قاسم س. قاسم
سقطت عمامة مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني أمس على أرض جامع الخاشقجي. أوقعتها أيدي أنصار تيار المستقبل الذين حاولوا النيل من قباني، ومنعهم عناصر القوى الضاربة التابعين لفرع المعلومات من التمادي في جريمتهم الاخلاقية. أساساً لم يكن متوقعاً أو مخططاً حضور المفتي الى المسجد للصلاة على جثمان الشهيد الشاب محمد الشعار الذي توفي أول من أمس، إذ كان قباني قد كلّف الشيخ محمد أمين الأروادي بالصلاة على الشاب. لكنه قرر لاحقاً الحضور ومشاركة أهل الراحل حزنهم. «عندما رأيت والد الشهيد وأصدقاءه يبكون على النعش، قررت النزول للصلاة عليه»، قال قباني لـ«الأخبار». وأضاف: «مسؤولو حراستي لم يكونوا موجودين، وكنت أنوي فقط الصلاة والعودة الى البيت، لكن سبحان الله كيف سارت الامور».
سقطت عمامة مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني أمس على أرض جامع الخاشقجي. أوقعتها أيدي أنصار تيار المستقبل الذين حاولوا النيل من قباني، ومنعهم عناصر القوى الضاربة التابعين لفرع المعلومات من التمادي في جريمتهم الاخلاقية. أساساً لم يكن متوقعاً أو مخططاً حضور المفتي الى المسجد للصلاة على جثمان الشهيد الشاب محمد الشعار الذي توفي أول من أمس، إذ كان قباني قد كلّف الشيخ محمد أمين الأروادي بالصلاة على الشاب. لكنه قرر لاحقاً الحضور ومشاركة أهل الراحل حزنهم. «عندما رأيت والد الشهيد وأصدقاءه يبكون على النعش، قررت النزول للصلاة عليه»، قال قباني لـ«الأخبار». وأضاف: «مسؤولو حراستي لم يكونوا موجودين، وكنت أنوي فقط الصلاة والعودة الى البيت، لكن سبحان الله كيف سارت الامور».
لدى وصول قباني الى باب الجامع صرخ أحد الحضور «شو جابك». وما إن دخل المسجد حتى بدأت حفلة الشتائم. لم يحترم أنصار المستقبل المناسبة الحزينة، أو عمامة المفتي، أو حتى حرمة الارض التي يقفون عليها. داخل القاعة لم يتعرض أحد لقباني. فتح المصلون له الطريق، لكن الصرخات المرتفعة والشعارات التي رُدّدت في الخارج شتّتت تركيز الحاضرين عن الجثمان المسجى، خصوصاً بعد ترداد «لا اله إلا الله والمفتي عدوّ الله». يقول قباني: «عند سماعي هذا الشعار عرفت أنه أهدر دمي. أراد المعتصمون قتلي. سلّمت أمري الى الله راضياً بقضائه وقدره».
لم تسر الأمور بحسب ما كان مخططاً لها. لم يصلِّ الشيخ الاروادي على جثمان الشاب، وحلّ محله أحد صقور «الجماعة الإسلامية» ورئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ أحمد العمري الذي ألقى خطبة قصيرة هاجم فيها حزب الله، واصفاً إياه بـ«حزب الشيطان»، وداعياً «الطائفة الشيعية الكريمة إن كان لديها دين الى التبرّؤ منه»، ومشدداً على أن «للصبر حدوداً» لدى «الطائفة السنية المضطهدة». خطبة العمري، وهو إمام جامع الروضة في الضاحية الجنوبية، كانت كفيلة بإلهاب الأجواء مجدداً بعدما بدا أن الأمور تتجه الى الهدوء. حُمل النعش الى جبانة شاتيلا القريبة، فيما بقي أنصار المستقبل في انتظار المفتي. انتشرت شائعات عن مغادرته، لكن لم يصدّقها أحد. وعلى مدى ساعتين حوصر المفتي في المسجد، فيما عمل مقرّبون منه على التواصل مع القوى الامنية لتأمين خروجه. هاتف قائد الجيش كان مقفلاً. وردّ وزير الدفاع فايز غصن على هاتفه واعداً بالمعالجة، ومؤكداً أن «الجيش لن يدخل المسجد»، كما نقلت عنه مصادر دار الافتاء. أكمل هؤلاء تواصلهم مع القوى الامنية. وعد الجميع خيراً، لكن من دون التحرك الفوري على الأرض. مرّ الوقت ثقيلاً على المحاصَرين. في الخارج بقي المحاصِرين على أهبة الاستعداد. لم يفرّقهم المطر المنهمر. وخلال الانتظار، وصل نادر الحريري مستشار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، والنائب معين المرعبي، ومسؤول أمن الحريري عبد العرب، بعد طلب رئيس فرع الاستخبارات في بيروت جورج خميس منهم ذلك. حاول هؤلاء إقناع المفتي بالخروج «تحت حمايتهم»، إلا أنه رفض ذلك، مصرّاً على الخروج بالطريقة التي دخل بها. وبعد فشل الوساطات، تدخلت القوة الضاربة في فرع المعلومات التي عملت على تمويه عملية إخراج قباني. خرج الشيخ الأروادي أولاً، ونال الرجل نصيبه من الضربات التي أطاحت عمامته. ثم خرج المفتي، فتدافع المعتصمون عليه وأوقعوا عمامته، وتمكن بعضهم من الوصول اليه، قبل أن يصعد الى إحدى ملّالات القوة الضاربة التي رشقها أنصار المستقبل بالأحذية. نُقل المفتي الى حيث كان موكبه في انتظاره، فيما انسحب المجتمعون من محيط المسجد. انتهى الإشكال الذي سرق الاضواء من تشييع الوزير السابق محمد شطح، وتوالت ردود الفعل على ما جرى؛ أغلب الطبقة السياسية استنكرت ما جرى، إلا تيار المستقبل الذي «طنّش» عن الحادث كأنه لم يقع، إذ عبّر مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار عن ألمه لما جرى مع قباني. أما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، فأدان ما جرى، معلناً رفضه لذلك. وقد طلب رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص احترام المقامات الدينية. أما صقور تيار المستقبل وأشاوسه فقد حمّلوا قباني مسؤولية حضوره، إذ رأى النائب عمار حوري أن تياره لم يعد يملك القدرة ليمون على «الناس، والاحتقان وصل الى مكان خطير جداً».
وأصدرت دار الفتوى بياناً حمّلت فيه «القوى السياسية، وخصوصاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة (...) المسؤولية المباشرة في محاولة تشويه صورة مفتي الجمهورية وموقعه الجامع من خلال الحملات التحريضية التي يضللون بها الناس من أجل تحقيق رغباتهم في السيطرة على دار الفتوى».
«غزوة الخاشقجي»، أمس، ذكّرت بـ«غزوة السرايا» التي افتعلها أنصار المستقبل عقب تشييع رئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن في تشرين الأول 2012.
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات