‏إظهار الرسائل ذات التسميات المجتمع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المجتمع. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 9 مارس 2014

لائحة الإرهاب السعودية تضمن عبارات فضفاضة تجعل من تفسيره أمراً بالغ الصعوبة وخاضعاً لاختلافات كثيرة

    مارس 09, 2014   No comments
السعودية تتفاعل مع  النظر إليها
كراع المتمردين التكفيرية

عبدالله سليمان علي 

اعتمدت السعودية، أمس، قائمة إرهاب مبدئية تضمنت أسماء العديد من التنظيمات والتيارات داخل المملكة وخارجها.
ويأتي اعتماد هذه القائمة تنفيذاً للأمر الملكي الذي صدر مطلع شباط الماضي والقاضي بتجريم كل من يقاتل خارج السعودية، حيث نص على تشكيل لجنة تكون مهمتها إعداد قائمة بالتيارات والحركات التي ينطبق عليها وصف الإرهاب، ويُجرَّم بالتالي كل من ينتمي إليها أو يتعاطف معها.

وبينما ذكر قرار اللجنة، المشكّلة من ممثلين عن وزارة الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والخارجية وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام، الأسماء الصريحة لبعض التنظيمات والتيارات مثل «القاعدة» و«القاعدة في جزيرة العرب» و«القاعدة في اليمن» و«القاعدة في العراق» و«جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«حزب الله داخل المملكة» و«جماعة الإخوان المسلمين» و«جماعة الحوثي»، إلا أنه من جهة أخرى تضمن عبارات فضفاضة تجعل من تفسيره أمراً بالغ الصعوبة وخاضعاً لاختلافات كثيرة قد تكون مقصودة من أجل ترك هامش أمام السلطات السعودية للمناورة أو المرونة مع بعض التنظيمات التي ارتبطت معها بعلاقات قوية، لا سيما على الساحة السورية، وقد يكون أهمها «جيش الإسلام» خصوصاً و«الجبهة الإسلامية» عموماً.
فمن غير الواضح ما إذا كانت «الجبهة الإسلامية» مشمولة بوصف الإرهاب حسب القائمة السعودية أم لا. ورغم أن عدم ذكر «الجبهة الإسلامية» بالاسم ضمن القائمة يوحي بأنها مستثناة من هذا الوصف، وذلك استمراراً في سياسة الدعم التي طالما اتبعتها الرياض مع مكونات الجبهة، وخصوصاً «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش. إلا أن تأكيد قرار اللجنة على أن القائمة تشمل «كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات فكراً أو قولاً أو فعلاً» وكذلك «كل التنظيمات الواردة في قرارات مجلس الأمن والهيئات الدولية» ومن «عرفت بالإرهاب وممارسة العنف» يشير إلى أن القرار فضفاض، وقد يتسع للكثير من التنظيمات والتيارات غير الواردة بالاسم في القائمة، لكنه متروك لتقدير القيادة السياسية في البلاد لاتخاذه في الوقت المناسب لها، والذي يخدم مصلحتها.
مع ذلك، فإن الانطباع الأولي الذي يرد إلى الذهن لدى الاطلاع على القرار هو أن السعودية استثنت بالفعل «الجبهة الإسلامية» من وصف الإرهاب. ومما لا شك فيه أن هذا الاستثناء سيضع المملكة في مواجهة تناقضات جسيمة، فكيف لها أن تسوّغ تصنيف «جماعة الإخوان المسلمين» على أنها إرهابية ثم تستثني من هذا التصنيف تنظيماً يصف نفسه بأنه «سلفي جهادي» مثل «أحرار الشام» التي تهيمن على «الجبهة الإسلامية»، والمعروف أن «السلفية الجهادية» أكثر تطرفاً من «الإخوان» فكراً وعملاً؟ والأهم من ذلك أن حركة «أحرار الشام» تضم شخصيات قيادية من «القاعدة»، ولا نقصد بذلك أبو خالد السوري الذي قُتل مؤخراً وحسب، فقد أكد مصدر جهادي لـ«السفير» أن هاني اللاحم الذي قتل في وقت سابق كان أيضاً شخصاً قيادياً مرتبطاً بـ«القاعدة».
وإذا كان كلا الرجلين المذكورين قد قتل قبل صدور القرار السعودي الأخير، فإن المصدر يذكر اسم عبد الحميد السوري، واسمه الحقيقي بهاء الجغل، مؤكداً أنه من قيادات «القاعدة» (تيار «القاعدة» المعارض لأسامة بن لادن والذي ضم ثلاثة سوريين هم أبو مصعب السوري وأبو خالد السوري وعبد الحميد السوري) وفي الوقت نفسه هو من مؤسسي «أحرار الشام» وأحد القيادات البارزة فيها. وقد اعتقل الجغل في باكستان من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية في أيار العام 2002 لارتباطه بتنظيم «القاعدة» وسلّمته إلى السلطات السورية التي أفرجت عنه عند انتهاء مدة عقوبته أواخر العام 2011، ليخرج وينضم إلى «أحرار الشام» وأصبح أحد قياداتها المؤثرة.
ويضيف المصدر أن شخصاً آخر، يدعى أبو الصادق، وهو قيادي في «حركة أحرار الشام»، وكان ممثلاً لها في «المحكمة الشرعية في حلب»، هو أيضاً من القيادات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وسبق له القتال مع أبي مصعب الزرقاوي في العراق، لكنه بحسب المصدر عميل للاستخبارات السعودية، التي كلفته بين العامين 2004 و2005 إبان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري بتشكيل تنظيم إسلامي في سوريا، حيث كانت التوقعات أن سوريا في تلك الفترة كانت مرشحة لتشهد أعمال عنف وفوضى كتلك التي تشهدها منذ ثلاث سنوات، إلا أن انكشاف التنظيم واعتقال السلطات السورية لأبي الصادق، الذي قدم اعترافات كاملة عن التنظيم وارتباطاته، دفع الرياض إلى الإقرار بفشل المحاولة، وسلّمت السلطات السورية عدداً من المطلوبين المرتبطين بتنظيم أبو الصادق، وأهمهم صهره حسن صوفان. ولا معلومات متى أُفرج عن أبي الصادق، لكن المؤكد أنه أصبح أحد قيادات «أحرار الشام» البارزين.
وليس التناقض في كيفية التعامل مع «أحرار الشام» هو العقبة الوحيدة، إذ يشكل تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» على أنها تنظيم إرهابي وفق القرار السعودي، تحدياً خطيراً للسلطات السعودية، ولا سيما على الساحة السورية. فعلى الساحة السورية، ليس هناك كتائب أو فصائل مسلحة تتبع تنظيمياً لجماعة «الإخوان» إلا «هيئة حماية المدنيين»، لكن من المعروف أن أتباع ومناصري «الإخوان» يتوزعون على العديد من الفصائل والكتائب المسلحة، حتى أن أبا عيسى الشيخ، رئيس مجلس شورى «الجبهة الإسلامية» وقائد «ألوية صقور الشام»، ينتمي إلى عائلة «إخوانية» معروفة، وكان والده ممن هربوا خارج البلاد إبان أحداث الثمانينيات الدموية مع تضارب الروايات حول اعتقال الأب من قبل السلطات السورية وإعدامه بعد ذلك.
وكذلك فإن «جيش الإسلام»، بقيادة زهران علوش، يضم أعداداً كثيرة من «الإخوان» أو المتعاطفين معهم، إضافة إلى «لواء التوحيد» و«جبهة ثوار سوريا» بقيادة جمال معروف وغيرها كثير من الألوية التي لم يسمها القرار السعودي بالاسم في تحديده للتنظيمات الإرهابية، رغم أنه أكد شمول «كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات فكراً أو قولاً أو فعلاً».
ومن المتوقع أن يترك القرار السعودي بتصنيف كل من «جبهة النصرة» و«داعش» كمنظمات إرهابية، أثره على التطورات الميدانية على الساحة السورية، لا سيما لجهة الصراع بين التنظيمين. لأن تصنيف «النصرة» على أنها إرهابية، واستثناء «الجبهة الإسلامية»، وهي حليفة «النصرة» من هذا التصنيف، سيؤدي تلقائياً إلى أحد احتمالين، إما التباعد بين «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» لأن الأخيرة لا تستطيع التعامل مع جهة تعتبرها السعودية إرهابية، خصوصاً أن معظم تمويل «الجبهة الإسلامية» يأتي من السعودية والخليج، وهو ما قد يدفع «النصرة» إلى التقارب مع «داعش».
والاحتمال الثاني، وهو مستبعد، أن تتمرد «الجبهة الإسلامية» على القرار السعودي، وتستمر في تحالفها مع «النصرة» ضد «داعش»، وهذا في حال حدوثه سيؤدي إلى حدوث صدع كبير داخل «الجبهة الإسلامية»، ومن غير المستبعد أن ينفرط عقدها وتنقسم بعضها على بعض، لأن زهران علوش، الذي يقود «جيش الإسلام» وهو في الوقت ذاته القائد العسكري لـ«الجبهة الإسلامية»، لا يمكن أن يتمرد على قرار ولاة أمره السعوديين.

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

الأمر الملكي يعكس إمكانية ومخاطر ارتدادات الحرب في سوريا على أمن المملكة السعودية وشرعية نظامها السياسي

    فبراير 11, 2014   No comments
السعودية بعد "الأمر الملكي".. ضبط التفلت الداخلي وعودة التواصل الفعال مع واشنطن
علي عبادي

تلوح نذر ارتدادات الحرب في  سوريا على أمن المملكة السعودية وشرعية نظامها السياسي أكثر من أي وقت مضى. لقد انتهت مغامرة إسقاط النظام في سوريا التي تقودها الحكومة السعودية حتى الآن الى إخفاقات جمّة من بينها: شعور السعودية بالإغتراب عن أوثق حلفائها في العالم: الولايات المتحدة الاميركية بسبب التباعد (المصحوب بفتور العلاقة) بين الموقفين في التعامل مع قضايا إقليمية، النظام في سوريا يعاود النهوض برغم قساوة الحملة التي عصفت به من كل جانب، ايران التي سعت الرياض الى عزلها عبر قطع القناة السورية تبدو أقرب الى تحقيق هدفها في أن تصبح قوة إقليمية عظمى، حزب الله أحد مقاصد الحملة على سوريا ينجح في تجاوز واحد من أصعب التحديات التي واجهها منذ انطلاقته وهو يعود شريكاً "مقبولاً" في الحكومة اللبنانية بعد أن استبعدته شروط حلفاء الرياض مرة بدعوى احتفاظه بقدراته العسكرية، ومرة أخرى بحجة انخراطه في القتال في سوريا. غير ان الثمن الأكثر فداحة الذي تدفعه الحكومة السعودية يتمثل في خروج آلاف الشباب السعوديين عن طاعتها بعدما هاجروا الى سوريا للقتال وقد حصل بعضهم على بركة رسمية أو غض طرف، كما يتمثل في امتناع العديد من المشايخ- الدعاة عن الإنضباط ضمن التوجيهات الرسمية، فذهبوا بعيداً في التبشير بـ"الحرب المقدسة" في بلاد الشام والتي لا تدانيها بالنسبة لهم أولوية أخرى.

مثـّل الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبدالله بن عبدالعزيز قمة جبل الجليد الذي يكتنف حالياً العلاقة الصعبة التي تربط بين العائلة الحاكمة وشعبها. لقد أصبحت استعادة ولاء بعض الرعية أمراً ضرورياً، بعدما أفلت الأمر او كاد من يد السلطة. ربطت القيادة السعودية تحقق أهدافها الإقليمية ، وإلى حد ما مشروعية سياساتها، بإسقاط النظام في سوريا من جهة، وإسقاط الأنظمة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبلدان أخرى من جهة ثانية. نجحت في إنجاز الهدف الثاني، لكن مضاعفاته على الداخل السعودي ليست بسيطة بسبب التعاطف والتأييد الذي يلقاه "الإخوان" من جانب شريحة من السعوديين الحركيين، وينعكس ذلك تعارضاً صريحاً مع توجهات السلطة في الموقف من أحداث مصر. وقد خصص الأمر الملكي نصيباً من الإهتمام لهؤلاء تحت عنوان "التيارات أو الجماعات الدينية او الفكرية المتطرفة" الخ . أما الهدف الأول فيواجه مصاعب تقضّ مضجع القيادة السعودية التي لا تستطيع تخيل بقاء الرئيس الأسد في السلطة ولو في المرحلة الإنتقالية وتسعى جاهدة لتكوين الظروف الميدانية والدولية التي تحول دون ذلك. غير ان ذلك لا يشفع لها لدى قسم من الشباب والمشايخ الذين يرون في المشهد الإقليمي، وخاصة في سوريا، فرصة للخروج من عهدة الوصاية الأبوية للعائلة الحاكمة. هؤلاء وجدوا في سوريا (وجزئياً في العراق واليمن) ساحة "حرة" يستطيعون فيها ان يعبروا عن أنفسهم من دون أي قيد أو رقابة، وأصبح كل من يريد أن يخطّ مشروعاً إعتراضياً يتوجه الى إحدى الساحات الساخنة لكي يتمكن من التأسيس لذلك.


مواجهة الإنشقاقات والإنفلات 
استعاد الملك عبدالله في الأمر الملكي نبرته التي ظهرت عقيب تفجير مجمعات سكن الرعايا الغربيين والأجانب في الرياض عام 2003 حين قال: "ليس بيننا وبينهم ( القائمين بالتفجيرات) الا السيف"، رافضاً إقتراح بعض الدعاة للحوار معهم. وهو يتخذ مرة جديدة قرار المواجهة الى الآخر، كان "الأمر" شاملاً في حق: الذين يقاتلون في الخارج، او الذين ينتمون للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية، او الذين يؤيدونها أو يتبنون فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو يفصحون عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو يقدمون أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو يحرضون على شيء من ذلك أو يشجعون عليه أو يروجون له بالقول أوالكتابة بأي طريقة. باختصار، قطع الأمر الملكي الطريق على أي فعل يُشتمّ منه الخروج على السياسات المنضبطة بإيقاع السلطة، وفي ذلك مغزى عميق يستبطن القلق مما وصلت إليه الحال داخل المملكة. ويمكن قراءة هذا التوجه الرئيسي الذي سيترك بصماته على تعامل السلطة السعودية داخلياً في الفترة المقبلة في اتجاهات عدة:

أولاً: في اتجاه أركان العائلة المالكة التي عرفت بعض الترهل في قيادة السياسات الداخلية والخارجية في غياب قدرة الملك على المتابعة لأسباب تتعلق بالسن والصحة. وليس خافياً ان بعض الأمراء لم يعودوا يستسيغون مماشاة توجهات مدير الاستخبارات ورئيس مجلس الامن الوطني الأمير بندر بن سلطان التي فتحت أبواباً مغلقة وأشاعت أجواء تهددُ الأمن الداخلي من خلال إهمال مشكلة تورط عدد هائل من الشباب السعوديين في الحرب السورية. ويقال هنا إن وزير الداخلية الامير محمد بن نايف تبنى وجهة نظر ترى في مواجهة تنظيم القاعدة وفروعه أولوية أكبر من مواجهة النظام في سوريا، بخلاف الأمير بندر. ومن اللافت هنا ان اللجنة التي قضى الأمر الملكي بتشكيلها لإعداد قائمة  بالتيارات والجماعات المتطرفة والإرهابية تشكلت من وزارات: الداخلية، الخارجية، الشؤون الإسلامية والأوقاف، العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وليس واضحاً أي دور فيها للإستخبارات او لوزارة الدفاع وهما الجهتان اللتان اضطلعتا ميدانياً بمهام مباشرة في الحرب السورية.

ثانياً: في اتجاه المؤسسة الدينية او بعض خيوط نسيجها التي "شقت الصف". أفصح عن ذلك مثلاً رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ الذي صرح بأن هناك "دعاة للفتن داخل جهاز الهيئة"، متوعدا بإقصائهم، واعتبر ان "من يدعو إلى الجهاد في الدول المجاورة دعواه باطلة، وهو بذلك محرّض ويدعو إلى الفتن، لا يجوز الخروج عن طاعة ولي الأمر". كما ان الفضائيات ووسائل الإعلام القريبة من الحكومة بدأت حملة إعلامية لفضح من تسميهم "دعاة الفتنة" و"نجوم الفضائيات" و"شيوخ الدرهم والدينار".

ثالثاً: في اتجاه الجهاز التنفيذي للدولة، سواء السلك الوظيفي المدني او العسكري، وقد ظهرت تقارير عن حصول حالات انشقاق مع توجه عسكريين في الخدمة الفعلية بالجيش السعودي الى سوريا. وتناول الأمر الملكي هذه الفئة بالتحديد عندما نص على انه "إذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن ثلاثين سنة".

رابعاً: عامة الناس الذين تشتت ولاؤهم بين أصحاب المنابر الأرضية (المساجد وغيرها) والفضائية خلال الفترة الماضية بسبب تصاعد خطاب التطرف من كل ناح، ما أحدث حرجاً بالغاً للسلطة وهدد مكانتها.


العودة الى حضن واشنطن
وثمة رسالة بالغة الأهمية موجهة للخارج مفادها إظهار السعودية على أنها لا تزال شريكاً أساسياً في الحرب على الإرهاب. ولا يمكن فهم هذا المغزى من دون الرسالة العلنية التي بعثت بها الإدارة الأميركية الى "قادة دول المنطقة" أواخر العام المنصرم لطلب "اتخاذ التدابير الفعالة لمنع تمويل وتجنيد عناصر في المجموعات (الارهابية)، ومن بينها الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، وإيقاف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا، حيث يقوم الكثير منهم لاحقاً بتنفيذ تفجيرات انتحارية ضد مدنيين أبرياء في العراق". ومن غير المنطقي ان يأتي الإعلان عن إضافة الرياض الى قائمة دول يخطط الرئيس الاميركي اوباما لزيارتها الشهر المقبل من باب الصدفة في اليوم نفسه الذي نـُشر فيه الأمر الملكي السعودي. وعلى ضوء التطورات الأخيرة على الساحة الدولية، تحتاج الرياض الى إعادة ترتيب علاقاتها مع واشنطن وطي صفحة إنزعاجها من التحول الاميركي المحدود في شأن التعامل مع ملف أزمة سوريا وملف برنامج ايران النووي. ويقال إن واشنطن، بعد دعوتها قادة المنطقة لمكافحة الإرهاب، قدمت للقيادة السعودية أدلة استخبارية على ارتباط مسؤولين ومواطنين سعوديين بدعم منظمات في سوريا مدرجة على اللوائح الأميركية للإرهاب من ضمنها "جبهة النصرة" التابعة للقاعدة. وما يريد الاميركيون لفت انتباه السعوديين اليه ان هذه المنظمات تستخدم الأراضي السورية ساحة للتدريب بهدف نشر خلاياها في دول كثيرة، وهذه نقطة تهم السعوديين بالدرجة الاولى، كما تهم الأميركيين. وأصبح في قناعة الأميركيين ان الوضع على الأرض في سوريا أصبح شديد السيولة بحيث يصعب الإحاطة باتجاهات المنظمات المسلحة وأهدافها ومدى نفوذها في ضوء الإنشقاقات المتتالية والإستقطابات الحادة وتبادل السيطرة على المناطق. ويمكن القول انه لم يعد بإمكان أحد ان يزعم انه يستطيع توجيه مسار الأمور. وقد نقل عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي غراهام عن وزير الخارجية الامريكي جون كيري قوله في لقاء خاص مع اعضاء الكونغرس ان "خطر القاعدة حقيقي ويخرج عن نطاق السيطرة". ولا تزال واشنطن تعتقد بإمكان الحصول على تعاون السعودية وقطر وتركيا في هذا المجال بما يسهم في لملمة صفوف المعارضة السورية في الخارج التي باشرت مفاوضات مع الحكومة السورية في جنيف وتحجيم المنظمات ذات البعد الإرهابي الدولي.


تنظيف البيت الداخلي
غير ان السعودية التي تأخرت في تدارك تداعيات الإنفلاش المسلح على الأراضي السورية على أمنها القومي، تعرف ان القضية ليست سهلة وتتطلب وقتاً طويلاً وصراعاً متجدداً مع التيار الجذري في البيئة التكفيرية؛ هذا التيار يستفيد الآن من ساحة قتال جديدة ليست بعيدة كثيراً عن المملكة وهو يعدّ العدّة لمنازلة السلطات السعودية رداً على محاولة استبعاده. ولكن ثمة مشكلة هنا تحتاج الى مقاربة توفيقية: إذا كانت القيادة السعودية قد حزمت أمرها في مواجهة الخروج على نسقها في إدارة الملفات الإقليمية، فكيف ستستطيع المواءمة بين انخراطها الساخن في الأزمة السورية تسليحاً وتمويلاً وبين منع مواطنيها من التجند مع المقاتلين هناك او إبداء المساندة لهم بأي صورة كانت؟ أيضاً هناك استحقاق آخر يتعلق بتنظيف البيت الداخلي للعائلة المالكة من رواسب التورط في الأزمة وتحديداً في ما يتعلق بمسؤولية رئيس الاستخبارات الأمير بندر بن سلطان وأخيه غير الشقيق الأمير سلمان الذي أقام غرفة عمليات في الاردن لتنسيق جهود المعارضة المسلحة في سوريا. وهناك من يرى أن غياب بندر (البعض يقول إنه موجود في اميركا بغرض "العلاج") عن المشهد السعودي الحالي قد يكون مقدمة لإبعاده بعد فشله في تحقيق تعهده بإطاحة الرئيس بشار الأسد.

بعد توصل واشنطن وموسكو الى اتفاق للتخلص من الترسانة الكيماوية السورية، قيل يومها إن روسيا وفرت سُلـّماً يمكن ان يستخدمه الأميركيون للنزول من أعلى الشجرة بعد تهديدهم بضرب سوريا وظهور عواقب جسيمة لهذا الأمر. والآن يبدو ان الأميركيين يمدون سلـّماً لأصدقائهم السعوديين للنزول من الشجرة المليئة بالأغصان الشائكة التي صعدوا اليها حين حددوا سقفاً عالياً لموقفهم من الأزمة السورية دون حساب لتداعياتها. بعضهم يرى أنه توجد الآن فرصة أمام الرياض للبدء في معالجة الإختلالات التي صاحبت زمن المواجهة مع العديد من الاطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً، ويمكن ترجمة الأمر بفتح نافذة حوار مع طهران وقبول مبدأ البحث عن تسوية سلمية للأزمة السورية بما يؤدي فعلاً الى تهدئة خطاب التطرف وتجفيف الساحات التي ينبت الإرهاب عليها. فهل تملك السعودية الجرأة للإعتراف بالأخطاء والإقدام على تصحيحها؟

________________

الأربعاء، 15 يناير 2014

تييري ميسان: تنظيم القاعدة.. استطالة سرية لحلف شمال الأطلسي

    يناير 15, 2014   No comments
تييري ميسان
لاتزال تؤكد الدول الأعضاء في حلف ناتو, حتى هذا الوقت, أن حركة الجهاد الدولية التي دعموا تشكلها إبان الحرب ضد السوفييت في أفغانستان (1979), قد انقلبت ضدهم منذ عملية تحرير الكويت (1991), ويتهمون تنظيم القاعدة بتدبير هجمات 11 أيلول-سبتمبر 2001. لكنهم يقرون بعودة بعض العناصر الجهادية للعمل مجددا معهم, في ليبيا وسورية, خصوصا بعد مقتل أسامة بن لادن (2011).

لكن سرعان ماوضعت واشنطن حدا نهائيا لهذا التقارب التكتيكي وذلك في شهر كانون أول-ديسمبر 2012.

غير أن الحقائق تنفي صحة هذه الرواية: لأن تنظيم القاعدة لم يستهدف أبدا أيا من مصالح حلف شمال الأطلسي, بل على العكس من ذلك, فقد قاتل على الدوام أعداء حلف شمال الأطلسي كما تكشف لنا الفضيحة التي تهز تركيا في الوقت الحالي.

جميعنا صار يعرف أن "مصرفي" تنظيم القاعدة ياسين القاضي, كان معروفا بهذه الصفة, وأن الولايات المتحدة تلاحقه منذ الهجوم على سفارتيها في كينيا وتانزانيا (1998), هو أيضا صديق شخصي لكل من نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني, ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

الآن نكتشف أن هذا "الارهابي المصرفي" يعيش حياة مترفة, متنقلا بطائرته الخاصة, ضاربا عرض الحائط بالعقوبات المفروضة عليه من قبل الأمم المتحدة.

هكذا تمكن من زيارة صديقه أردوغان, أربع مرات على الأقل خلال العام 2012, حيث كانت تحط طائرته في مطار اسطنبول الثاني, وكان يجري استقباله من قبل رئيس الوزراء شخصيا, طبعا دون المرور عبر بوابة الجمارك, وبعد قطع التيار الكهربائي عن كل كاميرات المراقبة.

ووفقا للشرطة والقضاة الأتراك الذين رفعوا الغطاء عن هذه المعلومات, وقاموا باعتقال أبناء الوزراء المتورطين في القضية في 17 كانون أول-ديسمبر 2013, قبل أن يسحب رئيس الوزراء ملف التحقيق من أيديهم, ولنقل قبل أن يجردهم من وظائفهم, فقد كشفت هذه المعلومات كيف أنشأ ياسين القاضي ورجب طيب أردوغان نظاما واسعا في تحويل الأموال بشكل سري لتمويل أنشطة تنظيم القاعدة في سورية.

لكن الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تم فيه الكشف عن هذه اللعبة المزدوجة اللامعقولة, قامت دورية تركية من الدرك بإيقاف شاحنة محملة بأسلحة مرسلة لتنظيم القاعدة بالقرب من الحدود مع سورية. واحد من الأشخاص الثلاثة الذين تم اعتقالهم, أفاد بأن الحمولة موجهة لحساب جمعية انسانية تابعة لتنظيم الاخوان المسلمين في تركيا, في حين أفاد شخص آخر من الموقوفين أنه عنصر في مهمة تخص جهاز الاستخبارات التركية.

في نهاية المطاف, فقد تدخل حاكم الولاية, ومنع الشرطة والقضاء من القيام بعملها في هذه القضية, مؤكدا أن هذه الحمولة هي عملية سرية تخص جهاز الاستخبارات العسكرية, مصدرا أوامره بترك الشاحنة وحمولتها تستأنف رحلتها.

لقد نوه التحقيق أيضا إلى أن التمويل التركي لتنظيم القاعدة عمد إلى استخدام قناة مالية ايرانية, كي يغطوا تحركاتهم في سورية, وينفذوا عمليات ارهابية في ايران, في آن واحد.

حلف شمال الأطلسي الذي يتمتع ضمن أوساط الرئيس الأسبق رفسنجاني بمتواطئين معه في طهران, على أثر عملية "ايران –كونترا", يعمل حاليا مع أشخاص من داخل إدارة الرئيس روحاني.

هذه الحقائق تكذب فرضية المعارضة السياسية السورية في المنفى, التي تدعي أن جبهة النصرة وداعش هما من صنع المخابرات السورية, وأنهما مكلفتان بإشاعة الرعب في نفوس السكان بهدف إعادتهم إلى صف النظام.

إذا كان بوسعنا أن نقر اعتبارا من الآن, أن غالبية قادة دول حلف شمال الأطلسي يجهلون كل مايتعلق بدعم منظمتهم للإرهاب الدولي, غير أنه من واجبنا أن نعترف في المقابل, أن حلف شمال الأطلسي, هو رأس الارهاب العالمي.

الخميس، 17 أكتوبر 2013

"الوهابية".. المرجعية الأولى للفكر التكفيري وكره الاخر

    أكتوبر 17, 2013   No comments
محمد بن عبد الوهاب

زينب الطحان
برزت أول دعوات للإمارات الاسلامية في أفغانستان مع طالبانفي ظل مناخات التفتت والتشظي الذي تعاني منه المجتمعات الإسلامية والعربية تشهد المنطقة منذ عقود ظاهرة صعود الحركات السياسية الإسلاموية، ومنها على وجه التحديد الحركات الراديكالية التي تعرف بالحركات الأصولية التي تدعي العمل لبناء الدولة الإسلامية أو إعادة بناء نظام الخلافة الإسلامية طوال السنوات الماضية.

وترفض الحركات الراديكالية فكرة العمل السياسي أو حتى النشاط الجهادي من داخل المؤسسات الوطنية، بل تدعو إلى ضرب هذه البنى في محاولة لإيجاد البديل الذي لا يحظى بالتأييد من كافة الشرائح الديموغرافية والاجتماعية. هي في الواقع تمثل تهديداً واضحاً للنظام الإقليمي القائم وللمؤسسات الوطنية للدول القائمة، لكنها في المقابل ليست قادرة حتى اللحظة على تجسيد نظرية متماسكة تكون البديل لما هي عليه الحال. بهذا المعنى، ربما نشهد ظاهرة اشتداد وطأة التحركات الإسلاموية في الحدث السياسي الداخلي والإقليمي على المزيد من التخبط الفكري وحتى التقاتل الميداني الذي نشهده حاليا في سوريا.

فالخطاب السياسي والأيديولوجي لهذه الحركات ليس جماهيرياً على الإطلاق، وإنما تتجسد فاعلية مثل هذه الحركات في قدرتها على تعبئة بعض الأفراد ودفعهم إلى اعتناق أفكارها العقائدية، وهم من العناصر الذين لديهم الاستعداد النفسي والعقلي والخلقي لتبني مثل هذه العقائد. يبقى الحديث عن اللجوء الفعلي إلى العنف في محاولة منها لتحقيق مقاصدها ومآربها. فبدلاً من الاحتكام إلى مقولة «لا إكراه في الدين»، تعمد هذه الفرق أو المجموعات إلى التكفير وإصدار الأحكام بالإدانة والتجريم والردة على قاعدة استعمال القوة المسلحة والقسرية اعتقاداً منها بأن ما تقوم به أقرب ما يكون إلى الجهاد الذي خاضه المسلمون الأوائل في زمن الدعوة وفي عصر الفتوحات الإسلامية. فقد باتت مقولة "الإسلام السياسي" رديفاً لما يمكن أن تمثله أو تعبر عنه هذه السلوكيات، التي يعتورها التفكير المغلوط والبعيد عن الواقع المعاصر من الناحية الزمنية والعلمية والقيمية.

نظرة في نشأة المذهب الوهابي :

الدكتور الباحث فؤاد إبراهيمللحديث عن الخلفية الدينية الإيديولوجية لهذه الحركات يبرز أمامنا المذهب الوهابي بصفته المرجعية الأساسية التاريخية والمحركة لانبعاث هذا الحراك الدموي باسم الإسلام ابتداء من ما يعرف بتنظيم "القاعدة". الباحث الدكتور فؤاد إبراهيم، وله مؤلفات عديدة عن المذهب الوهابي والحركات الإسلامية والدراسات الشرقية والشرق أوسطية، يجزم بترابط قوي وفاعل بينهما. ولكن قبل الحديث عن سر هذا الترابط لا بد من العروج ولو سريعاً في نظرة تاريخية ومعرفية حول هذا المذهب وآليات تفكيره.

إن لهذا الرؤية الدينية (الوهابية) جذورا تاريخية تعود إلى القرن التاسع مع الإمام احمد بن حنبل والحنبلية من بعده، الذي قاوم الاتجاهات العقلانية والفلسفية والمعتزلية والكلامية عموماً، والتي صعدت بقوة في عهد الحاكم العباسي المأمون (218 ه)، ليأتي من بعده ابن تيمية (1328م) الذي "صرف" حياته لتنقية العقيدة وساجل المذاهب الإسلامية الأخرى، وألّف كتابا صار مرجعا لكل السلفيين هدفه تنقية الرسالة المحمدية من كل شائبة عنوانه "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية"،  لا يزال يطبع حتى الآن مما يدل على أثره بين هذه الجماعات. وهو يتعرض لعلاقة الأمير برعيته في ظل الشريعة، ويشدد على تطبيق الحدود بشكل حرفي، لكنه يولي الجهاد اهتماما بالغاً.

ويعدّ ابن تيمية الحلقة الوسطى بين ابن حنبل ومؤسس المذهب الوهابي محمد ابن عبد الوهاب(1703). فثمة حلقات ثلاث (الحنبلية- ابن تيمية – الوهابية) شكّلت المحضن التأسيسي والتاريخي للتيار السلفي، وفي كل حلقة كان هذا التيار يتجه نحو المزيد من التأصيل والتشدد. ولم تكن مصادفة أن يتزامن ذلك دائماً مع تحديات حضارية كبرى. والسلفية المعاصرة اليوم كحلقة راهنة تطلق موجة دفاع عن العقيدة لا تختلف في دوافعها عن سلفيات الأمس، وإن اختلفت في الوسائل والأساليب وبعض الاجتهادات.

"التكفير" بنية أساسية في المذهب الوهابي :

مؤسس الوهابية الشيخ محمد ابن عبد الوهابيقول الباحث الدكتور فؤاد إبراهيم، في أحد كتبه، إن الدعوة الوهابية انطلقت من قاعدة أن كل ما هو خارج إطارها كفر محض لتوجد لنفسها مبررات الدعوة والانتشار العنيف. ويوضح لنا هذا المسار التاريخي بأن "الوهابية قامت على أساس أن كل ما هو موجود منذ وفاة "شيخ الإسلام ابن تيميه" حتى ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب يعدّ زمنا بما فيه من مسلمين خارج نطاق التوحيد وخارج نطاق العقيدة الصحيحة. فهي تعتقد بأن العقيدة الصحيحة التي جاء بها ابن تيميه انتهت بعد وفاته، تاليا عاش المسلمون ستة قرون في جهل وضياع إلى أن ظهر محمد ابن عبد الوهاب وأحيا هذه الدعوة وكأنما هو الإحياء الإسلامي الثاني أو إنبعاث الإسلام الثاني على يديه.. ولذلك النصوص التي كتبها ابن عبد الوهاب سواء في رسائله العقائدية أو في رسائله إلى الجوار أو حتى إلى الأبعدين كانت دائما تنطوي على تكفير الأخر وتبرز له كيف يكون على صواب وحق ويجب أن يصحح عقيدته. ولذلك الوهابية قامت على ثلاثة أضلع : تكفير المجتمعات، والهجرة منها بمعنى أن ينفصل المؤمنون بالعقيدة الوهابية عن غير المؤمنين بها، وأن يشكلوا دار هجرة خاصة بهم، أي مجتمع مضاد كما يقال، بحيث إن هذا المجتمع المضاد يتأهب ويتهيأ لمرحلة يكون قادرا فيها على الجهاد..، والضلع الثالث هو إعلان الجهاد على هذا المجتمع.

وعندما نتكلم عن الانتشار العنيف، تثبت الوقائع التاريخية أن هذه الدعوة لا تنتشر بصورة سلمية، أي لا تعدّ السلمية جزءاً من دعوتها، بل إجبار المجتمعات وإرغامها على اعتناق الوهابية هي قناعة ينطلقون منها، وبنية أساسية، بمعنى أنها دعوة لا تنتشر إلا تحت ظلال السيوف، وتعتمد السلاح والقوة في أرغام كل من لا يؤمن بالعقيدة الوهابية على الدخول فيها تحت قوة السلاح".

مجموعة كتب محمد ابن عبد الوهاب حول التوحيدوينبري أمامنا سؤال ملّح هل في هذه المذهبية شيء متمايز عن بقية المذاهب الإسلامية الأخرى، يدعو أهلها إلى اعتبار أن لا مسلم غير الوهابي؟

في دراسة مهمة أقامها الدكتور إبراهيم في قراءاته للمذهب الوهابي في مختلف كتبه يبيّن في سلسلة مصادر تاريخية موثقة أن الوهابية، كما ذكرنا أعلاه، هي إنبثاق لشكل متطرف للحنبلية في محاولة لإيجاد بعث سلفي متزمت لا يقر بحقائق التطور الإجتماعي والتعددية المذهبية والثقافية وإشكاليات التوفيق بين متطلبات كل مرحلة. فاستندت إلى التوجيه السلفي، وأوصدت باب الاجتهاد، وذلك بعد أن قال علماء الحنابلة إن لا باب بعد الخلفاء الراشدين للاجتهاد مفتوح. ويقول الباحث جلال كشك، في كتاب له عن الوهابية، " إن قراءة كتب محمد ابن عبد الوهاب ومنشوراته تعطي انطباعا وكأنه يعيش خارج التأريخ، فليس له من تعليق على حدث معاصر خارج محيطه، بل يناقش قضايا فقهية سبق وبحثها وصدرت فيها إجابات حاسمة قبل مولدة بقرون عديدة".

أسس الفكر الوهابي سطحية بعيدة عن الواقع :

ويؤكد الدكتور إبراهيم أن مجهودات الوهابية بلغت من التسطيح إلى حد الاشتغال الكثيف على موضوعات عقدية محسومة مثل الشفاعة والنذر وزيارة القبور، معتبرة إياها مجتمعة المفهوم الكلياني للإسلام دون الدخول في هذا المفهوم موضوعات ذات صلة بالواقع المعاش وخصوصاً موضوعات النظام الإسلامي، والحلول الإسلامية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية المستجدة، وبذلك لم تضع نظرية متكاملة حول الدين. فقد بدا الوعي الديني لدى الوهابية منحبسا في مجالات العقوبة والردع والأبعاد الأخروية التي تلتقي وأغراض ترسيخ السلطة السياسية وتعزيزها.

من هنا كان استفسارنا الأخر، بأن الوهابية كثّفت اهتمامها على المحكوم فجاءت أحكامها على المجتمع بصورة رعب ديني بالجحيم والعقارب، بينما ذهبت على صعيد الحاكم أن أعطته صفة ظل الله على الأرض ولا يجوز الخروج عليه.. وهي هنا قد تلتقي مع بعض المذاهب الأخرى في خصوص الحاكم، ولكن كيف تختلف عنها ؟

للوهابية تشدد مخيف تجاه المجتمع وتسامح لا نظير له مع الحاكم

صحيح، يقول الدكتور إبراهيم، ولكن الوهابية تجاوزت كل هذه المذاهب بحيث أقفلت أبواب الخروج على الحاكم نهائيا. هم قالوا بإنه لا يصح الخروج على الحاكم إلا بحال وصل إلى مرحلة الكفر البواح، يعني أن يصرح الحاكم بالكفر علنا ويشهره على الملأ.  ولكن حتى هذا الكفر البواح هناك من تسامح به وقال الخروج عليه أشد فسادا من الإبقاء عليه. وتاليا فكرة الكفر البواح لم تعد مبررة للخروج على الحاكم.

بالمقابل هناك تشدد غير عادي إزاء المجتمع بحيث ليس هناك في الوهابية ما يمكن تسميته بالتسامح الديني. أو إشاعة روح القبول أو التعويض أو بحق الاختلاف والتعددية هذا كله ممنوع إنما المطلوب من المجتمع أن يتحوّل بأكمله إلى العقيدة الوهابية وإلا لا يبقى أمامه إلا حد السيف.. ولا يقدم إليه أي خيار أخر بما فيها الرحيل، غير مسموح له بذلك، إذاً لدينا تسامح إزاء السلطة بشكل مناقض ما هو إزاء المجتمع.. لأنه هو في الأساس مذهب للحكم وليس للمجتمع هو يريد إصلاح المجتمع بطريقة راديكالية ما يساعد الحاكم على اخضاع رعيته .

باسم الدين يقتلون الناس بغير وجه حقابن تيمية سبق ابن عبد الوهاب في مبدأ التكفير، الذي شهر هذا السلاح ضد من خالفوه في اعتقاداته الفلسفية مثل الغزالي والشافعي حتى قالوا عنه :"إنه كفّر الأمة الإسلامية جمعاء". وهذا حال الوهابية، حيث التكفير من أبرز أدبياتها الدينية. ويؤكد الباحث إبراهيم :"فإذا عدنا إلى المراجع الأولى والكتب والرسائل التي كتبها محمد بن عبد الوهاب نراها تطفح بالفكر التكفيري ومفرداته والنزعة الاستعلائية على بقية المذاهب. وأكثر من كتب بالتكفير هم الوهابيون. إذ يتجاوز الشيخ ابن عبد الوهاب الحدود العامة المتّفق عليها في الإيمان والإسلام ،ليضع شروطاً لم ترد لا في حديث ولا في سيرة المسلمين الأوائل، من قبيل تقسيم التوحيد الى ثلاثة: توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فلم يخضع رسول الله صلى الله عليه واله أصحابه لامتحان في التوحيد بالطريقة التي يرسمها إبن عبد الوهاب، ولم تكن القبائل تسأل عن الأنواع الثلاثة للتوحيد،بل كانت الفطرة دليلاً على الإيمان بالله وحده لا شريك له. ولم نجد في أي من مصنّفات العلماء الأوائل ولا حتى سجالاتهم الفكرية ما يشير الى وجود هذا التقسيم، بالرغم من أن موضوعات لاهوتية عدّة كانت حاضرة في نقاشات التيولوجيين المسلمين الأوائل". .. والغالبية العظمى من المسلمين لا يؤمنون بهذا التقسيم، كما يتابع الدكتور إبراهيم، إذاّ فهم كافرون برأي الوهابية. ويقولون إن المعتزلة كفار والاشاعرة كفار وبقية المذاهب من السنة كفار والصوفية كفار والشيعة كفار فمن بقي إذاً؟.".

ويؤكد الدكتور فؤاد إبراهيم أن ثمة نصوص واضحة لدى إبن عبد الوهاب، ترى في أمة المسلمين في زمانه بأنهم أشبه بالكفار الذي قاتلهم الرسول (ص) كونهم "يعرفون الله ويعظمونه ويحجّون ويعتمرون ويزعمون أنهم على دين إبراهيم الخليل وأنه يشهدون أنه لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الأمر الا الله وحده لا شريك له.."، فما المشكلة إذاً؟. يقول إنهم"يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعزير وغيرهم.."، الفارق أن"مشركي زماننا يدعون أناساً لايوازون عيسى والملائكة.)).

العنف وقتل الاخر جزء من العقيدة الوهابية :

ينفرد المذهب الوهابي بأنه صاحب أضخم تراث تكفيري في تاريخ الإسلام، وبإمكان المرء تتبّع كتابات علماء المذهب منذ الأيام الأولى لنشأته حول مسألة التكفير، والمناظرات المتصاعدة والمغلقة داخل الدائرة الوهابية، حتى يبدو وكأن مسألة التكفير ركيزة أساسية للمذهب، ومصدر لوجوده وحيويته وتميّزه. وكان من شأن هذا التكفير أن يكون مترافقا مع القتل والعنف، فقد بلغ الحال في حروب الوهابيين ضد مناطق المسلمين، خصوصا في بلاد الحجاز حيث سيطروا عليها وأقاموا دولتهم، إلى حد استباحة تلك المناطق ونهب ثرواتها وقتل سكانها وسبي نسائها وقتل رجالها دون تمييز وتخريب دورها وعمارها واشعال النار في مكتباتها، ثم يعودون إلى مقارهم وكأنهم عادوا من فتح اسلامي مبين وتأدية واجب ديني عظيم.

أو ليس هذا ما يحدث اليوم في أفغانستان والعراق وسوريا ؟!!.. يسأل الدكتور إبراهيم، إذ إلى اليوم لم يتغير شيء من ملامح هذا المعتقد، بل أصبح هناك ما يعرف بالانتشار الكوني للوهابية، والذي بدأ بكل صراحة بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران في محاولة لتطويق صوت هذه الثورة والخوف من امتدادها.. فقد فتحت الوهابية لها معاهد تدريسية، وما صرفته دولتهم إلى اليوم على نشر هذه الدعوة يصل إلى حدود السبعين مليار دولار.

هل يعني هذا الانتشار أن للمذهب الوهابية حشدا جماهيريا؟

التكفيريون في سوريا جمعيهم ينتمون إلى الواهبية هذا ليس صحيحاً، فالناس اليوم ترى النموذج الذي يقدمونه وينفرون منه، لكن هناك البعض ممن عنده سلفا قابلية تقبل هذا المنحى المتطرف في التفكير، ولم يكن الأمر يحتاج أكثر من توجيه البوصلة بالنسبة إليهم. وهذا هو الحال مع تنظيم "القاعدة"، وغيرها من الحركات التي تنِشأ مثل الفطر، لتحارب في سوريا. فاستطاعت الوهابية أن تتغلل اليهم بسهولة. -فلماذا لم تنتشر القاعدة في مراكز دينية سنية مثلا ؟. لآن اساسا البيئة الموجودة للقاعدة كانت مهيأة لتقبل الوهابية مذهبا لها ولاستراتيجيتها وأصبحت هي الحاكمة الطبيعية للقاعدة .. وإذا اطلعتي – يؤكد الدكتور إبراهيم- على أدبياتهم سترين الأفكار نفسها عند الوهابية.. فكرة الإمارة الإسلامية هي نفسها التي أقامها محمد بن عبد الوهاب في الدرعية ورأى هذا دار هجرة ودار إيمان وكان يقيم فيها بشكل مؤقت ويعدّ مقدمة لدولة الخلافة الإسلامية .. وهذا ما يجري الآن في سوريا في ما يطلقونه من تسميات مثل الإمارة الإسلامية في هذه المنطقة أو تلك، إمارة بلاد الشام وإمارة حمص وغيرها .. هذه في الواقع العقيدة الوهابية نفسها .

فهل الأحداث التي نعيشها حاليا أنعشت الفكر الوهابي من جديد؟.

نعم، الفكر الوهابي يعتمد بدرجة كبيرة على الساحات المؤهلة لخوض المعارك فأين توجد الفوضى توجد الوهابية هذا ما يحدث في أفغانستان والعراق والان في سوريا وفي اليمن.. أي مكان يوجد فيه تنوع فكري عقائدي وسياسي لا يمكن لها التواجد فيه .. وهي تحاول الانتشار عبر طريقين المال النفطي والسلاح.. المذهب الوهابي باختصار هو فكر يكره الاخر ويدعو إلى قتله.

الأحد، 6 أكتوبر 2013

«الإخوان» والسعودية: الصراع والتقارب

    أكتوبر 06, 2013   No comments
الهضيبي يتوسط مجموعة من «الإخوان» ومن الضباط الأحرار، وعلى يساره عبد الناصر (عن «الانترنت»)
قاسم قصير
_______
شهدت العلاقات بين «الاخوان المسلمين» والسعودية مؤخراً، صراعاً مكشوفاً، لا سيما في مصر بعد الدعم السعودي للتحرك الشعبي والعسكري ضد «الإخوان». كما شهدت وسائل الإعلام السعودية حملة قاسية ضد «الإخوان» ودورهم. فما حقيقة العلاقة بين «الإخوان» والسعودية وما هي أسباب الصراع بينهما؟

تعود العلاقة بين «الاخوان المسلمين» مع المملكة العربية السعودية إلى بدايات تأسيس الجماعة في مصر، حيث يروي الإمام حسن البنا في مذكراته حول بواكير صلات «الإخوان» بالسلفية والسعودية، فيقول: «كما كان ينفس عن نفسي التردد على المكتبة السلفية، حيث نلتقي الرجل المؤمن المجاهد العالم القوي والعالم الفاضل والصحافي الإسلامي القدير السيد محب الدين الخطيب، كما نتردد على دار العلوم ونحضر في بعض مجالس الأستاذ رشيد رضا».
ويضيف البنا أن «فضيلة الشيخ حافظ وهبة مستشار جلالة الملك (عبد العزيز) ابن آل سعود، حضر إلى القاهرة رجاء انتداب بعض المدرسين من وزارة الأوقاف إلى الحجاز ليقوموا بالتدريس في معاهدها الناشئة، واتصل الشيخ حافظ بجمعية الشبان المسلمين لتساعده في اختيار المدرسين. فاتصل بي السيد محب الدين الخطيب وحدثني في هذا الشأن فوافقت مبدئياً، وجاءني بعد ذلك الخطاب التالي من الدكتور يحي الدرديري، المراقب العام للجمعية، بتاريخ 6 تشرين الثاني العام 1928 (هذا ونرجوكم التفضل بالحضور يوم الخميس المقبل، وذلك لمقابلة حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ حافظ وهبة مستشار جلالة الملك (عبد العزيز) ابن آل سعود للاتفاق معه على السفر وشروط الخدمة للتدريس في المعهد السعودي في مكة). وفي الموعد التقينا، وكان أهم شرط وضعته أمام الشيخ حافظ، ألا أعتبر موظفاً يتلقى مجرد تعليمات لتنفيذها، بل صاحب فكرة يعمل على أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل الإسلام والمسلمين، وشعارها العمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحري سيرة السلف الصالح». لكن البنا لم يذهب إلى السعودية للتدريس، وإن كانت العلاقة بين «الإخوان المسلمين» والمملكة قد تطورت لاحقاً.
وبعد محاولة الاعتداء على الملك عبد العزيز في الحرم المكي من قبل أحد اليمنيين، قرر المجتمعون في المؤتمر الثالث للجماعة في العام 1934 «بأن يرفع مكتب الإرشاد باسمهم، التهنئة الخالصة لجلالة الملك عبد العزيز آل سعود على نجاته، واستنكار هذا العدوان الأثيم».
وقد تعززت العلاقة بين البنا والمسؤولين السعوديين خلال قيامه بتأدية مراسم الحج، حيث كان يتاح له إلقاء الخطب والدروس. لكن برغم ذلك، فإن الملك عبد العزيز لم يكن يشجع تأسيس فرع لـ«الإخوان» في السعودية. وفي العام 1936 كان اللقاء الشهير بين البنا والملك عبد العزيز، والذي طلب فيه البنا إنشاء فرع للجماعة في السعودية، فكان جوابُ الملك حين رَفَضَ الطلبَ: «كلنا إخوان مسلمون».
وأول إشكال سياسي حصل بين «الإخوان» والسعودية كان بعد ثورة اليمن في العام 1948، حيث أيد «الإخوان» الثورة ودعموها، لكن الملك عبد العزيز وقف في وجهها ما أغضب «الإخوان».
وبدأت السعودية تتحسس من الجماعة ومشروعها التغييري في المنطقة العربية، ولم تسمح المملكة في ذلك العام للبنا بالحج، إلا بعدما تعهد بعدم الخطابة والكلام في السياسة.
في العام 1949، تم اغتيال الإمام حسن البنا في ظل التطورات الخطيرة التي شهدتها مصر والصراع بين «الإخوان» والحكم الملكي، وقد تولى الأستاذ حسن الهضيبي منصب المرشد العام لـ«الإخوان المسلمين».
وبعد الثورة المصرية في العام 1952، ووصول جمال عبد الناصر إلى الحكم وبروز المشاكل بين الحكم الناصري و«الإخوان»، تدخلت السعودية بين الجماعة وقادة الثورة المصرية لحل الخلافات بينهما.
ويقول علي عشماوي، وهو آخر قادة التنظيم الخاص لـ«الإخوان»: «لقد حضر الملك سعود للوساطة بين الإخوان والحكومة بعد الحل الأول، وفعلاً جامله أعضاء الثورة وفتحوا صفحة جديدة مع الإخوان».
وقد زار الهضيبي السعودية لاحقاً، ولقي ترحيباً كبيراً، وتطورت العلاقة إيجاباً بين الرياض والجماعة، بعدما غادر العديد من قيادات «الإخوان» مصر إلى السعودية ودول الخليج، اثر الصدام مع عبد الناصر.
وقد تولى قادة «الإخوان» ومفكروهم مسؤوليات عدّة في المؤسسات الدعوية والتربوية والدينية في المملكة، ما عزز العلاقة بين الطرفين، ونشأ تيار «إخواني» غير معلن في السعودية. وفي المقابل، تأثر قادة «الإخوان» بأجواء الوهابية والسلفية في السعودية.

التداعيات التنظيمية والفكرية للتشدد السلفي على «الإخوان»

كان للتشدد السلفي تداعيات سلبية على فكر «الإخوان» وتنظيمهم، إذ برز ما يشبه استسلام قيادات الحركة أمام «الشباب المندفع نحو السلفية»، و«الابتعاد ضمنياً عن تعريف حسن البنا للإخوان»، بحسب ما يرى الباحث الإسلامي حسام تمام في دراسة له حول تأثر «الإخوان» بالسلفية.
ويقول تمام في الدراسة: «على الصعيد الفكري، تجلى تأثر الإخوان بالسلفية بنزعة إقصائية ورفضية تجاه المكونات الإخوانية الأخرى التي نُظر إليها على أنها الآخر المختلف، فكان المؤثر الصوفي الأكثر تضرراً، وأصبح في نظرهم، الآخر الأزهري الأشعري، عنواناً للانحراف الديني، ومهادنة السلطة».
ويضيف مثلاً بالغ الدلالة، انه حين اندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية، لم يستطع الإخوان أن «يلتحموا بأكبر حركة تغيير إسلامي في صفوفهم، نتيجة للتمدّد السلفي بينهم»، ومظاهر تنامي كتلة «الإخوانيين السلفيين».
ويشير الباحث الإسلامي إلى أن «قيادات الإخوان اضطرت إلى إطلاق اللحية والتزام كل السنن الظاهرة، وعلى رأسها مصطفى مشهور وعباس السيسي وغيرهم»، أما مجلة «الدعوة» التي كانوا يصدرونها، فبدأت تتحدث عن أفكار سلفية مثل «عقد الذمة، وحرمة بناء الكنائس، ودفع الجزية وتطبيق الشريعة وتحريم الغناء والموسيقى».
أما تنظيمياً، فكانت النتيجة «التعاضد بين مكونات سلفية وقطبية» (أطلق سيد قطب أفكاراً متشددة شملت تكفير المجتمع وجاهليته وحاكمية الله) بقيت كامنة داخل «الإخوان».
لكن لا بد من القول إن حركة «الإخوان المسلمين» تفاعلت بشكل إيجابي مع بداية الثورة الإسلامية في إيران، وعمدت إلى إرسال وفد منها لتهنئة الإمام الخميني، مما أثار الشكوك لدى المسؤولين السعوديين، وإن كانت العلاقة بين إيران و«الإخوان» قد تراجعت لاحقاً بسبب الحرب الإيرانية - العراقية، والخلاف بين «الإخوان» والقيادة الإيرانية، بالإضافة إلى اعتراض الجماعة على دعم إيران للقيادة السورية في معركتها ضد «الإخوان المسلمين» السوريين، لا سيما بعد مجزرة حماه في العام 1981.
وقد برز الخلاف الأقوى بين القيادة السعودية و«الإخوان» بعد حرب الخليج الثانية واحتلال العراق للكويت، حيث دعمت بعض القيادات الإخوانية الرئيس العراقي صدام حسين في حربه ضد الكويت، مع أن «إخوان» الكويت ولبنان وقفوا ضد الغزو العراقي للكويت.
وقد تحدث عن هذه المشكلة لاحقاً وزير الداخلية السعودي الراحل نايف بن عبد العزيز في مقابلة مع صحيفة «السياسة» الكويتية، حيث قال إن «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء، كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من الإخوان، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار. وعندما اضطهد الإخوان وعلقت لهم المشانق، لجأوا إلى السعودية فتحملتهم وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين. وأحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة في السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا. وبعد حرب الخليج، جاءنا عبد الرحمن خليفة و(الشيخ راشد) الغنوشي، و(الشيخ عبد المجيد) الزنداني، فسألناهم هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء، وبعد وصول الوفد الإسلامي الى العراق، تفاجأنا ببيان يؤيد الغزو».
لكن الخلاف بين «الإخوان» والسعودية لم يستمر طويلاً، بل حصلت اتصالات ولقاءات بين القيادات الإخوانية والمسؤولين السعوديين في وقت لاحق، وكان المسؤولون السعوديون يلتقون بقيادات حركة حماس ويسمحون بحضور القيادات الإخوانية إلى مكة المكرمة، لعقد اللقاءات السنوية خصوصاً في موسم الحج أو في العشر الأواخر من شهر رمضان.

مميزات «السلفية الإخوانية» في التسعينيات

تميز المشهد الديني السياسي في مصر في التسعينيات بمحاصرة «الإخوان المسلمين»، بعد مشاركة لافتة في الثمانينيات في الانتخابات النقابية، وفي موازاة ذلك بـ«نمو التواجد السلفي من خلال شبكات مساجد ومؤسسات اقتصادية، والبث الفضائي الذي بات سلفياً بامتياز».
واتجهت القاعدة الإخوانية نحو «الاقتراب من الأطروحة السلفية، ما يمثل تلبيةً لطلب واسع من المجتمع المصري نحو المحافظة»، وباتت «أهم مصادر التثقيف والدعوة بين الإخوان تأتي من رموز مزدوجة سلفية إخوانية».
ويلفت الباحث حسام تمام إلى أنَّ «تنافس الأطروحتين، الإخوانية والسلفية، صبَّ في صالح الرافد السلفي الذي أنعشه تيار الدعاة الإخوانيين السلفيين في إصرارهم على تأكيد انتسابهم إلى الدعوة السلفية». ومن بين هؤلاء الذين يعدون برامج حوارية دينية صفوت حجازي، والدكتور راغب السرجاني الذي كتب في شكل حاد عن «الشيعة وحزب الله في لبنان»، والشيخ جمال عبد الهادي، والشيخ محمد حسين عيسى الذي يحتل ركناً مهماً في المكون التربوي في جماعة «الإخوان»، والشيخ عبد الخالق الشريف عضو «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الذي ظل «المكون السلفي في خطابه مضمرا».

سيطرة التيار «القُطبي» على القيادة الإخوانية

يؤكد الباحث تمام أنَّ انتخابات العام 2010 الداخلية، أدت إلى ما وصفه بـ«اختطاف» الجماعة على يد التيار «القُطبي» الذي أحكم «سيطرته التنظيمية على قيادة الجماعة بعدما تولى ثلاثة من أبنائه أبرز المواقع القيادية، وعلى رأسها المرشد العام محمد بديع واثنين من نوابه، إذ اعتبر بديع ونائبه الرجل الحديدي محمود عزت (أثارت تصريحاته في نيسان الماضي عن «تطبيق الحدود بعد امتلاك الأرض» جدلاً كبيراً في مصر وانزعاج قيادات شبابية «إخوانية») وجمعة أمين (كتبَ الرسالة الداخلية «عليك بالفقه واحذر من الشِرك» حول الإخوان والشيعة) أهم رموز ما بات يعرف بالتيار القطبي داخل الإخوان، وهذا التيار هو نتيجة للانشقاق الفكري الذي حصل في الجماعة في العام 1965، وأدى إلى تبلور مجموعة بقيت متأثرة بأفكار سيد قطب المرجعية، مثل الحاكمية، وبناء طليعة منعزلة تقود التغيير الجذري».

ما بعد الثورات العربية

شكلت الثورات العربية، لا سيما في تونس ومصر واليمن وليبيا تطوراً مهماً على صعيد العلاقة بين «الإخوان» والتيارات السلفية والوهابية والسعودية. فأحياناً يلاحظ المراقب أن هناك تقاربا بين هذين التيارين، وأحياناً أخرى يلحظ شدة الصراع والخوف السعودي من نجاح الإخوان المسلمين، ودعم السعودية وبعض دول الخليج للتيارات المعادية لـ«الإخوان» سلفية كانت أم علمانية أم يسارية.
كما أن دعم قطر للجماعة، ووجود صراع خفي بين السعودية وقطر على صعيد الدور السياسي والمالي في العالمين العربي والإسلامي، قد يكون أحد أبعاد هذا الصراع، مع الإشارة إلى أن قطر تحتضن أحد أبرز الرموز الإخوانية العلمائية، وهو الشيخ يوسف القرضاوي رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، بالإضافة إلى كون قطر متأثرة بالفكر الوهابي والسلفي، وقامت بإنشاء أكبر مسجد باسم «الإمام محمد بن عبد الوهاب».
وقد عمد «الإخوان» إلى التقارب مع السعودية، وكانت أول زيارة للرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي إلى السعودية، حيث أعلن من هناك «العمل والتعاون مع السعودية لحماية مذهب أهل السنة والجماعة»، مما أدى إلى شن الصحف المصرية حملة على تصريحاته.
لكن على الرغم من حرص «الإخوان» على التعاطي الإيجابي مع التيارات السلفية في مصر، والتقارب مع السعودية على الصعيد السياسي، فقد بدأت مصر تشهد صراعاً سياسياً وحزبياً وفكرياً بين «الإخوان» والسلفيين، كما أن وسائل الإعلام العربية المدعومة من السعودية، شنت هجوماً قوياً ضد «الإخوان المسلمين»، وعمدت إلى دعم القوى المعارضة لهم ولمرسي خلال الأزمات التي مرت بها مصر منذ أواخر العام 2012، والأشهر الأولى من العام 2013، حتى نجحت السعودية وحلفاؤها بإسقاط حكم «الإخوان» بعد ثورة «30 يونيو».
ويقول الباحث السعودي عبد الله الشمري، خلال مؤتمر عقدته مؤسسة «أديان» في «الجامعة اللبنانية الأميركية» في جبيل (ما بين 29 و30 تشرين الثاني 2012)، إن «وصول حركات الإسلام السياسي خاصة الإخوان المسلمين إلى السلطة، لا سيما في مصر وتونس، والمشاركة فيها بقوة كبيرة في المغرب وليبيا، مثل تحدياً كبيراً لكل من السعودية وإيران وتركيا، وإن كانت السعودية هي الأكثر تخوفاً من وصول الإخوان إلى السلطة، لأنهم سيقدمون نموذجاً عربياً إسلامياً لحكم الإسلام في مواجهة التجربة السعودية. (وإن كان «الإخوان» لم ينجحوا في ذلك في تجربتهم).
وقد برزت الحملة القاسية من دولة الإمارات ضد «الإخوان» في أواخر العام 2012 وبداية العام 2013، والتحذيرات التي أطلقها رئيس شرطة دبي ضاحي الخلفان من وصول «الإخوان» إلى الحكم وخطرهم على دول الخليج، أحد المؤشرات لبروز الصراع بين «الإخوان المسلمين» ودول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات.
أما في الداخل المصري، فالصراع بين الجماعة والسلفيين زاد، وتمثل بالتنافس على الصعيد البرلماني ومن خلال الحملات الإعلامية وتحذير السلفيين من «أخونة الدولة» وتعيين 12 ألف موظف من «الإخوان» في مؤسسات الدولة.
وقام ممثلون عن «حزب النور» السلفي، بتسليم الرئاسة المصرية ملفاً عن «أخونة الدولة»، ووعد المسؤولون في الرئاسة بدراسة الملف، في حين ان بعض التيارات السلفية والإسلامية الجهادية وقفت إلى جانب «الإخوان» في الصراع مع السلطة الجديدة في مصر.
إذًا نعيش اليوم في لحظة الصراع القوية بين «الإخوان المسلمين والسعودية»، وما تمثله من مركز للوهابية والسلفية.
وعلى الرغم من حرص «الإخوان» على السعي إلى إقامة أفضل العلاقات مع السعودية، فإن الأخيرة خاضت وتخوض حرباً قاسية ضدهم، مع أنها تستفيد منهم في بعض المعارك ضد القوى الأخرى، خصوصاً إيران و«حزب الله» وبعض القوى اليسارية والديموقراطية والناصرية في بعض المراحل. وقد دفع «الإخوان المسلمون» ثمن حسن ظنهم بالسعودية وعدم إدراكهم للخوف السعودي الكبير من وصولهم إلى حكم أكبر دولة عربية، وما يشكله ذلك من خطر على السعودية وحكام الخليج.

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

التسوية الروسيّة المكاسب والخسائر: سوريا تحت مظلّة النووي الروسي

    سبتمبر 11, 2013   No comments
ناهض حتر

كشف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، الاستحقاقات المترتبة على روسيا، لقاء القبول السوري الإيراني بالمبادرة الروسية للتخلّص من الأسلحة الكيميائية السورية؛ فقد أعلن، أمس، ما يأتي:
أولاً، أنّ «تخلّي سوريا عن سلاحها الكيميائي يكتسب مغزى فعلياً فقط عند تخلي أميركا عن استخدام القوة». وهو ما يعني التزاماً واضحاً ومحدداً بأمن سوريا كحليف استراتيجي في مواجهة الولايات المتحدة والغرب.
ثانياً، أنّ «سوريا كانت تعتبر سلاحها الكيميائي في مقابل السلاح النووي الإسرائيلي». وهو ما يعني أن النووي الإسرائيلي بات مطروحاً على طاولة البحث، ما سيكون، على المدى البعيد، جزءاً من أي تسوية شاملة في المنطقة، لكنه، على المدى القريب، سيكون مطروحاً في أي مفاوضات حول الملف النووي الإيراني. لكن الأكثر أهمية، في هذا التصريح، هو أن موسكو قررت وضع سوريا تحت مظلتها النووية، لقاء تخليها عن قوة الردع الكيميائي

خلال ساعات، نُزع فتيل الحرب الأميركية على سوريا؛ أعلن الروس مبادرة الإشراف الدولي على ترسانة سوريا الكيميائية، مقابل وقف العدوان. وافقت دمشق فوراً، وردّت واشنطن بصورة إيجابية فيها شيء من الحذر الكاذب؛ فقد كشف وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، سريعاً، أن المبادرة التي غيرت المناخ الدولي كله باتجاه التسوية، طُبختْ مع الأميركيين؛ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، باراك أوباما، تبادلا الحديث، في عز إعلانهما الانقسام الكبير بين معسكريهما، حول إمكانات التوصل إلى مخرج من حتمية الحرب. هكذا تكون قواعد اللعبة بين العملاقين، قد وُضعَتْ؛ دمشق وطهران، تفاهمتا مع الروس حول استراتيجية إدارة الصراع من خندق مشترك، لكن، على الضفة الأخرى، حيث لا يوجد حلفاء بل أتباع، فليس ثمّة سوى المفاجأة والخيبة والعويل، وكأنّ رئيس ما يُسمّى «الجيش الحر»، كان يصرخ باكياً بحناجر بندر بن سلطان ورجب طيب أردوغان وبقية الصغار، كالصغار: نريد الضربة، نريد الضربة. لكن عالم اليوم هو عالم الكبار؛ العملاء والخونة والحاقدون، ليسوا سوى أدوات.
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية اليمينية، تشارك أولئك الصغار صيحاتهم المرعوبة: حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة سيستنتجون أنهم لم يعودوا قادرين على الوثوق بها. وتنبّه الصحيفة، خصوصاً، إلى إمكانية خسارة النفوذ الأميركي في مصر. ومصر هي الجوهرة المكنونة للفائز أخيراً في مسار الصراع في المنطقة.
الصراع الدائر معقّد للغاية، ويشتمل على ملفات متعددة ومتداخلة ونقاط للتفاهم وأخرى للتفجير. وإذا كنا لا نغفل، إطلاقاً، أحجام القوى الإقليمية والدولية وأدوارها، فالحقيقة الأولى التي ينبغي أن نراها لكي نفهم التطورات ونتمكن من التنبؤ بها، هي أن الصراع يدور بين الدولتين العظميين، الاتحاد الروسي والولايات المتحدة.
في العالم العربي، هناك العديد من القيادات والسياسيين وصنّاع القرار والرأي، ممن لا يفهم ـــ أو لا يريد أن يفهم ـــ أن مرحلة القطبية الأحادية قد انتهت، وأننا دخلنا، بالفعل، مرحلة تعدد الأقطاب في إطار معسكرين، روسي وأميركي: لم تفقد روسيا ـــ حتى بتفكك الاتحاد السوفياتي ـــ مواردها الهائلة من الأراضي الشاسعة أو ثرواتها الطبيعية الضخمة أو بناها التحتية كبلد صناعي حديث أو، أخيراً، قواها وصناعاتها العسكرية التقليدية والنووية. ما فقدته روسيا هو هيكلية الدولة والإرادة السياسية الاستراتيجية لإدارة كل ما تملك في مشروع قومي. وهذا ما حققته إدارة بوتين للبلاد. وقد نجحت سريعاً، اقتصادها الآن قوي، بلا أزمة، وجيشها أقوى ويتم تحديثه بميزانيات ضخمة. وهو جيش محترف، لكنه مبني على أسس قومية وشعبية، وأخيراً، فإن مستوى حياة الروس اليوم، بالمجمل، ربما يكون الأفضل عالمياً، فالإحصاءات الغربية تقول إن 77 بالمئة من الروس «سعداء».
بالمقابل، الولايات المتحدة قوة عالمية جبارة، اقتصادياً وعسكرياً، لكنها تعيش ثلاث أزمات: الأزمة المالية الاقتصادية المتجذرة ـــ والتي لم تشهد سوى معالجات هشة ـــ وأزمة اجتماعية تختزن ثورة الفقراء والمهمشين، وأزمة الحروب الفاشلة الباهظة التكاليف في أفغانستان والعراق.
وللولايات المتحدة حلفاء في أوروبا الغربية وأتباع في الشرق الأوسط، ولروسيا، أيضاً، حلفاء من الكبار كالصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وحلفاء أقوياء في المنطقة كإيران وسوريا وحزب الله.
هذه هي اللوحة، وهذه هي توازناتها. وهي، على نحو ما، تعيدنا إلى مطلع الستينيات.
في آب 1962، حصلت الولايات المتحدة على ذريعة للحرب على كوبا؛ كانت قد جربت إطاحة الرئيس فيديل كاسترو بوسائل حرب العصابات المرتزقة (غزوة خليج الخنازير) وفشلت، حين اكتشفت أن روسيا السوفياتية نصبت في الأراضي الكوبية صواريخ نووية متوسطة، ووقع العالم كله في القلق المرعب لحرب كونية، لم يكن الرئيس الأميركي الديموقراطي، جون كينيدي، يريدها بالنظر إلى توجهات إدارته السلموية (بمعنى تفضيل خوض الصراع بالاستخبارات والميليشيات المحلية، لا بالعسكر)، لكنه وجد نفسه، وسط ضغوط التأزيم، في موقف حربجي.
وحين اقترب الفريقان من حافّة الهاوية، توصلا إلى اتفاق بمبادرة الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف: موسكو تسحب صواريخها، وواشنطن تتعهّد بعدم الاعتداء على كوبا؛ كانت تلك اللحظة التي مُدّ فيها الخط الساخن بين عاصمتي الحرب والسلام، وتوضحت حدود الحرب الباردة ومساراتها.
لعل بوتين (الذي يعدّ سقوط الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوستراتيجية في التاريخ)، أفضل تلامذة الحقبة السوفياتية في إتقان الجدل بين تأكيد الانقسام الكبير للعالم، وبين عقد التسويات المعقدة لتلافي الحروب في اللحظة الأخيرة. لكن ميزة بوتين عن أساتذته السوفيات، هي الدينامية السريعة؛ فليس هناك وقت لإضاعته؛ ذلك أن روسيا تستعدّ لتأسيس دورها القيادي في القرن الحادي والعشرين.

الخسائر

في المبادرة الروسية لتجميع الأسلحة الكيميائية السورية وإتلافها، وربما اضطرار دمشق إلى التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة الكيميائية، خسائر جدية لمحور المقاومة والممانعة، لا نستطيع إنكارها، وهي:
أولاً، تجريد سوريا من سلاحها الاستراتيجي الذي يشكل قدرة الردع أمام السلاح النووي الإسرائيلي. وبالمحصلة، سيؤدي ذلك إلى خلل في ميزان القوى بين سوريا والعدو الإسرائيلي. وربما يكون البديل الوحيد المتاح لاحقاً هو الاعتماد على سدّ الثغرة بالمقاومة.
ثانياً، تسليم السلاح الكيميائي السوري تحت الضغط العسكري، سوف يفتح شهية الولايات المتحدة وإسرائيل، لممارسة التهديد بالحرب لوقف المشروع النووي الإيراني. وقد اعتبرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن تطبيق المبادرة الروسية بشأن كيميائي سوريا، سيكون له «تداعيات إيجابية» على الملف النووي الإيراني، من خلال التلويح «بالخيار العسكري ضد إيران».
ثالثاً، ليس هناك ما يضمن عدم الانزلاق إلى وضع استباحة السيادة السورية من خلال التفتيش على النسق العراقي. وهو ما سترفضه دمشق، ويجدد، تالياً، مناخ التهديد بالحرب. وهو ما يتطلب اليقظة، وتقنين تقديم التنازلات، وتلافي الركون إلى مزاج تجنّب الحرب بأي ثمن ... إلخ.

المكاسب

يستطيع أوباما، بالطبع، أن يتبجّح بأن الحكومة السورية رضخت تحت التهديد العسكري. وفي هذا القول ما هو صحيح؛ فدمشق قدمت تنازلاً كبيراً جداً لتجنّب الحرب، لكن، بالمقابل، لا يخفى على أحد أن أوباما كان في مسيس الحاجة إلى مخرج ينقذه من حرب هي فوق طاقة الولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً ومعنوياً واستراتيجياً. وهو ما صاغ السياسة الحربية المترددة للبيت الأبيض. ولقد بات الجميع يعرف ويقرّ بأن إرادة المجابهة ـــ وقدراتها ـــ لدى سوريا وحلفائها، هي التي عطلت، مرة بعد أخرى، الضربات الصاروخية الأميركية. وهذه هي الخلفية الأساسية للمكاسب المتحققة جراء التوافق الروسي الأميركي لتلافي الحرب مقابل الكيميائي؛ لقد اكتشف العالم كله ـــ ربما باستثناء العملاء الصغار في الشرق الأوسط ـــ أن القوة الأميركية لم تعد فوق التوازنات الدولية المستجدة، وأنها مقيّدة بعوامل كابحة، داخلياً وأوروبياً وعالمياً.
ولكن، ما الذي حققه محور المقاومة والممانعة بالملموس؟ تجنّب الحرب الشاملة؟ نعم؛ فرغم ثقتنا بأن حرباً كتلك لن تضع أوزارها بانتصار المعتدين، وأن سوريا وإيران والمقاومة، ستخرج منها، أقوى دفاعياً وسياسياً، إلا أن تحقيق الحد الأدنى من الأهداف (إسقاط مشروع تفكيك سوريا، وتصليب محور المقاومة، وتعزيز تحالفاته الدولية) من دون حرب، ولو بكلفة الكيميائي، يبقى الخيار الأقل كلفة وجدوى. وهو خيار له مكتسباته، ومنها:
أولاً، منع توجيه ضربات عسكرية لسوريا، كان من شأنها أن تزيد من دمار البلد وآلام أهلها، وتضعف قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه ـــ وإنْ موقتاً ـــ على خوض المعركة مع الجماعات المسلحة والإرهابية، وربما حتى تجنّب مذابح سيقترفونها تحت القصف الأميركي.
ثانياً، إحباط الخطة السعودية ـــ التركية الجاهزة لاستغلال العدوان الأميركي والتوغّل البري، أثناءه وبالتنسيق معه، في الأراضي السورية بقوتين مجهزتين مما يسمى الجيش الحر والجماعات الإرهابية، إحداهما تنطلق من الجنوب والأخرى تنطلق من الشمال، على أساس أن تلتفّا على دمشق لتلافي دفاعاتها القوية، ومن ثم تلتقيان في حماه، وتشطران سوريا، بالتالي، إلى شطرين؛ عندها يحدث التقسيم والتطهير على أساس طائفي ومذهبي. ونحن لا نقول إن هذه الخطة كان لها حظ حتمي من النجاح، لكنها كانت جاهزة، وكان يمكن أن تؤدي، ولو جزئياً، إلى تغيير ما في هيكلية الحرب السورية. ثالثاً، إفشال التخطيط الإسرائيلي ـــ وهو ذو وزن أساسي في الحرب الأميركية ـــ الذي كان يركّز على ما بعد سوريا، أي على استجرار الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة ـــ رغم كلفتها الباهظة على إسرائيل نفسها ـــ ضد إيران؛ فمع توسّع الحرب، وشمول الرد السوري ـــ المدعوم من إيران وحزب الله ـــ على ضربات موجعة لمواقع إسرائيلية، كانت ستخلق الشروط للعدوان على الجمهورية الإسلامية نفسها، كما على مواقع حزب الله في لبنان.
رابعاً، الإفساح في المجال أمام الجيش العربي السوري والمقاومة لمواصلة العمليات العسكرية والأمنية ضد الإرهابيين. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تسريعاً في هذه العمليات، وإحراز مكاسب جدية على الأرض؛ ذلك أن كسب المعركة الداخلية ضد الإرهاب وفرض الأمن على مناطق أوسع فأوسع في البلاد، يشكل أساساً لتصعيب خطط العدوان اللاحقة، ويمكن من تحقيق تسوية تكفل ليس فقط وحدة سوريا وإنما، أيضاً، استقلالها وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودورها الرئيسي في محور المقاومة. ويمكننا، هنا، أن نقدّر أن القيادة المشتركة التي تدير المعركة الوطنية في سوريا، سوف تضع على الطاولة، في المرحلة المقبلة، ضرورة الذهاب إلى الحد الأقصى في استخدام القوة لكسر الجماعات المسلحة، وخصوصاً أن الأخيرة تشعر الآن باليأس، ومن المتوقع أن ينفضّ عنها المقاتلون غير المؤدلجين، بحيث تزداد السيماء الإرهابية لتلك الجماعات، وتزداد عزلتها المحلية والإقليمية والدولية.
خامساً، تعزيز وتوثيق العلاقات التحالفية بين سوريا ومحور المقاومة وبين روسيا ودول «بريكس». وسيكون على روسيا، بموجب التزام السوريين بالتخلّص من أسلحتهم الكيميائية، (1) ضمانة عدم اعتداء الولايات المتحدة على سوريا أو إيران أو حزب الله. وهي ضمانة لها استحقاقات جدية في العلاقة بين العملاقين، (2) زيادة وتسريع تزويد سوريا بالسلاح والعتاد، واستكمال توريد نظام صواريخ «اس 300»، وتفعيل الدور الروسي في الدفاع السوري، في مجالات عسكرية واقتصادية وإنسانية عدة، وأهمها شمول سوريا بالمظلّة النووية.
___________

الأربعاء، 3 يوليو 2013

بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة

    يوليو 03, 2013   No comments

 أما اليوم, فقد أكد القائد العام للقوات المسلحة المصرية اليوم أن الجيش المصري مستعد للموت دفاعاً عن الشعب ضد "الإرهابيين والمتطرفين"، وذلك بعدما أعلن الرئيس محمد مرسي رفضه التنحي وتمسكه ب"الشرعية". وأوردت صفحة على موقع فيسبوك تابعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يترأسه الفريق اول عبد الفتاح السيسي "ذكر القائد العام للقوات المسلحة أنه أشرف لنا أن نموت من أن يروّع أو يهدد الشعب المصري".

الأحد، 23 يونيو 2013

خريطة الجزر الأمنية في طرابلس

    يونيو 23, 2013   No comments
غسان ريفي
يخشى أبناء طرابلس من أن يؤدي الاشتباك السياسي في لبنان والمعارك المستمرة في سوريا، وما يرافقهما من تحريض مذهبي بلغ ذروته، الى تحويل مدينتهم الى جزر أمنية أو «إمارات» تجتاحها فوضى السلاح وترسم بينها حواجز خوف نفسية ومعنوية تعزلها عن بعضها البعض.

لم تعد المحاور الساخنة في التبانة والقبة والمنكوبين وجبل محسن هي العنوان الأمني الوحيد في طرابلس، بل ان جولات العنف المتلاحقة وخروج قادة المحاور عن سلطة القيادات السياسية والأمنية، وصراع النفوذ بين أمراء الأحياء، أوجدت محاور جديدة في كل مناطق طرابلس بدون استثناء.


كما أدى ذلك الى فرز عسكري حقيقي بين شوارع المدينة التي بات يتقاسمها المشايخ والكوادر والاجنحة العسكرية للعائلات، الذين يتحصنون خلف مجموعات شبابية مسلحة، ويتغذون بالتحريض المذهبي أو بالعناوين السياسية المطروحة، فيفرضون قوانينهم على من حولهم، ويقبضون ثمن حماية الممتلكات، ويخوضون المعارك التي تهدف الى زيادة هيمنتهم وتوسيع رقعة نفوذهم، ما يجعل المدينة بكاملها على أكثر من فوهة بركان قد تنفجر أي منها في أي لحظة.

كيف هو الواقع الأمني في طرابلس اليوم؟
في التبانة ثمة «اتحاد إمارات» سياسية وإسلامية يضم عشرات المحاور لكل منها قائد له أفكاره وارتباطاته وتوجهاته يشتبكون مع جبل محسن معقل «الحزب العربي الديموقراطي» المحسوب على القيادة السورية، وذلك عبر جولات عنف متتالية بعناوين محلية وإقليمية.
وفي القبة، تنشط المجموعات السلفية المتشددة على المحاور مع جبل محسن، فيما تتمركز في عمقها ضمن مربعات أمنية واضحة، «حركة التوحيد الاسلامي» بزعامة الشيخ بلال شعبان، و«تنظيم جند الله» بزعامة الشيخ كنعان ناجي، إضافة الى مجموعات السلفيين وبعضها مخترق من عناصر «الجيش السوري الحر»، والمجموعات المسلحة الموالية لـ«تيار المستقبل» بما كان يعرف بـ«أفواج طرابلس»، وعدد من العائلات التي ساهمت الفوضى الأمنية بتقوية نفوذها.
أما في أبي سمراء التي تقدمت الواجهة الأمنية مؤخرا، فيبلغ التنوع السياسي والعسكري مداه، حيث المركز التاريخي لـ«حركة التوحيد الاسلامي» في محيط ساحة الشراع منذ العام 1982، يقابله مركز قيادة «الجماعة الاسلامية»، وعلى بعد أمتار قليلة المركز الرئيسي لـ«حزب التحرير»، وعلى مسافة ليست ببعيدة مقر «قوات جند الله».
وما بين ساحتي سعدون والضناوي، تنتشر عائلة حسون وتتمدد باتجاه زيتون أبي سمراء وصولا الى مستديرة المولوي ومحيط الشلفة (الطريق المؤدية الى مجدليا ـ زغرتا) كما ينتشر في تلك الشوارع سلفيو الشيخ داعي الاسلام الشهال، إضافة الى مجموعات «مستقبلية».
ولا يقتصر الأمر على شوارع أبي سمراء الداخلية، بل يتنامى الحضور السلفي في المنطقة الجديدة لجهة «جامعة المنار» حيث لكل مجموعة شيخ أو قائد وأكبرها تلك التابعة لحسام الصباغ والشيخ سالم الرافعي، يضاف إليها عناصر من «الجيش السوري الحر» ومن السوريين المتشددين الذين يتخذون من «مستشفى الزهراء» و«مجمع الأبرار» مقرا لهم، إضافة الى كثير من الشقق السكنية.
ومن أبي سمراء نزولا الى الأسواق مرورا بكورنيش النهر وصولا الى الحارة البرانية، يحكى عن ترسانة عسكرية موزعة بين «حركة الناصريين العرب» بزعامة الشيخ عبدالكريم النشار الموالي لـ«قوى 8 آذار»، وبين مجموعات شبابية سلفية يقودها الشيخ علي هاجر ومشايخ آخرين، ومجموعات أخرى تابعة لـ«تيار المستقبل»، ولقيادات ميدانية ذات توجهات مختلفة، ولا تزال هذه الأسواق تعيش تداعيات الاشتباكات الأخيرة التي خاضها السلفيون تحت شعار طرد عائلة النشار من المنطقة وإقفال مكاتبها التابعة لـ«حزب الله».
وفي الزاهرية، تنتشر أيضا خطوط التماس، فتتمركز عائلة الموري المحسوبة على «حزب الله»، الى جانب «حركة التوحيد الاسلامي» في مسجد أبو القاسم، ويحيط بهما مجموعات سلفية تابعة للشيخ سالم الرافعي وتتخذ من مسجد التقوى مقرا رئيسيا لها. وقد بدأت مؤخرا مجموعات الرافعي تتمدد باتجاه البولفار وساحة عبد الحميد كرامي مرورا بالجميزات حيث المركز التاريخي للقوميين السوريين المقفل موقتا والموجود في عهدة الجيش اللبناني، وصولا الى الميناء التي تشهد تحركات لمجموعات من «المستقبل»، الى جانب عناصر سورية. 

تضاف الى هذا الانتشار، مجموعات مسلحة تتوزع في كل المناطق الطرابلسية بدون استثناء تدين بالولاء للمرجعيات السياسية ولعدد من نواب المدينة وجمعيات دينية أخرى، لكن هذه المجموعات لا تظهر إلا في المناسبات.

من يضبط الايقاع؟

في السنوات الماضية، كان عنوان الاستقرار في طرابلس (باستثناء المحاور التقليدية الساخنة) ينطلق من التنوع السياسي والتوازن العسكري القائم بين القوى التي كانت مقتنعة بأن أحدا لا يستطيع أن يلغي الآخر. 

لكن اليوم، وفي ظل التحريض المذهبي والسياسي، تسعى بعض الأطراف للاجهاز على خصومها وطردهم من المناطق التي تفرض نفوذها عليها، تحت شعار: «توحيد البندقية السنية» أو «إزالة المربعات الأمنية التابعة لحزب الله»، ولعل الاشتباكات العنيفة التي شهدتها الأسواق الداخلية في طرابلس على هامش الجولة 16، أكبر دليل على ذلك.
أمام هذا الواقع، يمكن القول إن وحدات الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي المنتشرة في مختلف أرجاء طرابلس تضبط إيقاع المواجهات المسلحة في المحاور التقليدية أو في خطوط التماس المستجدة، من دون أن تتمكن من ضبط الأمن فعليا في المدينة في ظل الجرح السوري المفتوح والانقسام اللبناني المستمر منذ ثماني سنوات وافتقاد طرابلس لمصالحة تاريخية.

وفي هذا الاطار، تبدو طرابلس اليوم متفلتة من أية ضوابط أمنية، فالسلاح المنتشر أفقيا يظهر علنا في الشوارع ويستخدم في مناسبات الفرح والحزن، وفي تصفية الحسابات، وفي الإشكالات العائلية والفردية التي حققت رقما قياسيا بمعدل إشكالين في اليوم الواحد منذ شهر أيار الفائت، فيما الساحات العامة أصبحت عبارة عن «هايد بارك» للتعبير عن المواقف التي تتحكم فيها كل أنواع الغرائز.

كل ذلك، يجعل من طرابلس قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وهي إذا كانت تنأى بنفسها اليوم عما يجري في مناطق لبنانية أخرى بعدما دفعت ثمنا باهظا لجولة العنف الرقم 16 بشريا وماديا، فانها تبقى جاهزة للاستخدام الأمني عندما تدعو الحاجة، خصوصا أن النار فيها لا تزال تحت الرماد.
___________

السبت، 22 يونيو 2013

هيكل يهاجم موقف مرسي: سوريا أمن قومي لمصر لا يُناقش

    يونيو 22, 2013   No comments
وجّه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، انتقادات حادة للرئيس المصري محمد مرسي على خلفية مقاربته للملفات الداخلية والخارجية، مشدداً على أن قطع العلاقات مع سوريا هو قرار لا يملكه، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري، محذراً من أن هذه الخطوة تعني خروج مصر من آسيا، في الوقت الذي تواجه فيه مشاكل صعبة في القارة الإفريقية.

ورأى هيكل، في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة «سي بي سي»، إن «شهر حزيران يعتبر شهراً كاشفاً وخطيراً في تاريخ هذا البلد وهذا النظام»، لافتاً إلى أن «هناك ثلاث كوارث وقعت على مدار ثلاثة أسابيع متلاحقة، وكل واحدة منها تكفي لإسقاط نظام بمفردها»، مشيراً على وجه الخصوص إلى ملف سوريا، وملف النيل، ومؤتمر الحوار الوطني الذي أذيع مباشرة على الهواء. 

واعتبر هيكل أنه «أي رئيس لا يملك أن يتجاوز حدود الأمن القومي المصري»، موضحاً أن «الأمن القومي لأي بلد محدد بالجغرافيا والتاريخ أو بالممارسات المتبعة والتي لا يملك فرد أو نظام حتى أن يغيّر فيها».
وتابع إن «الأمن القومي المصري يستند إلى الوجود في سوريا، والعلاقة بها لا تقبل المناقشة، وإذا خرجت مصر من سوريا وفقدت التأثير على الوضع هناك، تكون قد خرجت عملياً من آسيا بالكامل، وانحسرت في إفريقيا، علماً بأنها مكبّلة أيضاً في القارة الإفريقية بالمشاكل التي لا حدود لها».
وقال هيكل إنه كان ينبغي على مرسي أن ينتظر ثلاثة أمور قبل اتخاذ قراره بشأن سوريا، وهي قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما في إيرلندا، والانتخابات الرئاسية في إيران، والتطورات في تركيا.
وأشار هيكل إلى أن «الوضع في تركيا فاجأ الجميع، رغم أنني توقعت حدوث ذلك لأسباب عدة، أولها أن تركيا تورطت في معركة في سوريا وفي منطقة فيها علويون، وهم موجودون في البلدين (سوريا وتركيا)، وتعدادهم يضاهي 19- 21 مليون نسمة على أقل تقدير». واستغرب هيكل قرار مرسي بشأن سوريا، في الوقت الذي توافقت فيه الولايات المتحدة وروسيا على حل تفاوضي للنزاع.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان مرسي بقراره هذا قد حاول إرضاء الأميركيين، أجاب هيكل «قيل إنه حاول إرضاء أطراف نفطية تصوّر أنها بإمكانها أن تساعده»، مشيراً في هذا الإطار إلى قطر والسعودية. واضاف «قيل أيضاً إنه يحاول أن يرضي السلفيين، وهذا شيء غريب جداً... ارضهم مثلما تشاء، ولكن ليس في مثل هذه الأمور».
ورداً على سؤال آخر حول دعوة مرسي إلى الجهاد في سوريا، قال هيكل «هذا أمر لا يمكن تصوّره... أريد ان أحيله إلى ما قاله أوباما مؤخراً من أنه لا يريد أن تجد الولايات المتحدة نفسها في صراع بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي». واضاف هيكل «عندما يتلفظ رئيس جمهورية بلفظة (النظام الرافضي)، فهذه كارثة»، موضحاً أن «إيران قوة في المنطقة يجب أن يُحسَب حسابها، سواء أردت أن تكون صديقاً لها أم عدواً، وعليك وأنت ترسم السياسة أن تأخذ أموراً في اعتبارك». 

وتابع «أعجب من أنه (مرسي) هاجم «حزب الله»، فكل واحد منا يعلم ما هو الهدف مما يحدث في سوريا. إنهم يريدون الحصول على إيران من دون تدميرها، ولكن لا مانع لديهم من أن يضرب كل ما في طريقهم، مما يعتقد أنهم أجنحة لإيران وتصفية الحسابات معهم». وفي إشارة إلى معركة القصير قال «حزب الله يعلم أنه مهدد بوجود 40 ألف أجنبي يحاربون في سوريا. ألم يلفت نظرهم هذا المشهد؟ ولفت نظرهم «حزب الله»؟ عيب فعلاً... أرجوكم ضعوا الامور في سياقها». 

وحول موقف الجيش المصري، قال هيكل: «لا أعرف موقف الجيش من سوريا، لكنني أتصور أن أي أحد لديه فكرة عن الاستراتيجية المصرية ويفهم الأمن القومي المصري، طار صوابه مما حدث». 

وحول تظاهرات 30 حزيران، قال هيكل «أرى أن كل الأطراف الموجودة في الساحة إما حائرة من الموقف أو أقل قدرة من الموقف، لكن الجزء الذي يُسعدني في هذا المشهد هو الطاقة المتجددة لهذا الشباب». 

وردأ على سؤال بشأن الورقة الأخيرة التي يملكها مرسي لتجنب الانهيار، قال هيكل «أخشى أن أقول إنه ليس لديه ورقة، فهو يسير بمنطق أنه لا يستطيع التنازل أمام الشعب». وتوجّه إلى مرسي بالقول «كان عليك مواجهة الأمر ليس بحشود الإسلاميين، ولكن بموجة إصلاحية واسعة وحقيقية». 

وحول موقف الجيش، قال هيكل «الجيش آخر حائط في أمان هذا الوطن. اتركوه في عمله وحاولوا أن تحلوا مشاكلكم قدر المستطاع خارج القوات المسلحة، وإلا فإننا ندفع هذا البلد إلى مجهول». وتابع «هناك مقامرات في هذا البلد لا تجوز». وختم «أنا مرعوب مما يدفع إليه هذا البلد، ومرعوب من فوضى القمة أكثر من فوضى القاع».

الجمعة، 21 يونيو 2013

دعوة إلى تشكيل ألوية عسكرية سنية للقتال في سوريا

    يونيو 21, 2013   No comments
الرابطة تقوم منذ أكثر من عام بإرسال السلاح لدعم "المجاهدين" في سوريا
دعا الشيخ صفوت حجازي علماء المسلمين إلي تشكيل ألوية عسكرية وإرسالها للقتال في سوريا.

جاء ذلك في كلمة وجهها حجازي خلال مؤتمر يعقد في القاهرة تحت عنوان "موقف علماء الأمة من القضية السورية".

وقال حجازي في تصريح لمراسل بي بي سي في القاهرة خالد عز العرب إن رابطة علماء أهل السنة، والتي يحتل فيها حجازي موقع نائب الرئيس، بدأت بالفعل قبل حوالي عشرة أيام إعداد مقاتلين من مصر وغيرها من الدول التي تنشط فيها الرابطة لإرسالهم إلي سوريا، مشيرا إلي أن الرابطة تقوم منذ أكثر من عام بإرسال السلاح لدعم "المجاهدين في أرض الشام".

وتعد هذه هي المرة الأولى في مصر التي تعلن فيها شخصية اسلامية بارزة عن مبادرة صريحة لإرسال مقاتلين إلي سوريا بشكل منظم، وإن كان العامان الماضيان شهدا مشاركة من أفراد مصريين في القتال الدائر هناك.

ويضم المؤتمر الذي عقد الخميس بأحد فنادق القاهرة مجموعة من الشخصيات البارزة في مجال الدعوة الاسلامية، من بينهم يوسف القرضاوي ومحمد العريفي وأبو إسحق الحويني وحازم صلاح أبو اسماعيل، إلى جانب الشيخ حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر.

وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر شدد، القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على "حتمية انتصار الشعب السوري" وسقوط نظام بشار الأسد وحلفائه، قائلا "سنحتفل قريبا بسقوطهم وسنصلي في المسجد الأموي قريبا إن شاء الله".
وحفلت كلمات المتحدثين بهجوم لاذع على حزب الله اللبناني الذي يشارك مقاتلوه في الصراع إلي جانب القوات النظامية. وصف القرضاوي الحزب بأنه "حزب الشيطان"، بينما استخدم الداعية السعودي محمد العريفي لوصفها تعبير "حزب اللات"، كناية عن إله كان يُعبد في شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام.
وظهر جليا خلال المؤتمر مدى العداء الذي صار عميقا بين السنة والشيعة بعد عامين من الصراع الذي اصطبغ بلون طائفي في سوريا.
فقد شدد المتحدثون في المؤتمر عدة مرات على أن الغالبية الساحقة من المسلمين ينتمون للمذهب السني، واعتبروا بالتالي أن ما يحدث في سوريا هو حرب على الاسلام ومحاولة للقضاء على مذهب السنة.
قيادة طائفية
وقال ممثل الأزهر الشيخ حسن الشافعي "لن يكون الهلال الخصيب الجديد تحت قيادة طائفية، ولكنه سيبقى عربيا أصيلا وسيبقى كما هو، في هذه البلاد العربية المسلمة السنية".
ويأتي هذا المؤتمر كحلقة أولى من سلسلة فعاليات تنظمها في القاهرة هذا الأسبوع هيئات اسلامية متعددة، ويتلوه مهرجان جماهيري في إحدى ساحات شرق العاصمة، بينما يلقي العريفي خطبة صلاة الجمعة في مسجد عمرو بن العاص.
وتنتهي الفعاليات السبت بمؤتمر تنظمه الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح ويحضره الرئيس المصري محمد مرسي.

دعا صفوت حجازي، نائب رئيس "رابطة علماء أهل السنة"، علماء المسلمين إلى تشكيل ألوية عسكرية وإرسالها للقتال في سوريا.

جاء ذلك في كلمة وجهها حجازي خلال مؤتمر يعقد في القاهرة تحت عنوان "موقف علماء الأمة من القضية السورية"، والذي ضم عددا من الشخصيات الاسلامية المعروفة من بينهم يوسف القرضاوي ومحمد العريفي وابو اسحق الحويني وحازم صلاح ابو اسماعيل.

وقال حجازي في تصريح لبي بي سي إن رابطة علماء أهل السنة بدأت بالفعل قبل حوالي عشرة أيام إعداد مقاتلين من مصر وغيرها من الدول التي تنشط فيها الرابطة لإرسالهم إلي سوريا.
وأشار إلى أن الرابطة تقوم منذ أكثر من عام بإرسال السلاح لدعم "المجاهدين" في سوريا.
__________
بي بي سي

حماس وحزب الله: سوريا جــمعت سوريا فرّقت: قطيعة أم أزمة عابرة؟

    يونيو 21, 2013   No comments
تفرض الأزمة السورية نفسها بقوة على العلاقة بين حركة حماس وبين حزب الله. الحركة تريد حياداً لا يفهمه الآخرون، وحزب الله يرى في الحياد تخلياً عن سوريا. لم يصل الطرفان الى مرحلة اتخاذ قرار نهائي في شأن العلاقة الثنائية، لكن الاتصالات القائمة اليوم لا تلغي فتوراً وبرودة حقيقية في العلاقة
 
كانت سوريا الصخرة التي انقسمت عليها تحالفات كثيرة، ظلت لفترة طويلة على قدر من المتانة. أمور كثيرة تغيّرت الآن. ثمّة محاور جديدة تشكّلت، وأخرى آخذة بالتشكّل. لكن حتى يوم أمس، كان الجميع تقريباً قد حسم موقفه؛ حزب الله الذي نأى بنفسه عن القتال إلى جانب النظام منذ اندلاع الأزمة السورية، بات الآن يقاتل بشكل مباشر وعلني في المدن السورية. ومصر التي ظلت تقيم علاقات رمزية مع سوريا وتسعى الى مخرج سياسي، قطعت العلاقات مع من كانت سابقاً جزءاً من «جمهوريّتها العربية المتحدة»، ودعت حزب الله إلى عدم التدخل في الشأن السوري.

وحدها «حماس» تترنّح بين المحورين، وتحاول المواءمة بين تحالفها مع من دعمها عسكرياً ومالياً، وبين ولائها لمرجعية «الاخوان المسلمين»، التي اضطرتها إلى اصدار البيان الذي طالب حزب الله بسحب مقاتليه من سوريا وإبقاء سلاحه موجهاً فقط ضد الاحتلال. وهو البيان الذي اثار علامات استفهام حول مستقبل علاقة الحركتين المقاومتين، والتي ظلّت متماسكةً على مدار العامين الماضيين، رغم كل تداعيات الأزمة السورية.
توقيت البيان جاء بعد أيام قليلة من مؤتمر «موقف علماء الأمة من القضية السورية»، الذي عُقد في القاهرة، والذي اعلن خلاله الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي نيته إرسال قافلة علماء لتوجيه المجاهدين في سوريا، ثم أعقبه مؤتمر آخر «لنصرة سوريا»، اعلن خلاله الرئيس محمد مرسي قطع العلاقات المصرية ــــ السورية. بينما كانت قيادات حماس وأعضاء مكتبها السياسي يجتمعون في القاهرة وسط تكتم إعلامي شديد، في حين قال مصدرٌ مطلع لـ«الأخبار»، إن «هذه الاجتماعات تأتي لرسم سياسات الحركة المستقبلية في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة، وستشهد أيضاً مناقشة موقف الحركة في ما بتعلق بالموضوع السوري بعد التطورات الأخيرة».
دلالة التوقيت دفعت البعض إلى القول إن الحركة حسمت أمرها، واختارت بلا مواربة الميل نحو المعسكر الإخواني، والخروج من محورها القديم نهائيّاً. لكن القيادي في حماس، صلاح البردويل، نفى لـ«الأخبار» أن يكون لتوقيت وجود قيادات الحركة في القاهرة علاقة بإصدار البيان، قائلاً: «يبدو أن الناس فهمت أن البيان جديد. في الواقع، هو موقفٌ قديم للحركة عبّرت عنه بشكل واضح من خلاله. نحن رفضنا أي تدخل أجنبي أو عربي في الصراع الدائر في سوريا، والأمر ينطبق على حزب الله أيضاً، ودعونا وما زلنا ندعو إلى حل سياسي».
وعن الرسالة من خلال هذا البيان، قال البردويل: «أردنا توجيه نصيحة إلى حزب الله، بصفته حزباً يمثّل الخط المقاوم الذي نتبنّاه نحن أيضاً، وهي أن قتال الحزب في سوريا يحرفه عن هدفه الرئيس وهو المقاومة، ويزيد من حدة الاستقطاب الطائفي، وبالتالي يعمّق الأزمة السورية». لكنه استدرك: «هذا لا يعني القطيعة مع حزب الله، علاقتنا بالحزب لا تزال قائمة، وهي جيدة، رغم الاختلاف في وجهات النظر تجاه سوريا، ومن مصلحة المقاومة أن تظل العلاقة كذلك».
لكن ماذا عن علاقة الحركة مع إيران على مدار العامين الماضيين، وكيف تراها حماس بعد فوز المرشح المقرّب من الإصلاحيين حسن روحاني، يجيب: «العلاقة مع إيران قائمة حتى قبل الانتخابات الإيرانية. روحاني هو خيار الشعب الإيراني، وكذلك كان (محمود أحمدي) نجاد، ونحن نحترم خيارات الشعوب، ونتعامل معها، وعلى هذا الأساس، علاقتنا مع إيران ستبقى قائمة كما كانت عليه سابقاً، لأن العدو الصهيوني ينتظر منا أن نقطع علاقتنا مع إيران».
مدّ وجزر
وقد شهدت العلاقة بين حماس وحزب الله، في العامين الماضيين، فترات مدّ وجزر كثيرة، بدءاً بالأزمة السورية، ومروراً باستقبال قادة حماس في غزة لوفد من 14 آذار عقب العدوان الاسرائيلي الأخير، وليس انتهاءً بالأزمة الأخيرة التي تفجّرت بعد تدخل الحزب في القصير. لكن رغم ذلك، لم يصدر موقف رسميّ واحد من كلتا الحركتين، فيما كان حزب الله قد أصدر تعميماً عقب زيارة وفد 14 آذار إلى غزة يمنع فيه مسؤوليه من توجيه أي انتقاد إلى حماس.
بالتوازي مع هذه التطمينات، كانت مواقف الحركتين من الموضوع السوري تزداد حدةً وتناقضاً مع اشتداد الأزمة؛ حزب الله بات يحارب علناً في سوريا، أما حماس فقد سحبت قياداتها من هناك، قبل أن يغلق النظام مكاتبها معلناً القطيعة الكاملة معها. حتى مواقف قيادات الحركة أصبحت أكثر حدّةً، حيث دعا مسؤول حمساوي في حديث إلى «الأخبار» الدولَ العربية إلى دعم «الثورة السورية»، قائلاً: «نحن كنا على موقفنا منذ البداية، دعونا إلى حل سياسي لا يتضمن تدخل الأطراف الدولية، لكن أعتقد أن الظروف الآن أصبحت معقدة بدرجة كبيرة جداً، بعد حمام الدم هذا، والعدد الكبير من القتلى، أعتقد أن من المهم أن يكون هناك دعم قوي للثورة السورية. يجب ألا تقف الدول العربية متفرجة على مذابح الشعب السوري، وعلى استخدام القوة المباشرة، لأن الشعب السوري شعب أصيل، يستحق من الدول العربية رسمياً وشعبياً أن تقف إلى جانبه»، لكنّه عاد وأكد على أن «العلاقة مع حزب الله ما زالت قائمة رغم ارتدادات الأزمة السورية».
ازداد الخلاف حدّة بعد تدخل حزب الله في القصير تحديداً. حدثت إشكاليّات كثيرة، قُصفت الضاحية الجنوبية، ووجهت بعض وسائل الإعلام أصابع الاتهام إلى المخيمات الفلسطينية، الأمر الذي سارعت حماس إلى نفيه على لسان ممثلها في لبنان، علي بركة، قبل أن يتواصل تدفق الأخبار عبر وسائل الإعلام مصحوباً بحملات النفي: الحديث عن طرد قيادات الحركة من الضاحية الجنوبية، وتشديد الرقابة على من تبقى منهم، إضافة إلى منع إعطاء تأشيرات مرور لقيادات «حماس»، الأمر الذي عدّته الحركة إجراءً فنياً، فيما كانت التطمينات كانت من الجانبين.
لكن خطبة القرضاوي التي دعا فيها إلى الجهاد ضدّ حزب الله في سوريا، على مرأى ومسمع رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول موقف الحركة من هذه التصريحات. وهذا ما دفع البعض إلى القول إن هناك تياراً داخل الحركة يرغب في العودة إلى محور حزب الله وسوريا وإيران، في حين تحدثت وسائل الإعلام عن رسائل احتجاج وجهتها قيادات في الحركة إلى مشعل مطالبةً إياه بتفسير الموقف، وتعدّى الأمر ذلك إلى الحديث عن رسالة وجهتها قيادة كتائب القسام إلى هنية تحمل المضمون ذاته، وجاء النفي بعد ساعات قليلة على لسان الناطق الرسمي باسم كتائب القسام «أبو عبيدة».
ونفى قيادي حمساوي بارز في حديث لـ«الأخبار» وجود أجنحة داخل الحركة، قائلاً :«لا وجود لتيارات داخل الحركة. هناك قرارات يتخذها مجلس شورى الحركة وهي ملزمة للجميع».
مع ذلك، لا تزال تصريحات القرضاوي تستوجب السؤال حول موقف حماس منها، خصوصاً أن الرجل يعدّ مرجعيّة دينية معتبرة لدى الحركة الإسلامية. يجيب القيادي على ذلك بالقول: «وسط المجتمع الإسلامي، نسمع تصريحات متناقضة، ولو دخلنا فيها لانصرفنا عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واستنزفنا قوّتنا في ما لا يجدي، ولا نحمّل أياً كان مسؤولية مواقف شخص آخر، مسؤولية ما يقوله أي إنسان، وخاصة بحجم القرضاوي، مبنية على موقفه ورأيه، يوافق عليها كثيرون، ويختلف عليها كثيرون، ونحن موقفنا الرسمي واضح».
القيادي نفسه وصف علاقة حماس بحزب الله بـ«العادية». وبخصوص إيران، أوضح أن العلاقة مع إيران «متوازنة والكل أجمع على ضرورة استمرار هذه العلاقة وتطويرها، وتطوير العلاقات أيضاً مع كل مكونات العالم العربي والإسلامي على اختلافاتها المذهبية والعرقية بما أنها تخدم القضية الفلسطينية».
وذهب مستشار هنية للشؤون الخارجية، باسم نعيم، إلى ما ذهب إليه القيادي الحمساوي، قائلاً لـ«الأخبار»، إن العلاقة مع إيران ما زالت قائمة رغم «الاختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا الإقليمية»، مضيفاً أن الحركة تتعامل مع كل من يخدم المقاومة. وتابع: «علاقتنا مع إيران تنسحب على علاقتنا مع حزب الله، وهي علاقة جيدة، ولن نسمح بإحداث ثغرة ينفذ العدو من خلالها لضرب وحدة المقاومة، وتشتيت الأنظار عن القضية الفلسطينية».

وبخصوص اتهام الحركة بالمشاركة في القتال في سوريا، وتسليح المخيمات السورية ضدّ النظام، كان ردّ القيادي الحمساوي لـ«الأخبار»: «هناك كثير من الاتهامات منصبّة علينا، لكن موقفنا واضح، وأي شخص فلسطيني من داخل فلسطين أو خارجها، يأخذ أي موقف داخل سوريا بعيداً عن الحياد فهو يتحمل مسؤولية قراره». وبيّن أن موقف الحركة من سوريا لم يتغيّر، قائلاً: «نحن نقف على الحياد، مع تفهمنا للكثير من القضايا الإقليمية، وقلنا إن حل الإشكالية يأتي من خلال إعطاء الشعب السوري الحقوق التي يطالب بها، وفي الوقت ذاته قلنا إننا لسنا مع أي نظام بديل يأتي ويكون متعاوناً مع إسرائيل، أو لعبة بيد أميركا، وهذا موقف يُناقش على عدة مستويات، وهو الموقف المعلن».
___________

«الأخبار»

مورو ينتقد القرضاوي ويعتبر فتاوى الجهاد في سورية خاطئة

    يونيو 21, 2013   No comments
نائب رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ عبد الفتاح مورو ينتقد الدور الذي يقوم به مشايخ السعودية من خلال حلقاتهم الدعوية في تونس، ويدعو الشيخ القرضاوي لمراجعة فتواه المتعلقة بالجهاد في سورية.

حذر نائب رئيس حركة النهضة في تونس، عبد الفتاح مورو، مما أسماه "موضة دعاة الخليج الذين يقيمون الحلقات الدعوية في تونس"، واعتبرها "مفتاحاً للفتنة والفوضى".

وخلال مشاركته في منتدى لصحيفة "الشروق الجزائرية" تحفظ مورو على فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي الأخيرة والتي من بينها إعلان الجهاد في سورية، متوجهاً إليه بالقول "إن علمت شيئاً غابت عنك أشياء، لنا ثقة في علمك وعقلك، ولكن عليك بمراجعة بعض الأمور، خاصة الدعوة إلى الجهاد في سورية"،

كما اعتبر أن العلماء الذين اجتمعوا في الفترة الماضية في القاهرة "أخطأوا في فتواهم" المتعلقة بالدعوة للجهاد في سورية.

وخاطب مورو "دعاة الخليج" بالقول "إذا كنتم تعتقدون أن تونس دولة غير إسلامية فأنتم مخطئون"، معتبراً أن "لا حاجة للتنصيص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع في الدستور الجديد، من منطلق أن تونس دولة مسلمة، ويستند في موقفه على أن غالبية القوانين المسيرة للشأن التونسي نابعة من الشريعة الإسلامية".

