محمد بلوط
بدءا من الخميس المقبل، سيكون للمبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي خطة تحمل اسمه أسوة بسلفه كوفي انان، وهي تستند استنادا واسعا إلى خطة أنان، وتستوحي النقاط الرئيسة لاتفاق جنيف من دون أن تحسم مثله القضايا الخلافية الجوهرية.
في هذا الوقت، أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، أن بلاده «ماضية في إنجاح الحوار الوطني بالتوازي مع محاربة الإرهاب الذي يسعى لزعزعة أمن واستقرار سوريا والمنطقة»، مبديا ورئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني «حرص سوريا وإيران على التمسك بنهج المقاومة في المنطقة والاستمرار بتعزيزها».
ويستعد المقاتلون الأكراد لشن هجوم ضخم على المسلحين الإسلاميين، خصوصا في بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا، وذلك بعد تشكيل المجموعات الكردية الرئيسية في سوريا قوة عسكرية موحدة لمواجهة مسلحي المعارضة في شمال شرق سوريا.
وقال مسؤول الإعلام في «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي نواف خليل، لـ«السفير»، «هناك وقف لإطلاق نار لمدة 48 ساعة، وإذا لم ينسحب المسلحون، وهم بالمئات، بالكامل، فإن المقاتلين الأكراد سيتصدون لهم». وأضاف ان «قوات اللجان الشعبية ستقاتل لطرد هؤلاء الغزاة الذين ما كانوا ليتجرأوا على مهاجمة المدينة لو لم يحظوا بدعم وتسليح من تركيا. إن الدفاع عن رأس العين هو دفاع عن كل المدن الكردية».
مصدر ديبلوماسي أوروبي قال لـ«السفير» إن المبعوث الأممي إلى سوريا سيقدم الخميس المقبل خطته لحل الأزمة إلى مجلس الأمن، خلال جلسة مقررة للإحاطة بالأوضاع في سوريا. وأوضح أن الخطة الإبراهيمية تستند استنادا واسعا إلى خطة سلفه كوفي انان، وتستوحي النقاط الرئيسة لاتفاق جنيف من دون أن تحسم مثله القضايا الخلافية الجوهرية، لا سيما في ما يتعلق بالمصير السياسي للأسد، الذي كان الاتفاق المعقود في 30 حزيران الماضي، قد جعله رهينة العملية السياسية والمفاوضات بين أركان النظام ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء، والمعارضة السورية.
ويقترح الإبراهيمي في خطته حكومة مختلطة تضم ممثلين عن النظام والمعارضة السورية لإدارة المرحلة الانتقالية التي تمتد حتى نهاية الولاية الحالية للأسد في ربيع العام 2014. وتتمتع الحكومة الانتقالية بصلاحيات تنفيذية واسعة تستحوذ على الصلاحيات الرئاسية الحالية.
وتقوم الخطة بتحييد الأسد الذي تستبقيه في منصبه حتى نهاية ولايته، لكنها تحول الموقع الرئاسي إلى منصب رمزي. كما تنص على انتخابات برلمانية ومحلية بعد انقضاء تلك المدة تحت إشراف الأمم المتحدة.
ولم تشر الخطة، بحسب المصدر الديبلوماسي الأوروبي، إلى أي مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، آخذاً بذلك علما برفض المعارضة السورية أي مفاوضات مع النظام. وتعتبر أن الحكومة الانتقالية ستكون طاولة مفاوضات وحواراً تقوم بالإعداد للتعديلات الدستورية المطلوبة، والتسويات التي ستقوم على أساسها سوريا ما بعد الأسد.
وقال المصدر إن الإبراهيمي أطلع المحيطين بالأسد على بعض مفاصل الخطة، لكنهم رفضوا أي اقتراح يؤدي إلى تقليص مساحة الصلاحيات الرئاسية خلال الفترة الانتقالية. وقال محيطون بالأسد إن أي خطة تستبعد حق الرئيس السوري بالتقدم إلى صناديق الاقتراع إلى ولاية رئاسية جديدة لن تكون مقبولة. وتحافظ الخطة الإبراهيمية على الغموض في هذه النقطة، تاركة للحكومة الانتقالية أمر تقرير مشاركة الأسد في الانتخابات أو استبعاده.
ويعتقد الإبراهيمي أن الروس سيوافقون على الخطة، لأنها تستبقي الأسد حتى نهاية ولايته، وهو ما كان اقتراحهم في جنيف، لكنهم لن يتمسكوا به بعد العام 2014. ويراهن الإبراهيمي على موافقة الروس على الخطة لأنها تلبي جزءاً كبيراً من مطالبهم باستعادة اتفاق جنيف وتجاوز الفيتو، والحفاظ على موقع الأسد ولو رمزيا، كما يراهن على أن تهميش الأسد سيساعد على تحقيق تقاطع روسي - أميركي حول خطته، تستجيب للحد الأدنى من المطالب الأميركية للولوج إلى تسوية بين واشنطن وموسكو.
وكان جيفري فيلتمان، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية والمدير الأميركي للملف السوري، قد ذكر في الإحاطة السابقة أمام مجلس الأمن، أن اتفاق جنيف لا يزال أساسا صالحا للتسوية في سوريا. ويضع الإبراهيمي خطته في سياق رياح دولية وإقليمية، مصرية خاصا، يعتقد أنها ستسهم في فرضها على جميع الأطراف.
وقال المصدر الديبلوماسي، لـ«السفير»، إن الإبراهيمي سيبلغ مجلس الأمن قراره نقل مقر عمله من نيويورك إلى القاهرة. وكان الإبراهيمي قد رفض البقاء في القاهرة للابتعاد عن الجامعة العربية التي رفض عند تكليفه أن يكون مبعوثها، بسبب سيطرة القطريين خاصة على سياستها في سوريا، حيث انعقد في الدوحة وحدها أكثر من 15 اجتماعا للجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا برئاسة حمد بن جاسم الذي اصطدم الإبراهيمي به منذ اللقاء الأول بينهما.
لكن الإبراهيمي يعيد حساباته للاستفادة من عودة مصر، تحت حكم جماعة الإخوان المسلمين، «عبر نافذة غزة « إلى لعب دور إقليمي مهم. ويطمح إلى الاستفادة من تجدد هذا الدور لحث الرئيس محمد مرسي، على إقناع «إخوان» سوريا، وهم قطب أساسي داخل المعارضة السورية، بالقبول بخطته، وتقديم بعض التنازلات التي تفتح الباب أمام عودة الدور المصري كاملا في المشرق وتسوية الأزمة في سوريا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الأسد بحث مع لاريجاني، في دمشق، «تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما بعد فشل العدوان الإسرائيلي على غزة والانتصار الكبير للمقاومة الفلسطينية على هذا العدوان، وحرص سوريا وإيران على التمسك بنهج المقاومة في المنطقة والاستمرار بتعزيزها ودعمها على جميع الأصعدة». مؤكدا أن «سوريا ماضية في إنجاح الحوار الوطني بالتوازي مع محاربة الإرهاب الذي يسعى لزعزعة أمن سوريا واستقرارها والمنطقة بأسرها».
وقال لاريجاني، الذي التقى ممثلين عن قوى تحالف الفصائل الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، «أجرينا مباحثات قيمة وجيدة جدا، وخاصة ما يتعلق بالأحداث التي وقعت في فلسطين والانتصار الكبير الذي حققه الشعب الفلسطيني المسلم والحكومة السورية والشعب السوري. والأسد ووالده المرحوم حافظ الأسد من الأشخاص الذين كان لهم دور مهم جدا في المقاومة الفلسطينية».
______________
«السفير»
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات