غسان بن جدو
مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم :رافعين الصوت جلياً ، كفى لهذه الحرب المجنونة المعلنة على الشعب و ثورته ، على كل ما في الوطن من حجرٍ و بشرٍ ، كفى لتمزيق المجتمع و دفعه إلى حافة الصراعات الطائفية ، كفى لتحويل سورية لساحة صراع بين المشاريع و الأجندات الخارجية ، و قبل ذلك كله ، كفى لنظام الاستبداد الرابض على صدور شعبنا و لكل ما أنتجه من ظواهر الفساد و التخلف ، و ما فتحته من نوافذ أمام التدخل الخارجي الذي يتعارض مع رؤيتنا بأن ثورتنا سنصنعها بأيدينا وحدنا ، على هذه الطريق ، طريق إنقاذ سورية تلاقينا .
هكذا بدأ رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر إنقاذ سورية في دمشق ، الاستاذ رجاء الناصر ، افتتاح مؤتمر إنقاذ سورية في دمشق ، يوم الأحد .
هل يمكن لمعارض ٍ أن يتحدث بسقف أرفع من هذا السقف ، في أي عاصمة و أمام أي نظام ، أكان ديمقراطياً أم استبداديا ً ، هذا ما سمعناه في دمشق في هذا المؤتمر ، هو سقف مرتفع للغاية , لكنه في الوقت نفسه هو رفع شعار إنقاذ سورية ، و هنا نريد أن نسأل :
هل نجح مؤتمر انقاذ سورية في وضع اللبنات الأولى الأساسية في إنقاذ سورية و تجسيد هذا الشعار ؟
لماذا لا تزال هناك أطراف للمعارضة السورية لا تزال ترفض الحوار و النقاش , ليس فقط مع النظام ، و لكن أيضا حتى مع اطراف اخرى من المعارضة السورية ؟
المهم ان المؤتمر الذي احتضنته العاصمة دمشق ، سواء كان من الموالين للنظام ، أو المعارضين لمن اجتمعوا في دمشق و الذين أيضاً انتقدوه ، لا شك بأنه كان حدثاً سياسياً هاماً في تاريخ سورية الحديث , و قد يكون حدثاً مهماً جداً، يؤسس بالفعل لحراك سياسي ديمقراطي بكل ما للكلمة من معنى ، و نحن ندرك سلفاً أن هناك أطراف من المعارضة تعتبر أن ما حصل ، مجرد مهرجان هزلي لا يقدم و لا يؤخر ، و نحن ندرك سلفا ً أن هناك داخل النظام نفسه ممن يوصفون بالصقور ، الذين لا يزالون لا يؤمنون بالحوار مع المعارضة ، و لكن في الوقت نفسه ، هناك شعبُ حقيقي ُ يريد حلاً لهذا المأزق و الأزمة الموجودة في سورية ، و الواقع ليس فقط الشعب السوري الذي يريد حلا ً للمأزق و الأزمة القائمة في سورية ، و لكن بكل صراحة كل محبي و كل أصدقاء ، بل و كل العرب الآن يأملون أن يجد هذا المأزق الكبير و هذه الأزمة الحقيقية ، حلاً سريعا ً ، فمن يتحمل مسؤولية استمرار سفك الدم في سورية ؟ و من يتحمل استمرار هذا العقم القائم ؟ و من يتحمل استمرار عدم اللجوء إلى الحوار ؟ من يتحمل مسؤولية إيجاد حل في سورية ؟ هذا كله نتركه للتاريخ .و هذه حلقة جديدة لمناقشة الواقع السوري بشجاعة و بجرأة . مع جريئ في المعارضة السورية أيضا ً ، مع الدكتور هيثم مناع الذي نسعد و نتشرف من جديد باستضافته من باريس .
غسان بن جدو
دكتور هيثم مساء الخير ,كنا تلاقينا قبل ثلاثة أسابيع و تحدثنا عن المؤتمر المزمع عقده في دمشق ، في الحقيقة المؤتمر انعقد بالفعل ،و كنا نأمل أن نجدك في دمشق و لكنك لم تحضر ، و فهمنا أنك اعتبرت أن عدم مجيئك أو عدم ذهابك إلى دمشق ، لأسباب أمنية ، حق ُ لك هذا الأمر . و لكننا نبدأ مباشرة .
هل تعتبر الشعار الذي رفعه مؤتمركم – مؤتمر إنقاذ سورية – وضع لبنة جديّة بالفعل لهذا الإنقاذ ، أم كان مجرد مهرجان وصفه البعض بالهزلي و وصفه آخرون بالعقيم .
د. هيثم مناع
إسمح لي أخي غسان بثلاثة ملاحظات أساسية ، قبل أن ندخل في موضوع المؤتمر :
الملاحظة الاولى : هذا المؤتمر كان ما كان ، و أخذ الحجم الذي أخذه ، ليس فقط بقوته الاعتبارية ، و قوته الرمزية ، و إنما ايضاً بالقوة الإعلامية التي منحتها الميادين له ، الميادين التي تقف على مسافة واحدة من أطراف الصراع , و لكنها تقف في وجه الحرب من أجل السلم ، و بالتأكيد أعطت هذا المؤتمر حجما ً أساسيا ً بعد نقلكم لوقائع الافتتاح ، تحولت كل قنوات العالم ، في موقفها من المؤتمر ، و اضطرت مرغَمَة( بعضها ) ، على أن يتحدث عن هذا المؤتمر ، بشكل نقدي أو بأي شكل ، و لكنهم اضطروا للفعل الإعلامي الكبير الذي قمتم به ، فشكراً باسم كل المؤتمرين و كل المواطنين على ما قدمتم للتعريف بهذا المؤتمر .
الملاحظة الثانية : قبل هذا المؤتمر كان هناك قرار بعدم حضوري لأسباب أمنية ، و كان هناك غياب لثلاثة رموز أساسية ، وهم الدكتور عبد العزيز الخير و المهندس اياس عياش و الأستاذ ماهر طحّان ، الذين بالتاكيد لهم لمسات مختلفة في الوقع و في الإنتماء و في التصور للمؤتمر , كما أن وجودي كان ممكن أن يؤثر أيضا ً ، لكن غيابنا أعطى فكرة أساسية هي غياب التشخيص ، و أن هذا المؤتمر هو عمل جماعي ، هو عمل ليس لهيئة التنسيق وحدها ، إنما لعشرين حزبا ً سياسيا ً و بالتالي كان بإمكانه أن يعيش مهما كان الظروف و مهما غاب عنه قمم كبيرة مثل الدكتور عبد العزيز الخير .
الملاحظة الثالثة : شئنا أم أبينا ، سيذكر التاريخ أنه في لحظة ما لم نكن نرى على صفحات الصحف و على شاشات الإعلام ، إلا المقاتلين ، و لا نتحدث إلا عن القتال ، نقول أن هذا الحي تم احتلاله و هذا الحي تم الإنسحاب منه ، و هذا الحي ما زال في معمعة صراع بين الطرفين ، و لكن لم يكن هناك حديث في الحل السياسي ، و لم يكن هناك حديث في الأفق السياسي ، بل و نسينا نقطة الديمقراطية و كلمة مدنية و كلمة كرامة و كلمة حرية ، التي من أجلها خسرنا أكثر من 25 ألف شهيد ، من هنا هذا المؤتمر ، شئنا أم أبينا كسر هذا الحاجز و أعاد الإعتبار بنقده أو بالتوافق معه ، إلى الخطاب السياسي و إلى ضرورة الحل السياسي ، باعتبار أن العنف يمكن بلحظة ما ، أن يكون وسيلة أو جزءً من وسيلة ، و لكن لا يمكن أن يكون غاية في ذاتها ، و العنف لا يمكن أن يكون الحل ، القتال ليس الحل ، الحل لا بد من أن يكون سياسي ، و على هذا الأساس ، نجحت الأطراف المشاركة في هذا المؤتمر ، في إعادة الاعتبار للسياسة من جهة ، و للنضال المدني السلمي من جهة ثانية ، و هذا يحسب لأصحاب هذه المبادرة ، و أظن بأن التاريخ سيذكر لهم بأنهم على الأقل أطلقوا صرخة في معمعات الدمار و القتل الذي يودي ببلدنا الى الدمار ،و تعرف أن الإعلام و كل صفحات الأنترنت اليوم ، تكتب عن الحرب في سورية ، و أن سورية في حالة حرب ، و سورية في أتون الحرب ، و لم نعد نتكلم عن ثورة ، بل و حتى كلمة أزمة لم تعد تستعمل ، و أصبحنا نستعمل كلمة واحدة ،( لنا الحق اليوم في كلمة حرب ) أي الدمار أي تدمير البلاد ، أي أن تغيب سورية ، أن تموت سورية ، و أن تنتهي وطنا ً و أن تنتهي شعبا ً و أن تنتهي بنية تحتية ، و أن تنتهي قدرة على الفعل في داخل البلاد و في الإقليم و في العالم ، و من هنا لا بد من وقف ذلك ، و لا بد من إطلاق صرخة في وجه هذه الحرب ، و لنقول بأنه بالإمكان أن نخرج من منطق العنف و بالإمكان أن نناضل جديا ً من أجل وقف العنف ، و مهما كانت النتائج , فعلى الاقل كان لنا شرف المحاولة .
غسان بن جدو
إذا انعقد هذا المؤتمر و كما قلت ، سواء كان من الخصوم أو المنتقدين ، و الذين لا يصدقون أن هناك إمكانية لعامل سياسي في دمشق ، أو حتى من بعض أطراف النظام الذين يعتبرون ما جاء في هذه الوثائق ، فيه تصعيد كبير ، و لكنه كان حدثاً سياسياً في دمشق ، و أنتم رفعتم شعار مؤتمر إنقاذ سورية ، هل هذا المؤتمر وضع لبنة أساسية جدية لإنقاذ سورية ؟ أم أن أملكم خاب في أن يكون المشهد كما كنتم تتمنون أو تخططون لعقده ؟
د. هيثم مناع
النقطة الأولى للرد على هذا السؤال هي أن هذا المؤتمر ، أولا ً بالبرنامج الذي تبناه ، و في الوثائق الثلاثة الأساسية له ، يمكن القول بأنها الوثائق الأكثر تقدما ً في عطاء المعارضة السورية حتى هذه اللحظة ، و تعرف بأن عهد الكرامة و الحقوق كان قد صيغ في مؤتمر حلبون ، و لم يشكل إجماعا ً إلا حوالي 90% أو أكثر من معطياته في مؤتمر القاهرة في العهد الوطني الذي أُقر في القاهرة ، هناك أطراف شاركت في مؤتمر الإنقاذ لم تكن حاضرة في مؤتمر القاهرة ، و بالتالي نحن قمنا بتبني هذا العهد من جديد , و نوسع أفق التبني السياسي لأكبر عدد ممكن من الاطراف السياسية للعهد الوطني ، و بالنسبة للبرنامج الانتقالي الذي أقر في القاهرة ، كان موضع خلاف ، و كان موضع نقاش و نذكر بخروج البعض ، و أنا نفسي خرجت من الصالة ، و عدد من هيئة التنسيق ، و أيضا كل الأحزاب الكردية خرجت ، و خرج عدد كبير من الشخصيات قبل إقرار هذا البرنامج الانتقالي ، و نحن حاولنا في هذا المؤتمر ، أن يكون هناك ما يمكن تسميته برنامج انتقالي ، يجمع ما بين فكرة التغيير الأساسية ، و بين القدرة على التحقق، أي يجمع ما بين الواقعية العقلانية السياسية و ما بين إمكانيات تحقيق هذا البرنامج ، و أظن بأن المؤتمرين ، و باعتبار أن المؤتمر قائم و مستمر ، لأننا لم نقبل بفكرة القاهرة ، بأن نخرج من المؤتمر دون لجنة متابعة ، و لم نقبل فكرة القاهرة بنهاية المؤتمر قبل اجتماع باريس ، إرضاء للمجتمعين بباريس وقت إذ ، و هذا المؤتمر كان مستقلا ً في ذاته و من أجل ذاته ، و هذه نقطة قوته ، و من أجل ذلك لديه لجنة متابعة و هذه اللجنة ستتواصل مع كل الزملاء لبناء الدولة و خارج نطاق التحالف و الاطراف التي حضرت ، كالتواصل مع المجلس الوطني الكردي و التواصل مع كل الاطراف السياسية لحل ما توصلنا إليه ، من أجل النقاش بعمق على أن يكون هناك نقاط ارتكاز لحل سياسي للحرب التي نعيشها من أجل وقف العنف و من أجل وقف الدمار في البلاد ، و هذا بالتاكيد المؤتمر قدمه بتصوره الديناميكي ، أي عدم انتهاء المؤتمر بعدة ساعات ، و ترك المؤتمر مفتوحاً ، و بتصوره أيضا ً ، بأن يكون هناك لجنة متابعة للتواصل مع العالم ، داخلاً و خارجاً ، سورياً او غير سورياً ، و أن هذا المؤتمر مفتوح في ورشات عمل تستطيع أن تعمل من أجل إيجاد إجابة سياسية على التحديات التي تطرأ بعد المؤتمر .
بهذا المعنى نجح المؤتمرون في وضع جملة أسس جديدة ، و هناك نقاط مستجدة طُرحت في المؤتمر لم تطرح من قبل ، كنا قد طرحنا كهيئة تنسيق ، في أيام كوفي عنان المؤتمر الدولي و لم يتم تبني الفكرة من كوفي عنان ، اليوم المؤتمر يطرح على الأخضر الابراهيمي و على مجلس الأمن ، فكرة مؤتمر دولي من اجل سورية ، و أنت تعرف بأن هناك اتجاهين اليوم ، الاتجاه الأول شئنا أم أبينا هو اتجاه محوري ، صنع محورا ً و سمى نفسه أصدقاء الشعب السوري ، هذا الاتجاه دخل في صراع محاور بالمنطقة ، و كان الخطأ المركزي أنهم شكلوا دول سموها الدول الرائدة ، و هذه الدول الرائدة تم اختيارها من طرف واحد و من أسلوب واحد ، و من جماعة سياسية واحدة ، و غُيّب عنه أطراف أساسية من مجلس الأمن و من الإقليم ، اليوم نحن عندما نطرح مؤتمر دولي ، نعود لنقول لا بد من أن يكون هناك توازن دولي ، لأننا حتى اللحظة ، باعونا وهم كبير ، باعونا وهم في الكوريدور الانساني و باعونا وهم في المنطقة العازلة ، و باعوا الناس وهماً في مسائل التدخل الخارجي و أصبح لدينا شيوخ ينظرون للناتو و أسموهم شيوخ الناتو ، من رجال الدين ، و كل هذا أثبت بأنه لم يكن مجديا ً ، الأشياء الأساسية المجدية حتى اليوم ، هي ما أجمعت عليه الدول الخمس في مجلس الأمن على الصعيد الدولي ، و ما لم يغيب منه أحد على الصعيد الاقليمي و ما استطاع أن يشمل أوسع دائرة ممكنة من السوريين داخل و خارج البلاد ، و هنا يمكن الحديث عن تصورات و حلول ممكنة و إلا نحن نضيع وقتنا بمزاودات أحيانا ً أو باستقالات مسبقة يجري التعويض عنها بشعارات كبيرة لا تتحقق و تهيج الشارع و تهيج الأوضاع دون أن يكون هناك ارتكاز لمستقبل سياسي أو تصور لاسترتيجية عمل سياسية في أوضاع العنف التي نعيشها ، و هذه هي المسألة الأساسية التي أراد المؤتمر اليوم أن يصيح فيها إلى العالم ، لديكم مهمة لا تتكلموا باسمنا و أنتم تخوضون حربا ًباسم الدم السوري و على حساب الدم السوري من أجل النووي الإيراني أو من أجل توازن هنا و هناك ، أو من أجل عزل ذلك القطب او ذاك ، أو من أجل ضرب المقاومة الفلسطينية او اللبنانية ، نحن نريد حلاً للمشكلة السورية في إطار متزن ، و هذا الإطار يأخذ بعين الاعتبار أولاً و أخيراً مصلحة الشعب السوري ، و يعتبرها نقطة الإرتكاز لأي حل ، و عندها يتم بشكل مباشر فضح و تهميش كل من يريد حرباً على سورية و حرباً بالوكالة من الشعب السوري من أجل حرب تضع حداً للعنف و من أجل سلام يلغي ما وصلنا إليه من دمار و يفتح الأفق نحو حل سياسي للمشكلة السورية , حل يستجيب من جهة لطموحات الشعب السوري الذي ضحى التضحيات الكبيرة التي تعد أثقل التضحيات في الربيع العربي و من جهة اخرى علاقات متزنة و علاقات حسن جوار مع دول الجوار و ليس علاقات عدائية مع ذلك أو ذاك .
غسان بن جدو
دكتور هيثم الآن المؤتمر انعقد ، و بالتالي عندما نناقش ما بعد المؤتمر ، نناقش أفكاره و توجهاته و نناقش ما قيل و ما ذُكر و نناقش أيضاً الأفق السياسي و غير السياسي في سورية الغد ما بعد هذا المؤتمر ، و مع ذلك هناك ملاحظة حول هذا المؤتمر ، أرجو أن نستفهم حولها منك .
أنت تعلم جيدا ً دكتور هيثم أن هناك أطراف صديقة و حليفة لكم ، كان يفترض أن تكون جزءً أساسياً و محورياً من هذا المؤتمر ، و هي خرجت و أذكر على سبيل المثال تيار بناء الدولة السورية ، و رئيسه الدكتور لؤي الحسين ، لا شك بأن هذا الأمر ترك أثراً سلبياً ليس تعاطفا ً مع من انسحبوا و ليس تحامل عليكم , و لكن أنتم أيضا اتهمتم بأنكم تمارسون نوع من الهيمنة و نوعاً من الأحادية و نوعاً من السيطرة ، فكيف يمكن أن تُطمئِن أصدقائك المعارضين ، بل و حتى جزءاً أساسياً من المجتمع المدني السوري ، بأنكم لا تمارسون الهيمنة و لا تمارسون النرجسية ، و لن تمارسوا هذه الأحادية مع أحد في المرحلة المقبلة .
د. هيثم مناع
أولاً احب أن أقول بالنسبة لتيار بناء الدولة و للصديق لؤي الحسين , بالتأكيد حدث إشكال و كان بالإمكان حله ، و لكن للأسف الظروف التي مرت بنا جميعاً ، حقيقة نحن لم ننم لأربعة أيام ، و لم يكن وضعاً إنسانياً الذي عشناه ، و هناك أحبة في القلب ، اياس و ماهر و عبد العزيز، و لن تعرف العين النوم و نحن لا نعلم مصيرهم ، و هذا ما أخّر و أعاق إصلاح ذات البين مع تيار بناء الدولة السورية , خاصة و أن هناك لجنة متابعة دائمة ، مشكلة من هيئة التنسيق الوطنية ، وتيار بناء الدولة ، ليست مرتبطة فقط بالمؤتمر ، و إنما لما بعد هذا المؤتمر ، و لكل القضايا ، نحن نجلس و السيد ناصر الغزالي و السيد لؤي حسين و أنا ، مع شخصين أحيانا من هنا و هناك ، باستمرار لكي نتناول و نتدوال في كل المشكلات و أظن بأن تيار بناء الدولة سيكون له دور أساسي في ورشات العمل التي أيد بنائها و تكوينها الذي أيده المؤتمر ، و هي ليست ملك للمؤتمر فقط , بل هي لكل المعارضين الديمقراطيين و لكل أنصار الدولة المدنية ، و بالتالي مكانهم الطبيعي معنا ، و سنناضل معاً في كل المجالات ، و أحب أن اطمئن كل الأخوة في تيار بناء الدولة ، بأن الإشكال الذي حدث لن يتكرر إن شاء الله ، و ستكون علاقاتنا كما كانت قبل المؤتمر بالضبط ، علاقات منتظمة و جيدة .
هناك أطراف أخرى أيضاً العلاقة معها جديدة , و بالتالي كان هناك خوف و أنا ألوم الإعلام قليلاً في أنه ركز على دور هيئة التنسيق الوطنية ، و إذا لاحظتم ، الأخ رجاء الناصر لم يذكر يوماً و لا حتى مرة واحدة ما هو دوره في هيئة التنسيق ، منذ تولى أمانة سر المؤتمر ، و قد ركز باستمرار على أسماء الأحزاب ، أكثر مما ركز على أسماء هيئة التنسيق و من ينتمي إليها ، و بذلك أظن أنه كان إلى حد كبير موفقا ً في أن يتجاوز الهيئة ، لكن هناك أطراف لديها نوع من الحرص على أن تعرف العالم بنفسها ، و شعرت بأنها مغبونة بالحديث عن مؤتمر تنظمه هيئة التنسيق الوطنية ، و نحن لم يكن في نيتنا أن نهيمن أو نسيطر ، نحن نريد أن نتفاعل ، و نريد أن نتعاون ، و أظن بأننا سنتعلم من الأخطاء التي أعطت هذه الصورة حتى لا تتكرر، لأننا بحاجة إلى أكبر جبهة و أكبر قطب مدني ديمقراطي في سورية اليوم ، هذا الهدف هو هدف مركزي لا يمكن بدونه أن نخرج من خوف الأيديولوجية ما قبل الرأسمالية و الأيديولوجية الدكتاتورية .
غسان بن جدو
مشاهدينا الكرام في هذا الحوار الخاص ، و الحلقة الخاصة بما بعد مؤتمر إنقاذ سورية الذي احتضنته العاصمة السورية دمشق .
كنا نتحدث في النصف الساعة الأولى مع الدكتور هيثم مناع ، رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر ، و ينضم إلينا من عمّان الدكتور ليث شبيلات ، و هو معارض أردني ، و هو في الحقيقة عضو في المؤتمر القومي العربي ، و المؤتمر القومي الاسلامي ، و نحن استضفناه لسببين ، السبب الأول لأنه الوحيد من العرب الذي أرسل و وجه رسالة إلى مؤتمر إنقاذ سورية ، و السبب الثاني أننا نريد أن نؤكد بأن الملف السوري لم يعد معنياً به فقط السوريون ، و إنما هو ملف قائم بكل ما للكلمة من معنى لكل العرب ، لذا أرحب بالدكتور ليث شبيلات ، و أكمل الحوار مع الدكتور هيثم مناع
دكتور هيثم كنا نتحدث عن المؤتمر و عن سورية , و لكن إسمح لنا بتقديم ، فأنت تحدثت قبل الموجز عن بعض العرب الذين لا يساهمون في إيجاد حل في سورية و حتى أنك تحدثت عن بعض الشيوخ الذين وصفتهم بشيوخ الناتو , و لكن كيف يمكن للمعارض السوري الآن والشعب السوري أن يعوّل على الأطراف العربية ، إن كانوا من المجتمع المدني ، أو حتى أن كانوا من المنظمات العربية الرسمية من أجل وأد هذه الفتنة و إيجاد حل للأزمة السورية ؟
د. هيثم مناع
فقط تصحيح صغير ، وصلت للمؤتمر عشرات الرسائل من أحزاب و قوى و شخصيات عربية و هي مشكورة على ذلك ، و لكن ليث له مكان خاص في القلب ، و خاصة أنه محسوب على الاتجاه الاسلامي ، و وقف معنا في أصعب اللحظات ، حقيقة نحن عندما نكون في أزمة و نكون في ليل حالك ، و نبحث كيف نفعل ، تأتيني مخابرة لتقول لي … أنظر … ليث ! و هو يقف معنا و يقول كيف أنتم و هل تحتاجون شيئاً ، و هذا لن ننساه له .
و بالنسبة للدور العربي ، فهناك سوء فهم بالنسبة للأحداث في سورية منذ الثامن عشر من آذار و حتى اليوم ، و هناك ما يمكن تسميته من اعتبرنا جزء طبيعي من هذا الربيع العربي و بالتالي تضامن معنا و تفاعل معنا ، من البحرين إلى تونس و اعتبر ذلك شيئا ً طبيعيا ً و عاديا ً ، و هناك من توقف عند مشكلة أساسية ، هي المواقف الوطنية للسلطات السورية ، و اعتبر بأن هذا الموقف يشفع لها في الأوضاع الداخلية و التركيب الداخلي للنظام ، و هناك من اعتبرنا بشكل أو بآخر , نصب في خدمة المؤامرة الخارجية ، و في الحقيقة في مظاهرات عديدة نحن كنا في منظمة حقوق الإنسان كنا نأخذ رخص المظاهرات في باريس بإسمنا ، إن كان للأخوة الليبيين أو المصريين و البحرينيين ،و اعتبرنا ذلك واجبنا ، في المشكلة السورية و حتى في المظاهرة ، لا أجد مكاني ، و أشعر بأن هناك من يأتي ليقول هذا تابع للنظام , و آخر يأتي ليقول عني أنني ما زلت في حضن حزب الله ، رغم أن علاقتي مع المقاومة هي علاقة مبادئ و ليس علاقة حزبية ، و نحن ليس لنا أي علاقة بأي تنظيم من حماس أو حزب الله ، و ليس لنا معهم علاقة مادية و لم تأتينا مساعدات منهم ، و عندما قمنا بواجبنا تجاه إخواننا في غزة من أجل محاكمة مجرمي الحرب ، قمنا بذلك تطوعا ً ، و كل شيء الناس تعرفه ،و بالتالي للأسف هناك سوء فهم عام ، و سوء الفهم هذا عزّزه أمر ثاني ، و هو دخول المال العربي طرفاً في الأزمة السورية ، و المال مفسد ، و فاسد كالسلطة .
غسان بن جدو
تحدثنا دكتور هيثم مع تيار بناء الدولة السورية ، و الدكتور لؤي حسين و هو حالياً معنا على الهاتف من دمشق ،
د. لؤي حسين
أهلا و سهلا بك أستاذ غسان و بضيوفك الدكتور مناع و الأستاذ ليث ، و أتشرف ان أكون معكم بهذه الحلقة و لو للحظات قليلة .
غسان بن جدو
دكتور لؤي ، حقيقة نحن نعرف موقفكم و كان يفترض أن تكونوا جزء من هذا المؤتمر ، و بعد ذلك انسحبتهم و أنتم تعلنون أنكم تؤيدون هذا المؤتمر ، و لست أدري إن كنت استمعت للدكتور هيثم مناع قبل قليل و الذي ذكركم بخير و اعتبر أن هناك إشكالاً حصل ، و وعد بأن هذا الامر لن يحصل ، و نحن نتحدث عن بناء سورية بكل ما للكلمة من معنى .
أين يجد الدكتور لؤي حسين ذاته بعد هذا الكلام ؟
د. لؤي حسين
لا أعتقد بأننا خرجنا عن الصف الواحد و لا عن المسار الواحد ، و كان واضحا موقفنا على محطتكم قبل ساعات من عقد المؤتمر ، و اعتبرنا انفسنا أننا داعمون لهذا المؤتمر ، و لكن المشكلة أننا ما كنا نجد أنفسنا به ضمن برنامجه الذي توصلنا إليه ، و لكن هذا لم يغير شيء ، فهو ليس نزاعاً بين قوى سياسية بدون شك ، بل هو محاولات للتوافق ، و بذلك إن فشلنا بالتوافق في مرحلة ما ، بالخروج بمعطيات تجمعنا جميعا بالمؤتمر ، فقد خرج المؤتمر بمعطيات لسنا ضدها على الاطلاق ، و نحن معها ، و كنا نتمنى أن نكون معاً ، لكي نخرج بمعطيات أقوى ، و سنبقى على هذا العمل و هذا النظام ، و ليس فقط عن طريق الاتصال .
غسان بن جدو
و أنت حاليا في لقاء مباشر مع الدكتور هيثم .
دكتور هيثم ، الدكتور حسين يقول انكم تتفقون حول هذه النقاط و الثوابت الاساسية , و معك الدكتور لؤي على الهواء مباشرة , تفضل .
د. هيثم مناع
لؤي ، أنت تعرف أن نضالنا واحد ، و الخطوط الأساسية التي ناضلنا طيلة حياتنا من أجلها مشتركة ، الثقة كبيرة ، و بالتأكيد لدينا العديد من خيوط العمل المشترك التي تشكل الثوب المشترك للعمل الوطني المدني الديمقراطي ، و لست خائفاً من المستقبل و لا حتى من الغد ، و نضالنا سيكون مشترك بالتأكيد ، و أنا عندي ثقة كاملة بأنكم من ناحية النية و من ناحية البرنامج و من ناحية التصور ، تتقاطعون أساساً معنا ، و بالتالي سنقوم معا بكل الخطوات اللازمة من أجل توحيد المعارضة الديمقراطية المدنية .
غسان بن جدو
دكتور لؤي الآن كما فهمت من الدكتور مناع هناك لجنة متابعة و هناك ورشات مفتوحة و هناك مؤتمر لا يزال قائماً , فهل يمكن أن نجدكم الآن سوية ً في نقاش أكثر ديمقراطية و في تنسيق مباشر على الأرض ، ما بعد الهزة التي حصلت الأحد الماضي .
د.لؤي حسين
لا بد أن يكون ذلك ، فهذا ليس ترميم ، و إنما هذا هو مسارنا ، و نحن نبني هذا المسار بالورشات السياسية و بلجان المتابعة السياسية ، و هذا لأننا نعرف أن التكامل بين القوى السياسية هو الوحيد القادر على النهوض بالبلاد و ليس العمل المنفرد ، لأن جميعنا قوى ليس في مقدورها أن تعبر عن اللوحة المجتمعية المعقدة في البلاد ، فلا بد أن نكون جميعا و إن لم نتواصل كل يوم ، لكن بالتأكيد أكتافنا ملتصقة ببعض ، و أعتقد أنه من الصعب على نسمة الهواء أن تعبر من هذه الاكتاف ، و لكن بالتأكيد التحديات أكبر بكثير ، التحديات الوطنية و النقاط التي تتهدد بالبلاد أكبر بكثير ، و لهذا نحن نجمّع بعضنا أكثر و أكثر . و لكن ربما لكثرة هذه التحديات الكثيرة , مما يجعل انتصاراتنا لا تظهر بشكل أكبر .
غسان بن جدو
دكتور لؤي أرجو أن تتفضل بالبقاء معنا ، أستاذ ليث من عمان ، قبل الدخول في المؤتمر ، ثمة نقاش مباشر بين المعارضات السورية ، كيف تجد هذه النقاش , و كيف تنظر إليه , هل هو نقاش ديمقراطي ؟ مبشر ؟ كيف تنظر للذي يحصل الآن على الهواء مباشرة .
ليث شبيلات
الذي يجري الآن و الذي سمعته جميل جداً ، لكن هذه ليست المعارضات كلها ، للأسف هناك خطاب في المعارضة بشكلها الواسع ، منذ ما يقرب من تسعة أشهر ، بدأت تنشغل ببعضها البعض ، و بدأت تطعن ببعضها البعض ، و للأسف في بعض الأماكن كما كان يشكى من شبيحة النظام ، هناك شبيحة تابعين للمعارضة ، فلا نريد أن نخرج من الدلف إلى المزراب ، فنحن عندنا مصيبة الطغيان ، و مصيبة الفساد و النظام الشمولي ، نحن نريد أن نضرب نموذجاً للمستقبل الذي يُراد ، لا أن تكرّر أنفسنا ، فيجب أن يكون الخطاب محترماً ، و أن يحترم وجهات نظر الآخر ، لا أن يخوّن بعضنا البعض ، و لا شك بأن هناك خط أحمر و جلي تجاه التدخل الأجنبي ، فهذا خط أحمر و لا نستطيع أن نجامل في هذا الموضوع ، و لا نستطيع أن نجامل النظام في طغيانه و في حلوله المدنية و فيما تسبب به هو و جاء به لبلده ، بعدم محاكمة الفاسدين ، و معالجة أمنية دموية مرعبة ، فنحن في إشكال ، فلا نستطيع أن نسكت على هذا و لا نستطيع أن نسكت أيضا ً على التدخل الأجنبي ، لذلك متابعتي الشخصية مع الدكتور هيثم مناع و مع أصدقائي ( و هم أصدقاء من عشرين سنة ) الأستاذ حسن عبد العظيم و الأستاذ رجاء الناصر ، و كل هؤلاء الأفاضل , و دائما كانت من أجل تغيير ديمقراطي و تغيير يزيل الطغيان و يسمح بنظام ديمقراطي في كل مكان .
غسان بن جدو
أستاذ ليث ، في رسالتكم إلى المؤتمر تقول : ( فلا يشكك منصف في إخلاص معظم المنتفضين بالثورة ، لكن الإخلاص إن جانبه وعي و تمسك بالثوابت كالذي نلحظه من جانبكم ، قد يأخذ بالقضية من الدلف للمزراب )
ماذا تعني بالوعي ؟ و أي ثوابت تُشير إليها ؟
ليث شبيلات
أنا ضربت مثل عن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه ، أنهم قالوا له إلعن الخوارج ، لكن الخوارج في النهاية قتلوه ، لكن أنظر الى صفاء الإمام علي كرم الله وجهه ، فكان يعرف إخلاص الخوارج ، فكانوا مخلصين لكنهم لم يكونوا واعين ، فقال : ( ليس من طلب الحق فأخطأ ، كمن طلب الباطل فأصابه ) و هذه كلمة خالدة .
غسان بن جدو
فيما يتعلق بالملف السوري ، أو الأزمة السورية ، أي الثوابت تُشير إليها بضرورة أن يتمسك بها الجميع ؟
ليث شبيلات
عدم التدخل الخارجي ، لكن قبل ذلك أريد أن أقول أن معظم المتحركين ,فالتحرك أولا بدأ شعبيا ً و لم يأتي بدوافع أجنبية ، فالناس تريد مطالب حقيقية ، و الشعب السوري شعب عريق فلا يزاود عليه أحد في عروبته و في غيرته على فلسطين و في حبه للمقاومة و ما إلى هنالك ، و النظام ليس أفضل من شعبه في هذا ، فإن كان وقف مواقف مشكورة في هذا الموضوع ، فإنما كان يتجانس مع شعبه ، كما أنه عندنا مثل عندما وقف النظام مع العراق ، أثناء التسعين ، فكان متجانس مع شعبه ، و لذلك كان هناك علاقة جيدة في التسعين و علاقة داخلية في الأردن ، لأن النظام وقف كما يريد شعبه ، فالنظام في سورية في سياسته الخارجية ، لم يكن يغصب هذه السياسة على شعبه ، و إنما كان متجانساً مع شعبه ، المشكلة إذاً في السياسة الداخلية ، و المشكلة في الفساد ، و المشكلة في عدم تقديم أي فاسد حتى اليوم إلى المحاكمة .
غسان بن جدو
هل هي الثوابت فقط عدم التدخل الخارجي ؟ أم هناك ثوابت أخرى ؟
ليث شبيلات
لا شك بأن الثوابت العربية و العروبة و قضية فلسطين التي هي قضية مركزية ، و كل من تغيب عنه قضية فلسطين ، إذا أراد أن يحل مشاكله الداخلية دون أن تكون بوصلته قضية فلسطين و الأطماع الصهونية ، و ما تريد الصهيونية في المنطقة ، يفشل في حلوله الداخلية ، الآن أقول ابتعد عن التدخل الأجنبي و اطلب في مطالبك ما تشاء داخليا ً ، فلك الحق أن تطلب ما تشاء .
غسان بن جدو
دكتور لؤي ، الآن عندما نتحدث عن الجانب العربي بشكل عام ، هل تتوقعون و تأملون خيراً ايجابيا ً الآن من الجانب العربي و الربيع العربي ، أن ينصركم في سورية ، و أن تحققوا تحولاً سياسياً سلمياً ، أم لا ترون هذه النصرة ، عدا بالدم و بالمقاتلين و بالسلاح .
د. لؤي حسين
لا أنا من وجهة نظري الشخصية ، لا أرى أي ملامح لموقف عربي يمكن أن ينصر قضايا هذه الإنتفاضة و أساسياتها ، فأغلب المواقف العربية ذهب في مواجهة النظام و ليس في مناصرة الناس ، و هذين أمرين مختلفين ، فليس كل عدو عدوي ، يمكن أن يكون صديقي و أن يقدم لي الخير ، فالمواقف العربية كانت في مواجهة النظام و بشار الأسد تحديداً ، و هذا ليس بالضرورة كان مفيدا ً بالنسبة للسوريين ، و ربما سبب هذا الأمر في انقسامهم ، و هذا الإنقسام هو الذي يمكن أن يكون هو أحد أشكال الوقود لحرب أهلية بالتأكيد بدأت ، و نخشى أن تستعر و أن تنتشر أكثر ، و أريد فقط أن أعقب على أمر الثوابت أو الأساسيات ، نحن طلاب ديمقراطية و عدالة و مساواة ، بين السوريين جميعاً ، فلسنا منتقمين أو طلاب انتقام ، و لسنا نريد أن نقصي طرفاً لأنه أخطأ أو أصاب ، نحن ضد الاستبداد بكل أشكاله ، و حتى الشخصيات التي يمكن أن تكون مستبدة ، فهذا النظام ، هو الذي يجمعها . مع القوى الديمقراطية التي تحدث عنها مناع , و نحن دائما باتفاق حول القوى الديمقراطية ، فنحن ديمقراطيين ، و نريد هذه الديمقراطية لجميع السوريين ، و نريد المساواة و العدالة لكل السوريين ، بغض النظر عن طوائفهم ، و أديانهم و كذلك عن مواقفهم السياسية ، فنحن لسنا قوى مجتثة تريد أن تجتث أحزاب أو أجهزة ، و إنما نريد العدالة و المساواة لكل شعبنا ، و على أساس هذه الموضوع قامت هذه الإنتفاضة ، و انطلقت ، و لكن لعوامل كثيرة ، أحدها هو العامل الدولي الخارجي ، الذي لا يكون فقط بالتدخل العسكري و أصبح التكلم عنه كأيقونة ، فنحن ضد التدخل السياسي و التحزب ضد هذا الجانب أو ذاك الجانب ، فنحن نريد من التدخل العربي و الدولي ، أن يكون لحقوق و نصرة السوريين ، لحقوقهم المشروعة جميعا ً ، التي شرعتها الحضارة و الإنسانية لكل البشرية ، فنحن لا نريد أن تكون هناك دولة مع النظام و دولة معنا ، فهذه يبعث على التفرقة و هذا بالتاكيد ليس ما نسعى إليه .
غسان بن جدو
شكراً لك دكتور لؤي حسين , رئيس تيار بناء الدولة السورية ، شكراً لك تحدثت معنا من دمشق و نحن سعداء أيضاً بانضمام الدكتور ملهم الدروبي و يُحدثنا من نيويورك .
مرحبا بك دكتور ملهم ، أنتم في المجلس الوطني السوري ليس فقط قاطعتم هذا المؤتمر ، بل انتقدتموه و اعتبرتموه مهرجان و في الحقيقة اعتبرتموه هدية للنظام السوري ، كيف يمكن أن توضح لنا مقاربتكم هذه ؟
د. ملهم دروبي
شكرا لك أخي غسان ، الحقيقة أن السقف المتاح للمعارضة السورية في دمشق ، سقف لا يتناسب مع مطالب الشعب السوري ، و لا يتناسب مع تضحيات الشعب السوري الثائر ، إنما هو جاء كمبادرة و محاولة لفك عقدة النظام ، نظام بشار الأسد ، الدولية و الوطنية ، لذلك مثل هذا المؤتمر من غير المتوقع أن يأتي بثمار ، تحقق أهداف الشعب السوري بمطالبه بالحرية و الديمقراطية ، و هذه المطالب العادلة المسلوبة منذ أكثر من أربعة عقود .
غسان بن جدو
دكتور ملهم الآن ربما تعتبر أن هذا يفيد النظام السوري ، و لكن عندما يقول المؤتمرون في هذا المؤتمر الذي سموه مؤتمر إنقاذ سورية ، و يتحدثون فيه بشكل أساسي عن تورط النظام ، و يصفونه بأنه نظام إستبدادي ، و نظام أمني و نظام الوحوش و نظام الطغيان ، و نظام سفك الدماء ، و يحملونه أكثر من ذلك ، و يحملونه مسؤولية الدماء التي سالت ، بل يقولون أن من مارس العنف بعد إذاً ، كأنه كان رد فعل على ذلك العنف من قبل النظام .
إذن هذا الخطاب السياسي و سقفه المرتفع ، ألا تعتبر أن وجوده في دمشق ، هو فائدة للشعب السوري ، و النضال السوري و الثورة السورية و للمعارضة السورية ، و لكنه هذه المرة من دمشق و ليس من الخارج .
د. ملهم دروبي
سيدي الكريم ، هذا من محاولة لتنفيس الطرف الموجود على الشعب السوري و محاولة لإعطاء نوع من أنواع أن لدينا حرية و لدينا ديمقراطية من قبل بشار الأسد ، لمن يريد أن يتكلم .
نحن ( أي الشعب السوري ) نريد أفعال و لا نريد أقوال ، الشعب السوري بعد أن قدم عشرات الآلاف من الشهداء ، و بعد أن قدم مئات الآلاف من النازحين و مئات الآلاف من اللاجئين و بعد أن دُمرت نصف البلد تقريباً ، على أيدي عصابات الشبيحة ، نريد حلاً يضع لهذا البلد السكة التي يسير عليها باتجاه الحرية و الديمقراطية ، نحن نريد لهذا الشعب أن يُحقق أهدافه بأقل الأثمان و بأقل الطرق ، و نريد كذلك أن نحمي وطننا من أن يُقسم ، نريد أن نحمي النسيج الوطني من أن يتلاعب به الآخرون ، و الحل الأمثل لذلك إذا كان بشار الاسد يعنيه حقاً هذا الكلام ، الحل الأمثل لذلك أن يتنحى بشار الأسد ، لأنه بعد كل المآسي التي حلت بالشعب السوري بسبب تعنت بشار الأسد لم يكن مجديا و لم يعد منطقياً لأي رجل بالعالم أن يقول أنا سأبقى حاكماً لهذا البلد حتى لو دمرت كلها .
غسان بن جدو
دكتور هيثم مناع ، إذن من الواضح أن المجلس الوطني السوري يعتبر بالفعل أن ما قمتم به غير مجدٍ و غير مفيد ، و ربما في الوقت نفسه نمّقتم صورة النظام في سورية ، و ليس العكس ، فكيف توضح لرفيقك في المعارضة السورية هذه النقطة ؟
د. هيثم مناع
أحب أن أقول له بأننا نشكر عدد هام من أعضاء المجلس الوطني السوري ، الذين اتصلوا بنا و هنأونا على هذا المؤتمر ، و هذا يشكر لهم و يذكر لهم ، و سمعنا أكثر من شخص في مواقع مهمة في المجلس الوطني لهم موقف آخر من المؤتمر ، كما سمعتم على البي بي سي في الامس ، لذلك نميز بين هذا الموقف و ذاك .
لكن أنا أريد أن أسأل الأستاذ ملهم ، هل هذا المؤتمر ، أشرف أن تكونوا فيه أم مؤتمر برنارهنري ليفي ؟ هل الطلب بتدخل الناتو و تطييف الصراع و الحديث في أساليب دخول كل الناس في الشأن السوري و أن تكون طرفاً في الشأن السوري ، و البحث عن تسلح بأي شكل و بدون أي سياسة ، أفضل أم أن نقف في وجه هذا النظام بالوسائل السلمية التي نناضل من أجلها ، أريد ان أسأل هل الطريق الذي أدى إلى هدم أكثر من مدينة سورية ، و مناطق كثيرة غابت عن الخارطة في مواجهات عبثية ، هل هذه الأساليب سوف تؤدي بنا الى انتصار عسكري لتنحية بشار الاسد ، هل يقف هذا المؤتمر في وجه عملية التنحية ؟ يعني و كأن التنحية موجودة و جاء هذا المؤتمر ليوقف عملية تنحية بشار الأسد ، أليست هذه من الطفولة أو المراهقة السياسية بمكان ؟ نرجو أن تكون أكثر نضجاً و أكثر وطنية و أكثر التزاماً بقضية شعبكم ، حتى نشعر أننا بالفعل قادرون على العمل المشترك مع بعضنا البعض ، فأنت تتهم أشخاص لديهم أكثر من ألف سنة سجن في سجون الطغيان منذ أربعين عاماً ، و تقول بأنهم جاؤوا لتلميع أو إعطاء صورة إيجابية عن نظام الدكتاتورية ؟ هذا وزن ثقيل ، عيب يا ملهم ، عيب بعد جلستك مع برنار هنري ليفي أن تاتي و تعطينا دروسا في الوطنية و المواطنة .
غسان بن جدو
دكتور ملهم ، نحن نريد نقاشاً بينكما ، فتفضل على الهواء مباشرة .
د. ملهم دروبي
بداية ، دكتور هيثم مناع يتهمنا بالجلوس مع برنار هنري ليفي ، و نحن عندما استجبنا للأمسية السياسية التي دعي إليها أكثر من 400 شخصية سياسية بباريس , بتاريخ حزيران 2011 ، انما استجبنا لواجب وطني و لا يهمنا من الداعي ، إنما يهمنا إذا طرحت قضية تخص وطننا ، أن نكون هناك و نجيب عليها ، و ننقل رسالة الشعب السوري إلى المجتمع الدولي ، و وزير الخارجية الفرنسي الحالي ، كان أحد تلك الوجوه في تلك الأمسية و لم تكن تعنينا وجود شخصيات أخرى ، أما مقارنة المؤتمر الذي عقدوه في دمشق اليوم مع المؤتمر ذلك ، فتلك مقارنة حقيقة ليست في مكانها ، نحن لا نترك وسيلة من الوسائل ، و لا مؤتمراً من المؤتمرات ، و أنا كنت في القاهرة قبل ثلاثة أيام ، و أمس كنت في اسطنبول و اليوم في نيويورك ، لا نترك مجالا ً من المجالات لخدمة شعبنا السوري و لنقل مطالب شعبنا العادلة ، في أي محفل من محافل المجتمع الدولي ، إلا نحضره .
د. هيثم مناع
صحيح و كذلك شاركتم في الآيباك
د. ملهم دروبي
لا لم نشارك في الآيباك
د. هيثم مناع
هناك أعضاء من المجلس الوطني شاركوا به
د. ملهم دروبي
دعني أكمل دكتور مناع ، و لو كنا أعطينا الأمان للمشاركة في دمشق لشاركنا . لكن الأمور بنتائجها و ما هو متوقع منها ، و من غير المتوقع للمؤتمر الذي عقد في دمشق و الذي يذكره الدكتور مناع ، أن يأتي بثمار تخدم الشعب السوري ، نحن أعربنا ، و الدكتور مناع يذكر أنني دعوته في شهر إبريل 2011 ، في أول مؤتمر في اسطنبول و أنني رعيته شخصياً و مولته شخصياً ،و كنا نسمي ذلك المؤتمر اسطنبول تتحدث عن سورية ، و دعوته للقدوم و الحوار ، ثم دعوناه الى مؤتمر انطاليا و غيرها لكنه لم يكن يقبل الحضور الى تلك المؤتمرات ، و كذلك دعوناه إلى كل المشاريع الوطنية التي تعمل على تجميع المعارضة لنعمل على دعم الشعب السوري، و نحن طالبنا مراراً و من أول يوم ، طالبنا بشار الأسد أن يتنحى ، و حقيقة في المؤتمر الأول في اسطنبول في إبريل 2011 ، لم نطالب بشار الأسد بالتنحي ، و إنما طالبناه بالإصلاحات ، و بالإصلاحات الجذرية ، و لو أن بشار الأسد قام بهذه الإصلاحات لانتخبناه مرة أخرى و لاعتبرناه بطلاً قومياً ، و نص البيان الختامي الذي قرأته أنا موجود ، و هو مسجل في التاريخ ، لم ينسه أحد ، و قلنا له أصلح ننتخبك ، أصلح نعتبرك بطلا قوميا ، فماذا فعل ؟ خلال شهر و نصف ، من مؤتمر اسطنبول إلى مؤتمر انطاليا ، قتل أكثر من 3000 مواطن سوري ، فقلنا له في مؤتمر انطاليا ، تنحى و سلم مسؤوليتك لنائبك و ارحل إن شئت و ابق في البلد إن شئت ، و لكنه لم يسمع بل ازداد في القتل ، و منذ ذلك الحين و حتى اليوم ، ما الذي تسبب بدمار البلد ، و ما الذي تسبب بقتل عشرات السوريين ، و ما الذي سبب هجرة أكثر من ربع مليون إنسان سوري و ما الذي تسبب في نزوح أكثر من مليون إنسان سوري ، و ما الذي تسبب في كل هذه الدماء و في دمار البلد ، هل يكون جزاء هذا الإجرام المتكرر ، أن نقوم الآن بمؤتمر في سورية ، كي نلمع صورة بشار الاسد ، لكن يبدو أن المنطق معكوس عند الدكتور هيثم مناع .
غسان بن جدو
دكتور ملهم أنت قلت كلمة سجلتها و أرجو أن أكون متأكدا منها ، لقد قلت سيدي العزيز : ( لو أعطينا الأمان في المشاركة ، لشاركنا ) هل تعاود تأكيد هذه الجملة من فضلك .
د. ملهم دروبي
نعم لو أعطينا الأمان لشاركنا ، لكننا نعلم أن الرجل القابع في قصور دمشق ، ليس له أمان و لا يعطي أمان لأحد .
غسان بن جدو
القضية إذاً ، هي أنكم تخشون ألا تحصلوا على الأمن و الأمان في دمشق ، المشكلة إذاً ليست في جوهر المؤتمر ، و ليست في أنه يلمع أو لا يلمع ، المشكلة في الوضع الأمني إذاً
د. ملهم دروبي
هذه إحدى وجوه المشكلة ، نحن كثير من الانشطة نحضرها رغم قناعتنا بأنها غير مجدية تماماً ، و فيما يخص بمؤتمر دمشق ، الموضوع له عدة وجوه ، الوجه الأول أنه ليس هناك أمان للمشاركين في هذا المؤتمر ، و الوجه الآخر أنه ليس هناك جدوى من هذا المؤتمر لأن بشار الأسد قد أعطي من الفرص المتكررة ما يجعلنا نقتنع أن الرجل غير معني بالإصلاح و غير معني بالمصلحة الوطنية و غير معني بأي حل سياسي يحقن دماء السوريين ، و ينهي هذه المأساة البشرية ، فلو كان معنياً بذلك لقام ببعض الأفعال التي يمكن أن تنهي الأزمة و أهمها أن يتنحى عن السلطة و هذا بدا شبه مستحيل .
غسان بن جدو
من فضلك أخ ملهم تفضل بالبقاء معنا , أستاذ ليث شبيلات ، حضرتك إسلامي و الدكتور ملهم يمثل الأخوان المسلمين ، التيار الإسلامي ، كيف يمكن أن تنظر لوضع التيار الإسلامي في الثورة السورية ، في الواقع السوري ، في الحرب السورية ، سمّها ما شئت ، ما هي ملاحظاتك الإيجابية أو غير الإيجابية على هذا الدور أو هذا الواقع ، و على هذه الاستراتيجية بشكل أساسي ؟
ليث شبيلات
أجيبك بأني كتبت مقال نشر في جريدة السبيل للأخوان المسلمين ، قبل عشرة أشهر، و عنوانه (المسلمون بيضة القبان بين المعارضة الوطنية و معارضة الناتو ) . و أبديت فيه أن المعارضة أمر مشروع و المطالب كلها مشروعة شرط ألا يكون هناك تدخل أجنبي , فإذا أصبح هناك تدخل أجنبي ، فإننا نكون قد نجّسنا المطالب ، فالمطالب طاهرة و يجب أن تبقى طاهرة ، و في المقال كتبت تعليقا على الشيخ حمزة منصور الذي قال كلاما جميلا وافقته عليه .
غسان بن جدو
الآن موقف الإسلاميين واضح , و هم جزء أساسي من الحراك في الداخل و كل يسميهم كما يشاء , و هناك مقاربات مختلفة و متناقضة .
كإسلامي ما الذي يمكن أن تحدثه لأخوانك الإسلاميين في هذه القضية ؟
ليث شبيلات
أنا تحدثت عن المطالب المشروعة كما قلت , لكن التعامل مع الأجنبي أمرٌ مشبوه و أمرٌ خطير و أمرٌ حقيقةً أقل ما يقال عنه أنه محرج و يناقض مبادئنا .
غسان بن جدو
يعني الإسلاميين متعاونون مع الخارج برأيك و بشكل مشبوه ؟
ليث شبيلات
هم جزء رئيسي من المجلس الوطني و لولاهم لما كان المجلس الوطني ، و المطالبات بالتدخل الاجنبي ، و لدي تحفظات سأجيبك عنها عن طريق الوثيقة الموقعة بين الدكتور هيثم مناع و السيد برهان غليون في 31 كانون الأول في القاهرة , و الوثيقة لكي تعرض على الجامعة العربية و التي تجمع المعارضة ، و البند الأول أن التدخل الأجنبي حرام و يجب ألا يلجأ إليه أحد ، و لكن الإتفاق لم يصمد حتى لتلك الليلة بسبب التدخل الاجنبي .
غسان بن جدو
أين رأيت مطالبة الإسلاميين في المعارضة و تحديداً الأخوان المسلمين بالتدخل الخارجي .
ليث شبيلات
الأستاذ الشقفة قال ذلك عن تدخل تركيا و عارضه مراقب الاخوان المسلمين في الأردن , و أنا كتبت مقال بعد ذلك , أخبرت به مراقب الأخوان المسلمين أن انتبهوا لهذا الأمر الخطير ، حتى أن الناطق الإعلامي للأخوان في سورية أخرج بياناً بعد ذلك و أن ذلك رأي شخصي للشقفة و نحن لا نوافق عليه ، و لكن بعد ذلك ظهر الأمر عن طريق المجلس الوطني , و هو من يتبنى هذا الموقف , و لولا دعم الاخوان للأمر لما استطاع المجلس الوطني أن يصرح به . فالأخوان هم المجلس الوطني و هم العمود الفقري للمجلس الوطني .
غسان بن جدو
مشاهدينا الكرام .. دكتور هيثم مناع في حديثكم في هذا المؤتمر تتحدثون .. تطالبون بهدنة واستراحة محاربين تفتح الطريق أمام عملية سياسية عندما تتوفر شروطها ومستلزماتها، عملية تكفل التغير الجذري الديمقراطي، تكفل الانتهاء من النظام الراهن لصالح الديمقراطية الحقيقية. هل هذا يعني عندما تتحدثون توفر هذه الشروط هل هي متوفرة أم غير متوفرة ؟ وثانيا عندما تتحدثون عن التغيير الجذري والانتهاء من هذا النظام، هل هو انتهاء من هذا النظام بمؤسساته وأشخاصه ورموزه وكل ما فيه؟
د. هيثم مناع
فقط بحب أوجه نقطة نظام.
غسان بن جدو
تفضل.
د. هيثم مناع
المؤتمر الأول الذي دعيت عليه في اسطنبول، دعي إليه كما أعطاني القائمة الأستاذ غزوان المصري ثمانية عشر شخصا ينتمون جميعهم إلى الطائفة السنية بالمعنى الطائفي – لنقولها بالمشرمحي – ثلاثةٌ منهم فقط غير إسلاميين …
غسان بن جدو
عفوا دكتور هيثم أنت استنتجت أنهم من الطائفة السنية أو قيل لك أنهم من الطائفة السنية؟
د. هيثم مناع
قرأت الاسماء يا أخي، ما أنا دكتور في الانثروبولوجيا الإسلامية، مش بس دارس طب يعني. وبالتالي يعني أعرف شوية في الخلفيات الطائفية للأشخاص، بدعي ذلك يعني.
وبالتالي ثمانية عشر شخصا لا يوجد شخص واحد غير سني بينهم، ثلاثة فقط منهم غير إسلاميين، فهل هذا المؤتمر يمكن أن يكون ممثلا للخارطة السورية؟ هذا سؤال صغير أضعه للأخ ملهم. ولكن أتمنى أن يبقى معنا لأن السؤال والجواب الذي طرحته مطروح علينا جميعا كسوريين.
غسان بن جدو
هو باقي معنا طبعا.
د. هيثم مناع
هل نحن اليوم كسوريين بحاجة إلى وقف إطلاق النار إلى وقف القتال بضمانات عربية ودولية ؟ أم أن وقف إطلاق النار ووقف العنف هو لصالح سلطة أو جيش حر أو مجموعة مسلحة تكفيرية أجنبية ؟ أنا أظن أن وقف إطلاق النار هو في صالح المجتمع السوري والثورة السورية ومستقبل الديمقراطية في سورية. كل التجارب في التاريخ التي توغلت في العنف أنجبت ديكتاتوريات، أعطني مثل واحد في التاريخ البشري المعاصر لتجربة عنفية أعطت نظاما ديقراطياً ؟ لا يوجد، كلما ازداد العنف أنتج هذا العنف جماعة إستئصاليه لا تقبل بغيرها ولا تتفاعل مع غيرها وتمارس عملية الاستئصال التدريجي لكل التعبيرات التي تقع خارجها.
من هنا مخاوفنا ليست فقط على البنية التحتية للبلاد وعلى البشر وعلى مستقبل وحدة سورية، وإنما أيضا كلمة الديمقراطية يجب أن ننساها إذا استمر القتال.
من هنا إصرارنا على أن نبحث عن وقف إطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يعني الإستسلام لسلطة، ولا يعني الإستسلام لحاكم أو محكوم، ولا يعني انتصار هذا أو ذاك، يعني انتصار الإنسان السوري وانتصار الوطن السوري. بهذا المعنى نحن نناضل اليوم من أجل وقف الدمار ووقف القتل، هذا هو الإسم الطبيعي الذي نراه في كل يوم، ما ترون على شاشاتكم ؟ الأفلام التي تأتيكم ؟ يأتيكم عملية تدمير منهجية لسورية، هل عملية التدمير المنهجية هذا تشكل مكسب لأحد ؟ ربما تشكل للديكتاتورية لأن الديكتاتورية ستقول للناس ما كان في عنا أمن من قبل! كنتو تروحوا الساعة تنتين على بيوتكم ما حدا يوقفكم ! وكان مافيش انفجارات ! وكان عندكم بيوت أصلا ! الآن هدمت، فعودوا إلى النظام القديم.
هذا ما يقوله أصحاب الحل العسكري الأمني في البلاد كما أن أصحاب فكرة النصر العسكري في الجبهة الأخرى يظنون بأن هناك إمكانية لنصر عسكري. للأسف الثمن الذي دفعناه غال جدا، ويفوق المائة ألف.. المائة مليار دولار على الأقل في عمليات الهدم، تقديرات الهدم في حمص تجاوزت التسع مليارات دولار، في حلب تجاوزت الأربعة عشر مليار دولار، نحن أمام عملية هدم كاملة. تذهب إلى داعل اختفت تذهب إلى طفس دمرت، تذهب إلى الحراك دمرت. لدينا مدن كاملة وقرى كاملة لم تعد على الخارطة. هل بالإمكان … الأطراف المتطرفة الحاكمة ؟ هذا هو السؤال الأساس لدينا اليوم وأظن أن النضال من أجل وقف إطلاق النار يشكل أس أي برنامج سياسي لإنقاذ الإنسان وإنقاذ الوطن حتى لا نصل إلى لحظة تكون فيها سورية سوريات ويكون فيها الإنسان السوري في مواجهة قاتلة مع أخيه الإنسان السوري.
أنا أعرف عدة عائلات لديها إبن في الجماعات في الجيش الحر وإبن في الجيش النظامي، وفي لحظة ما يمكن أن يقتل هذا ذاك، هل هذا هو الحل ؟!
غسان بن جدو
أستاذ ملهم هل تعتبرون بأن ما يطرح الآن من إمكانية لحل سياسي وإن كان بأفق كبير بشعارات أكبر وبحلم كبير جداً إسقاط النظام تغيير جذري بالكامل لا يزال قائما ؟ أم تعتقدون أن الوقت انتهى، لا مجال الآن سوى للغة السلاح وما يعتبره البعض الجهاد أو الآخرون كفاحاً مسلحاً إلى غير ذلك من هذه المفاهيم، حدد لنا موقفك من هذه النقطة إذا سمحت.
د. ملهم الدروبي
نعم بس على السريع، أول شيء مؤتمر اسطنبول كان فيه علويون وكان فيه دروز وكان فيه مسيحيون، مؤتمر انطاكيا كان مليء وكان فيه تمثيل الإسلاميين أقل من 15% وفي المؤتمرين دعي إليه الدكتور مناع ولم يحضر.
وما يتعلق في الحل السلمي أخي الكريم نحن مع أي حل يحقن دماء السوريين، مع أي حل يحقق مطالب الشعب السوري، أنا أوافق الدكتور مناع أن لا غالب ولا مغلوب عندما يقتل السوري سوريا آخر، أن لا غالب ولا مغلوب عندما تكون هناك حرب طائفية.
لكن أريد أن أذكر الدكتور مناع وأذكر السادة المشاهدين أننا في الثورة عندما انطلقت الثورة حددنا أربعة استراتجيات كررناها مرارا : أنها ثورة سلمية، أنها ثورة وطنية بمعنى أنها ليست نخبوية، أنها ثورة تعمل على المحافظة على التراب الوطني السوري على وحدة التراب الوطني السوري، أنها ثورة ترفض التدخل الأجنبي العسكري، وعرفاً الأجنبي في ذلك الوقت أنه غير العربي وغير المسلم. لكن بعودة سريعة إلى مجريات أحداث الثورة نجد أن الذي أجبر الثوار إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم إنما هو النظام، أن الذي يسعى إلى التدخل الأجنبي وأحضر التدخل الأجنبي إلى البلاد إنما هو بشار الأسد، عندما أحضر الإيراني وعندما أحضر الروسي أليس هذا تدخلاً أجنبياً ؟ المواطن السوري يقتل، ينتهك عرضه، يقتل أبناؤه أمامه، أليس من حقه في أن يحمي نفسه ؟! أليس من حقه أن يدعو الناس إلى حمايته ؟! إحنا عندما بدأنا طلبنا من الجامعة العربية أن تحمي الشعب السوري، لكن الجامعة العربية ليست لها أظافر وليس لها أنياب. ثم طلبنا من منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي أن تحمي الشعب السوري، حالة منظمة المؤتمر الإسلامي كحالة الجامعة العربية. ثم طلبنا من منظمة الأمم المتحدة أن تحمي الشعب السوري.
أعود لأجيب على سؤالك : نحن مع أي حل يحقن الدم السوري ولكنه بنفس الوقت يحقق مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية والعدالة للمواطن السوري.
غسان بن جدو
جميل، هل أنتم مع دعوة مؤتمر الإنقاذ إلى مؤتمر دولي، المؤتمر دعى السيد الأخضر الإبراهيمي إلى عقد مؤتمر دولي من أجل إنقاذ سورية وإيجاد حل، هل أنتم مع عقد هذا المؤتمر الدولي؟
د. ملهم الدروبي
نحن طبعا مع مثل هذه الدعوة لعقد مؤتمر دولي لحقن دماء السوريين وتحقيق مطالب الشعب السوري، نحن مع وقف إطلاق النار، لكن من الذي يوقف اطلاق النار! من الذي يطلق النار أصلاً ؟ الذي يطلب النار هو بشار والشعب السوري يدافع عن نفسه، أم يريد الدكتور مناع أن تقصف طائرات بشار الأسد ومدافع بشار الاسد وتأتي قطعان الشبيحة من عصابات بشار الأسد وتقتل الشعب السوري وتذبح الأطفال كالنعاج وتغتصب النساء ويريد الشعب السوري أن يصفق لهؤلاء ويقول سلمية سلمية! ثم الدفاع عن النفس يا سيد غسان الدفاع عن النفس هو حق مشروع للإنسان أينما كان في كل الشرائع.
غسان بن جدو
شكرا لك أستاذ ملهم دروبي على المشاركة من نيويورك.
أستاذ ليث شبيلات قبل أن أعود في النهاية إلى الدكتور هيثم مناع، الآن هل تعتبر أنت مع تجربة … تعرف حصل أمور كثيرة في لبنان، حصلت في العراق، حصلت في دول أخرى، حصلت في الجزائر، هل تعتقد الآن أن ما يحصل الآن في سورية في النهاية إما أنه هناك طرف سينتصر بالضربة القاضية العسكرية أو أنه هناك تسوية إقليمية دولية على حساب السوريين ؟ أو أن هناك إمكانية لتوافق ما سوري سوري أيضا ولكن برعاية دولية إقليمية، أي أفق تراه ؟
ليث شبيلات
للأسف أنه أصبحت القضية دولية وأصبح فيها محاور دولية وهنالك دول لا تريد أبداً أن تنهزم في رؤاها الاستراتيجية ولا يهمها الشعب السوري مات أو عاش وما إلى ذلك. وحتى لو بقي الأمر بس صراع داخلي وحتى مع تدخل أجنبي لن يحسم طرف الصراع مع الآخر. ورأينا في لبنان، أنظر في لبنان أنا حضرت ثورة ثمانية وخمسين ثم صار صلح لا غالب ولا مغلوب، ثم جاءت الحرب الأهلية في لبنان في السبعين وصبرا وشاتيلا، والتعاون مع العدو والتعاون .. ومذابح والتعاون مع العدو وأنظر إليهم الآن يجلسون مع بعضهم البعض وبعض الذي تعامل مع …
غسان بن جدو
إذن أنت لا ترى …
ليث شبيلات
بعض الذي تعاون مع العدو يغار على السنة، وبدأنا نحكي بسنة وغير سنة، كلام يعني مقرف حقيقة.
بس عندي تعليق صغير بس أخ غسان.
غسان بن جدو
نصف دقيقة لو سمحت.
ليث شبيلات
يلي حكاه الأخ هيثم، ما في حل عسكري إلا يأتي بديكتاتورية، غاندي لو ترك الحل السلمي لما كان هنالك أعظم ديمقراطية على وجه الأرض الآن الهند.
غسان بن جدو
نعم. دكتور هيثم الكلمة الأخير لك إذا سمحت، تفضل سيدي مع كل هذا النقاش الذي استمعت إليه، تفضل.
د. هيثم مناع
أنا أظن بأن هناك تجني على المؤتمر عندما نقول بأن هذا المؤتمر لم يحدد المسؤوليات الأساسية في قضية القتل والعنف وفي قضية ما وصلنا إليه من مواجهة وحرب، حدد ذلك بوضوح وأظن بأن هذا لا يحتاج لأحد يزاود به على أحد. أيضاً …
غسان بن جدو
هل تعتبر دكتور هيثم …
د. هيثم مناع
حدد مسألة الدفاع الذاتي ولكن أيضاً وضع أولوية واعتبر هذه الأولوية نقطة أساسية في رسم الغد، لا يمكن ونحن نرى العنف هو الصاعد الأساس منذ سنة ونصف أن لا نضع حداً له بأي وسيلة لا نضع فيها تنازلاً لحاكم ولا أيضا نضع فيها تنازلاً لصورة الوطن القادم. وأظن أن هذا هو الذي نناضل من أجله كل القوى التي شاركت في المؤتمر أو لم تشارك لأنه هو السبيل الأفضل لأقل الخسائر لسورية ديمقراطية مدنية.
غسان بن جدو
لكنك في البداية قلت – وهذا الله يخليك في خمسة عشر ثانية – تحدثت بشكل سلبي وخطير جدا عن وجود مال سياسي وعن تدخل أجنبي خطير وأيضا تدخل فتاوى يعني من أجل حرب وكل هذا المسائل، هل هناك إمكانية لحل سلمي سياسي أمام كل هذه النقاط الجبارة التي تتحدث عنها وكأن وحش بكل ما في الكلمة من معنى في سورية، تفضل طبعاً.
د. هيثم مناع
باستثناء التكفيريين الدم السوري هو الذي يدفع الثمن، من هنا وعي المواطن السوري والإنسان السوري لأنه يدفع ثمناً من أجل غيره لا من أجل التغيير ولا من أجل سورية ولا من أجل الإنسان السوري سيفيد كثيراً وسيعطينا الثقة بأن هذا السوري لن يكون أجيراً لأحد بعد اليوم.
غسان بن جدو
شكرا لك دكتور هيثم مناع، شكرا أستاذ ليث شبيلات، شكرا دكتور ملهم الدروبي، شكرا دكتور لؤي حسين، شكرا لكل من ساهم في إنجاز هذه الحلقة.
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات