‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوهابية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الوهابية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 23 يونيو 2017

خطة السعودية لتجريد قطر من أسلحتها الثلاثة

    يونيو 23, 2017   No comments
بقلم قاسم عزالدين
 
لمطالب السعودية - الإماراتية التي تخرج إلى العلن بموافقة أميركية، تكشف التصعيد السعودي أملاً بهزيمة قطر والعودة بها إلى حجم إمارة تحت مرمى المملكة. لكن هذا التصعيد الضاغط ربما يفتح أمام قطر طريق مراجعة خياراتها السياسية في محاور المنطقة. 

لائحة المطالب والشروط السعودية، جرى تداول بنودها الأساس بينما كانت الإدارة الأميركية تدرس تدخلها لحل الأزمة الخليجية، ولم تخرج اللائحة إلى العلن بشكلها الحالي إلا بعد أن أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الموكل بالملف أن الإدارة تدعم الجهود الكويتية لحل الأزمة وهو أمر يدل على أن واشنطن تختار المماطلة. فوزير الخارجية الموكل بحل الأزمة، كان قد تميّز عن دونالد ترامب الذي يميل إلى السعودية، يحثّ السعودية على تقديم أدلّة على اتهاماتها، وفق تعبير المتحدثة باسم الخارجية هيذر نورت.

وقد أعرب تيلرسون بعدها عن ثقته بحل قريب، بحسب تصريح جاء في ختام جولة مباحثات مع وفود خليجية في واشنطن، ولا سيما لقاءه بمستشار أمير دولة قطر لشؤون الاستثمار محمد بن حمد آل ثاني.

هذه الأجواء التي تغيّب عنها وزير الخارجية القطري عبد الرحمن آل ثاني، أتاحت المراهنة القطرية على مبادرة أميركية يحملها تيلرسون تستند إلى غربلة الأسماء التي ينبغي أن تغادر قطر، وإلى ضبط الإعلام القطري وتشذيب الدعم القطري للإخوان المسلمين وحماس من دون قطع الأوصال وقلب ظهر المجنّ.

وفي هذا السياق قال تيلرسون ينبغي أن تكون المطالب السعودية معقولة وقابلة للتنفيذ، لكن هذه المراهنة سرعان ما يلقيها تيلرسون جانباً، كما يدل نشر اللائحة في الصحافة الأميركية، على الرغم من أن الوزير الإماراتي أنور قرقاش اتهم قطر بإفشاء المطالب لإفشال الوساطة الكويتية.

 التهديد بمهلة عشرة أيام للتنفيذ، قد يشي بأن السعودية تمهّد لانقلاب أو غزو محتمل. لكن هذا الأمر قد يكون في غير أوان بعد الدخول التركي إلى القاعدة العسكرية في الدوحة والمناورة الأميركية - القطرية المشترّكة.

وفي هذا الإطار قد لا يبقى أمام الضغط السعودي - الإماراتي أكثر من طريق الغاز القطري إلى الإمارات؛ ففي مقابل ورقة الضغط الأخيرة في أيدي السعودية والإمارات تشمل لائحة المطالب إقفال القاعدة التركية، ما اعتبره وزير الدفاع التركي تدخلاً في علاقات أنقرة مع الدول الخليجية.

وتشمل في المقام الأول ليس فقط التخلي عن الإخوان المسلمين، بل محاربتهم وملاحقتهم وتسليم اللوائح بأسمائهم وملفاتهم، والتخلي بذلك عن نفوذ قطر في المنطقة العربية وخارجها أشبه بطلب الانتحار السياسي.

المطالب والشروط الأخرى المدرجة في اللائحة، تبدو تمويهاً للمطلب الأساس الذي يمدّ قطر بالنفوذ وطموحات المصالح، فالمطالبة بوقف دعم حزب الله وأنصار الله والقطيعة مع إيران قد تكون من باب التحريض المجاني وذرّ الرماد في العيون.

أمّا المطالبة بوقف دعم وتمويل النصرة والقاعدة و"داعش" وغيرها، فهي ما يمكن أن تكون سهاماً موجهة للسعودية وتحالف واشنطن، وفق تعبير وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم الذي أفصح عن شراكة تحالف واشنطن في السراء والضراء لدعم هذه الجماعات عبر غرفتي عمليات "موك" و"موم" في اسطنبول والأردن.

لعلّ أفضل ما يلخّص شروط السعودية وهدفها، هو إعلامي سعودي "من عظام الرقبة" كما يُقال، فهو يقول إن أسلحة قطر الثلاثة هي الإعلام والمال والدبلوماسية النشطة.

وفي السياق يكاد الإعلامي الشهير أن يفصح عن آمال السعودية لتجريد قطر من هذه الأسلحة لتحجيمها من دور إقليمي كبير إلى ما هي عليه في قلّة سكانها وصغر مساحتها وضعف جيشها. وفي وراء الآمال السعودية قد لا تكون قطر وحدها هدفاً للسعودية في الخليج، وربما تنتقل السعودية في المدى المنظور أو الأبعد إلى اتهام سلطنة عمان أيضاً بدعم الإرهاب.

وما يشير إلى ذلك ويفسّر ربما المماطلة الأميركية في حل الأزمة الخليجية، هو ما كشفه موقع "بلومبيرغ" الممدعوم من قطر بحسب الاتهامات المتبادلة بين قطر والإمارات في واشنطن. فهو يذكر أن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي "رايك واديل" ذهب إلى السلطنة الأسبوع الفائت لهذا الغرض بصحبة "مايك بومبو" من وكالة الاستخبارات الأميركية.

الحصار السعودي على قطر يعوّل على مزيد من الضغط لكسر أضلع نفوذ الإمارة وطموحاتها الإقليمية، لكن هذا الضغط قد يولّد خيارات سياسية قطريّة لكسر الحصار في الانفتاح على تقاطعات إقليمية ودولية منعتها الخيارات السياسية القطرية مع تحالف واشنطن.

مطالب دول حصار قطر

    يونيو 23, 2017   No comments
الكويت سلمت قطر قائمة بمطالب السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
 
__________
1- إعلان قطر رسميا عن خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات، ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الإيراني من الأراضي القطرية، والاقتصار على التعاون التجاري بما لا يخل بالعقوبات المفروضة دوليا وأمريكيا على إيران، وبما لا يخل بأمن مجلس التعاون لدول الخليج، وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع إيران.

2- قيام قطر بالإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية الجاري إنشؤها، ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا داخل الأراضي القطرية.

3- إعلان قطر عن قطع علاقاتها مع "كافة التنظيمات الإرهابية والطائفية والإيديولوجية"، وعلى رأسها (الإخوان المسلمين — داعش — القاعدة — فتح الشام — حزب الله)، وإدراجهم ككيانات إرهابية وضمهم إلى قوائم الإرهاب المعلن عنها من الدول الأربع، وإقرارها بتلك القوائم.

4- إيقاف كافة أشكال التمويل القطري لأي أفراد أو كيانات أو منظمات إرهابية، وكذا المدرجين ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربع، وكذا القوائم الأمريكية والدولية المعلن عنها.

5- قيام قطر بتسليم كافة العناصر الإرهابية المطلوبة لدى الدول الأربع، وكذا العناصر الإرهابية المدرجة بالقوائم الأمريكية والدولية المعلن عنها، والتحفظ عليهم وعلى ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة لحين التسليم، وعدم إيواء أي عناصر أخرى مستقبلا، والالتزام بتقديم أي معلومات مطلوبة عن العناصر، خصوصا تحركاتهم وإقامتهم ومعلوماتهم المالية وتسليم كل من أخرجتهم قطر بعد قطع العلاقات وإعادتهم إلى أوطانهم.

6- إغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها.

7- وقف التدخل في شؤون الدول الداخلية ومصالحها الخارجية، ومنع التجنيس لأي مواطن يحمل جنسية إحدى الدول الأربع، وإعادة كل من تم تجنيسه في السابق بما يخالف قوانين وأنظمة هذه الدول وتسليم قائمة تتضمن كافة من تم تجنيسه وتجنيده من هذه الدول الأربع، وقطع الاتصالات مع العناصر المعارضة للدول الأربع، وتسليم كل الملفات السابقة للتعاون بين قطر وتلك العناصر مضمنة بالأدلة.

8- التعويض عن الضحايا والخسائر كافة وما فات من كسب للدول الأربع، بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة، وسوف تحدد الآلية في الاتفاق الذي سيوقع مع قطر.

9- أن تلتزم قطر بأن تكون دولة منسجمة مع محيطها الخليجي والعربي، على كافة الأصعدة بما يضمن الأمن القومي الخليجي والعربي، وقيامها بتفعيل اتفاق الرياض لعام 2013 واتفاق الرياض التكميلي لعام 2014.

10- تسليم قطر كافة قواعد البيانات الخاصة بالمعارضين الذين قاموا بدعمهم، وإيضاح كافة أنواع الدعم الذي قدم لهم.

11- إغلاق كافة وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر.

12- كافة هذه الطلبات يتم الموافقة عليها خلال 10 أيام من تقديمها وإلا تعتبر لاغية.

13- سوف يتضمن الاتفاق أهداف واضحة وآلية واضحة، وأن يتم إعداد تقارير متابعة دورية مرة كل شهر للسنة الأولى ومرة كل ثلاثة أشهر للسنة الثانية ومرة كل سنة لمدة عشر سنوات.

الأربعاء، 14 يونيو 2017

السعودية تزعزع استقرار العالم

    يونيو 14, 2017   No comments
كتب ستيفن كينزر في بوسطن غلوب

قبل أشهر قليلة بدا حاكم جاكرتا، أكبر مدن اندونيسيا متجهاً نحو فوز سهل للمرة الثانية بالرغم من كونه مسيحياً في بلد ذي غالبية مسلمة. فجأة ساء الوضع على نحو جدي. وخرجت حشود من المسلمين الغاضبين في الشوارع رفضاً له متذرعة بملاحظة عفوية أبداها حول القرآن. وخلال وقت قصير خسر الانتخابات، اعتقل، اتهم بالإساءة للدين، وحكم عليه بالسجن لعامين.
 


هذه الحادثة تثير القلق على وجه الخصوص لأن أندونيسيا، التي تعد أكبر دول العالم الإسلامية، لطالما كانت أكثرها تسامحاً. الإسلام الاندونيسي كما معظم النظم العقائدية في هذا الأرخبيل الشاسع سمح ومنفتح، بيد أن السقوط المذهل لحاكم جاكرتا يؤشر للعكس: عدم التسامح والكراهية الطائفية ونبذ الديمقرطية. الأصولية آخذة في التنامي في إندونيسيا، الأمر الذي لم يحدث من تلقاء نفسه.

عملت السعودية لعقود على فصل اندونيسيا عن الإسلام المعتدل وتوجيهها نحو النموذج الوهابي الذي يعدّ الديانة الرسمية في المملكة. الحملة السعودية كانت بطيئة، متعددة الوجوه، ومموّلة بسخاء. لقد أكد الرؤساء الأميركيون المتعاقبون لنا أن السعودية صديقتنا وتتمنى لنا كل الخير، لكننا نعلم أن أسامة بن لادن وغالبية منفذي هجمات 11 أيلول كانوا سعوديين، وأن "المانحين السعوديين يشكلون المصدر الرئيسي لتمويل الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم" وفق ما كتبت هيلاري كلينتون في وثيقة دبلوماسية قبل ثماني سنوات.  

الأحداث الأخيرة في إندونيسيا تسلط الضوء على مشروع سعودي أكثر ضرراً من تمويل الإرهابيين. فقد استخدمت السعودية ثروتها التي يأتي جزء كبير منها من الولايات المتحدة، لتحويل مجتمعات بكاملها إلى بؤر للإسلام الراديكالي. من خلال رفض التظاهر أو حتى الاعتراف رسمياً بهذا المشروع بعيد المدى نموّل قتلتنا والإرهاب العالمي.

إن مركز الحملة السعودية لتحول الإندونيسيين نحو الإسلام الوهابي هو عبارة عن جامعة مجانية في جاكرتا تعرف اختصاراً باسم "ليبيا" LIPIA حيث يعطي دروساً باللغة العربية دعاة من السعودية والدول المجاورة. في هذه الجامعة يتم الفصل على أساس الجنس، وفرض قواعد اللباس الصارمة، ويمنع استخدام التلفزيون وسماع الموسيقى والضحك بصوت عال. يتعلم الطلاب شكلاً محافظاً ومتشدداً للإسلام يجيز قطع يد اللصوص ورجم الزناة وقتل المثليين جنسياً والذين يهينون الذات الإلهية.

الكثير من طلاب هذه الجامعة يأتون من أكثر من 100 مدرسة داخلية تدعمها السعودية في اندونيسيا أو أنهم من الذين يرتادون أحد المساجد الـ150 التي شيدتها السعودية هناك. ويحصل أكثر الطلاب الواعدين على منح للدراسة في السعودية التي يعودون منها مستعدين على نحو كامل لنشر الفوضى الاجتماعية والسياسية والدينية في وطنهم. ويروّج البعض لمجموعات إرهابية مثل حماس إندونيسيا أو جبهة المدافعين عن الإسلام اللتين لم تكونا موجودتين قبل قدوم السعوديين.
حرصاً على تكريس هذا الحضور، قام ملك السعودية سلمان برحلة إلى إندونيسيا استمرت 9 أيام في آذار/ مارس محاطاً بـ1500 من الحاشية. سمح السعوديون لأكثر من 200 ألف اندونيسي بالسفر لأداء مناسك الحج في مكة سنوياً، أكثر من أي دولة أخرى وسعت للحصول على تراخيص لافتتاح فروع جديد لجامعة "ليبيا".

يحاول بعض الاندونيسيين منع الاعتداء السعودي على قيمهم التقليدية لكن من الصعب منع التراخيص للمدارس الجديدة حين تكون الدولة عاجزة عن تقديم البدائل العلمانية اللائقة. 
في إندونيسيا كما في الدول الأخرى التي ينشط فيها السعوديون في الترويج للوهابية، بما في ذلك باكستان وأفغانستان والبوسنة، يؤدي ضعف وفساد الحكومات المركزية إلى خلق أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل الذين يسهل إغواؤهم عن طريق وعود بالحصول على الغذاء مجاناً أو أن يكونوا جزءاً من جيش الله.

دروس كثيرة يمكن استخلاصها من تنامي الأصولية التي تتسبب بتحوّل اندونيسيا. أولها ما يجب أن نكون سبق أن أدركناه وهو طبيعة الحكومة السعودية، القائمة على المكلية المطلقة المدعومة من قبل واحد من أكثر المذاهب الدينية رجعية في العالم. تدفع الحكومة السعودية مبالغ مالية ضخمة لرجال الدين من أجل الترويج لمذهبها المتشدد المعادي للغرب والمسيحية والسامية في الخارج. في المقابل يمتنع رجال الدين عن انتقاد المملكة أو الآلاف من أمرائها الذين يعيشون في مستويات معيشية مرتفعة.

السعوديون الذين تربطهم علاقات وثيقة بالعائلة الحاكمة يقدمون دعماً رئيسياً لجماعات مثل القاعدة وطالبان وداعش. هذه الحقيقة يجب أن تكون ماثلة في أذهاننا كأولوية لدى إعادة النظر في سياستنا تجاه الشرق الأوسط بما في ذلك حين نقرر اذا ما كنا سننحاز للسعوديين في خلافهم الجديد مع جارتهم قطر.

إن نجاح السعودية في إعادة تشكيل إندونيسيا يظهر أهمية خوض معركة فكرية شاملة. كثيرون في واشنطن يعتقدون أن الإنفاق على مشاريع ثقافية وتلك التي تندرج في خانة "القوة الناعمة" هو بمثابة هدر للمال . لكن السعوديين يفكرون على نحو مختلف. فهم ينفقون الأموال والموارد بكثرة من أجل الترويج لوجهة نظرهم ويجب علينا القيام بالمثل.
    
الدرس الثالث من واقع اندونيسيا اليوم مرتبط بضعف الديمقراطية. في عام 1998 مهدت الديكتاتورية العسكرية القمعية في إندونيسيا الطريق لنظام جديد قائم على الانتخابات الحرة التي وعدت بمنح الحريات المدنية والسياسية للجميع. عندها وجد الدعاة، المتشددون الذين كانوا يسجنون في السابق لتأجيجهم الكراهية الدينية، أنفسهم أحراراً في نشر سمومهم. الديمقراطية مكنتهم من استقطاب حشود كبيرة من الذين يؤمنون بعقوبة الموت للمرتدين. أحزابهم السياسية تخوض الانتخابات الديمقراطية من أجل ممارسة حقها في الوصول إلى السلطة ومن ثم سحق الديمقراطية. هذه هي الحقيقة المرّة للذين يظنون أنه يجب أن يكون هناك نظام سياسي واحد لكل البلدان في كل الظروف.


الحملة السعودية لجعل الإسلام متطرفاً على مستوى العالم تظهر أيضاً أن الأحداث التي تهز العالم تحدث ببطء وهدوء في كثير من الأحيان، فالإعلام الذي يركز باهتمام على التقارير اليومية غالباً ما يفتقد للقصص الأعمق والأكثر أهمية. في بعض الأحيان يشير مؤرخو الصحافة إلى الهجرة الكبيرة للأميركيين الأفارقة بعد الحرب العالمية الثانية شمالاً بوصفها قصة معاصرة لم يلتفت إليها سوى قلة من الصحفيين لأنها كانت عبارة عن عملية بطيئة أكثر من كونها حدثاً يومياً.


الأمر نفسه ينطبق على الحملة السعودية الطويلة الأمد لإعادة 1.8 مليار  مسلم في العالم إلى القرن السابع. لا نكاد نلاحظ ذلك لكننا في كل يوم نشعر بآثاره من مومباي إلى مانشستر.  
____________

الاثنين، 12 يونيو 2017

«داعش»... غدر الذاكرة فشل التجربة وعقم الأيديولوجيا

    يونيو 12, 2017   No comments
فؤاد إبراهيم

لم يقدَّر لأحد من الأحياء أن يعيش تجربة التأسيس الأولى للدولة السعودية الوهابية. ولم يقرأ أكثر سكان العالم عنها، ولكن بالتأكيد هناك كثيرون في أرجاء العالم شاهدوا اقترافات مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق ومصر وليبيا والجزيرة العربية وعدد من العواصم الأوروبية. الإعدامات الجماعية، ونحر الرقاب، وقطع الرؤوس، وحرق الأجساد، وجلد الظهور، وقطع الأطراف، وسرقة الممتلكات كغنائم، وفرض الإتاوات، وهدم الأضرحة والقبور والدور، وتحطيم التماثيل والرموز... هذه كلها مشاهد في تجربة التنظيم غير الحكومي الأشد خطورة على السلام العالمي.

يفعل ذلك كله بغطاء شرعي وديني، ويحتمي بسجل من الفتاوى والنصوص الدينية، والسوابق التاريخية التي تبرّر إنزال الرعب وإشاعة الهلع في قلوب من يصنّفهم بالكافرين.
لكن «داعش» ليس نبتة طارئة، بل كما يقول عنها الشيخ السلفي وإمام الحرم الأسبق عادل الكلباني «نبتة سلفية. هي حقيقة يجب أن نواجهها بكل شفافية». وفي ضوء التجربة الوهابية الأولى، يصبح «داعش» امتدادها التاريخي والأيديولوجي.

البغدادي... الرؤية الوهابية

في اليوم الثاني من رمضان لسنة 1435هـ الموافق للأول من يوليو/ تموز لسنة 2014، الموافق لليوم الثاني من إعلانه أميراً للمؤمنين على «الدولة الإسلامية» التي تضم أجزاءً من سوريا والعراق، وجّه أبو بكر البغدادي (إبراهيم بن عواد البدري) «رسالة إلى المجاهدين والأمة الإسلامية» تناول فيها طائفة من المسائل في مقدمتها الجهاد، وطالب بالإبقاء على السلاح مشهوراً: «السلاح السلاح يا جنود الدولة! والنزال النزال! إياكم أن تغترّوا أو تفتروا، واحذروا!». تحدث عن مشروعه الكوني، وقدّم نفسه ودولته باعتبارهما أمل الأمة الإسلامية عامة وفق رؤية كونية تقوم على أساس تقسيم العالم إلى دارين: دار إيمان ودار كفر، بحسب التصوّر الوهابي. خطاب يصدر عن منابذة الآخر، طائفة وفكراً، فرفض مفاهيم «الحضارة والسلام، والتعايش، والحرية، والديمقراطية، والعَلمانية، والبعثية، والقومية، والوطنية». كذلك انتقد «تحكيم القوانين الوضعية الشركية» حسب وصفه، التي تهدف إلى «انسلاخ المسلم عن دينه والكفر بالله» حسب تصوّره العقدي.

يخلص البغدادي بعد الفراغ من عملية تصنيف واسعة النطاق للطوائف والمعتقدات والمفاهيم، إلى أنّ البديل الالزامي هو «دولة الخلافة» التي تضم أطيافاً متنوعة من جنسيات مختلفة «القوقازي والهندي والصيني، والشامي والعراقي واليمني والمصري والمغربي، والأميركي والفرنسي والألماني والأسترالي...»، وهم مقاتلو «داعش» الذين تحوّلوا إلى مواطنين في دولة الخلافة.
هذا العبور للدولة والوطن وحتى الاتحاد القاري، يصدر عن رؤية كلاسيكية نمطية لمفهوم الأمة، الكيان المعياري على أساس عقدي، لا جغرافي، حيث تصبح حدود الأمة مفتوحة ومتمدّدة بحسب حركة انتشار العقيدة. وهذا على وجه الدقّة التجسيد العملاني لقسمة العالم إلى دار إسلام ودار كفر، على طريقة ابن عبد الوهاب في تصنيف الدرعية دار إيمان وما سواها دار كفر.
بعد قيام دولة الخلافة وعاصمتها الموصل، دعا البغدادي المسلمين إلى الهجرة إليها، بما يبطن موقفاً عقدياً من الدول القائمة قاطبة بكونها كافرة. هي رؤية كونية مدغومة في استراتيجية التغيير التي وردت في وصية البغدادي لجنود دولته، وبشّرهم في ختامها: «هذه وصيتي لكم؛ إن التزمتموها: لَتفتحُنّ روما، ولَتملكنّ الأرض».

مأزق النظرية السياسية السلفية

خطبة أبو بكر البغدادي في المسجد الكبير في الموصل أعادت مأزق التنظير السلفي لقبول مبدأ ولاية المتغلب بالشوكة، من خلال دعوته المسلمين عامة لمبايعته وطاعته لمجرد تغلب «داعش» وإقامته للخلافة.
في الوهلة الأولى، قد تبدو خطابات البغدادي وكأنها خلاصة تأملات عميقة في النص الديني، والواقع التاريخي والمعاصر للمسلمين، ولكن ما لبث أن تكشّف تطابق النص والرؤية والموقف مع ما كان لدى الشيخ محمد بن عبد الوهاب والمتحدّرين من خطه الفكري.
يتعمّد البغدادي تكثيف حضور الآية القرآنية، وإن كان يستخدمها في غير محلها أحياناً كالهجرة إلى دولته التي أراد استغلال فقرة «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها...» كدليل على وجوب الهجرة إلى دولته، ما يدلّ على أن معرفة الرجل بتفسير الآيات القرآنية تخضع لعملية أدلجة فارطة، أو ما يسبغ عليه داريوش شايغان سمة «أدلجة المأثور».
يضاف إلى ذلك، تعمّد استخدام عبارة «اتقوا الله» في غير مكان يبدو متكلّفاً مقتفياً سيرة مشايخ الوهابيين في تدجيج الخطاب بالمفردة الدينية، وتلك التي تتضمن عنصر الترويع والتشويق.
أسهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رمي خصومه بضروب التهم مثل السفاهة، والابتداع. بل نجده يمنّ على أهالي الدرعية بالإسلام والهداية على يده: «فالرجل الذي هداكم الله به ـ في إشارة إلى نفسه ـ لهذا إن كنتم صادقين لو يكون أحب إليكم من أموالكم لم يكن كثيراً»، ومثل ذلك رسالته إلى أهل الرياض ومنفوحة: «فاتقوا الله عباد الله ولا تكبروا على ربكم ولا نبيكم، وأحمدوه سبحانه الذي منّ عليكم ويسّر لكم من يعرفّكم بدين نبيكم».
وكان من تلامذة الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ، قاضي بلدة الحلوة، في إقليم نجد، الشيخ حمد بن عتيق (1227 - 1301هـ). وهذا الشيخ العتيق، له رسالة في جواب لمن ناظره في حكم أهل مكة وما يقال في البلد نفسه جاء ما نصه من قوله: «جرت المذاكرة في كون مكة بلد كفر أم بلد إسلام...»، وخلص إلى «أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك، ولا سيما إذا كانوا معادين أهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم، وفي تخريب بلاد الإسلام». وزاد على ذلك بالقول: «بل الظاهر عندنا وعند غيرنا أن شركهم اليوم أعظم من ذلك الزمان» (انظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، فتاوى ورسائل لعلماء نجد الأعلام، مطبعة المنار في مصر، الطبعة الأولى سنة 1928، الجزء الأول، ص 742 – 745).
وكان نموذج الرسائل التي يبعثها أمراء آل سعود منذ الدولة السعودية الأولى يحمل دلالات أيديولوجية واضحة، فالسيف الذي يشهره الأمير يستظلُّ بحزمة مزاعم دينية. وكان نموذج تلك الرسائل ما نصه: «من عبد العزيز إلى قبيلة (..) سلام. واجبكم يدعوكم إلى الإيمان بالكتاب الذي أرسل لكم. لا تكونوا وثنيين كالأتراك الذين يشركون بالله. إذا آمنتم نجوتم، وإلا فسنقاتلكم حتى الموت». وفي رسالة الأمير سعود إلى سكان المدينة المنورة يقول فيها: «إني أبتغي أن تكونوا مسلمين حقيقيين، آمنوا بالله تسلموا وإلا فإني سأقاتلكم حتى الموت» (لويس دوكورانسي، الوهابيون... تاريخ ما أهمله التاريخ، ص ص 62،92).

التكفير محصلة الهجرة والجهاد

ولفهم خطاب «داعش البغدادي»، يتموضع مفهوما الهجرة والجهاد في صميم الأيديولوجية الداعشية، وهما مفهومان دينيان وتاريخيان. فالهجرة تصدق فحسب على هجرة مسلمين من دار شرك وكفر إلى دار توحيد وإيمان، وبالتالي فإن فحوى دعوة البغدادي بوجوب الهجرة إلى دولته إنما تبطن موقفاً عقدياً وحكماً بكفر كل من هم خارج دولته الإسلامية، أو من يرفض الالتحاق بها طوعاً أو كرهاً. وبالعودة إلى أدبيات «داعش» التي تتقاطع فيها مع «القاعدة» يظهر بوضوح الموقف من الدول القائمة في العالم الاسلامي.
لفهم أعمق للعلاقة بين التكفير والهجرة والجهاد، يربط عبد المنعم مصطفى حليمة في كتابه «الهجرة... مسائل وأحكام» المنشور في 9 ديسمبر 2001، بين الهجرة والجهاد، وهما خطّان متوازيان «فمن أراد أن يُحيي فريضة الجهاد لا بد له أولاً من أن يُحيي في نفسه فريضة الهجرة والتمايز إلى الله ورسوله». والهجرة لا تكون إلا من بلاد شرك إلى بلاد إيمان، وهذا يعني أن المهاجر حسم موقفه العقدي من المجتمع الذي هاجر منه، إن كان مجتمعاً مسلماً أو كافراً، وإلا ما هاجر منه. ولذلك فإن الكاتب يضع استثناءً مقصوداً «وهذا لا يعني ضرورة انعدام الاحتكاك أو الاتصال بالتجمعات الجاهلية المعاصرة المحيطة بالدعوة بقدر ما تقتضيه الضرورة والمصلحة أو السياسة الشرعية...». وإن كان يشدد على العزلة الشعورية والهجرة الباطنة «عن كل ما يمت للجاهلية من صلة».
فالهجرة شرعاً بحسب تعريفه هي «الخروج في سبيل الله من دار الكفر إلى دار الإسلام، ومن دارٍ شديد الفتنة إلى دارٍ أقل منه فتنة». والهجرة نوعان: مكانية مرتبطة بالخروج والانتقال من أرض الكفر إلى أرض الإسلام، وهذا ما دعا إليه أبو بكر البغدادي في خطاب التتويج بإمرة المؤمنين! وهجرة الذنوب والمعاصي والآثام. والهجرة المكانية واجبة، لأن الله نهى عن «الإقامة بين أظهر المشركين».
وسوف يظهر كم مثّلت تجربة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تجسيد مشروع الخلافة الإسلامية في منتصف القرن الثامن عشر النموذج المعياري الذي تحوّل إلى مصدر إلهام لكل التنظيمات السلفية التي ظهرت في طول التجارب السعودية الثلاث، وكذلك التنظيمات الجهادية التي تعتنق الوهابية طريقة ونهجاً.
فكان انتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب من قرية العيينة إلى قرية الدرعية وسط نجد في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تجسيداً لمفهوم الهجرة وإيذاناً بإقامة «دار هجرة وإسلام» تكون مقدّمة تمهيدية لإقامة الخلافة الإسلامية. ويشرح الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، حفيد ابن عبد الوهاب، هذا المفهوم على النحو الآتي: «ما يجب معرفته أنه حيثما ساد الظلم والعصيان، فإن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالهجرة من أجل حفظ هذا الدين وصون أرواح المؤمنين ضد الشرور. فلا تخالط أهل الضلال والعصيان، حيث يتم تمييز أهل العدل والإيمان من طائفة الفساد والعدوان، وحينئذ ترتفع راية الإسلام. فبدون هجرة لا تقوم لهذا الدين من قائمة ولا يعبد الله، ومن المستحيل بدون هجرة أن يجحد بالشرك والظلم والشر».
في النتائج، إن عديداً من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب هاجر إلى الدار الجديدة والانضمام إلى المجتمع الناشئ من المؤمنين، فتمّ تنظيم وتالياً تجريد الحملات العسكرية ضد المناطق المجاورة المنضوية تحت تصنيف دار الحرب.
في سنة 1216هـ. غزا عبد العزيز بن سعود العراق، وأناخ على كربلاء فقتل أكثر أهلها، ونهب البلد، ويعلّق البصري بما نصّه: «حتى يقال إنه ما غنم ابن سعود في مدة ملكه بعد خزائن المدينة المنورة أكثر من غنائم كربلاء من الجواهر والحلي والنقد، ثم قفل إلى نجد متبجّحاً بما فعله من سفك دماء...» (انظر: الشيخ عثمان بن محمد بن أحمد بن سند البصري، مطالع السعود بأخبار الوالي داود، اختصار أمين الحلواني، نسخة مقتطعة من كتابة خزانة التواريخ النجدية، جمع وترتيب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، ص 283 – 283).
وفي سنة 1223 هـ. أمر السلطان العثماني محمود، والي مصر محمد علي باشا، أن يجهّز جيشاً لإزالة الوهابية بقيادة الأمير فيصل بن سعود بعدما استولى على الحرمين، ونهب جميع ما في الحجرة النبوية من الذخائر والجواهر، ومنعه حجّاج مصر والشام من أداء الفريضة باعتبارهم مشركين فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا (البصري، المصدر السابق، ص 295 – 296).

«إخوان من طاع الله» و«داعش»

وقائع التجربة التأسيسية لمشروع الدولة الدينية الوهابية مقاربة بتجربة «داعش» في المناطق الخاضعة تحت سيطرته من قتل جماعي، ومصادرة للممتلكات، وهدم للآثار، وتحطيم للقبور والرموز والأضرحة والقباب والتماثيل وغيرها، تظهر في النتائج أننا أمام تجربة إحيائية جديدة حاولت تجسيد ما عجرت تجارب تصحيح مسار الدولة السعودية التي يعتقد كثيرون من أتباعها بانحرافه عن تعاليم الوهابية المؤسّسة، وأخفقت في حفظ نقاوة المشروع الوهابي العابر للحدود بإلغائها لفريضة الجهاد، وفي التعامل مع بقية المسلمين بأنهم مشركون، بالرغم من أن الدولة السعودية ما قامت إلا على هذه التصوّرات العقدية.
جرت محاولة أخرى لإعادة التجربة الإحيائية الوهابية في وقت لاحق، على قاعدة استدراك أخطاء التجارب السابقة منها انحراف أهل الحكم عن المبدأ الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى، وهو ما ذكّر به الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة إلى الأمير فيصل بن تركي، من أمراء الدولة السعودية الثانية: «وأهل الإسلام ما صالوا على من عاداهم، إلا بسيف النبوة، وسلطانها، وخصوصاً دولتكم، فإنها ما قامت إلا بهذا الدين...) (الدرر السنية في الأجوبة النجدية، الجزء 14 ص 70).
وكانت تجربة «إخوان من طاع الله»، وهم الجيش العقائدي الذي أنشأه عبد العزيز آل سعود، والد الملك الحالي، على فكرة إعادة إحياء المجتمع الوهابي النقي، الذي يتطلع لأن يستعيد تجربة الإخوان الأوائل الذي تحلّقوا حول الشيخ المؤسسس محمد بن عبد الوهاب. وحين سيطرة عبد العزيز على الرياض عام 1902، قرر التمدّد خارج نجد، وتحديداً باتجاه السيطرة على الأحساء سنة 1912، استعان بجيش الإخوان، الذي اكتشف بأسهم وشراستهم في القتال، فعاد معهم من الاحساء إماماً بعد أن كان قائداً عسكرياً.
تعزّز لدى «الإخوان» حلم إحياء الدولة الدينية التي تقوم على الجهاد في الأرض وتتمدد في كل اتجاه يمكن أن تصل إليه راية التوحيد والجهاد. فكان عبد العزيز يرسلهم إلى المناطق للسيطرة عليها، ويكون ذلك في الغالب بارتكاب المجازر والقيام بأعمال السلب والنهب وتخريب الممتلكات وسفك الدم، وما تقوم به «القاعدة» و«داعش» ليس إلا تكراراً حتى في التفاصيل، كالذبح وقطع الرؤوس مثلاً.
نجح عبد العزيز في توظيف «إخوان من طاع الله» في مشروع دولة لأسرته، ولكنّ التناقض بين مشروعه السياسي المدعوم بريطانياً تجابه في لحظة ما مع مشروع الفتح الوهابي، فكانت معركة السبله في 1929 فاصلة لناحية إنهاء الرابطة بين مشروعي الدولة والعقيدة الوهابية التي تحوّلت إلى إيديولوجية مشرعنة للدولة وليست مسيّرة لها.
محاولات تصويب مسار الدولة السعودية باءت بالفشل (الجماعات السلفية المحتسبة، تيار الصحوة، قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية). وجاء تنظيم «داعش» كمشروع سياسي/ ديني ينتمي إلى الوهابية عقيدة ومشروعاً سياسياً فوق قطري وفوق قومي، ليجدد إحياء الحلم الوهابي بالعودة إلى تعاليم الجيل المؤسس ومشروعه. ما كانت تخشاه السعودية هو أن مشروع «داعش» ينشأ ويترعرع خارج حدودها وخارج سيطرتها وقد تغذيه في مقارعة خصومها، ولكن لا يعني أن «داعش» يتخلى عن مشروعه الأصلي في تجسيد حلم الوهابية الأول.
الأخطر من وجهة نظر آل سعود، أن «داعش» هدّد مشروعية الدولة السعودية، تلك المشروعية القائمة على الامتثال الأمين لتعاليم مؤسس المذهب الوهابي، ولعقيدة التوحيد ومنظومة المبادئ الدينية التي قامت عليها الدولة السعودية.
وفيما تتآكل أطراف «الدولة» على وقع انهيارات تحصيناتها ومراكزها المنيعة، مع تقدّم القوات العراقية والسورية في استرجاع ما وقع تحت سيطرة التنظيم، فإن التحدّي الذي سيبرز تالياً هو مآل الأيديولوجية المسؤولة عن تشكيل التنظيم وشرعنته وانتشاره. فهل يعود إلى مرحلة ما قبل «الدولة» على غرار الوهابية في لحظة ظهورها الأول، حين كانت قائمة على ثالوث التكفير والهجرة والجهاد قبل أن تؤتي ثمرتها في إعلان المملكة السعودية سنة 1932، أم تتحوّل الى تنظيم إرهابي جوّال، يطوف بانتحارييه عواصم العالم، ويضرب حيث يثبت وجوده على قيد الحياة، وعليه، يصبح نموذجاً مشوّهاً لجماعة فوضوية (anarchists) تخرج على الدولة ليس على أساس مقاومة محوريتها، بوصفها أداة لحماية المنتجين الكبار وسعياً إلى الحفاظ على الملكية الفردية، بل الانخراط في مهمة تخريبية للدولة بكامل حمولتها، بوصفها رجساً من عمل الشيطان لا بد من اجتنابه.
_______
مقالات «الأخبار»

الأربعاء، 31 مايو 2017

ما هي أسباب الغضب السعودي على قطر؟

    مايو 31, 2017   No comments
قاسم عزالدين
 
الصراع السعودي ــ الإماراتي مع قطر، ينفجر على إثر المراهنة السعودية على دونالد ترامب بكل ممتلكاتها وديونها اللاحقة للانتقام من إيران والمقاومة. لكن قطر تحاول مع تركيا وبعض اللوبيات الأميركية ضمانة رأسها ببعض المرونة. وبينما يتنبأ كثيرون في قراءة خيارات قطر للخروج من الأزمة، قد لا يكون بمتناول السعودية غير الانتقال من أزمة إلى أخرى.
تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية
تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية
في البدء سرت قناعة راسخة بين معظم دول الخليج وخبراء عرب في الغرب، أن 99% من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط هي في يد أميركا على ما أفصح الرئيس أنور السادات عشية دخوله في "سلام الشجعان". وبينما تطمئن السعودية إلى ما تسميه "الشراكة الاستراتيجية" في الحماية الأميركية القديمة مقابل النفط، راحت قطر والإمارات تُنسج "شراكاتها" الخاصة عبر لوبيات قوى الضغط الغربية والأميركية المؤثرة في القرار والأحداث السياسية، مقابل الدعم المالي.

تتعاقد قطر مع أربع شركات أميركية تتكفل بإدارة حملتها الاعلامية وتنظيم ورش العمل والدراسات والاتصالات وغيرها وهي بمجملها تضم متقاعدين من الجيش والإدارة السياسية و المحامين والمستثمرين .... لهم صلات وثيقة بصناعة القرار أو التأثير به بحسب التركيبة الاميركية القائمة على ضغط اللوبيات والمصالح المتبادلة أو المتعارضة فيما بينها.

بحسب الأرقام التي تثيرها شركات ضغط إماراتية، تتجاوز نفقات العلاقات العامة القطرية 3 مليارات دولار سنوياً، تستفيد منها شركة "بورتلاند" للعلاقات العامة ومجموعة "جالاجر". وكذلك شركة "سكوين باتون بوجز" بعقد قيمته 332 ألف دولار سنوياً، بحسب تصريح وزارة الخزانة الأميركية. وأيضاً شركة "ليفبيك" للاتصالات الاستراتيجية بعقد سنوي قيمته 188 ألف دولار، وشركة "ميركيوري" للشؤون العامة بعقد يبلغ 155 ألف دولار في السنة.

تستثمر قطر في الولايات المتحدة حوالي 46 مليار دولار منها استثمار في مشروع "مانهاتن غرب" بحوالي 8,6 مليار دولار. وفق موقع "ميمري" اليميني الذي تدعمه الإمارات بين مروحة واسعة من وسائل الإعلام والاتصالات الداعمة لترامب. لكنها تستثمر أيضاً في شركات إعلامية  بينها مشاركة في ملكية صحيفة "هافتنغون بوست" التي نشرت تقرير اللوبي الإماراتي ودور السفير يوسف العتيبي في واشنطن. وتدعم كذلك مؤسسات دراسات وأبحاث أميركية مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" التي تنظم ندوات وورش عمل يشارك فيها مؤثرون مثل روبير غايتس وجوناثان شانزر وكثيرون.

مقابل هذه الانجازات القطرية في أميركا التي حملت حملة إيران وسوريا والمقاومة طيلة السنوات الماضية، ذهبت الامارات في الاتجاه نفسه مع شركات إعلامية ومراكز أبحاث ولوبيات محامين ومستثمرين، بحسب تقرير "هافتنغتون بوست". فالتقرير يؤكد الدعم الاماراتي لمراكز أميركية عديدة منها مركز التقدم الأميركي ومركز الدراسات الدولية والاستراتيجية. وكذلك بعض الصحف الكبرى مثل وول ستريت جورنال وفورين بوليسي وغيرها. كما يؤكد أيضاَ الدعم الاماراتي لما يُعرف  بقوى "ثينك تانكس" التي يدير إحداها المبعوث الاميركي الاسبق إلى الشرق الأوسط "دونيس روس". وهي التي وصلت إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الذ عيّنه ترامب "مايك بومبيو" الذي دعم قانون حظر الأخوان المسلمين في الكونغرس الأميركي. فضلا عن نشاطات " رمز السخاء على السياسيين" يوسف العتيبة في أوتيل "فيرمونت" بحسب تعبير التقرير.

لم ينفجر الصراع القطري ــ الاماراتي على الرغم من تصادم المصالح والنفوذ في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا أيضاً إلى حد ما. فالسعودية لعبت دور ضابط الايقاع تحت سقف الأولوية المشتركة في مواجهة إيران و"الأذرع الإيرانية في الدول العربية". وقد ضبطت السعودية الخلاف الاماراتي ــ القطري حين كاد ينفجر بين الطرفين إثر تمدد تركيا في قطر منذ العام 2014، ثم إنشاء "مجلس التعاون الاستراتيجي التركي ــ القطري". لكن المراهنة السعودية على ترامب في الذهاب إلى أولوية مواجهة إيران و"أذرعها"، غيّر المعطيات السعودية القابلة لغض الطرف عن بعض التناقضات في حديقتها الخلفية. فهي ترمي بجل الثروات المنظورة والمستقبلية في جيب ترامب بما يتجاوز مبلغ 380 مليار دورلار الذي جرى الإعلان عنه، تعويلاً على رهان مغامرة قسوى أقرب إلى المقامرة. وفي هذا الأمر تصطدم بعمق مع قطر التي دعمت حملة هيلاري كلينتون ولا تزال تعتقد أن الرئيس الأميركي سينتهي به المطاف خارج الحكم في السنة المقبلة، على غرار فضيحة "ووترغيت".

بالمقارنة مع أزمة السعودية في مراهنتها بكل الممتلكات والديون المقبلة على ترامب، تبدو أزمة قطر في انفجار الصراع مع الامارات والرياض أقل من مأزق عنق الزجاجة. فهي يمكنها أن تسلك خط المرونة مع إيران وفق المسلك التركي وعلى إيقاعه الذي لا يذهب بعيداً ربما "في تعزيز العلاقات التاريخية العريقة" كما وعد الأمير القطري في مكالمته مع الرئيس حسن روحاني. وهي إذ تعتمد على التدخل العسكري التركي مقابل محاولة التدخل العسكري السعودي ــ الاماراتي إذا وصلت التداعيات إلى الانتقام. كما تعتمد قطر على ضعف ترامب في موازين القوى الأميركية للجمه عن التفكير بنقل قاعدة العديد الاميركية. وإذا احتاج الأمر يمكن استرضاء ترامب ب35 مليار دولار عرضها الأمير القطري على ترامب بحسب موقع "ميمري". فالسؤال الذي يطرح على قطر ماذا عساها فاعلة تجاه التوتر مع السعودية، ربما يكون معكوساً وهل تركت السعودية في يدها ورقة لم تحرقها؟

الخميس، 18 مايو 2017

العقيدة القتالية العسكرية السعودية: حماية العائلة الحاكمة اولا... ثم الوطن

    مايو 18, 2017   No comments
واشنطن: القوات السعودية ضعيفة ومفككة
علي مراد

منذ 1945 تشرف بعثة عسكرية أميركية على تدريب جنود سعوديين وتقدم خدمات استشارية

برز سعي سعودي واضح، خلال العقد الأخير، للانتقال من موقع الدولة التي تخوض حروباً بالوكالة، إلى أخرى «غير معهودة» تسعى إلى تحقيق أهدافها بالانخراط في حروب مباشرة. المفارقة أن محمد بن سلمان يخرج ليهدد بنقل المعركة إلى قلب إيران بعد أكثر من عامين على «عدوان فاشل» مستمر يشنّه على اليمن. يستدعي كل ذلك إضاءة على عقيدة القوات المسلحة السعودية وواقعها، على الأقل، وفق ما ينشره الأميركيون في دراساتهم وتقاريرهم بعد تجربة تدريبهم العسكري للسعوديين منذ عام 1953

تختلف مكونات العقائد العسكرية للجيوش النظامية للدول باختلاف الأولويات وطبيعة الحكم والنظام في أي دولة، لكن تبقى المصادر التي تصاغ منها العقيدة العسكرية لأي جيش هي نفسها تقريباً. ومنها: العقيدة الشاملة للدولة، والدروس المستفادة من الماضي، والاستراتيجية العسكرية للدولة، بالإضافة إلى التطور التقني.

في حالة السعودية، يلخص العقيدة الشاملة للدولة شعار يبدأ تلقينه للطفل في الصفوف الابتدائية ويرسخ في ذهن العامة: «الله، الملك، الوطن». وبعيداً عن تفضيل الأنظمة الخليجية بعضها على بعض، فإنه من باب المفارقة، أن غالبيتها (كما الكويت وقطر) صاغت شعارها مقدمة «الوطن» على «الأمير»، أي: «الله، الوطن، الأمير». هنا تبدأ الخطوة الأولى في عملية تقديم مصلحة الحاكم على الوطن، وعلى أساس هذه القاعدة، تُبنى المهمة الرئيسية للقوات المسلحة الموكل إليها أساساً حماية الدولة.
إذا درست التجارب الماضية لحروب المملكة السعودية الثالثة المعاصرة، التي أعلنت عام 1932، سنجد أنها اعتمدت أساساً على التأثير العسكري لـ«الميليشيات» منذ بداية سيطرة عبد العزيز على مناطق الجزيرة العربية مطلع القرن الفائت، وصولاً إلى مطلع الثلاثينيات. وعلى مدى العقود التي تلت التأسيس، لم يكن للمملكة أي تجارب يمكن الركون إليها في تقييم الأداء العسكري لجيشها النظامي، عدا الحرب اليمنية بداية الستينيات، التي دفعتها إلى مشاركة جزئية متواضعة عبر «حرسها الوطني»، وكان الاعتماد الأساسي آنذاك على الدعم المالي والتسليحي لحكم «المملكة المتوكلية» في تحقيق النتائج.
إذاً، لم تخض الرياض حروباً مباشرة في السبعينيات والثمانينيات، ومع اجتياح صدام حسين الكويت عام 1990 وتهديده السعودية بعد أشهر من ذلك، قدّم الملك فهد طلباً رسمياً إلى الولايات المتحدة بأن تأتي بجنودها إلى «بلاد الحرمين» لتحمي نظامه من الخطر. لم يكن للسعوديين أي جيش نظامي يمكن الركون إليه، لكن الأميركيين تبرّعوا آنذاك بالترويج لبطولات وهمية للقوات البرية السعودية في «معركة الخفجي»، أملاً في امتصاص رد الفعل الشعبي الرافض لوجود قوات «المارينز» على «أرض جزيرة العرب».
لاحقاً، برز ضعف العقيدة القتالية السعودية في «حرب صعدة» مع حركة «أنصار الله» في اليمن عام 2009، إذ سيطرت الأخيرة على قرابة 50 موقعاً داخل المملكة، عدا مقتل وفقدان العشرات من الجنود في المعارك وتركهم ـــ كما الآن ـــ آلياتهم العسكرية والهرب. أما عن الحرب الأخيرة المستمرة، التي تشنها السعودية منذ آذار 2015، فيمكن القول إن الضعف الكامن في القوات البرية تجلى في أكثر من صورة، منها الاضطرار إلى استقدام مرتزقة للقتال بالنيابة، إضافة إلى الإخفاق والفشل في التقدم على الجبهات المتاخمة للحدود وفقدان السيطرة على مواقع وقرى رغم دعم سلاح الجو المتفوق.


أما عن الاستراتيجية العسكرية للدولة، فتغيب فيها سعودياً محددات تمثّل الحد الأدنى المطلوب توفره في الجيوش النظامية، بل إن استراتيجية الرياض كانت ولا تزال تعتمد على الوكيل (مثل تنظيمات مسلحة ذات أيديولوجيا وهابية) في إنجاز المهمات، كذلك لم يكن لدى قادة السعودية يوماً أي نية لتطوير أسلحة محلياً رغم توافر المال والمواد الأولية، بل إن التطور التقني الغربي له سوقه المربحة في الرياض. وهنا تغيب العلاقة العاطفية المطلوبة في العقيدة القتالية للجندي بسلاحه المنتج وطنياً حين يستعمله في معاركه، بالإضافة إلى الأثر السلبي للاعتماد على الأجنبي في تأمين التسليح.

واشنطن وكيلة التدريب

بعدما هزم عبد العزيز آل سعود ميليشيات «إخوان من طاع الله» في آذار 1929 ـــ مدعوماً بسلاح الجو البريطاني ــ بحث تشكيل قوات تكون نواة جيشه النظامي بعد أن تعترف دول العالم بمملكته. فتدرّج في تسميته الإدارة المنوط بها تشكيل هذه القوة، ولم تظهر بوادر تشكّل «جيش نظامي» حتى أوائل الثلاثينيات، مع تأسيس ما سمي «مديرية الأمور العسكرية»، وبعد إعلان تأسيس المملكة بسبع سنوات، تأسست «رئاسة الأركان» عام 1939، وصولاً إلى 10 تشرين الثاني 1943، تاريخ تأسيس وزارة الدفاع. ثم في اللقاء الشهير بين روزفلت وعبد العزيز في شباط 1945، طلب الأخير من الأول أن يرسل بعثة عسكرية أميركية لتشرف على تدريب جنوده.
أرسلت واشنطن عدداً من ضباطها وعسكرييها لاستكشاف المطلوب، وعام 1949 تم تعيين الجنرال ريتشارد أوكيفي أول مسؤول لبعثة التدريب الأميركية، التي لم تبدأ عملها رسمياً إلا بعد أربع سنوات، وذلك بعد توقيع الطرفين ما سُمي «اتفاقية التعاون العسكري المشترك» عام 1951. وفي 27 حزيران 1953، أعلن بدء «بعثة التدريب العسكري الأميركية ـــ USMTM» مهماتها في السعودية، واتخذت مقراً لها في الظهران، ثم انتقلت إلى مقرها الحالي في الرياض في ما يسمى «قرية الإسكان». وتقول البعثة على موقعها على الإنترنت: «إن مهمتنا هي تعزيز الأمن القومي الأميركي ببناء قدرات القوات المسلحة السعودية للدفاع عن مصالحنا المشتركة في منطقة الشرق الأوسط».
في 8 شباط 1977، تم توقيع اتفاقية جديدة تحكم عمل بعثة التدريب حتى اليوم، وفي بندها الثالث لم يُحدد عدد الجنود والضباط الأميركيين الذين يُرسلون للانضمام إلى البعثة، بل تُرك الأمر لوزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان السعودية لتحديد العديد وفق الحاجة وبالتشاور مع البنتاغون. كذلك، يشرح البند الخامس من الاتفاقية مهمات البعثة ووظيفتها، فهي مسؤولة عن تقديم خدمات استشارية في «التخطيط، التنظيم، التدريب، الدعم اللوجستي والتسليح»، كما أعطيت البعثة امتياز طلب شحنات السلاح للسعوديين ضمن ما يُسمى «برنامج المبيعات العسكرية».
وفي البند السادس، تم ترسيخ مبدأ تحصين المعلومات التي تمتلكها البعثة والضباط الأميركيون عن هيكلة القوات المسلحة السعودية وأدائها، وتعهدت واشنطن بموجب هذا البند إلزام ضباطها (حتى بعد تقاعدهم) بمنع الإفصاح عن أي تفاصيل حول طبيعة عمل البعثة وأسرار القطاع العسكري السعودي. وبالفعل، قلما تتوفر معلومات في هذا الشأن في الكتب والأبحاث الأميركية. أما البند السابع، فقضى بتعهد السعوديين إعفاء العسكريين الأميركيين من أعضاء البعثة من الرسوم الجمركية والضرائب، فيما ألزم «التاسع» السعوديين تقديم المساكن اللائقة بأعضاء البعثة وتحمل تكاليف «خدمات النقل والغذاء وخدمات الترفيه والأثاث والطبابة»، والسماح للطائرات العسكرية الأميركية بالهبوط والإقلاع من المطارات المدنية والعسكرية السعودية من دون أي رسوم مالية.
عقب حرب الخليج الثانية عام 1991 وتحرير الكويت، حاول الأميركيون تعديل الاتفاقية مع السعوديين لإنشاء المزيد من القواعد العسكرية ومضاعفة وجودهم على أراضي المملكة، لكن النظام السعودي كان يواجه آنذاك رفض التيار الديني «الصحوي» الوجود الأميركي المتصاعد وحالة من المعارضة الشعبية على الأرض، ما أعاد الاتفاق إلى ما كان عليه عام 1977، وعقب هجمات 11 أيلول 2001، توترت العلاقة بين واشنطن والرياض وأثّر هذا في بعثة التدريب الأميركية، لكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها بين الطرفين.

نقاط الضعف

تواجه المملكة صعوبة في التجنيد والحفاظ على قوى مؤهّلة للخدمة

تسرّب قبل أعوام تقرير عسكري أميركي سري معدّ عام 2008، صادر عن «وحدة النشاط الاستخباري التابعة لقوات مشاة البحرية الأميركية» ، هو دليل للعسكريين الأميركيين الذين يُرسلون إلى السعودية ضمن بعثة USMTM، ويشرح الدليل للعسكري الأميركي كل شيء تقريباً عن السعودية (تاريخها، جغرافيتها، مجتمعها، قواتها المسلحة... إلخ)، وفيه شرح لوظيفة كل قطاع عسكري سعودي، مضيفاً أنه يقدّر عديد القوات بمئتي ألف جندي في الخدمة، وما يقارب عشرين ألفاً في الاحتياط، وخمسة عشر ألفاًَ شبه عسكري. أما القوات التابعة لوزارة الدفاع، فهي: الملكية البرية، الملكية البحرية، الملكية الجوية، قوات الدفاع الجوي و«الحرس الوطني» التي تتبع وزارة بالاسم نفسه حالياً. كما يوجد حديث عن مشكلة مزمنة في ترغيب الشباب السعوديين في التطوع للقوات البرية، لذلك تخصص رواتب عالية وعلاوات ومكافآت خاصة.
يذكر التقرير أنه رغم وجود قاعدة سكانية كبيرة (كافية لضمان استمرارية رفد الجيش)، وجاذبية المحفّزات المادية، تواجه المملكة صعوبة في عملية التجنيد والحفاظ على ما يكفي من القوى العاملة المؤهّلة للخدمة. يفسر التقرير ذلك بأن «الخدمة العسكرية ليست جذابة لمعظم السعوديين (الذين يعيشون في دولة الرعاية الاجتماعية)، ولأن المجنّدين في أحيان كثيرة ليس لديهم القدرة أو الدافع لتشغيل وصيانة ترسانة السلاح التابعة للقوات البرية، ونتيجة لذلك، تضطر قيادة (الأخيرة) إلى الاعتماد على العسكريين الأجانب والموظفين المدنيين لأداء مجموعة متنوعة من الوظائف من خدمة وصيانة منظومات الأسلحة، إلى عمليات طلب قطع الغيار واللوازم».
أما عن «الجوية»، فيذكر التقرير أنه دوماً كانت مهمة سلاح الجو دفاعية في الماضي، مع محاولات اكتساب مهارات الهجوم، كما «تظهر القوة الجوية السعودية ضعفاً على مستوى التخطيط الاستراتيجي العملياتي في الجو وتنفيذ الخطط على مستوى السرب، مع خلل في مستوى التواصل الذي يحرص السعوديون على جعله مركزياً، فينتج ضعف بنيوي في الاتصالات المشتركة خلال العمليات، بالإضافة إلى امتلاك الطيارين السعوديين خبرة قليلة في العمليات الهجومية، لذلك تلجأ قيادة القوة الجوية على نحو مفرط إلى الدعم التقني الأجنبي والموظفين لإدارة العمليات القتالية وضمان تنفيذها».
وعلى صعيد القوات البحرية، يذكر التقرير أن القيادة السعودية سعت دوماً إلى تطويرها، ولا سيما الأسطول الشرقي، لمواجهة «خطر البحرية الإيرانية»، التي تفوقها خبرة وقوة، لكن يخلص الاستنتاج إلى أن «البحرية» كما باقي القوات «غير مستعدة للتعامل مع اقتناء سفن وتكنولوجيا جديدة، ولا تزال تعتمد على المقاول الأجنبي لضمان صيانة الأسطول والخدمات اللوجستية».
أيضاً، في تقرير الأميركيين شرح لهيكلية وتسليح «الحرس الوطني» الذي من المفترض أن مهمته هي حماية العائلة المالكة والمنشآت النفطية، لكنه ينخرط في مهمات حفظ النظام وقمع النشاط المعارض في الداخل. وفي التقرير، يحظى هذا الحرس ببرنامج تدريب خاص به منفصل عن القوات المسلحة التي تتبع وزارة الدفاع، ويتشكل ربع عديده تقريباً من «الأفواج القبلية» التي تعد حوالى 25,000 عنصر، وهم لا يراجعون مراكز «الحرس الوطني» إلا مرة واحدة في الشهر لقبض رواتبهم... «لكنهم غير مدربين تدريباً جيداً أو مجهّزون، وإنما يستخدمون كوسيلة لدعم الإعانات المدفوعة للشيوخ المحليين للحفاظ على ولاء قبائلهم».

الأمس واليوم شبيهان

بجانب ذلك، صدر أكثر من تقرير أعده أكاديميون وباحثون أميركيون في رصد واقع القوات السعودية. فعام 2002، أصدر «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ـــ CSIS»، الذي يتبع للمحافظين الجدد بحثاً حمل عنوان «المملكة العربية السعودية تدخل القرن الحادي والعشرين: البعد العسكري والأمن الداخلي» للباحث أنطوني كوردسمان، وتناول بالمعلومات والأرقام هيكلية القوات السعودية وواقعها. وفيما يتكرر في هذا البحث أغلب ما ورد في تقرير مشاة البحرية الأميركية، فإنه يضيف بعض التفاصيل في مسألة نقاط الضعف لكل قطاع عسكري. مثلاً، يقول كوردسمان إن «سلاح الجو السعودي فشل في تحسين تدريبه وتنظيمه على مستوى القيادة الوسطى والعليا، والعمليات المشتركة في أي شيء من المعدل المطلوب، وهو فشل خطير، إن لم يكن مبرراً».

لا علاقة عاطفية للجندي السعودي مع سلاحه المنتج أجنبياً

وفي معرض حديثه عن القوات البرية، يقول الباحث إن «الحرس الوطني قلما يتعاون على أرض الواقع مع القوات النظامية ووزارة الدفاع، ويقتصر التواصل على اجتماع رمزي واحد في الشهر بينهما، ولا توجد تدريبات مشتركة ذات مغزى مع الجيش النظامي والقوات الجوية، ولم يكن هناك أي جهد لتطوير مفهوم مشترك للعمليات أو لمعرفة هل يمكن لقوات الدفاع الجوي أن تدعم الحرس الوطني في بعض الحالات الطارئة».
يضيف كوردسمان أن «الحرس والقوات النظامية يستخدمان أنظمة اتصالات مختلفة، ولا توجد خطط مشتركة للحرب، ويتطلب أي تعاون مشترك إرسال ضباط اتصال إلى هيئة الأركان للتنسيق». كما يشير إلى أن «الحرس لا يولي أي اهتمام كبير بدول مجلس التعاون الخليجي وقواتها المسلحة، وينظر قادته باحتقار إلى الجيش السعودي النظامي والقوات البرية الخليجية الأخرى، وهم يميلون إلى اعتبار القوات المصرية والأردنية كمثال على الكفاءة العربية». ويختم البحث بتوصيات للقيادة السعودية يقول فيها إن الرياض بالغت كثيراً في إيلاء الاهتمام بعامل «التباهي» بما تشتريه من أسلحة متطورة ومتفوقة على جيرانها، لكن عليها أن تنتبه إلى أن إهمال برامج الإعداد التشغيلي للعنصر البشري والركون إلى المزيد من صفقات السلاح من شأنه أن يعزز حالة الفساد والمحسوبية، ويأتي بآثار سلبية على مستقبل السعودية.
لعل الخلاصة التي صاغها كوردسمان قبل 15 عاماً في عهد وزير الدفاع السعودي آنذاك، سلطان بن عبد العزيز، لا تزال تصلح اليوم في عهد ولي ولي العهد وزير الدفاع الحالي، محمد بن سلمان، فعقدة السعي إلى التفوق على الجيران والتباهي الفارغ من القوة تلازم القيادة السعودية باختلاف وجوهها، وربما تكمن المشكلة في طريقة التفكير والعقد النفسية التاريخية التي ترفض الاعتراف بالواقع وتصرّ على رفضها حقائق الأمور من حولها.

كلابر: لا توقع أكثر مما رأيناه من هذه القوات

خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي مع قادة أجهزة الاستخبارات في البلاد، سألت اللجنة مدير الاستخبارات آنذاك الجنرال جيمس كلابر، حول أن السعودية والإمارات تطرحان خيار إرسال قواتهما البرية إلى سوريا لقتال تنظيم «داعش».
وجاء السؤال خلال الجلسة التي عقدت في 9 شباط 2016، بصورة واضحة: «ما هو تقييمك لأداء قوات كل منهما؟»، ليجيب كلابر: «من الأداء الذي رأيناه لقوات كلا البلدين في اليمن حتى الآن، لا أعتقد أن بالإمكان توقع أكثر مما رأيناه من هذه القوات... مع أفضلية بسيطة للقوات الخاصة الإماراتية على السعودية، ولا سيما أن قدرات الأخيرة محدودة».

الأربعاء، 3 مايو 2017

عقيدة التكفير ترتد على معتنقيها ومسايريها: يمهل ولا يهمل

    مايو 03, 2017   No comments
«حرب الوجود» في الغوطة: النار تلتهم «الإخوة الأعداء»

 صهيب عنجريني

الاقتتال الذي تشهده الغوطة الشرقيّة بين «جيش الإسلام» من جهة، وكل من «فيلق الرّحمن» و«جبهة النصرة/ فتح الشّام» ليس عابراً ولا يمكنه أن يكون. وليست معارك الأيّام الأخيرة بين الفريقين سوى جولات جديدة في سياق «معركة هيمنة ووجود» تعود جذورها إلى سنواتٍ خلت، وتُغذّيها خلافات «منهجيّة عقائديّة» تستندُ بدورها إلى ارتباطات إقليميّة.

يُعدّ «جيش الإسلام» ممثلاً لـ«وهابية سوريّة» تعزّز حضورها في خلال السنوات الأخيرة بفضل الحرب، فيما يرتبط «فيلق الرحمن» بشكل غير معلنٍ رسميّاً بجماعة «الإخوان المسلمين». أمّا «النصرة»، فـ«الفرع السوري لتنظيم القاعدة» من دون أن يغيّر «فك الارتباط» من حقيقة الأمر شيئاً. بطبيعة الحال يرتبط «جيش الإسلام» ارتباطاً وثيقاً بالسعوديّة بفضل المقوّمات «العقائدية» المذكورة، علاوةً على التمويل المفتوح الذي توفّره له المملكة. أمّا «فيلق الرحمن» فبتركيا ارتباطه الوثيق، وإلى «الهوى الإخواني» الذي وفّر له بيئة حاضنة في غير منطقة من الغوطة يعود الفضل في تحقيقه حضوراً «عسكريّاً» حاول أن ينازع «جيش الإسلام» هيمنته عليها. وبدورها تحافظ قطر على تأثير ونفوذ كبيرين داخل «النصرة»، ولا سيّما في صفوف منتسبيها الجدد الذين انضمّوا إليها في خلال الحرب السوريّة، متموّلين برواتب وأسلحة يوفّرها «الراعي القطري». وكما ترك صراع النفوذ التقليدي بين «مثلث الدعم الإقليمي» أثره في معظم تفاصيل الحرب السوريّة (وخاصّة فصول الحرب والاحتراب المتتالية بين المجموعات المسلّحة) تبدو بصماته حاضرة ومؤثّرة في مُجريات الغوطة الأخيرة. ولعلّ أوضح انعكاسات هذه البصمات تلك التي يُعبّر عنها اصطفاف «فيلق الرّحمن» و«جبهة النصرة» جنباً إلى جنب (أنقرة والدوحة) في مواجهة «جيش الإسلام» (الرّياض). ثمّة في العمق عوامل أخرى شديدة التّأثير، من بينها الاصطفافات «المناطقيّة» داخل الغوطة (وهي اصطفافات قامت في الدرجة الأولى على الانتماء الأيديولوجي)، علاوةً على سباق الهيمنة الداخلي. ومنذ بواكير الظهور المسلّح بصورته «الفصائليّة» العلنيّة نظر «جيش الإسلام» ومؤسّسه زهران علّوش إلى كل مجموعة تُشكَّل خارج عباءته على أنّها تهديد لسطوته ونفوذه، وحجر عثرة في طريق هيمنته على الغوطة الشرقيّة.

ولا تجافي هذه النظرة الواقع في شيء، نظراً إلى أنّ عدداً من المجموعات المسلّحة التي شُكّلت في الغوطة قد اتّخذ من «مجابهة علوش» عموداً أساسيّاً من أعمدة إنشائه. تأسيساً على ما سبق، يمكن القول إنّ أوّل «احتراب» داخلي شهدته الغوطة (قبل ما يزيد على أربعة أعوام) كان فاتحةً لمسيرة بلا أفق واضح. وبغض النظر عن فصول «الحرب والسلم» التي تمرّ بها العلاقة بين المجموعات المتناحرة تبعاً لجملة ظروف محلية وإقليمية، فقد أثبتت التجارب المماثلة السابقة أن النسبة العظمى من «حروب الإخوة الأعداء» لم تعرف نهايةً حقيقيّة إلا بنجاح طرفٍ في إلغاء وجود الطرف الآخر، أو تصفية وجوده في منطقة بعينها على أقل تقدير.
وبات معروفاً أن معارك اليوم بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» ليست سوى فصل جديد من فصول العداء المستحكم بين الطرفين. ويبدو لافتاً أنّ آخر حلقات هذه السلسلة (قبل المعارك الحاليّة) كانت قد شهدت اصطفافاً مماثلاً لاصطفاف اليوم (راجع «الأخبار»، العدد 2875) . لكن تصفية وجود «النصرة» في الغوطة الشرقيّة كانت هدفاً سريّاً على قوائم «جيش الإسلام» حينها، بينما باتت اليوم مطلباً واضحاً أُعلن في «بيان رسمي». البيان الذي صدر أمس جاء في صورة «رسالة» من «القيادة العامة لجيش الإسلام» إلى «فيلق الرحمن»، وقالت إنّ «جيش الإسلام قد عقد العزم على حل جبهة النصرة في الغوطة الشرقية وتقديم متزعميه إلى القضاء». واتهمت الرسالة «الفيلق» بتقديم «المؤازرة إلى النصرة» وحوت تهديدات مبطّنة في حال عدم وقوفه «على الحياد». فيما أكّد «بيان مضاد» أن «جيش الإسلام اتخذ من القضاء على هيئة تحرير الشام (تحالف عموده الأساس «النصرة») ذريعة للهجوم على مقار ومستودعات (فيلق الرحمن) والاعتداء على عناصره». وواصل «جيش الإسلام» اتهاماته لـ«الفيلق» بـ«إيواء عناصر من (النصرة) ومن بينهم قادة أردنيون»، علاوة على «تسليح بعضهم وتجنيدهم للقتال في صفوف الفيلق ضد الجيش، وخاصة في بلدة المحمديّة». وقال مصدر من «فيلق الرحمن» لـ«الأخبار» إنّ «هذه الاتهامات كاذبة جملة وتفصيلاً، وهي مجرّد محاولات واهية للتعمية على الهدف الأساسي من عدوانهم الآثم». وأكّد المصدر أنّ الهدف المذكور ليس سوى «التخفيف عن ميليشيات النظام، في مواصلة لمهمات عمالة قيادات «جيش الإسلام» التي لم تعد تخفى على أحد». في المقابل، طغت على كلام مصادر «جيش الإسلام» نبرة «قويّة» بدت واثقة من أنّ تصفية وجود «أذناب القاعدة» (المقصود «النصرة») في الغوطة باتت «مسألة وقت»، مع التلويح بمصير مماثل لـ«فيلق الرحمن» إن لم «يلتزم الحياد».
وفي تكرار للسيناريوات المعهودة في حالات مماثلة، برزت أمس محاولات للتوسط بين الأطراف قام بها هذه المرة «مجلس شورى أهل العلم». وقال «المجلس» في بيان له إنه شكّل لجنة استمعت إلى طرفي النزاع وخرجت بجملة توصيات منها «وقف كافة مظاهر الاقتتال وإطلاق سراح المعتقلين والخضوع لحكم الشرع»، و«رد الحقوق المالية والعينية لفيلق الرحمن من جيش الإسلام». علاوة على «تشكيل لجنة لتقدير الأضرار بين الطرفين» تضم ممثلاً عن كلّ منهما، وثالثاً عن «شورى أهل العلم». وبدا لافتاً أنّ البيان المذكور لم يشر إلى «النصرة» على الإطلاق، فيما خصّص بنداً لتأكيد «حرمة مسألة تغلّب فصيل على آخر».
و«التغلّب» في جوهره هو «فتوى» تتيح للمجموعة الأقوى فرض سيطرتها وإخضاع سواها بالقوّة، ويُتَّهَم «جيش الإسلام» بأنّه يسعى إلى تطبيقها في الغوطة. وتعليقاً على البيان، قال مصدر من «جيش الإسلام» لـ«الأخبار» إنّ «استجابتنا لأي مبادرة شرعية لحقن الدماء بين الإخوة أمر مسلّم به، لكنّ أذناب القاعدة خارج هذه المعادلة حتماً». المصدر أعرب عن «عدم ارتياحه الشخصي لبعض ما ورد في البيان»، ولمّح إلى ارتباط بعض «مشايخ المجلس» بـ«حركة أحرار الشام» التي «يتحكم ببعض مشايخها هوى قاعدي»، لكنه أكد في الوقت نفسه أنّ «هذا ليس موقفاً رسميّاً، والموقف الرسمي سيصدر عن القيادة بالطرق التي تراها مناسبة». ميدانيّاً، استمرّ الاستنفار في صفوف الأطراف بعد صدور «بيان أهل العلم» بساعتين ولم ينعكس أي أثر له. فيما بدا لافتاً بدء حملة هجوم إعلامية قوية ضد «جيش الإسلام» على خلفيّة قيام عناصره بتفريق مظاهرة خرجت ضدّه في عربين بالرصاص الحيّ، ما أدى إلى «سقوط جرحى».
______________
«جيش الإسلام» يحارب «القاعدة»: حرب «الفصائل» و«النصرة» انطلاقاً من الغوطة؟

 صهيب عنجريني

الجمعة ٢٩ نيسان ٢٠١٦


معارك حامية الوطيس تشهدها مناطقُ عدّة في غوطة دمشق الشرقية بين «جيش الإسلام» من جهة، و«جبهة النصرة» و«فيلق الرحمن» من جهة ثانية. ورغم أنّ حدوث اشتباكات بين المجموعات في الغوطة بات أمراً معهوداً بين فترة وأخرى، غيرَ أنّ المشهد يبدو مختلفاً هذه المرة، سواء من حيث طبيعة المعارك وشدّتها أو من حيث عدد المجموعات المنخرطة في الحدث واتّساع رقعة الاشتباكات.

للوهلة الأولى، توحي المُجريات بأنّ ما تشهدُه الغوطة أشبه بـ«ثورة فصائل» ضدّ «جيش الإسلام»، لكن المعلومات المتوافرة تؤكّد أنّ الأمور ذاهبة في اتجاه فتح حرب تصفية ضد «جبهة النصرة» في الغوطة. المتحدث الرسمي باسم «جيش الإسلام» إسلام علّوش سارع إلى إصدار بيان يتهم فيه «النصرة» ومجموعات أخرى بمهاجمة مقار «جيش الإسلام» في كلّ من: زملكا، جسرين، حمورية، عين ترما، مسرابا وكفربطنا. وبدا لافتاً أنّ البيان حرص على الزج باسم «حركة أحرار الشام»، علاوة على «لواء فجر الأمة» بوصفهما مُساهمَين في الاعتداءات، كما حرص على الإشارة إلى ارتباط «النصرة» بتنظيم «القاعدة». مصدر مرتبط بـ«حركة أحرار الشام» أكّد لـ«الأخبار» أنّ «عناصر الحركة لم يتدخلوا في الاشتباكات»، موضحاً أنّ «عدداً من قادة الحركة باشروا اتصالات مكثفة سعياً إلى احتواء الوضع ومنع تفاقمه»، وهو كلامٌ أيّده ناشطان إعلاميّان من داخل الغوطة (كلّ على حِدة) لـ«الأخبار». وفيما تعذّر التواصل مع أحد الناطقين الرّسميين باسم «جيش الإسلام» (إسلام علّوش، وحمزة بيرقدار) أكّد مصدر ميداني داخله لـ«الأخبار» أنّ «الأحرار (أحرار الشام) لم ينخرطوا بشكل مباشر في الاعتداءات، لكننّا نعتبرهم مشاركين في الاعتداء ما لم يصدروا توضيحاً رسميّاً يتبرّأ ممّا حصل». المصدر ردّ هذا الموقف إلى أنّ «اعتداءات النصرة علينا تمّت تحت راية جيش الفسطاط الذي يضمّ أيضاً الأحرار وفجر الأمّة والفيلق (فيلق الشام)». وعبرَ صفحتيهما على موقع «تويتر» حرص الناطقان (علّوش وبيرقدار) على الإشارة إلى ارتباط «النصرة» بـ«الفسطاط» كما اتّهما «المعتدين» بـ«منع وصول مؤازرات أرسلها جيش الإسلام إلى جبهتي المرج وبالا».

وتحمل هذه التصريحات اتهاماً مبطّناً بإضعاف موقف «جيش الإسلام» على هاتين الجبهتين في مواجهة الجيش السوري. ولم تبق التهمة مبطّنة، إذ سارعت عشرات المصادر إلى تبنّيها علناً عبر صفحات إعلامية عدّة. وخلال الساعات الأخيرة، بدا أنّ مناطق الغوطة تشهد سباقاً في «الحشد والتجييش»، حيث أوردت مصادر من السكّان معلومات متقاطعة عن استعدادات ضخمة في صفوف كل الأطراف المتقاتلة. ولم ترشح معلوماتٌ دقيقة عن عدد القتلى الذين قضوا في معارك أمس، فيما بات مؤكّداً أنّ ثلاث نقاط اشتباك (على الأقل) شهدت استخدام أسلحة ثقيلة من الطرفين. كما أدّت التطورات إلى حدوث انشقاقات داخل «فيلق الرّحمن» لمصلحة «جيش الإسلام»، كان أبرزها إعلان «كتيبة الدفاع الجوي في فيلق الرحمن» انضمامها إلى «جيش الإسلام، ومبايعة الشيخ عصام البويضاني على السمع والطاعة». في الوقت ذاته، باشر عدد من «رجال الدين المحايدين» حملة اتصالات في مسعى لـ«الحيلولة دون اشتعال الغوطة»، حسب تعبير أحد «وجهاء» بلدة جسرين لـ«الأخبار». المصدر امتنع عن الكشف عن النتائج الأوليّة للمساعي، وعزا الأمر إلى ضرورة «التريّث قبل الخوض في أحاديث من هذا النوع منعاً لإفشال المساعي». وأضاف «هذه فتنة كبرى، وإذا لم يتمّ احتواؤها سريعاً فالنتائج لا تُحمد عقباها».
ولا يبدو «جيش الإسلام» وحيداً في مواجهة «اعتداءات النصرة»، إذ أصدرت «قيادة الشرطة في الغوطة الشرقية» بياناً أكّدت فيه أنّ «عناصر جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة اعتدوا على دورية لقيادة الشرطة في بلدة مسرابا». وفي تطوّر يبدو مؤشّراً على تصعيد وشيك للأحداث دخل «المجلس العسكري لدمشق وريفها» على خط الأحداث عبر بيانٍ اتّهم فيه «جبهة النصرة» و«فيلق الرحمن» بالاعتداء على مقارّ تابعة له. وقال البيان الذي تداولته بعض الصفحات المعارضة وحمل توقيع «أمين سر المجلس» إنّ قوة تابعة للطرفين «اقتحمت مركز قائد المجلس العسكري (عمّار النمر) من دون مراعاة أي حرمة». ومن المعروف أنّ النمر «قائد المجلس العسكري» يحتفظ بعلاقات جيّدة مع «جيش الإسلام»، فالمجلس المذكور أعلنت ولادتُه قبل عام تحت إشراف «القيادة الموحدة للغوطة الشرقيّة» التي تزعّمها مؤسّس «جيش الإسلام» المقتول زهران علّوش (راجع «الأخبار»، العدد 2570). وعلى نحو مماثلٍ لبيان «جيش الإسلام»، حرص بيان «المجلس» على اتهام مبطّن لـ«المعتدين» بالتواطؤ مع الجيش السوري عبر «تزامن هذا الاعتداء الغاشم مع حشود لميليشيات الأسد على أطراف الغوطة».

_____________
رجل السعوديّة يظهر في تركيا... «طبخة إقليمية عسكريّة» قيدَ الإعداد؟

صهيب عنجريني

الاثنين ٢٠ نيسان ٢٠١٥


من جديد نجح زهران علّوش في التحوّل إلى نجم المشهد. قائد «جيش الإسلام» الذي أثار الجدل منذ بروزه على مسرح الحدث في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، وتحوّله من شخص «يتحاشاه الجميع» (وفقاً لأحد جيرانه في السنوات التي سبقت اعتقاله، أي قبل 2009) إلى «قائد القيادة الموحّدة للغوطة الشرقيّة». قصص عدة حُكيت عن علوش، وأسباب إطلاق سراحه من سجن صيدنايا العسكري (مثله مثل عدد من متزعّمي المجموعات الجهاديّة).

قيل الكثير عن «ارتباطه بالمخابرات السوريّة»، وهو أمر عاد إلى التداول خلال اليومين الماضيين، بعد الكشف عن وجوده في تركيا، حيث انشغل الجميع بالبحث عن الطريقة التي خرج بها من الغوطة المُحاصرة والطريق الذي سلكه، «فهل مرّ عبر مناطق سيطرة الدولة السوريّة، أم عبر مناطق سيطرة تنظيم داعش؟». ومن منهُما سهّل خروجه؟
لكنّ حصر وسائل الخروج من الغوطة بالطريقتين المذكورتين هو أمر يخالفُ الواقع، فليسَ من المستبعد (بل هو مرجّح) وجود طرق سرّية تُستخدم عند الضرورة، وهو أمرٌ لمّح إليه شخص مرتبط بـ«حركة أحرار الشام الإسلاميّة»، من دون أن يخوض في تفاصيله، إذ قال عمار كريّم عبر صفحته في «تويتر»: «لولا أنك أخي في الإسلام لكشفت طريقك الذي خرجت منه (...) زهران علوش في تركيا... خرج من الغوطة قبل أيام». وفي هذا السياق، قال ناشط مُعارض لـ«الأخبار» إن «الوسائل موجودة دائمة، لكنها تنطوي على مخاطرة طبعاً»، مضيفاًَ: «سبق لي أن خرجت من الغوطة، ودخلتُها منذ حوالى شهرين ونصف الشهر». ومن المرجّح أن الأراضي الأردنية كانت محطة عبرها زهران، ليغادرها جوّاً إلى تركيا. ومن الملاحظات الجديرة بالتوقف عندها في هذا السياق، أنّ الحفاظ على سرّية تحركات علّوش يؤشّر على مستوى «أمني» متقدّم يقودها، ودائرة محيطة موثوقة، خاصة أن هذه الرحلة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق له أن زار السعودية عام 2013، وزار الأردن مرتين على الأقل بين عامي 2013 و2014، كما يُرجّح قيامه بزيارات سابقة لتركيا. ورغم اختلاف الظروف الميدانية بين الزيارات السابقة والحاليّة، غير أنّ جميعها لم يُكشف عنها إلّا بعد حدوثها.
على أنّ السؤال الأهم من طريقة خروج علّوش هو السؤال عن أسباب خروجه، وظهوره الاستعراضي في تركيّا في هذا التوقيت بالذات، وهو المحسوب في الدرجة الأولى على السعوديّة. ورغم أن بعض المصادر ذهبت إلى ترويج أن «علوش خرج بشكل نهائي من سوريا»، غير أن هذه الفرضيّة أضعفُ من أن تؤخذ في عين الاعتبار. فمن المُسلّم به أن طريقة عمل «جيش الإسلام» تجعلُ من غياب قائده مقدمةً لتفكّكه. ومن المعروف أن «جيش الإسلام» استمرّ على مدار السنوات الماضية في تعزيز قدراته، من دون أن يخوض معارك تستنزفه بشكل كبير. ودأبت مصادر «الإسلام» بين وقت وآخر على تأكيد أنّ «معركة دمشق الكبرى هي الغاية، ومن أجلها يتم الحشد». هذه المعطيات تجعل من المسلّم به أن «طبخةً» ما تُعدّ في المطابخ الإقليمية، وأن علّوش أحد مكوّناتها، خاصة أن تقارير عدّة تحدثت عن مرحلة تنسيق جديدة بين اللاعبين السعودي والتركي، تجعل من الرياض المهندس الأول لمشهد المعارضة المسلّحة في سوريا، ومن أنقرة لاعباً مُساعداً. وهو ما أفضَى على الأرجح إلى تفكك «الجبهة الشاميّة» في الشمال السوري أخيراً، مطيحاً «جماعة الإخوان المسلمين» من قمّة الهرم في الشمال من دون محاولة إقصائهم كليّاً، ما يوحي بأن طبيعة وجودهم في المرحلة القادمة ستكون خاضعة لجملة معايير توافقُ «المرحلة السعودية». وثمّة مُعطيات ترتبط بالمشهد في الغوطة ينبغي أخذها في الاعتبار، يبدو أنّها جاءت كتمهيدٍ لما يُعدّ في «المطبخ الإقليمي»، وعلى رأسها يأتي الإعلان عن ولادة جديدة لـ«المجلس العسكري في دمشق وريفها» أواخر الشهر الماضي. ولادة تمّت تحت إشراف «القيادة الموحدة للغوطة الشرقيّة» التي يتزعّمها علّوش. وكان الأخير قد تصدّر مشهد الإعلان عن «المجلس»، وقال في كلمة له إنّه «منظومة واحدة تعمل مع القيادة العسكرية الموحدة وضمن التوجيهات التي تصدر من القيادة العسكرية الموحدة»، كما أكّد أنه يُمهد لـ«بناء مرحلة جديدة من مراحل العمل الثوري وفي ظروف بدأت فيها عجلة العمل الثوري تندفع نحو الأمام»، وينسجم مع طبيعة مرحلة «الانتقال من حرب العصابات إلى الحرب النظامية». ومن المؤشرات التي قد تشي بملامح المرحلة القادمة، أنّ «رئيس المجلس» عمّار النمر أعلن في مؤتمر صحافي أول من أمس «تأييد المجلس لعملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن»، وتمنّى على القائمين عليها أن «تتمدد إلى سوريا».
وفي السياق التمهيدي ذاته يُمكن إدراج المعارك الأخيرة التي خاضَها علّوش ضدّ تنظيم «الدولة الإسلاميّة». وهي معارك تضمن إعادة التذكير بما روّج له طويلاً من أن «جيش الإسلام حجر زاوية في محاربة تطرف داعش»، وتصلحُ بالتالي لتلميع قائده للعب دورٍ يحظى بدعمٍ يتجاوز الإقليمي إلى الدولي. وتنسجم هذه المعطيات مع ما أكده مصدر محسوب على «أجناد الشام» من أنّ «علوش ليس القيادي الوحيد الموجود في تركيا حاليّاً». المصدر أكّد لـ«الأخبار» أنّ «معظم القادة المعروفين وصلوا أو على وشك الوصول، تمهيداً لسلسلة اجتماعات سيشارك فيها سليم إدريس وعسكريّون آخرون».

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

جبهة “النصرة” تعدم “ابو النمر السوري” مفخخ طفلتيه وارسال احدهما لتفجير نفسها في مخفر للشرطة في دمشق..

    ديسمبر 26, 2016   No comments

عبد الباري عطوان

لم يصدق الكثيرون، ونحن من بينهم، اقدام رجل وزوجته على تفخيخ طفلتيهما المحجبتين، وتحت العاشرة من عمرهما، بحزامين ناسفين، وارسالهما لتفجير نفسيهما في مركزي شرطة تابعين للحكومة السورية في العاصمة دمشق، لان هذا الفعل الوحشي الهجمي ليس له اي علاقة، لا من قريب او بعيد، بالقيم العربية والاسلامية الحقة، ويشكل وصمة عار في جبين البشرية.

عبد الرحمن شداء المعروف لـ”ابو النمر السوري”، اقدم على هذه الجريمة النكراء وفخخ ابنتية بأحزفة ناسفة، وارسل احداهما، وتدعى فاطمة (9 سنوات)، لتفجير نفسها في مركز للشرطة في حي الميدان، وصور جريمته هذه على شريطي فيديو، وظهر فيه وهو يلقنهما بالمهمة، ويؤكد لهما انهما ينفذان هذه المهمة انطلاقا من العقيدة الاسلامية السمحاء، ويرشدهما الى كيفية الضغط على زر التفجير.
لا نعتقد ان النمور التي يحمل هذا “الشداء” اسمها، بل وكل الحيوانات الكاسرة الاخرى، يمكن ان تقدم على هذا العمل الهمجي الدموي، مهما بلغت درجة توحشها وشراستها، ولكن “ابو النمر” هذا فاقها جميعا في وحشيته، وربط خطيئته هذه بأكثر الديانات السماوية تسامحا.
عندما شاهدنا شريط الفيديو، وتابعنا عملية التنفيذ وتفاصيل التفجير بعد ذلك على لسان المتحدثين الرسميين في الاعلام السوري، لم نصدق انفسنا، واعتقدنا ان الشريط مفبرك، وجزء من حملة الحكومة السورية الدعائية، ولكن عندما صمتت كل الجهات في المعارضة السورية، واكد المرصد السوري لحقوق الانسان الموالي للمعارضة ان الجريمة حقيقية، مثلما اكد العثور على “ابو النمر” بلحيته الكثيفة، قتيلا بعد اطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين، في حي “تشرين” عند اطراف العاصمة السورية، ورجح المصدر ان تكون جبهة “فتح الشام”، او “النصرة” سابقا، التي ينتمي الى صفوفها القتيل، تبددت حالة الغموض، وظهرت الحقيقة ساطعة.
“ابو النمر” الحق ضررا كبيرا بالجبهة، وبالفصائل الاخرى المدرجة على قوائم المعارضات السورية، مثلما اساء ايضا الى الشعب السوري الكريم، صاحب الجينات الحضارية التي تمتد لاكثر من ثمانية آلاف عام، كانت تعكس تاريخا حافلا بالامبراطوريات، والابداع، والتعايش، والتسامح، والدول المدنية المزدهرة.
لا نعرف كيف تقبل فصائل المعارضة المسلحة هذه التي تقول انها تحمل مشروعا حضاريا بديلا للنظام الديكتاتوري، حسب ادبياتها، مثل هذه “الوحوش” في صفوفها، وتعد الشعب السوري بمستقبل افضل عنوانه العدالة الاجتماعية، والتسامح، واحترام حقوق الانسان، والحريات الديمقراطية، وسيادة القانون.
لا نشك مطلقا في وجود فصائل معارضة شريفة، تتمسك بالطروحات السابقة، وستكون شريكا في مستقبل سورية الجديدة، وستجلس على مائدة المفاوضات في الآستانة قريبا، فنحن لا يمكن ان نلجأ في هذه الصحيفة الى التعميم، ولكن هذه النماذج تسيء قطعا الى هذه المعارضة، وتنفر الشعب السوري منها.
“ابو النمر” السوري هذا يذكرنا بالعناصر التي ذبحت الصبي الفلسطيني القاصر والمعاق على متن حافلة صغيرة امام الكاميرات ايضا، بحجة التعاون مع النظام، وتبين لاحقا ان هؤلاء الجلادين ينتمون الى جماعة نور الدين الزنكي، المصنفة على انها احدى الفصائل  السورية “المعتدلة، فأي اعتدال هذا.
اعدام “ابو النمر” من قبل جبهة “النصرة”، قد يكون تطبيقا للقصاص من القتلة، واقامة الحد عليهم، ولكن هذا القصاص لن يمحو الضرر الذي احدثه في تنظيمه وصورة الاسلام السمح عموما.
هؤلاء الوحوش الذين يفخخون بناتهم ويذبحون الاطفال والنساء، ايا كانت هويتهم وانتماءاتهم، لا يمكن ان ينتموا الى الشعب السوري والعروبة والاسلام، وانما الى الجاهلية، وزمن التوحش، زمن وأد الفتيات، ومصيرهم جهنم وبئس المصير.



الأحد، 18 ديسمبر 2016

مراجعات معاذ الخطيب -- الرئيس السابق للائتلاف المعارض-- يصب جام غضبه على المسلحين

    ديسمبر 18, 2016   No comments
معاذ الخطيب يصب جام غضبه على المسلحين الذين أحرقوا الحافلات التي كانت مخصصة لإجلاء المدنيين من بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب.. شيطنتم الإسلام وخربتم سوريا كأدوات لدول إقليمية!

صب معاذ الخطيب في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، جام غضبه على المسلحين الذين أحرقوا الحافلات التي كانت مخصصة لإجلاء المدنيين من بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب.
وقال معاذ الخطيب في تدوينته، الأحد: “أريد أن أبق هذه البحصة، من أحرق الباصات التي تخفف الموت عن الناس ليس أحمق بل مجرم أصيل”.
وأضاف الرئيس السابق للائتلاف المعارض، أن هذه التنظيمات لم تأت من فراغ بل هي أدوات دول إقليمية كان قد تحدث عنها منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، مؤكدا أن أسوأ ما قامت به هو شيطنة الإسلام كله، وتخريب سورية في كل مفاصلها، وخصوصا زج الشباب في المعارك ودفعه إلى موت لا طائل منه.
وبين الخطيب أن تلك الجماعات المسلحة انصهرت مرة ثانية في التشكيلات الباقية لشيطنة من لم يتشيطن بعد.
وأكد الشيخ معاذ الخطيب أن الغرباء ساهموا في بيع الوهم ونقض كل بنية إسلامية متوازنة لفرض فكر التكفير والذبح والدم، الذي يمهدون له بطبقات تنظيمية مموهة نهايتها فكر تكفيري يستبيح كل شيء.
وأوضح الخطيب أنه لولا الأموال الطائلة التي تصب بين أيديهم لما كان لهم نفوذ ولا صوت، مشيرا إلى أن نكايتهم كانت في أبناء سوريا.
تجدر الإشارة إلى أن التدوينة التي نشرها الخطيب جاءت تعليقا على شريط فيديو نشره ‎كاتب صحفي وناشط سياسي يدعى محمد الخطيب، بحلب، أظهر من خلاله احتفال مسلحي المعارضة السورية بحرق الحافلات التي كانت ستنقل المدنيين من كفريا والفوعة.
وأحرق مسلحو تنظيم “فتح الشام”(جبهة النصرة سابقا) حافلات كانت مخصصة لإجلاء المدنيين قبل دخولها إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب.
وذكرت مصادر في المعارضة السورية أن مسلحي تنظيم “فتح الشام” قاموا بإحراق الحافلات من أجل إعاقة تنفيذ الاتفاق الروسي – الإيراني – التركي.
وعلى صعيد آخر، ذكرت مصادر سورية أن اشتباكات اندلعت بين مسلحي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام، بسبب خلافات حول تنفيذ اتفاق إخلاء الحالات الإنسانية من الفوعة وكفريا.


الاثنين، 10 أكتوبر 2016

بموجب القانون الدولي ، قد تكون الولايات المتحدة مسؤولة عن الجرائم التي ترتكبها المملكة العربية السعودية في اليمن

    أكتوبر 10, 2016   No comments

مضت إدارة أوباما قدما في بيع أسلحة بقيمة 1.3 مليار دولار للسعودية العام الماضي على الرغم من تحذيرات بعض المسؤولين من تورط الولايات المتحدة في جرائم حرب لدعمها حملة جوية بقيادة السعودية في اليمن أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين ، وفقًا لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية. الوثائق الحكومية وحسابات المسؤولين الحاليين والسابقين.

كما أبدى مسؤولو وزارة الخارجية شكوكهم بشكل خاص في قدرة الجيش السعودي على استهداف مقاتلي الحوثي دون قتل المدنيين وتدمير "البنية التحتية الحيوية" اللازمة لاستعادة اليمن ، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني وغيرها من السجلات التي حصلت عليها رويترز ومقابلات مع ما يقرب من عشرة مسؤولين على دراية. من تلك المناقشات.


قال أربعة مسؤولين حاليين وسابقين إن محامو الحكومة الأمريكية لم يتوصلوا في نهاية المطاف إلى نتيجة بشأن ما إذا كان دعم الولايات المتحدة للحملة سيجعل الولايات المتحدة "طرفًا في الحرب" بموجب القانون الدولي. كان من شأن هذا الاستنتاج أن يُلزم واشنطن بالتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في اليمن ، وكان سيثير خطرًا قانونيًا يتمثل في أن أفراد الجيش الأمريكي قد يخضعون للمحاكمة ، على الأقل من الناحية النظرية.

على سبيل المثال ، أشارت إحدى رسائل البريد الإلكتروني بشكل محدد إلى حكم صدر عام 2013 عن محاكمة جرائم الحرب لرئيس ليبيريا السابق تشارلز تيلور والذي وسّع بشكل كبير التعريف القانوني الدولي للمساعدة والتحريض على مثل هذه الجرائم.


وجد الحكم أن "المساعدة العملية أو التشجيع أو الدعم المعنوي" كافية لتحديد المسؤولية عن جرائم الحرب. وجدت المحكمة المدعومة من الأمم المتحدة أن المدعين ليسوا مضطرين لإثبات أن المتهم شارك في جريمة محددة.


ومن المفارقات أن الحكومة الأمريكية قد قدمت بالفعل حكم تيلور إلى لجنة عسكرية في خليج جوانتانامو ، كوبا ، لتعزيز قضيتها بأن خالد شيخ محمد ومعتقلي القاعدة الآخرين متواطئون في هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001.


تلقي المواد التي لم يتم الكشف عنها سابقًا الضوء على الجدل المغلق الذي شكل استجابة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لما وصفه المسؤولون بأنه معضلة السياسة الخارجية المؤلمة: كيفية تهدئة المخاوف السعودية بشأن اتفاق نووي مع إيران - خصم الرياض اللدود - دون تفاقم الصراع في اليمن الذي أودى بحياة الآلاف.


الوثائق ، التي حصلت عليها رويترز بموجب قانون حرية المعلومات ، تعود إلى منتصف مايو 2015 إلى فبراير 2016 ، وهي الفترة التي استعرض خلالها مسؤولو وزارة الخارجية ووافقوا على بيع ذخائر دقيقة للسعودية لتجديد القنابل التي ألقيت في اليمن. تم تنقيح الوثائق بشكل كبير لحجب المعلومات السرية وبعض تفاصيل الاجتماعات والمناقشات.

جددت غارة جوية في اليمن يوم السبت أسفرت عن مقتل أكثر من 140 شخصا التركيز على الخسائر المدنية الفادحة في الصراع. نفى التحالف الذي تقوده السعودية مسؤوليته ، لكن الهجوم لقي أقوى توبيخ حتى الآن من واشنطن ، التي قالت إنها ستراجع دعمها للحملة من أجل "التوافق بشكل أفضل مع مبادئ الولايات المتحدة وقيمها ومصالحها". 


المصدر


تحذير: بعض المحتويات قاسية وقد لا تكون مناسبة لجميع المشاهدين والقراء.

السبت، 8 أكتوبر 2016

بشار الاسد: لو كنت أنا السبب لبدأت الحرب عام 2000 منذ أن أصبحت رئيسا، وليس عام 2011 عندما بدأت الأموال بالتدفق من قطر

    أكتوبر 08, 2016   No comments
 أكد الرئيس السوري بشار الاسد، في معرض رده على سؤال صحفي دنماركي عن سبب عدم تركه للحكم اذا كان هذا سيسرع انتهاء الحرب السورية، أكد ان هذا قرار الشعب وليس قراره، موضحا: إذا كنت لا تحظى بتأييد الشعب السوري فعليك المغادرة مباشرة، لأنك دون تأييدهم لا تستطيع تحقيق شيء ولا تستطيع إنتاج شيء وستفشل، هذا ببساطة هو السبب.

وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة "TV2" الدنماركية: خلال الحرب، عليك أن تقود السفينة إلى شاطئ الأمان لا أن تهرب لأن هناك حربا إلا إذا أرادك الشعب السوري أن تغادر، إذا كنت أنا المشكلة أو إذا كنت أنا سبب الحرب كما يدعون فإنني سأغادر. لكن الأمر لا يتعلق بي، أنا أُستخدم هنا كذريعة، المسألة أكبر من ذلك بكثير، إنها تتعلق بسورية، بالحكومة، بالاستقلالية، بالحرب على المستوى الإقليمي وبالحرب بين القوى العظمى. سورية هي مجرد عنوان، والرئيس هو العنوان الرئيسي.

وأضاف: لا، أنا لست سبباً للحرب لأني لو كنت أنا السبب لكان للحرب أن تبدأ عام 2000 منذ أن أصبحت رئيسا، وليس عام 2011 عندما بدأت الأموال بالتدفق من قطر وعندما اتخذت الولايات المتحدة القرار بأنها تريد الإطاحة بالحكومات والرؤساء لأنهم لا يلائمونها.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

السؤال الأول:

سيادة الرئيس دعنا نبدأ من الوضع الراهن في حلب، في الأسابيع القليلة الماضية نشرت صور مروعة عما يحدث في حلب. أعني أننا نرى سكان الجزء الشرقي من المدينة الذي تسيطر عليه المجموعات المسلحة في وضع سيئ للغاية يبدون منهكين وخائفين، الوضع هناك عنيف جدا، ما الاستراتيجية الكامنة وراء مثل هذا الهجوم العنيف الذي تشنه القوات السورية والروسية في الوقت الراهن؟

الرئيس الأسد:

1في الواقع، نحن لم نشن هجوماً، بل إن الجيش السوري تابع اندفاعته نحو تحرير كل جزء من سورية بما في ذلك حلب أو الجزء الشرقي منها من الإرهابيين، لكن كان هناك وقف إطلاق نار لمدة أسبوع من أجل إعطاء الاتفاق بين الروس والأمريكيين فرصة للتنفيذ إلا أن ذلك لم ينجح،عندما انتهى ذلك الأسبوع تابع الجيش السوري اندفاعته لتحرير الجزء الشرقي من حلب من الإرهابيين لكن في الواقع عندما تريد التحدث عن الوضع السيئ في الجزء الشرقي من حلب فإن هذا الوضع لم تتسبب به الحكومة بل تسبب به الإرهابيون، إنهم موجودون في تلك المنطقة منذ سنوات لكننا سمعنا عن “الوضع السيئ” هناك في وسائل الإعلام الغربية مؤءخراً فقط لأن وضع الإرهابيين بات سيئاً جدا هذا هو السبب الوحيد، بينما إذا أردت التحدث عن الوضع هناك فإننا لم نمنع أبداً دخول أي مواد طبية أو غذائية أو أي شيء آخر إلى الجزء الشرقي من حلب، ليس هناك حصار إذا كان هذا ما تعنيه ودورنا كحكومة هو تطويق الإرهابيين من أجل تحرير ذلك الجزء من المدينة.

السؤال الثاني:

لكن ما أعنيه أيضاً هو أننا نرى صوراً لأطفال يقتلون، لأطفال في المستشفيات، كما نرى صوراً لمستشفيات مدمرة من الذي يستهدف تلك المستشفيات؟

الرئيس الأسد:

دعني أخبرك شيئاً عن صور الأطفال تلك بالطبع فإن كل حرب تقع فيها ضحايا، ضحايا أبرياء، ولهذا السبب فإن كل حرب هي حرب سيّئة. لكن إذا نظرت إلى تلك الصور التي تم ترويجها في وسائل الإعلام الغربية ترى أنه تم انتقاء بضع صور لأطفال كي تناسب الأجندة السياسية لوسائل الإعلام تلك، فقط من أجل اتهام الحكومة السورية.. أنت هنا منذ يومين وقد كان هناك قصف يومي مصدره الجزء الشرقي من حلب يستهدف باقي أنحاء المدينة، وكان هناك قتل جماعي ودمار في الجزء الآخر من المدينة وقع جراءه عشرات الضحايا وعشرات الجرحى في حلب لم تتحدث وسائل الإعلام الغربية عنهم، لم يصدر المسؤولون الغربيون بياناً واحداً فيما يتعلق بأولئك الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء بشكل عام وبالتالي فإن هذا جزء من الحملة الدعائية الرامية إلى شيطنة الحكومة السورية، هذا لا يعني أنه عندما تكون هناك حرب لا تسقط فيها ضحايا كما قلت، لكن الحكومة السورية فتحت الباب أمام المسلحين في الجزء الشرقي من حلب كي يغادروا بأمان وبوجود ضمانات، كما أتاحت المجال لسكان تلك المنطقة للعودة إلى منازلهم.

السؤال الثالث:

لكن السكان في تلك المنطقة وشهود العيان ومنظمات المساعدات الدولية جميعهم يقولون إنه تم استهداف المستشفيات، وعندما أنظر إلى الصور فإني أرى مستشفيات وأسرة داخل المستشفيات، وبالنسبة لي تبدو فعلاً مدمّرة وأنه تم استهدافها، من الذي يستهدف المستشفيات؟

الرئيس الأسد:

ليست لدي إجابة عن أي مستشفى تتحدث، لأنه ليس لدينا أي حقائق حوله، كل ما لدينا هو مزاعم، وبالتالي فإن الرد على المزاعم ينبغي أن يكون من خلال.

السؤال الرابع:

لكن الصور تمثل حقائق.

الرئيس الأسد:

لا يمكن للصور أن تخبرك، ولا حتى مقاطع الفيديو، بات من الممكن اليوم التلاعب بكل شيء، أنا لا أقول إنه لا وجود لمثل تلك الهجمات على أي مبنى، لكننا كحكومة ليست لدينا سياسة لتدمير المستشفيات أو المدارس أو أي منشأة أخرى، والسبب بسيط أولاً، أخلاقي والسبب الثاني هو أنه إذا فعلنا ذلك فإننا نوفر للمسلحين الحاضنة الاجتماعية التي يبحثون عنها، سيكون ذلك بمثابة هدية لهم، وهذا شيء لا نقوم به لأنه يتعارض مع مصالحنا فنكون كمن يطلق النار على نفسه، إذا كان هناك مثل هذا الهجوم من قبل الجيش فإنه يمكن أن يحدث من قبيل الخطأ لكن ليس لدينا أي معلومات بأن ذلك قد حدث، كل ما لدينا لا يتعدى المزاعم وفقط في وسائل الإعلام الغربية وليس من سورية.

السؤال الخامس:

إذا لم يكن الجيش السوري هو الذي هاجم المستشفيات أو ربما فعل ذلك خطأً كما قلت، هل أنت متأكد من أن القوات الجوية الروسية ليست هي التي تستهدف المستشفيات؟

الرئيس الأسد:

السؤال الذي ينبغي أن تطرحه عندما تكون لديك جريمة هو، من المستفيد من تلك الجريمة، ما الذي سيحصل عليه الروس أو السوريون إذا هاجموا مدرسة أو مستشفى، ما الذي يحصلون عليه إذا هاجموا مستشفى، لا شيء، لن يحصلوا على شيء، حتى إذا أردت أن تتحدث عن الإرهابيين فإن معظم مستشفيات المجموعات المسلحة تكون عادة في أقبية أبنية عادية وبالتالي فإن قيام الجيش بمهاجمة مستشفى عمداً يستند إلى منطق مشكوك فيه.

السؤال السادس:

إذا.. هل توافق على أن أياً كان من يهاجم المستشفيات فإنه يرتكب جرائم حرب.

الرئيس الأسد:

بالطبع إنه كذلك طبقاً للقانون الدولي، للمستشفيات حصانة، كل منشأة أخرى في أي منطقة سكنية يقطنها مدنيون وليس مسلحين لها حصانة ولا ينبغي على أي حكومة أن تفعل ذلك.. بالطبع أوافقك الرأي.

السؤال السابع:

أنت لديك أطفال، وأنا متأكد من أنك تشاهد التلفزيون، كما تشاهد صور هؤلاء الأطفال في المستشفيات وأطفال يدفنون تحت الأنقاض، كيف يؤثر فيك ذلك عندما تنظر إلى صور هؤلاء الأطفال السوريين؟

الرئيس الأسد:

بالطبع، لدي أطفال ولدي المشاعر نفسها التي يشعر بها أي أب وأم يكترثان جداً لأطفالهما وما الذي يشعران به إذا فقدا فرداً من أسرتهما، وبالمناسبة فإننا فقدنا أفراداً في أسرنا خلال الصراع بسبب هجمات الإرهابيين، لكن عندما تنظر إلى أولئك الأطفال القتلى تفكر لماذايحدث هذا، لماذا فعل الإرهابيون ذلك؟ لماذا ارتكبت قطر والسعودية وتركيا تلك الجرائم؟ وأنا أتساءل، لماذا قدمت الدول الغربية وبشكل رئيسي الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا الدعم لأولئك الإرهابيين الذين يرتكبون الجرائم في سورية؟ هذا أول ما فكرت فيه وبالطبع كرئيس فإن الأمر الثاني الذي أفكر فيه هو: كيف يمكنني حماية الشعب السوري والأطفال السوريين، وكيف أستطيع حماية الأبرياء من التعرض لنفس المصير في أي يوم في المستقبل.

السؤال الثامن:

إذاً، أنت تحمل المسؤولية للمجموعات المسلحة في الجزء الشرقي من حلب وتقول بأنهم يقفون خلف تلك الهجمات على أطفال حلب.

الرئيس الأسد:

يمكنك أن تأخذ كاميرتك إلى حلب، إلى الجزء الآخر من حلب الواقع تحت سيطرة الحكومة، أعني أنك عندما ترى الحقيقة فإنها أكثر مصداقية مما يمكن أن أقوله. لكن بوسعك أن ترى عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الشهرين الماضيين في حلب، لقد قتل مئات المدنيين على أيدي المجموعات المسلحة.السؤال هو: لماذا لم نسمع عن هؤلاء في وسائل الإعلام الغربية؟ ذلك هو السؤال. مرة أخرى، أنا لا أقول بأنه ليست هناك ضحايا من المدنيين، لكن عندما يقوم المسلحون بقصف المدنيين بالهاون عمداً فإننا ينبغي أن نتحدث عن هذه الجريمة أيضاً.

السؤال التاسع:

في الوقت الراهن، هناك طفلة في السابعة من عمرها اسمها بانة العابد من حلب إنها ترسل تغريدات عن حياتها في الجزء الشرقي من حلب وتتحدث عن عمليات القصف الواسعة، إنها خائفة جداً، وكل مرة تستيقظ وتدرك أنها لاتزال حية لحسن الحظ، هل تثق بها كشاهد عيان.

الرئيس الأسد:

لا تستطيع أن تبني موقفك السياسي على فيديو يقوم بالترويج له الإرهابيون أو داعموهم إنها لعبة الآن، لعبة بروباغندا ولعبة وسائل الإعلام يمكن أن ترى أي شيء ويمكن أن تكون متعاطفاً مع كل صورة وكل مقطع فيديو تراه، لكن مهمتنا كحكومة هي التعامل مع الواقع.هناك إرهابيون في سورية، وهم مدعومون من قبل قوى وبلدان أجنبية، ونحن علينا أن ندافع عن بلدنا، في بعض المناطق يستخدم الإرهابيون المدنيين كدروع بشرية، لكن علينا أن نقوم بعملنا وأن نحررهم، لا نستطيع القول: “لن نفعل شيئاً لأن الإرهابيين لديهم رهائن” هذه مهمتنا، مرة أخرى نعود إلى نفس النقطة. هناك دائماً أخطاء يمكن أن يرتكبها أي شخص، لكن هذه ليست سياسة، ودائماً هناك ضحايا وهم ضحايا أبرياء لهذه الحرب.

السؤال العاشر:

أي نوع من الأخطاء ارتكب الجيش السوري؟

الرئيس الأسد:

أخطاء فردية.

السؤال الحادي عشر:

هل لديك أي أمثلة على هذه الأخطاء؟

الرئيس الأسد:

لدينا مؤسسات ويمكن معاقبة أي شخص يرتكب خطأً، هذا يحدث في أي حرب، وفي كل جيش، هذا أمر طبيعي.

السؤال الثاني عشر:

لقد شجعت المدنيين في الجزء الشرقي من حلب كما شجعت المتمردين في الواقع على مغادرة تلك المنطقة، أردت أن تنشئ ممراً إنسانياً. هل بوسعك أن تضمن سلامة أولئك المدنيين والمتمردين إذا غادروا الجزء الذي تسيطر عليه المجموعات المسلحة من المدينة؟

الرئيس الأسد:

تماماً. هذا ما أعلناه قبل بضعة أيام، كما كنا قد أعلناه قبل شهرين لأننا أردنا أن يغادر المدنيون وأن يبتعدوا عن الإرهابيين.

السؤال الثالث عشر:

وكيف ستتمكنون من حمايتهم؟

الرئيس الأسد:

يسمح لهم بالمغادرة. لقد حدث هذا عدة مرات، وفي مناطق مختلفة من سورية، سمحنا للإرهابيين بمغادرة تلك المنطقة من أجل حماية المدنيين، لسنا بحاجة للمزيد من سفك وإراقة الدماء، هذه إحدى الوسائل أو الطرق التي استخدمناها من أجل حماية المدنيين، وبالطبع إذا لم ينصاعوا فإننا نخبر المدنيين بأننا سنهاجم تلك المنطقة، وبالتالي يُمكنهم الانتقال منها، لكن الطريقة المثلى هي السماح للإرهابيين بالمغادرة عندها سيكون المدنيون آمنين ومن ثم يمكننا تتبع أو مطاردة الإرهابيين. يمكننا مطاردتهم في مكان آخر لا يوجد فيه مدنيون.

السؤال الرابع عشر:

هل تتفهم إذا فكر الناس في مختلف أنحاء العالم ممن يشاهدون هذه الصور المروعة التي تخرج من الجزء الشرقي من حلب بأنك تنكر الحقائق، وأنك تتحمل أيضاً المسؤولية بشكل ما عن وقوع ضحايا وعن قصف المستشفيات، وقصف البنية التحتية المدنية. هل تتفهّم أن بعض الناس قد يعتقدون أنك تنكر الحقائق؟

الرئيس الأسد:

4إذا كنا نتعرض لحملة أكاذيب منذ بداية الحرب على سورية فإن موافقتنا على هذه الأكاذيب واعتبارها حقائق لا يجعل مني شخصاً ذا مصداقية، لن يكون من قبيل المصداقية أن أقول “نعم أنت محق”. ولهذا قلت إن ثمة فرقاً بين القبول بأن هذه سياسة أو القبول بأن هناك دائماً أخطاء، لم أنكر أي خطأ قد يرتكبه شخص ما.. قلت إن الأخطاء تقع دائما، هناك دائماً أخطاء ترتكب في أي حرب.. أنا واقعي جداً.. لكن القول بأن هذا هو هدفنا كحكومة، وأننا نعطي الأوامر لتدمير المستشفيات أو المدارس أو قتل المدنيين، فهذا غير صحيح لأنه يتعارض مع مصالحنا، أعني حتى لو وضعنا الأخلاق جانباً فإننا لا نفعل ذلك لأنه يضر بنا، وبالتالي كيف يمكن لأولئك الناس الذين يقولون إننا فقط ننكر الحقائق أن يقنعوا أي شخص بأننا نقوم بأعمال تضر بمصلحتنا؟ هذا أولاً. ثانيا، إذا كنا نقتل السوريين وندمر المستشفيات ونرتكب كل هذه الفظاعات، ونحن نواجه كل القوى العظمى والبترودولارات في العالم كيف يمكن لي أن أبقى رئيساً بعد حوالي ست سنوات من بداية الحرب، أنا لست سوبرمان، لو لم أكن أتمتع بالتأييد لما كنت هنا، ولأنني أتمتع بالتأييد ولأننا ندافع عن السوريين فإننا نحظى بالدعم كرئيس وكحكومة، هذا يفند كل هذه المزاعم، في المحصلة، فإن الواقع يتحدث عن نفسه.

السؤال الخامس عشر:

هناك معركة شرسة تدور رحاها في حلب الآن.. ما التحرك التالي للقوات السورية والروسية لاستعادة الجزء الشرقي من حلب الذي يسيطر عليه المسلحون؟

الرئيس الأسد:

الاستمرار في محاربة المسلحين حتى يغادروا حلب ينبغي أن يفعلوا ذلك، ليس هناك خيار آخر، لن نقبل بأن يسيطر الإرهابيون على أي جزء من سورية، وليس حلب وحسب، هذه مهمتنا وهذا هدفنا وهذه خطوتنا التالية.

السؤال السادس عشر:

إذا، هذه الحرب المكثفة التي نراها الآن ستستمر. هذا ما تقولونه؟

الرئيس الأسد:

لا، إذا كان هناك أي خيار آخر مثل المصالحات التي تمت في مناطق أخرى فإن ذلك هو الخيار الأمثل وليس الحرب.. ولهذا أعلنا ذلك ومنحنا العفو للمئات، بل للآلاف من المسلحين من أجل حقن الدماء وقد نجح ذلك، ولهذا قلنا إننا نعطيهم ضمانات، سواء أرادوا المصالحة والعفو أو المغادرة مع أسلحتهم إلى خارج مدينة حلب بالكامل ويدعون المدينة بأمان ويعود السكان إلى حياتهم الطبيعية.

السؤال السابع عشر:

لقد أوقفت الولايات المتحدة المحادثات الثنائية مع الروس حول أي شكل من أشكال اتفاق السلام، وقال الروس إنهم يأسفون لذلك. هل تأسفون لذلك أيضاً؟

الرئيس الأسد:

نحن نأسف لذلك، لكننا كنا نعرف مسبقاً أن ذلك لن ينجح لأن الاتفاق لا يتعلق بالمحادثات بين قوتين عظمتين وحسب، لا يتعلق بما ستوقعانه أو تتفقان عليه، إنه يتعلق بالإرادة، ونحن نعرف سلفاً، وكنا نعرف أصلاً أن الأمريكيين لا يمتلكون الإرادة للتوصل إلى أي اتفاق، لأن الجزء الرئيسي من ذلك الاتفاق يتمثل في مهاجمة “جبهة النصرة” المدرج على القائمة الأمريكية وكذلك على قائمة الأمم المتحدة كمجموعة إرهابية بينما هو في الصراع السوري ورقة أمريكية.. دون “جبهة النصرة” لا يمتلك الأمريكيون أي ورقة حقيقية أو ملموسة أو فعالة على الساحة السورية، ولهذا فإننا نأسف لوقف المحادثات حول الاتفاق.. لكننا كنا نعرف أصلاً إن ذلك لن يحدث.

السؤال الثامن عشر:

لكن من الصعب جداً على الولايات المتحدة أن تفصل ما يسمى “المعارضة المعتدلة” عن بعض المجموعات المسلحة الأكثر تشددا، هذا صعب جداً في الوقت الذي تهاجمون فيه المعارضة المعتدلة طوال الوقت.

الرئيس الأسد:

5أنت على حق، لكن هل تعلم لماذا أنت على حق؟ هل تعرف ذلك الحيوان الذي يشبه الحصان وله قرن طويل؟ إنه حيوان خرافي، والمعارضة المعتدلة هي أيضاً خرافة، ولذلك لا تستطيع أن تفصل شيئاً لا وجود له عن شيء موجود، جميعهم لهم الأساس نفسه الذي كان يسمى “الجيش السوري الحر” قبل أربع أو خمس سنوات، ثم أصبح “جبهة النصرة” ومن ثم أصبح “داعش”. وهكذا فإن الأساس نفسه انتقل من مجموعة إلى أخرى، ولهذا السبب لا يستطيعون فصلها. وهم في الحقيقة لا يريدون ذلك، أي حتى وإن كان هذا واقعاً وليس خرافة فإنهم لا يريدون أن يفعلوا ذلك، لكنهم في الحقيقة لا يستطيعون فعله لأنه غير موجود.

السؤال التاسع عشر:

لكن لماذا طلبتم منهم ذلك إذا كان غير ممكن؟

الرئيس الأسد:

لأنهم أصروا على أن هناك “معارضة معتدلة” فقال لهم الروس.. “حسنا، إذا كانت هناك معارضة معتدلة نرجو أن تفصلوا المعتدلين عن المتطرفين”. لن ينجح ذلك لأنه لا وجود للمعارضة المعتدلة.

السؤال العشرون:

ما هي في رأيكم التبعات التي ستترتب على تعليق الولايات المتحدة للمحادثات الثنائية؟ أعني أنه حتى الآن تجنبت القوات السورية والروسية الصدامات المباشرة مع القوات الأمريكية.. هل تعتقدون أن ثمة مخاطرة أكبر في حدوث هجمات مباشرة بينكم وحلفائكم من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى؟

الرئيس الأسد:

العديد من الناس يتحدثون عن التصعيد إذا لم ينجح الاتفاق أو لم يتم تنفيذه، لكن في الواقع فإن هذا التصعيد مستمر منذ مدة، أعني أنه قبل أن يفشل هذا الاتفاق هاجم الأمريكيون قواتنا في دير الزور، والجميع يعرف أن هناك مجموعة واحدة موجودة في دير الزور وهي “داعش”..تقدمت “داعش” وحلت محل الجيش السوري.. وباتت تهدد مدينة دير الزور بسبب الهجمات الأمريكية، وبالتالي فإن التصعيد يحدث أصلاً، أما الحديث عن المواجهة المباشرة فإن ذلك لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية، كان ذلك وشيك الحدوث خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 على ما أعتقد. لكن الوضع مختلف الآن لأنه ليس هناك في الولايات المتحدة رجال دولة من طراز رفيع، وعندما لا يكون هناك رجال دولة من طراز رفيع فعليك أن تتوقع أي شيء وعليك دائماً أن تتوقع الأسوأ، أنا متأكد من أن روسيا تبذل قصارى جهدها من أجل عدم الوصول إلى تلك النقطة، لكن هل يفعل الأمريكيون، أو لنقل جماعة “الصقور” في الإدارة ما في وسعهم لتجنب تلك المواجهة؟ أم أنهم على العكس يفعلون ما في وسعهم لحدوث هذه المواجهة مع روسيا، هذا ما يقلقنا.

السؤال الحادي والعشرون:

الحديث عن حادثة دير الزور في 17 أيلول، زعم أن المقاتلات البريطانية والأسترالية والأمريكية والدنماركية هاجمت الجيش السوري، وقالت الدنمارك كالدول الأخرى إن ذلك كان خطأً. هل تقبلون هذا التفسير؟

الرئيس الأسد:

إننا نقبل التفسير، لكن ذلك لا يعني أننا نقبل الخطأ ولا يعني أننا نبرره، يمكن القول بحدوث خطأ.. ربما لحصولكم على معلومات خاطئة خصوصاً وأنكم تنفذون مهمة أمريكية، أنا متأكد من أن لا الدنماركيين ولا البريطانيين قرروا طبيعة الهدف الذي ينبغي أن يهاجموه، أنا متأكد من أن الأمريكيين قالوا: “هذا هو هدفنا وداعش موجود في هذا المكان”.. إنهم يخدعون الآخرين بالطبع ويقولون لهم: “سنهاجم داعش”.قد تكون تلك هي الحقيقة، لكن هل يقبل الشعب الدنماركي أن يقوم جيشكم بتنفيذ مهام عسكرية لبلدان أخرى دون التحقق من الهدف ومعرفة الاتجاه الذي يمضون فيه؟ هل تستقل باصاً دون أن تعرف إلى أين يتجه ذلك الباص؟ إنك لا تفعل ذلك. ولهذا فهو غير مقبول. قد يكون ذلك خطأ،هذا صحيح لكن الخطأ غير مقبول.

السؤال الثاني والعشرون:

هل تعتقدون أن الدنمارك كانت تساعد “داعش” بشكل غير مباشر؟

الرئيس الأسد:

في واقع الحال فإنهم ساعدوا “داعش” بسبب هذا الهجوم لأنهم قتلوا عشرات الجنود السوريين الذين يدافعون عن مدينة دير الزور ومنع وقوعها تحت سيطرة “داعش” والآن استولى “داعش” على ذلك المكان، واستولى على التلال المطلة على المدينة، وبالتالي قد يتمكن “داعش” يوماً ما من السيطرة على دير الزور بسبب ذلك الهجوم.

السؤال الثالث والعشرون:

وهل تعتقدون أن الولايات المتحدة فعلت ذلك عمدا وأن الدنمارك ساعدتها دون أن تعرف ذلك؟

الرئيس الأسد:

3لا أعرف بشأن الدنمارك، ولا أعرف إذا كان ذلك دون معرفتها، ربما يكون كذلك، والسبب الوحيد الذي يجعلني أعتقد ذلك هو أن الأوروبيين ينفذون ما يريده الأمريكيون في كل مجال دون سؤال أو نقاش، قد يكون هذا أحد الأسباب، أما بالنسبة للأمريكيين فأنا متأكد مئة بالمئة أنهم فعلوا ذلك عمداً لأن “داعش” جمع مقاتليه في نفس المكان قبل الهجوم، وعندما بدأ الهجوم الذي استمر لمدة ساعة قام “داعش” بالهجوم في الساعة التي تليها واستولى على تلك التلال، كيف كان لـ “داعش” أن يعلم بهذه الغارة الجوية قبل حدوثها؟ بالطبع ليس هذا هو المؤشر الوحيد بالنسبة لنا على دعم الولايات المتحدة لـ”داعش”، هناك الهجوم على تدمر عندما احتل تدمر وسيطر عليها تحت إشراف الأمريكيين، هناك تهريب النفط واستخراجه من حقوله في الصحراء السورية في وضح النهار، هذا مؤشر قوي على أن الولايات المتحدة تدعم “داعش” من أجل استخدام هذا التنظيم.

السؤال الرابع والعشرون:

حتى الآن كانت الحكومة الدنماركية تتبع السياسة الأمريكية حيال سورية، بل إنهم قالوا إنهم مستعدون للانخراط في عملية عسكرية ضد الجيش السوري. ما رأيكم بالسياسة الدنماركية حيال سورية؟

الرئيس الأسد:

أولاً، إن التدخل في سورية كجزء من التحالف الدولي الذي هو في الواقع تحالف أمريكي يتعارض مع القانون الدولي وينتهك سيادة سورية لأنه لا يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية، في حين ان الروس أتوا إلى سورية بعد حصولهم على إذن السوريين، في الحقيقة بعد تلقيهم دعوة من الحكومة السورية لدعمنا في حربنا ضد الإرهاب.. إذاً هذا يتعارض مع السيادة ومع القانون الدولي ومع أي سياسة أخلاقية في أي مكان من العالم، إنه أمر غير قانوني، الوجه الآخر لهذه السياسة هو الحصار.. كجزء من الاتحاد الأوروبي، فإنهم فرضوا حصاراً على الشعب السوري، عشرات ملايين السوريين لا يمكن لهم الحصول على الاحتياجات الأساسية للحياة، وعلى سبيل المثال لم يعد بإمكانهم شراء مضخات مياه ولا المعدات الطبية لتشخيص إصابة شخص ما بالسرطان، وهذا الشخص يمكن أن يموت لعدم وجود هذه المعدات، الحصار يمنع شركات الطيران السورية من الحصول على قطع الغيار لطائراتها لمنع تحطم تلك الطائرات في الجو وقتل المسافرين، هذه سياسة الاتحاد الأوروبي والدنمارك جزء من تلك السياسة.

السؤال الخامس والعشرون:

لكن ما عساهم يفعلون غير ذلك؟ أعني أنهم ضد ما يحدث في سورية الآن كما أنهم يدعمون المعارضة، ربما لا يرغبون بالانخراط في حرب مباشرة مع الجيش السوري.. إذاً ما عساهم يفعلون؟

الرئيس الأسد:

بالنسبة للحكومة؟

الصحفي:

نعم.

الرئيس الأسد:

السؤال هو: هل تقبل أنت كمواطن دنماركي أن أقوم أنا كأجنبي بدعم المعارضة في بلادك بالمال وأن أقول لها: “اذهبوا واقتلوا وبذلك تحققون أهداف سياساتكم؟ ” إذا كانت هناك معارضة، فما تعريف المعارضة، هل تقبلون معارضة في بلادكم تنتمي إلى بلد آخر أم ينبغي أن تكون معارضة دنماركية تنتمي إلى الشعب الدنماركي؟ لا يجوز أن يحددوا هم أي معارضة يدعمونها في أي بلد آخر، هذا تدخل في الشؤون الداخلية، وهذا يتعارض مع السيادة ومع القانون الدولي، ليس من حقهم دعم أي شخص في سورية ضد أي شخص آخر، هذا ليس من شأنهم، نحن بلد ذو سيادة ومستقلون، من حقنا معالجة مشاكلنا، ليسوا في موقف يسمح لهم دعم أي كان سواء أكان محقاً أم مخطئاً.

السؤال السادس والعشرون:

هل ترون في الدنمارك عدواً لسورية.

الرئيس الأسد:

لا، إنها ليست كذلك. ليست عدوة، ثمة فرق كبير بين الشعب الدنماركي الذي كان كمعظم الشعوب الأوروبية صديقاً لسورية وبين سياسة الحكومة، الأمر يتعلق الآن بغياب أوروبا بأكملها عن الخريطة السياسية، على الأقل منذ عام 2003 بعد غزو العراق فقط لأنه كان عليهم اتباع الأمريكيين وهم لا يجرؤون على اتخاذ مسار مستقل خاص بهم في السياسة.. نحن نميز تماماً بين الحكومة الدنماركية والشعب الدنماركي، والأمر نفسه ينطبق على البلدان الأخرى.

السؤال السابع والعشرون:

إذا كان من شأن مغادرتك لمنصبك وتولي شخص آخر من الإدارة السورية لهذا المنصب أن يسرع في المفاوضات الرامية إلى تحقيق مستقبل سلمي في سورية فلماذا لا تفعل ذلك؟

الرئيس الأسد..

تعني المغادرة؟

الصحفي:

نعم.

الرئيس الأسد:

هذا يعتمد على الشعب السوري، هذا ليس قراري. وإذا كنت لا تحظى بتأييد الشعب السوري فعليك المغادرة مباشرة، لأنك دون تأييدهم لا تستطيع تحقيق شيء ولا تستطيع إنتاج شيء وستفشل، هذا ببساطة هو السبب. خصوصاً خلال الحرب، عليك أن تقود السفينة إلى شاطئ الأمان لا أن تهرب لأن هناك حربا إلا إذا أرادك الشعب السوري أن تغادر، إذا كنت أنا المشكلة أو إذا كنت أنا سبب الحرب كما يدعون فإنني سأغادر. لكن الأمر لا يتعلق بي، أنا أُستخدم هنا كذريعة، المسألة أكبر من ذلك بكثير، إنها تتعلق بسورية، بالحكومة، بالاستقلالية، بالحرب على المستوى الإقليمي وبالحرب بين القوى العظمى. سورية هي مجرد عنوان، والرئيس هو العنوان الرئيسي.

السؤال الثامن والعشرون:

إذاً، أنت لا تعتقد أنك أحد أسباب الحرب؟

الرئيس الأسد:

لا، أنا لست سبباً للحرب لأني لو كنت أنا السبب لكان للحرب أن تبدأ عام 2000 منذ أن أصبحت رئيسا، وليس عام 2011 عندما بدأت الأموال بالتدفق من قطر وعندما اتخذت الولايات المتحدة القرار بأنها تريد الإطاحة بالحكومات والرؤساء لأنهم لا يلائمونها.

السؤال التاسع والعشرون:

لكن ألا تعتقد بأنك سبب تصاعد الحرب؟

الرئيس الأسد:

بسببي أنا؟

الصحفي..

نعم.

الرئيس الأسد:

إذاً، طبقاً لما تقوله فإن الإرهابيين ليسوا مسؤولين، بل إنهم أناس مسالمون جداً، والأموال التي تدفعها قطر والسعودية وتركيا قانونية وطبيعية، وأجندة الولايات المتحدة لبت احتياجات الشعب السوري، إن هذا غير واقعي.

السؤال الثلاثون:

سيادة الرئيس لقد قلت مراراً بأنك ستستمر في القتال إلى أن تستعيد البلد بأكمله، ألا تزال هذه هي مقاربتك لهذه العملية؟

الرئيس الأسد:

لا، هذه ليست مقاربتي،بل إنها مهمتي طبقاً للدستور. إنها مهمة الجيش طبقاً للدستور، ومهمة مؤسسات الدولة طبقاً للدستور، هذا ليس خياراً وليس رأياً شخصياً وليست خطتي أنا. مهمتي هي الدفاع عن المدنيين ومهمتي هي محاربة الإرهابيين ومهمتي هي السيطرة على كل جزء من بلادي إنك لا تأخذ جزءاً من بلادك وتجعله دولة، إنك لا تقول: “يكفيني أن أحصل على نصف البلد” أو ما إلى ذلك.

السؤال الحادي والثلاثون:

إذاً، أنت تعتقد أنك تدافع عن المدنيين؟

الرئيس الأسد:

بالتأكيد.

السؤال الثاني والثلاثون:

لقد قتل مئات آلاف المدنيين، البعض يقول 250 ألفاً والبعض يقول 300 ألف، هل تعتقد أنك تدافع عن المدنيين في سورية؟

الرئيس الأسد:

إن أغلبية الضحايا الذين تتحدث عنهم هم من مؤيدي الحكومة، وليس العكس. وهناك جزء آخر حيادي في الوسط ولا ينتمي للحكومة ولا للطرف الآخر، إذاً الأغلبية هم من المؤيدين.. بالطبع أنا أدافع عن المدنيين، مرة أخرى إن لم أكن أفعل ذلك وإن كنت أقتل المدنيين كما تروج الحملات الدعائية منذ أربع سنوات لما كنت هنا كرئيس ولما استطعت الصمود لحوالي ست سنوات.

السؤال الثالث والثلاثون:

سيادة الرئيس: هل تؤمن بالحل الدبلوماسي السياسي أم إنك في أعماق قلبك تعرف أن الحل سيكون عسكرياً وأن هذا ما تريده فعلاً؟

الرئيس الأسد:

لا هذا ولا ذاك، لأنه عندما تكون لديك مشكلة يكون لديك حل لا يكون لديك جزء من حل، فالمشكلة نفسها هي التي تحدد أوجه الحلول، على سبيل المثال إذا كنت أؤمن بالحل السياسي لكن كان هناك إرهاب، فأنت لا تستطيع إنجاز حل سياسي لأن هناك فوضى، وإذا كان هناك فوضى فهذا يتناقض مع أي شيء طبيعي بما في ذلك العملية السياسية، وبالتالي عليك أولاً أن تحارب الإرهابيين كي تتوصل إلى الحل السياسي، في الواقع عليك أن تتبع مسارين المسار العسكري والمسار الدبلوماسي أو السياسي لأنهما مرتبطان ببعضهما بعضاً، إذا المسألة لا تتعلق بإيماني بشيء ما بل بمتطلبات تسوية هذا الصراع، لست أنت من يحدده، بل إن الظروف بمجملها هي التي تحدده، على سبيل المثال فيما يتعلق بالإرهابيين المسألة لا تتعلق بالحل العسكري فقط، بل بتوقف الدول المجاورة والدول الغربية عن دعم الإرهابيين. إذا توقفوا عن دعمهم فإن الجانب العسكري من الحل سيصبح هامشياً ولن يكون مهماً لأنهم سيكونون ضعفاء، من شأن ذلك أن يعطي فرصة للمزيد من المبادرات السياسية في ذلك الصدد، أما إذا دعموهم أكثر فإن ما سيحدث فعلياً هو العكس وسيصبح الحل أو المسار السياسي مهمشاً، إذاً المسألة لا تتعلق بما أؤمن به، أتمنى لو استطعنا حل كل شيء سياسياً، هذا ما أتمناه. هذا ما أعتقد أنه المناسب. لكن الأمر لا يتعلق بما أتمناه, بل بالحقائق على الأرض.

الصحفي:

شكراً جزيلاً سيادة الرئيس.

الرئيس الأسد:

شكراً لمجيئكم.

المصدر: وكالة سانا
_______________________


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.