بحلول صباح هذا اليوم، تكون مصر قد اجتازت أسبوعاً خالياً من أعمال العنف، في ما عدا الهجمات المتكررة على الجنود المصريين في سيناء، وهو أمر مهّد الطريق أمام رئيس الحكومة المكلف حازم الببلاوي لملء المناصب الرئيسية في التشكيلة الوزارية التي ستقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية الجديدة.
وجاءت الملامح الأولى لحكومة الببلاوي لتعكس بداية تغيير في المشهد السياسي المصري بعد سقوط نظام «الإخوان المسلمين»، ولعلّ من أبرز مؤشراته تعيين امرأتين في منصبين وزاريين شديدي الرمزية (الإعلام والثقافة)، وخبير اقتصادي بارز في منصب وزارة المال (احمد جلال)، ونقابي في منصب وزير القوى العاملة ( كمال ابو عيطة)، وسفير سابق لدى واشنطن في منصب وزير الخارجية (نبيل فهمي).
وعكست الاختيارات الأولى للتشكيلة الوزارية الجديدة رغبة من العهد الجديد في طمأنة لفئات واسعة في الداخل إلى أن مصر تستعيد هويتها المدنية، وإدراكاً بضرورة تأمين أقصى قدر من التواصل مع المجتمع الدولي، وهو ما تبدّى خصوصاً في تعيين فهمي وزيراً للخارجية وقبل ذلك في اختيار محمد البرادعي نائباً لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية.
وبالرغم من أن التشكيلة الوزارية الجديدة قد أضفت طابع «التكنوقراط» على الحكومة الانتقالية، وفقاً لـ«خريطة المستقبل» التي وضعتها القوات المسلحة، إلا أنها ضمنت أيضاً تمثيلاً سياسياً لـ«جبهة الانقاذ الوطني» (وزيران)، فيما غاب عنها «حزب النور» السلفي، وبطبيعة الحال «الإخوان المسلمون».
وبالأمس، وجه القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، رسالة جديدة إلى الشعب المصري والمجتمع الدولي، دافع فيها عن قرار عزل مرسي.
وقال السيسي، خلال لقائه عدداً من قادة القوات المسلحة وضباطها، ان الرئيس المعزول فقد الشرعية بسبب خروج الملايين في احتجاجات حاشدة على حكمه.
وقال السيسي إنه حاول تجنب اللجوء إلى عمل منفرد، وعرض على مرسي مرتين اجراء استفتاء على حكمه، لكن الرد جاء بالرفض التام.
على المقلب الآخر، ما زال «الإخوان» يضغطون في الداخل والخارج تحت شعار «رفض الانقلاب العسكري»، وإن كانت المؤشرات العامة خلال اليومين الماضيين توحي بأنهم انتقلوا من هدفهم المعلن وهو «عودة مرسي» إلى أهداف أكثر واقعية تتمثل في سبل ترميم صورتهم المهتزة بعد «ثورة 30 يونيو».
وإلى جانب مواصلة الاعتصام قبالة مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر، ينشط «الإخوان» في الخارج لتكثيف الضغط على العهد الجديد عبر الإيحاء بأنه وليد «انقلاب عسكري»، يعقد التنظيم الدولي لـ«الإخوان المسلمين» اجتماعات في اسطنبول لبحث تداعيات الضربة التي تلقتها الجماعة في مصر، وسبل مواجهتها.
ووفقاً لقناة «سكاي نيوز عربية» فإن اجتماع اسطنبول يناقش وثيقة تتضمن عدداً من السيناريوهات للتعامل مع الموقف، وهي تتراوح بين «الصمود والدفاع عن الشرعية بالنفس الطويل»، وبين «عسكرة الصراع»، وإن كانت الوثيقة قد وصفت، بحسب مصادر «سكاي نيوز»، الخيار الأخير بأنه «كارثي».
ونقلت صحيفة «المصري اليوم» عن مصدر مطلع على سير الاجتماع، أن قيادات «الإخوان» اتفقت على تكثيف اتصالاتها بالغرب، والإدارة الأميركية بشكل خاص، لدفعها نحو الضغط على المؤسسة العسكرية للإفراج عن مرسي وباقي قيادات الجماعة، والسماح بعودة التنظيم، واتفقوا على استخدام لغة التخوف والترهيب مع الأميركيين، عبر الإيحاء بأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى حرب أهلية وإهدار المصالح الأميركية التي حافظت عليها الجماعة.
وفي موازاة انعقاد مؤتمر التنظيم الدولي لـ«الإخوان» في اسطنبول، خرج رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ليعلن أن مرسي هو «رئيس الدولة الشرعي الوحيد في مصر».
وقال أردوغان، خلال إفطار رمضاني، إن «حالياً رئيسي في مصر هو مرسي لأنه انتخب من الشعب»، معتبراً أن «عدم أخذ مثل هذا الوضع في الاعتبار يعني تجاهل الشعب المصري». وأضاف إنه «كنا سنحترم النظام المنبثق عن الانقلاب العسكري لو كان فاز عبر صناديق الاقتراع».
وفي موازاة إصرار «الإخوان» على عودة مرسي باعتباره «الرئيس الشرعي المنتخب»، فإن ما يجري خلف الكواليس يعكس رغبة لدى الجماعة في الخروج من ضربة «30 يونيو» بأقل الخسائر الممكنة، ومن هنا تسريب معلومات عن اتصالات تجري بشكل غير مباشر بين قياديين في الجماعة وبين الجيش المصري، وذلك من خلال وسطاء بينهم سفراء أجانب، بحسب ما قال القيادي «الإخواني» محمد البلتاجي، الذي قال لشبكة «بلومبرغ» إن «الجيش أبلغ الإخوان أن عودة مرسي مستحيلة».
بدوره، تحدث القيادي «الإخواني» عصام العريان عن تلقي القيادي في الجماعة محمد علي بشر اتصالات لمقابلة السيسي، وأن بشر «يرفض تلك الاتصالات، ولا يردّ عليها».
لكن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب احمد محمد علي أكد عبر صفحته على موقع «فايسبوك» أن لا صحة مطلقاً لما ورد على لسان العريان.
واضاف المتحدث «تهيب القوات المسلحة بهذا الفصيل («الإخوان») عدم نشر الأكاذيب أو استخدام اسم القوات المسلحة كوسيلة لرفع الروح المعنوية للمعتصمين أو للوقيعة بين الجيش والشعب»، مؤكداً أن «القوات المسلحة المصرية لا تعمل في الظلام وأنه في حالة إجراء أي اتصال سيتم الإعلان عنه مسبقاً».
في هذا الوقت، وصل نائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز إلى القاهرة في زيارة تستغرق ثلاثة أيام يجتمع خلالها مع اعضاء في الحكومة المؤقتة وقادة المجتمع المدني ورجال اعمال.
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن بيرنز «سيؤكد دعم الولايات المتحدة للشعب المصري ووقف كل أشكال العنف وتنفيذ عملية انتقالية تفضي إلى حكومة مدنية لا إقصائية منتخبة بطريقة ديموقراطية».
وأعلنت حركة «تمرّد» أنها تلقت دعوة من السفارة الأميركية للمشاركة في طاولة حوار بحضور بيرنز، لكنها رفضت ذلك بسبب المواقف الأميركية الداعمة لإسرائيل والإخوان، وانطلاقاً من رفضها أي تدخل خارجي في الشؤون المصرية.
من جهة أخرى، أصدر النائب العام المصري هشام بركات، امس، قراراً بالتحفظ على اموال 14 قيادياً اسلامياً، من بينهم المرشد العام لجماعة «الاخوان المسلمين» محمد بديع، وذلك في اطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في قضايا قتل المتظاهرين في اربعة احداث عنف مختلفة، فيما ذكرت مصادر قضائية أن النيابة العامة بدأت استجواب الرئيس المعزول محمد مرسي وقادة آخرين من جماعة «الاخوان» حول ظروف فرارهم من السجن في خضم «ثورة 25 يناير».
_______
السفير
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات