‏إظهار الرسائل ذات التسميات حماس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حماس. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 24 أكتوبر 2022

رغم الاعتراض الإخواني: «حماس» نحو وجود دائم في سوريا…لكن هذه الإستدارة لا تحل عقدة الحركة من ناحية مركزية المبدأ

    أكتوبر 24, 2022   No comments

على الرغم من الخطوات التصالحية التي اتخذتها حماس تجاه سوريا وحلفاء آخرين مثل اليساريين العلمانيين والجماعات الاشتراكية ، إلا أن الجماعة لم تعالج المشكلة الرئيسية ، وهي مشكلة الأيديولوجيا. لذلك ، سوف يُنظر إلى هذه الخطوات ، وربما تكون كذلك ، على أنها تمليها الملاءمة وليس المبادئ.

لا تزال الأسئلة التي يجب على الجماعة ومنظريها من الإخوان الإجابة عليها هي: هل تحالفاتهم مع الحكومات والأحزاب والجماعات السياسية الأخرى هي مجرد استراتيجية؟ هل لدى الجماعة والإخوان المسلمين بالتبعية مشكلة طائفية؟

من الصعب عدم الربط بين الوقت الذي سيطر فيه الإخوان المسلمون على مصر في عام 2012 وتفضيلاتهم الحقيقية. قادة حماس ، في ذلك الوقت ، اعتقدوا أنهم لا يحتاجون إلى حلفائهم العلمانيين مثل الحكومة السورية أو مؤيديهم مثل إيران وحزب الله. لقد اعتقدوا أنه مع مصر التي تديرها جماعة الإخوان المسلمين ، واستثمار قطر في مشاريع الإخوان المسلمين ، واهتمام أردوغان (تركيا) بإبراز القوة في العالم العربي ، لن تكون هناك حاجة لتحالفات أخرى من خارج الإسلام السني ومن خارج الجماعات الإسلامية السياسية. وضعت حماس هذه القناعة موضع التنفيذ: غادرت القيادة سوريا وذهبت إلى قطر ، وفتحت المجموعة مكاتب في القاهرة وأنقرة.

 عندما تمت إقالة حكومة مرسي ، ولم تنهار الحكومة السورية ، تُركت حماس وشأنها. حتى تركيا أغلقت مكاتبها وطلبت من بعض قادتها مغادرة البلاد. ليس من الصعب أن نرى أن العودة إلى دمشق هي قرار ضرورة وليس اختيار.

لذلك ، فإن حماس والإخوان المسلمين بشكل عام بحاجة إلى إجراء مراجعة عميقة لأنظمتهم القيمية ، وأسس تحالفاتهم ، وموقفهم من القضايا الطائفية والتعاون مع الجماعات العلمانية التي تشاركهم الالتزام بالعدالة أكثر مما يوافقون علي ميولاتهم الأيديولوجية. باختصار ، حماس لم تقطع سوى جزء من الطريق -- طريق إيجاد موقف أكثر مبدئيًة يسمح لها بالحصول على ثقة أولئك الذين خانتهم.

__________

 

مقالات ذات صلة
 
 

يوسف فارس

رجب المدهون

حسمت الصورة التي جمعت القيادي في حركة «حماس» خليل الحية، مع الرئيس السوري بشار الأسد، شهوراً طويلة من الجدل حول عودة الحركة إلى دمشق. ومع أن «حماس» اتّخذت قرارها بإجماع معظم أعضاء المكتب السياسي، ومباركة مجلس الشورى، فإن هذا الإجماع لم ينسحب على جمهورها ونُخبها وحتى بعض قياداتها، فيما جاءت بعض ردود الفعل منسجِمةً مع طبيعة الخطاب الذي كانت تبنّته المنصّات الإعلامية التابعة للحركة طوال سنوات الحرب، وأيضاً مع المبرّرات «الأخلاقية» التي ساقتها بُعيد خروج رئيس المكتب السياسي، خالد مشعل، من دمشق عام 2012. وبدا التباين واضحاً خصوصاً، بين الجمهورَين «الحمساويَّين» في غزة والضفة؛ إذ بينما استبقت اللجان الداخلية للحركة خطوتها العلنية نحو سوريا، بعقْد جلسات نقاش مكثّفة، قدّم فيها مسؤول العلاقات الخارجية، الحية، رؤية القيادة «المقنعة» لدوافع العودة إلى دمشق، لم يخضع الجمهور في الضفة لمِثل هذه الجلسات، وذلك بسبب تبدّد الجسم التنظيمي هناك. ولذا، وفي أوّل موقف معلَن، أعلن عيسى الجعبري، وهو وزير سابق في الحكومة العاشرة التي كان يرأسها إسماعيل هنية، براءته من إعلان الحركة «إعادة علاقتها بالنظام السوري المجرم»، معرباً عن أمله في أن يعود قادة «حماس» إلى «نهج الحق والصواب».

أمّا في غزة، فيؤكد مصدر «حمساوي»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الحية استمع، خلال الجلسات الداخلية، إلى مختلف الآراء المؤيّدة والمعارِضة للعودة إلى دمشق، وقدّم ردوداً مقنعة عليها، استندت إلى آراء دينية قدّمتها لجنة الإفتاء التابعة للحركة، وعدد من العلماء العرب الذين يحظون باحترام وتقدير في أوساط أبنائها». وبناءً عليه، كان ملاحَظاً، حتى في أوساط أكثر مُحلّلي «حماس» تصلّباً في الموقف من النظام السوري، تصدير موقف إعلامي متفهّم لدوافع الحركة؛ إذ قال مصطفى الصواف، في تصريحات أدلى بها إلى موقع «حفريات» المموَّل إماراتياً، إن «حماس اتّخذت قراراً شورياً جامعاً بالعودة إلى الساحة السورية، ولديها أهداف تريد تحقيقها في ظلّ التغيّرات الإقليمية والدولية، وتريد أن تكون علاقاتها مع الجميع على أساس التعاون بما يخدم القضية الفلسطينية ومقاومتها للاحتلال، وسوريا تُعلن دوماً أنها ضدّ الاحتلال الصهيوني وتدعم المقاومة». ورأى الصواف أن «وجود انتقادات لأيّ موقف سياسي داخل أيّ جهة، ينمّ عن وضع صحّي سليم، طالما أنه لم يَخرج عن حدود اللياقة»، معتبراً أن «حماس اتّخذت قرار العودة» انطلاقاً من «مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس استجابةً لضغوط إيرانية، بل جاء الترحيب الإيراني استحساناً لقرارها».


وفي الاتّجاه نفسه، نشرت صحيفة «الرسالة» التابعة لـ«حماس»، مقالاً للكاتب محمد شاهين، دافع فيه عن «يوم الزيارة الحمساوية المجيد»، قائلاً: «سوريا كانت ولا تزال من أبرز الداعمين لمقاومة الشعب الفلسطيني ومقاومته، فلقد وفّرت البيئة الحاضنة للعمل المقاوم في عدد من الأماكن، لتطوير العتاد العسكري وتدريب المجاهدين لمواجهة الاحتلال، وفي هذا السياق نستحضر الشهداء جمعة الطحلة ومحمد الزواري وغيرهما الكثير من الأبطال الذين احتضنتْهم الأراضي السورية». وأضاف شاهين أن «هذا التطوّر يأتي في إطار تعزيز المحور الداعم للقضية الفلسطينية (محور القدس)»، خصوصاً أن «سوريا في حالة مواجهة مستمرّة مع الاحتلال، وفي ظلّ التغيّرات الإقليمية والدولية والتضييق الذي تتعرّض له الحركة في مناطق عدّة من العالم».

 

في المقابل، أعرب الكاتب والناشط السياسي المحسوب على «حماس»، أحمد أبو ارتيمة، في مِثل هذا اليوم، عن شعوره بـ«الامتنان»، معتبراً، في منشور عبر «فيسبوك»، أن «ثمّة مبادئ فوق أيّ حسابات وتقديراتٍ، ومن أهمّها أن أنظمة الاستبداد والقتل ليست أقلّ بشاعة من النظام الاستعماري (...) هناك من يتذرّع بأن الثورة السورية انتهت، وأن نظام بشار الأسد قد استعاد السيطرة على معظم الأراضي السورية، وأن فصائل الثورة تناحرت، هذه تقديراتهم وحساباتهم، لكن لا بدّ من الوضوح المبدئي حتى لا يصير كلّ شيءٍ مائعاً، وحتى لا نخسر كلّ قيمة أخلاقية». كذلك، كان أحمد يوسف، وهو المستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية، قد أعلن، قبيل أيام من زيارة الحيّة إلى دمشق، أنه يقف مع خالد مشعل في عدم العودة إلى سوريا، وقال في منشور عبر «فيسبوك»: «إذ كان خالد مشعل مَن يعترض على توقيت العودة إلى سوريا الآن، فأنا معه، فنحن في السياسة تَحكمنا المبادئ التي تضبط إيقاع المصالح». كما شنّ، في مقال استبق به الزيارة، هجوماً لاذعاً على قيادة الحركة قال فيه: «هذه الخطوة متسرّعة، ولا طائل من ‏ورائها حالياً، وهي إن تمَّت ليست أكثر من ‏مغامرة متهوّرة لبعض الإخوة في القيادة مِمَّن ‏استهوتْهم مظاهر الزعامة، ولم يَعُد أحدهم ‏يكترث برأي الأغلبية من إخوانهم في الداخل ‏والخارج، ولا حتى بأصوات الكثير من علماء ‏الأمّة مِمَّن تحدّثوا وأرسلوا تحذيراتهم من العواقب ‏الوخيمة لمِثل تلك الخطوة وتأثيرها على مكانة ‏ومصداقية حماس». وأضاف القيادي «الحمساوي» المقيم في تركيا، والمحسوب كأبرز منظّري «الواقعية السياسية» في الحركة، متسائلاً: «لماذا كلّ هذه الهرولة ‏في التصريحات التي نسمعها من بعض إخواننا، الذين يدفعون بحجج واهية للتقارب ‏من نظام ظالم لم يتصالح بعد مع شعبه، وما ‏زال معزولاً إقليمياً ودولياً؟ وما الذي يخشاه بعض قيادات حماس في ‏الخارج، لتبدو وكأن حماس تتسوّل العودة إلى سوريا، ‏لإرضاء بعض حلفاء النظام في المنطقة؟».


في خارج «حماس»، حظيت خطوة العودة إلى دمشق، بمباركة من جمهور ونُخب حركة «الجهاد الإسلامي»، التي تَقدّم أمينها العام، زياد النخالة، صفوف القيادات الفلسطينية التي استقبلها الأسد. كذلك، قدّم جمهور الحركات اليسارية ونُخبها موقفاً مماثلاً. أمّا الخصوم السياسيون، فقد دفعتْهم النكاية الحزبية إلى استحضار تصريحات «حمساوية» سابقة كانت قد هاجمت دمشق، فيما أبدى كتّاب وأكاديميون تفهّماً لقرار الحركة، إذ رأى بلال الشوبكي، وهو رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن «حماس تسعى لاستعادة علاقتها مع النظام السوري بعد يقينها بعدم وجود بديل يقدّم لها الاحتضان والدعم الكامل»، لافتاً إلى أن تلك الخطوة «تمّت بجهود إيرانية». وأشار إلى أن «أبرز التداعيات المباشرة لها، هو استياء الحاضنة الشعبية التقليدية (الفلسطينية والعربية)»، كونها «تَعتبر أن النظام السوري مارس جرائم بحق الشعبَين السوري والفلسطيني هناك (...) وهو ما قد يتسبّب بنوع من العزلة للحركة، فترميم علاقتها مع دمشق يُعدّ انزلاقة خطيرة على رغم تفهّم الأسباب التي دفعتْها إلى ذلك». بدوره، دافع المحلّل السياسي المحسوب على «حماس»، حسام الدجني، بأن «ثمّة جملة من المتغيّرات الدولية دفعت الحركة إلى التقارب مع سوريا، أبرزها هو اتّجاه بعض الحلفاء إلى تطبيع علاقتهم مع إسرائيل»، قائلاً في تصريحات صحافية: «حماس كحركة تحرّر وطني، الأصل أن تتموضع في المنطقة ضمن محاور وأحلاف، وهذا يتجسّد في محور المقاومة (...) في ظلّ تضييق الخناق عليها من قِبَل بعض الدول العربية، فإن سوريا أحد أفضل البدائل، التي يمكن لقيادة الحركة نقل ثقلها إليها».

بعد وقت قصير من زيارة نائب قائد حركة «حماس» في قطاع غزة، ومسؤول ملفّ العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، خليل الحية، إلى سوريا، وإجرائه مباحثات مع قيادتها، تتّجه العلاقة بين الطرفَين إلى مستوًى جديد، أكثر تقدّماً، من مسار عودتها إلى «طبيعتها»، عبر جملة من المحدِّدات التي جرى الاتّفاق عليها، ليُبنى عليها للمرحلة اللاحقة. وتؤكّد مصادر في «حماس»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الأجواء كانت إيجابيّة خلال زيارة وفد الحركة إلى دمشق»، مضيفةً أنه «تمّ التوافق على البدء بخطوات جديدة لبناء الثقة بين الطرفَين، وتجاوز الأصوات التي تحاول تخريب العلاقة، وأيضاً الاتّهامات المُوجَّهة إلى بعض الأشخاص». وفي هذا الإطار، تَلفت مصادر سورية اطّلعت على مجريات الزيارة، إلى أن «الحيّة حاول التبرّؤ من أنشطة بعض المسلّحين الذين كانوا منضوين ضمن حماس، واعتبر ما قاموا به أعمالاً فرديّة لم تقرّها الحركة ولا تتحمل مسؤوليتها». وفي المقابل «تعاطى الرئيس بشار الأسد بإيجابية مع خطاب الحيّة، واعتبر كلامه كافياً لتجاوز مرحلة الحرب».

أمّا بخصوص إعادة افتتاح مكتب للحركة داخل العاصمة السورية، فتؤكّد المصادر «الحمساوية» أن المسألة «مطروحة حالياً أمام الرئيس الأسد، بعدما أبدت الحركة استعدادها لتجاوز جميع العقبات في هذا السبيل»، متابعةً أن «حماس تنتظر الردود السورية على ذلك الطلب، في ضوء إشارات إيجابية لمستها أخيراً». وفي هذا المجال، تكشف المصادر السورية أن «القيادة السورية مستعدّة لاستقبال ممثّل عن الحركة في دمشق، لكنها أبلغتها أنها تفضّل شخصية سياسية غير عسكرية، لم تكن لها مواقف حادّة من الدولة السورية في وقت سابق». وتتطلّع «حماس» إلى استعادة العلاقات مع سوريا بشكل كامل خلال الفترة القريبة، ووصول ممثّلين دائمين لها إلى دمشق، بعد فتح المكتب المُشار إليه.

 

من جهة أخرى، تنفي مصادر الحركة أن تكون عودتها إلى سوريا، مرتبطة بإمكانية حدوث تغييرات في الانتخابات الرئاسية التركية المنتظَرة العام المقبل، والخشية من تفاقم الضغط التركي على «حماس» في ضوء تقارب أنقرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى احتمال طرْد الحركة من تركيا، مؤكدة أن «قرار العودة جاء بعد مشاورات داخلية واسعة، وضمن رغبة حماس في تمتين جبهة محور المقاومة ومواجهة محور التطبيع مع العدو في المنطقة». وعن مجريات لقاءات دمشق، تكشف المصادر أن الوفد «الحمساوي» نقل إلى الأسد تحيّات القيادة السياسية، إضافة إلى «قيادة الجناح العسكري ومُجاهديه الذي شكروا الدور السوري الداعم للمقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية». وإذ تؤكّد أن أجواء اللقاء «كانت إيجابية أكثر من المتوقّع»، فهي تَلفت إلى أن «الوفد تلمّس بعض التفاعل السلبي من الإعلام السوري، والذي ظهر في بعض أسئلة الصحافيين، ما يدلّ على أن الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت لمحو صفحة الخلافات بشكل كامل من النفوس».
وأثارت عودة العلاقات بين «حماس» وسوريا، سُخطاً إسرائيلياً وأميركياً، تَرجمه الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، الذي قال إن «تواصل نظام الأسد مع هذه المنظّمة الإرهابية يؤكد لنا عزلته»، مضيفاً: «هذا يضرّ بمصالح الشعب الفلسطيني، ويقوّض الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب في المنطقة وخارجها»، مؤكداً أن بلاده «ستُواصل رفض أيّ دعم لإعادة تأهيل نظام الأسد، لا سيما من المنظّمات المصنَّفة إرهابية مثل حماس». وفي ردّها على ذلك، وصفت «حماس» تصريحات برايس بأنها «تدخّل سافر»، معتبرةً أنها «تعكس الموقف الصهيوني المعادي لأيّ محاولة لتعزيز التقارب بين مكوّنات الأمة، لا سيما أن واشنطن شريكة حقيقة في العدوانات المتكرّرة على شعبنا وأمّتنا». وأكدت الحركة أنها «ستُواصل تطوير علاقتها» مع سوريا، بهدف «تصليب قدرات الأمّة في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد».

مثّلت زيارة وفد قيادي من حركة «حماس» للعاصمة السورية دمشق، ولقاؤه الرئيس السوري بشار الأسد، ضمن وفد فصائلي فلسطيني، إعلاناً رسمياً عن طيّ صفحة الخلاف الذي استمرّ قرابة 10 سنوات، وسط جهود يبذلها أطراف «محور المقاومة» لاستعادة العلاقات، وتعزيز الدعم لبرنامج المقاومة الفلسطينية وخياراتها. وأنبأت الزيارة، التي تَصدّرها نائب قائد حركة «حماس» في قطاع غزة ومسؤول ملفّ العلاقات العربية والإسلامية فيها خليل الحية، ببداية عهد جديد بين الطرفيَن. وبحسب مصادر «حمساوية» تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «هذه الخطوة التاريخية ستتبعها خلال الأيام المقبلة خطوات أخرى، وصولاً إلى إعادة فتح مكتب للحركة في سوريا». وتؤكّد المصادر أن «خطوات بناء الثقة بين الحركة والجمهورية السورية على المستويَين القيادي والشعبي تسير بشكل ثابت، وسط مساعٍ لتصفير الخلافات والوصول بالعلاقات إلى مستوى طيّب، وتجاوُز جميع العقبات التي تواجه هذا الأمر».

واستمرّت زيارة وفد «حماس» لساعات عدّة، أجرى خلالها سلسلة لقاءات مع المسؤولين السوريين، لتقريب وجهات النظر وبحْث الخطوات المستقبلية، وكيفية دعم المقاومة الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، ومواجهة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه. واستهلّ الوفد لقاءاته باجتماع مع الأسد، وصَفه الحية بأنه «كان دافئاً، وقد أبدى الرئيس السوري تصميمه على تقديم كلّ الدعم من سوريا للشعب الفلسطيني ومقاومته»، معتبراً أن «هذا اللقاء دليل على أن روح المقاومة في الأمة تتجدّد». ومن هنا، تَوجّه إلى الاحتلال بالقول إن «اللقاء ردّ طبيعي من المقاومة من قلْب سوريا، لنقول للاحتلال والمشاريع الصهيونية التي تستهدف القضية الفلسطينية، إنّنا أمّة موحّدة ومقاوِمة في وجه المشاريع الصهيونية»، مضيفاً أن «هذا يوم مجيد، ومنه نستأنف حضورنا في سوريا والعمل معها دعماً لشعبنا ولاستقرار سوريا»، متابعاً «(أنّنا) أكّدنا للرئيس الأسد أنّنا مع سوريا ووحدة أراضيها ودولتها الواحدة، وأنّنا ضدّ أيّ عدوان يستهدفها».

 

وإذ أكّدت «حماس» «(أننا) طويْنا أحداث الماضي وأخطاءه وكلّ الأخطاء الفردية التي لم تُوافق عليها» الحركة، فقد أوضحت أن «قرارها استئناف العلاقة مع سوريا العزيزة جاء بإجماع قيادتها، وعن قناعة بصوابية هذا المسار». وأعلنت، على لسان الحية، أنها «ستُتابع مع المسؤولين السوريين ترتيبات بقائها في سوريا»، وأنها «أعلمت الدول التي تقيم علاقات معها بقرارها العودة إلى دمشق، ولم تسمع اعتراضاً من أيّ دولة، بما في ذلك تركيا وقطر»، مستدركةً بأنها «اتّخذت قرار العودة إلى سوريا بمفردها، ولم تستشِر أحداً، ولم تكن لتتراجع لو رفض أيّ طرف ذلك». وعن الفائدة من هذا التحوّل، جزم الحية أن «العلاقة مع سوريا تعطي قوّة لمحور المقاومة ولكلّ المؤمنين بالمقاومة».
وضمّ الوفد الفصائلي الذي حطّ أمس في دمشق، خليل الحية من حركة «حماس»، والأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، وممثّلين عن «الجبهة الشعبية»، و«الجبهة الشعبية - القيادة العامة»، و«فتح الانتفاضة»، و«الصاعقة»، و«الجبهة الديموقراطية»، و«جبهة النضال الشعبي»، و«جبهة التحرير الفلسطينية». وأكدت هذه القوى جميعها، في بيانٍ بعد لقائها الأسد، أن «خيار المقاومة هو السبيل الأوحد لاستعادة الحقوق»، فيما نقل الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، طلال ناجي، عن الرئيس السوري إعرابه عن قناعته بأن «لقاء اليوم سيكون فاتحة جديدة للعلاقات بين سوريا والقوى الفلسطينية وقوى محور المقاومة».

 

الأحد، 24 يوليو 2022

حركة حماس مصممة على مراجعة لمراحل الفترة السابقة مع سورية

    يوليو 24, 2022   No comments

قال “المجلس الإسلامي السوري”، إن “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) لم تبد أي استجابة لمطالب ما وصفته العلماء المسلمين بعدم إعادة علاقاتها مع النظام السوري، رغم بذل المجلس جهده لـثنيها عن المضي في هذا القرار الذي وصفه المجلس بالخطير الخطير.

وكانت حركة المقاومة الإسلامية قد اتخذت قرارا باجماع المكتب السياسي بإعادة العلاقة مع سورية قبيل زيارة قام بها رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية رفقة وفد من الحركة الى بيروت.

وجاء في بيان أصدره ما يسمى المجلس الإسلامي السوري وهو منبثق عن حركة الاخوان المسلمين امس، إن الحركة “حاولت صرف الأنظار عن حقيقة مناصحتهم وتحذيرهم (العلماء) بتسريب مخلٍّ لصورة تظهر العلماء الذين ذهبوا محذرين للحركة بمظهر المباركين بحدث هامشي تم إقحامه آخر اللقاء.

واعتبر البيان، أن إعادة “حماس” علاقتها بالنظام السوري “يستكمل مشهد اصطفاف الحركة مع المحور الإيراني الطائفي المعادي للأمة، ذلك المحور الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية خداعًا ويوغل في سفك دم المسلمين في سوريا والعراق واليمن”.

وأضاف البيان، أن حركة “حماس” ستتلقى في حال إعادة علاقتها بالنظام “أكبر الخسارات المتمثلة بسلخها عن محيطها وعمقها لدى الشعوب المسلمة التي طالما وقفت معها وساندتها، وسيُظهر هذا القرار الحركة بمظهر التي تقدم منفعتها الشخصية المتوهمة على منفعة الأمة المتحققة، وتقدم المصالح على المبادئ”.

ولم تبد القيادة السورية أي رد فعل او تعليق علني على قرار حماس بإعادة وصل العلاقة، لكن مصادر في حينها قالت ان القيادة السورية ليست جاهزة بعد لملاقاة حركة حماس في قرارها إعادة العلاقة، بسبب ما تعتبره دمشق طعنة من حركة حماس التي كانت تتخذ من دمشق مقرا لها قبل الحرب في سورية، وغادرتها عند اندلاع الاحداث وصدرت عنها عدة مواقف مؤيدة للفصائل المسلحة التي قاتلت الجيش السوري خلال الحرب، وداعمة للمعارضة السورية التي سعت جاهدة لاسقاط النظام في سورية متعاونة مع قوى خارجية في الإقليم، وقوى غربية على راسها الولايات المتحدة.

ونشر “المجلس الإسلامي” توضيحًا عبر تسجيل فيديو مصوّر، في قناته الرسمية عبر “يوتيوب”، قال فيه المتحدث الرسمي باسم “المجلس”، الشيخ مطيع البطين، إن لقاء الرفاعي بإسماعيل هنية تمّ لأمر واحد، وهو تنبيه الحركة بغرض ثنيها عن قرار إعادة علاقتها بالنظام السوري بحسب البطين.

وأصدرت مجموعة اطلقت على نفسها اسم ” العلماء المسلمين ” اجتمعت مع قيادة حركة حماس في بداية الشهر الجاري بيانا حول اللقاء أشاروا فيه ان الاجتماع مع الحركة جاء لاستيضاح قرار حماس باستعادة العلاقة القديمة مع سورية بعد القطيعة التي جرت على خلفية موقف حماس من الحرب السورية وان مجموعة العلماء قدمت نصيحة لقيادة الحركة بعدم القيام بهذه الخطوة.

ووقع على البيان حينها كل من الشيخ أسامة الرفاعي، ورئيس هيئة علماء اليمن، عبد المجيد الزنداني، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، ونائب رئيس الاتحاد، عصام أحمد البشير، بالإضافة إلى عضو مجلس أمناء الاتحاد، عبد الحي يوسف، والأمين العام لرابطة علماء المسلمين، محمد عبد الكريم، وأمين عام مجلس البحوث بدار الإفتاء الليبية، سامي الساعدي.

ويبدو من خلال البيان ان حركة حماس مصممة على موقفها المبني على مراجعة لمراحل الفترة السابقة، وتقديرها للوضع السياسي لها ووضع المقاومة الفلسطينية بشكل عام.

ومن غير الواضح حتى الآن مآلات هذا التوجه الجديد وان كان فعلا سيعيد رسم العلاقة بين حليفي الامس خاصة ان الطرفان ينتميان لمحور مناهض لإسرائيل وسياسات الولايات المتحدة في المنطقة.


الجمعة، 21 مايو 2021

الابواب المفتوحة بين دمشق وحماس... حركة حماس ترد التحية للاسد باحسن منها

    مايو 21, 2021   No comments

كمال خلف *

في اجتماع جرى بين الرئيس الاسد وقادة الفصائل الفلسطينية وعلى راسهم الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الاخ “زياد النخالة”  ، اكد  الاسد للحاضرين التزام سورية الكامل بدعم المقاومة الفلسطينية . ولا شك بانه الموقف الاميز عربيا على اعتبار ان سورية تخوض منذ عشر سنوات حربا ضروسا دمرت بنيتها التحتية واقتصادها وحاولت الفتك بجيشها ومجتمعها، وبروز اصوات من النخبة السورية تنادي” بسورية اولا ” كخلاصة لتجربة الحرب  . الا ان الرجل الذي يوصف بالعنيد في دمشق  ترك طقوس الانتخابات والحملة الانتخابية في يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية في الخارج وجلس مع قاددة الفصائل للوقوف على الوضع في فلسطين ومالات المنازلة بين المقاومة واسرائيل في غزة .

 لا يمكن اغفال الدور السوري في احتضان المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 65 ، ولاحقا احتضان وتدريب وتسليح وحماية التيار الاسلامي في فلسطين المتمثل في حركتي الجهاد وحماس مطلع التسيعنيات من القرن الماضي ، رغم موقف حزب البعث الحاكم في سورية الحازم  من الاخوان المسلمين بسبب الصراع  الدامي بينهم منذ مطلع الثمانينات   . وما ترتب طوال عقود نتيجة هذا الموقف الداعم للمقاومة  من اثمان باهظة دفعتها سورية الدولة والشعب من حصار وتهديد وضغوط دولية  وصولا الى الحرب القاسية التي هدفت بالدرجة الاولى الى  معاقبة سورية على موقفها من القضية الفلسطينية ومناهضتها لاسرائيل في كل المحافل ، وتغيير دورها في الاقليم وضرب حلف المقاومة .  واعتقد ان فصول تلك الحرب بدات تتكشف تباعا ، وهناك الكثير مما سيقال ويكتبه المؤرخون المحايدون لاحقا عن اسرار وخفايا تلك الحرب القاسية على سورية .

الرئيس الاسد في موقف لافت وبعد سنوات من القطيعة مع حركة حماس ابلغ قادة الفصائل ممن كانوا في ضيافته ان ابواب دمشق مفتوحة لكل المقاومين الفلسطينيين وكل الفصائل الفلسطينية على اختلاف تسمياتها . واكثر من ذلك حملهم تحياته الى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ، والى مقاتلي حماس في غزة . هو الموقف الاول الصادر من دمشق منذ القطيعة مع حماس بسبب موقف الاخيرة الداعم للمعارضة السورية في الحرب .

كلام الاسد فيه الكثير من التعالي على الجراح ، وتقديم المصلحة الفلسطينية والقضية الفلسطينية حتى على القضية السورية . هكذا يظهر الاسد كزعيم تاريخي وقائد مبدئي  ضمن مشروع استراتيجي ينهض بالامة وليس مجرد رئيس . وهكذا يثبت الاسد انه عنيد الى حد ان كل الحرب التي شنت على بلاده بهدف تغيير سلوكه ومقاربته للاحداث والقضايا  جعلته يرسخ موقع سورية اكثر في مواجهة اسرائيل ، ويحث الخطى حتى قبل تعافي سورية الكامل نحو حمل راية القضية المركزية للعرب والمسلمين   .

بالمقابل جاء اول رد من حركة حماس  على لسان القيادي البارز في الحركة اسامة حمدان ، والذي سمع بموقف الاسد من خلال” قناة الميادين ”  كما قال في اتصال اجرته معه القناة ، وانا من حاوره شخصيا  واكد حمدان ان حركة حماس ترد التحية للاسد باحسن منها ، وان هذا الموقف ليس مستغربا من سورية ، وان موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً و من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق”.

لاشك انها مواقف تفتح الابواب المغلقة بين حماس ودمشق ببركة صواريخ المقاومة التي دكت تل ابيب والمستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية ، وبركة نصر الشعب الفلسطيني ، والشعب السوري ،   وتؤسس لطي صفحة داكنه من العلاقة طوال السنوات العشر الماضية  . ونقول تؤسس لان العلاقة بين الطرفين تحتاج الى المزيد من الوقت والنضوج ولا تعيدها تصريحات ايجابية فقط على اهميتها .

خلال السنوات الماضية حاول وسطاء كما اطلعنا في حينه سواء حزب الله او المسؤولين الايرانيين حاولوا رأب الصدع ومعالجة اسباب الخلاف ، وبذلوا جهودا كبيرة  . الا ان الاسد كان يرفض ، مع تاكيده على دعم المقاومة الفلسطينية في فلسطين وفي غزة على وجه التحديد

الامر بطبيعة الحال ليس سهلا للاسد  ، فحماس كما قال رئيسها في الخارج خالد مشعل منذ ايام عاشت عصرها الذهبي في سورية . وقدمت سورية معسكرات التدريب والسلاح والتكنولوجيا الحربية خاصة في مجال الصواريخ والمتفجرات ، وقدمت اراضها وعاصمتها كمقر لقيادة حماس بعد ابعادها  من الاردن مطلع التسعينات  ، وتعرضت للضغط والتهديد واحيانا العدوان المباشر بسبب وجود حماس والجهاد في حماها ، وعندما اندلعت الاحداث وقفت حماس مع قرار حركة الاخوان المسلمين العالمية ضد القيادة السورية ، وتبنت موقف المعارضة بالكامل وخرجت من سورية الى قطر . هذا ما اعتبرته القيادة السورية طعنة في الظهر لم تكن تتوقعها . لكن الاجواء في فترة الربيع العربي كانت تبشر بصعود التيار الاسلامي الى الحكم في معظم  الدول العربية ، وهذا كان له التاثير الاكبر في خيارات حماس بخصوص سورية او غيرها مثل مصر مثلا . بالمقابل تكرر الحركة انها خرجت من سورية لانها لم ترغب في التدخل في ازمة داخلية .

تلك مرحلة قد خلت لا نريد الدخول في تفاصيلها ، والافضل النظر الى المستقبل ، سورية هي قلب هذه الامة ، وبوصلة العالم الحر ، وجيشها قاتل في معارك الامة دفاعا عن فلسطين ، وقدمت خيرة ابنائها شهداء من اجل فلسطين . سورية الدولة التي لم تسمح رغم كل الحروب والضغوط والحصار والجوع  برفع علم اسرائيل في سمائها ، من الطبيعي ان تكون قبلة المقاومين والمناضلين وشرفاء الامة .


________________

* كاتب واعلامي فلسطيني


الاثنين، 3 يونيو 2019

حرب سعودية على «حماس»: حملة اعتقالات وتجميد حسابات... والحركة «أجرت مراجعة شاملة»

    يونيو 03, 2019   No comments
عبد الرحمن نصار، ماجد طه 


لم تعد المهادنة تنفع «حماس» في علاقتها بالسعودية التي تخطّت الحدود المقبولة حتى لأسوأ العلاقات. فَمِن هجمة إعلامية واتهام بـ«الإرهاب» على خلفية «التواصل الممتاز» مع إيران، وصولاً إلى رفض قيام إسماعيل هنية بجولة خارجية، تشنّ الرياض حملة مجنونة تشمل أيضاً اعتقالات وعمليات ترحيل، وتجميداً لحسابات، ومنعاً ورقابة على الحوالات. في المقابل، تحاول «حماس»، بمساعدة من طهران وحزب الله، إحداث اختراق على صعيد العلاقة مع حضنها الأدفى: دمشق.


تتواصل منذ أكثر شهرين الحملة السعودية بحق سعوديين وفلسطينيين مقيمين في المملكة، متمثلة في سلسلة اعتقالات طاولت العشرات مِمَّن تتهمهم الرياض بالارتباط بحركة «حماس». ومن أبرز هؤلاء الطبيب الاستشاري الثمانيني، محمد الخضري، الذي مثّل الحركة في منتصف التسعينيات حتى 2003 لدى السعودية. وعلى رغم ترك الرجل موقعه منذ سنوات، أُبقي رهن الاحتجاز في ظلّ «ظروف صحية صعبة»، طبقاً لمصادر عائلية مقرّبة منه. تقول مصادر ـــ تحفّظت على ذكر اسمها ــــ إن حملة الاعتقالات تزامنت مع إغلاق ورقابة مشدّدين على الحسابات البنكية، وحظر على إرسال أي أموال من المملكة إلى قطاع غزة، مضيفة أن الاعتقالات شملت أفراداً لا علاقة لهم بالحركة، لكن قيادة الأخيرة تفضّل التزام الصمت حتى لا يُحسبوا عليها، وتجنّباً للتصعيد والإضرار بالمسجونين «أملاً في الوصول إلى تفاهم يقضي بالإفراج عنهم».
وعلمت «الأخبار» أن عدد المتهمين بجمع تبرعات وإدارة أموال لـ«حماس» في السعودية تخطّى 60 شخصاً، بمن فيهم فلسطينيون وسعوديون، وقد وجّهت إليهم السلطات تهماً بـ«دعم حركة إرهابية وغسل الأموال لدعم الإرهاب والتطرف». كما أنه، خلال العامين الماضيين، بلغ عدد الفلسطينيين المرحَّلين من المملكة أكثر من 100، أغلبهم متهمون بدعم المقاومة مالياً أو سياسياً أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت الرياض قد فرضت، منذ نهاية 2017، رقابة مشددة على أموال الفلسطينيين في المملكة، وأخضعت جميع التحويلات المالية لِمَن تسمّيهم «الأجانب الفلسطينيين» لرقابة مشددة، ليس إلى القطاع فحسب، بل إلى جميع دول العالم، خشية تحويل هذه الأموال بطرق غير مباشرة وعبر دول أخرى. وباتت مكاتب تحويل الأموال تطلب من الفلسطينيين إحضار حجج قوية للتحويل، ولا تسمح بأن يرتفع سقف الحوالة الواحدة عن 3000 دولار أميركي.
في غضون ذلك، بدأ عدد من عائلات المعتقلين إرسال مذكرات إلى جهات قانونية لمعرفة مصير ذويهم، في وقت تشهد فيه العلاقة بين السعودية و«حماس» أسوأ مراحلها، خاصة أنها تأتي مع هجمة إعلامية سعودية تستهدف «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وتعزو المصادر هذه الحملة إلى إخفاق محاولة مصرية لإقناع الفصائل بترك إيران والتخلي عنها مقابل ضخّ أموال سعودية وإماراتية تجاه القطاع قبل نحو سنة، وهو «عرض رفضته الحركتان، وأكدتا وقتذاك للقاهرة أنه لا يمكن لطرف أن يحدد علاقاتهما مع الباقين». وفق المصادر، ردّت «حماس» بأن أي منحة تأتي للشعب الفلسطيني هي موطن ترحيب، لكن من دون أثمان سياسية، وهو ما أقفل الباب أمام رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، في جولته الخارجية التي لم ينجح في إجرائها، ولا سيما خلال زيارته الأخيرة لمصر التي خشيت أن تُغضِب السعودية، لكنها كانت تحتجّ بالتحفظ الأميركي بعد إدراج هنية في «قائمة الإرهاب».

وخلال المؤتمر الذي عقدته الفصائل في غزة الخميس الماضي، قبيل «يوم القدس العالمي»، ظهر أن كلتا الحركتين، «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، هاجمتا السعودية بصفتها راعية لـ«صفقة القرن». وبدا الأمين العام لـ«الجهاد»، زياد النخالة، أكثر وضوحاً حين هاجم «مَن يحاولون الاحتفاظ بحقول النفط التي دُمِّرت نتيجة لعدوانهم على اليمن»، فيما طالب قائد «حماس» في القطاع، يحيى السنوار، البحرينيين بـ«إعلان الحداد» في اليوم الذي ستُعقد فيه ورشة المنامة الاقتصادية. تقول المصادر إن نبرة السنوار العالية «كانت نتيجة للدور السياسي الواضح لدول الخليج في استهداف القضية الفلسطينية، وحالة العداء التي تصاعدت بعد اشتراط السعودية على قطر طرد قيادة حماس لاستئناف العلاقة بينهما».
يشار إلى أنه، قبل أربع سنوات، بدأ النظام السعودي حملة مشددة على مصادر التمويل الشعبية لـ«حماس»، بعد اعتقال شبكة كان يديرها مسؤول الحركة في الخارج حالياً ماهر صلاح، الذي اعتُقل في 2015، ووُجّهت إليه تهمة «غسل الأموال»، قبل أن يُفرَج عنه نهاية 2016 ويُبعَد إلى تركيا. لكن أخطر ما وصلت إليه العلاقة كان إعلان وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، «حماس منظمة متطرفة»، خلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي منتصف شباط/ فبراير 2018، وهو ما تكشّف أيضاً ضمن التهم الموجهة إلى عدد من رجال الدين السعوديين المعتقلين منذ عامين، والذين تتهمهم السعودية بدعم «الإرهاب»، ومن ضمنه «حماس».

في ملف آخر، وبعدما راوحت علاقة «حماس» بسوريا بين مدّ وجزر منذ تثبيت الأخيرة انتصارها الميداني، بدأت غيمة الخلاف تنقشع تدريجياً، ولا سيما من جهة الحركة، تحديداً بعد صعود القيادة الجديدة (المكتب السياسي الجديد من بعد خالد مشعل) التي أخذت على عاتقها تذويب الخلافات مع محور المقاومة وتوطيد العلاقة معه. وعلى خط موازٍ، يسير التواصل مع كلّ من قطر وتركيا على خطّ بارد، مع أفضلية للدوحة بناءً على دورها في غزة. ويرجع ذلك إلى اندلاع الأزمة الخليجية، وطلب القطريين رسمياً من عدد من قادة «حماس» مغادرة أراضيها، وتحديداً نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري وعدد من أعضاء المكتب، علماً بأن العاروري كان مقيماً في الأراضي التركية قبل أن تطلب منه أنقرة المغادرة.
عملياً، منذ استقرار العاروري قبل أكثر من عامين في لبنان، كان ملف العلاقة مع سوريا على رأس الأولويات، إذ شهد حراكاً لافتاً في الأشهر القليلة الماضية، وفق ما تفيد به قيادات من الحركة، قالت إنه جرت لقاءات اشتُرط أن تكون «غير معلنة وغير رسمية»، وسادت إحداها «أجواءُ العتب» من الجانب السوري. وسبقت هذه الحوارات اتصالاتٌ عبر وسطاء فلسطينيين وآخرين انتهت بموجبها أزمات ميدانية في مخيم اليرموك، كما حدث في مسألة استيعاب بعض الأفراد المسلحين مِمَّن كانوا ضمن ما يعرف «جماعة أكناف بيت المقدس». وذكرت المصادر نفسها أنه جرى أخيراً لقاء بين العاروري ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء علي المملوك، بوساطة من إيران وحزب الله، لكن الاجتماع لم يسفر عن نتائج مباشرة. كما جمع لقاء آخر قيادة الحركة مع مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، انتهى إلى «نقل العلاقة بين الجانبين من مرحلة العداء إلى الهدنة... إن جاز التعبير»، تبعاً للمصادر.

تأتي هذه اللقاءات نتيجة لوساطتين أجراهما كل من قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد، أفضت إلى الاتفاق على أن أي جولة مقبلة لهنية ستشمل زيارة لدمشق. وبناءً على لقاء «حمساوي» ـــــ إيراني في طهران، أُبلغت الأخيرة أن الحركة «أجرت مراجعة شاملة للموقف من سوريا»، كما أن «محور المقاومة بحاجة إلى التوحّد في مواجهة الخطط الأميركية للمنطقة».

ما تنتظره «حماس» الآن هو الوصول إلى مرحلة يرى فيها الأطراف أن الموقف جاهز لإعادة العلاقة إلى سابق عهدها، على رغم أن أوساطاً كثيرة تستبعد أن يعود مستوى التواصل كما كان. يقول القيادي في «حماس»، إسماعيل رضوان، إن حركته حريصة على «استعادة سوريا دورها الريادي في دعم القضية، فهي كانت ولا تزال وستبقى داعمة للقضية ومكاناً لمرابض المقاومين ضد الاحتلال». وأضاف معقّباً على عدد من تساؤلات «الأخبار»: «ليس بيننا وبين سوريا أي عداء ولن يكون، فهي الشقيق والحاضن للمقاومة والداعم للقضية». وأشار إلى أن هناك حاجة ملحة لعودة العلاقة من أجل مواجهة «صفقة القرن» التي رأى أنها تستهدف سوريا كما تستهدف القضية الفلسطينية. وسبقت كلامَ رضوان تصريحات لنائب رئيس «حماس» في غزة، خليل الحية، قال فيها إن سوريا داعم أساسي للمقاومة، علماً بأن الأشهر الماضية شهدت تعقيبات شبيهة من قيادات أخرى، على أن الأزمة القائمة مع السعودية الآن تدفع إلى تواصل أفضل كما ترى الحركة.

الثلاثاء، 25 مارس 2014

الإخوان وإيران: هلال إسلامي لوأد الفتنة أم ضد السعودية؟

    مارس 25, 2014   No comments
سامي كليب

صحيفة الأخبار اللبنانية: حين غرّدت أولى سنونوات الربيع العربي في تونس ومصر، سارعت طهران إلى وصف الثورات بـ «الصحوة الإسلامية». قال السيد علي خامنئي، مرشد الثورة، في خطبة له في شباط / فبراير 2011: «إن الثورات العربية تستلهم روح ونموذج الثورة الإسلامية في إيران، وبالتالي، فهي استمرار لها». ما كان «القائد» غريباً عن الإخوان. هو نفسه كان أول من ترجم كتب سيد قطب إلى الفارسية ونصح بقراءتها.

توقّعت طهران، في حينه، أن يبادلها «الإخوان المسلمون» حماستها باندفاع مماثل. كانت النتيجة أن أول زيارة للرئيس المصري محمد مرسي إلى طهران كانت مخيّبة. استخدم الرئيس الاخواني، من على منبر قمة دول عدم الانحياز، خطاباً تعبوياً مذهبياً ناقض الحفاوة الايرانية. وختم عهده باعلان القطيعة بين مصر وسوريا، حليفة ايران.

بعد ثلاث سنوات من الثورات والانتفاضات، يعيش «الاخوان المسلمون» وضعاً لا يُحسدون عليه: أميركا والدول الغربية خذلتهم بعدما غازلتهم. واشنطن تصنَّعت اعلان قطع جزء من المساعدات عن مصر، لكنها في الكواليس كانت تقول للقيادة المصرية: «لا تقلقوا. هذا مجرد كلام. لن يتغير أي شيء».

معظم دول الخليج حاربتهم. السعودية وضعتهم على لائحة الإرهاب. حركة حماس، كما تركيا، باتتا مثاراً للاتهامات في مصر وسوريا.

لو أن السنونوة التي غرّدت فوق تونس ومصر لا تزال على قيد الحياة، لربما فوجئت بسرعة تحوّل المشهد. ثورات أكلت أبناءها. أخرى جنحت صوب التقسيم والأقاليم. ثالثة انقسمت على نفسها. رابعة غرقت في موجات الارهاب والتكفير، وخامسة نسيت بالأصل لماذا نشبت.

الآن، ثمة مشهد آخر يرتسم. تبدو المصلحة كبيرة بين ايران وتركيا للتقارب. قال السيد خامنئي خلال استقباله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان: «إن الأخوّة والمحبة والصداقة الحالية بين ايران وتركيا لا مثيل لها في خلال القرون الأخيرة». ردّ اردوغان: «أنا هنا لأزور بلدي الثاني».

لم تتدهور علاقات طهران وأنقرة طيلة الأزمة السورية. صار عتب لا قطيعة. تظهير جودة العلاقة الآن له، اذاً، أبعاد استراتيجية كبيرة.

بعد ذلك، كان وزير الخارجية القطري في ايران. ثم زارها وفد من حركة حماس. وبين زيارة واخرى، كانت طهران تحافظ على تحفظّها على إطاحة مرسي في مصر، وتبقي خيوطاً مع الإخوان.

في الإستراتيجيا البعيدة المدى تستمر الفكرة الإيرانية على حالها. مفاد الفكرة بانه لا بدّ للعالم الإسلامي من اللقاء. تريد طهران تعزيز الروابط الشيعية ــــ السنية لإنشاء حلف عالمي جدي. تدرك أن جزءاً كبيراً من اسباب الفتن المذهبية في المنطقة إنما يستهدف دورها ودور حلفائها. في الإستراتيجيا القصيرة المدى، ترى أن مصلحتها القصوى تكمن في التقارب مع التيارات السنّية المعتدلة في المنطقة، وبينها «الإخوان»، لوقف الحرب في سوريا، وسحب بساط الفتنة المذهبية، وتعزيز موقفها في مفاوضات «5+1» ومواجهة السعودية.

لا يفهم كثيرون، حتى اليوم، سبباً وجيهاً لإدراج السعودية «الإخوان المسلمين» على لائحة واحدة مع المنظمات الارهابية. ايران قد تصبح أكثر المستفيدين. باتت طهران مقصداً لكلّ المتضررين من الهجمة السعودية، من تركيا إلى قطر إلى أطراف يمنية فاعلة.

قبل أيام، قال اسماعيل هنية، القيادي في "حماس" ورئيس حكومة غزة، كلاماً عالياً ضد اسرائيل. دعا إلى القتال والاستشهاد. قبله بأيام، كانت صواريخ "الجهاد الاسلامي" تنهمر على مناطق اسرائيلية. قبل التهديد والصواريخ كان زائران مهمان في طهران: مسؤول العلاقات الدولية في "حماس" أسامة حمدان، الذي قال ان العلاقات مع ايران في مستواها الجيد والطبيعي، والامين العام لحركة الجهاد رمضان عبد الله شلح. سارعت مصر إلى التهدئة.

بين التهديد والصواريخ كان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في بيروت يتحدث عن أهمية التقارب مع ايران. ربما المجاهرة بالأمر ليست مناسبة الآن بسبب العلاقة مع السعودية والضغوط الدولية قبل الانتخابات، لكن انفتاح مصر على ايران وروسيا يبدو أكثر من ضرورة في الوقت الراهن.

ماذا تغير؟

ما تغيّر في السنوات الثلاث الماضية ان ايران كانت تبحث حثيثاً عن كيفية ربط علاقات جدية وقوية مع تيار الإخوان. الآن تبدو الجماعة أكثر حاجة إلى التقارب. بالأمس، كان التقارب مثيراً لغضب غربي. الآن طهران نفسها تتفاهم مع الغرب. اسرائيل قلقة. اسرائيل تراقب. تحاول أن تحرق الأوراق. تعمّدت تسريب معلومات عن استعداد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي في "حماس"، لزيارة ايران بوساطة قطرية. اضطرت الحركة إلى النفي.

لا شك في ان قرار السعودية ضد الإخوان أحدث بلبلة حتى في المحيط الخليجي. إخوان الكويت جزء من تركيبة معقّدة لا يمكن محاربتهم. إخوان البحرين لهم حساسية خاصة في بلد يراد تصوير المشكلة فيه على أنها بين الشيعة والسلطة. اضطر وزير الخارجية البحريني إلى نفي ما نسب إليه من أن الإخوان في البحرين ليسوا جماعة ارهابية. عاد وقال ان بلاده تقف مع السعودية والإمارات، وان من يعاديهما يعادي البحرين. بلبلة اخرى دبّت في صفوف إخوان سوريا وفلسطين. في اليمن وجد الاخوان انفسهم اضعف من مواجهة الحوثيين. أُغلقت ابواب السعودية في وجه قادتهم من آل الأحمر.

قد تجد ايران في كل ذلك فرصة لتجديد فكرتها القائلة بأنه لا بد من صحوة اسلامية فعلية. صحوة تستند خصوصاً إلى تقارب الكتلتين الشيعية والسنية في ايران. أما العرب، فهم يتقاتلون على اراضي بعضهم بعضا، وحائرون، هل يسلمون مقعد سوريا للمعارضة، التي ما عادت تمثل الكثير على الارض، ام ينتظرون أياماً افضل؟ ماتت السنونوة قبل ان يزهر الربيع.

______
"الأخبار"

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

لماذا ينبغي البحث عن بديل لـ «حماس»؟ 

    ديسمبر 13, 2013   No comments
ناهض حتر
2 كانون الثاني 2013، مركب جديد لنشطاء فلسطينيين وأوروبيين يهدف الى كسر الحصار البحري عن غزة، لم يحظ بتغطية «الجزيرة» ولا سواها؛ بالطبع، فـ «مقاومو» حماس كانوا هناك، وتمكنوا من منع المركب التضامني من مواجهة البحرية الإسرائيلية. الناطق باسم جيش العدوّ علّق على الحدث قائلا: «ليس ذلك مفاجئاً. فمنذ (عمود السحاب) تحاول حماس، غالبا، العمل وفق التفاهمات» التي أبرمتها مع تل أبيب برعاية الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.

بل إن قائد كتيبة غزة العميد ميكي ادلشطاين كان أكثر وضوحاً، إذ قال: «حماس تحوّلت إلى جهة شرطية يعمل فيها 800 مقاتل، على مدار الساعة، وذلك بهدف احباط عمليات إرهابية وإطلاق قذائف على إسرائيل». وأضاف: «وافقت حماس على أن ينشط الجيش الإسرائيلي في إطار 100 متر داخل قطاع غزة. وهي تعرف، حاليًا، الأماكن التي نعمل فيها، ونخبرها بذلك مسبقًا، وهي تهتم بحضور نشطائها في الجهة الأخرى للحفاظ على الهدوء».
وبالطبع، هناك ثمن صغير: إدخال موادّ بناء إلى القطاع، وبعض التسهيلات الأخرى، ودعم الشكاوى الحمساوية على مصر لدى المحافل الدولية. منسّق العمليات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، اللواء إيتان دنغوت، يشاطر الحمساويين، انتقاد «الحصار المصري للقطاع» ــــ وخصوصا في مجال الطاقة ــــ ويحذّر من «كارثة إنسانية في غزة»!
الخروج من معسكر دمشق، بغض النظر عن الشعارات، له طريق واحد ينتهي بالأحضان الإسرائيلية، بينما ضلوع «حماس» في المعركة الداخلية لدى الجار المصري، سيترك لها مهمة وحيدة هي العمل البوليسي لدى المحتلين؛ فيا لها من نهاية تراجيدية! إنما علينا، للإنصاف، أن نلاحظ أن «حماس» هي، أيضاً، محاصرة حدّ الاختناق، وقد خسرت حليفيها السوريّ والمصريّ معاً، واندرجت في حلف «الإخوان» المطارَد سعودياً؛ فهل يمكنها، في ظل هكذا ظروف، أن تصطدم بالإسرائيليين؟ وهل يمكنها ألاّ تتقاطع معهم في المصلحة المشتركة لـ «التهدئة» والتعاون الأمني والبحث عن ثغرة سماح إسرائيلية، تعوّضها عن شبكة الأنفاق التي يدمّرها المصريون، خوفاً من التسلل الإخواني والإرهابي، وربما، أيضاً، للانتقام!
المقاومة هي، في التحليل الأخير، نهج سياسي متكامل مرتبط بحركة التحرر الوطني، إقليمياً ودولياً، لا مجرد حضور وبندقية واعتراف. ولقد كانت مأساة «فتح» أنها فتحت كل الخطوط في كل الاتجاهات، وتورّطت، من موقعٍ رجعيّ غالباً، في كل الصراعات العربية ــــ العربية، وتذاكت في القفز على الحبال، حتى وقعت في مستنقع أوسلو. وهي اليوم مضطرة للمضيّ قُدُماً في مفاوضات تجري وفق الشروط الإسرائيلية، ولا مناص لها من القبول أو مغادرة الميدان. وبالمقابل، كانت مأثرة «حماس» أنها ــــ رغم علاقاتها مع القوى الرجعية، الإخوانية والخليجية ــــ أنها استقلت عن «الإخوان»، وتموضعت في الحلف الذي يمثل التحرر الوطني في مرحلة ما بعد السوفيات، أي في حلف إيران ــــ سوريا ــــ حزب الله. ولكنها عادت، مع الربيع الزائف لسنة 2011، لتتمثّل سيرة «فتح»، بالاندراج في خط العداء للجمهورية العربية السورية؛ استعادت عضويتها في حركة الإخوان المسلمين، واستلت هويتها المذهبية، وانطوت في المشروع الإخواني ــــ القطري ــــ التركي، وقاتلت، بالموقف و/أو بالسلاح، ضد الجيش العربي السوري، وتحولت إلى أداة فلسطينية بأيدي أعداء التحرر الوطني في المشرق، وبأيدي إخوان مصر ضد جيشها وشعبها.
السؤال الآن: ما الفارق، استراتيجياً، بين «فتح» و«حماس»، وكلاهما يجنّدان مقاتليهما شرطة لضمان التفاهمات الأمنية مع إسرائيل؟
«فتح» منخرطة في مفاوضات ترفضها «حماس»؟ ولكن الأخيرة حركة مقاومة لا مجرد معلق صحافي يلاحظ ويدعو ويأمل! ماذا فعلت «حماس»، بل وماذا يمكنها أن تفعل لضرب مفاوضات تصفية القضية الفلسطينية، الجارية الآن، سوى تفجير الموقف؟ فهل تستطيع أن ترسل استشهاديين إلى تل أبيب، كما كانت تفعل سابقا؟ بل هل تستطيع أن تطلق رصاصة واحدة في وجه المحتل؟
لم يكن أحد ليراهن على «حماس» في التحرير، وإنما في عرقلة الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية؛ فهل يملك الحمساويون، اليوم، تلك القدرة؟ وهل تعتقد طهران، بالفعل، أنه يمكنها استجرار «حماس» إلى موقع المجابهة مع العدو الإسرائيلي، مجدداً؟
«حماس» ليست في هذا الوارد أصلاً؛ فليس ما ينقصها هو المال أو السلاح، وإنما الإرادة السياسية. وإرادتها مقيّدة بتحالفاتها مع الدوحة وأنقرة وإخوان مصر وإرهابيي سوريا والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
لا تتعبوا، ولا تضيّعوا المزيد من الوقت، بل فتّشوا عن بديل اعتراض ممكن: تحالف بين «الجهاد» و«الشعبية» و«القيادة العامة» يجمع شمل المقاومين في خط سياسي واضح في تحالفاته وأهدافه وخطه، يتصدى لمفاوضات تصفية القضية، في وجه إسرائيل... وسلطتيّ رام الله وغزة معاً.

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.