الجمعة، 21 يونيو 2013

حماس وحزب الله: سوريا جــمعت سوريا فرّقت: قطيعة أم أزمة عابرة؟

    يونيو 21, 2013   No comments

تفرض الأزمة السورية نفسها بقوة على العلاقة بين حركة حماس وبين حزب الله. الحركة تريد حياداً لا يفهمه الآخرون، وحزب الله يرى في الحياد تخلياً عن سوريا. لم يصل الطرفان الى مرحلة اتخاذ قرار نهائي في شأن العلاقة الثنائية، لكن الاتصالات القائمة اليوم لا تلغي فتوراً وبرودة حقيقية في العلاقة
 
كانت سوريا الصخرة التي انقسمت عليها تحالفات كثيرة، ظلت لفترة طويلة على قدر من المتانة. أمور كثيرة تغيّرت الآن. ثمّة محاور جديدة تشكّلت، وأخرى آخذة بالتشكّل. لكن حتى يوم أمس، كان الجميع تقريباً قد حسم موقفه؛ حزب الله الذي نأى بنفسه عن القتال إلى جانب النظام منذ اندلاع الأزمة السورية، بات الآن يقاتل بشكل مباشر وعلني في المدن السورية. ومصر التي ظلت تقيم علاقات رمزية مع سوريا وتسعى الى مخرج سياسي، قطعت العلاقات مع من كانت سابقاً جزءاً من «جمهوريّتها العربية المتحدة»، ودعت حزب الله إلى عدم التدخل في الشأن السوري.

وحدها «حماس» تترنّح بين المحورين، وتحاول المواءمة بين تحالفها مع من دعمها عسكرياً ومالياً، وبين ولائها لمرجعية «الاخوان المسلمين»، التي اضطرتها إلى اصدار البيان الذي طالب حزب الله بسحب مقاتليه من سوريا وإبقاء سلاحه موجهاً فقط ضد الاحتلال. وهو البيان الذي اثار علامات استفهام حول مستقبل علاقة الحركتين المقاومتين، والتي ظلّت متماسكةً على مدار العامين الماضيين، رغم كل تداعيات الأزمة السورية.
توقيت البيان جاء بعد أيام قليلة من مؤتمر «موقف علماء الأمة من القضية السورية»، الذي عُقد في القاهرة، والذي اعلن خلاله الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي نيته إرسال قافلة علماء لتوجيه المجاهدين في سوريا، ثم أعقبه مؤتمر آخر «لنصرة سوريا»، اعلن خلاله الرئيس محمد مرسي قطع العلاقات المصرية ــــ السورية. بينما كانت قيادات حماس وأعضاء مكتبها السياسي يجتمعون في القاهرة وسط تكتم إعلامي شديد، في حين قال مصدرٌ مطلع لـ«الأخبار»، إن «هذه الاجتماعات تأتي لرسم سياسات الحركة المستقبلية في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة، وستشهد أيضاً مناقشة موقف الحركة في ما بتعلق بالموضوع السوري بعد التطورات الأخيرة».
دلالة التوقيت دفعت البعض إلى القول إن الحركة حسمت أمرها، واختارت بلا مواربة الميل نحو المعسكر الإخواني، والخروج من محورها القديم نهائيّاً. لكن القيادي في حماس، صلاح البردويل، نفى لـ«الأخبار» أن يكون لتوقيت وجود قيادات الحركة في القاهرة علاقة بإصدار البيان، قائلاً: «يبدو أن الناس فهمت أن البيان جديد. في الواقع، هو موقفٌ قديم للحركة عبّرت عنه بشكل واضح من خلاله. نحن رفضنا أي تدخل أجنبي أو عربي في الصراع الدائر في سوريا، والأمر ينطبق على حزب الله أيضاً، ودعونا وما زلنا ندعو إلى حل سياسي».
وعن الرسالة من خلال هذا البيان، قال البردويل: «أردنا توجيه نصيحة إلى حزب الله، بصفته حزباً يمثّل الخط المقاوم الذي نتبنّاه نحن أيضاً، وهي أن قتال الحزب في سوريا يحرفه عن هدفه الرئيس وهو المقاومة، ويزيد من حدة الاستقطاب الطائفي، وبالتالي يعمّق الأزمة السورية». لكنه استدرك: «هذا لا يعني القطيعة مع حزب الله، علاقتنا بالحزب لا تزال قائمة، وهي جيدة، رغم الاختلاف في وجهات النظر تجاه سوريا، ومن مصلحة المقاومة أن تظل العلاقة كذلك».
لكن ماذا عن علاقة الحركة مع إيران على مدار العامين الماضيين، وكيف تراها حماس بعد فوز المرشح المقرّب من الإصلاحيين حسن روحاني، يجيب: «العلاقة مع إيران قائمة حتى قبل الانتخابات الإيرانية. روحاني هو خيار الشعب الإيراني، وكذلك كان (محمود أحمدي) نجاد، ونحن نحترم خيارات الشعوب، ونتعامل معها، وعلى هذا الأساس، علاقتنا مع إيران ستبقى قائمة كما كانت عليه سابقاً، لأن العدو الصهيوني ينتظر منا أن نقطع علاقتنا مع إيران».
مدّ وجزر
وقد شهدت العلاقة بين حماس وحزب الله، في العامين الماضيين، فترات مدّ وجزر كثيرة، بدءاً بالأزمة السورية، ومروراً باستقبال قادة حماس في غزة لوفد من 14 آذار عقب العدوان الاسرائيلي الأخير، وليس انتهاءً بالأزمة الأخيرة التي تفجّرت بعد تدخل الحزب في القصير. لكن رغم ذلك، لم يصدر موقف رسميّ واحد من كلتا الحركتين، فيما كان حزب الله قد أصدر تعميماً عقب زيارة وفد 14 آذار إلى غزة يمنع فيه مسؤوليه من توجيه أي انتقاد إلى حماس.
بالتوازي مع هذه التطمينات، كانت مواقف الحركتين من الموضوع السوري تزداد حدةً وتناقضاً مع اشتداد الأزمة؛ حزب الله بات يحارب علناً في سوريا، أما حماس فقد سحبت قياداتها من هناك، قبل أن يغلق النظام مكاتبها معلناً القطيعة الكاملة معها. حتى مواقف قيادات الحركة أصبحت أكثر حدّةً، حيث دعا مسؤول حمساوي في حديث إلى «الأخبار» الدولَ العربية إلى دعم «الثورة السورية»، قائلاً: «نحن كنا على موقفنا منذ البداية، دعونا إلى حل سياسي لا يتضمن تدخل الأطراف الدولية، لكن أعتقد أن الظروف الآن أصبحت معقدة بدرجة كبيرة جداً، بعد حمام الدم هذا، والعدد الكبير من القتلى، أعتقد أن من المهم أن يكون هناك دعم قوي للثورة السورية. يجب ألا تقف الدول العربية متفرجة على مذابح الشعب السوري، وعلى استخدام القوة المباشرة، لأن الشعب السوري شعب أصيل، يستحق من الدول العربية رسمياً وشعبياً أن تقف إلى جانبه»، لكنّه عاد وأكد على أن «العلاقة مع حزب الله ما زالت قائمة رغم ارتدادات الأزمة السورية».
ازداد الخلاف حدّة بعد تدخل حزب الله في القصير تحديداً. حدثت إشكاليّات كثيرة، قُصفت الضاحية الجنوبية، ووجهت بعض وسائل الإعلام أصابع الاتهام إلى المخيمات الفلسطينية، الأمر الذي سارعت حماس إلى نفيه على لسان ممثلها في لبنان، علي بركة، قبل أن يتواصل تدفق الأخبار عبر وسائل الإعلام مصحوباً بحملات النفي: الحديث عن طرد قيادات الحركة من الضاحية الجنوبية، وتشديد الرقابة على من تبقى منهم، إضافة إلى منع إعطاء تأشيرات مرور لقيادات «حماس»، الأمر الذي عدّته الحركة إجراءً فنياً، فيما كانت التطمينات كانت من الجانبين.
لكن خطبة القرضاوي التي دعا فيها إلى الجهاد ضدّ حزب الله في سوريا، على مرأى ومسمع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول موقف الحركة من هذه التصريحات. وهذا ما دفع البعض إلى القول إن هناك تياراً داخل الحركة يرغب في العودة إلى محور حزب الله وسوريا وإيران، في حين تحدثت وسائل الإعلام عن رسائل احتجاج وجهتها قيادات في الحركة إلى مشعل مطالبةً إياه بتفسير الموقف، وتعدّى الأمر ذلك إلى الحديث عن رسالة وجهتها قيادة كتائب القسام إلى هنية تحمل المضمون ذاته، وجاء النفي بعد ساعات قليلة على لسان الناطق الرسمي باسم كتائب القسام «أبو عبيدة».
ونفى قيادي حمساوي بارز في حديث لـ«الأخبار» وجود أجنحة داخل الحركة، قائلاً :«لا وجود لتيارات داخل الحركة. هناك قرارات يتخذها مجلس شورى الحركة وهي ملزمة للجميع».
مع ذلك، لا تزال تصريحات القرضاوي تستوجب السؤال حول موقف حماس منها، خصوصاً أن الرجل يعدّ مرجعيّة دينية معتبرة لدى الحركة الإسلامية. يجيب القيادي على ذلك بالقول: «وسط المجتمع الإسلامي، نسمع تصريحات متناقضة، ولو دخلنا فيها لانصرفنا عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واستنزفنا قوّتنا في ما لا يجدي، ولا نحمّل أياً كان مسؤولية مواقف شخص آخر، مسؤولية ما يقوله أي إنسان، وخاصة بحجم القرضاوي، مبنية على موقفه ورأيه، يوافق عليها كثيرون، ويختلف عليها كثيرون، ونحن موقفنا الرسمي واضح».
القيادي نفسه وصف علاقة حماس بحزب الله بـ«العادية». وبخصوص إيران، أوضح أن العلاقة مع إيران «متوازنة والكل أجمع على ضرورة استمرار هذه العلاقة وتطويرها، وتطوير العلاقات أيضاً مع كل مكونات العالم العربي والإسلامي على اختلافاتها المذهبية والعرقية بما أنها تخدم القضية الفلسطينية».
وذهب مستشار هنية للشؤون الخارجية، باسم نعيم، إلى ما ذهب إليه القيادي الحمساوي، قائلاً لـ«الأخبار»، إن العلاقة مع إيران ما زالت قائمة رغم «الاختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا الإقليمية»، مضيفاً أن الحركة تتعامل مع كل من يخدم المقاومة. وتابع: «علاقتنا مع إيران تنسحب على علاقتنا مع حزب الله، وهي علاقة جيدة، ولن نسمح بإحداث ثغرة ينفذ العدو من خلالها لضرب وحدة المقاومة، وتشتيت الأنظار عن القضية الفلسطينية».

وبخصوص اتهام الحركة بالمشاركة في القتال في سوريا، وتسليح المخيمات السورية ضدّ النظام، كان ردّ القيادي الحمساوي لـ«الأخبار»: «هناك كثير من الاتهامات منصبّة علينا، لكن موقفنا واضح، وأي شخص فلسطيني من داخل فلسطين أو خارجها، يأخذ أي موقف داخل سوريا بعيداً عن الحياد فهو يتحمل مسؤولية قراره». وبيّن أن موقف الحركة من سوريا لم يتغيّر، قائلاً: «نحن نقف على الحياد، مع تفهمنا للكثير من القضايا الإقليمية، وقلنا إن حل الإشكالية يأتي من خلال إعطاء الشعب السوري الحقوق التي يطالب بها، وفي الوقت ذاته قلنا إننا لسنا مع أي نظام بديل يأتي ويكون متعاوناً مع إسرائيل، أو لعبة بيد أميركا، وهذا موقف يُناقش على عدة مستويات، وهو الموقف المعلن».
___________

«الأخبار»

ISR Weekly

About ISR Weekly

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.