‏إظهار الرسائل ذات التسميات روسيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات روسيا. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 26 يناير 2017

هل يستطيع ترامب إقامة "منطقة آمنة في سورية"؟... هل نشهد تقاربا بين “النصرة” و”الدولة الإسلامية”؟ وصداما روسيا أمريكيا؟ وما دور مؤتمر استانة في كل ذلك؟

    يناير 26, 2017   No comments
هل يستطيع ترامب إقامة "منطقة آمنة"؟

 قاسم عزالدين

قد لا يكون حديث ترامب في المنطقة الآمنة أجدى من الأماني التركية بخصوصها وما إحالتها للدراسة ووضع الخطة سوى من علامات المماطلة. فالدراسات والخطط التي أعدّتها وزارتا الخارجية والدفاع في عهد باراك أوباما لا تشوبها شائبة على الورق. لكنها في كل مرّة كان يتم البحث في وضعها على الأرض، كانت تواجهها معضلات تتجاوز قدرة الولايات المتحدة في أولوياتها.
ما تناوله دونالد ترامب بصدد رغبته في إقامة منطقة آمنة في سوريا، جاء في سياق حديث عن شاغله الشاغل لمحاربة المهاجرين. فما وعد به أثناء حملته الانتخابية يحاول أن يقدمه بطابع التزام جدي في إدراجه ضمن ما يُعرف بتقليد أول تسعين يوماً بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
في هذا السياق تطرّق ترامب في حديثه مع قناة "أي بي سي نيوز" الأميركية، إلى التأكيد على إقامة منطقة آمنة وأن وزارتي الدفاع والخارجية "ستعدّان الدراسة لوضع الخطة". لكن ما أشار إليه هو فرع من أصل عدائية للهجرة أسهب فيها ظناً أنها علّة العلل في أميركا والعالم. وسرعان ما وقعت إشارة ترامب في وزارة الخارجية التركية موقعاً طيّباً، إذ تلقفها الناطق الرسمي باسمها حسين مفتي أوغلو مذكّراً بالفضائل التركية السبّاقة منذ زمن طويل في مضمار المنطقة الآمنة. لكنه لم يشأ المغامرة في الإشادة بما تطرّق إليه ترامب منتظراً "نتيجة الدراسة ومقاصدها" كما قال.
وفي أغلب الظن أن ما يتناوله ترامب بشأن المنطقة الآمنة، لا يتقاطع مع الدعوات التركية بأكثر من التشابه في اللفظ ولا سيما في لحظة تدعو فيها واشنطن رعاياها في تركيا إلى توخّي الحذر "على خلفية تصعيد الخطاب المعادي للولايات المتحدة". بل ربما أن مقاصد الطرفين متناقضة تماماً من وراء القصد. فبينما يتوخّى البيت الابيض إقامة المنطقة الآمنة مع وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، تأمل أنقرة أن تكون ضدها في التمام والكمال.
وقد لا يكون حديث ترامب في المنطقة الآمنة أجدى من الأماني التركية بخصوصها وما إحالتها للدراسة ووضع الخطة سوى من علامات المماطلة. فالدراسات والخطط التي أعدّتها وزارتا الخارجية والدفاع في عهد باراك أوباما لا تشوبها شائبة على الورق. لكنها في كل مرّة كان يتم البحث في وضعها على الأرض، كانت تواجهها معضلات تتجاوز قدرة الولايات المتحدة في أولوياتها. ومنها عدم استعداد واشنطن لمغامرة عسكرية على الأرض في مواجهة موسكو، كما قال جون كيري سابقاً وكما يقول دونالد ترامب اليوم ولاحقاً. ومنها أيضاً عدم استعداد واشنطن لفرض حظر طيران والتفريط بالتنسيق مع موسكو في الأجواء السورية، وهو ما يأمل ترامب توطيده في مواجهة "داعش" والنصرة كما يقول.
ما توقفت عنده إدارة أوباما من معضلات حاولت تخطيها في الاعتماد على حرب بالوكالة، لا تحظى بمثله إدارة ترامب المنكفئة على نفسها من دون أن يبقى لها الكثير من الأوراق لحرب بالوكالة على الأرض. فمعظم الأوراق في الأزمة السورية باتت في أيدي الثلاثي الراعي لمحادثات آستنة روسيا وإيران وتركيا، على ما يتقاطع عليه الثلاثي وليس على ما يرغب كل من جانبه.المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أشار إلى هذا المتغيّر فيما يدل على أن الادارة الاميركية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار المستجدات وعليها "دراسة العواقب المحتملة كافة". فقطار الثلاثي يتحرّك من محطة الأزمة السورية السابقة بتوأدة لكن بشكل محسوس. وقد شعرت بتحركه دول أوروبية كثيرة تحاول أن تحجز لها مقعداً، وفي مقدمها فرنسا بمرشحها الاشتراكي المحتمل "بنواه هامون" ومرشحها اليميني "فرنسوا فييون" فضلا عن مرشح اليسار الراديكالي "جون لوك ملنشون" ومرشحة اليمين الشوفيني مارين لوبان.
تشعر بالتحرك أيضاً دول مجلس التعاون الخليجي التي أوفدت وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح إلى طهران "من أجل حوار يتحلّى برؤية مستقبلية لمواجهة الأخطار التي تهدد المنطقة" كما نُقل عن رسالة الأمير. ولا ريب أن ما يتواتر عن اتصالات بين عمان ودمشق لمواجهة مخاطر "داعش" في البادية السورية وحوض اليرموك، قد لا يكون جلّه محض ادّعاء في ظل نقلة نوعية بين موسكو وعمان. وفي هذا السياق تدعو موسكو حزب الاتحاد الديمقراطي بين منصّات سياسية أخرى في اتجاه مرجعية مفاوضات جديدة في جنيف، وربما لقطع الطريق على الفيدرالية في اتجاه حلول أخرى.
قد تكون تعقيدات الأزمة السورية شديدة التشعّب، لكن القطار يتحرّك نحو ضوء آخر النفق.
______________

ترامب يفاجئ الروس بقرار إقامة “مناطق آمنة” في سورية.. و”الجيش السوري الحر” يتآكل لمصلحة “احرار الشام” الاخوانية المدعومة تركيا.. فهل نشهد تقاربا بين “النصرة” و”الدولة الإسلامية”؟ وصداما روسيا أمريكيا؟ وما دور مؤتمر استانة في كل ذلك؟

عبد الباري عطوان
نتائج مؤتمر استانة الذي اختتم اعماله قبل يومين فقط، بدأت تنعكس توترا وصدامات دموية على الأرض السورية بين الفصائل المسلحة، حليفة الامس، ودخول دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الجديد الى الحلبة “مبكرا”، بإعلانه عن إقامة “مناطق آمنة” في سورية “للأشخاص الفارين من العنف”.
التطور الأول، أي الاشتباكات الدموية بين فصائل الجيش الحر التي شاركت في مؤتمر استانة، وجبهة “النصرة” كان متوقعا، لان هذه الفصائل التزمت بإتفاق يحولها الى “صحوات” تنخرط في تصفية الأخيرة المدرجة على قائمة الإرهاب روسيا وامريكيا، وأخيرا تركياً، لكن ما لم يكن متوقعا هو “المناطق” الآمنة التي يريد ترامب اقامتها داخل الأراضي السورية على الأرجح.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اكد على لسان ديمتري باسكوف المتحدث باسمه صباح اليوم انه فوجيء بالموقف الأمريكي الجديد، واكد انه لم ينسق مع موسكو حول هذه المسألة، ودعاه الى دراسة العواقب التي يمكن ان تترتب على هذا القرار في تحذير واضح”.
***
انعقاد مؤتمر استانة كان احد ابرز إنجازات “الدهاء الروسي”، لانه حقق الفصل بين جبهة “النصرة” وفصائل الجيش السوري الحر أولا، وبين جبهة “النصرة” وحليفتها الاستراتيجية حركة “احرار الشام”، ووظف الطرفين الأخيرين في اطار مخطط لتصفية الأولى، أي “النصرة”، في شمال سورية، ثم الانتقال لتصفية “الدولة الاسلامية” في غربها.
بعد “اكمال” عملية الفصل على الأرض، جرت عملية الغاء لـ”الجيش الحر” كمظلة للفصائل المعتدلة، وتوحيد معظم فصائله تحت مظلة كيان قديم جديد عنوانه “احرار الشام” التنظيم الموالي لتركيا، ويعتقد انه الذراع العسكري لحركة “الاخوان المسلمين” السورية.
حركة “احرار الشام” أعلنت الحرب، وبإيعاز من تركيا، عسكريا وسياسيا، على جبهة “النصرة” وفي منطقة ادلب على وجه الخصوص:

  
   عسكريا: تحت ذريعة حماية الفصائل التي وقعت على اتفاق استانة، وتعرضت لتصفية دموية من قبل جبهة النصرة، مثل جيش المجاهدين، صقور الشام، جيش الإسلام، (قطاع ادلب)، ثوار الشام، الجبهة الشامية، وحركة استقم.
    سياسيا: من خلال وضع الحكومة التركية جبهة “النصرة” على قائمة الارهاب رسميا اليوم الى جانب “الدولة الإسلامية”، وبعد تلكؤ استمر ست سنوات، وإصدار الائتلاف الوطني السوري المعارض بيانا بعد اجتماعه الطارئ بإسطنبول، وبإيعاز تركي أيضا، ادان فيه الجبهة (النصرة)، ووصفها بأنها تنظيم إرهابي عابر للحدود، يتبنى فكرا منحرفا، وسلوك متطرف، ورفض البيان تغيير الاسم الى “فتح الشام”، واصر على ربطه بتنظيم “القاعدة”، وهذا تطور جديد أيضا.

حتى قبل استانة كانت هذه الفصائل تقاتل الى جانب جبهة “فتح الشام” النصرة، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” والجيش السوري، وشكلت معها جيشا مشتركا تحت اسم “جيش الفتح” الذي يسيطر على مدينة ادلب حاليا، فماذا حدث لتنقلب الأمور رأسا على عقب في غضون أيام او أسابيع على الأكثر؟
جبهة “فتح الشام” او “النصرة” كانت البادئة بالهجوم الشرس لتصفية الفصائل التي ذهبت الى استانة، وخاصة صقور الشام، وجيش المجاهدين، والجبهة الشامية، بضغط او تنسيق تركي لسببين:

    الأول: وصول معلومات مؤكدة ان بعض هذه الفصائل هي التي قدمت معلومات للتحالف الأمريكي عن تحركات عناصرها وقياداتها، مما أدى الى استهدافها ومقتل 13 في غارات أمريكية.
    الثاني: تعهد هذه الفصائل في الانخراط في حرب ضدها في استانة باعتبارها حركة إرهابية.

جبهة “النصرة” تواجه المصير نفسه الذي واجهته “الدولة الإسلامية” ومن قبلها الفصائل المذكورة نفسها، وبالذريعة نفسها، أي تجاهل “فتح الشام” الدعوات للاحتكام الى المحكمة الشرعية التي دعت لانعقادها حركة “احرار الشام” لحقن الدماء، الامر الذي دفع هذه المحكمة وداعميها الى وصفها، أي جبهة النصرة، بـ”الفئة الباغية” وتحميلها مسؤولية هذا التجاهل.
***
لا نعرف ما هو موقف منظري الحركات الجهادية في داخل سورية مثل الشيخ عبد الله المحيسني القاضي الشرعي لحركة “احرار الشام” و”المجاهدين”، وكذلك مواقف الشيخين ابو محمد المقدسي، وعمر عثمان ابو عمر “ابو قتادة”، اللذين انتصرا لجبهة النصرة، او بالأحرى الذراع العسكري لتنظيم “القاعدة” في سورية، في خلافها مع “الدولة الإسلامية” كما لا نعرف أيضا موقف الدكتور ايمن الظواهري، زعيم “القاعدة”، تجاه هذا التطور الذي ستترتب عليه نتائج خطيرة جدا.
اختلطت الأوراق سريعا على الساحة الميدانية السورية، وتبخرت بعض الآمال في تحقيق تسوية سياسية تحقن الدماء، وبث الحياة مجددا في العملية السياسية التفاوضية، وانعقاد مؤتمر جنيف في الأسبوع الثاني من شهر شباط (فبراير) المقبل.
لا نستبعد، او نستغرب، حدوث نوع من التقارب بين جبهة “النصرة” وتنظيم “الدولة الإسلامية” باعتبارهما في دائرة الاستهداف، مثلما لا نستبعد بداية خلاف وربما تصادم بين “الصديقين” بوتين وترامب على الارض السورية.
فإعلان ترامب عن اصراره لاقامة مناطق آمنة، واعطائه صقور وزارة الدفاع 90 يوما لوضع هذه الخطة والبدء في تنفيذها لاحقا، وترحيب تركيا السريع، كلها تتطلب فرض حظر جوي، وجود قوات ومعدات أمريكية بأعداد ضخمة على الأرض، وزيادة اعداد الطائرات الحربية، فهل ستسكت موسكو على هذا التدخل العسكري المباشر الذي سيهدد تفردها بالساحة السورية، وكيف سترد؟
الازمة السورية تنتقل الى “مربع″ جديد، وسحب التفاؤل التي سادت مؤتمر استانة مرشحة للتبدد لمصلحة سحب سوداء اكثر تشاؤمية، مما يضع الجميع امام معادلات جديدة، ونأمل ان نكون مخطئين.

السبت، 7 يناير 2017

أردوغان يسلّم أوراقه لبوتين وإيران تتوجس

    يناير 07, 2017   No comments

الجمعة، 9 ديسمبر 2016

ما هي الأسباب التي عجلت بانهيار جبهة حلب الشرقية؟

    ديسمبر 09, 2016   No comments
عبد الباري عطوان
اكد سيرغي رودسكوي المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة ان قوات الجيش السوري سيطرت على 93 بالمئة من حلب الشرقية، واستعادت اكثر من 53 حيا من احيائها، علاوة على نزوح عشرة آلاف شخص في الساعات الـ 24 الماضية، وباتت المعارضة المسلحة التي تضم المقاتلين من عدة تنظيمات ابرزها جبهة “فتح الشام”، النصرة سابقا، واحرار الشام، وجماعة نور الدين زنكي، والجبهة الشمالية، محاصرة في ثلاثة احياء فقط، واكثر من الف من مقاتليها رفعوا الرايات البيضاء والقوا أسلحتهم.
اذا صحت هذه المعلومات، وهي تبدو صحيحة، فان هذا يعني ان هذه بداية النهاية، ان لم تكن النهاية نفسها لوجود “الجهاديين” والمعارضة المسلحة في مدينة حلب، ولكن من السابق لاوانه القول انها نهاية الحرب كليا.
الجيش السوري سيستعيد حلب الشرقية بصورة كاملة في غضون 48 ساعة المقبلة سلما او حربا، سلما باستسلام المسلحين، وقبولهم مغادرة المدينة بعد القاء سلاحهم، وفق تفاهمات أمريكية روسية، او حربا لان لا فائدة من استمرارهم في القتال، خاصة ان القصف الجوي للاحياء التي يتواجدون فيها جرى استئنافه اليوم الجمعة بعد هدنة استمرت يوما واحدا لإخلاء بعض الجرحى الى تركيا، او أي مناطق أخرى، غير ادلب التي لم تعد آمنة.
***
روبرت كولفيل المتحدث باسم مجلس حقوق الانسان ومقره جنيف، اكد امرين على درجة كبيرة من الخطورة يوم امس: الأول، تلقي مجلسه تقارير تفيد بأن مجموعات من المعارضة المسلحة تمنع مدنيين يحاولون الفرار بأرواحهم، والثاني، ان مسلحين من كتائب ابو عمارة و”فتح الشام” (النصرة)، خطفوا عددا من المدنيين الذين طالبوا المعارضة بمغادرة مناطقهم حفاظا على أرواح المدنيين وقتلوا بعضهم، واختفى البعض الآخر.
هذه التقارير غير مستغربة، او مستبعد، إذا وضعنا في اعتبارنا ان صدامات دموية وقعت بين هذه الفصائل قبل أيام للسيطرة على بعض مناطق النفوذ، وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى، وتضمن الشريط الأسبوعي للداعية السعودي عبد الله المحيسني الذي بثه على قناته على “اليوتيوب” هجوما شرسا على هؤلاء المتحاربين فيما بينهم، بينما تقصفهم الطائرات الروسية من الجو، واتهمهم بالفساد، وعدم الرغبة في القتال.
من الواضح ان المعارضة المسلحة المتمركزة في حلب الشرقية فقدت الرغبة في القتال، حسب تقارير غربية، وتأكيدا لما قاله الشيخ المحيسني، وهذا ما يفسر سقوط الاحياء مثل احجار الدومينو في يد قوات الجيش السوري، مثلما اكدت هذه التقارير نفسها انه تم العثور على كميات هائلة من السلاح والذخائر والأدوية والطعام في مخازن هذه الفصائل التي استولى عليها الجيش السوري بعد انسحابهم تكفي للقتال لعدة اشهر على الأقل.
يمكن فهم هذه التطورات الميدانية غير المفاجئة لو وضعنا في اعتبارنا حقيقة جوهرية، ان أهالي حلب رفضوا منذ البداية الانضمام الى “الثورة” السورية، بشقيها المدني والمسلح لعدة اشهر، وفضلوا واقرانهم في العاصمة دمشق الوقوف على الحياد، وهذا ليس مستغربا منهم، لعقليتهم التجارية والاقتصادية، وميلهم اكثر للاستقرار، وكونهم يمثلون احد المراكز الحضرية الأساسية في سورية، ولكن الإسلاميين وسكان الأرياف فرضوا عليهم الحرب، بتحريض من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ودعمه، الذي لم يخف طموحاته في ضم كل من حلب في سورية، والموصل في العراق الى تركيا، وجرى توزيع ونشر خريطة جديدة تضم هذه المناطق، كجزء من “تركيا الجديدة”.
احد العائدين من دمشق، وهو زميل صحافي، اكد لنا ان التحضير للاحتفالات باستعادة حلب بدأت فعلا، وان هناك انباء عن وصول اكبر أوركسترا روسية للمشاركة فيها، علاوة على اكثر من عشر فرق للفولكلور الشعبي باتت جاهزة للطيران الى المدينة ومعها العديد من نجوم الغناء والموشحات الحلبية، وعلمنا ان قناة “الميادين” المقربة من محور “الممانعة” أرسلت فريقا الى حلب لبث برنامجها التحليلي الشهير “المسائية” من قلب القلعة الحلبية الشهيرة على الهواء مباشرة، كمؤشر على الامن والاستقرار، وعودة الحياة الطبيعية الى المدينة.
الزميل نفسه قال ان مطاعم العاصمة ممتلئة بالزبائن، والطرق الرئيسية في حال ازدحام خانق من كثرة السيارات، ومعنويات السكان مرتفعة جدا، وان رجال اعمال عرب وأجانب بدأوا يتوافدون الى دمشق، وتغص بهم فنادقها، بحثا عن صفقات وعقود، وهي ظواهر لم تكن موجودة قبل شهر على الأقل.
في المقابل لا يمكن اغفال بعض مظاهر القلق في أوساط بعض المسؤولين، مصدرها تقدم قوات “الدولة الإسلامية” نحو مدينة تدمر استغلالا لانشغال الجيش السوري في معارك الشمال، وتقدم قوات درع الجزيرة المدعومة من تركيا في مدينة الباب واحتلالها احياء في شمالها، في انتهاك لتفاهمات روسية تركية، اما مصدر القلق الثالث فهو القرار الأمريكي الصادر عن الكونغرس برفع الحظر عن إيصال اسلحة ومعدات عسكرية الى الفصائل السورية التي تقاتل الى جانب القوات الامريكية ضد “الإرهابيين”.
***
القلق من وصول هذه الأسلحة الامريكية المتطورة الى المعارضة التي تقاتل النظام خاصة اذا تضمنت صواريخ مضادة للطائرات (مان باد) الامر الذي قد يغير موازين الحرب لصالح هذه المعارضة، ولكن الوجود العسكري الروسي المكثف يشكل “بوليصة امان” بالنسبة للحكومة السورية، حسب اقوال احد المسؤولين السوريين.
استعادة الجيش السوري لمدينة حلب العاصمة الاقتصادية، وثاني اكبر المدن في البلاد يظل نقطة تحول جذرية في الازمة السورية، وإنجاز عسكري ومعنوي كبير للحكومة.. لكن هذا “الإنجاز″ على أهميته قد لا يكون نقطة النهاية في الحرب، طالما ان الحل السياسي ما زال في رحم الغيب.
الفصل الأهم والأخطر في الازمة السورية انتهى، لكن هناك فصول أخرى، والرئيس بشار الأسد اعترف بذلك في حديثه الى صحيفة “الوطن” التي نشرته امس، وربما يكون من الحكمة التريث وعدم التسرع في اطلاق الاحكام القاطعة.

الجمعة، 2 ديسمبر 2016

هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم كليهما؟

    ديسمبر 02, 2016   No comments
ملاحظات المحرر: هل تشير مراجعات أردوغان المتتالية والمتكررة إلى اضطرابات نفسية أم إلى انعدام الحكم المؤسساتي في تركيا أم  كليهما؟
______________ 

أردوغان يتراجع... مرة أخرى

 حسني محلي

بعد أقل من 24 ساعة على الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، خرج الأخير لينفي ما قاله سابقاً، بالقول إن «عملية درع الفرات في الشمال السوري لا تستهدف شخصاً أو دولة بل الإرهابيين». هذه الجملة تحولت إلى مادة أساسية لجميع محطات التلفزيون والمواقع الإخبارية، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي التي اتهمت أردوغان بالتراجع والتناقض الخطير، ليس في السياسة الداخلية فحسب، بل الخارجية أيضاً.

وليس جديداً أن يناقض أردوغا
رجب طيب أردوغانن نفسه في التصريحات خلال أيام أو حتى ساعات؛ ففيما كان يمتدح الداعية الاسلامي فتح الله غولن دائماً ويقول إنه قدّم إليه كل ما أراده، عاد ليعلن الحرب عليه بعدما ساهم غولن في كشف قضايا فساد نهاية عام 2013، تورّط فيها أردوغان وأولاده وبعض الوزراء المقربين منه. لكن الناخب التركي، الذي يصوّت لأردوغان، لم يعد يسمع بهذه التناقضات بفضل سيطرة الرئيس على 90٪‏ من وسائل الإعلام التي تتجاهل تصريحاته المتناقضة وتجد لها أحياناً تفسيرات غريبة.
وكان أردوغان قد قال قبل يومين، في مؤتمر عن القدس حضرته شخصيات إسلامية إقليمية وعالمية، إن «عملية درع الفرات تهدف إلى إطاحة حكم الرئيس (بشار) الأسد الظالم»، وهو ما أبرزته وسائل الإعلام العالمية، في الوقت الذي أعلنت فيه الأوساط الإسلامية أن أردوغان «زعيم تاريخي يناضل من أجل الحق، أي دعم الجماعات المسلحة في سوريا باعتبار أنها اسلامية، حتى إن كانت متطرفة».
لكنّ الإعلام الموالي له تجاهل أيضاً ردود الفعل الروسية على أقواله، خاصة حديث مصادر في الكرملن عن «غضب الرئيس بوتين من هذه التصريحات التي تتناقض مع الإطار العام لاتفاق بوتين مع أردوغان، منذ أن اعتذر الأخير من روسيا بسبب إسقاط الطائرة الروسية في ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٥». بعد ذلك، سعى مصدر في الرئاسة التركية إلى التهدئة عبر القول في الإعلام إنه «لا ينبغي تحميل الكلمات معاني أكثر مما تستحق». ويبدو أن بوتين لم يقتنع بهذه المحاولة، ما دفعه إلى تحميل وزير خارجيته رسالة واضحة يطلب فيها من أردوغان أن «يكذّب نفسه بنفسه، بأي أسلوب كان».

كان هذا «التهديد» كافياً بالنسبة إلى الرئيس التركي ليتراجع عمّا قاله قبل يومين، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب هذا التراجع وماهية العلاقة بينه وبين بوتين، في وقت وصف فيه أعضاء في البرلمان، عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أقوال أردوغان بأنها خطيرة، خاصة إذا كان بوتين يملك بعض الأوراق الخطيرة التي يلوّح بها ليجبر أردوغان أولاً على الاعتذار رسمياً من موسكو، وثانياً وقف الدعم للجماعات المسلحة في سوريا، خاصة في حلب، وأخيراً تخليه عن مشروع إسقاط الأسد.
المفاجأة الثانية ظهرت عندما اضطرت وزارة الخارجية التركية إلى اعترافها بخطأ فادح في ترجمة أقوال الوزير الروسي سيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في مدينة أنطاليا، حينما قال لافروف إنه «لا روسيا ولا سوريا، أو قواتهما الجوية، على علاقة بمقتل الجنود الأتراك قرب مدينة الباب»، فنقل المترجم هذا الكلام: «ليس الروس، بل السوريون هم الذين هاجموا الجنود الأتراك». وأشار لافروف خلال المؤتمر الصحافي إلى أنه تم «نقاش هذه المسألة بعد الحادث على عدة مستويات» مع الجانب التركي، مشدداً على ضرورة «مراجعة هذه القضية مع الولايات المتحدة وباقي الأطراف».
في غضون ذلك، يستمر تجاهل الإعلام الموالي لأردوغان، في الداخل والخارج، هذا التكذيب، كما حال تجاهل أقوال الرئيس نفسه. وكان الإعلام الموالي منذ عام يهدد ويتوعد روسيا وبوتين ويقول إن أردوغان سيلقّن الرئيس الروسي درساً لن ينساه، كما لقّن العثمانيون أعداءهم الروس درساً. ويتزامن ذلك مع الجدال المبكر حول مصير الوجود العسكري التركي ودوره المحتمل في الشمال السوري، بعدما بات واضحاً أن أردوغان لن يستطيع التصرف بالقوات التركية المذكورة إلا في الإطار الذي حدّده بوتين، ومنع فيه الجيش التركي من دخول مدينة الباب، فيما منع الأميركيون تركيا من الاقتراب من منبج التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
إلى ذلك، اتفق «حزب العدالة والتنمية» الحاكم مع «حزب الحركة القومية» على مسوّدة التعديلات الدستورية الجديدة التي تهدف إلى تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدرم، خلال مؤتمر مع زعيم «الحركة القومية»، إن التصويت على هذه التعديلات في البرلمان سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن يكون الاستفتاء الشعبي في الربيع المقبل. ويمنح الدستور الجديد أردوغان صلاحيات مطلقة في جميع المجالات، بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، على أن يجري تعيين أو انتخاب نائبين لرئيس الجمهورية.

الأحد، 4 سبتمبر 2016

نص رسالة مايكل راتني--المبعوث الأميركي-- إلى فصائل المعارضة السورية المسلحة

    سبتمبر 04, 2016   No comments
بعث مايكل راتني--المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا--رسالة إلى فصائل المعارضة السورية المسلحة هذا نصها:
_________________

السادة ممثلو الفصائل الثورية في سوريا،
أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم في أتم الصحة.
ترسل هذه الرسالة لممثلي فصائل المعارضة الكبرى، والرجاء توزيعها للفصائل الأخرى أيضاً.
لا شك أنكم الآن قد سمعتم عن الاتفاق الذي نقترب من التوصل إليه مع روسيا والذي يمكن أن يتم الإعلان عنه قريباً. فبعد مباحثات طويلة مع الجانب الروسي، نعتقد أن هذه الترتيبات يمكنها، إذا ما نفذت بحسن نية، إعادة الهدنة، ووقف الهجمات العشوائية من جانب النظام وروسيا على المدنيين والمعارضة، والحد بشكل كبير من العنف في سوريا، وتمهيد الطريق لإعادة إطلاق عملية سياسية موثوقة.
في آخر رسالة بعثتموها لي، وصفتم الحالة السيئة للهدنة وما ينبغي فعله حيال ذلك، حيث طالبتم بهدنة فعالة وشاملة في جميع أنحاء البلاد واقترحتم بعض التوصيات بشأن سبل إنجاحها هي والعملية السياسية. وقد بعثتم أيضاً برسالة إلى الأمم المتحدة حددتم فيها متطلبات هدنة إنسانية في حلب، وأكدتم على ضرورة إدراج طريق الراموسة في أي خطة لإيصال المساعدات الإنسانية إليها.
لقد سمعنا كلماتكم وفهمنا مواقفكم. ونعتقد أننا على وشك التوصل إلى تفاهم مع الروس له القدرة على معالجة هذه المخاوف. وقد تفاوضنا مع روسيا على هذا الاتفاق على أساس الساعات الطويلة من المدخلات التي تلقيناها من المعارضة. وهذا يتضمن مدخلات من فصائل المعارضة المسلحة والفصائل السياسية المعارضة الأخرى. ونعتقد أيضا ان هذا الاتفاق يفترض ان يكون أقوى من اتفاق الهدنة الأصلية لأنه من المفترض أن يمنع روسيا والنظام من قصف المعارضة والمدنيين بذريعة ضرب جبهة النصرة.
في هذه الرسالة، أود أن:
1ـ أشرح أسباب هذا الاتفاق.
2ـ أبين ما تم الاتفاق عليه مع روسيا.
3ـ أخبركم عمّا نتوقع أن يحدث.
4ـ أوضح كيف أننا سنحتاج إلى تعاونكم لاستعادة الهدنة.
5ـ أصف كيف أن هذا كله يتعلق بالعملية السياسية.
لماذا وصلنا إلى هذا الاتفاق؟
الجميع يقر بأنه للتوصل إلى حل في سوريا، لا بد لنا من التحدث مع الروس. واسمحوا لي أن أكون صريحاً معكم: لقد كان التعامل مع روسيا صعباً للغاية، إذ من الصعب جداً إجراء هذه المباحثات مع الروس حتى وهم يقتلون السوريين بشكل يومي. تسألنا المعارضة باستمرار: «كيف يمكن لروسيا أن تظل راعية للعملية السياسية بينما تتصرف في الوقت نفسه كطرف أساسي في الصراع». ونحن نسأل أنفسنا هذا السؤال كل يوم.
لكن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتظاهر بعدم وجود روسيا ودعمها للنظام. كما لا يمكن لروسيا أن تتظاهر بعدم وجود الولايات المتحدة ودعمنا للمعارَضة. وكلانا ليس لديه أي خيار سوى التعامل مع الآخر. وهذا يعني أن الولايات المتحدة وروسيا عليهما أن يعالجا مخاوف بعضهما البعض.
لقد أدى بنا هذا الواقع إلى حيث نحن الآن. فبواعث قلقنا هي هجمات النظام المتواصلة على المعارضة، وهجماته الوحشية على المدنيين السوريين، وسوء نيته في تنفيذ هدنة شباط 2016، وإهماله للعملية السياسية. أما مصدر قلق روسيا ـ وقلقنا أيضا ـ هو وجود الجماعات المتطرفة، وفرع تنظيم القاعدة في سوريا، الذي يعرف الآن باسم جبهة فتح الشام.
إن الهدف من الاتفاق الذي سمعتم به هو معالجة هذه القضايا.
ما الذي اتفقنا عليه مع روسيا؟
الملامح الرئيسية للاتفاق هي: أن تقوم روسيا بمنع طيران النظام من التحليق، وهذا يعني عدم حدوث قصف من قبل النظام في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بغض النظر عمن يتواجد فيها، بما في ذلك المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام إلى جانب فصائل المعارضة الأخرى، وبالمقابل، نعرض على روسيا التنسيق من قبلنا بشأن إضعاف القاعدة في سوريا. وهذا التنسيق سيتضمن تفاهماً يقضي بأنه لن تكون هناك عمليات قصف من قبل النظام ولن يكون هناك قصف عشوائي روسي.
ما هي شروطنا قبل تنفيذ الاتفاق؟
قبل أن ننفذ أي اتفاق، قلنا للروس ان عليهم هم والنظام انهاء الهجمات على المعارضة وإعادة الالتزام بالهدنة. وقد وضعنا سقفا عاليا من الشروط، من ضمنها انسحاب النظام من طريق الكاستيلو، وانهاء القتال حول طريق الراموسة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب من خلال كل من طريقَي الراموسة والكاستيلو، وانهاء الهجمات والعمليات الهجومية في جميع انحاء البلاد. وقلنا ان كل هذه الأمور يجب ان تتم قبل ان تنفذ الولايات المتحدة وروسيا أي اتفاق.
وقد قال لنا الروس انهم موافقون على القيام بكل هذه الأمور، وعليه فإننا نعتقد انهم سيجبرون النظام على الامتثال، لكن علينا ان نختبر هذا الأمر، فكما قلنا في العديد من المرات، إن التفاهم مع روسيا لن يكون قائما على الثقة.
وكنتيجة لذلك، سنقوم قريباً جداً بالدعوة إلى إعادة الالتزام بالهدنة في جميع انحاء البلاد وسوف نحتاج إلى تعاونكم معنا.
ما الذي سينبغي على المعارضة فعله؟
بشكل أساسي، نحتاج من المعارضة ان تعيد الالتزام بالهدنة في وقت وتاريخ سيتم تحديدهما قريباً. وهذه الهدنة ستكون في جميع انحاء البلاد. وستشمل كامل مدينة حلب. بما في ذلك طريق الراموسة، وجميع الجهات. وهذا يعني أيضاً اننا نحتاج إلى ضمانات من المعارضة بأن لا تكون هناك عقبات امام الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في مدينة حلب.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الإجراءات الأخرى الخاصة بحلب والتي ستدخل حيز التنفيذ.
أولاً، المتوقع ان تتضمن الهدنة وقفاً كاملا للعمليات العسكرية من جانب النظام والقوات الموالية للنظام والمعارضة في منطقة طريق الراموسة. وبعد بدء الهدنة، ستدخل المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى مدينة حلب.
ثانياً، سيتم انشاء حاجزي تفتيش على طريق الكاستيلو لضمان حرية حركة المساعدات الإنسانية والمرور من والى مدينة حلب. تفاصيل هذين الحاجزين، ومن هي الجهة التي تتول ادارتهما، ينبغي الاتفاق بشأنها بيننا من جهة، وروسيا من جهة أخرى. ونتوقع ان نحتاج إلى تعاون الفصائل المسلحة في المنطقة لإقامة الحاجزين بصورة آمنة.
ثالثاً، بعد ان نستأنف الهدنة ويتم انشاء حاجزي التفتيش، سيقوم النظام والقوات الموالية له بسحب قواتهم من طريق الكاستيلو. وسيصبح طريق الكاستيلو منطقة منزوعة السلاح وعلى وجه التحديد فإن النظام سيقوم بها.
] سحب الأسلحة الثقيلة مثل مركبات القتال المدرعة، ومركبات المشاة القتالية، والدبابات، والمدفعية، ومدفعية الهاون إلى مسافة 3.500م شمال الطريق.
] سحب الرشاشات التي يحتاج تشغيلها إلى أكثر من عنصر، وناقلات الجنود بي تي آر 60، والمركبات القتالية بي ام بي 1 بدون منصة صواريخ موجهة ضد الدروع، إلى مسافة 2.500م من شمال الطريق.
] سحب جميع الافراد، عدا الافراد الموجودين في نقطتي الرصد، إلى مسافة 1000 متر شمال الطريق وتقتصر أسلحتهم على الأسلحة الصغيرة او الرشاشات الخفيفة.
] وعلى الجانب الجنوبي من الطريق، سحب جميع الافراد، والأسلحة والمعدات الى مسافة 500 متر من الطريق.
] إقامة ما يصل الى نقطتَي رصد على مسافة لا تقل عن 500 متر شمال طريق الكاستيلو مع كادر من الافراد لا يتجاوز عددهم 15 فردا مجهزين بأسلحة صغيرة فقط لأغراض الدفاع عن النفس ومعدات مراقبة.
] عدم إعاقة أي مرور إنساني، او مدني او تجاري على طريق الكاستيلو.
] عدم الدخول إلى المناطق التي تنسحب منها فصائل المعارضة أو إقامة مواقع في المنطقة المنزوعة السلاح، غير نقطتَي الرصد.
رابعاً، يتعين على المعارضة احترام المنطقة المنزوعة السلاح على طريق الكاستيلو، الامر الذي سيتطلب من قوات المعارضة أيضاً الانسحاب من مناطق معينة. وقريباً سنطلعكم على التفاصيل الخاصة بتلك المتطلبات. لكن بشكل عام، فإن المتوقع من فصائل المعارضة هو عدم إعاقة أي مرور إنساني أو مدني أو تجاري على طريق الكاستيلو، وعدم دخول المناطق التي تنسحب منها قوات النظام والقوات الموالية لها أو إقامة مواقع في المنطقة المنزوعة السلاح، وبذل كل ما في وسعها لمنع قوات جبهة فتح الشام من التقدم إلى المنطقة المنزوعة السلاح من مناطق سيطرة المعارضة المجاورة لها.
سيكون تسلسل الخطوات بالشكل التالي:
أولاً، جميع الأطراف ستعيد الالتزام بالهدنة في الوقت والتاريخ اللذين سيتم تحديدهما قريباً. وفي الوقت نفسه، ستدخل حيز التنفيذ أيضاً الإجراءات الأربعة الخاصة المشار إليها أنفاً.
ثانيا، المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ستدخل مدينة حلب فور عودة الالتزام بالهدنة، وعلى الأرجح ان يكون دخولها من خلال طريق الكاستيلو. لكن شحنات المساعدات الإنسانية الأممية اللاحقة ستدخل حلب من خلال طريق الراموسة.
ثالثا، بعد 48 ساعة من الهدنة، وفي حال نجاحها، سيتم تمديدها.
رابعا، بعد مرور سبعة أيام متواصلة من الالتزام الموثوق بالهدنة، وإقامة حاجزَي التفتيش، وسحب القوات ستبدأ الولايات المتحدة وروسيا الخطوات لمنع تحليق طيران النظام بشكل كامل والعمل معا لإضعاف القاعدة في سوريا.
ما هي الخطوات التالية وما علاقتها بالعملية السياسية؟
ان هذا الاتفاق مهم للعملية السياسية لأننا نعتقد ان تحديد الالتزام بالهدنة يمكن ان يفتح الباب لعملية سياسية منتجة. أما في ظل الظروف الراهنة، حيث الوضع على الأرض في غاية السوء، فإنه ليس من الممكن عودة الأطراف إلى جنيف.
أنا حريص للغاية على سماع افكاركم وملاحظاتكم حول مضمون هذه الرسالة، وسنعود للاتصال بكم قريباً لتزويدكم بتفاصيل أكثر دقة عن الترتيبات الخاصة بمدينة حلب.
وتفضلوا بقول فائق التقدير والاحترام.
مايكل راتني
مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا

الاثنين، 8 أغسطس 2016

«ثغرة الراموسة» تعيد «التوازن» ومن اجل ثغرة دبلوماسية لفلاديمير ورجب قبل لقاء سان بطرسبورغ

    أغسطس 08, 2016   No comments
حلب بانتظار سان بطرسبورغ، وقد تنتظر العمليات العسكرية اللقاء الرئاسي التركي الروسي، قبل ان تحتدم من جديد، او تتضح وجهة العمليات، والصفقة السياسية. العودة الى ما قبل محاصرة الجيش السوري حلب الشرقية قد تكون الورقة التي حاول الهجوم التركي، عبر المجموعات المسلحة في حلب الحصول عليها، قبل ان يضع الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غدا في سان بطرسبورغ، نقطة النهاية على مصالحة تنتظر مصافحة، وربما قبلات الختام. ولكي لا يلتقي الرئيس التركي بنظيره الرئيس الروسي، مهزوما استمات الاتراك، والحزب الاسلامي التركستاني، بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس مجازا، بل وانتحروا بالعشرات عند اسوار كلية المدفعية والتسليح والفنية الجوية جنوب غرب حلب من اجل ممر، غير آمن، يبلغ عرضه ٩٠٠ متر، بطول كيلومترين، ويمتد من اطراف العامرية شرق حلب مخترقا الراموسة حتى كلية التسليح، حيث التقت ارتال المهاجمين، بالخارجين من حلب الشرقية وحصارها.
تحسين شروط اللقاء بين المتصالحين، واتمام العرس التركي ـ الروسي، قد يكون فرض اعادة تصحيح ميزان القوى نسبيا، بعد ان اختل كليا لمصلحة الجيش السوري في حلب، مركز الصراع على سوريا. الحرب على حلب من اجل التوازن في سان بطرسبورغ اعلن عنه رجب طيب اردوغان، الذي قال امس الاول ان «النظام حاصر حلب لكن المعارضة اعادت التوازن».

وبالعكس مما كان منتظرا بعد الانقلاب التركي الفاشل، لا يملك الرئيس التركي في لحظة احتدام مواجهة حاسمة مع الجناح الاخر للاسلاموية التركية، وتصفية الاتاتوركية، رفاهية التخلي ايضا عن خمسة اعوام من التدخل في سوريا، او اسقاط ورقة حلب، التي قد تكون آخر اوراق المساومة التي لا يزال قادرا على استخدامها في مواجهة الجميع: الروس والاميركيين والايرانيين، من اجل اعادة صياغة علاقاته بالجميع على ضوئها، او استقبال الادارة الاميركية الجديدة ايا كان القادم الى البيت الابيض، من دون الامساك بمفاتيح الحرب المقبلة على الارهاب، التي ستظل لوقت طويل ورقة رابحة للتدخل في ما يتعدى جنوب الاناضول. وفي لحظة تراجع الجيش التركي وانهماكه لسنوات طويلة بعمليات اعادة هيكلة وتطهير مضنية، ستقلص من دوره الداخلي، والخارجي، لا بد من التعويض عن الخسارة الاستراتيجية العسكرية، ومواصلة استخدام الساحة السورية، ساحة تنافس مع القوى الدولية الاخرى، عبر ما تتيحه اجهزة المخابرات التي لا تزال مخلصة للرئيس التركي، والتي لا تحتاج الا للمجموعات الشيشانية والتركستانية، وتحالف عريض ومنظم من الاخوان المسلمين والسلفيين، لمواصلة التدخل في سوريا.
وليس مؤكدا باي حال، حتى ولو قرر الاتراك تكتيكيا اعتبار ثغرة حلب، وملحمتها الكبرى مجرد عملية تقتصر مفاعيلها على موازنة لقاء سان بطرسبورغ، الا انه من المستبعد ان تستدير السياسة التركية ١٨٠ درجة ، وتغير من تحالفاتها الاستراتيجية مع حلف الاطلسي والولايات المتحدة، لبناء تحالف تكتيكي مع ايران والروس. ان المصالحة الروسية التركية كانت لا تحتاج الى صفقة على سوريا الى ان بدأ الروس بالانخراط جويا عبر «عاصفة السوخوي»، ووضع قدم على الارض السورية.
كان الروس والاتراك والايرانيون ايضا، قد بنوا نموذجا فريدا من العلاقات البراغماتية التي نجحت، مع بعض التوتر، في ارساء فصل كامل بين الملف السوري والحرب بالوكالة بينهم في سوريا من جهة، وبين الوصول الى اتفاقات اقتصادية وتجارية كبيرة من جهة ثانية. وهكذا سارت اتفاقية السيل الجنوبي الروسية التركية، وانشاء مفاعلات نووية روسية في تركيا التي عقدها الرئيسان بوتين واردوغان، على وقع المواجهة في سوريا، وتعايش الروس والايرانيون مع دور تركي كبير في الحرب على سوريا. اردوغان سيذهب في لحظة التوازن الجديدة كما يعتقد الى استنباط حل مشترك او صفقة اقليمية بقوله انه «سيدعو الى مؤتمر اقليمي من اجل الحل في سوريا».
ان استمرار هذا النموذج من العلاقات البراغماتية، قد لا يكون ممكنا اليوم بعد انخراط الروس مباشرة في سوريا والذين اصبحت حدودهم المباشرة مع حلف شمال الاطلسي وتركيا، كما ان هزيمتهم في سوريا، لو كانت ممنوعة فعلا، قد لا تسمح بهذا النوع من العلاقات مع تركيا، التي تشكل رأس الحربة في القتال ضد مصالحهم ومصالح حلفائهم في سوريا، وهو ما ينبغي ان يجيب عليه لقاء سان بطرسبورغ. ورسميا لا تقع سوريا على اجندة اللقاء الذي سيقتصر رسميا، على تفعيل الاتفاقات التجارية، واحياء مشروع السيل الجنوبي، لنقل الغاز الروسي الى اوروبا عبر تركيا.
وجلي اليوم ان الثغرة التي احدثت في الراموسة، ليست وليدة رد الفعل من فصائل حلب على محاصرتها في شرق المدينة، كما روجت لذلك عناوين الحملة الاعلامية، والطرق الاعلامي السعودي والقطري الذي رافق الهجوم على المدينة، بل هي عملية عسكرية، خاض فيها الجيش السوري معارك مع جيش كلاسيكي، يملك اسلحة دبابات ومدرعات، وراجمات صواريخ، وطائرات استطلاع، واجهزة استخبارات ومعلومات وفرتها طلعات طائرة «اواكس» تركية لم تتوقف عن التحليق في المنطقة منذ شهر ونصف الشهر. وتقول المعلومات ان ٣٠٠ آلية، من بينها ٥٠ دبابة هاجمت مواقع الجيش السوري على جبهة تنقص عن ٨ كيلومترات، بالاضافة الى عشرات الانتحاريين.
فمنذ ان بدأت العملية الروسية في حلب نهاية ايار الماضي، وانطلاق التمهيد الناري لها حتى العاشر من حزيران، قبل ان تتقدم الوحدات السورية نحو مزارع الملاح، وتبدأ باقفال طريق الكاستيلو، كان الاتراك يعدون على الفور، غرفة عمليات اضافية في انطاليا، خصصت بعد انطاكيا، لمراقبة تقدم العملية الروسية في حلب. وفي مطلع تموز بدا الاتراك نقل مدرعات، نحو كفر حمرة شمال حلب، تم تعديل ابراجها في مشاغل الجيش التركي، لتسليح «فرقة الحمزة»، و «احرار الشام». وعندما اكتمل الطوق على حلب، في السابع والعشرين من تموز الماضي، فور احتدام المعارك حول حلب، وفي اطار الاعداد لاختراق جنوب المدينة، عبرت الحدود التركية من باب الهوى، الى اعزاز ارتال مؤلفة من مئة شاحنة متوسطة وسريعة، جاءت من ادلب الى تركيا عبر باب السلامة، وحملت ألف رجل من دون اسلحتهم، وعبرت حواجز وحدات حماية الشعب التركية، في منطقة عفرين، واتجهت الى دار عزة قرب حلب، حيث تلقت اسلحتها. وفي مطلع الشهر، نقل الاتراك مجموعات ضمت اكثر من ٨٠٠ مقاتل من «احرار الشام»، كانت تتمركز في اعزاز منذ ثلاثة اشهر، وتشكل جزءا من رتل جاء به الاتراك من ادلب، لتدعيم خطوط المجموعات المعارضة، ومنع تقدم القوات الكردية نحو منطقة باب السلامة انطلاقا من تل رفعت.
وبعد ٢٤ ساعة من القتال المتواصل يومي الخميس والجمعة، وموجتين من الهجمات، لم تكن هناك مؤشرات على احتمال احداث اي ثغرة في الحصار المفروض على حلب الشرقية. وكانت الموجة الاولى من المهاجمين قد انطلقت من قرية المشرفة غرب المدينة، نحو اسوار كلية التسليح ومدرسة المدفعية والفنية الجوية. ودارت المعارك من الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر، حتى الواحدة والنصف ليلا من دون ان ينجح جيش من ستة الاف مقاتل على امتداد الجبهة من اختراق مواقع الجيش السوري. وانتهى الهجوم الثاني مساء الجمعة، بعد انطلاقه منتصف الليل، باسترجاع كافة المواقع التي انسحب منها الجيش السوري، وصد الهجمات عند الراموسة.
وبدأ الخرق في الراموسة، وفي كلية التسليح بحسب غرف العمليات السورية، عند التاسعة من ليل الجمعة، دون ان تكون له مبررات عسكرية او ميدانية، حيث كان الجيش السوري في الكليات العسكرية، وحلفاؤه من مقاتلي حزب الله والايرانيين في العامرية، وجنوب الراموسة في معمل الاسمنت، قد ثبتوا خطوط الاسناد، واوقفوا الموجة الثانية من هجمات يوم الجمعة. واتبع المهاجمون نمط انهاك القوى المدافعة عن المدينة بارسال موجات من المهاجمين والدبابات والانتحاريين، مع ميزة القدرة على ارسال قوات جديدة، بعد كل انتكاسة، لتجديد الهجوم، بالابقاء على ارتال جاهزة في الخطوط الخلفية لمتابعة وتيرة العمليات، فيما لم يستطع الجيش السوري وحلفاؤه تعويض الخسائر، او ارسال تعزيرات الا بعد الموجة الثانية من الهجمات، حيث وصل لواء القدس، من حندرات، ووحدات من الحرس الجمهوري كانت ترابط في الليرمون شمال المدينة، وقوات خاصة تابعة للعقيد النمر سهيل الحسن. وكانت القوات المدافعة قد اوقعت اكثر من ٧٠٠ قتيل ومئات الجرحى في القوات المهاجمة، بفعل كثافة الغارات الجوية، والقصف المدفعي، وشجاعة المقاتلين الذين كانوا يتقدمون لضرب المفخخات المهاجمة الى مسافات قريبة بالصواريخ، ومنع وصولها الى اسوار الكليات العسكرية، واستشهد العديد منهم جراء عصف الانفجارات القريبة. وساد الاعتقاد في غرف العمليات ان استنزاف العدو، سيؤدي الى اجباره على التراجع، وهو ما لم يحصل، فضلا عن عدم اتضاح الاوامر بعد صد الهجمات.
ومن اجل ثغرة دبلوماسية لفلاديمير ورجب، ارسلت القيادة التركية افضل وحداتها. وتقول معلومات التنصت السوري، ان الوحدات التي شاركت في الموجة الثانية من الهجوم تلقت اوامر لمغادرة ساحة العمليات، مع فريقها الاعلامي، والتمركز في شمال حلب. وعند التاسعة وصلت قوات تركستانية صينية الى مسرح العمليات، ضمت عشرات الانتحاريين، الذين تدفقوا من الغرب في وقت واحد مع المدرعات التي تقدمت من الشرق. وامام كثافة الهجوم، صدرت عند الواحدة والنصف فجر الجمعة اوامر بالانسحاب من الكليات والابتعاد عنها، كي يتسنى للطيران قصف المهاجمين. وخلال الليل كان الطيران السوري، وحده دون الروسي، يقاتل المهاجمين، قبل ان يعاود الروس طلعات كثيفة صباح امس.
واذ استطاعت المجموعات المسلحة الحصول على ممر ضيق، الا ان الممر يبقى تحت نيران الجيش السوري. اذ ان عرض الممر لا يتجاوز الـ٩٠٠ متر وطبيعة المواقع التي يتحكم بها شمال الممر «حزب الله» والايرانيون، وجنوبا وحدات العقيد النمر والحرس الجمهوري، لا تسمح بالقول ان الحصار على حلب الشرقية قد سقط. اذ ان الممر لن يكون قادرا على تامين حركة عبور المدنيين، او ضمان سيطرة المسلحين عليه من هجمات الجيش. ومن دون التوسع جنوبا وشمالا، وهو ما سيكون صعبا، من غير المتوقع ان تستمر ثغرة الراموسة لوقت طويل، حيث تستمر عمليات القصف الجوي والمدفعي، لعمليات جديدة، فيما تقول معلومات ان قائد فيلق القدس، قاسم سليماني الذي وصل حلب منذ ستة ايام، للاعداد لهجوم نحو ادلب، سيكون هو ايضا، في عداد الحملة الجديدة، خصوصا ان الايرانيين والعراقيين، استكملوا الاستعدادات لعمليات اوسع.
*******************************
--محمد بلوط 

السبت، 28 نوفمبر 2015

حادثة إسقاط المقاتلة الروسية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة وإقصاء القوى الصاعدة مثل روسيا والصين يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار ليس تركيا منفردة

    نوفمبر 28, 2015   No comments
 معالجة حادثة إسقاط المقاتلة الروسية ضمن موازين القوى الدولية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة وإقصاء القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين وروسيا، يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار لا تنطبق عليه مواصفات دولة من الدرجة الثانية، كتركيا، والتي لا تقدر على تحمل نتائج فعلة لها انعكاسات إقليمية ودولية بمفردها.

تراجع سريعاً تبرير تركيا عالمياً بالزعم أن إسقاط القاذفة الروسية جاء عقب اختراقها الأجواء والسيادة التركية، على الرغم من اختراق الطائرات الحربية التركية المتكرر لأجواء اليونان والعراق وسوريا وأرمينيا. وأثار موجة تداعيات وردود فعل متباينة، أبرزها توفير الرئيس أوباما غطاء سياسياً لأردوغان وحقه "في الدفاع عن سيادة أراضيه وأجوائها" واعتباره العمليات العسكرية الروسية "تسهم في تفاقم الأزمة لا سيما باستهدافها قوى من المعارضة السورية تدعمها تركيا."

وقطع الرئيس الروسي بوتين الشك باليقين، صبيحة الجمعة 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بإعلانه أن قيادة بلاده أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بمهمة طائرتها قاذفة القنابل التي أسقطها سلاح الجو التركي، واستطراداً أن تركيا بحكم موقعها في حلف الناتو تلقت علماً بهوية الطائرة ومنطقة عملياتها.

وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي إن ”الولايات المتحدة قائدة التحالف الذي تشارك فيه تركيا، تعرف مكان وتوقيت مرور طائراتنا، وتم ضربنا في المكان والتوقيت المحدد بالضبط" مؤكداً أن زعم تركيا الجهل بطائرة السوخوي 24 "عذر عبثي" محذراً أردوغان من اللعب بالنار.

في نظر القانون الدولي الصرف، المقاتلة الروسية "لم تقم بمهمة عدائية تجاه تركيا" وبالتالي فإن تركيا عرضت نفسها للمساءلة بارتكابها "جريمة حرب" بل من أبرز تداعيات القرار التركي أنه ضاعف من احتمالات مساءلة القيادة التركية وتكبيدها أثماناً باهظة في مقدمتها تعزيز الموقف الروسي وانخراطه الفعلي في سوريا، جسده الكرملين بإرسال أحدث منظومة في دفاعاته الجوية،
أس 400، للأراضي السورية وبالقرب من الحدود التركية، وخشية تل أبيب من إمكانية تهديدها لأي طائرة تقلع أو تهبط في مطار اللد، أو أي طائرة "إسرائيلية" في سماء لبنان. 

كما أرسلت موسكو أحد أحدث طراداتها العسكرية، موسكوفا، قبالة سواحل اللاذقية والذي يعتبره حلف الناتو "قاتل حاملات الطائرات" لمميزاته التسليحية المتطورة منها منظومة دفاع صاروخية من طراز "فورت" مشابهة لمنظومة أس 300 وتتميز بقدرة مناورة عالية".

تركيا من جانبها حافظت على لهجة التصعيد والتحدي، لا سيما بعد اعلان روسيا تخاذ اجراءات مقاطعة اقتصادية بديهية ضدها، للتمويه على قرارها "بتعليق" طلعات مقاتلاتها بالقرب من الحدود السورية، رافقتها موسكو بتصعيد عملياتي من جانبها وتحديداً في الشريط الممتد من جرابلس السورية الى واحل البحر المتوسط، وهي المنطقة التي صرح اردوغان بانه سيعلن عن انشاء منطقة "آمنة،" أو حظر جوي.

تراجع تركيا ميدانياً دللت عليه موسكو باستهداف حقيقي مدروس لقوافل حاملات النفط السوري المهرب باتجاه الأراضي التركية، بل نيتها الاستمرار والتدرج في ذلك لحرمان تركيا من التنعم بالمسروقات السورية. التراجع ايضا دليل بيّن على هوية صاحب القرار في التصعيد والتهدئة، ومؤشر أيضاً على أن اردوغان وطموحاته بعد فوز حزبه باغلبية المقاعد البرلمانية مؤخرا، يبدو ابعد ما يكون عن تحقيق اي من اهدافه المعلنة بتقسيم سوريا وبسط نفوذه عليها وعلى العراق في آن.

الدول الملحقة بالتحالف مع تركيا، لا سيما في الخليج العربي، اعربت عن ارتياحها الفوري لاسقاط الطائرة الروسية باعتباره "قرار سياسي وتصعيد محسوب" من تركيا، كما اوضح الصحافي "السعودي" جمال الخاشقجي، مبشرا ان "ما قبل الحادث لن يكون هو ذاته ما بعد ذلك." رئيس مركز "بيلغي اسلام" البحثي في انقره، اتيلا صانديكلي، اعتبر قرار بلاده تهور سياسي وجاءت "هذه الحادثة لتزيد الطين بلة."

الناتو يحفظ خط التراجع
استجاب حلف الناتو لدعوة تركيا بالانعقاد الطاريء في مقره ببروكسل متخذا قراره بدعم انقره دون التكامل مع مطلبها بتدخل الحلف عسكريا لجانب احد اعضائه، بل طالب بعض مندوبيه الرئيسيين انقره "التحلي بالتهدئة وعدم التصعيد،" والادلاء بصريح العبارة ان تركيا "لم تقم بمرافقة المقاتلة الروسية خارج مجالها الجوي،" مناشدين انقرة عدم الاقتراب من "حافة الهاوية."

منذ دخول روسيا المباشر في القتال في سوريا، استمزجت قيادتها العسكرية ردود فعل حلف الاطلسي عبر اختراق طائراتها الاجواء التركية على مدى يومين متتاليين، مما دفع قيادة الحلف "التنديد بانتهاك سيادة الاجواء التركية، وانتهاكها مسرح عمليات قوات الحلف."

في هذا السياق أيضاً، حل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفا على البيت الابيض في اطار زيارة كانت مقررة مسبقا، فور وقوع اسقاط القاذفة الروسية، رمى منها حث واشنطن الانضمام الفعلي لجهود موسكو وتصديهما المشترك لداعش، الأمر الذي لم يلقَ تعاطفا جادا من قبل الرئيس اوباما. وتوجه عقب ذلك للقاء الرئيس الروسي بوتين في موسكو بغرض التنسيق العملياتي المذكور. اللافت انها المرة الاولى التي يعرب فيها الجانب الفرنسي عن حشد الجهود جنبا الى جنب مع الجيش العربي السوري، وروسيا، لمقاتلة داعش، "الذي يشكل العدو الاوحد لفرنسا." حركة هولاند ادت باردوغان للتغريد وحيدا خارج السرب على يد اقرب حلفائه الاوروبيين.

لعل الأبرز في التصريحات الفرنسية منذ جولة هولاند ولقاءاته مع اوباما وميركل وبوتين "احجامه" عن المطالبة برحيل الرئيس الاسد كما درجت السياسة الفرنسية عليه منذ بدء هجمات المجموعات المسلحة على الدولة السورية. هولاند تسلم "تصدر" الملف السوري ليس للهجمات الارهابية الاخيرة في بلاده، بل ايضا بحكم انشغال المانيا ومستشارتها ميركل بالازمة الاقتصادية مع اليونان وتداعياتها على لحمة الاتحاد الاوروبي برمته. وعليه، نستطيع القول ان فرنسا هولاند اضحت في المقعد الامامي الاوروبي والغربي معا في التعامل مع الازمة السورية.

علاوة على ما تقدم في الساحة السورية، لوحظ تراجع اوروبي واضح، المانيا وفرنسيا بالذات، من تصعيد الموقف مع روسيا في اوكرانيا وشبه جزيرة القرم، مما يؤشر إلى أن المبادرة الفرنسية نضجت بمباركة اميركية لتجاوز مرحلة سياسية عادت على الدول الاوروبية بالضرر الاقتصادي واستشراء الارهاب في اراضيها. حركة هولاند "المفاجئة" وتصريحاته الايجابية نحو الجيش العربي السوري ربما أتت تتويجا واقتداء بسلفه شارل ديغول القائل "رجال الدولة يتراجعون امام المحن."

آفاق المرحلة المرئية
الاستناد إلى لغة التصريحات الرسمية حصراً لا يعدو كونه أحد العوامل التي تؤخذ في الحسبان لاستقراء التحركات السياسية للقيادات المنخرطة والفاعلة في الصراع: بوتين، اوباما، هولاند، والى درجة اقل بكثير يأتي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. التصريحات التصعيدية الصادرة عن كل من روسيا وتركيا تؤشر على نضوج ازمة يحرص الطرف الاضعف على عدم الذهاب بعيدا فيها لنقطة التفجير.

مفصل الافتراق الروسي الأميركي ليس في الموقف من شخص وموقع الرئيس السوري بشار الاسد، بل لطبيعة تعريف القوى والمجموعات الارهابية. موسكو ودمشق تعتبران أن كل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية ويرتبط باجندة وتمويل خارجي تنطبق عليه صفة الإرهاب ينبغي اجتثاثه. واشنطن وحلفاؤها الإقليميون يوفرون الدعم التسليحي والتمويلي والغطاء السياسي لمروحة واسعة من مسميات واستنساخات التنظيمات الإرهابية، وتحرص على إقصاء روسيا من التعرف على مواقع "المعارضات المعتدلة" واستهدافها.

بيد أن الاغراض المرجوة من استيلاد تلك المجموعات ومشتقاتها لم تؤتِ أكلها في اطار الاستراتيجية الاقليمية والكونية للقوتين العظميين، وتراجعت اهميتها الميدانية بالنسبة لمشغليها باضطراد مع بدء الدعم الجوي الروسي لقوات الجيش العربي السوري. واضحت "عبأً" على مشغليها ينبغي ادارته وتحجيمه الى مستوى بقائها تحت السيطرة وعند الطلب، لاسيما بعد اعلان قادة من "لواء التركمان" مسؤوليته عن اغتيال الطيار الروسي اثناء هبوطه بمظلته في قرية يمادي السورية.

تفجيرات باريس الاخيرة فرضت واقعاً جديداً ومستجداً على بعض الدول الاوروبية، وتحول بعض مواقفها بالابتعاد عن دعم الارهابيين وتسهيل دخولهم للاراضي السورية عبر تركيا. وجاءت تحركات فرنسا هولاند والتقرب من روسيا تجسيد على التحولات الجارية في المواقف الاوروبية. وأثمرت ايضاً انحراف المانيا بنفس الاتجاه، اذ صرحت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، الجمعة 27 نوفمبر، ان بلادها قررت الانضمام ومشاركة فرنسا الحرب على الارهاب "بناء على طلبها."

على هدي قاعدة "رب ضارة نافعة" يستعيد الرئيس الروسي بوتين مركزيته في تصدر التحركات السياسية على امتداد الساحة الدولية، اسوة بما حققه من نجاح في دورة الجمعية العمومية للامم المتحدة الاخيرة، باعلانه انخراط بلاده مباشرة في الازمة السورية.

ستشهد باريس مطلع الاسبوع المقبل، الاثنين 30 نوفمبر، انعقاد "مؤتمر باريس للمناخ،" الذي سيحضره عدد وافر من قادة العالم من بينهم الرئيس الاميركي باراك اوباما.

حافظ الرئيس بوتين على "تجاهل" استقبال مكالمات الرئيس اردوغان للتحدث معه هاتفيا عقب اسقاط المقاتلة الروسية. وجاء في آخر تصريحات اردوغان انه وجه طلبا رسميا للقاء الرئيس بوتين في باريس خلال انعقاد المؤتمر المذكور وتقديم الاعتذار العلني رسميا، كما يعتقد. سبق طلب اردوغان الاخير تصريحات ادلى بها رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو يعلن استعداد بلاده "لتهدئة الاوضاع مع روسيا .. والاستعداد للتعاون معها بشأن داعش."

الرئيس بوتين لم يعلن عن استجابته او جوابه بعد، بيد ان الاجواء السياسية الراهنة تطغى عليها نتائج زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو واعلان الجانبين تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالمجموعات الارهابية في سوريا.

في هذا السياق، نعود "لرؤية" المحلل "السعودي،" جمال الخاشقجي بأن ما سبق عملية اسقاط المقاتلة الروسية ليس كما بعدها. اردوغان وحلفاؤه كانوا يعدون لمرحلة يوفرون الدعم المطلوب "لمجموعات التركمان" للسيطرة على الشريط الجغرافي الفاصل بين الحدود المشتركة مع تركيا والارياف السورية الشمالية، لا سيما محافظة اللاذقية. وتعالت المراهنات على "حشر" روسيا في المستنقع السوري والفتك به.

روسيا قبل اسقاط قاذفتها السوخوي غيرت قواعد الاشتباك والعاملين في الساحة السورية، كما دلت عليها التحركات الاميركية المباشرة وعبر الوكلاء. تداعيات الطائرة وفرت لها ذخيرة اضافية، سياسيا وعسكريا، لتعزيز حضورها وفرض شروطها على الوكلاء والاصلاء المعادين للدولة السورية؛ واستطاعت تحييد حاملة الطائرات الفرنسية من مهامها السابقة بلاستعداد لقصف نفوذ الدول السورية الى الانضمام لجهودها في شن غارات جوية على مواقع داعش.

نجم الرئيس الروسي يلمع مجدداً على الساحة الدولية واصبح محور التحركات الدولية التي تطلب وده والتوسل اليه في مؤتمر باريس المقبل.

ميدانياً، تضاعفت انجازات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة، مدعومة بالتغطية الجوية الروسية، واستعاد عدد كبير من الممرات والمراكز الاستراتيجية التي خضعت لسيطرة المجموعات المسلحة لفترة قريبة. انهيار المسلحين في جملة من المواقع الحساسة بلغت حدا لم يستطع الاعلام الغربي وحليفه الخليجي تحديدا التغاضي عنه، وان على مضض، وعززت التصريحات الغربية المطالبة بضرورة العمل الجاد مع روسيا في محاربة داعش.

من بين أبرز انجازات الغارات الروسية اسقاطها نظرية اردوغان، وداعميه من دول الخليج العربي، لإنشاء "منطقة آمنة أو منطقة حظر جوي" داخل الاراضي السورية؛ وقلبت روسيا المعادلة لتحرم تركيا من حلمها ببسط سيطرتها الامبراطورية وتفتيت سوريا وتقاسم غنائمها مع الممولين العرب والذين يكنون العداء لسوريا.

الأبعاد الاقتصادية لإسقاط القاذفة
سواء أخذ أردوغان وداعميه في الحسبان التأثيرات الاقتصادية أم لا، فإنها صبت في المحصلة برفد الخزينة الروسية بمزيد من اموال النفط عقب ارتفاع اسعار النفط الخام في الاسواق الدولية؛ كما شهدت اسعار الذهب ارتفاعا بنسبة 7 دولارات للأوقية في الاسواق العالمية.

اوروبا زادت نسبة قلقها من تدهور الاوضاع العالمية نتيجة تصرف حكومة اردوغان نظرا لدخول فصل الشتاء واعتمادها بنسبة كبيرة على توريد الغاز الروسي، لا سيما وان تركيا ذاتها تعتمد عليه بنسبة 57% من احتياجاتها، علاوة على ما تحصده من واردات لمرور انابيب الغاز الروسي المتجهة لاوروبا عبر اراضيها.

تصريح وزير الدفاع الروسي الكسندر شويغو حول المقاتلة باعتباره حادثة اسقاطها "عملا عدائيا .. تستدعي اتخاذ جملة من التدابير للرد عليها،" تجسدت على الفور بمقاطعة السياحة لتركيا التي تعد المحطة الاولى للسياح الروس. كما لم يغفل الخبراء السياسيين والاقتصاديين على السواء تداعيات اقدام روسيا على تخفيض او قطع توريداتها من الغاز بالكامل عن تركيا؛ والتداعيات الاخرى على مشاريع بناء مفاعلات نووية روسية لتركيا العام المقبل، ومشروع خط الانابيب "ترك ستريم" لنقل الغاز الروسي لاوروبا عبر تركيا واليونان لتفادي مروره بالاراضي الاوكرانية.

نمو الاقتصاد التركي في تراجع، وكذلك قيمة العملة التركية في الاسواق الدولية، مما سيفاقم من خيارات الرئيس اردوغان واضطراره لاعادة النظر في سياساته التصعيدية مع موسكو، يضاف الى ذلك الخلافات والتباينات السياسية بين دول الاتحاد الاوروبي، من ناحية، ومع الولايات المتحدة من ناحية اخرى، على ضوء المخاطر الناجمة عن فتح تركيا حدودها لتدفق اللاجئين، السوريين وغيرهم، للدول الاوروبية.

قرار الإسقاط بيد من؟
السؤال الجوهري الذي يتردد على ألسنة الخبراء العسكريين والسياسيين والمراقبين الإعلاميين على السواء من هو الطرف صاحب قرار إسقاط القاذفة الروسية "عن سبق إصرار وترصد" كما تعتقد روسيا الرسمية والشعبية.

الولايات المتحدة، على الرغم من تصريحاتها السريعة بدعم تركيا وتفسيرها العملية بحصرها "بين روسيا وتركيا،" رامية بذلك إلى إبعاد الشبهة عن أي دور فاعل لواشنطن، جسدتها تصريحات قادة البنتاغون واتهام القادة الروس "بالمبالغة" لمدى إنجازاتهم في سوريا.

في مؤتمر الدول الصناعية الأخير في انطاليا التركية اتهم الرئيس الروسي بوتين "بعض الدول المشاركة" في القمة بدعم الارهاب والجماعات الارهابية في سوريا، وفُهم من سياق حديثه انه كان يقصد تركيا والسعودية بالدرجة الاولى. بل ذهب ابعد من ذلك في رفضه اي كلام يحدد "مصير الرئيس السوري،" متسلحا بالموقف والقانون الدولي الذي لا يجيز التدخل الاجنبي بالشؤون الداخلية لأي بلد.

روسيا ماضية في تصويب بوصلة الإرهاب نحو تركيا "وجيران سوريا" من الدول؛ بتأكيد وزير خارجيتها سيرغي لافروف في أحدث لقاء ضمه مع وزير الخارجية السوري الزائر، وليد المعلم، 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التزام بلاده "تقديم كل المساعدات الضرورية لقيادة الجمهورية العربية السورية في ملاحقة الارهابيين والقضاء عليهم." واتهم تركيا وقيادتها بأنها "تغامر قيادة تركيا الى وضع صعب جدا .. في المنطقة بشكل عام."

أمام إصرار روسيا، وعلى أعلى المستويات، تقديم تركيا اعتذاراً رسمياً على فعلتها، رفضت الاخيرة مجرد التعرض للفكرة وتظاهرت بجهلها هوية الطائرة وان جيشها "لم يتعمد اسقاط طائرة روسية". اللافت أن تصعيد لهجة الخطاب السياسي التركي جاء مواكباً لوصول قوات أميركية خاصة لمدينة عين العرب – كوباني بحجة "تدريب ودعم الاكراد."

الدعم الأميركي لتركيا، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وإيلاؤها التدخل في ملفات إقليمية حساسة في الصراع الاستراتيجي الدولي، وتوفيرها الغطاء السياسي الفوري، يؤشر على أن قرار اسقاط المقاتلة الروسية نجم عن "تخطيط" مسبق نميل الى تعريفه بالمدروس بعناية، يعززه التصريحات المتناقضة لتركيا حول هوية الطائرة، من ناحية، والزعم بتوجيهها سلسلة تحذيرات متتالية دحض صدقيتها مساعد الطيار الروسي الناجي من الهجوم.

معالجة حادثة إسقاط المقاتلة ضمن موازين القوى الدولية وصراع الولايات المتحدة للهيمنة واقصاء القوى الصاعدة، وعلى رأسها الصين وروسيا، يعزز الاعتقاد بأن صاحب القرار لا تنطبق عليه مواصفات دولة من الدرجة الثانية، كتركيا، والتي لا تقدر على تحمل نتائج فعلة لها انعكاسات اقليمية ودولية بمفردها.

____________________________________________
المصدر: مكتب
الميادين بواشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات العربية
____________________________________________


إردوغان "حزين" إسقاط الطائرة الروسية 

أعرب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن "حزنه" لإسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية-التركية، متمنياً ألا تتكرّر الحادثة.
وقال اردوغان، في لقاء في باليكيسير التركية السبت، إن "هذا الحادث أحزننا جداً، لم نكن نريد ذلك، ولكن الأمر وقع وآمل في ألا يتكرّر. وسنبحث هذه المسألة ونجد لها حلاً"، معتبراً أن قمة المناخ التي ستُعقد في باريس الاثنين المقيل "تمثّل فرصة سانحة للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بما يخدم ترميم العلاقات مع موسكو".
وأضاف: "لا نُريد أن يؤدّي التوتر بيننا وروسيا، إلى نتائج محزنة في المستقبل، كما أننا نرغب في أنّ يتعامل الطرفان بشكل أكثر إيجابية مع هذه الحادثة"، ورأى أنه "لا يُمكننا إزاحة بعضنا البعض من الأفق. لا ينبغي أن يتعمّق هذا الوضع إلى ما هو أكثر من ذلك في العلاقات بين البلدين، بما قد يُفضي في المستقبل إلى نتائج أشدّ أثراً. تركيا لم تكن في أي وقت من دعاة التوتّر، ولن تدعو إلى التوتر أبداً. نحن نريد مستقبلاً آمناً للعلاقات بين البلدين وسوف نتحرّك قدماً انطلاقاً من ذلك".
وتوجّه إلى موسكو قائلاً:" تعالوا لنحلّ المسألة فيما بيننا، ولا نمنحها بُعداً يُلحق الضرر بجميع علاقتنا"، مشيراً إلى أن أنقرة مستمرة في التعاون مع موسكو على المستوى الدولي وعبر القنوات الديبلوماسية.
بدوره قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو "من المهم إجراء لقاء بين الرئيس، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في باريس الاثنين المقبل، وأتمنى أن يعقد، كما يجب أن تبقى قنوات الاتصال في أوضاع كهذه مفتوحة".

اجراءات عقابية روسية

في المقابل، وقع الرئيس الروسي مرسوماً يتبنى سلسلة اجراءات اقتصادية عقابية رداً على اسقاط الطيران التركي الثلاثاء لمقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
وأورد نص المرسوم الذي نشره الكرملين ان هذه الاجراءات التي اعدتها الحكومة الروسية و"الهادفة الى ضمان الامن القومي وامن المواطنين الروس" تشمل حظر الرحلات بين روسيا وتركيا ومنع ارباب العمل الروس من توظيف اتراك، واعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول بين البلدين.
وأوضح الكرملين على موقعه الإلكتروني أن الإجراءات ستؤثر على الواردات من بعض البضائع التركية وعلى عمليات الشركات التركية في روسيا والاستعانة بأتراك في شركات روسية.
وكان المتحدث باسم الرئيس الروسي قال إن بوتين مستنفر تماماً لمواجهة ما يعتبره الكرملين تهديداً غير مسبوق من تركيا.
وفي تعليقات تعكس مدى غضب الكرملين بسبب هذا الحادث وصف المتحدث ديميتري بيسكوف تصرف سلاح الجو التركي بأنه "جنون مطبق"، وقال إن تعامل أنقرة مع الأزمة بعد وقوعها ذكره "بمسرح العبث".
وأضاف بيسكوف لبرنامج "نيوز أون ساترداي" التلفزيوني الروسي: "لا أحد يملك الحق في إسقاط طائرة روسية غدراً من الخلف"، واصفاً الدليل التركي الذي يقول إن الطائرة الروسية وهي من طراز "سوخوي-24 " اخترقت المجال الجوي التركي بأنه "رسوم كرتونية".
وقال بيسكوف إن الأزمة دفعت بوتين الذي يجهز وزراؤه إجراءات اقتصادية انتقامية ضد تركيا "للاستنفار" بطريقة الجيوش في أوقات الأزمات.
وأضاف "الرئيس مستنفر.. مستنفر تمامًا.. مستنفر للحد الذي يقتضيه الموقف. هذا الظرف غير مسبوق. هذا التحدي لروسيا غير مسبوق. لذا وبشكل طبيعي سيكون رد الفعل على قدر هذا التهديد".

ويقول الرئيس التركي إن بلاده لن تعتذر عن اسقاط المقاتلة لكنه قال اليوم السبت إن الحادث أصابه بالحزن وأن قمة المناخ في باريس الأسبوع القادم قد تكون فرصة لإصلاح العلاقات مع موسكو.

_______________________________
("روسيا اليوم"، الأناضول"، ا ف ب، رويترز)


الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

بوتين وأردوغان: المواجهة الأولى.. جواً

    نوفمبر 25, 2015   No comments
مكان سقوط الطائرة الروسية في سوريا
انهيار قواعد الاشتباك في سماء سوريا ومسار تسوية فيينا؟

شرارات المواجهة الكبرى تطايرت في سماء المنطقة. وعلى الرغم من أن اشتعالا أكثر خطورة لم يحدث حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، الا أن كثيرين باتوا ليلتهم في ظلال هواجس الخوف من أمرين: طبيعة الردّ الروسي في القادم من الأيام على إسقاط مقاتلتهم الجوية «السوخوي - 24»، وما ارتكبه رجب طيب أردوغان في هذه اللحظة الاقليمية الملتهبة، وما اذا كان سيكرره مستقبلاً مع ما يعنيه ذلك.
فلاديمير بوتين في لحظة اندفاع اقليمي ـ ودولي، سيكون من الصعب عليه ابتلاع الإهانة التركية، لما سيلحقه ذلك من أثر سلبي، لا على «عاصفته السورية» فحسب، وإنما على هيبة الدخول القوي للكرملين على المشهد الإقليمي من البوابات السورية والعراقية والمصرية وغيرها. وسيكون امام سيد الكرملين خيارات مرّة تحاول الموازنة بين «حق الرد»، وهو آت كما اعلن بنفسه، وبين ضبط المواجهة الباردة على طريقة الدب الروسي، ربما بقساوة وتدحرج، و«ذكاء» وفق نصيحة مضيفه الايراني المرشد علي خامنئي قبل يومين.
الاصطدام بين بوتين وأردوغان صار حتميا مع انهيار قواعد الاشتباك التي تحكم المشهد السوري، والتي كان بوتين قد عدّلها عندما أطلق «عاصفة السوخوي»، وسبقه الاميركيون قبل نحو عام عندما عدّلوها بدورهم بعدما قرروا الانخراط في حربهم على «داعش» في سوريا. وتثار الاسئلة التالية الآن: هل سقطت قواعد الاشتباك بالكامل؟ ومن يحتمل هذا الالتباس الجوي في لحظة تداخل الحروب على الأرض السورية؟ وهل سترضخ موسكو ودمشق وطهران لهذا التعديل؟ وهل يحتمل حلف شمال الاطلسي تداعيات مثل هذا السقوط؟ ومن سيحدد الآن «الخطوط الحمراء» الجديدة؟
وعلى الرغم من ان الكرملين كان حريصا على التذكير مساء بأن تصريحات بوتين لم تتضمن تهديدا بالرد العسكري، وهي ربما اشارة الى امتناعه عن الاصطدام العسكري المباشر مع أنقرة، الا ان التقديرات تشير الى ان القوات المسلحة الروسية ستعمد الى الرد من خلال حسم الجيش السوري الوضع على جبهات الشمال اللاذقاني، خصوصا في جبال التركمان، احد مناطق النفوذ التركي المباشر، فيما الجيش السوري يتقدم خلال الساعات الماضية ويسيطر على كتف الغدر والملوحة والمركشلية، بعدما كان سيطر على اكثر من 30 من قمم الجبال في هذه المنطقة خلال الاسبوعين الماضيين والخارجة عن سيطرة دمشق منذ نحو ثلاثة اعوام، على بعد ما بين 8 الى 10 كيلومترات من حدود تركيا.

قبل يومين كان بوتين يطمئن السيد خامنئي الى ان موسكو لا تطعن حليفها. بالأمس، تلقى الرئيس الروسي الطعنة من أردوغان. «روسيا لن تتسامح مع الجريمة»، قال القيصر الروسي.
تركيا، الدولة التي ظنّها «صديقة» كما اشار، وجهت لروسيا «طعنة في الظهر» بإسقاط الطائرة الروسية فوق الاراضي السورية. وسواء انتهكت ام لم تنتهك الاجواء التركية، فان بوتين كان واضحا: مهما يكن فان الطائرة لم تكن تشكل تهديدا لتركيا وانما كانت في مهمة قتالية لمحاربة الارهاب.
سيكون امام تركيا الكثير لتفعله وتقوله لتتموضع في خندق مواجهة اكثر اقناعا، لا امام الروسي الغاضب وحده، وانما امام الشركاء الاخرين في حلف شمال الاطلسي، المتوجس بطبيعة الحال من اشتعال البركان السوري بما هو اكثر من القدرة على الاحتمال، بسبب الخفة التركية في التعامل مع موقف شديد الحساسية والتعقيد كالذي جرى بالأمس. واذ أيّد الحلف الرواية التركية حول الانتهاك الروسي، الا انه شدد خلال اجتماعه في بروكسل على اهمية استمرار آلية التنسيق والتشاور. اما وزارة الدفاع الاميركية فقد حرصت على الاشارة بعد تصريحات الرئيس باراك اوباما حول حق تركيا في الدفاع عن حدودها، الى ان هذه المشكلة هي بين حكومتي موسكو وأنقرة.
وفي مؤشر بالغ الدلالة على حتمية الصدام مع موسكو، خرج أردوغان بعد اجتماع رفيع المستوى لكبار القيادات العسكرية والامنية والسياسية، ليخالف كل التوقعات بانه سيعمد الى احتواء التوتر، واذا به يلقي قنبلة سياسية لا تقل خطورة عن اسقاط طائرة السوخوي صباحا. وبخلاف الكلام البديهي عن حق تركيا في الدفاع عن حدودها، فانه قال صراحة إن انقرة ستعمل بالتعاون مع حلفائها على اقامة المنطقة الآمنة داخل الاراضي السورية من جرابلس الى البحر المتوسط، وجدد التأكيد على دوره في دعم المعارضة السورية ضد «نظام الاسد» وتحدث عن السوريين التركمان كأنهم من رعاياه ومن واجبه الدفاع عنهم.
ولم تتأخر موسكو في الرد، فسرعان ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية بعد تصريحات اردوغان النارية ليلا، قطع العلاقات العسكرية مع انقرة، وأمرت باستخدام نظام «اس 300» للدفاع الجوي في الشمال السوري، وإسقاط أي طائرة يمكن ان تعتبرها موسكو تهديداً لقواتها في السماء السورية.
وبدا من الواضح ان تركيا نجحت في فرض امتحان صعب على الروس، سواء باسقاط «السوخوي» او بإسقاط الطوافة العسكرية التي كانت تقوم بمهمة انقاذ في الشمال السوري لاحقاً، وذلك بعد اسابيع قليلة على تبنّي «داعش» جريمة تفجير الطائرة المدنية الروسية في سماء سيناء.
كمين مدبّر؟
فهل هو كمين مدبّر؟ فمن غير الواضح كيف تسنّى للاتراك خلال نحو تسع ثوان، وهي الفترة التي يعتقد ان «السوخوي 24» استغرقتها اثناء التفافها والعبور بتماس قبالة الحدود التركية، اجراء اتصالات انذار مباشرة مع الطيارين الروسيين، ثم اتخاذ قرار باسقاط طائرتهما. وحتى لو كانت الرواية التركية دقيقة حول توجيه عشرة انذارات للطائرة الروسية «خلال خمس دقائق»، فكيف ستبرر اسقاطها لطائرة مخصصة للمهمات القتالية الأرضية وهي تقوم بعملية عسكرية في اراضي الشمال السوري وفي السماء السورية كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية.
لن يشاهد بوتين صور الطائرة الروسية وهي تسقط مشتعلة في ريف اللاذفية الشمالي فقط. غالب الظن، ان مساعديه جلبوا له مشاهد اخرى نشرها موقع «اعماق» التابع لتنظيم «الدولة الاسلامية - داعش»، لمسلحين يطلقون النار بكثافة على الطيار الروسي خلال هبوطه الاضطراري بالمظلة قبل وصوله الى الارض، ثم عرض صوره مقتولا بين «الجهاديين» المبتهجين. كما سيطلع على البيانات الصادرة عن مسلحي الشمال يؤكد اطلاق النار على الطيارين خلال هبوطهما الاضطراري.
المساحة الضيقة من الشريط الحدودي ما بين الريف الشمالي للاذقية وبين الحدود التركية، لا تدع مجالا للشك بأن الحاضنة التركية للمسلحين، والصاروخ التركي الذي اسقط الطائرة الروسية، شريكان حتميان في مشهد واحد على جانبي الحدود.
هذا جانب مما تفضحه حادثة الطائرة الروسية. مجددا تتضح طبيعة الدور التركي في سوريا، وحنق القيادة التركية ازاء «العاصفة الروسية» التي تتخذ منحى تصاعديا، وتزداد اقترابا من الحدود التركية من خلال عمليات القضم التدريجي التي يقوم بها الجيش السوري والحلفاء لبلدات وجبال الشمال السوري، حيث المرتع الآمن لمختلف الفصائل الارهابية، وخصوصا المرتبطة مباشرة بالاستخبارات التركية.
اما الغيرة التركية بشأن الدفاع عن الحدود، وهي الذريعة التي قدّمها رئيس الحكومة احمد داود اوغلو، فانها ملتبسة. الحدود التركية مشرّعة منذ نحو خمسة اعوام امام كل اشكال المؤامرات والسلاح و «الجهاديين». تركيا، نظريا، اعلنت انخراطها في ائتلاف الحرب على الارهاب الذي تقوده واشنطن، وفتحت قاعدتها «انجرليك» امام المقاتلات الاميركية. بوتين كان واضحا عندما اشار الى ان الولايات المتحدة شريكة في الحرب على الارهاب، فكيف يستوي السلوك التركي في ظل هذه التناقضات؟
وربما كان لدى بوتين اجابته الخاصة على هذا التناقض عندما وجه اتهامات صريحة لأنقرة وهو يتساءل عن عدم اتصال الاتراك مباشرة بالروس، والاتصال فورا بحلف «الناتو»، فهل يعني ذلك محاولة من جانب أردوغان لوضع حلف الاطلسي في خدمة «داعش»؟!
اسئلة ودلالات
ومهما يكن، فإن المباغتة التركية تحمل الكثير من الدلالات. فهي جاءت بعد اقل من 24 ساعة على اللقاء الاستثنائي بين بوتين وخامنئي بكل ما وجهه هذا اللقاء من رسائل، والكثير منها مزعج بالتأكيد لأنقرة خصوصا في ما يتعلق بمخارج الحل السوري والموقف من الرئاسة السورية. كما جاءت المباغتة التركية بعد انتهاء قمة الغاز التي استضافتها طهران بما يمكن ان تعنيه من تراجع مكاسبها الاقليمية في مصادر الطاقة وأنابيبها الحيوية.
ولقد احسن اردوغان اختيار التوقيت، فالرجل خرج من مخاض الانتخابات التشريعية قويا، وشكل للتو حكومة جديدة، وخرج قبل ايام من قمة مجموعة العشرين التي استضافها وسمع خلالها اهانة روسية مباشرة عندما قال بوتين إن هناك دولا حاضرة في قمة انطاليا تشارك في دعم الارهاب وتمويله.
اردوغان، بما يمثله، يقول إنني ما زلت موجودا وهو يستشعر حصارا يطوق خياراته السورية. «المشروع الاخواني»، إن صح التعبير يقول ايضا ان دوري في المشهد الاقليمي المعاد تشكيله، قائم. صحيح ان كثيرين يستبعدون ان يلعب الروس والايرانيون بورقة حظر الغاز في وجه الاتراك، لما يمثله ذلك من مصالح مالية مشتركة لهذه الدول، الا ان ما اقدم عليه اردوغان بالامس يسبب من جهة اخرى حرجا لتيار ايراني ينادي باستمرار الرهان على «المشروع الاخواني» في المنطقة.
وسيذهب كثيرون الى القول إن الحلف الاقليمي ـ الدولي المعادي للدور الروسي في سوريا، قرر محاولة اذلال بوتين وكسر هجمته المشرقية، بعدما عطل ـ أو أحرج ـ الكثيرين من دعاة الحرب على الارهاب او الحرية للسورييين. وسيكون من مفارقات ما جرى بالامس محاولة تحديد مصير مسار عملية فيينا السورية، عندما تُسقط دولة كتركيا تقدم نفسها شريكا في مسار الحل السياسي، طائرة دولة تعتبر نفسها من فتح ابواب الحل النهائي لحرب الاعوام الخمسة.
ماذا سيفعل الايرانيون الآن؟ وإلى أي مدى سيتشجع القطريون والسعوديون في مغامرة التسليح للفصائل السورية؟ وهل يرد الروس بتسليح الاكراد وحزب العمال الكردستاني؟ ويبقى من اللافت للنظر صمت اسرائيل ازاء ما جرى، وما هو طبيعة دورها المخفي؟ وماذا عن حلف «الناتو» والمادة الخامسة التي سبق للاتراك ان توعدوا بتفعيل نصها الذي يعتبر ان أي هجوم أو عدوان مسلح على أي بلد من الحلف هو اعتداء على جميع بلدانه وعليه يدخل نظام الدفاع المشترك للحلف حيز التنفيذ.
وختاما، كيف ستكون وجهة الجيش السوري والحلفاء، في الحرب غدا؟
---
عن السفير
____________

تركيا بلا أنياب أطلسية أمام ثأر الدب الروسي
وسيم ابراهيم

لا سند «أطلسيا» لأنقرة، إذا ما قامت روسيا برد انتقامي لإسقاط تركيا طائرتها المقاتلة، طالما أنه رد مسقوف بحدود الفعل الذي استفزه، بغض النظر عن تضارب الشروحات حول ما حصل. الحادث ليس بلا سياق متكامل، خصوصاً بعد الصدام سابقاً حول قصف روسيا لمجموعات تركمانية معارضة في سوريا تعمل تحت مظلة أنقرة.
وسارعت تركيا إلى طلب اجتماع تشاوري، بناء على المادة الرابعة من ميثاق «الناتو»، لكن ليس في الأفق الحالي أي مجال لتفعيل المادة الخامسة المتعلقة بالدفاع المشترك. احتواء الأضرار هو المظلة التي خرجت تحتها مواقف اجتماع «الأطلسي»، على تنوعها، لكن مع تأكيد آخر بأن الوجود الروسي يغير قواعد النفوذ، وحتى تقييمات «الحلف» لحركة قواته.
وفي أجواء التأهب الأمني الأقصى المستمر في بلجيكا، خوفاً من هجمات ارهابية وشيكة، سارع سفراء «الحلف» لاجتماع دعت إليه أنقرة. إنها المرة الأولى منذ خمسينيات القرن الماضي التي تجتمع فيها دوله للتباحث حول استهداف مباشر للجيش الروسي.
الحلف الأطلسي تبنى، كما هو متوقع، رواية أنقرة، على أساس أن الطائرة الروسية قامت «بانتهاك المجال الجوي التركي»، مؤكداً وقوف دول الحلف «متضامنين مع تركيا ولدعم وحدة أراضيها». جاء هذا الموقف على لسان الأمين العام للحلف يانس شتولتنبرغ، بعد انتهاء الاجتماع التشاوري. شدد على أن التقييم الذي نقله لا يأتي فقط مما نقله الأتراك، بل من رصد دول أخرى في «الحلف» قدمت معطيات «متوافقة» مع الرواية التركية.
واعتبر شتولتنبرغ أن ارتفاع مخاطر الحوادث هو «مسؤولية روسية»، لافتاً إلى أنه عبر عن قلقه سابقاً «من الآثار المترتبة على الاعمال العسكرية للاتحاد الروسي بالقرب من حدود حلف الناتو»، قبل أن يشير مجدداً إلى المسؤولية الروسية لأن ما حدث «يسلط الضوء على أهمية وجود واحترام الترتيبات اللازمة لتجنب مثل هذه الحوادث في المستقبل».
بدا واضحاً حرص «الحلف»، في المقابل، على احتواء هذه الأزمة. قال أمينه العام إنه «يبارك» الاتصالات المباشرة التي جرت بين روسيا وتركيا، ويشجع على تكثيفها على أساس أن «الدعوة إلى الهدوء وعدم التصعيد»، الأمر الذي يجعل الديبلوماسية «مهمة لحل هذا الوضع».
في المقابل، اعتبر شتولتنبرغ أن الامكانية مفتوحة للتلاقي مع روسيا، على أساس أن «العدو المشترك يجب أن يكون داعش. المهم أن يركز الجميع جهودهم، بما في ذلك روسيا، على هزيمة داعش». لكن هذا التلاقي لا يزال يصطدم، برأيه، بـ «وجود أهداف مختلفة لموسكو»، لأن «معظم هجمات روسيا كانت على مناطق لا يسيطر عليها داعش».
على كل حال، العارفون بطبيعة سياسة الحلف الأطلسي يستبعدون تماماً انخراطه الآن. الخبير بروكس تغنر، المحلل في مجلة «جاينس ديفنس» الأميركية المختصة بالشؤون الدفاعية، قال لـ «السفير» إن «الناتو لن يذهب أبداً للتصعيد» حتى لو قامت روسيا برد فعل انتقامي «محدود»، قبل أن يضيف أنه «يجب أن يكون الرد الروسي واسعا وبمستوى تدميري كبير، وحينها يمكن للناتو أن يتدخل». لكن في الوقت ذاته، لن يظهر التقييم الحقيقي للعلن لأن «الناتو تاريخياً لا يقوم أبداً بإدانة فعل قامت به إحدى دوله» مهما كان.
الترجيح الذي يحمله تغنر هو يقظة الحلف التامة، مع وجود مواقف متنوعة داخله من وجود حساسية كبيرة تحت سطح التوتر الأخير بين تركيا وروسيا. يشير إلى أن الواقعة الماثلة هي دعم أنقرة الاحتضاني لمجموعات مسلحة تركمانية في سوريا، هي ذاتها المجموعات التي قصفتها روسيا مع إدانة تركيا الشديدة لذلك. يقول إن ذلك يمثل «حرباً بالوكالة سيكون الناتو حريصاً جداً ألا يتدخل فيها».
لكن هذه الحرب لم تعد بالوكالة الآن. ليست النظام ضد المعارضة، أو العكس، بعدما تم استهداف روسيا بشكل مباشر. يقول المحلل العسكري إن ما قامت به تركيا «ليس ذكياً جداً ولا حكيماً»، في أجواء التوتر الشديد القائمة، حتى لو كان ما فعلته تحت عنوان «الدفاع عن النفس» إذا تم اختراق أجوائها.
القضية، برأي محللين آخرين، تؤكد التحولات التي يشهدها الحلف الأطلسي، حتى لو لم تكن ردوده عليها واضحة الآن. هذا ما يؤكده أيان ليزر، مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في المؤسسة البحثية الأميركية «جيرمان مارشال فاوند». يقول خلال حديث مع «السفير» إن الناتو يغادر مرحلة «لم يكن لديه فيها تحديات أمنية عميقة عليه التعامل معها». لكن وجهة هذه المغادرة كما يقول تقود إلى باب واحد. الآن لدى «الأطلسي» تحديان، في الشرق حيث روسيا، والجنوب حيث «داعش»، لكن بحسب المحلل الأمني، فإن «تركيا باتت المكان حيث تجتمع كل هذه المخاطر معاً، بمعنى أن تركيا هي فعلا الدولة الأكثر انكشافا في الناتو الآن».
لكن الانكشاف الأكبر الآن يتعلق بمسار الحل السياسي السوري. الحادث الأخير جاء ليضيف تعقيدات جديدة، لمسار متعثر أصلاً. وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير قال إن «كل شيء سيعتمد على طبيعة ردود الفعل بين روسيا وتركيا». لكنه لفت إلى أن التأزم بين دولتين محوريتين، على طرفي الخندق السوري، يعني أنه «قد تتم الاطاحة ببارقة الأمل التي عملنا للتوصل إليها». يقصد تحديداً مسار فيينا، الذي لطالما أشار له سابقاً بوصفه «بارقة أمل». الوزير الالماني تمنى بدوره احتواء التأزم، عبر تواصل مباشر بين الدولتين، على أمل أن «يسود التدبير والتعقّل».
لهجة الحرص الأطلسية جاءت بعبارات تؤكد، شيئاً فشيئاً، أن روسيا استطاعت فرض معادلة نفوذ في سوريا رغم مقاومة تركيا لها. سبق لقائد قوات «الحلف» في أوروبا التحذير من أن روسيا «تنشئ ثالث قبة لها في العالم فوق الساحل السوري». حتى قبل استكمال الجسر الجوي والبحري الروسي، وقبل إطلاق روسيا لعملياتها العسكرية، قال بريدلوف «إننا نرى هذه القدرات المتطورة جدا من الدفاع الجوي بدأت بالظهور (في سوريا)، نحن قلقون من أن (نظام تحصين) قبة A2/AD يتم إنشاؤها في شرق المتوسط».
في الأدبيات العسكرية، يشمل نظام التحصين A2/AD شقين: مكافحة الوصول إلى منطقة، والحرمان من احتلالها. الأول يهدف عملياً لجعل المسؤولين العسكريين أمام «حسابات مخاطر» عالية جداً إلى غير مقبولة، خلال تخطيطهم للتدخل في منطقة معينة. الشق الثاني، المتعلق بالحرمان، يهدف إلى تعقيد محاولات إقامة وجود فعّال عسكرياً، إضافة إلى مقاومته والحد من حرية العمل لتحقيق نتائج سريعة وفعالة.
هناك ما يخص ذلك في التقييم الذي حمله أمين عام الأطسي أمس. القدرات العسكرية الروسية فرضت تحديات معتبرة لقوات الأطلسي وحركة قواته، لا سيما الجيش التركي. الاستجابة لذلك، كما أشار شتولتنبرغ، هي النقاش الجاري الآن «لتحسين الاجراءات المتعلقة بالتنبؤ وتقليل المخاطر لتجنب هذه الحوادث» على اختلافها.
هذه القبة، لتحصين منطقة جغرافية، أتمّت موسكو إنشاءها وتشغيلها في موقعين. الأول والأكبر في كالينينغراد، الجيب الروسي المنفصل جغرافياً على بحر البلطيق، بين ليتوانيا وبولندا. قبة التحصين هناك تشمل مضادات سفن ومضادات طيران، ويعتبرها الأطلسي «مشكلة متنامية» لحركة قواته. القبة الثانية «طورتها» روسيا على البحر الأسود، في شبه جزيرة القرم بعد ضمها، حيث يقول قائد قوات الأطلسي في أوروبا أن «نطاق تغطية صواريخ كروز يغطي كامل البحر الأسود، وصواريخ الدفاع الجوي تغطي 40 إلى 50 في المئة منه».


الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

سورية تمثل نقطة ثقل مهمة في سياسة روسيا تسمح لها بالعودة إلى الساحة الدولية كلاعب كبير

    نوفمبر 19, 2014   No comments
 بقلم : الدكتور خيام الزعبي

لا يزال التنافس والصراع على سورية هو الذي يتحكم بمسار العلاقات الإقليمية والدولية وما تؤول إليه سواء من نزاعات أو توافقات بين الدول، فمنذ العام 2003، تراقب روسيا باهتمام كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها يتدخلون في شؤون منطقة الشرق الأوسط، ويقومون بهجمات وضربات عسكرية، وينظمون ثورات أو يدعمونها

 وبالنتيجة فقد تشكل تصور واضح لدى موسكو، عن أن الغرب لا يفكر على الإطلاق بالنتائج، ولا يدرك المخاطر المترتبة على السياسة التي ينتهجها، فلم تقم الديمقراطية المزعومة في العراق أو أفغانستان أو ليبيا، وبالمقابل، سقط عدد كبير من الضحايا وأصبحت هذه البلدان تتخبط في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.

لا شك بأن سورية تمثل نقطة ثقل مهمة في سياسة روسيا التي تسمح لها بالعودة إلى الساحة الدولية كلاعب كبير، بعد أن أعادت بناء قوتها جزئياً بالنسبة إلى ما كانت عليه إبان الحقبة السوفياتية، بفضل سياسة يقودها بوتين وهذا ما تثبته روسيا مجدداً بتمسكها بشرعية الدولة السورية، خاصة بعد ما حصل في ليبيا، والدعم الكبير الذي قدمته لدمشق منذ بداية الأزمة حتى اليوم على أكثر من صعيد، وهو ما يفسر موقفها من الحرب في سورية وعليها، ومن هنا مثّل القرار الأميركي بتوجيه ضربات جوية لتنظيم داعش في سورية تطوراً جديداً يزيد من تعقيد المشهد في المسألة السورية، خاصة لجهة إنعكاساته على الأرض وإرتباطه بالعلاقة الأميركية مع باقي الأفرقاء في إدارة الحرب السورية، وتحديداً روسيا
وفي إطار ذلك تدرج الموقف الروسي المباشر وفق خط بياني واضح، من إعتبار الضربات الجوية ضد تنظيم داعش في سورية من دون المرور بمجلس الأمن خرقاً للقانون الدولي، إلى التأكيد على ضرورة التنسيق مع دمشق وإحترام سيادتها، وصولاً إلى الإعلان عن أن مكافحة الإرهاب لا تتم إلا من خلال إشراك الدول المعنية فيها، في دلالة على محاولة موسكو إحتواء نتائج الخطوة الأميركية في سورية، خاصة أن هذه الضربات جاءت بعد الإستفادة الأميركية من تنظيم داعش في العراق كحراك سنّي لضرب النفوذ الإيراني وإعادة شيء من التوازن بنظر واشنطن إلى المسار السياسي في بلاد الرافدين

 إضافة إلى منع التنظيم من المساس بإقليم كردستان، ومن هنا فإن روسيا لن تسمح للعمليات الجوية بضرب مواقع الجيش السوري بشكل يخل بالتوازن العسكري على الأرض لغير مصلحة الحكومة السورية، مع ما يترتب على ذلك من نتائج، وهو ما عبّر عنه وصول البارجة الروسية "سموم" إلى ميناء طرطوس، وهي تحمل صواريخ دفاع جوي شبيهة بمنظومة "اس 300" لحماية القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس، إضافة إلى دمشق ومنشآتها العسكرية

 كل هذا يؤكد على جدية روسيا في الدفاع عن مصالحها في سورية من خلال الدعم الذي تقدمه لحكومة دمشق، بمعنى أنّ روسيا لن تقف مكتوفة الايدي إزاء "التدخل الأميركي الجديد" الذي أثمر حتى الآن تحالفاً عريضاً يمكن الركون اليه لتأسيس خريطة سياسية جديدة في العالم العربي والخليج النفطي من دون أن يعني ذلك أنّ روسيا ستتراجع عن مشروعها في المتوسط والقائم على إعادة التوازن السياسي والإقتصادي مع إميركا من خلال تواجدها في المنطقة.

وفي سياق متصل سعت موسكو لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية بعد مشاورات مع الرئيس المصري السيسي، الذي تكفل بإقناع السعوديين بضرورة إيجاد حل سوري لأن المعركة مع "داعش" أو "الإخوان المسلمين" بالنسبة إليه واحدة، إذ تفهمت الرياض طرح الرئيس المصري، لكنها أصرت على طلب إيجاد بديل عن الرئيس الأسد، لكن السيسي كان يدرك أن الأسد لن يقدم على التنحي بعدما أصبحت الأمور تميل لصالحه نسبياً، والوقت أصبح يلعب لمصلحة النظام، وهذا نابع من أساس الحفاظ على الجيش السوري والإعتماد عليه وعدم السماح للمجموعات الإسلامية بالتحكم بمصير سورية، كون ان المعركة واحدة ما بين سورية ومصر من جهة والمجموعات الإسلامية من جهة ثانية

 هذا ما رأيناه بأن المسلحون في سيناء يشكلون إمتداداً لمجموعات سورية، والدليل ما أثبتته التطورات لاحقاً عن مبايعة جماعة "بيت المقدس" المتواجدة في مصر لتنظيم داع ، ورغم التباين الأميركي-الروسي حول الأزمة السورية إلإ إن موسكو أكدت أن الجيش السوري قادر على دحر الإرهاب في حال دعمه وتسليحه بشكل أكثر فعالية، وذلك تحدثت الحكومة السورية عن قرار الروس بتزويد الجيش السوري بصواريخ s300 ، وفي إطار ذلك أعدّت موسكو مشروعاً لحلّ الأزمة السورية من خلال عقد حوار سوري سوري في موسكو يحضره إضافة إلى الوفد الرسمي السوري عدد من الشخصيات المعارضة من الداخل والخارج وفي مقدمتهم معاذ الخطيب الذي زار موسكو مؤخراً تلبية لدعوة من الخارجية الروسية

 وبالمقابل سحبت واشنطن بالفعل إعترافها بالائتلاف كممثل وحيد للشعب السوري، وهي لا تمانع الخطة الروسية لاستئناف الحوار السياسي إنطلاقاً من ورقة "جنيف-1" التي تتحدث عن تأسيس حكومة إنتقالية تمهد لإنتخابات تشريعية ورئاسية في سورية، وربما يكون معاذ الخطيب هو من تراهن عليه موسكو ليقود الحوار من جانب المعارضة إضافة إلى عدد من أعضاء هيئة التنسيق الموجودين داخل سورية ومعارضين مستقلين موجودين في الخارج انشقوا مؤخراً عن الائتلاف الذي بات تحت سيطرة قطرية سعودية بشكل كلي.

كما لم تستطع كل محاولات أمريكا وحلفاؤها الحد من النفوذ الروسي ـ السوري المتنامي في المنطقة، على الرغم من محاولات الإعاقة التي مارسوها، سواء بإستخدام الأوراق التي بحوزتهما ومنها الورقة الإرهابية، أو العقوبات السياسية والإقتصادية، رغم ذلك فالنفوذ الروسي ـ السوري يتقدم بإضطراد، تجلى ذلك بصمود النظام السوري بوجه محاولات الإسقاط، وبتحقيق إنجازات سياسية وميدانية، وبقطع اليد الغربية عن العبث بالحديقة الأمامية لروسيا في أوكرانيا، ومنع سقوط بغداد ولبنان بيد الإرهابيين.

وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن ما تمر به سورية حالياً هي فترة قاسية ولكن مؤقتة في تاريخ هذا البلد العظيم، وإن سورية وروسيا في مرحلة بناء استراتيجية جديدة في المنطقة، وأن كلا منهما يحتاج الآخر، إذ تهتم روسيا بتحسين العلاقات مع سورية لإن دمشق لها دور كبير في المنطقة، إضافة إلى أن سياسة سورية في المجال الدولي الآن تتجاوب مع المصالح الروسية

 وأن الهدف من تقوية العلاقات السورية الروسية مهم لإحداث توازن في العلاقات الدولية بين سورية وباقي الدول الأخرى خاصة وإن هناك روابط تربط الدولتين من فترات تاريخية طويلة، فضلاً عن أن قوة العلاقة بين سورية وروسيا يعطى لأمريكا رسالة قوية بأن سورية لديها علاقة متنوعة مع الدول الكبرى، على أية حال ربما يسهم إنتصار السياسة الخارجية الجديدة لروسيا في إنبثاق عالم جديد, قائم على التعددية القطبية وإنهاء نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية، وأن المرحلة الحاسمة لا بد بأنها قادمة ويبقى الخلاف حول توقيت تلك اللحظة.

الخميس، 17 أبريل 2014

غارة جوية أردنية على مسلحين سوريين: تحول في مصالح المملكة ام انقلاب السحر على الساحر؟

    أبريل 17, 2014   No comments

تحول في مصالح المملكة ام انقلاب السحر على الساحر؟
محمد بلوط

هل هناك تحول في الموقف الأردني من المعارضة السورية المسلحة، بعد تدمير سلاح الجو الأردني آليات حاولت عبور الحدود السورية باتجاه الأردن؟
لا ينبغي التسرّع في إطلاق الأحكام على انقلاب في الموقف الأردني من عمليات المعارضة السورية المسلّحة، خصوصا أن عشرات الآليات لا تزال تنطلق بالاتجاه المعاكس، من الأراضي الأردنية باتجاه سوريا، وبرعاية الاستخبارات الأردنية.

لكن تدخل سلاح الطيران الأردني لتدمير آليات كانت تنقل أسلحة إلى الداخل الأردني، يعني انقطاع حبل الثقة بين الجماعات التي تسيطر عليها وتموّلها غرف العمليات المشتركة في عمان، من استخبارات سعودية وأردنية وأميركية، وأن هذه الجماعات لم تعد تحترم الاتفاق المعقود معها بتوجيه أسلحتها، وتهريبها نحو الداخل السوري فقط.

وكان بيان عسكري أردني ذكر أنه "عند الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم (أمس) شوهد عدد من الآليات المموّهة تحاول اجتياز الحدود السورية ـ الأردنية وبطريقة غير مشروعة، وفي منطقة جغرافية صعبة المسالك، وأن عددا من طائرات سلاح الجو الأردني قام بتوجيه رميات تحذيرية لهذه الآليات، إلا أنها لم تمتثل لذلك، وواصلت سيرها حيث تم تطبيق قواعد الاشتباك المعروفة وتدمير هذه الآليات".
ونفى الجيش السوري أي صلة له بتلك الآليات. وقال مصدر عسكري، لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إنه "لم تتحرك أي آليات أو مدرعات تابعة للجيش السوري باتجاه الحدود الأردنية، وبالتالي ما تم استهدافه من قبل سلاح الجو الأردني لا يتبع للجيش السوري"، فيما أصدرت "فرقة المغاوير الأولى"، التابعة لـ"الجيش الحر في الجبهة الجنوبية"، بيانا، ذكرت فيه أن "الآليات المدمَّرة تعود إلى الجيش السوري".
ولا ينطوي الحادث على انقلاب السحر على الساحر، لكنه يشير أولا إلى تعاظم انتقال الجماعات المسلحة التي زرعت في درعا، بالاتجاه المعاكس، نحو الداخل الأردني وتصريف فائض السلاح الذي تم إدخاله في الأشهر الأخيرة، تمهيدا لعملية عسكرية واسعة ضد دمشق. ويشير تباعا إلى تفكك الجبهة الجنوبية للمعارضة المسلحة، التي شاركت عمان في بناء خطوط عملياتها، تحت ضغوط سعودية وأميركية، ولقاء تسهيل مساعدات مالية خليجية يحتاجها الأردن.
وتقول مصادر سورية إن الآليات التي دمّرها الطيران الأردني كانت عائدة نحو الأردن بعد أن أفرغت حمولتها من الأسلحة التي نقلتها إلى الأراضي السورية. وتعلل المصادر هذا الهجوم بأنه رد أردني على ابتزاز بعض الجماعات المسلّحة لعمان لدفعها إلى تسهيل نقل المزيد من الأسلحة نحو الجبهة الجنوبية في سوريا من قبل الفصائل المرتبطة بمن خطفوا سفيرها في ليبيا فواز العيطان قبل ثلاثة أيام.
ويعد تكاثر عمليات تهريب الأسلحة باتجاه الأردن، فشلا لحليف الاستخبارات الأردنية في المنطقة "أمير جبهة النصرة" بشار الزعبي، الذي يعد أقوى رجل للمعارضة المسلّحة في الجنوب السوري، وقائد أقوى فصيل مسلّح فيه.
وكانت الآليات، التي كانت تقترب من منطقة الرويشد عند تدميرها، تعبر في منطقة يسيطر عليها الزعبي، "أمير النصرة" في الجناح الجنوبي الشرقي لحوران، حليف الاستخبارات الأردنية والسعودية في هذه المنطقة، فيما يقود أبو المثنى، "إمارة النصرة" في القاطع الجنوب الغربي لحوران. ولعب الأردنيون دورا كبيرا في التقريب بين الزعبي وبين الاستخبارات السعودية، خلال اللقاء الذي نظم في الخريف الماضي بين نائب وزير الدفاع السعودي سلمان بن سلطان، المشرف على الجبهة الجنوبية السورية من فندق أردني. وجاء الزعبي برفقة زعيم "جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني.
وكان الزعبي بدأ عمله في "لواء الفلوجة" في حوران، وجنّد في صفوفه أبناء بلدته الطيبة، والمسيفرة، والجيزة. والزعبي، سائق الشاحنة السابق والمهرّب بين سوريا والسعودية، نجح بالصعود في صفوف "الجيش الحر"، وبرز نجمه بعد مقتل رئيس "المجلس العسكري للجيش الحر" في درعا المقدم ياسر العبود.
وفرض الأردنيون الزعبي على رأس "النصرة" في المنطقة لضبط تحرك السلفيين الأردنيين في حوران، وتقليص نفوذهم على الجبهة الجنوبية. وقتل ثلاثة "أمراء لجبهة النصرة" في المنطقة في عام واحد، أتوا جميعا من التيار السلفي الأردني، الذي يقاتل أكثر من ألفي "جهادي" منه في سوريا، فقتل أولا إياد الطوباسي، وتبعه مصطفى عبد اللطيف يحيى، فمحمد الحيارى الذي قتل في 19 كانون الأول الماضي.
ويقول مصدر ديبلوماسي روسي، في باريس، إن الأردنيين بدأوا مراجعة إستراتيجيتهم في الجنوب السوري، مع استعادة السوريين المبادرة عسكريا على الأرض.
ويضيف المصدر أن الملك الأردني عبدالله الثاني ابلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته إلى موسكو الأربعاء الماضي، أن الأردن لن يخوض أي معركة على الجبهة الجنوبية السورية، وأن الأردن لم يتفق مع أحد للمشاركة في تلك المعركة.
وقال الديبلوماسي الروسي إن بوتين ابلغ الزائر الأردني أن بلاده لن تقبل بأي تدخل عسكري في سوريا، وحذر من خطورة فتح الجبهة الجنوبية السورية، وأن موسكو ستقف مع دمشق إذا ما وجدت نفسها إزاء هجومين منسقين في الشمال والجنوب.
وقال الديبلوماسي الروسي إن الأردنيين كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون الاستمرار في دعم المعارضة المسلّحة، من خط لوجستي ثان، لكنهم أمام احتمالات فتح الجبهة الجنوبية، وجدوا أنفسهم في الخط الأول للهجوم على جارهم السوري، وهو ما كانوا يخشونه على الدوام. ويضيف أن الأردنيين رأوا أن الضمانات التي أعلن عنها الأميركيون لحماية الأردن، ليست كافية، لحمايته من ردود الأفعال على الأمن الداخلي.
وتدليلا على تعهدهم في موسكو تهدئة الجبهة الجنوبية، تدخلت الاستخبارات الأردنية الأسبوع الماضي في غرفة عمليات حوران، ومنعت شن عملية تشعل الجبهة الجنوبية، حول درعا بالتزامن مع العملية التي كانت غرفة عمليات "أهل الشام" في حلب قد بدأتها في غرب المدينة ضد مقر الاستخبارات الجوية في حي الزهراء.
وكان من المنتظر أن يقوم "اللواء الأخير للجيش الحر" في درعا، وهو "شهداء اليرموك"، بتنظيم عملية واسعة بقيادة العميد عبدالله القراعزة، ضد مقر الاستخبارات الجوية، عند وادي الزايدي، على مدخل درعا. وكانت "ساعة الصفر" حددت الأحد الماضي، على أن يشارك في الهجوم على المقر، لواء من "جبهة ثوار سوريا" وكتائب من "جبهة النصرة"، قبل أن يقرر الأردنيون، مع ملكهم، أن الظروف لم تعد تسمح بشن تلك العملية.
________

 السفير

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

لقاء مع الدكتور هيثم مناع والأستاذ صالح مسلم والسيد لؤي مقداد في برنامج النقاش

    نوفمبر 15, 2013   No comments

نلقي الضوء اليوم على ما يجري في شمالي سورية، المناطق الكردية ستخضع لإدارة مدنية ديمقراطية إنتقالية, هل حدث هذا بالتنسيق مع نظام الأسد ؟ أم فرض عليه الأمر الواقع ؟

الوضع السوري معقد ولكنه يوفر بعض الحقائق الواضحة. الجهاديون يتراجعون أمام قوة الأكراد.

بدايةً سيكون النقاش مع رافد من العراق الذي كتب هذه الجملة على موقعنا على الفيس بوك وهي ( الأكراد فرضوا قوتهم على الأرض والأسد مستفيد لأنهم يحاربون الإرهابيين) هل هذا صحيح أستاذ صالح مسلم ؟

أ. صالح مسلم :

قضية فرض الأكراد نعم أستطاع الأكراد فرض إرادتهم لكن بعقلية وليس بالمعنى التقليدي. فرضوا ليس بمعنى أنهم يستطيعون القيام بكل شيء لا. ولكن نحن طبعا جزء من الثورة السورية ومنذ البداية نحن عنصر أساسي بها.

المذيع :

حتى إن قال الائتلاف أن حزبكم معادي للثورة ؟؟

أ. صالح مسلم :

مهما يقول الآخرون فمنذ البداية من لا يأتمر بأوامرهم ولا يشاطرهم الرأي أو يسمع لمن يوجهونهم. يتهمونه أما بالخيانة أو بالوقوف إلى جانب النظام ولكن هناك حقيقة واقعة، نحن كانت لنا صدامات مع النظام منذ البداية بل نحن كنا ضد هذا النظام منذ الـ 2004 عندما انتفض الشعب الكردي من أجل كرامته وهذه الثورة بقيت متواصلة إلى 2011 وفي الثورة كنا نحن منذ البدايات، ولكن حين دخلت مرحلة التسليح وتحولت الثورة السورية إلى صراع على السلطة عندها نحن قررنا حماية أنفسنا ومناطقنا وأناسنا.

المذيع :

ممن تحمونهم من هم أعدائكم؟

أ. صالح مسلم:

ضد أي معتدي سواء من النظام أو غير النظام. لأننا كنا مدركين للأبعاد وما ستصل إليه الأمور في سورية بل كنا نتوقعها. فمثلاً نحن كنا نتوقع أن تتدخل تركيا فهي كانت موجودة منذ البداية وتركيا لا تريد خيراً للشعب الكردي أينما كان. هذه سياستها, ولديها فوبيا كردية منذ 1923 على الأقل. وكنا نتوقع بعض التغيرات أو القوى الإقليمية لماذا تتحرك وماذا تريد. ولهذا كان لدينا استراتيجية.

المذيع :

من تقصد أي قوى إقليمية ؟

أ. صالح مسلم:

مثلاً الدول التي تتحكم بأجزاء من كردستان مثل سورية تركيا والنظام العراقي سابقاً، وأيضاً نظام إيران . فنحن نرى كل هذه السياسات التي تدور في المنطقة أو يجب علينا رؤيتها, لأن هذه الدول كانت تتوحد في مقابل أي حق كردي منذ القديم وليس الآن فقط.

المذيع :

جاءنا سؤال عن طريق تويتر من إبراهيم يقول (هل الأكراد ورقة في يد النظام لخلط الأوراق ؟ ) الجواب منك سيد هيثم.

د. هيثم مناع:

إذا كان السؤال قد أتى من الجهة الإفريقية للبلدان العربية. أود أن أقول لأخواننا في المغرب يجب أن تقارنوا بشكل أو بآخر بين القضية الأمازيغية والقضية الكردية. فهي حقوق شعب، وأن لا تتوقفوا عند الإعلام الذي يتكلم والأطراف في الدول ( أي الحكومات) لأن الشعوب دائماً تعايشت مع بعضها. الحكومات التي تخيف دائماً تمسك الفزاعة الكردية كأن الموضوع أنا يحق لي أن أتكلم بكل شيء أنا يحق لي بـ 22 بلد عربي يحق لي أن أعمل على بئر نفط أو غاز دولة ولا يحق لـ40 مليون كردي أن يتكلموا في حقوقهم الأساسية و الأولية كبشر. فهذا الموضوع أولاً يجب أن نعيد النظر فيه خارج إطار الشوفينيات الأخرى.

المذيع :

إدارة مدنية في الشمال ألا تضرب الوحدة الترابية في سورية ؟

د. هيثم مناع:

نحن في نظام إدارة محلية منذ 35 عاماً لماذا عندما يقوم مجموعة من الأحزاب والقوى والشخصيات والوجهاء الذين يعيشون في المنطقة والمكونين من 61 شخصية متنوعة الإنتماء السياسي والقومي بوضع نواة لإدارة مدنية نعتبر ذلك كفراً، نحن في وضع عادي حتى ضمن الدستور الذي لا نقر به.

المذيع :

ألن تأتي هناك مرحلة أخرى لم يعلن عنها بعد من قبل حزب الإتحاد الديمقراطي أم أن ..

د هيثم مناع:

بدي قلك حاجة، إذا أنت أردت أن تنطلق دائما من نظرية أن كل كردي في برأسه مؤامرة فيجب عليك أولاً أن تتحرر من شوفينيتك العربية.

المذيع :

من مبدأ أن كل كردي متعلق بكردستان.

د. هيثم مناع:

أنا أقول لك. حقه أن يتعلق بكردستان فأنا أحب الشام وهو يُحب القامشلي أو إربيل فهل هذا ممنوع ؟

نحن نطالب الكردي بمطالب لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالحقوق الأساسية للإنسان من أجل ماذا؟ ولماذا يحرم هذا الإنسان من هذه المسائل؟

أولاً علينا أن نتحرر من الميراث الشوفيني الذي زرعه أتاتورك وزرعه حزب البعث في القطرين العراقي والسوري وزرعته أيضاً القومية الفارسية تجاه الشعب الكردي. فنتحرر منها. ولنتعامل مع الموضوع كموضوع سياسي طبيعي في إطار الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. فإذا تعاملنا مع الموضوع بهذا الشكل نناقش كل شيء على الطاولة، يصبح النقاش مفتوحاً كشعب له حقوق أساسية لا هو دون الشعوب الأخرى ولا هو فوقها مثله مثلها.

المذيع :

برغم كل ما تقول أستاذ هيثم إلا أن الائتلاف المعارض إتهم الإتحاد الديمقراطي.

أستاذ لؤي المقداد السؤال موجه لك في اسطنبول. لماذا هذه الإتهامات للحزب الديمقراطي بأنه معاد للثورة رغم ما قاله الأستاذ صالح قبل قليل؟

أ. لؤي المقداد :

أخوتنا الأكراد لم يكونوا فقط مع الثورة بل هم من بدأ الثورة بـ 2004 وقبلها عبر تاريخ نضال طويل من معاناتهم من الحرمان والظلم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الطبيعية من قبل نظام حافظ الأسد ومن ثم بشار الأسد لكن هنا السؤال كما تفضلوا الأساتذة قبلي إذا كانت المسألة هي سلطة إدارة محلية مدنية لمنطقة مدنية كما حاول أن يصورها الدكتور هيثم منذ قليل بهذه السهولة, بمعنى أن أي أحد يحق له أن يفعل هذا إذاً لماذا توضع الدساتير والقوانين, لماذا نقول أن هناك دولة أو أن هناك بلد. فهذا يعني أني أستطيع أن أجلب 10 أشخاص من أي خلفية قومية أو عرقية أو طائفية وأقول أنا هنا أعلنت استقلالي! إذاً الأمور لا تقاس هكذا لا أتصور أن الموضوع بهذه البساطة. فالإدارة المدنية لا يلزمها تسليح عسكري ولا يلزمها آليات عسكرية و عتاد وقصف مدن وقرى ومقاتلة الجيش الحر والثوار. نحن نعتبر أخواننا الأكراد قمة في الثورة وليسوا فقط من بدأ الثورة. نعتبر أن هناك نشطاء كانوا من أوائل من ابتكروا فكرة تنسيقيات الثورة وأوائل من خرج بمظاهرات سلمية في وجه نظام الأسد أما أن يكون حزب الـ PYD أو الـ YPG أو ما يعرف اليوم بالميلشيات المسلحة أن يقوموا بعمل عسكري تحت غطاء إدارة مدنية أو ما شابه فهذا موضوع مرفوض. أنا أعتقد أن الأستاذ هيثم والأستاذ صالح من أنصار الحراك السلمي في وجه النظام. وفجأة نصبح نروج لفكرة حراك عسكري لفصيل مسلح في وجه الثورة أو في وجه شعبه!

المذيع :

أستاذ صالح هل حملتم السلاح في وجه الثوار؟

أ. صالح مسلم:

أبداً, كلا, نحن لم نحمله في وجه الثوار بل نحن نحمله في وجه من لا يتوافق مع العصر أبداً. هؤلاء الذين يقطعون رؤوس أبنائنا في الشوارع ويأكلون أكباد الناس هؤلاء الجهاديين السلفيين التكفيريين الذين ابتلينا بهم. ولا زال الائتلاف لا يميز بينهم وبين الثوار.

المذيع :

صحيح هذا الكلام سيد مقداد ؟

أ. لؤي مقداد :

لا أبداً يا أستاذ صالح أنا وإياك ضد هذه المجموعات المتطرفة التي لا تتبع لا عقيدة الثورة ولا فكرها ولا مبادئ الشعب السوري ولا حقوقه في إقامة الدولة الحرة العادلة الديمقراطية، هذا موضوع نتشارك به. ولا يمكن أن تشبه كل من قاتلتهم الـ PYD تحت جناح داعش وجناح التنظيمات المتطرفة الأخرى. أنت تعلم أنه ليس في سورية مناطق كردية صافية بمعنى أنها أقرت أنها منطقة كردية كاملة ليس بها عرب ليس بها مواطنون سوريون شركاء لكم في الوطن في تلك المناطق. لندّعي أن تلك المناطق كردية صافية ونحمل السلاح ونقول أدرناها محلياً هذا الكلام غير مقبول.

أ. صالح مسلم:

العرب الذين هم أهل المنطقة والذين نتعايش معهم منذ مئات السنين يشاركوننا في هذا التوجه. منذ الأمس قوات الـ YPG التي تتحدث عنها حررت 18 قرية وهي قرى عربية موجودة في جنوب ( تربس بينة) هم استنجدوا بالـ YPG لإنقاذهم ونحن نقيم أقوى العلاقات مع العرب الذين نعيش معهم. دلني على شخص واحد أو أي تنظيم ينتمي إلى الجيش الحر نحن قاتلناهم أو قوات الـ YPG قاتلتهم ليس هناك أحد. السلفيين يهاجموننا ونحن ندافع عن أنفسنا.

أ. لؤي المقداد :

أستطيع أعطائك أسماء تشكيلات قاتلتها الـ YPG في اليعربية. هي فصائل جيش حر لم تكن تقاتل لا إلى جوار داعش ولا إلى جوار بشار. أستطيع أعطائك عشرات الأسماء لفصائل كردية تقاتل إلى جانب الجيش الحر الذي تصفه أنت بأن أغلبه ميليشيات. لكن هنا للتوضيح أنا لا أقول بأنه يجب ألا يكون هناك توافق مع الأخوة الأكراد لأنني أعتبر أنهم شركاء في هذا الوطن ولهم حقوقهم الدستورية التي يجب أن يكفلها الدستور ولهم كل الحقوق التي يريدونها. لكن سأقول لك كلام سر, لماذا تصادمنا أنا وأحمد جربا في الائتلاف، سيدي أنا عندما ناديت بالائتلاف أي قبل ضم المجلس الكردي بهذا الشكل المذل والمهين على شكل وكالات ويالله تعالوا وقعوا ثم ندخلهم إلى الائتلاف لأن ذلك السفير أو هذا يريد ذلك. أنا كنت أريد آلية تصالح بين الـ YPG أو الـ PYD سمها ما شئت وبين الجيش الحر والمليشيات المقاتلة على الأرض. لماذا لا نذهب إلى التصالح من الجذور بدل العمليات التجميلية. واليوم مع المجلس الكردي ثم ثاني يوم يعلنون الإستقلال وقبل بيوم نكون نتقاتل معهم على اليعربية هذا ما نادينا في الائتلاف وهذا ما حصل.

المذيع : سيد هيثم مناع هناك تفاعل على تويتر يتسائل هل مصير سورية هو عبارة عن دويلات ؟

د. هيثم مناع:

لن تصبح دويلات لدي ثقة مهما بلغ الهدم والردم والتمزيق في النسيج الإجتماعي السوري الإ أن مصير سورية هو أن تبقى وأن تتعايش بكل مكوناتها. أريد أن أقول كلمة صغيرة. لأنه في الحقيقة يوجد ظلم لا أطيقه كمناضل في حقوق الإنسان. حصل تفجير إرهابي استهدف مقر الهلال الأحمر الكردي، أعطني وكالة أنباء واحدة أخذت هذا الخبر رغم أن القتلى من النساء والأطفال كلهم من المدنين وهم كلهم عرب وأكراد وسريان. تشعر أن هناك ظلم وأن هناك حنق تجاه ما يقولونه، أي بمعنى ليس مهماً هذا هلال أحمر كردي يروح، وهو يقوم بخدمات إنسانية وهذا يعرفه لؤي مقداد ويعرف الجميع أنه يعمل فعلاً بدون حزبية وبدون أي انتماء. حتى أن مكتبه هنا في باريس تديره أحزاب أخرى.

أعود لمسألة التمزق لن تتمزق سورية والأحرص على عدم تمزقها هو من يُتهم بالإنفصال وسترون أنهم هم الأحرص لكي يكون لهم وزارات في دمشق وأن يكون لهم ضباط في درعا وليس فقط أن ينحسروا إلى منطقة من المناطق السورية لأنهم في الأساس مشروع ديمقراطي أولاً، ومشروع استعادة حقوق مسلوب لشعب ضمن الأراضي السورية ثانياً.

المذيع :

سؤال آخر أستاذ هيثم كردستان سورية على غرار كردستان العراق ؟

د. هيثم مناع:

نحن لا نقارن، لدينا الحالة السورية نحاول أن نبدع أفضل الإجابات على المشكلات التي تواجهنا. وأظن أن أخواننا الأكراد والعرب من الحكمة بحيث أن نصل إلى أفضل حل وأفضل شكل يجمع كل السوريين.

أ. لؤي المقداد :

يعني دكتور هيثم حضرتك تؤيد هذا الكلام الذي حصل في الزمان والمكان، تؤيد هذا الإعلان الذي خرج به هذا الفصيل الكردي بإعلانه إدارة مستقلة على الأراضي السورية في هذا الوقت تحديداً ومكونات الشعب السوري كلها تذبح ؟؟

د. هيثم مناع :

نستطيع أن نقول ذات الكلام عن الحكومة، ناس لديها الوقت لتتصارع على الوزارات وسمعنا أسماء وزراء أنا أتحدى أن يقوم أي مواطن سوري بتعداد هذه الأسماء، إذ لا أحد يعرفهم. و هل هذا وقت تشكيل حكومة و أمامنا جنيف وهناك ذبح على الأرض ومعضمية الشام محاصرة وإلى آخره وهم يتصارعون على المقاعد. ما حدث البارحة هو تذكير بأمر حدث منذ أشهر. فقط تذكير لم يضاف إليه شيء، لدينا مجلس تأسيسي من 61 شخص مشكل منذ زمن، و هؤلاء الـ 61 شخص من بينهم عرب و سريان و أكراد و فيهم سبعة أحزاب كردية و ليس فقط PYD، صحيح أنهم يملكون نسبة عالية و لكن أريد أن أسأل لماذا في الهيئة الكردية العلية لديهم نسبة 50% ولم يحتج أحد ؟؟ إذاً هناك مشكلة، أولاً الحكم المسبق على الحزب، و أنا بالفعل أشكر كل من يقول أن هذا الحزب هو إبن النضال السوري ولو كان إبن أيديولوجية موجودة في المنطقة و إقليمية إسمها الأوجلانية وهم لا ينكرون ذلك.

أ. لؤي المقداد :

أستاذ هيثم أنت حقوقي، سأعطيك الآن قوائم بآلاف الشباب الأكراد الذين اعتقلهم الـ PYD أو الـ YPG من المتظاهرين السلميين الأكراد أو من الذين منعتهم من التظاهر من إخواننا الأكراد أو من الذين اعتقلتهم بتهمة التظاهر السلمي، أستاذ هيثم أنا وأنت نعلم ما هي الحقيقة.

د. هيثم مناع :

أعطني القوائم، أنا كما قلت للسيد فورد عندما قال لي لدي قائمة بخمسين معتقل سياسي عند الـ PYD، قلت له أنا أعتبر نفسي لي علاقات جيدة مع هذا الحزب أنا سأتصرف بغيابه وأقول لك ذلك أرسل لي القائمة، لم يرسل لي القائمة، و ذات الكلام أقوله لك أرسل لي قائمة بكل معتقل سياسي، وها نحن هنا إثنان، نائبي المنسق العام في هيئة التنسيق والرئيس المشترك للـ PYD، أعطنا القوائم وأمام الناس كلها نقول لن يكون هناك معتقل سياسي واحد إلا اذا اعتدى على الناس بالسلاح، أما بالكلام والخلاف وإن قال هذا حزب شوفيني و فاشي لن يكون هناك أي مشكلة.

المذيع :

كيف يمكن التحقق من هذا أستاذ صالح على الميدان ؟؟

أ. صالح مسلم :

أريد أن أوضح كافة النقاط، اليعربية التي يتكلم عنها الأستاذ لؤي أرسلت لنا 25 إنسان أتوا وفجروا أنفسهم، 25 إنسان هؤلاء هم متفجرات، أعطني أسماء الفصائل الموجودة غير داعش والنصرة، وثانياً نحن لم نعتقل أحداً ولم نعترض على أي مظاهرة لأي سبب سياسي، الآن هناك في غرب كردستان قوات وطنية تسمى (YPG) وحدات حماية الشعب وهناك قوات الأساييش والتي هي قوات وطنية أيضاً وهي قوات شرطة تحمي هذه المناطق، نحن منفتحون أمام كل شيء. كانت هناك منظمة لحقوق الإنسان من الأمم المتحدة جاءت وحققت وجاءت أيضاً وفود بإسم حقوق الإنسان وغيرها وحققت وزارت عدة مناطق، ولكن هناك بعض الأطراف مثل حزب آزادي مثلاً وحزب حكيم بشار الذين يحاولون تلطيخ الأسماء ويحاولون نشر دعاية سوداء لا يقبلها الشعب الكردي، نحن نرحب بأي لجنة تأتي إلى غرب كردستان وتتحقق، ومن دون أي تدخل منا، ونحن نتكفل بحمايتها ودلالتها إلى أي مكان تريد، ومثلما تفضل الدكتور هيثم إذا كان هناك أي معتقل سياسي واحد، نحن نرضى بكل شيء.

المذيع :

الأستاذ لؤي المقداد أنت في استانبول، ولابد من الكلام قليلاً عن الموقف التركي، كيف ستنظر تركيا إلى مبادرة كهذه ؟؟

أ. لؤي المقداد :

أولاً أسأل الأستاذ هيثم، هل يوافق على تسمية غرب كردستان ؟؟

د. هيثم مناع :

بالنسبة لي هناك أرض إسمها كردستان، قرأت ذلك عند الطبري في تاريخ الطبري وقصة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف سنة و بالتالي إذا زيف جزء منها…….

أ. لؤي المقداد :

و هناك كتاب يقول ان أرض اسرائيل من الفرات الى النيل. السؤال هو هل تقبل بهذه التسمية على الأرض السورية التي نقول هي ليست لا للعرب ولا للسنة ولا للمسيحيين هي لكل السوريين، هل تقبل بوصف غرب كردستان و تسميته كإقليم ؟؟

د. هيثم مناع :

كوصف جغرافي هي تشبه شرق الألب وتشبه شمال كاتالونيا نفس الشيء، بالنسبة لي أناقش المشروع السياسي وهو المهم بالنسبة لنا، لماذا لا نعترض على تسمية جبل الأكراد هل يجب تغيير إسمه !!!

أ. لؤي المقداد :

لا بالتأكيد، ولدينا أيضاً وادي النصارى ولدينا الكثير من المناطق، بالتأكيد ليس هنالك أي مشكلة في التسميات، لكن أنت تعلم أنه هناك مشكلة في مصطلح غرب كردستان بأنه تمهيد لإقامة كيان مستقل، وأنا لست ضد ذلك إذا الشعب السوري أراد لهذا الكيان أن يستقل هذه ليست مشكلتي، لكن أنا مشكلتي هل وصلنا إلى مكان أن نستطيع أن نفرض ما نريده بقوة السلاح، وأنت من أنصار السلمية ونعرف أن الـ PYD يفرض ما يريد بقوة السلاح.

أ. صالح مسلم :

هل تعرف باتفاقية سايكس بيكو وتقسيم البلاد ! وهل تعلم بأن كردستان قسمت إلى أربعة أجزاء هل تدرك ذلك !! ماذا تسمي الجزء القائم في سوريا ؟؟ نحن لا نقصد بأننا سنشكل سياسياً إقليم كردستان، لن أدعك تهنأ بدمشق سأكون معك شريكاً في دمشق وفي اللاذقية ودرعا.

أ. لؤي مقداد :

أنا أريدك أنت تكون شريكي، لكن أنا أسأل، يمكنك أن تكون مثل الأستاذ هيثم وتدخل في التفاصيل التاريخية أن تصل إلى كاتالونيا وبورتوريكو وموزمبيق وغيرها… وأن لا تصل إلى الإجابة الواضحة، أنت اليوم تقول لي أنك أنت كحزب إتحاد ديمقراطي والفصائل المسلحة التابعة لكم على الأرض لا تسعون للانفصال ؟؟

أ. صالح مسلم :

الفصائل ليست لنا، هي تابعة لكل غرب كردستان ولكل المكونات الموجودة في غرب كردستان.

أ. لؤي المقداد :

يا سيدي نعود لمشكلة غرب كردستان، أنا لا أسميها غرب كردستان أنا أسميها شرق سوريا.

أ. صالح مسلم :

ليس هناك مشكلة. أنا أقولها للاستدلال بأن جزءً من كردستان بقي في سوريا، ونسميها شمال سوريا ونسميها شمال شرق سوريا ونسميها غرب كردستان يجب أن لا تنزعج.

أ. لؤي المقداد :

أستاذ صالح أنا فقط ما أسأله، هل أنت تقول لي الآن أنك ستشاركني في كل المحافظات وسأكون شريكك في شرق سوريا وبكل المناطق هناك؟؟ وأنك لا تسعى وفق هذا المعيار إلى مشروع إنفصالي قبل أخذ رأي الشعب السوري، وأنه ليس تمهيد لدولة مستقلة؟

المذيع :

أستاذ لؤي لم تجب على سؤالي وأخذنا النقاش إلى تفرعات، كنت أحب وأنت مقيم في استانبول أن أعرف كيف تنظر تركيا إلى هذه المبادرة الكردية في سوريا؟

أ. لوي المقداد :

مقيم في استانبول لا يعني أنني يومياً على تواصل مع أردوغان، أنا ما يهمني من الموضوع هو الشق السوري، بالنسبة لنا الأخوة الأتراك كل التعامل المحترم والجيد والطيب ويقولون دائماً أي شيء يتفق عليه الشعب السوري نحن معه، نحن المهم لنا أن يتوقف سفك الدماء والمهم لنا أن تجدوا حلولاً، والآن أنا أتصور وإن سمحت لي سأكشف سراً والأستاذ هيثم يعلم وكذلك الأستاذ صالح، أن الأخوة الأتراك هم إحدى الدول التي دفعت باتجاه انضمام المجلس الكردي إلى الائتلاف واعتبرته خطوة جيدة، وهناك العديد من الناس تعتقد بأن تركيا ضد هذا الموضوع، أنا أؤكد بأنه على العكس تماماً وأستطيع أن أعطيك أسماءاً ووقائع بأنهم دفعوا باتجاه ضم المجلس الكردي للائتلاف.

أ. صالح مسلم :

و لكن هؤلاء الذين انضموا إلى الائتلاف انضموا بشروط الأتراك و ليس بشروط الأكراد.

أ. لؤي المقداد :

أستاذ صالح أنا عندما سألت هذه الأسئلة في الائتلاف تقاتلنا، عندما قلت لهم هل الأخوة الأكراد في المجلس الوطني يمثلون كل الشعب الكردي هل اختارهم الشعب الكردي وهل هذا ما يريده إخوتنا الأكراد.

أ. صالح مسلم :

لا هم لا يمثلون، هناك هيئة كردية عليا هي التي تمثل الإرادة الكردية، وعندما يريدون ضم الأكراد عليهم التحدث مع الهيئة الكردية العليا ونحن كهيئة كردية عليا كنا على استعداد للانضمام أو التوافق مع الائتلاف لكن تركيا لا تريد الهيئة الكردية العليا بل تريد ضم بعض الأكراد وحسب شروطها.

المذيع :

أستاذ صالح هل هناك علاقة بينكم و بين أكراد تركيا ؟

أ. صالح مسلم :

كل الأكراد بينهم علاقات ولكن هذه العلاقات لا تعني أي شيء، وبالنسبة للحدود فإن الحدود قسمت العائلات إلى أخ في تركيا وآخر في سوريا والقرى انقسمت والمدن انقسمت، نصيبين والقامشلي هما مدينة واحدة والآن يضعون جداراً بيننا.

المذيع :

هل تتفهم أن تكون أنقرة غاضبة من مبادرتكم ؟

أ. صالح مسلم :

لماذا تغضب، يجب أن تفرح لأننا نحن جيران وأنا قلت ذلك للأتراك.

المذيع :

لأن ذلك سيشجع الـ PKK

أ. صالح مسلم :

لا فإن الحقوق الكردية ليس لها علاقة بالـ PKK فقط إن علاقتها بالشعب الكردي، أنا قلت للأتراك بأن الحدود 900 كيلومتر نحن يهمنا استقرارها أكثر من أي طرف آخر لأن على الطرفين أقرباء لنا.

المذيع :

أستاذ هيثم مناع من الأقوى في سوريا اليوم، نظام بشار الأسد أو الأكراد، من ناحية كبح الإسلاميين ؟

د. هيثم مناع :

لا هنالك مسألة ثانية، أنا سألت شخص يعمل في الإعلام السوري الرسمي قابلته هنا في مطعم جلس بالصدفة معنا، فقلت له لماذا وأنتم تشرفون على تلة في الرقة لا تقصفون المقر العام لداعش، فقال لنا مصلحة وبكل صراحة، قال فلندع الناس يرون إن لم نكن نحن في الحكم ماذا سيحصل، هناك في النظام السوري من يهمه أن تكون صورة البديل أسوأ من المجرم الذي يحكم، هذه الفكرة موجودة وبدأت تتدخل في العقل السوري بأنه إذا أتتنا داعش ماذا سيحصل لذلك لا فليبقوا هؤلاء على الأقل نعرفهم، فبالتأكيد إذا كان هناك موقف حاسم من طرف عسكري فهو من وحدات حماية الشعب تجاه المجموعات التكفيرية وإن كان هناك موقف حاسم من قوة سياسية تجاه التكفيريين فهو من هيئة التنسيق الوطنية والتيار الديمقراطي وهناك عدة قوى، ولكن الموقف المتأخر وأظن أن لؤي لا يخالفني في هذه النقطة، الموقف المتأخر بسبب التداخل في الميدان وبسبب التعقيد بين الوحدات الإسلامية في الجيش الحر والوحدات التكفيرية الأجنبية بسبب هذا التداخل تأخر موقف الائتلاف، ونحن رأينا 39 كنيسة إلى الكنيسة رقم 40 حتى أصدر بيان من الائتلاف مثلاً، بينما هناك موقف صلب من الديمقراطيين سياسياً وهناك موقف صلب من وحدات حماية الشعب عسكرياً.

المذيع :

لماذا لم يصدر الائتلاف بياناً واضحاً يندد بإرهاب جبهة النصرة وداعش كبياناتهم ضد حزب الإتحاد الديمقراطي ؟؟ و هذا سؤال عبر تويتر

أ. لؤي المقداد :

كل ما تفضل به الأستاذ هيثم صحيح، لكن عذراً منه صحيح أننا لسنا هيئة التنسيق، لكن أيضاً نحن خضنا معركة على الأرض وسياسياً وإعلامياً ضد داعش ويعلم أننا دفعنا أثماناً كبيرة على الأرض وفي خارجها، في مكان ما كان العديد من المعارضين السوريين يصفقون لداعش ولا يجرؤون أن يتلفظوا باسمها إلا بعد القول بأنهم مجاهدون، عندما كنا نقول بأنهم عملاء للنظام ويخدمون مشروع النظام بالتأكيد لا نقصد بأن أيمن الظواهري وماهر الأسد يتصلون ببعضهم، لكن في النتيجة كل منهما يخدم مشروع الآخر ويوجِد مبررات للآخر كما قال الدكتور هيثم في حادثة الرقة. أما عن مسألة لماذا تأخر الائتلاف لأكون شفافاً وواضحاً للأسف الائتلاف في مكانٍ ما هو لا يمثل الشعب السوري وللأسف أنه أصبح في مكان ما قاعدته الشعبية ضعيفة، هذا الشيء يجعل الائتلاف يتأخر كثيراً حتى يتجاوب مع مطالب الناس حتى يتأكد أن هذا ما يريده الناس، إلى مرحلة أنني أنا كنت أتكلم باسم قيادة أركان الجيش الحر ويكون معي في اللقاء أحد الإخوة من أعضاء الائتلاف أنا أشتم داعش في حين هو لا يتجرأ فهو يخاف أن تخرج مظاهرات ضده أو أن يسب لأنه ليس هناك له حيثية على الأرض معينة، وأنا ليس لي حيثية بالتأكيد لكن على الأقل أنا أنطق بما يريده الناس دون أن أهتم باسترضائهم، وبخصوص البيانات إن كنت سأصدر بيانات للكنائس فسأصدر بيانات للجوامع ونحن لدينا الآن كل يوم يدمر جامع فهذه المتاهة ولعبة الكنائس والجوامع والأقليات والأكثرية أنا أفضل عدم الخوض فيها، لأنه بالنسبة لي أي كنيسة هي مثل أي جامع وأي مواطن مسيحي هو مثل أي مواطن مسلم وأي مواطن سني هو مثل أي مواطن علوي، إذا قتل ظلماً من طرف أي ميليشيات. نحن ما نقوله اليوم أننا في مكان يجب أن تتوحد الصفوف ويتوحد الجميع وخصوصاً قبل جنيف لا يمكن لأحد أن يخون أحد ولا لأحد أن يقصي أحد مهما اختلفنا بالرأي ومهما اختلفنا يجب أن نجد حلول جذرية حلول الترقيع لم تعد تجدي اليوم، يجب أن يكون هناك حلول جذرية وتتوحد كل المعارضة السورية باتجاه الهدف الواحد وهو تحرير سورية.

أ. صالح مسلم :

سؤالي للأستاذ مقداد، لماذا لم يستنكر أحد الهجوم الذي حصل في (كوباني) عين عرب الذي استهدف الهلال الأحمر ؟؟

أ. لؤي المقداد :

أنا استنكرته باسم قيادة هيئة الأركان، أنا لست مسؤولاً عن المكتب الإعلامي في الائتلاف، أنا استنكرته واعتبرت أن أي هجوم على يمس أي مواطن سوري هو هجوم إرهابي إن كان أمره من الظواهري أو من بشار الأسد هو هجوم إرهابي، وبالنتيجة عين عرب هي جزء غالي وأهلها كما قلت أنت لن تترك لي دمشق أنا لن أترك لك عين عرب وأريد أن أذهب إلى هناك، وأنت تعلم أن أغلب الناشطين الإعلاميين في المنطقة الذين يعملون في المكاتب الإعلامية التابعة لنا هم من إخوتنا الأكراد ومنهم من كانوا معتقلين في أحداث 2004 جبل الرز.

أ. صالح مسلم :

الجيش الحر الذي تتحدث عنه، نحن قلناها مراراً وتكراراً وأقولها الآن ليعلم الجميع نحن مستعدين للتعاون مع الجيش الحر العلماني أينما كان ونمد إليهم يدنا لإنقاذ بلدنا ولكن هل هناك جيش حر علماني. كلهم سلفيين مثل داعش.

أ. لؤي المقداد :

أستاذ صالح أنت الآن تتكلم كلام جميل هل تقبل أنت الآن أمام الناس أن أتعهد أنا وإياك وبحضور الأستاذ هيثم أن ترسل كتائب من الجيش السوري الحر، كتائب وطنية بدون توصيف علماني أو غيره هذا لا يهمنا، لكن ليسوا ناس تقطع الرؤوس ولا تكفر أحداً، كتائب من أبناء سوريا الذين تعرفهم أنت والأستاذ هيثم ما مدى طيبتهم، هل تقبل الآن أن نرسل كتائب من الجيش السوري الحر إلى المواقع التي يسيطر عليها أي فصيل كردي مسلح إن كان اليعربية أو غيرها وأن نتشارك إدارة هذه الأماكن ونشارك جبهات القتال ضد النظام وأن نتشارك حماية أهلنا ؟؟

أ. صالح مسلم :

جيش حر علماني لا يعود بالشعب السوري 1500 سنة إلى الوراء لا يتطلع إلى تأسيس إمارة إسلامية ولا يقيم إمارة في الرقة.

أ. لؤي المقداد :

جيش حر وطني من أبناء الشعب السوري لا يقبل لا بإمارة ولا بتكفير ولا بتطرف ولا بإرهاب ولا بفرض أي شيء، هي كتائب من أبناء سوريا.

أ. صالح مسلم :

نحن مستعدين لكل شيء ونرحب بهم بيننا.

المذيع :

لماذا يقبل الائتلاف بولاية الرقة التي أعلنتها داعش ولا يقبل بإدارة ذاتية للأكراد ؟؟

أ. لؤي المقداد :

يا سيدي من قبل بإمارة الرقة ؟؟ أنا خرجت منذ أول يوم صدر شريط الجولاني على الإعلام وقلت هذا الشريط هو جرم بحق الشعب السوري وهو عمالة لنظام بشار الأسد ويخدمه واعتبرت أن تنظيم داعش هو تنظيم أخطر على الثورة في بعض الأماكن من نظام بشار الأسد، من قتل الناشطين الإعلاميين ومن قتل ضباط الجيش السوري الحر وفجر سيارات مفخخة في مقرات للجيش السوري الحر من كتائب أحفاد الرسول وغيرها هو تنظيم إرهابي، أنا أوصّفه هكذا وبكل وضوح ولا أخشى شيء، لكن أن نقول أننا قبلنا بإمارة الرقة ونحن في الرقة تفجرت سياراتهم المفخخة في مقراتنا واستشهد منا 40 شخص منذ اليوم الأول واعتقلوا الناشطين وأطلقوا النار على المظاهرات، هؤلاء عرب من أُطلق عليهم النار.

المذيع :

هل لقى إعلان الإدارة المدنية في شمال شرق سوريا أي دعم أو تأييد من إقليم كردستان العراق ؟؟

أ. صالح مسلم :

كلا، على العكس نحن شعبنا لازال محاصراً يحتاج إلى مواد أساسية وأولية لا تأتيه لا من شمال ولا من جنوب كردستان لا يأتيه شيء، نحن محاربون في المناطق الكردية التي نحن فيها.

المذيع :

أستاذ هيثم مناع، أطراف عديدة في المعادلة السورية، النظام والأكراد والجهاديون والجيش الحر والائتلاف، أي هذه الأطراف هي الأثبت والأقوى والأقدر على فرض سياسته ؟؟

د. هيثم مناع :

أنا أظن أننا اليوم في وضع من الصعب فيه تقييم كل قوة، وكل حديث عن أن السلطة السورية تكسب نقاط هو نوع من النسيان أن سوريا تمتد من القامشلي إلى درعا وليست فقط في القصير أو السبينة، وبالتالي لنخرج جانباً قضية أن هذا سينتصر عسكرياً بعد شهر أو شهرين أو غيره، ونناقش مسألة أوسع تحالف بين القوى المطالبة بسقوط الدكتاتورية وتحالف القوى الديمقراطية المدنية الوطنية في سوريا، اليوم لدينا فرصة سياسية إسمها جنيف2 إذا ذهبنا بقوة نستطيع أن نحقق الشروط التي نطرحها، وأقول شروط هي حقوق نطالب بها قبل جنيف، لكن لنكن أقوياء حتى نستطيع أن نذهب بقوة وأن ننتزع حلاً سياسياً ينسجم ويتناغم مع الحقوق الطبيعية والطموحات الطبيعية للإنسان السوري وليس فقط لقوة لسياسية أو لميزان القوى الموجود في الميدان.

المذيع :

مع هذه الإدارة المدنية الإنتقالية التي أعلنها الأكراد أستاذ صالح، ما الذي يضمن أن لا تأتي أطراف أخرى لديها برامج أخرى و أيديولوجيات أخرى وتعلن هي أيضاً عن مناطق تسيير ذاتي ؟

أ. صالح مسلم :

دعني أصحح هذه المعلومة، نحن لم نتحدث عن إدارة ذاتية، نحن نعتبر هذا في خدمة سوريا، وهناك إدارات ظهرت في حلب وفي الباب من محكمة شرعية وجنود يحاكمون الناس ويفرضون الضرائب ويقطعون الطرق ويسيطرون على كل شيء، لهم نظامهم الخاص أسسوه في منطقة الباب أسسوه في حلب وفي المعرة ….

المذيع :

تستهجنون ذلك ؟

أ. صالح مسلم :

نحن لا نستهجن، نحن الآن نحكم هذه المنطقة منذ الشهر السابع من العام 2012 ولدينا مسؤولية كبيرة، منذ ستة أشهر بدأنا نناقش على أن نجعل هذه الإدارة ديمقراطية، على أن نشارك فيها ولسنا نحن وحدنا الذين نقيم هذا المشروع كل المكونات الموجودة في المنطقة بشكل ديمقراطي قررنا تأسيس إدارة مدنية إلى أن يحل الإشكال السوري، نحن جزء من الحل ولسنا جزء من المشكلة نحن لا نضع حدوداً وإنما إدارة، في السنة الماضية شتاءاً قاسينا كثيراً ولم نستطع تأمين الوقود للتدفئة للشعب، الخبز لم نستطع تأمينه، هذه الإدارة هي التي ستؤمن كل شيء، إلى الآن لا أحد يعترف بالمناطق الكردية، لا أحد يعطينا ولو مساعدة واحدة، الإغاثة التي تأتي تذهب إلى المناطق الأخرى والتجار يشترونها ويبيعونها في مناطقنا في السوق السوداء، نحن نشتري كل شيء بثمن غالي في مناطقنا، فلتكن مؤسسة واحدة وتقول نحن قدمنا هذا الشيء للمناطق الكردية.

المذيع :

ماذا عن التشريع إن حدثت نزاعات بين المواطنين؟

أ. صالح مسلم :

هناك محاكم موجودة وقائمة منذ سنة موجودة في كل منطقة، وهناك محكمة عليا، تتألف من محامين ومن رجال بيض اللحى كما يقال لهم أو الحكماء، موجودون في المحكمة كل محكمة سبعة أعضاء نصفهم محامين والنصف الآخر حكماء هم المسؤولون عنها، باعتبار أننا نرى بأن القانون يجب أن يكون أخلاقياً وله أبعاد أخلاقية، وهم ليسوا من الـ PYD ولا يوجد شخص من الـ PYD هم من المجتمع هو الذي اختارهم، المجالس الموجودة في المناطق هم الذين اختاروهم، أرجوا من الأخ لؤي وآخرين أن لا يسمعوا لدعايات شخص أو شخصين، نحن لا نتحكم بشيء ونحن لسنا سلطويين، وإنما نريد انتقال السلطة إلى المدنيين.

المذيع :

ما الذي يمنعك سيد لؤي مقداد مثلاً أو أحد زملائك في الائتلاف من زيارة هذه المناطق والقيام بمعاينة ميدانية لما يفعله الأكراد هناك؟

أ. صالح مسلم :

سنرحب بمثل هذه الزيارة.

أ. لؤي المقداد :

أولاً أنا أتشرف بزيارة تلك المناطق، فتلك المناطق هي أراضي سورية غالية على قلبي وأهلها غاليين على قلبي، وفي مسألة أخرى أنا أخذت الآن تعهد من الأستاذ صالح بأننا سنتواصل في الأيام القادمة لترتيب إرسال قوات معينة من الجيش السوري الحر وفق الضمانات الوطنية والأخلاقية والأدبية التي طلبها لتكون مشاركة مع هذه القوات في منطقة اليعربية وفي مناطق أخرى، وبالتأكيد أتشرف بزيارة هذه المناطق.

أ. صالح مسلم :

وأيضاً على البوابات الحدودية التركية التي تتحكم بها جبهة النصرة، هذه البوابات يجب أن تكون تحت سيطرة الجيش الحر.

أ. لؤي المقداد :

فلنقترح حلاً أستاذ صالح، وأنت تعلم بأنه في عدة اشتباكات لكم مع داعش في قطمة وأماكن أخرى إن قيادة هيئة الأركان قد اشتركت مع كتائب كردية في مواجهة دولة العراق والشام.

المذيع :

تتبادلون الأخبار والمعلومات الميدانية عسكرياً ؟

أ. لؤي المقداد :

يا سيدي من غير الممكن لنا أن نتبادل إذا كنا سننام ليلاً لنستفيق صباحاً و نرى أن الـ PYD هاجمت اليعربية ولم تميز بين تشكيل متطرف وجيش حر، كان لنا ثلاث مقرات تفاجئنا أن الـ PYD هاجمتهم وداعش انسحبت إلى مناطق النصرة.

المذيع :

لماذا اعتبر الائتلاف الحرب الكردية ضد داعش على أنها حرب ضد الجيش الحر أستاذ لؤي؟

أ. لؤي المقداد :

هذا كلام خطير جداً يا سيدي، الناس تمشي وراء الإشاعات كيف ذلك وداعش أعلنت الحرب علينا نحن، ونحن في حالة مواجهة مع داعش في أكثر من 18 موقع على الخارطة السورية من إعزاز إلى الرقة وقطمة والدانة وجبل الأكراد وجبل التركمان فكيف سنعتبر أنها ذلك، لكن دعني أقول لك الآن ليأتي أي تنظيم ويوحد بندقيته مع أبناء الشعب السوري وليقل نحن نريد أن نقاتل المتطرفين ونريد أن نقاتل من يقطع الرؤوس، نريد أن نقاتل من لم يسر بمشروع الشعب السوري نوحد البندقية معه بدون سؤال، أما أن أقاتل لأطهر مناطقي من داعش والنصرة والجيش الحر والثوار ومن أهل المناطق فقط لأقيم حكم، طبعاً أنا لا أوصفها بهذا الشكل بالتأكيد هذا التوصيف مبالغ به، لكن بالنتيجة الـ PYD في عدة مناطق دخلت عليها فرضت أمرها بقوة السلاح.


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.