«العملية السياسية» في سوريا انطلقت. جدول زمني لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة أشهر بعد وقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً. كل هذا «الوضوح» في المسار السياسي، جانبته ألغام سعودية ومواقف قد تعيد المجتمعين إلى المربّع الأول؛ فمصير الرئيس بشار الأسد الذي اتفق المجتمعون على «أن لا يتفقوا عليه» وأن يتحدد تِبع مسار التسوية، أراد عادل الجبير أن يبتّه، إلى جانب مسألة حزب الله والتنظيمات الحليفة الأخرى، فهم «كلهم إرهابيون»، ما يعني أن مسألة تحديد المجموعات المسلحة الارهابية التي يجب محاربتها قبل وقف إطلاق النار، غير متفّق عليها... أيضاً!
أحمد الحاج علي
فيينا | سبع عشرة دولة بادرت الولايات المتحدة وروسيا الى جمعها في فيينا، على رأسها السعودية وإيران، في حضور ممثلين عن الامم المتحدة والإتحاد الاوروبي، وللمرة الأولى الجامعة العربية، على أن تحضر منظمة دول مجلس التعاون الاسلامي الإجتماع المقبل.
ورغم استمرار خلافهم على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، اتفق المشاركون في المحادثات الهادفة الى إنهاء الحرب في سوريا على عقد لقاء جديد «خلال نحو شهر»، لتقييم التقدم في شأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية، حسب جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً.
هذا ما أُعلن في المؤتمر الصحافي في نهاية اللقاء، لكن حسب معلومات «الأخبار» فإنّ الجلسة المغلقة شهدت خلافاً بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي جون كيري.
فممثّل الرياض كان يؤكد في كل مداخلة على مسألة رحيل الرئيس الأسد، أو كما قال: «نحن نواصل تجنّب الفيل الموجود في الغرفة... بشار الأسد ومصيره». كذلك، عمل الجبير يعمل على مساواة حزب الله والتنظيمات العراقية بتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
أحمد الحاج علي
فيينا | سبع عشرة دولة بادرت الولايات المتحدة وروسيا الى جمعها في فيينا، على رأسها السعودية وإيران، في حضور ممثلين عن الامم المتحدة والإتحاد الاوروبي، وللمرة الأولى الجامعة العربية، على أن تحضر منظمة دول مجلس التعاون الاسلامي الإجتماع المقبل.
ورغم استمرار خلافهم على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، اتفق المشاركون في المحادثات الهادفة الى إنهاء الحرب في سوريا على عقد لقاء جديد «خلال نحو شهر»، لتقييم التقدم في شأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية، حسب جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً.
هذا ما أُعلن في المؤتمر الصحافي في نهاية اللقاء، لكن حسب معلومات «الأخبار» فإنّ الجلسة المغلقة شهدت خلافاً بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي جون كيري.
فممثّل الرياض كان يؤكد في كل مداخلة على مسألة رحيل الرئيس الأسد، أو كما قال: «نحن نواصل تجنّب الفيل الموجود في الغرفة... بشار الأسد ومصيره». كذلك، عمل الجبير يعمل على مساواة حزب الله والتنظيمات العراقية بتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
وظهرت محاولات إبتزاز سعودية في اللحظات الاخيرة، قبل إقرار برنامج جدول أعمال مسار عملية التسوية السياسية. إذ طالب الجبير، الذي بادر بنفسه للتصدي لمسألة لمّ شمل المعارضات المبعثرة، بعدم إدراج اسم بلاده في الموافقة على ما سيصدر من بيان يحدّد نهاية كانون الأول موعداً لإعلان تشكيلة الوفد المعارض. وقال: «القضية التي نعاني من مشكلة فيها، أننا نواصل تجنب الفيل الموجود في الغرفة، بشار الأسد ومصيره، ونحن نعيد أنفسنا، وتجاهل فيل آخر في الغرفة، وهو الميليشيات الأجنبية في سوريا، لنخلق الانطباع ان هناك توافقاً، وفي الحقيقة ليس هناك توافق. لقد تحدثنا عن النصرة وداعش، لكننا لم نتحدث عن قوة القدس، لواء بدر، أو حزب الله، والميليشيات الأخرى من العراق وايران ولبنان». وأضاف: «تحدثنا عن عملية الانتقال السياسي في وثيقة من 3 صفحات... وأهملنا كلمة من 5 حروف: الأسد... لدينا بعض التعليقات حول الوثيقة تم إعطاؤها لزملائكم». فقاطعه نظيره الأميركي، قائلاً: «دعني أعيد صياغة ما قلت... لأنني لا أظن أننا نتجاهل الفيل في الغرفة، لقد كنت واضحاً، وأنت كذلك والآخرون على الطاولة كانوا واضحين أيضاً، لن يكون هناك سلام مع بشار الأسد، وهو يدير سوريا. قلنا ذلك مئات المرات. روسيا سمعتها منا، وكذلك إيران. وروسيا تعرف أن المفاوضات تجري وهذا بالنسبة لنا خط نهائي، هذا أمر لن يحل قبل الدخول في مفاوضات، لكن كنا واضحين في هذه النقطة، لقد أعلنّا بخط عريض في البيان أننا اختلفنا بشأن مصير الأسد. نحن نسير بهذا الاتجاه لأنّ ما نعتمد عليه أنّ السوريين أنفسهم، في المحادثات وخلال عملية الانتقال السياسي، سيحلون هذا السؤال. إذا لم يتم حلها فنحن نضيّع وقتنا على هذه الطاولة وجهودنا، والحرب ستتواصل».
ولفت كيري إلى أنّه «اتفقنا على أن نختلف بشأن مصير الأسد. نحن نراهن على هذه العملية الانتقالية لحل هذه الخلافات. ربما الأسد نفسه بعد 3 شهور سيقف ويقول أنا لن أترشح للانتخابات، ربما سيشعر أن قوته خلال العملية الانتقالية قد تحولت، ولن تكون سوريا نفسها، فيذهب، لا نعرف ذلك بعد... ولكننا لا نتجاهل الفيل، الكل يعرف أنه موجود، لذلك يجب أن نرضي أنفسنا بأن هذه القضية ستحل خلال العملية الانتقالية، وإن لم تحل، حينها لن يكون هناك سلام. كلنا نعرف ذلك، ولا أحد لديه شك بذلك». واضاف: «لا أرى أي طريقة لحل هذه القضية إلا عبر هذا الشكل، إذا كان أحد هنا لديه صيغة أخرى للحل، فأهلا وسهلاً به، لنضعها على الطاولة».
فقاطعه الجبير، قائلاً: «النقطة التي أقولها جون (كيري)، قلناها علناً وسنبقى نقولها، ولكنها غير مذكورة في الوثيقة». فردّ كيري: «إنها غير مذكورة في الوثيقة الأساسية، لكننا أكدنا عليها قبلاً والآن نعيد التأكيد، يسرنا ذلك».
وعاد الجبير ليؤكد أنّ بلاده ترى فرقاً بين جملة «الشعب السوري يقرر مصير بلاده» و«القول إنّ الشعب السوري يقرر مصير الأسد». هنا تدخّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وتوجّه للجبير قائلاً: «جون (كيري) أعطى جوابه، نحن اختلفنا بشأن مصير الأسد. بإمكاننا الحديث، لكن اعتقد أنّ جون قال ذلك». فردّ الجبير: «القول إننا اختلفنا، وهذا سؤال مفتوح هو شيء، والقول إنّ الشعب السوري يقرر مصير الأسد أمر مختلف». فكانت إجابة نظيره الروسي: «لا، لا ليس أمراً مختلفاً. هذا ما قيل هنا في 23 تشرين الأول. وإذا أردت الإشارة إلى الأسد، عليك الرجوع تماماً إلى السياق الذي استخدمناه في الثلاثين من تشرين أول».
ثم تدخّل كيري ليلفت إلى أنّ «ما قلناه سابقاً إنّ مستقبل سوريا سيقرره الشعب السوري. وهذا أساساً ما نقوله الآن. ما اتفقنا عليه أيضاً هو أن نختلف. ما اتفقنا عليه ايضاً، أن مصير الأسد يقرر خلال العملية الانتقالية، لأن بعض المشاركين كانوا يعتقدون أن مصير الأسد يجب أن يقرر فوراً».
الوزير لافروف تساءل، أيضاً، إن كانت السعودية هي المخولة تحديد من يمثل المعارضة، فأعلن الجبير بأنّ لديه اللوائح الروسية والأميركية لفصائل المعارضة، وسيجري التنسيق عبر الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا، «ولن تنجح مهمته إلا إذا كان الأمر بيد بلاده».
وتخطى الجبير حدود أدبيات الخطاب السياسي الدبلوماسي، طارحاً عرضه إما يقبله الآخرون وإما يرفضوه، ما دعا حتى نظيره الأميركي جون كيري لإنتقاده. وبدا كيري كأنه يرجو الجبير قبول إطلاق العملية السياسية. المماطلة السعودية كانت كذلك محط إنتقاد ستيفان دي ميستورا، الذي صرّح بأنّ نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قد سلم منذ زمن لائحة الوفد الحكومي السوري في انتظار أن تحزم المعارضة أمرها.
كيري: لقد أعلنّا
بخط عريض في البيان أننا اختلفنا بشأن الأسد
ورفضت الرياض الموافقة على إعلان وقف إطلاق نار قبل قبول الآخرين بشروطه، ما يوحي بحيازته مفاتيح قرار المجموعات التي ثبتت صفتها الإرهابية، والتي لم تثبت سعودياً كـ«جيش الفتح» و«أحرار الشام»، بقيت خارج تصنيف الارهاب السعودي ــ القطري ــ التركي. وحاول هؤلاء رفع وصمة الإرهاب حتى عن «جبهة النصرة» المعلنة إرهابية على لوائح مجلس الأمن.
كذلك، حاول كيري تسويق فكرة «من يضمن لي رحيل الأسد أضمن له وقف الحرب غداً». هذا ما استدعى ردّ لافروف، واصفاً ربط قرار وقف الحرب برحيل الأسد بالخطير، متسائلاً: «هل تدّعون بأن داعش ستوقف حربها بمجرد رحيل الأسد؟». فأجاب كيري بأن «الجميع في فيينا مستعدون للبدء بمحاربة داعش بمجرد رحيل الأسد ما سيؤدي للقضاء على التنظيم الإرهابي في غضون شهرين!».
السعودي كرر معزوفته بأنّ الأسد سيرحل سواء نتيجة عملية سياسية أو بالقوة «والافضل أن يرحل بعملية سياسية»، ما استدعى تغليفاً دبلوماسياً أميركياً بإشارة كيري لعدم ضمان رحيل الاسد بعد بدء عملية سياسية، ولكنه أكد أن السلام غير ممكن في سوريا طالما الاسد في الحكم، وطالما أن الدول الواقفة خلف الحرب على سوريا ستستمر بمحاربة الأسد طالما هو في سدة الحكم!
وظهرت محاولة أميركية مستمرة للتلاعب على الموقفين الروسي وإلإيراني والإيحاء بأنهما سيرضخان للمطالب السعودية والأميركية وإلا لن تنتهي الحرب.
العملية السياسية انطلقت رغم المماطلة والإبتزاز السعوديين برغبة أميركية في وضع المجموعة الأوروبية في مواجهة الإرهاب، الذي حتى الآن أعطى باريس حجة الإنضمام إلى صفوف محاربيه، مجنّباً واشنطن المواجهة إلى حين، والتي جهدت في إنقاذ ماء وجه حليفتها السعودية.
حوار فيينا تمّ تظهيره في قمة دول العشرين تأكيداً على الرضوخ لخيار بدء برنامج جدول عملية تسوية سياسية إرتضته واشنطن مع إبقاء رفضها لنتائجه مسبقاً.
وعلى هامش هذه القمة المنعقدة في تركيا أمس، اتفق الرئيس الاميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على «ضرورة اجراء مفاوضات سلام في سوريا والتوصل الى وقف لاطلاق النار برعاية الامم المتحدة». وصرح مسؤول في البيت الابيض، عقب لقاء الرئيسين، أنهما «اجريا محادثات بناءة استمرت نحو 35 دقيقة»، معتبراً أنّ ايجاد حل للحرب في سوريا «هو امر الزامي اصبح اكثر الحاحا بعد الهجمات الارهابية المروعة في باريس».
من جهته، اكد مستشار السياسة الخارجية في الكرملين، يوري اوشاكوف، استمرار الخلاف بين الدولتين حول السبل التي يجب اللجوء اليها لمواجهة تنظيم «داعش»، حتى بعد المحادثات بينهما.
وأفاد أنّ موسكو وواشنطن «تتقاسمان الاهداف الاستراتيجية المتقاربة جدا حول القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية، ولكن الخلافات حول سبل تحقيق ذلك لا تزال ماثلة».
ظريف موافق!
وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبيل انتهاء اللقاء، إذ كان مساعده حسين أمير عبداالهيان يمثل طهران في المؤتمر. ولدى وصوله سأل عن ملخّص الاجتماعات، فأعطوه مسودة البيان، فردّ بأنّ «من الممكن العمل على أساس هذا البيان في ما يتعلّق بمهمة جهة معيّنة في جمع المعارضة في وفد واحد قبل نهاية كانون الأول، لكن لا ينبغي ذكر اسم المملكة السعودية» على أنّها المخوّلة توحيد المعارضين، فأجابه الحاضرون: «إذاً أنت موافق مع عادل الجبير»، في إشارة إلى أنّ الدولتين تريان في أنّ البيان حمّال أوجه. وكان الجبير قد رفض ذكر أنّه صاحب مبادرة جمع المعارضة في وفد موحّد، كما رفض إعلان وقف إطلاق النار قبل البدء بالمسار السياسي.
مروحيات موسكو على حدود لبنان
في خطوة هي الأولى من نوعها، أغارت مروحيات روسية على جرود قارة والبريج في القلمون الغربي، الفاصلة عن الجرود اللبنانية. وبذلك يكون سلاح الجو الروسي قد عمل في منطقة عمليات عسكرية «صافية» لحزب الله، حيث يسانده الجيش السوري بسلاحي المدفعية والجوّ فقط.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أمس، أنّ بلاده لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية «بل نقيم معه قنوات اتصال وعلاقات».
ولفت الى أنّ حزب الله «انتخب من قبل الشعب اللبناني كممثل له في البرلمان وله وزراء في الحكومة، كما أنه قوة اجتماعية سياسية تتحلى بالشرعية».
الكلام الروسي جاء بعد وضع وزير الخارجية السعودي عادل جبير حزب الله في خانة التنظيمات الارهابية، خلال مداخلته في اجتماع فيينا الدولي، أول من أمس، حول حلّ الأزمة السورية.
______________________
فيينا -2، من المأزق السوري الى المآزق الغربية!
أمين أبوراشد
قبل الدخول في مؤتمر (فيينا 2) الذي عُقِد قبل أيام بشأن الأزمة السورية، لا بد من العودة الى (فيينا 1)، لنستعرض باقتضاب، الدخول الإستعراضي لوزير الخارجية السعودية عادل الجُبير الى ذلك المؤتمر، حاملاً ورقة قرارات مُسبقة وكأنها "أمر ملكي سعودي"، يسري داخل المملكة وقد ترحِّب به دولٌ لها مصالح واستثمارات مع المملكة تُلزمها بالمسايرة، لكن الإملاءات السعودية بتحديد توقيت رحيل الرئيس الأسد وانسحاب إيران من سوريا، لا تُلزم إيران بشيء، لا بل رفض وزير خارجيتها الدكتور محمد جواد ظريف مجرَّد المناقشة فيها وسمِع الجُبير درساً إيرانياً قاسياً في الأصول الديبلوماسية.
أجواء (فيينا 2) بشأن سوريا، طَغَت عليها مأساة التفجيرات الباريسية، تماماً كما طَغَت على مؤتمر الدول العشرين الإقتصادي في أنطاليا بتركيا، الذي أُطلِقت عليه تسمية "مؤتمر باريس" تضامناً مع فرنسا رغم غياب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في ما بدا وكأن الغرب الذي يأتمر في فيينا لبحث القضية السورية وفي أنطاليا لبحث أمور إقتصادية مشتركة، قد حوَّلت الهجمات الإرهابية في باريس بوصلة اهتماماته ليبحث بموضوع أمنه ومكافحة الإرهاب ليس كرمى لعيون سوريا بل لأن داعش باتت في عقر كل دارٍ أوروبية.
البيان الختامي لمؤتمر فيينا جاء مخالفاً لكل الأمنيات السعودية، وغرَّد الجُبير بعد المؤتمر منفرداً وأصرَّ بمكابرة على تحديد موعد إسقاط الأسد، لكن المؤتمرين بدوا وكأنهم ليسوا مُلزمين بعد اليوم بمسايرة السعودية على حساب همومهم المصيرية في مواجهة الإرهاب، واتفقوا على العمل الجاد لإنهاء الحرب في سوريا، وعلى عقد لقاء جديد "خلال نحو شهر" لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية في البلد المضطرب، بحسب ما جاء في البيان الختامي يوم السبت الفائت، وتضمَّن هذا البيان أن ممثلي الدول الـ17 إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، اتفقوا خلال لقاء فيينا على جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا رغم استمرار خلافهم على مصير الرئيس بشار الأسد.
تصريحات المؤتمرين في فيينا عكست إنقلاب طاولة المحادثات على رؤوس البعض، والإرباك الذي ساد الرؤى الأوروبية والأميركية نتيجة الزلزال الفرنسي، الذي ذكَّر العالم بتصريحات للرئيس بشار الأسد عام 2011، عندما حذَّر العالم من أن إدخال الإرهاب الى سوريا سوف يحدث زلازلاً على مستوى الإقليم والعالم، والزلازل قد بدأت، وتحاول الدول الأوروبية استدراك نفسها، ليس لمنع الزلازل بل لبحث كيفية مواجهتها، لأن "الشروخ البركانية" باتت تحت كل أرضٍ من القارة العجوز!
وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، أعلن أن الدول المشاركة في مؤتمر فيينا قررت بدء محادثات فورية مع جماعات المعارضة السورية، مع الإدراك المسبق بصعوبة المهمة، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فريديريكا موغيريني أشادت بـ"الاجتماع الجيد جدا"، والمحادثات التي تهدف للتوصل الى أرضية مشتركة بهدف حل النزاع، وأن هذه العملية يمكن أن تبدأ بكل تأكيد، رغم أن اجتماع فيينا يأخذ معنى آخر بعد اعتداءات باريس، وأضافت موغيريني أن "الدول المجتمعة حول الطاولة عانت جميعها من الألم نفسه والرعب نفسه والصدمة نفسها خلال الأسابيع الأخيرة"، مشيرة على سبيل المثال إلى "لبنان وروسيا ومصر وتركيا".
تحوُّل مؤتمر فيينا عن الهمّ السوري ومحاربة الإرهاب عن بُعد، الى الهمّ الأوروبي ومواجهته عن قرب، تجلَّى في ما صرح به وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى وصوله إلى فيينا: "إن أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا هو تحديدا أن نرى بشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش".
على هامش هذا المؤتمر، ووسط الشوارع الباريسية المُقفرة، يرى المُتابعون للأحداث أنها غيَّرت مسارات السياسات الدولية نتيجة المخاطر التي تُهدِّد الغرب من ارتدادات إرهابٍ صَنَعه هذا الغرب ودَعَمه، وسيعاني من عدم القدرة على مواجهته في مجتمعات أوروبية تعيش بسلام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وشعوبها غير معتادة على نمط العيش وسط أجواء رُعبٍ دائم.
الباحث قاسم عز الدين شبَّه وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس بالديك الفرنسي الذي يصيح ولا يُقدم على الهجوم، وذكَّر بأحداث عام 2005 عندما أحرق المهاجرون من شمال إفريقيا 5000 سيارة في ضواحي باريس ولم تجرؤ الشرطة على مواجهتهم.
الدكتور بسام طحَّان أستاذ الجيوستراتيجيا في المدارس الفرنسية العليا قال: لا يُمكن لفرنسا أن تضبط "إستيراد" الإرهابيين طالما أن قضاءها يعتبر الإرهابي الفرنسي العائد من سوريا أو العراق أنه ارتكب جنحةً ولا تتعامل معه كقاتل قد يُترجم ثقافته الإرهابية على أراضيها.
وقد يكون استنتاج الباحث في الشؤون الأوروبية تمام نور الدين، هو الأكثر ملامسة للواقع الذي ينتظر أوروبا نتيجة السياسات الخاطئة لقادتها، وقدَّم مثالاً عن عدم إدراكها كيفية مواجهة الإرهاب وتحدَّث عن أخطاء الرئيس فرانسوا هولاند وقال:
كل الأحزاب الفرنسية سواء من أقصى اليسار الى أقصى اليمين المتطرِّف تنتقد السياسة المتردِّدة للرئيس في موضوع الحرب على الإرهاب وتتساءل : كيف ينظر الرئيس الى داعش كمنظمة إرهابية ويُشارك في دعم جبهة النُصرة؟
فرنسا ستشهد انتخابات محلِّية في مطلع ديسمبر/ كانون الأول القادم والرئيس الفرنسي سيكون أكبر الخاسرين، والزعيمة اليمينية ماري لوبان التي تُطالب بالتعاون مع الرئيس الأسد للقضاء على الإرهاب ستكون من أوائل المنتصرين، والشعب الفرنسي يُساندها في هذا التوجُّه، وأية انتخابات على مستوى أكبر في فرنسا تلي الإنتخابات المحلِّية ستُعيد الأمور الى نصابها عبر محاسبة هولاند الذي كانت شعبيته 18.7 /% قبل انفجارات باريس، وما يحصل من انتفاضة لدى الشعب الفرنسي ضد الإرهاب يبدو وكأنه ربيعٌ أوروبي من الوعي، ينسحب بسرعة على بلجيكا وهولندا والدانمارك والسويد وبريطانيا، وأن الإرهاب لا بدّ سيرتدّ على من سار خلف أميركا في مشروع شرق أوسطٍ جديد تُرسم حدوده بدماء أبرياء العرب برعاية عربية وتمويل خليجي وإخراجٍ أميركي أوروبي مشترك والتنفيذ لشياطين "إدارة التوحُّش" بمباركة وهَّابية حاقدة...
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات