضي السورية على الأرجح.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اكد على لسان ديمتري باسكوف المتحدث باسمه صباح اليوم انه فوجيء بالموقف الأمريكي الجديد، واكد انه لم ينسق مع موسكو حول هذه المسألة، ودعاه الى دراسة العواقب التي يمكن ان تترتب على هذا القرار في تحذير واضح”.
***
انعقاد مؤتمر استانة كان احد ابرز إنجازات “الدهاء الروسي”، لانه حقق الفصل بين جبهة “النصرة” وفصائل الجيش السوري الحر أولا، وبين جبهة “النصرة” وحليفتها الاستراتيجية حركة “احرار الشام”، ووظف الطرفين الأخيرين في اطار مخطط لتصفية الأولى، أي “النصرة”، في شمال سورية، ثم الانتقال لتصفية “الدولة الاسلامية” في غربها.
بعد “اكمال” عملية الفصل على الأرض، جرت عملية الغاء لـ”الجيش الحر” كمظلة للفصائل المعتدلة، وتوحيد معظم فصائله تحت مظلة كيان قديم جديد عنوانه “احرار الشام” التنظيم الموالي لتركيا، ويعتقد انه الذراع العسكري لحركة “الاخوان المسلمين” السورية.
حركة “احرار الشام” أعلنت الحرب، وبإيعاز من تركيا، عسكريا وسياسيا، على جبهة “النصرة” وفي منطقة ادلب على وجه الخصوص:

  
   عسكريا: تحت ذريعة حماية الفصائل التي وقعت على اتفاق استانة، وتعرضت لتصفية دموية من قبل جبهة النصرة، مثل جيش المجاهدين، صقور الشام، جيش الإسلام، (قطاع ادلب)، ثوار الشام، الجبهة الشامية، وحركة استقم.
    سياسيا: من خلال وضع الحكومة التركية جبهة “النصرة” على قائمة الارهاب رسميا اليوم الى جانب “الدولة الإسلامية”، وبعد تلكؤ استمر ست سنوات، وإصدار الائتلاف الوطني السوري المعارض بيانا بعد اجتماعه الطارئ بإسطنبول، وبإيعاز تركي أيضا، ادان فيه الجبهة (النصرة)، ووصفها بأنها تنظيم إرهابي عابر للحدود، يتبنى فكرا منحرفا، وسلوك متطرف، ورفض البيان تغيير الاسم الى “فتح الشام”، واصر على ربطه بتنظيم “القاعدة”، وهذا تطور جديد أيضا.

حتى قبل استانة كانت هذه الفصائل تقاتل الى جانب جبهة “فتح الشام” النصرة، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” والجيش السوري، وشكلت معها جيشا مشتركا تحت اسم “جيش الفتح” الذي يسيطر على مدينة ادلب حاليا، فماذا حدث لتنقلب الأمور رأسا على عقب في غضون أيام او أسابيع على الأكثر؟
جبهة “فتح الشام” او “النصرة” كانت البادئة بالهجوم الشرس لتصفية الفصائل التي ذهبت الى استانة، وخاصة صقور الشام، وجيش المجاهدين، والجبهة الشامية، بضغط او تنسيق تركي لسببين:

    الأول: وصول معلومات مؤكدة ان بعض هذه الفصائل هي التي قدمت معلومات للتحالف الأمريكي عن تحركات عناصرها وقياداتها، مما أدى الى استهدافها ومقتل 13 في غارات أمريكية.
    الثاني: تعهد هذه الفصائل في الانخراط في حرب ضدها في استانة باعتبارها حركة إرهابية.

جبهة “النصرة” تواجه المصير نفسه الذي واجهته “الدولة الإسلامية” ومن قبلها الفصائل المذكورة نفسها، وبالذريعة نفسها، أي تجاهل “فتح الشام” الدعوات للاحتكام الى المحكمة الشرعية التي دعت لانعقادها حركة “احرار الشام” لحقن الدماء، الامر الذي دفع هذه المحكمة وداعميها الى وصفها، أي جبهة النصرة، بـ”الفئة الباغية” وتحميلها مسؤولية هذا التجاهل.
***
لا نعرف ما هو موقف منظري الحركات الجهادية في داخل سورية مثل الشيخ عبد الله المحيسني القاضي الشرعي لحركة “احرار الشام” و”المجاهدين”، وكذلك مواقف الشيخين ابو محمد المقدسي، وعمر عثمان ابو عمر “ابو قتادة”، اللذين انتصرا لجبهة النصرة، او بالأحرى الذراع العسكري لتنظيم “القاعدة” في سورية، في خلافها مع “الدولة الإسلامية” كما لا نعرف أيضا موقف الدكتور ايمن الظواهري، زعيم “القاعدة”، تجاه هذا التطور الذي ستترتب عليه نتائج خطيرة جدا.
اختلطت الأوراق سريعا على الساحة الميدانية السورية، وتبخرت بعض الآمال في تحقيق تسوية سياسية تحقن الدماء، وبث الحياة مجددا في العملية السياسية التفاوضية، وانعقاد مؤتمر جنيف في الأسبوع الثاني من شهر شباط (فبراير) المقبل.
لا نستبعد، او نستغرب، حدوث نوع من التقارب بين جبهة “النصرة” وتنظيم “الدولة الإسلامية” باعتبارهما في دائرة الاستهداف، مثلما لا نستبعد بداية خلاف وربما تصادم بين “الصديقين” بوتين وترامب على الارض السورية.
فإعلان ترامب عن اصراره لاقامة مناطق آمنة، واعطائه صقور وزارة الدفاع 90 يوما لوضع هذه الخطة والبدء في تنفيذها لاحقا، وترحيب تركيا السريع، كلها تتطلب فرض حظر جوي، وجود قوات ومعدات أمريكية بأعداد ضخمة على الأرض، وزيادة اعداد الطائرات الحربية، فهل ستسكت موسكو على هذا التدخل العسكري المباشر الذي سيهدد تفردها بالساحة السورية، وكيف سترد؟
الازمة السورية تنتقل الى “مربع″ جديد، وسحب التفاؤل التي سادت مؤتمر استانة مرشحة للتبدد لمصلحة سحب سوداء اكثر تشاؤمية، مما يضع الجميع امام معادلات جديدة، ونأمل ان نكون مخطئين.

السبت، 7 يناير 2017

أردوغان يسلّم أوراقه لبوتين وإيران تتوجس

    يناير 07, 2017   No comments

الجمعة، 23 ديسمبر 2016

درع الصليب - ولاية حلب - الــدولـة الاسـلاميـة: حرق الجنديين رسالة : «فضّ شراكة» مع أنقرة؟

    ديسمبر 23, 2016   No comments
أحد مقاتلي التنظيم، ويُدعى --أبو حسن-- يعدم جنديين تركيين حرقاً
«داعش» يعدم جنديين تركيين حرقاً: أردوغان «درع الصليب»

نور أيوب

بعد فترة من «الركود الفني»، مع تقدّم القوى العراقية في محافظة نينوى، وتراجع مسلحي التنظيم في ريف حلب الشمالي، نشرت «ولاية حلب» في تنظيم «داعش» الإرهابي، أمس، إصداراً جديداً في 19 دقيقة، تضمّن عملية إعدام جنديين تركيين حرقاً.
وكان الجنديان فقدا في قرية الدنا، غربي مدينة الباب، في ريف حلب الشمالي، نهاية الشهر الماضي. وأعلنت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أسر «المجاهدين» لهما.

وتضمن العرض مشاهد للجنديين المكبّلين اللذين حمّلا أردوغان مسؤولية مصيرهما، ودعَوا الجنود الأتراك الى «ترك أراضي الدولة الاسلامية قبل أن تذوقوا ما ذقناه من ذل». بعد ذلك، أُضرمت النار في سلاسل كانا مربوطين بها، وامتدت النار اليهما، ليقضيا حرقاً أمام عدسة الكاميرا التي التقطت أدق تفاصيل «عملية الإعدام».
وكان التنظيم أعلن مطلع الشهر الجاري عن متحدّثه الجديد، أبو حسن المهاجر، خلفاً لأبو محمد العدناني. وفي كلمةٍ تحريضية شدّ فيها عصب تنظيمه، أوعز المهاجر إلى كل «مناصر» لـ«أمير المؤمنين»، خارج حدود «الدولة»، بـ«قتل الأتراك المرتدين... أينما وجدوا فوق كل أرض وتحت كل سماء».

الإصدار الجديد جاء تحت عنوان «درع الصليب»، في إشارة الى تصنيف «داعش» ما يجري في الشمال السوري بأنه ضمن «الحرب الصليبية ــ العلمانية ــ الكافرة» عليه. وبدا واضحاً أن الأمر ليس مجرد «عقاب» للجنديين، بل رسالة الى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعد طول «محبّة وود» مع التنظيم.
فمنذ ولادة «داعش» في المشرق السوري، كانت تركيا قنطرة عبور «المجاهدين» إلى أرض «الخلافة»، وسط تغاضٍ أمني ــــ عسكري. كذلك اتّخذ «جهاديو» التنظيم من تركيا «أمّاً حنوناً»، ومنطلقاً لـ«غزواتهم» في أوروبا، فيما جعلت «السلطنة» منهم ورقة ضغط وابتزاز للاتحاد الأوروبي، وقناة للتفاوض في أكثر من ملف، من اللاجئين إلى مكافحة الإرهاب.
ورغم إطلاق أردوغان عمليات «درع الفرات» (آب 2016)، إلا أن تسهيلات «الهجرة» لا تزال قائمة، ويمكن وصفها بـ«غضّ النظر... اتركوهم يذهبون إلى الموت»، بوصف متابع للتنظيم.
وعلى مدى خمس سنوات، ومنذ بداية الحرب السورية عام 2011، وإعلان «دولة الخلافة» عام 2014، كان إصدار «شفاء الصدور» (حرق الطيّار الأردني معاذ الكساسبة في شباط 2015) أقسى ما أنتجته المؤسسات الإعلامية التابعة لتنظيم «داعش» وأكثرها عنفاً ووحشية، موثّقاً برؤية إخراجية وعين سينمائية محترفة. إلا أن عملية أمس كانت أشد وحشية مع استخدام الأسلوب الاحترافي نفسه.
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن وزير الإعلام في التنظيم «أبو محمد فرقان» (الدكتور السعودي وائل عادل سلمان الفياض)، كان المسؤول الأوّل عن تلك الإصدارات، وعن الأسلوب وطريقة التصوير والإخراج. وأضافت أن التنظيم «عانى من شُحّ في الأفكار الإجرامية غير التقليدية منذ مقتل فرقان في تشرين الأول الماضي».
________________________
  أنقرة تنتقم لجندييها... بالداخل
جاء شريط إحراق الجنديين التركيين ليسدد ضربة موجعة لأنقرة، في الوقت الذي ترتفع فيه خسائر قواتها في معارك مدينة الباب. وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي عن الحكومة، أوقفت قوى الأمن 31 مشتبهاً في انتمائهم إلى التنظيم

لا تزال الحكومة التركية ملتزمة الصمت حيال الفيديو الذي أصدره تنظيم «داعش»، مساء أول من أمس، وأظهر حرق جنديين تركيين، من دون تحديد المكان والزمان لأحداث الشريط. وفي وقتٍ لاقى فيه الإصدار غضباً شعبياً عكسته مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت الحكومة توقيف 31 شخصاً في اسطنبول يشتبه في انتمائهم إلى التنظيم المتطرف.

وعلى الرغم من تبنّي «داعش» عمليات عدّة في السابق ضد القوات التركية وضد أهداف على أراضي تركيا، يأتي الشريط في توقيت حسّاس ليفاقم الخسائر التركية، لا سيما أن أنقرة أعلنت مقتل 14 جندياً من قواتها خلال يومٍ واحد، قبل يومين، في معارك مدينة الباب شمالي سوريا. وقالت وكالة «فرانس برس» إن ما لا يقل عن 38 جندياً تركياً قتلوا في سوريا منذ انطلاق عملية «درع الفرات» التركية في 24 آب.
وفي مشهدٍ يذكّر بإحراق الطيّار الأردني معاذ الكساسبة في شهر شباط 2015، والذي صُوّر بالطريقة نفسها، أظهر الفيديو الذي تبلغ مدته 19 دقيقة، ونشره التنظيم تحت اسم «ولاية حلب»، رجلين يرتديان البزة العسكرية يجري إخراجهما من قفص قبل أن تقيّد أيديهما ويُحرقا أحياءً.

وقبل إحراقهما، عرّف الجنديان عن نفسيهما باللغة التركية، وقال أحدهما إنه يدعى فتحي شاهين ومن مواليد قونية (وسط تركيا)، والثاني سفتر تاش (21 عاماً) خدم في كيليس (جنوب شرق). وفي ختام الشريط، أعلن أحد مقاتلي التنظيم، ويُدعى «أبو حسن»، أن تركيا «أصبحت أرض جهاد». وفيما دعا إلى «إحراق تركيا وتدميرها»، وصف الرئيس رجب طيب أردوغان بـ«الطاغوت». وكان الجيش التركي قد أكد الشهر الماضي أنه فقد الاتصال باثنين من جنوده في سوريا، بُعيْد إعلان وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم المتطرف مسؤولية الأخير عن اختطافهما.
وعقب نشر الفيديو على مواقع «جهادية»، حجبت الحكومة مواقع التواصل الاجتماعي. وقال موقع «بيزنيس إنسايدر»، إن الحكومة التركية منعت الوصول إلى تطبيق المحادثات «واتساب»، إضافة إلى مواقع «فايسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» و«سكايب» و«إنستاغرام» في جميع أنحاء تركيا. كذلك ذكر بعض المستخدمين أن خدمة فتح المواقع المحجوبة «VPN» لم تفلح في الالتفاف على القيود، مع انصياع موفري هذه الخدمات لأوامر الحكومة. ويُعدّ هذا الحجب الثاني خلال أسبوع، إذ أعقب الحجب الأول اغتيال السفير الروسي لدى تركيا، أندري كارلوف، مطلع الأسبوع الجاري.
في هذا الوقت، ألقت قوات الأمن التركية، يوم أمس، القبض على 31 من بين 41 مشتبهاً فيهم، أمرت نيابة إسطنبول بتوقيفهم ضمن التحقيقات المتعلقة بتنظيم «داعش». ووجهت النيابة إلى هؤلاء تهمة «العضوية في تنظيم إرهابي»، في حين لم يتم العثور على الـ10 الآخرين في أمكنة إقامتهم، ولا تزال عملية البحث مستمرة عنهم.
إلى ذلك، دعت السفارة الأميركية في أنقرة رعاياها إلى «الحذر» خلال فترة الأعياد، وحضّتهم على التنبّه من المشاركة في تجمعات عامة في هذه المناسبات، بسبب تنامي القلق من أحداث أمنية محتملة في مختلف أنحاء تركيا.

___________
المصدر: «الأخبار»





الجمعة، 2 ديسمبر 2016

هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم كليهما؟

    ديسمبر 02, 2016   No comments
ملاحظات المحرر: هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم  كليهما؟
______________ 

أردوغان يتراجع... مرة أخرى

 حسني محلي

بعد أقل من 24 ساعة على الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، خرج الأخير لينفي ما قاله سابقاً، بالقول إن «عملية درع الفرات في الشمال السوري لا تستهدف شخصاً أو دولة بل الإرهابيين». هذه الجملة تحولت إلى مادة أساسية لجميع محطات التلفزيون والمواقع الإخبارية، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي التي اتهمت أردوغان بالتراجع والتناقض الخطير، ليس في السياسة الداخلية فحسب، بل الخارجية أيضاً.

وليس جديداً أن يناقض أردوغا
رجب طيب أردوغانن نفسه في التصريحات خلال أيام أو حتى ساعات؛ ففيما كان يمتدح الداعية الاسلامي فتح الله غولن دائماً ويقول إنه قدّم إليه كل ما أراده، عاد ليعلن الحرب عليه بعدما ساهم غولن في كشف قضايا فساد نهاية عام 2013، تورّط فيها أردوغان وأولاده وبعض الوزراء المقربين منه. لكن الناخب التركي، الذي يصوّت لأردوغان، لم يعد يسمع بهذه التناقضات بفضل سيطرة الرئيس على 90٪‏ من وسائل الإعلام التي تتجاهل تصريحاته المتناقضة وتجد لها أحياناً تفسيرات غريبة.
وكان أردوغان قد قال قبل يومين، في مؤتمر عن القدس حضرته شخصيات إسلامية إقليمية وعالمية، إن «عملية درع الفرات تهدف إلى إطاحة حكم الرئيس (بشار) الأسد الظالم»، وهو ما أبرزته وسائل الإعلام العالمية، في الوقت الذي أعلنت فيه الأوساط الإسلامية أن أردوغان «زعيم تاريخي يناضل من أجل الحق، أي دعم الجماعات المسلحة في سوريا باعتبار أنها اسلامية، حتى إن كانت متطرفة».
لكنّ الإعلام الموالي له تجاهل أيضاً ردود الفعل الروسية على أقواله، خاصة حديث مصادر في الكرملن عن «غضب الرئيس بوتين من هذه التصريحات التي تتناقض مع الإطار العام لاتفاق بوتين مع أردوغان، منذ أن اعتذر الأخير من روسيا بسبب إسقاط الطائرة الروسية في ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٥». بعد ذلك، سعى مصدر في الرئاسة التركية إلى التهدئة عبر القول في الإعلام إنه «لا ينبغي تحميل الكلمات معاني أكثر مما تستحق». ويبدو أن بوتين لم يقتنع بهذه المحاولة، ما دفعه إلى تحميل وزير خارجيته رسالة واضحة يطلب فيها من أردوغان أن «يكذّب نفسه بنفسه، بأي أسلوب كان».

كان هذا «التهديد» كافياً بالنسبة إلى الرئيس التركي ليتراجع عمّا قاله قبل يومين، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب هذا التراجع وماهية العلاقة بينه وبين بوتين، في وقت وصف فيه أعضاء في البرلمان، عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أقوال أردوغان بأنها خطيرة، خاصة إذا كان بوتين يملك بعض الأوراق الخطيرة التي يلوّح بها ليجبر أردوغان أولاً على الاعتذار رسمياً من موسكو، وثانياً وقف الدعم للجماعات المسلحة في سوريا، خاصة في حلب، وأخيراً تخليه عن مشروع إسقاط الأسد.
المفاجأة الثانية ظهرت عندما اضطرت وزارة الخارجية التركية إلى اعترافها بخطأ فادح في ترجمة أقوال الوزير الروسي سيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في مدينة أنطاليا، حينما قال لافروف إنه «لا روسيا ولا سوريا، أو قواتهما الجوية، على علاقة بمقتل الجنود الأتراك قرب مدينة الباب»، فنقل المترجم هذا الكلام: «ليس الروس، بل السوريون هم الذين هاجموا الجنود الأتراك». وأشار لافروف خلال المؤتمر الصحافي إلى أنه تم «نقاش هذه المسألة بعد الحادث على عدة مستويات» مع الجانب التركي، مشدداً على ضرورة «مراجعة هذه القضية مع الولايات المتحدة وباقي الأطراف».
في غضون ذلك، يستمر تجاهل الإعلام الموالي لأردوغان، في الداخل والخارج، هذا التكذيب، كما حال تجاهل أقوال الرئيس نفسه. وكان الإعلام الموالي منذ عام يهدد ويتوعد روسيا وبوتين ويقول إن أردوغان سيلقّن الرئيس الروسي درساً لن ينساه، كما لقّن العثمانيون أعداءهم الروس درساً. ويتزامن ذلك مع الجدال المبكر حول مصير الوجود العسكري التركي ودوره المحتمل في الشمال السوري، بعدما بات واضحاً أن أردوغان لن يستطيع التصرف بالقوات التركية المذكورة إلا في الإطار الذي حدّده بوتين، ومنع فيه الجيش التركي من دخول مدينة الباب، فيما منع الأميركيون تركيا من الاقتراب من منبج التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
إلى ذلك، اتفق «حزب العدالة والتنمية» الحاكم مع «حزب الحركة القومية» على مسوّدة التعديلات الدستورية الجديدة التي تهدف إلى تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدرم، خلال مؤتمر مع زعيم «الحركة القومية»، إن التصويت على هذه التعديلات في البرلمان سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن يكون الاستفتاء الشعبي في الربيع المقبل. ويمنح الدستور الجديد أردوغان صلاحيات مطلقة في جميع المجالات، بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، على أن يجري تعيين أو انتخاب نائبين لرئيس الجمهورية.

الاثنين، 17 أكتوبر 2016

رجب طيب اردوغان يجمع الوقاحة والكبرياء والإستعلاء والدهاء... طوبى لمن أراد رجلا بهذه الصفات صديقا وناطقا باسمهم

    أكتوبر 17, 2016   No comments
مقدمتنا: رجب طيب اردوغان يجمع الوقاحة والكبرياء والإستعلاء والدهاء... طوبى لمن أراد رجلا بهذه الصفات صديقا وناطقا باسمهم.
_______________________
 
سامي كليب


نشأته مثيلا لما قاله قبل يومين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لنظيره العراقي حيدر العبادي. بلغ الذل العربي مرحلة يستطيع فيها سليل السلطنة العثمانية مخاطبة رئيس وزراء دولة عريقة بحضارتها وتاريخها كالعراق بالقول: «إن صراخك يا سيد عبادي ليس مهمّاً بالنّسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدّك أولاً».. أما الرد العراقي الرسمي فكان أبيخ من أن يُذكر، وذكّرنا بشكاوى العرب ونحيبهم أمام مجلس الأمن ضد إسرائيل.
في الجانب القانوني، ما قاله اردوغان خرق فاضح لسيادة دولة مفترض انها مستقلة (حتى ولو أنها مشرّعة لكثير من الدول الإقليمية والدولية). وفي الجانب الأخلاقي هذه وقاحة. وفي الجانب السياسي والديبلوماسي، فان كلامه لا يدخل مطلقا في أصول المخاطبات. اما في الجانب المذهبي، فهذا جوهر الكارثة التي تحرق الوطن العربي من رأسه حتى أخمص قدميه. يريد اردوغان بكل بساطة ان يقول للعبادي، لن اسمح لك بان تُسكن الحشد الشعبي (ذا الغالبية الشيعية) مكان سنة الموصل. ليس في الأمر اذاً محاولة ابداء الحرص على السنة العرب والتركمان والكرد فقط وإنما فيه شيء من أحلام التاريخ حيث كانت الموصل جزءا من السلطنة العثمانية. هنا لا شك أن اردوغان يدغدغ مشاعر قسم لا بأس به من العراقيين تماما كما كان حاله في سوريا ومصر وغيرهما، فثمة من يرى فيه حاميا للسنة مقابل حماية ايران للشيعة. وهذه مصيبة. فكيف لا يسأل اردوغان: «هل يمكن تفريق غازي عنتاب عن حلب، وسيرت عن الموصل..؟».
العقل الاردوغاني لن يتغير. لنعد قليلا الى جوهر موقفه مثلا حيال سوريا. يقول:
يسألوننا عن أسباب انشغالنا بسوريا. الجواب بسيط للغاية، لأننا بلد تأسس على بقية الدولة العليَّة العثمانية. نحن أحفاد السلاجقة. نحن أحفاد العثمانيين.
هذا ما قاله مرارا أيضا احمد داوود اوغلو رئيس الوزراء السابق ورئيس حزب العدالة والتنمية سابقا ومنظّر السياسة الخارجية التي اختصرها في كتابه المهم «العمق الاستراتيجي». قال اوغلو قبل ان يُلقي عليه اردوغان كل مصائبه ويُبعده:
إن «شرقًا أوسط جديدًا يولد في المنطقة، وفكر هذا الشرق الجديد سترسمه تركيا التي ستقوده إلى التغيير».
وها هو اردوغان يقول في نهاية الشهر الماضي إن معاهدة لوزان لعام ١٩٢٠ هزيمة وليست نصرا. ما يعني ان الرجل مهجوس فعلا بإعادة مناطق عربية او يونانية وغيرها الى السلطنة الجديدة. يبدو ان ضم أراضٍ جديدة هو شروط أساسية لترسيخ عهد أي سلطان، تماما كما ان التواجد في واحدة من المدن الثلاث بغداد ودمشق ومكة هو شرط لترسيخ أي خلافة عبر التاريخ.
اصطدم المشروع التركي بالانقلاب العسكري المصري على الاخوان المسلمين واطاحتهم من الحكم. واصطدم بصمود الجيش السوري ودخول «حزب الله» وإيران ثم روسيا على خط الحرب. واصطدم بخذلان حلفائه في الأطلسي وبتحول الحرب السورية الى ساحة صراع روسي أميركي. وأخيرا شعر بأن الفخ الكردي في الشمال السوري أكبر من أن يتحمل استمرار السياسة التركية على حالها. طوى الصفحة وذهب لعند الرئيس فلاديمير بوتين يطلب العون، ووجد روسيا أيضا بحاجة اليه في ملفات أمنية وسياسية واقتصادية ونفطية كثيرة.
لم يتخَلَّ أردوغان عن أحلامه في سوريا وحلب. لا يزال يجاهر بموقفه المطالب برحيل الرئيس الأسد، ولا يزال يراهن على تغيير بعض قواعد اللعبة عبر جمع مجموعات مسلحة في اطار واحد بالتنسيق مع بعض الدول الخليجية خصوصا في الريف الحلبي. لكنه مضطر لتغيير بعض الاتجاهات موقتا بسبب التقارب مع روسيا والهم الكردي. لا بد إذاً من مكان آخر وساحة أفضل في المرحلة الحالية. لعله يجد في العراق خير الساحات. علاقته بكرد الشمال ممتازة سياسة وأمناً ونفطاً، خصوصا مع مسعود برزاني. هو قادر على اختراق الأراضي العراقية لضرب حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا يقدم نفسه مجددا كقائد سني يغري جزءا من العرب بشعاره حماية سنة الموصل ومنع ايران من توسيع دورها. ألم يكن لافتا انه بعد تحقيره العبادي، سارع مجلس التعاون الخليجي لفرش السجاد الأحمر لوزير الخارجية التركي؟
قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم قبل أيام: «لا تَمَسّوا سكان الموصل الأصليين. ان الموصل للموصليين. يجب عدم تغيير ديمغرافية الموصل عبر جلب مدنيين من خارجها وتوطينهم فيها». كذلك فعل اردوغان بحديثه عن سبب بقاء جيشه في «بعشيقة»، مشيرا الى الحرص على «السنة العرب والسنة التركمان والسنة الأكراد».
قد يفهم المرء ان الرئيس التركي يريد وقف التقدم الشيعي الايراني في العراق. فبعض المتطرفين الايرانيين عبّروا هم أيضا عن أحلام توسعية حين صار بعضهم يتحدث عن السيطرة على ٤ عواصم عربية وغير ذلك من الكلام الاستعلائي. لكن هل في الأمر فعلا حرص على السنة ضد «تمدد» شيعة ايران وشيعة العراق عبر الحشد الشعبي وغيره؟ اذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا الصراع السياسي المرير بين تركيا اردوغان ومصر عبد الفتاح السيسي منذ اطاحة الاخوان؟ وماذا فعل الموقف التركي فعليا للسنة في غزة المحاصرة والمدمّرة غير الكلام؟ لا بل ماذا فعل حين حوصرت وسحقت وقتلت مناطق سنية بكاملها في سوريا والعراق وليبيا وغيرها؟
الواضح ان الهدف التركي لا يختلف عن الهدف الاميركي ـ الخليجي في الموصل. يراد قطع الطريق على أي صلة وصل بين إيران وسوريا عبر العراق، كما يراد دفع مسلحي «داعش» وغيرهم من الأراضي العراقية صوب سوريا لاستكمال استنزاف روسيا وايران والجيش السوري و«حزب الله». ويراد كذلك إعادة رسم التوازنات المذهبية في العراق حتى لو رسخ ذلك احتمالات التقسيم التي تخدم إسرائيل قبل غيرها.
لكن هل يُلام فعلا اردوغان، ام يُلام قادة هذا النظام العربي المترنح في فِخَاخِ الفتن والاقتتال وأوهام الانتصارت على بعضهم البعض. فماذا فعلوا هم لغزة او اليمن او سوريا او ليبيا او حتى للصومال الجائع؟
لنتذكّر قليلا: قبل ساعات من غزو أميركا وبريطانيا للعراق وإعدام الرئيس صدام حسين، جرى الحوار التالي بين غوندوليسا رايس والأمير بندر بن سلطان، نقله حرفيا الكاتب الأميركي الشهير بوب ودوورد في كتابه «خطة الهجوم»:
قالت رايس وهي الصريحة والمرحة عادة (على حد تعبير ودوورد): «احبس أنفاسك، إننا مقتحمون، لا أحد يعرف ما سيحدث في نحو ٤٥ دقيقة، كيف سيتغير العالم».
سأل بندر: «أين هو الرئيس؟».
رايس: إنه يتناول طعام العشاء في هذا الوقت بالذات مع السيدة الأولى، وبعد العشاء قرر أنه راغب في أن يكون وحده».
بندر: «قولي له إنه سيكون في دعائنا وقلوبنا، فليباركنا الله جميعا»؛ أي ليباركه الله في المشاركة بتدمير واحد من أعرق وأكبر الدول العربية. ممتاز.
ثم اتصل الأمير بندر بولي العهد السعودي الأمير عبدالله، قائلا بالشيفرة حول قرب وقوع الغزو: «تقول النشرة الجوية الليلة إن مطرا غزيرا سيهطل على الروضة».
رد ولي العهد: «يا إلهي، سمعتك، سمعتك، هل أنت متأكد؟»
الأمير بندر: «نعم انا متأكد جدا، إن لدى الأميركيين قدرات عظيمة، أقماراً صناعية ومما اليها للتنبؤ بأحوال الجو».
من فعل هذا بشعبه، تخيل ما يمكن ان يفعله بالآخرين؟

لم تكن السعودية وحدها راغبة بتدمير نظام صدام حسين الذي ارتكب حماقة احتلال الكويت وهدد وتوعد دولا خليجية بعد انتهاء الحرب مع ايران. كانت أنظمة عربية كثيرة تريد ذلك وتعمل على ذلك وتساهم في ذلك. يجب ان نعترف بانه لولا التآمر العربي لما أعدم صدام (وبقي مرفوع الرأس في لحظة الإعدام)، ولولا التآمر العربي لما دُمِّر العراق ولما قُتل القذافي ودمرت ليبيا. ولولا التآمر العربي لما استشهد ياسر عرفات بطلا بالسم الإسرائيلي بعدما ساهم العرب ووهم السلام في عزله بمقاطعة العز في فلسطين، ولولا التآمر العربي لما غرقت سوريا وليبيا بالتدمير الممنهج بغض النظر عن أخطاء هذا الطرف او ذاك.
لا يلام اردوغان إذاً على طموحه بعد ان ساهم العرب بقتل بعضهم البعض. نكاد نقول اذاً: «برافو على اردوغان». هو يحاول إعادة المجد الى دولته. حقه ان يحلم ويعمل لحلمه. نقول أيضا إن إيران لا تلام على توسيع دورها، حقها ان توسّعه طالما ان العرب قرروا إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بالذل. اما الذي يُلام فهو هذا النظام العربي المهترئ الذي شرّع الأبواب لكل الغزاة. فكيف لا يقول رئيسٌ تركي لرئيس حكومة إحدى كبرى الدول العربية: «إلزم حدودك». هو يدرك انه من خلاله يقول لكل عربي: «إلزم حدودك» بغض النظر عما إذا كان هذا العربي شيعيا او سنيا او مسيحيا... انه من فتح كل الأبواب وشرعها لكل غازٍ وحالم.
يبدو بعد مرحلة تدمير الدول المركزية، ومن خلال الاشتباك التركي العراقي و«التلطيشات» التركية لإيران والادبيات الإسرائيلية الأخيرة، أن ثمة وقتا قد حان ربما لرسم خرائط ما بعد الدمار. يريد التركي ان يكون له نصيب ان لم يكن في سوريا فلا بأس في العراق.

متى يصحو العرب؟ او على الأقل: متى يوقفون التآمر على بعضهم البعض؟

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

دمشق-أنقرة.. خطران وفرصة

    سبتمبر 07, 2016   No comments
* محمد سيف الدين
 
رياح الشمال الجديدة هبّت على سوريا هذه المرة برائحة الغبار المعتّق 500 عامٍ بالتمام والكمال مع دخول الأتراك إلى جرابلس. وأمام دمشق وأنقرة اليوم فرصة، ولكن يعيقها خطران تجاوزهما ممكن.
للمرة الألف بعد الألف تتبدل ظروف الميدان السوري. سياسات الدول وأدواتها. عيون المخططين الاستراتيجيين على الأرض بظواهرها وبواطنها. أولئك الجاثمين على جثث الدول. مشرحو الأوطان. ومقسمو قالب الموت. معارك الكر والفر والغزو. الانتصارات والانسحابات. الإحلال والاحتلال. التحرير والتحرر. مشروعات التفتيت والتقسيم من جهة، وأحلام العودة إلى المربع الأول قبل الخمس العجاف من جهة مقابلة. إغراء الانفصال. وطموح القادة الميدانيين. أفكار الجهاد والجنة والحور ومائدة الرسول. طاولة المفاوضات. وهم القوى الإقليمية لاستعادة أمجاد التوسع، ونهم القوى الكبرى لرسم مساحات العالم الجديد. أرض أنبياء الله الذين جالوا على شعوبها بما وُهبوا، وجادوا على العقول بما أوحي إليهم، سعياً لهدفٍ واحدٍ ومفهوم واحد: السلام. ذلك الكنز المفقود دائماً في ساحة الصراع الأزلي المسماة بـ"الشرق الأوسط".

رياح الشمال الجديدة هبّت على سوريا هذه المرة برائحة الغبار المعتّق 500 عامٍ بالتمام والكمال. من اليوم الذي اقتحم فيه السلطان العثماني سليم الأول مملكة المماليك في مرج دابق عام 1516، وحتى الرابع والعشرين من آب الحالي، يوم بدأ جيش تركيا الأردوغانية هجومه من جرابلس في وسط الشمال السوري، سعياً إلى استدراك ما فات من المنطقة الآمنة، كأمن هاتاي، اسكندرون سوريا الضائع في مرحلة اقتسام سابق، يوم جلس المخططون ذاتهم، فوق جثث الدول ذاتها، لصنع العالم الجديد يومها. أو تحفّزاً للمرحلة القادمة من العلاقة مع دمشق.

التركي قادم من الشمال

في عمق الضباب الذي يلف مباحثات الكواليس بين عواصم الشرق والغرب حول الأزمة السورية، وفي لحظة التسمر العالمي أمام معركة حلب، أطلقت تركيا يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من آب الماضي عمليةً عسكرية في مدينة جرابلس السورية لتحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، كما أعلنت. وذلك في أول تدخل عسكري تركي معلن بهذا الحجم في الحرب السورية.

تشير أنقرة إلى أن حملتها هذه تستهدف الإرهاب. وهو يتمثل وفق رؤيتها بتنظيم "داعش" من جهة، وبالمجموعات الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني من جهةٍ ثانية. وقد أمّن الموقع الجغرافي لجرابلس معطى تقاطعت فيه الأهداف في عدسة القناص التركي الذي يرصد الشمال السوري منذ اندلاع الأزمة في البلاد، وأمام أعين الاستراتيجيين الأتراك الذين لم يتوقفوا يوماً عن تحيّن الفرص في هذه المساحة المثيرة دوما ًلشهوة حكام أنقرة. فالمدينة كانت تقع تحت سيطرة تنظيم داعش، المغضوب عليه عالمياً، وفي الوقت نفسه فهي تقع في المنتصف بين المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الكردية في الحسكة في أقصى الشمال الشرقي لسوريا وعفرين في أقصى الغرب. إذن، تقاطع في جرابلس هدفان تركيان: محاربة الإرهاب المرتد إلى الداخل التركي، ما يفيد أيضاً في تحسين صورة تركيا كدولةٍ تكافح ضد الإرهاب. ومنع الكرد من وصل مناطق شرق الفرات بمناطق غربه، والتقدم نحو دولتهم المنشودة.

ولكن هل يستطيع الكرد فعلاً إقامة دولتهم هذه في الشمال السوري؟ ومن هي القوى العالمية والإقليمية التي ستدعمهم في سبيل تحقيق ذلك؟. الإجابة عن هذين السؤالين تقود إلى هدفٍ تركيٍ ثالث محتمل، وهو الدخول إلى الشمال السوري والبقاء فيه. الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد. فما هي أولوية أنقرة حقيقةً؟  

تبدّل أولويات تركيا

لقد رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية بعد يومين على دخول تركيا إلى جرابلس أن أكثر ما يثير قلق أنقرة في الشمال السوري هو احتواء الكرد، ولكن لتركيا سوابق في انتزاع مناطق سورية في مراحل اقتسام النفوذ بين القوى الكبرى. فهي ضمّت لواء الاسكندرون من محافظة حلب منذ عام 1939 بعد انسحاب فرنسا منه، وقد أعطى المؤرخ ستيفن لونغريج اللواء تسمية "الألزاس واللورين السورية"، في إشارة إلى الإقليمين الفرنسيين اللذين ضمتهما ألمانيا بعد الانتصار على فرنسا.

ولعبت تركيا كل أوراقها في الأزمة السورية خلال الأعوام الخمسة الماضية. قبل ذلك كانت تستميت للدخول إلى الاتحاد الأوروبي، مدفوعةً بتحسن اقتصادها في ظل حكم "العدالة والتنمية". وفي سوريا أيضاً استماتت لتحقق تلك المنطقة الآمنة التي تتيح لها التأثير في مستقبل سوريا، وفي إعادة تشكيل حدودها معها. والحدود هنا تعني ظاهر الأرض وباطنها.

ولكن فشل المشروع التركي وارتداداته أجبر أنقرة على إعادة النظر في سياساتها. فإحدى هذه الارتدادات كان خسارة العلاقة مع روسيا لسبعة أشهر، مع كل المخاطر التي أنتجها ذلك من ناحية. ومن ناحيةٍ ثانية تدهور العلاقة مع واشنطن، خلال وبعد استعادة الدفء في العلاقة مع موسكو.

وإلى جانب ذلك، لم يكن مسموحاً لتركيا أن تنفذ رؤاها في الشمال السوري من قبل الأميركيين والروس في السنوات السابقة لعدة أسباب، أهمها عدم الرغبة الأميركية بالصدام مع روسيا، كون تركيا دولة أطلسية، واصطدامها المباشر مع روسيا في سوريا كان ليطرح معضلة أمام المنظومة الأطلسية، فإما الانخراط في الحرب، أو الرضوخ للرغبة الروسية وترك أنقرة وحيدة في الميدان، ما سيعتبر انتصاراً للروس على الناتو كله.

أما السبب الآخر فهو أن الجموح التركي كان سيستتبع انخراطاً أطلسياً في حرب قرر التركي إشعالها مع روسيا، وبالتالي إعطاء تركيا دوراً قيادياً لا تملكه ضمن الحلف الأطلسي، وهذا ما ليست واشنطن بوارد تقديمه لتركيا، أو لأية دولة أطلسية أخرى.

أما في المرحلة الجديدة، فإن السياسة التصالحية التي يقودها رئيس الوزراء بن علي يلدريم تحاول تضميد الجروح في العلاقات الإقليمية لأنقرة، مهما كانت عميقة. وفي هذا السياق أعلن يلدريم أن بلاده تعيد تطبيع العلاقات مع روسيا والكيان الإسرائيلي، وأنها في صدد التطبيع مع القاهرة ودمشق. هذه الأخيرة تصف ما أصاب المنطقة بـ"الفالق" الاستراتيجي. هذا الإعلان لن يكون مفاجئاً لمن تابع كواليس الأشهر الأخيرة من عمل الديبلوماسية التركية. فأنقرة تعبت من العداوات التي أحدثتها سياسة الثنائي أردوغان-داود أوغلو، التي حُمّل الأخير مسؤولية تخطيطها وتنفيذها. والآن حان وقت سياسة جديدة مختلفة تعيد لشرايين السياسة الإقليمية الأردوغانية الحياة، وتسهم في مناعة أنقرة الداخلية بعد إنذار الانقلاب الفاشل ونتائجه على الرئيس والدولة، والتي أشرنا إليها في مقال سابق (أردوغان قوي.. تركيا ضعيفة).

اتخذت أنقرة خطوتها في جرابلس في لحظة حساسة جداً. على بعد خطوتين من الانتخابات الأميركية التي يرجح أن تحمل كلينتون إلى البيت الأبيض. وفي خضم معركة حلب والاندفاع السوري نحو حسمها. وفي ظل إصرار الأميركيين والروس على صياغة تفاهم بعيدٍ عن الأضواء حول حلٍ حقيقيٍ للأزمة، يرسم الطريق للخروج منها، ويؤسس لتقاسم المصالح بين الدوليتن هناك، ولكنه تعثّر مرحلياً خلال لقاءات الطرفين في قمة العشرين. واللافت أيضاً أن هذا يجري أيضاً في لحظة تقارب إيراني-روسي، أي مع استبعاد أن تأتي تفاهمات الروسية المنتظرة مع أنقرة وواشنطن على حساب مصالح طهران في سوريا. وقد كتبت صحيفة "فورين بوليسي" قبل يومين تقول إن موسكو وطهران اكتشفتا أن تدخل أميركا في الشرق الأوسط يضر بمصالحهما المشتركة، وأن تحقيق هذه المصالح هو في سياسة معارضة للولايات المتحدة هناك.

وفي الوقت نفسه، أتت الخطوة التركية في سياق السياسة التصالحية التي تنتهجها أنقرة مؤخراً في علاقاتها الدولية، وفي ظل معلوماتٍ نفتها الرئاسة الروسية عن مبادرةٍ يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لجمع الرئيسين السوري والتركي في لقاء مباشر بحضوره. وحتى إن لم تصح هذه المعلومات فإنه من الصعب توقع جنوح تركيا باتجاه مشروع مناهض لدمشق في الشمال، أي أن معنى التدخل في جرابلس يصبح محصوراً في محاربة "داعش" والجماعات الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وكانت المعلومات التي نشرتها جريدة السفير اللبنانية في الثالث من الحالي أشارت إلى أن المبادرة الروسية تبلورت في لقاء بوتين وأردوغان في قمة بطرسبوغ قبل نحو شهرين. وأن القمة المذكورة تزامنت مع زيارة ضباط سوريين رفيعي المستوى لروسيا. وأن التنسيق جارٍ على قدمٍ وساق لعقد اللقاء التاريخي بين أردوغان والأسد، غير أن ذلك يبقى غير متوقع في اللحظة الحالية.

ولا يضر في ذلك المنطق تصريح أردوغان الأخير عن نية بلاده إقامة المنطقة الآمنة، فتصعيد الشروط جائز قبل لقاءٍ بهذه الأهمية؛ وبالمقابل فإن وزارة الخارجية السورية أدانت التدخل التركي الذي رأت فيه خرقاً لسيادتها، واتهمت أنقرة بالسعي إلى "إحلال" تنظيمات إرهابية مدعومةً منها محل "داعش". وطالب مصدر في الوزارة في حديثٍ لوكالة الأنباء السورية "سانا" بإنهاء هذا "العدوان" ودعا الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتها المتعلقة بشكل خاص باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وبضرورة احترام الجانب التركي والتحالف الأميركي للقرارات الدولية وخاصة ما يتعلق منها بإغلاق الحدود وتجفيف منابع الإرهاب".

ولكن الموقف السوري الذي جاء من مصدرٍ في الخارجية لوكالة الأنباء، وبعد يومين على التدخل التركي، أعطى مؤشرات مختلفة. فالحكومة السورية تشعر بالخطر التركي فعلاً، ولكنها ربما تمتلك ضمانات بعدم توسع أنقرة في أهدافها، وبالتالي يأتي هذا الموقف من باب الاحتياط وحفظ الحقوق، فيما السياق يأخذ الأمور باتجاه تفاهم أنقرة مع موسكو، مع ضعف احتمال أن يقوم أردوغان بخذلان بوتين مجدداً. سوريا تراهن على ذلك، مستمسكةً بالحيطة والحذر في الوقت عينه.

أميركا.. كرد كالبارزاني وليس كأوجلان

أما الكرد ممثلين بقوات حماية الشعب، فهم طامحون إلى كيانهم المستقل، ولكنهم لا يجدون القوة القادرة على دعم نشوء هذا الكيان حتى نهاية المطاف. وعلى الرغم من التنافس بين واشنطن وموسكو على اجتذاب الكرد خلال السنتين الماضيين، على أساس أنهم القوة الأكبر في الشمال التي تصلح لأن تُلبس لباس المعارضة المعتدلة. فإن أياً من الدولتين غير مستعدة للسير بالمشروع الكردي حتى النهاية، والمخاطرة بانعكاسات ذلك على مستوى العلاقة مع دول المنطقة الرافضة للحلم الكردي. فالمصالح مع طهران وأنقرة ودمشق أولى بالتنافس عليها. وبالنسبة لواشنطن على الأقل، فإن النموذج الكردي المفضل هو كرد السلطة في شمال العراق، وليس كرد حزب العمال. وبالتالي فإن واشنطن يمكنها أن تدعم بارزاني سوري وليس أوجلان آخر.

ومع أن الكرد انسحبوا خلال الأيام الماضية من مدينة منبج المهمة كرمى لعيون واشنطن كما قالت مجلة "التايمز" البريطانية، إلا أن العلاقة بين الجانبين تبقى ضمن حدود المصالح الأميركية الكبرى في المنطقة، وهي لا تعني موافقةً أميركية على مجمل تفاصيل المشروع الكردي.

وفي خرائط الاقتصاد والسياسة في المنطقة والتي يعمل على خلقها بين العواصم الكبرى، تريد واشنطن استعادة أنقرة إلى بيت الطاعة بكامل اندفاعتها، وبالدور الذي تراه هي لها إذا أمكن، ولا يكفيها التواجد معها ضمن حلف شمال الأطلسي، مع بقاء نزعة أردوغان باتجاه فتح المسارات مع روسيا وإيران إلى الحد الذي وصلت إليه الأمور الآن. وبعد سنوات من تفضيل الخارجية الأميركية لتحالفها مع دول الخليج العربية على حساب تركيا، بسبب سهولة السيطرة على مفاصل الحكم والمقدرات هناك، وصعوبة التحكم بدولةٍ مثل تركيا تمتلك وسائل إنتاجها وشخصيتها القومية؛ تحتاج واشنطن إلى أنقرة من أجل العقود المقبلة في الشرق الأوسط، وهي لا تريد رؤية سيناريو تركيا في حضن بوتين. خصوصاً وأن أشواطاً من العلاقات الروسية مع مصر وإيران قد قُطعت، ما يؤشر إلى خطر محورٍ من القوى الإقليمية تترأسه قوة عالمية عائدة كروسيا. هو خطر على المشروع الأميركي في المنطقة. دونه عقبات وبعيد، لكنه كارثي.

أميركا التي تلمس خطر تفلّت المتطرفين الإسلاميين، باتت تدرك أهمية إحداث تغيير في سياسات بعض حلفائها العرب تجاه هذه المسألة. وفي هذا الإطار تتحدث صحيفة "نيويورك تايمز" عن وجود إجماع سياسي وإعلامي في الولايات المتحدة على الدور السلبي للسعودية في تغذية الإرهاب. وتسأل ما اذا كان العالم اليوم أكثر انقساماً وخطراً وعنفاً بسبب الأثر التراكمي لخمسة عقود من التبشير من قبل السعودية؟

وبالمقابل تريد موسكو من أردوغان تثبيت اعتذاره عن إسقاط الطائرة الروسية بالأفعال، بعد أن تم جانب الأقوال. والأفعال بدأت منذ قمة بطرسبورغ الأخيرة. المصالح الروسية-التركية بالغة الأهمية للطرفين، وقد اختبر الطرفان سبعة أشهر من تعطل هذه المصالح، وعرفا أن ذلك آخر ما يريدانه معاً.

معركة تحت الضباب

التنسيق بين أنقرة وواشنطن تراجع إلى أدنى مستوياته. هذا ما خلصت إليه صحيفة "وول ستريت جورنال" التي اعتبرت أن الهجوم التركي في سوريا فاجأ الولايات المتحدة. وبحسب الصحيفة التي نقلت معلوماتها عن مسؤولين أميركيين فإن البيت الأبيض كان بصدد النظر في خطةٍ سرية لانضمام القوات الأميركية الخاصة الى الاتراك في الهجوم، لكن أنقرة أقدمت على خطوتها من دون إعطاء إنذارٍ مسبق لواشنطن. الأمر الذي منع واشنطن من تحييد حلفائها الكرد من دائرة الاستهداف. ومع أن الأميركيين قاموا بتغطية القوات التركية من الجو، غير أن الصحيفة تقول إن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي "جو فوتل" استخدم صلاحياته لتوفير هذا الغطاء. إذن كيف تغطي واشنطن هجوماً ليست على تنسيق تام بشأنه؟

الواقع أن الأميركيين يريدون من الهجوم التركي هدفين إن أمكن. الهدف الأول ضرب "داعش"، والثاني الإضرار بفرص قوات الجيش السوري وحلفائه في حلب وريفها، تمهيداً للتفاوض مع الروس. مع الاحتفاظ بقدرة الكرد على لعب دور الورقة الرابحة لواشنطن أمام جميع الأطراف.

أما الأهداف التركية فهي مختلفة. الهجوم التركي يصيب كل الخصوم دفعةً واحدة. لكن القوات السورية قد تكون في آخر سلم الأولويات في هذا الإطار، تبعاً للسياق الذي يعمل بوتين على العناية بمساره. إذن بالنسبة لتركيا تراتبية الخصوم تبدأ بالكرد وتمر بـ"داعش" لتصل أخيراً إلى القوات السورية التي بإمكانها التحول إلى حليف في لحظةٍ ما على هذا المسار، كما أشرنا في مقالات سابقة.

وبالنسبة للروس فهم يريدون إنهاء الحرب في سوريا مع الاحتفاظ بنفوذهم الحاسم هناك، وهم يقبلون إشراك الآخرين في منافع نهاية الحرب. وتركيا بالنسبة إليهم أكثر أهمية مما هي عليه بالنسبة لواشنطن؛ فهي لاعب أساسي في هذه الحرب، وتغيير دورها يشكّل عاملاً حاسماً فيها، وهي الدولة القريبة من حدودهم، والتي جمعتها معهم حروب كثيرة، ومناطق نفوذٍ مشترك، وتجمعها اليوم مع موسكو مصالح كبرى ليس أقلها تمديدات الغاز، ومرافىء التصدير، وضبط الأمن في القوقاز..

أما بالنسبة لدمشق، فإن كل من يتصارعون في الشمال اليوم هم في لحظةٍ ما من الحرب خصوم لها. ومع نجاح مساعيها في قضم محيط العاصمة بالمصالحات، فهي توفر جهوداً لمعارك الشمال، في الوقت الذي يعمل فيه حلفاؤها على إعادة وصلها بالدول المهمة التي كانت على عداوةٍ معها. وحساباتها النهائية مع الجميع تتوقف على نتائج مواجهات هؤلاء بين بعضهم البعض. وهي تمتلك ضمانة جيشها الذي يمثل القوة الأبرز على الأرض على الرغم من كل ما واجهه في السنوات الماضية. وهي اليوم أمام خطرين وفرصة:

الخطر الأول: انفصال الكرد.

الخطر الثاني: إقامة تركيا للمنطقة الآمنة، ثم التوسع وربما البقاء فيها.

أما الفرصة فهي: استعادة التنسيق مع تركيا ونسج مصالح مشتركة من خلال لقاء الأسد-أردوغان الذي قد يفتح الباب للحديث عن نهاية الأزمة السورية بصورةٍ جدية للمرة الأولى.

وهذا لا يعني أن تركيا أصبحت ضمن حلفٍ روسي-سوري. بل إنها لا تزال عضواً في حلف شمال الأطلسي. وهي بالنسبة لسوريا وروسيا دولة أطلسية، بعقيدة أطلسية عنوانها التوسع والاحتواء. ولكنها دولة قائمة بمؤسساتها الدستورية العريقة، وحضارتها الضاربة في التاريخ، ومصالحها المتشعبة بين الشرق والغرب. وفي لحظة اقتسام النفوذ للعقود القادمة، فإن شخصية الدولة في تركيا حاضرة للاختيار. ومع رئيس له شرعية شعبية قوية، مرتابٌ من الأميركيين، ويتوجس من نيتهم الإطاحة به، فإن هذه المعطيات تقود أنقرة تدريجياً إلى إجراء تفاهمات مع موسكو وطهران ودمشق والقاهرة. الجميع منزعجون من الأميركيين. والجميع غير قادرين على الاستغناء عن واشنطن نهائياً. فالأخطبوط الأميركي يمسك بتلابيب النظام الاقتصادي الدولي، وبالتالي فإن عدم توفر منظومة اقتصادية بديلة يترك هذه الدول فريسة لأيدي الأخطبوط فرادى. أما كمجموعة متآلفة مصلحياً، فإن هذه العواصم قادرة على خلق هامشٍ حقيقي للتأثير في مستقبل المنطقة. وهو هامش يتوقع أن يشكّل أمراً واقعاً يصعب على واشنطن تجاوزه. وعنوان هذا الهامش بخصوص سوريا: وحدتها، تنوعها وانفتاحها على مصالح الجميع.

فوضى سياسات.. الشيء ونقيضه معاً

الأمر ليس أن تأخذ كل الأطراف كل شيء أو أن لا تأخذ شيئاً على الإطلاق. بل إنها مرحلة صراع تحاول فيها الأطراف الحصول على أي شيء، مع عدم المخاطرة بفرص الحصول على شيء آخر مختلف. أي الأخذ من الشيء ونقيضه، وبالتالي ممارسة الشيء ونقيضه في آنٍ واحد. هكذا كانت السياسات طوال سنوات الأزمة السورية. ويعزز هذا النسق سريان نظرية الفوضى في المنطقة. هذه الفوضى التي تترك لتفاعلاتها الطبيعية وتنتج قوانينها بحسب موازين القوى كما كان يقول محمد حسنين هيكل. أو كما سمّتها كوندي رايس: الفوضى الخلاقة. هكذا تعمل.
__________________

* صحافي وباحث لبناني، بدأ عمله الصحفي عام 2007، عمل في الإذاعة وفي الصحافة المكتوبة والإلكترونية، متخصص في شؤون الأمن الروسي، والعلاقات الروسية الأطلسية. الكاتب على موقع تويتر: @mseiif

الاثنين، 8 أغسطس 2016

«ثغرة الراموسة» تعيد «التوازن» ومن اجل ثغرة دبلوماسية لفلاديمير ورجب قبل لقاء سان بطرسبورغ

    أغسطس 08, 2016   No comments
حلب بانتظار سان بطرسبورغ، وقد تنتظر العمليات العسكرية اللقاء الرئاسي التركي الروسي، قبل ان تحتدم من جديد، او تتضح وجهة العمليات، والصفقة السياسية. العودة الى ما قبل محاصرة الجيش السوري حلب الشرقية قد تكون الورقة التي حاول الهجوم التركي، عبر المجموعات المسلحة في حلب الحصول عليها، قبل ان يضع الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غدا في سان بطرسبورغ، نقطة النهاية على مصالحة تنتظر مصافحة، وربما قبلات الختام. ولكي لا يلتقي الرئيس التركي بنظيره الرئيس الروسي، مهزوما استمات الاتراك، والحزب الاسلامي التركستاني، بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس مجازا، بل وانتحروا بالعشرات عند اسوار كلية المدفعية والتسليح والفنية الجوية جنوب غرب حلب من اجل ممر، غير آمن، يبلغ عرضه ٩٠٠ متر، بطول كيلومترين، ويمتد من اطراف العامرية شرق حلب مخترقا الراموسة حتى كلية التسليح، حيث التقت ارتال المهاجمين، بالخارجين من حلب الشرقية وحصارها.
تحسين شروط اللقاء بين المتصالحين، واتمام العرس التركي ـ الروسي، قد يكون فرض اعادة تصحيح ميزان القوى نسبيا، بعد ان اختل كليا لمصلحة الجيش السوري في حلب، مركز الصراع على سوريا. الحرب على حلب من اجل التوازن في سان بطرسبورغ اعلن عنه رجب طيب اردوغان، الذي قال امس الاول ان «النظام حاصر حلب لكن المعارضة اعادت التوازن».

وبالعكس مما كان منتظرا بعد الانقلاب التركي الفاشل، لا يملك الرئيس التركي في لحظة احتدام مواجهة حاسمة مع الجناح الاخر للاسلاموية التركية، وتصفية الاتاتوركية، رفاهية التخلي ايضا عن خمسة اعوام من التدخل في سوريا، او اسقاط ورقة حلب، التي قد تكون آخر اوراق المساومة التي لا يزال قادرا على استخدامها في مواجهة الجميع: الروس والاميركيين والايرانيين، من اجل اعادة صياغة علاقاته بالجميع على ضوئها، او استقبال الادارة الاميركية الجديدة ايا كان القادم الى البيت الابيض، من دون الامساك بمفاتيح الحرب المقبلة على الارهاب، التي ستظل لوقت طويل ورقة رابحة للتدخل في ما يتعدى جنوب الاناضول. وفي لحظة تراجع الجيش التركي وانهماكه لسنوات طويلة بعمليات اعادة هيكلة وتطهير مضنية، ستقلص من دوره الداخلي، والخارجي، لا بد من التعويض عن الخسارة الاستراتيجية العسكرية، ومواصلة استخدام الساحة السورية، ساحة تنافس مع القوى الدولية الاخرى، عبر ما تتيحه اجهزة المخابرات التي لا تزال مخلصة للرئيس التركي، والتي لا تحتاج الا للمجموعات الشيشانية والتركستانية، وتحالف عريض ومنظم من الاخوان المسلمين والسلفيين، لمواصلة التدخل في سوريا.
وليس مؤكدا باي حال، حتى ولو قرر الاتراك تكتيكيا اعتبار ثغرة حلب، وملحمتها الكبرى مجرد عملية تقتصر مفاعيلها على موازنة لقاء سان بطرسبورغ، الا انه من المستبعد ان تستدير السياسة التركية ١٨٠ درجة ، وتغير من تحالفاتها الاستراتيجية مع حلف الاطلسي والولايات المتحدة، لبناء تحالف تكتيكي مع ايران والروس. ان المصالحة الروسية التركية كانت لا تحتاج الى صفقة على سوريا الى ان بدأ الروس بالانخراط جويا عبر «عاصفة السوخوي»، ووضع قدم على الارض السورية.
كان الروس والاتراك والايرانيون ايضا، قد بنوا نموذجا فريدا من العلاقات البراغماتية التي نجحت، مع بعض التوتر، في ارساء فصل كامل بين الملف السوري والحرب بالوكالة بينهم في سوريا من جهة، وبين الوصول الى اتفاقات اقتصادية وتجارية كبيرة من جهة ثانية. وهكذا سارت اتفاقية السيل الجنوبي الروسية التركية، وانشاء مفاعلات نووية روسية في تركيا التي عقدها الرئيسان بوتين واردوغان، على وقع المواجهة في سوريا، وتعايش الروس والايرانيون مع دور تركي كبير في الحرب على سوريا. اردوغان سيذهب في لحظة التوازن الجديدة كما يعتقد الى استنباط حل مشترك او صفقة اقليمية بقوله انه «سيدعو الى مؤتمر اقليمي من اجل الحل في سوريا».
ان استمرار هذا النموذج من العلاقات البراغماتية، قد لا يكون ممكنا اليوم بعد انخراط الروس مباشرة في سوريا والذين اصبحت حدودهم المباشرة مع حلف شمال الاطلسي وتركيا، كما ان هزيمتهم في سوريا، لو كانت ممنوعة فعلا، قد لا تسمح بهذا النوع من العلاقات مع تركيا، التي تشكل رأس الحربة في القتال ضد مصالحهم ومصالح حلفائهم في سوريا، وهو ما ينبغي ان يجيب عليه لقاء سان بطرسبورغ. ورسميا لا تقع سوريا على اجندة اللقاء الذي سيقتصر رسميا، على تفعيل الاتفاقات التجارية، واحياء مشروع السيل الجنوبي، لنقل الغاز الروسي الى اوروبا عبر تركيا.
وجلي اليوم ان الثغرة التي احدثت في الراموسة، ليست وليدة رد الفعل من فصائل حلب على محاصرتها في شرق المدينة، كما روجت لذلك عناوين الحملة الاعلامية، والطرق الاعلامي السعودي والقطري الذي رافق الهجوم على المدينة، بل هي عملية عسكرية، خاض فيها الجيش السوري معارك مع جيش كلاسيكي، يملك اسلحة دبابات ومدرعات، وراجمات صواريخ، وطائرات استطلاع، واجهزة استخبارات ومعلومات وفرتها طلعات طائرة «اواكس» تركية لم تتوقف عن التحليق في المنطقة منذ شهر ونصف الشهر. وتقول المعلومات ان ٣٠٠ آلية، من بينها ٥٠ دبابة هاجمت مواقع الجيش السوري على جبهة تنقص عن ٨ كيلومترات، بالاضافة الى عشرات الانتحاريين.
فمنذ ان بدأت العملية الروسية في حلب نهاية ايار الماضي، وانطلاق التمهيد الناري لها حتى العاشر من حزيران، قبل ان تتقدم الوحدات السورية نحو مزارع الملاح، وتبدأ باقفال طريق الكاستيلو، كان الاتراك يعدون على الفور، غرفة عمليات اضافية في انطاليا، خصصت بعد انطاكيا، لمراقبة تقدم العملية الروسية في حلب. وفي مطلع تموز بدا الاتراك نقل مدرعات، نحو كفر حمرة شمال حلب، تم تعديل ابراجها في مشاغل الجيش التركي، لتسليح «فرقة الحمزة»، و «احرار الشام». وعندما اكتمل الطوق على حلب، في السابع والعشرين من تموز الماضي، فور احتدام المعارك حول حلب، وفي اطار الاعداد لاختراق جنوب المدينة، عبرت الحدود التركية من باب الهوى، الى اعزاز ارتال مؤلفة من مئة شاحنة متوسطة وسريعة، جاءت من ادلب الى تركيا عبر باب السلامة، وحملت ألف رجل من دون اسلحتهم، وعبرت حواجز وحدات حماية الشعب التركية، في منطقة عفرين، واتجهت الى دار عزة قرب حلب، حيث تلقت اسلحتها. وفي مطلع الشهر، نقل الاتراك مجموعات ضمت اكثر من ٨٠٠ مقاتل من «احرار الشام»، كانت تتمركز في اعزاز منذ ثلاثة اشهر، وتشكل جزءا من رتل جاء به الاتراك من ادلب، لتدعيم خطوط المجموعات المعارضة، ومنع تقدم القوات الكردية نحو منطقة باب السلامة انطلاقا من تل رفعت.
وبعد ٢٤ ساعة من القتال المتواصل يومي الخميس والجمعة، وموجتين من الهجمات، لم تكن هناك مؤشرات على احتمال احداث اي ثغرة في الحصار المفروض على حلب الشرقية. وكانت الموجة الاولى من المهاجمين قد انطلقت من قرية المشرفة غرب المدينة، نحو اسوار كلية التسليح ومدرسة المدفعية والفنية الجوية. ودارت المعارك من الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر، حتى الواحدة والنصف ليلا من دون ان ينجح جيش من ستة الاف مقاتل على امتداد الجبهة من اختراق مواقع الجيش السوري. وانتهى الهجوم الثاني مساء الجمعة، بعد انطلاقه منتصف الليل، باسترجاع كافة المواقع التي انسحب منها الجيش السوري، وصد الهجمات عند الراموسة.
وبدأ الخرق في الراموسة، وفي كلية التسليح بحسب غرف العمليات السورية، عند التاسعة من ليل الجمعة، دون ان تكون له مبررات عسكرية او ميدانية، حيث كان الجيش السوري في الكليات العسكرية، وحلفاؤه من مقاتلي حزب الله والايرانيين في العامرية، وجنوب الراموسة في معمل الاسمنت، قد ثبتوا خطوط الاسناد، واوقفوا الموجة الثانية من هجمات يوم الجمعة. واتبع المهاجمون نمط انهاك القوى المدافعة عن المدينة بارسال موجات من المهاجمين والدبابات والانتحاريين، مع ميزة القدرة على ارسال قوات جديدة، بعد كل انتكاسة، لتجديد الهجوم، بالابقاء على ارتال جاهزة في الخطوط الخلفية لمتابعة وتيرة العمليات، فيما لم يستطع الجيش السوري وحلفاؤه تعويض الخسائر، او ارسال تعزيرات الا بعد الموجة الثانية من الهجمات، حيث وصل لواء القدس، من حندرات، ووحدات من الحرس الجمهوري كانت ترابط في الليرمون شمال المدينة، وقوات خاصة تابعة للعقيد النمر سهيل الحسن. وكانت القوات المدافعة قد اوقعت اكثر من ٧٠٠ قتيل ومئات الجرحى في القوات المهاجمة، بفعل كثافة الغارات الجوية، والقصف المدفعي، وشجاعة المقاتلين الذين كانوا يتقدمون لضرب المفخخات المهاجمة الى مسافات قريبة بالصواريخ، ومنع وصولها الى اسوار الكليات العسكرية، واستشهد العديد منهم جراء عصف الانفجارات القريبة. وساد الاعتقاد في غرف العمليات ان استنزاف العدو، سيؤدي الى اجباره على التراجع، وهو ما لم يحصل، فضلا عن عدم اتضاح الاوامر بعد صد الهجمات.
ومن اجل ثغرة دبلوماسية لفلاديمير ورجب، ارسلت القيادة التركية افضل وحداتها. وتقول معلومات التنصت السوري، ان الوحدات التي شاركت في الموجة الثانية من الهجوم تلقت اوامر لمغادرة ساحة العمليات، مع فريقها الاعلامي، والتمركز في شمال حلب. وعند التاسعة وصلت قوات تركستانية صينية الى مسرح العمليات، ضمت عشرات الانتحاريين، الذين تدفقوا من الغرب في وقت واحد مع المدرعات التي تقدمت من الشرق. وامام كثافة الهجوم، صدرت عند الواحدة والنصف فجر الجمعة اوامر بالانسحاب من الكليات والابتعاد عنها، كي يتسنى للطيران قصف المهاجمين. وخلال الليل كان الطيران السوري، وحده دون الروسي، يقاتل المهاجمين، قبل ان يعاود الروس طلعات كثيفة صباح امس.
واذ استطاعت المجموعات المسلحة الحصول على ممر ضيق، الا ان الممر يبقى تحت نيران الجيش السوري. اذ ان عرض الممر لا يتجاوز الـ٩٠٠ متر وطبيعة المواقع التي يتحكم بها شمال الممر «حزب الله» والايرانيون، وجنوبا وحدات العقيد النمر والحرس الجمهوري، لا تسمح بالقول ان الحصار على حلب الشرقية قد سقط. اذ ان الممر لن يكون قادرا على تامين حركة عبور المدنيين، او ضمان سيطرة المسلحين عليه من هجمات الجيش. ومن دون التوسع جنوبا وشمالا، وهو ما سيكون صعبا، من غير المتوقع ان تستمر ثغرة الراموسة لوقت طويل، حيث تستمر عمليات القصف الجوي والمدفعي، لعمليات جديدة، فيما تقول معلومات ان قائد فيلق القدس، قاسم سليماني الذي وصل حلب منذ ستة ايام، للاعداد لهجوم نحو ادلب، سيكون هو ايضا، في عداد الحملة الجديدة، خصوصا ان الايرانيين والعراقيين، استكملوا الاستعدادات لعمليات اوسع.
*******************************
--محمد بلوط 

الأحد، 5 يونيو 2016

اردوغان يمهد لمراجعة سياساته الداخلية والخارجية

    يونيو 05, 2016   No comments
عبد الباري عطوان
لا يعرف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من اين تأتيه الضربات الموجعة هذه الايام، ففي الوقت الذي كان يتواجد في كينيا في اطار محاولاته لفتح اسواق جديدة لتجارة بلاده في القارة الافريقية تعويضا لخسائرها بسبب المقاطعة الروسية، يتبنى البرلمان الالماني وبالاجماع قرارا بالاعتراف بـ”الابادة التركية” لاكثر من مليون ارمني قبل مئة عام.
الرئيس اردوغان الذي استفاق لتوه من ازمة رحيل ذراعه الايمن ومهندس سياسته الخارجية السيد احمد داوود اوغلو، رئيس الوزراء صاحب نظرية “صفر مشاكل” مع الجيران، التي اوصلت تركيا الى ما وصلت اليه من مكانة اقتصادية، واخرى سياسية، هدد الخميس من نيروبي بأن القرار الالماني سيؤثر بشكل كبير على العلاقات بين المانيا وتركيا، وتوعد بأنه سيتخذ “الخطوات اللازمة” لدى عودته الى انقرة، اما وزير العدل التركي بكير بوزواغ فقال موجها حديثه للالمان “تحرقون اليهود ثم تتهمون الشعب التركي بالابادة”.

هذه الاتهامات الغاضبة التي تزامنت مع قرار الحكومة التركية سحب سفيرها من برلين للتشاور كانت من اجل امتصاص حالة من الغضب في اوساط الحزب الحاكم وانصاره، سرعان ما جرى استبدالها بلهجة تتسم بالمرونة، حيث اكد السيد بن علي يلدريم رئيس الوزراء ان المانيا “لا تزال حليفا اساسيا وان العلاقات بين البلدين ستستمر”.
***
مهمة رئيس الوزراء التركي الجديد يلدريم باتت محصورة في اطفاء الحرائق التي اشعل نيرانها الرئيس اردوغان طوال السنوات الخمس الماضية، واعادة ترميم الجسور مع دول الجوار التي انقطعت، واجراء مراجعات سياسية شاملة قد تتضمن “انقلابا” في مواقف تركيا في ملفات على درجة كبيرة من الخطورة مثل الملفين الروسي والسوري.
قد يتم تحويل احمد داوود اوغلو صاحب نظرية “صفر مشاكل” مع الجيران التي اوصلت تركيا الى ما وصلت اليه من ازدهار اقتصادي ومكانة قيادية سياسية، الذي استقال من كل مناصبه في الحكم ورئاسة الوزراء بسبب خلافاته مع الرئيس اردوغان، قد يتحول الى كبش فداء، وتحميله مسؤولية حالة الانهيار الحالية التي تعيشها تركيا.
السيد يلدريم الحليف الجديد المطيع للرئيس اردوغان كشف في خطابه، الذي ادلى به في البرلمان قبل اسبوع لشرح سياسة حكومته، عن بعض مؤشرات هذه التراجعات الجذرية عندما قال “انه يعي حقائق الوضع المضطرب الذي يحيط بتركيا، وان حكومته ستعمل على زيادة عدد الاصدقاء وتقليص الاعداء”، في عودة كلية الى سياسة خلفه اوغلو، ولكن دون ان يسميه، لكن النقطة الاهم في الخطاب التي توقف عندها المراقبون داخل تركيا وخارجها، قوله “ان اخواننا يقتلون منذ خمس سنوات في حرب عبثية في سورية” مشيرا الى ضرورة “وقف هذه الحرب”، دون ان يتطرق مطلقا الى شرط اسقاط النظام السوري.
وصف الحرب في سورية بـ “العبثية” انعطافة مهمة في السياسة التركية، وتخل واضح عن ارث خمس سنوات من دعم المعارضة السورية المسلحة للتعجيل بسقوط النظام، والمطالبة بمناطق عازلة، او حظر جوي داخل الاراضي السورية.
السيد نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء، كان اكثر وضوحا من رئيسه، عندما قال في تصريحات صحافية “ان اصلاح العلاقات مع روسيا والعراق وسورية ومصر سيعود على انقرة بعوائد تجارية قيمتها 36 مليار دولار”، واضاف “انه لا يرى مانعا في عودة العلاقات الروسية الى سابق عهدها”.
وما يؤكد اقوال السيد كورتولموش هذه حول الرغبة في اعادة العلاقات مع روسيا اللهجة التصالحية التي عبر عنها الرئيس اردوغان قبل مغادرته الى نيروبي، وتراجع فيها عن اقواله التصعيدية حول احداث اسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، “هذا الحادث خطأ في التقدير من الطيار التركي ويجب ان لا يفسد العلاقات بين البلدين الشخصية والحكومية”، وفسر مراقبون هذا التراجع بأنه قد يكون مقدمة لتقديم الاعتذار الذي تطالب به موسكو.
الرئيس اردوغان الذي يريد تغيير النظام في تركيا من برلماني الى رئاسي يحتاج الى اجراء تغييرات رئيسية في سياساته الداخلية والخارجية لانجاز هذا الهدف، ووضع مصالح تركيا وشعبها فوق كل اعتبار، واول خطوة في مسيرة المراجعات الاعتراف بالاخطاء والعمل على تصحيحها، فتركيا باتت بلا اصدقاء، في محيط شرق اوسطي ملتهب بالحروب، والاخطر من ذلك ان هؤلاء او معظمهم تحولوا الى اعداء بسبب السياسات والتحالفات الخاطئة طوال السنوات الخمس الماضية.
***
تركيا خسرت امريكا الحليف التاريخي، مثلما خسرت روسيا القوة العظمى البديلة، بقرار غير مدروس بإسقاط احدى طائراتها، ولم تكسب الاتحاد الاوروبي الذي يشكل العمود الفقري لحلف “الناتو”، العضو المؤسس فيه، وتخوض حربا في سورية، وتعيش سلاما باردا مع الجارين العراقي والايراني.
ولعل الخطر الاكبر الذي تواجهه تركيا الرئيس اردوغان هذه الايام هو الدعم الامريكي الروسي المشترك لعدوها الاشرس المتمثل في اكراد سورية، وجيش سورية الديمقراطي الذي يمثلهم، والذي بات على وشك اعلان حكم ذاتي مستقل في المناطق الكردية السورية الشمالية الممتدة على طول الحدود الجنوبية التركية.
الرئيس اردوغان اتخذ قرارا حكيما عندما رفض كل الضغوط الامريكية للتدخل بريا في الازمة السورية دعما للمعارضة السورية المسلحة وللقضاء على “الدولة الاسلامية” ولا نستغرب ان يجد نفسه مضطرا للتدخل هذه المرة لمنع قيام الكيان الكردي الجديد في سورية الذي سيكون مقدمة لكيان آخر مماثل في جنوب شرق تركيا.
من يقارن بوضع الرئيس اردوغان وبلاده قبل خمس سنوات، ووضعها الآن، يدرك جيدا حجم المأزق الكبير الذي يعيشه، ولذلك لا نستغرب عمليات التمهيد الاعلامية والسياسية التي تجري حاليا من قبل انصاره،  وبينهم عرب، للتراجع عن السياسات والمواقف التي قادت تركيا الى هذا الوضع الخطير.
هل ستعطي مثل هذه المراجعات، او التراجعات، ثمارها المرجوة ام ان الوقت بات متأخرا؟

السبت، 28 نوفمبر 2015

حادثة إسقاط المقاتلة الروسية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة وإقصاء القوى الصاعدة مثل روسيا والصين يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار ليس تركيا منفردة

    نوفمبر 28, 2015   No comments
 معالجة حادثة إسقاط المقاتلة الروسية ضمن موازين القوى الدولية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة وإقصاء القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين وروسيا، يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار لا تنطبق عليه مواصفات دولة من الدرجة الثانية، كتركيا، والتي لا تقدر على تحمل نتائج فعلة لها انعكاسات إقليمية ودولية بمفردها.

تراجع سريعاً تبرير تركيا عالمياً بالزعم أن إسقاط القاذفة الروسية جاء عقب اختراقها الأجواء والسيادة التركية، على الرغم من اختراق الطائرات الحربية التركية المتكرر لأجواء اليونان والعراق وسوريا وأرمينيا. وأثار موجة تداعيات وردود فعل متباينة، أبرزها توفير الرئيس أوباما غطاء سياسياً لأردوغان وحقه "في الدفاع عن سيادة أراضيه وأجوائها" واعتباره العمليات العسكرية الروسية "تسهم في تفاقم الأزمة لا سيما باستهدافها قوى من المعارضة السورية تدعمها تركيا."

وقطع الرئيس الروسي بوتين الشك باليقين، صبيحة الجمعة 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بإعلانه أن قيادة بلاده أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بمهمة طائرتها قاذفة القنابل التي أسقطها سلاح الجو التركي، واستطراداً أن تركيا بحكم موقعها في حلف الناتو تلقت علماً بهوية الطائرة ومنطقة عملياتها.

وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي إن ”الولايات المتحدة قائدة التحالف الذي تشارك فيه تركيا، تعرف مكان وتوقيت مرور طائراتنا، وتم ضربنا في المكان والتوقيت المحدد بالضبط" مؤكداً أن زعم تركيا الجهل بطائرة السوخوي 24 "عذر عبثي" محذراً أردوغان من اللعب بالنار.

في نظر القانون الدولي الصرف، المقاتلة الروسية "لم تقم بمهمة عدائية تجاه تركيا" وبالتالي فإن تركيا عرضت نفسها للمساءلة بارتكابها "جريمة حرب" بل من أبرز تداعيات القرار التركي أنه ضاعف من احتمالات مساءلة القيادة التركية وتكبيدها أثماناً باهظة في مقدمتها تعزيز الموقف الروسي وانخراطه الفعلي في سوريا، جسده الكرملين بإرسال أحدث منظومة في دفاعاته الجوية،
أس 400، للأراضي السورية وبالقرب من الحدود التركية، وخشية تل أبيب من إمكانية تهديدها لأي طائرة تقلع أو تهبط في مطار اللد، أو أي طائرة "إسرائيلية" في سماء لبنان. 

كما أرسلت موسكو أحد أحدث طراداتها العسكرية، موسكوفا، قبالة سواحل اللاذقية والذي يعتبره حلف الناتو "قاتل حاملات الطائرات" لمميزاته التسليحية المتطورة منها منظومة دفاع صاروخية من طراز "فورت" مشابهة لمنظومة أس 300 وتتميز بقدرة مناورة عالية".

تركيا من جانبها حافظت على لهجة التصعيد والتحدي، لا سيما بعد اعلان روسيا تخاذ اجراءات مقاطعة اقتصادية بديهية ضدها، للتمويه على قرارها "بتعليق" طلعات مقاتلاتها بالقرب من الحدود السورية، رافقتها موسكو بتصعيد عملياتي من جانبها وتحديداً في الشريط الممتد من جرابلس السورية الى واحل البحر المتوسط، وهي المنطقة التي صرح اردوغان بانه سيعلن عن انشاء منطقة "آمنة،" أو حظر جوي.

تراجع تركيا ميدانياً دللت عليه موسكو باستهداف حقيقي مدروس لقوافل حاملات النفط السوري المهرب باتجاه الأراضي التركية، بل نيتها الاستمرار والتدرج في ذلك لحرمان تركيا من التنعم بالمسروقات السورية. التراجع ايضا دليل بيّن على هوية صاحب القرار في التصعيد والتهدئة، ومؤشر أيضاً على أن اردوغان وطموحاته بعد فوز حزبه باغلبية المقاعد البرلمانية مؤخرا، يبدو ابعد ما يكون عن تحقيق اي من اهدافه المعلنة بتقسيم سوريا وبسط نفوذه عليها وعلى العراق في آن.

الدول الملحقة بالتحالف مع تركيا، لا سيما في الخليج العربي، اعربت عن ارتياحها الفوري لاسقاط الطائرة الروسية باعتباره "قرار سياسي وتصعيد محسوب" من تركيا، كما اوضح الصحافي "السعودي" جمال الخاشقجي، مبشرا ان "ما قبل الحادث لن يكون هو ذاته ما بعد ذلك." رئيس مركز "بيلغي اسلام" البحثي في انقره، اتيلا صانديكلي، اعتبر قرار بلاده تهور سياسي وجاءت "هذه الحادثة لتزيد الطين بلة."

الناتو يحفظ خط التراجع
استجاب حلف الناتو لدعوة تركيا بالانعقاد الطاريء في مقره ببروكسل متخذا قراره بدعم انقره دون التكامل مع مطلبها بتدخل الحلف عسكريا لجانب احد اعضائه، بل طالب بعض مندوبيه الرئيسيين انقره "التحلي بالتهدئة وعدم التصعيد،" والادلاء بصريح العبارة ان تركيا "لم تقم بمرافقة المقاتلة الروسية خارج مجالها الجوي،" مناشدين انقرة عدم الاقتراب من "حافة الهاوية."

منذ دخول روسيا المباشر في القتال في سوريا، استمزجت قيادتها العسكرية ردود فعل حلف الاطلسي عبر اختراق طائراتها الاجواء التركية على مدى يومين متتاليين، مما دفع قيادة الحلف "التنديد بانتهاك سيادة الاجواء التركية، وانتهاكها مسرح عمليات قوات الحلف."

في هذا السياق أيضاً، حل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفا على البيت الابيض في اطار زيارة كانت مقررة مسبقا، فور وقوع اسقاط القاذفة الروسية، رمى منها حث واشنطن الانضمام الفعلي لجهود موسكو وتصديهما المشترك لداعش، الأمر الذي لم يلقَ تعاطفا جادا من قبل الرئيس اوباما. وتوجه عقب ذلك للقاء الرئيس الروسي بوتين في موسكو بغرض التنسيق العملياتي المذكور. اللافت انها المرة الاولى التي يعرب فيها الجانب الفرنسي عن حشد الجهود جنبا الى جنب مع الجيش العربي السوري، وروسيا، لمقاتلة داعش، "الذي يشكل العدو الاوحد لفرنسا." حركة هولاند ادت باردوغان للتغريد وحيدا خارج السرب على يد اقرب حلفائه الاوروبيين.

لعل الأبرز في التصريحات الفرنسية منذ جولة هولاند ولقاءاته مع اوباما وميركل وبوتين "احجامه" عن المطالبة برحيل الرئيس الاسد كما درجت السياسة الفرنسية عليه منذ بدء هجمات المجموعات المسلحة على الدولة السورية. هولاند تسلم "تصدر" الملف السوري ليس للهجمات الارهابية الاخيرة في بلاده، بل ايضا بحكم انشغال المانيا ومستشارتها ميركل بالازمة الاقتصادية مع اليونان وتداعياتها على لحمة الاتحاد الاوروبي برمته. وعليه، نستطيع القول ان فرنسا هولاند اضحت في المقعد الامامي الاوروبي والغربي معا في التعامل مع الازمة السورية.

علاوة على ما تقدم في الساحة السورية، لوحظ تراجع اوروبي واضح، المانيا وفرنسيا بالذات، من تصعيد الموقف مع روسيا في اوكرانيا وشبه جزيرة القرم، مما يؤشر إلى أن المبادرة الفرنسية نضجت بمباركة اميركية لتجاوز مرحلة سياسية عادت على الدول الاوروبية بالضرر الاقتصادي واستشراء الارهاب في اراضيها. حركة هولاند "المفاجئة" وتصريحاته الايجابية نحو الجيش العربي السوري ربما أتت تتويجا واقتداء بسلفه شارل ديغول القائل "رجال الدولة يتراجعون امام المحن."

آفاق المرحلة المرئية
الاستناد إلى لغة التصريحات الرسمية حصراً لا يعدو كونه أحد العوامل التي تؤخذ في الحسبان لاستقراء التحركات السياسية للقيادات المنخرطة والفاعلة في الصراع: بوتين، اوباما، هولاند، والى درجة اقل بكثير يأتي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. التصريحات التصعيدية الصادرة عن كل من روسيا وتركيا تؤشر على نضوج ازمة يحرص الطرف الاضعف على عدم الذهاب بعيدا فيها لنقطة التفجير.

مفصل الافتراق الروسي الأميركي ليس في الموقف من شخص وموقع الرئيس السوري بشار الاسد، بل لطبيعة تعريف القوى والمجموعات الارهابية. موسكو ودمشق تعتبران أن كل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية ويرتبط باجندة وتمويل خارجي تنطبق عليه صفة الإرهاب ينبغي اجتثاثه. واشنطن وحلفاؤها الإقليميون يوفرون الدعم التسليحي والتمويلي والغطاء السياسي لمروحة واسعة من مسميات واستنساخات التنظيمات الإرهابية، وتحرص على إقصاء روسيا من التعرف على مواقع "المعارضات المعتدلة" واستهدافها.

بيد أن الاغراض المرجوة من استيلاد تلك المجموعات ومشتقاتها لم تؤتِ أكلها في اطار الاستراتيجية الاقليمية والكونية للقوتين العظميين، وتراجعت اهميتها الميدانية بالنسبة لمشغليها باضطراد مع بدء الدعم الجوي الروسي لقوات الجيش العربي السوري. واضحت "عبأً" على مشغليها ينبغي ادارته وتحجيمه الى مستوى بقائها تحت السيطرة وعند الطلب، لاسيما بعد اعلان قادة من "لواء التركمان" مسؤوليته عن اغتيال الطيار الروسي اثناء هبوطه بمظلته في قرية يمادي السورية.

تفجيرات باريس الاخيرة فرضت واقعاً جديداً ومستجداً على بعض الدول الاوروبية، وتحول بعض مواقفها بالابتعاد عن دعم الارهابيين وتسهيل دخولهم للاراضي السورية عبر تركيا. وجاءت تحركات فرنسا هولاند والتقرب من روسيا تجسيد على التحولات الجارية في المواقف الاوروبية. وأثمرت ايضاً انحراف المانيا بنفس الاتجاه، اذ صرحت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، الجمعة 27 نوفمبر، ان بلادها قررت الانضمام ومشاركة فرنسا الحرب على الارهاب "بناء على طلبها."

على هدي قاعدة "رب ضارة نافعة" يستعيد الرئيس الروسي بوتين مركزيته في تصدر التحركات السياسية على امتداد الساحة الدولية، اسوة بما حققه من نجاح في دورة الجمعية العمومية للامم المتحدة الاخيرة، باعلانه انخراط بلاده مباشرة في الازمة السورية.

ستشهد باريس مطلع الاسبوع المقبل، الاثنين 30 نوفمبر، انعقاد "مؤتمر باريس للمناخ،" الذي سيحضره عدد وافر من قادة العالم من بينهم الرئيس الاميركي باراك اوباما.

حافظ الرئيس بوتين على "تجاهل" استقبال مكالمات الرئيس اردوغان للتحدث معه هاتفيا عقب اسقاط المقاتلة الروسية. وجاء في آخر تصريحات اردوغان انه وجه طلبا رسميا للقاء الرئيس بوتين في باريس خلال انعقاد المؤتمر المذكور وتقديم الاعتذار العلني رسميا، كما يعتقد. سبق طلب اردوغان الاخير تصريحات ادلى بها رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو يعلن استعداد بلاده "لتهدئة الاوضاع مع روسيا .. والاستعداد للتعاون معها بشأن داعش."

الرئيس بوتين لم يعلن عن استجابته او جوابه بعد، بيد ان الاجواء السياسية الراهنة تطغى عليها نتائج زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو واعلان الجانبين تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالمجموعات الارهابية في سوريا.

في هذا السياق، نعود "لرؤية" المحلل "السعودي،" جمال الخاشقجي بأن ما سبق عملية اسقاط المقاتلة الروسية ليس كما بعدها. اردوغان وحلفاؤه كانوا يعدون لمرحلة يوفرون الدعم المطلوب "لمجموعات التركمان" للسيطرة على الشريط الجغرافي الفاصل بين الحدود المشتركة مع تركيا والارياف السورية الشمالية، لا سيما محافظة اللاذقية. وتعالت المراهنات على "حشر" روسيا في المستنقع السوري والفتك به.

روسيا قبل اسقاط قاذفتها السوخوي غيرت قواعد الاشتباك والعاملين في الساحة السورية، كما دلت عليها التحركات الاميركية المباشرة وعبر الوكلاء. تداعيات الطائرة وفرت لها ذخيرة اضافية، سياسيا وعسكريا، لتعزيز حضورها وفرض شروطها على الوكلاء والاصلاء المعادين للدولة السورية؛ واستطاعت تحييد حاملة الطائرات الفرنسية من مهامها السابقة بلاستعداد لقصف نفوذ الدول السورية الى الانضمام لجهودها في شن غارات جوية على مواقع داعش.

نجم الرئيس الروسي يلمع مجدداً على الساحة الدولية واصبح محور التحركات الدولية التي تطلب وده والتوسل اليه في مؤتمر باريس المقبل.

ميدانياً، تضاعفت انجازات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة، مدعومة بالتغطية الجوية الروسية، واستعاد عدد كبير من الممرات والمراكز الاستراتيجية التي خضعت لسيطرة المجموعات المسلحة لفترة قريبة. انهيار المسلحين في جملة من المواقع الحساسة بلغت حدا لم يستطع الاعلام الغربي وحليفه الخليجي تحديدا التغاضي عنه، وان على مضض، وعززت التصريحات الغربية المطالبة بضرورة العمل الجاد مع روسيا في محاربة داعش.

من بين أبرز انجازات الغارات الروسية اسقاطها نظرية اردوغان، وداعميه من دول الخليج العربي، لإنشاء "منطقة آمنة أو منطقة حظر جوي" داخل الاراضي السورية؛ وقلبت روسيا المعادلة لتحرم تركيا من حلمها ببسط سيطرتها الامبراطورية وتفتيت سوريا وتقاسم غنائمها مع الممولين العرب والذين يكنون العداء لسوريا.

الأبعاد الاقتصادية لإسقاط القاذفة
سواء أخذ أردوغان وداعميه في الحسبان التأثيرات الاقتصادية أم لا، فإنها صبت في المحصلة برفد الخزينة الروسية بمزيد من اموال النفط عقب ارتفاع اسعار النفط الخام في الاسواق الدولية؛ كما شهدت اسعار الذهب ارتفاعا بنسبة 7 دولارات للأوقية في الاسواق العالمية.

اوروبا زادت نسبة قلقها من تدهور الاوضاع العالمية نتيجة تصرف حكومة اردوغان نظرا لدخول فصل الشتاء واعتمادها بنسبة كبيرة على توريد الغاز الروسي، لا سيما وان تركيا ذاتها تعتمد عليه بنسبة 57% من احتياجاتها، علاوة على ما تحصده من واردات لمرور انابيب الغاز الروسي المتجهة لاوروبا عبر اراضيها.

تصريح وزير الدفاع الروسي الكسندر شويغو حول المقاتلة باعتباره حادثة اسقاطها "عملا عدائيا .. تستدعي اتخاذ جملة من التدابير للرد عليها،" تجسدت على الفور بمقاطعة السياحة لتركيا التي تعد المحطة الاولى للسياح الروس. كما لم يغفل الخبراء السياسيين والاقتصاديين على السواء تداعيات اقدام روسيا على تخفيض او قطع توريداتها من الغاز بالكامل عن تركيا؛ والتداعيات الاخرى على مشاريع بناء مفاعلات نووية روسية لتركيا العام المقبل، ومشروع خط الانابيب "ترك ستريم" لنقل الغاز الروسي لاوروبا عبر تركيا واليونان لتفادي مروره بالاراضي الاوكرانية.

نمو الاقتصاد التركي في تراجع، وكذلك قيمة العملة التركية في الاسواق الدولية، مما سيفاقم من خيارات الرئيس اردوغان واضطراره لاعادة النظر في سياساته التصعيدية مع موسكو، يضاف الى ذلك الخلافات والتباينات السياسية بين دول الاتحاد الاوروبي، من ناحية، ومع الولايات المتحدة من ناحية اخرى، على ضوء المخاطر الناجمة عن فتح تركيا حدودها لتدفق اللاجئين، السوريين وغيرهم، للدول الاوروبية.

قرار الإسقاط بيد من؟
السؤال الجوهري الذي يتردد على ألسنة الخبراء العسكريين والسياسيين والمراقبين الإعلاميين على السواء من هو الطرف صاحب قرار إسقاط القاذفة الروسية "عن سبق إصرار وترصد" كما تعتقد روسيا الرسمية والشعبية.

الولايات المتحدة، على الرغم من تصريحاتها السريعة بدعم تركيا وتفسيرها العملية بحصرها "بين روسيا وتركيا،" رامية بذلك إلى إبعاد الشبهة عن أي دور فاعل لواشنطن، جسدتها تصريحات قادة البنتاغون واتهام القادة الروس "بالمبالغة" لمدى إنجازاتهم في سوريا.

في مؤتمر الدول الصناعية الأخير في انطاليا التركية اتهم الرئيس الروسي بوتين "بعض الدول المشاركة" في القمة بدعم الارهاب والجماعات الارهابية في سوريا، وفُهم من سياق حديثه انه كان يقصد تركيا والسعودية بالدرجة الاولى. بل ذهب ابعد من ذلك في رفضه اي كلام يحدد "مصير الرئيس السوري،" متسلحا بالموقف والقانون الدولي الذي لا يجيز التدخل الاجنبي بالشؤون الداخلية لأي بلد.

روسيا ماضية في تصويب بوصلة الإرهاب نحو تركيا "وجيران سوريا" من الدول؛ بتأكيد وزير خارجيتها سيرغي لافروف في أحدث لقاء ضمه مع وزير الخارجية السوري الزائر، وليد المعلم، 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التزام بلاده "تقديم كل المساعدات الضرورية لقيادة الجمهورية العربية السورية في ملاحقة الارهابيين والقضاء عليهم." واتهم تركيا وقيادتها بأنها "تغامر قيادة تركيا الى وضع صعب جدا .. في المنطقة بشكل عام."

أمام إصرار روسيا، وعلى أعلى المستويات، تقديم تركيا اعتذاراً رسمياً على فعلتها، رفضت الاخيرة مجرد التعرض للفكرة وتظاهرت بجهلها هوية الطائرة وان جيشها "لم يتعمد اسقاط طائرة روسية". اللافت أن تصعيد لهجة الخطاب السياسي التركي جاء مواكباً لوصول قوات أميركية خاصة لمدينة عين العرب – كوباني بحجة "تدريب ودعم الاكراد."

الدعم الأميركي لتركيا، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وإيلاؤها التدخل في ملفات إقليمية حساسة في الصراع الاستراتيجي الدولي، وتوفيرها الغطاء السياسي الفوري، يؤشر على أن قرار اسقاط المقاتلة الروسية نجم عن "تخطيط" مسبق نميل الى تعريفه بالمدروس بعناية، يعززه التصريحات المتناقضة لتركيا حول هوية الطائرة، من ناحية، والزعم بتوجيهها سلسلة تحذيرات متتالية دحض صدقيتها مساعد الطيار الروسي الناجي من الهجوم.

معالجة حادثة إسقاط المقاتلة ضمن موازين القوى الدولية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة واقصاء القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين وروسيا، يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار لا تنطبق عليه مواصفات دولة من الدرجة الثانية، كتركيا، والتي لا تقدر على تحمل نتائج فعلة لها انعكاسات اقليمية ودولية بمفردها.

____________________________________________
المصدر: مكتب
الميادين بواشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات العربية
____________________________________________


إردوغان "حزين" إسقاط الطائرة الروسية 

أعرب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن "حزنه" لإسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية-التركية، متمنياً ألا تتكرّر الحادثة.
وقال اردوغان، في لقاء في باليكيسير التركية السبت، إن "هذا الحادث أحزننا جداً، لم نكن نريد ذلك، ولكن الأمر وقع وآمل في ألا يتكرّر. وسنبحث هذه المسألة ونجد لها حلاً"، معتبراً أن قمة المناخ التي ستُعقد في باريس الاثنين المقيل "تمثّل فرصة سانحة للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بما يخدم ترميم العلاقات مع موسكو".
وأضاف: "لا نُريد أن يؤدّي التوتر بيننا وروسيا، إلى نتائج محزنة في المستقبل، كما أننا نرغب في أنّ يتعامل الطرفان بشكل أكثر إيجابية مع هذه الحادثة"، ورأى أنه "لا يُمكننا إزاحة بعضنا البعض من الأفق. لا ينبغي أن يتعمّق هذا الوضع إلى ما هو أكثر من ذلك في العلاقات بين البلدين، بما قد يُفضي في المستقبل إلى نتائج أشدّ أثراً. تركيا لم تكن في أي وقت من دعاة التوتّر، ولن تدعو إلى التوتر أبداً. نحن نريد مستقبلاً آمناً للعلاقات بين البلدين وسوف نتحرّك قدماً انطلاقاً من ذلك".
وتوجّه إلى موسكو قائلاً:" تعالوا لنحلّ المسألة فيما بيننا، ولا نمنحها بُعداً يُلحق الضرر بجميع علاقتنا"، مشيراً إلى أن أنقرة مستمرة في التعاون مع موسكو على المستوى الدولي وعبر القنوات الديبلوماسية.
بدوره قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو "من المهم إجراء لقاء بين الرئيس، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في باريس الاثنين المقبل، وأتمنى أن يعقد، كما يجب أن تبقى قنوات الاتصال في أوضاع كهذه مفتوحة".

اجراءات عقابية روسية

في المقابل، وقع الرئيس الروسي مرسوماً يتبنى سلسلة اجراءات اقتصادية عقابية رداً على اسقاط الطيران التركي الثلاثاء لمقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
وأورد نص المرسوم الذي نشره الكرملين ان هذه الاجراءات التي اعدتها الحكومة الروسية و"الهادفة الى ضمان الامن القومي وامن المواطنين الروس" تشمل حظر الرحلات بين روسيا وتركيا ومنع ارباب العمل الروس من توظيف اتراك، واعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين.
وأوضح الكرملين على موقعه الإلكتروني أن الإجراءات ستؤثر على الواردات من بعض البضائع التركية وعلى عمليات الشركات التركية في روسيا والاستعانة بأتراك في شركات روسية.
وكان المتحدث باسم الرئيس الروسي قال إن بوتين مستنفر تماماً لمواجهة ما يعتبره الكرملين تهديداً غير مسبوق من تركيا.
وفي تعليقات تعكس مدى غضب الكرملين بسبب هذا الحادث وصف المتحدث ديميتري بيسكوف تصرف سلاح الجو التركي بأنه "جنون مطبق"، وقال إن تعامل أنقرة مع الأزمة بعد وقوعها ذكره "بمسرح العبث".
وأضاف بيسكوف لبرنامج "نيوز أون ساترداي" التلفزيوني الروسي: "لا أحد يملك الحق في إسقاط طائرة روسية غدراً من الخلف"، واصفاً الدليل التركي الذي يقول إن الطائرة الروسية وهي من طراز "سوخوي-24 " اخترقت المجال الجوي التركي بأنه "رسوم كرتونية".
وقال بيسكوف إن الأزمة دفعت بوتين الذي يجهز وزراؤه إجراءات اقتصادية انتقامية ضد تركيا "للاستنفار" بطريقة الجيوش في أوقات الأزمات.
وأضاف "الرئيس مستنفر.. مستنفر تمامًا.. مستنفر للحد الذي يقتضيه الموقف. هذا الظرف غير مسبوق. هذا التحدي لروسيا غير مسبوق. لذا وبشكل طبيعي سيكون رد الفعل على قدر هذا التهديد".

ويقول الرئيس التركي إن بلاده لن تعتذر عن اسقاط المقاتلة لكنه قال اليوم السبت إن الحادث أصابه بالحزن وأن قمة المناخ في باريس الأسبوع القادم قد تكون فرصة لإصلاح العلاقات مع موسكو.

_______________________________
("روسيا اليوم"، الأناضول"، ا ف ب، رويترز)



ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.