وعن موقفه من الحلقات الدينية التي يقيمها مشايخ من السعودية على وجه التحديد في تونس، قال مورو "هنالك خطورة من تلك الزيارات، فهم يأتون ويروجون لخطاب وفكر لا ينسجم مع واقعنا، كما أنهم يروجون للمذهب الحنبلي على حساب المذهب المالكي، وبهذه الطريقة فهم يبثون الفتنة" متسائلاً "هل يقبلون بإلقائي لحلقات دعوية في السعودية، المؤكد أنهم لن يقبلوا بذلك".

يذكر أن عبد الفتاح مورو هو أحد القادة التاريخيين لحركة النهضة التونسية الحاكمة، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس الحركة راشد الغنوشي وهو عضو مجلس شورى الحركة.
________________________
المصدر: صحيفة الشروق الجزائرية

الأربعاء، 19 يونيو 2013

مستقبل حركة حماس

    يونيو 19, 2013   No comments
__________



سامي كليب: السلام عليكم، منذ أكثر من سبعين عاماً كتب الإمام حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين للسفير البريطاني في القاهرة قائلاً "إن الإخوان سيبذلون أرواحهم وأموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلامياً عربياً حتى يرث الله الأرض ومن عليها". وقبل أكثر من سبعين عاماً كتب الإمام البنا أيضاً "إن الإنكليز واليهود لن يفهموا إلا لغة الثورة والقوة والدم". وحين يئس من الحكام العرب قال والحرقة في القلب "مافيش فايدة الناس دول مش عايزين يحاربوا".
تذكرون أن تخاذل القادة العرب هو الذي دفع مثلاً المناضل الكبير عبد القادر الحسيني للإستشهاد في معركة القسطل بعد أن عجز عن الحصول على السلاح إبان نكبة فلسطين. وحين أسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين ورفاقه حركة المقاومة الإسلامية حماس قبل أكثر من ربع قرن سار على طريق الإخوان المسلمين. ووصل إلى القناعة نفسها التي كانت للشيخ حسن البنا، فقاتل الإسرائيليين حتى قتلته إسرائيل وهو مصاب بشلل شبه كامل. استشهد الشيخ أحمد ياسين بعد أن صلى الفجر، استشهد وهو خارج من المسجد.

لم يحرك الأمر لا ضمير مسؤول عالمي ولا ضمير حاكم عربي. حرّك أطفالاً وشباناً بعمر الورود، خرجوا يقاتلون عدوّهم بنضارة أعمارهم، حافظت حركة حماس على وصية الشيخين، صمدت، صبرت، قاتلت وانتصرت مرة باللحم العاري ومرة بالسلاح الذي صار يصلها عبر الأنفاق أو تصنّع بعضه داخلياً. كل قلب عربي ومسلم ومسيحي شريف كان ينبض على وقع قلب غزة حين كانت حماس والفصائل الفلسطينية تلملم الجراح وتعضّ على الوجع وتمضي للقتال، حتى وجهت للمحتل صفعة ودرساً بأن جبروت السلاح والظلم والجور لا يساوي شيئاً أمام إرادة شعب يريد أن يتخلص من آخر أنظمة التمييز العنصري. الآن ومنذ أولى الإنتفاضات العربية في تونس ومع وصول الإخوان المسلمين إلى مواقع القيادة في معظم الدول التي سقطت فيها الأنظمة، طرح السؤال حول حماس. طرح أكثر مع سقوط حسني مبارك، وطرح بقوة مع غرق سورية بحربها. فهل إن النظام المصري المضطر على الإبقاء على الإتفاقيات كافة مع إسرائيل وأميركا سيضغط على حماس للتفاوض مع إسرائيل، أم أنه سيدعمها في القتال.

وهل إن الخروج الحمساوي من سورية والتوجه الأكثر نحو بعض دول الخليج بدلاً من إيران مثلاً سيبقي لحماس قدرة فعلية على القتال؟ أم ستضيق السبل لاحقاً، ومن أين سيصل السلاح مثلاً؟ وأخيراً وبعد أن عاد خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي للحركة، هل سيمضي وبدعم قطري تركي للوصول إلى رئاسة منظمة التحرير كما تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية اليوم. باختصار هل ستبقى حركة المقاومة الإسلامية حماس مقاومة بالسلاح أم ستصبح حركة إسلامية فقط وقابلة للتفاوض مع إسرائيل؟

 
 يسعدنا أن نستضيف في هذه الحلقة مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أسامة حمدان، وسينضم إلينا لاحقاً ضيوف آخرون من دمشق ومصر وفلسطين لإغناء النقاش حول المواضيع المطروحة. أهلاً بكم إلى لعبة الأمم من قناة الميادين.

(فاصل)

كليب: السؤال المطروح سيد أسامة ودعنا نبدأ من الآخر، هل تتجهون للتفاوض مع إسرائيل أم ستبقون حركة مقاومة بالسلاح؟

أسامة حمدان: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أنا أشكرك على المقدمة..

كليب: أقل من واجب..

حمدان: لأنني أعرف أنها من قلب وعقل شخص أعرف مكانة فلسطين وقضية فلسطين عنده، ومكانة المقاومة عنده..

كليب: يشرّفني ذلك..

حمدان: وبذات الوضوح والصراحة والمباشرة التي سألت بها السؤال، حركة حماس ستظل حركة مقاومة، مشروعها تحرير فلسطين وعودة فلسطين أرضاً عربية مسلمة لأبنائها وللأمة..

كليب: من البحر إلى النهر؟ كل أرض فلسطين؟

حمدان: من البحر إلى النهر، من رأس الناقورة إلى أم الرشرش، كل أرض فلسطين، الـ2709 كلم، ليس هناك قيمة ومعنى للتفاوض مع إسرائيل. كنا نقول ذلك قبل عشرين سنة وكان البعض يقول دعونا نجرّب. اليوم تجربة عشرين سنة من التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي التي رفضناها وعارضناها تثبت أن لا جدوى من هذا التفاوض، بل إن الخسائر التي يمكن أن تلحق بالقضية لا تأتي إلا من خلال التفاوض. نعم المقاومة هي عمل فيه قدر كبير من التضحيات، من الشهداء والجرحى والأسرى والدماء والمعاناة، لا شكّ في ذلك، والحصار. لكن هذا كله لا يمكن أن يقارن بحجم الذل والإهانة وقضم الأرض والاستيلاء على الحقوق والتنازل عن جزء من الحقوق املاً في الحصول على بعضها، في النهاية يكون وهماً، هذا لا يمكن مقارنته بذلك، الذي يريد أن يحصل على حريته عليه أن يدفع الثمن...

كليب: وكل هؤلاء دفعوا الثمن، لو نظرنا إلى الشاشة (صورة لقادة حماس الذين استشهدوا)..

حمدان: تماماً، هذه هي سيرة الشعوب، هذا هو تاريخ الشعوب والأمم، لم تتحرر أمة ولم تكتب لها العزة والكرامة إلا عندما تدفع الثمن المستحق للنصر وللتحرير. نحن جاهزون لدفعه وبوصلتنا لا تزال تشير إلى القدس، والركيزة التي لا نزال نعتمد عليها هي أمتنا التي نصرتنا ووقفت إلى جانبنا بكل ما استطاعت من قوة رغم كل الحسابات والصعوبات، وستظل كذلك هذه الأمة التي هي حضننا وحصننا وسنظل نحن أمناء على هذه القضية والسلاح إن شاء الله تعالى.

كليب: سيد أسامة، حضرتك الآن ما زلت في عز الشباب والتاريخ سيحاسب بعد سنوات وعقود ربما.. هل ستؤكد لنا أن حماس لن تفاوض مطلقاً مع إسرائيل على فلسطين أو جزء من فلسطين؟

حمدان: بعقل وقلب قيادة حماس الراهنة وجيلها القيادي الحالي وجيلها الشاب الذي ذاق طعم النصر في غزة مرتين في مواجهة أعتى قوة في المنطقة، أقول لك بقلب وعقل كل هؤلاء، ليس هناك مجال ولا هامش للتفاوض مع هذا الكيان، بل إن الذي يسيطر اليوم، إذا سألت شبابنا وجيلنا القادم، ما هو العنوان؟ العنوان هو مشروع التحرير ومتى نبدأ استكمال مشوار التحرير الذي أطلقه من سبقنا من الآباء والأجداد من قوى فلسطينية أخرى، فنحن لا نعتبر أن التاريخ الفلسطيني يبدأ من عند حماس وإنما نعتبر أننا ما زلنا أمناء على هذا التاريخ وهذا الحق ومعنا لا شك عدد من القوى والفصائل الفلسطينية وأمانتنا أن نواصل هذا المشوار..

كليب: قبل أن أسألك في بعض التفاصيل هل ستفاوضون أم لن تفاوضوا، فقط إسمح لي بتوضيح، حركة حماس هي فرع من الإخوان المسلمين؟ هي امتداد للإخوان؟حمدان: حركة حماس نشأت وهذا بوضوح من الإخوان المسلمين وحركة حماس إذا شئت الارتباط التنظيمي العضوي، هناك صيغة قائمة في واقع الإخوان المسلمين، ليس هناك ارتباط تنظيمي عضوي، هناك علاقات ترتبط بها أنت مع الإخوان، هناك علاقات ذات بعد معنوي وعاطفي وداعم أكثر من الارتباط العضوي الذي ربما..

كليب: ولكن هناك التنظيم العالمي للإخوان، أنتم جزء منه..

حمدان: وهذا التنظيم العالمي هو الذي يحقق هذا الارتباط المعنوي بالدرجة الأولى ولكنه لا يفرض شيئاً في ساحة من الساحات ولذلك احياناً يتساءل الناس عن بعض التباينات في مواقف الإخوان هنا وهناك، في بعض الشؤون السياسية..

كليب: يعني هل مثلاً حضرتك تقبل أكثر رأي الشيخ يوسف القرضاوي من الرئيس محمود عباس؟

حمدان: الشيخ يوسف القرضاوي يمثل مرجعية إسلامية وعلمية، أنا آخذ منه الفتوى بلا تردد، أكيد لن آخذ فتوى من محمود عباس. في السياسة أنا أختلف مع محمود عباس لكن يظل محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، في السياسة أنا أختلف مع محمود عباس لكن يظل محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، هو شريك في هذا الوطن، وعلاقتي معه ذات طابع سياسي كأي فلسطيني في موقع مسؤولية، ليس هناك مقارنة بين الشيخ القرضاوي ومحمود عباس.

كليب: ولكن طالما هو رئيس للسلطة عل تعتبره رئيسك؟

حمدان: اعتبره رئيس السلطة، أنا لا اعتبر نفسي من رعايا السلطة من الآخر يعني..

كليب: كنت سألتك هل ستفاوض حماس أو لا لأن خالد مشعل الذي أعيد انتخابه الآن رئيساً للمكتب السياسي كان أحدث في الواقع ضجة كبيرة في حديثه لـ"سي ان ان" حين قال بالحرف الواحد لكي لا نخطئ، إن الفلسطينيين اليوم وكذلك في الماضي وافقوا ومعهم حركة حماس على برنامج ينص على قبول دولة ضمن حدود 1967 ولكن الجانب الإسرائيلي يرفض ذلك.إذا قلنا عام 1967 إذاً ليس من البحر إلى النهر؟

حمدان: بوضوح وجيد أنك سألت عن هذا، نحن عندما اتفقنا على ذلك كان هذا في عام 2006، الوثيقة كان اسمها وثيقة الأسرى ثم وقعت لتصبح باسم وثيقة الوفاق الوطني. عندما وقعنا على ذلك، في ديباجة هذه الوثيقة قلنا كلاماً واضحاً وقلنا بعده إن هذه الديباجة جزء من الإتفاق. أن هذا الإتفاق هو مشروع الحدّ الأدنى الوطني وانه لا يلغي ولا يوقف مشروع أي فصيل وطني فلسطيني. وبدون هذه العبارة ما كنا لنقبل ذلك. إذاً أنا عندي في الساحة الفلسطينية فريق فلسطيني سقفه الأعلى 1967 أنا لا أستطيع ولا أريد أن أشتبك معه، جيد إذا أنت تريد أن توصل الجهد إلى 1967 ثم تتوقف فليكن ذلك، وأنا سأكمل المشوار حتى النهاية. وبهذا لا أقع في أزمة داخلية فلسطينية ومأزق وطني فلسطيني وأنت تعلم ظروف 2006، خرجت من هذا المأزق بمثل هذا الإتفاق الذي لا يمنعني من مواصلة المشوار، لا يحجم آمالي وطموحاتي وأحلامي وثقتي بالتحرير الكامل..

كليب: ولكن هذا الكلام أعيد بعد 2006 في حديث لـ"سي أن أن" مؤخراً..

حمدان: هذا الكلام مستند إلى هذا الإتفاق وفي روح هذا الإتفاق وليس شيئاً خلاف ذلك..

كليب: إذاً هي مرحلة تكتيكية يمكن اعتبارها ولكن حماس مستمرة حتى تحرير كل أرض فلسطين؟

حمدان: لا يستطيع مسؤول في حماس أن يقول خلاف ذلك لأن أزمته في داخل حماس ستكون أكبر من أزمته مع أي طرف آخر. ما يتربى عليه أبناؤنا وشبابنا وجيلنا القادم هو تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها..

كليب: صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقول تعليقاً على انتخاب السيد خالد مشعل، إن مشعل أعلن السنة الماضية أنه غير معني بالترشح على المنصب لكن ضغوطاً إسرائيلية من داخل حماس وأخرى مورست عليه من دول عربية مثل قطر وتركيا دفعته إلى تغيير قراره في اللحظة الأخيرة وهو قد يصبح مكان أبو مازن. يعني رئيس منظمة التحرير.أيضاً الخبير في الشؤون الفلسطينية البروفيسور الإسرائيلي مناحين كلاين يقول إن إنتخاب خالد مشعل لمنصب رئيس المكتب السياسي للمرة الرابعة يشير إلى أن العلاقات بين حركتي حماس وفتح تراوح مكانها، ولن تشهد أي تحسن في المستقبل المنظور. يضيف كلاين إن ذلك يعود لتخوف حركة فتح من أن يصبح مشعل الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية بدلاً من أبو مازن. هل هذا ممكن؟

حمدان: هذه مجموعة مواضيع متداخلة، في ما يتعلق بموضوع رغبة الأخ أبو الوليد بعدم الترشح، لا شكّ أنه عبّر عن ذلك وكانت رغبة جادة حتى اللحظة الأخيرة. هناك من الأصدقاء والحلفاء من نصح وكلّم الأخ خالد عن هذه الرغبة، لكن أنا اقول الذي صنع قرار عودة الأخ أبو الوليد هو مؤسسة حماس الداخلية، مجلس شورى حركة حماس، الذي أخذ قراره مع احترامه لقرار أبو الوليد بالتجديد له للمرة الخامسة بالمناسبة وليست الرابعة ليظل على رأس الحركة، وجدد الثقة به والأخ أبو الوليد أمام هذا لم يجد بداً من النزول عند قرار المؤسسة.

كليب: ما هو السبب؟ لماذا أبو الوليد وليس شخصاً آخر؟

حمدان: هناك أشخاص آخرون ولكن نحن في داخل المؤسسة كانت لنا قراءة تتعلق بجانبين أو مستويين المستوى الداخلي للحركة وما حققته من إنجازات لا بدّ أن تستثمر من خلال شخصية ذات كاريزما معينة العالم يتعامل معها ويعرفها. والمسألة الثانية في ظل ما يجري من متغيرات في المنطقة أنت لست بحاحة إلى تغييرات قد تحدث اهتزازاً في شبكة علاقات الحركة.

كليب: يعني هو يستطيع التنقل من دولة إلى أخرى ويعيش في الخارج أكثر من الداخل؟

حمدان: غير ذلك، شبكة العلاقات صحيح أنها مع حركة حماس ولكنك تعرف في النهاية، البشر أشخاص لهم دور في هذه العلاقات، وإحداث هذه النقلة سيأخذ وقتاً في مرحلة حساسة، لذلك توجهت المؤسسة إلى هذا الأمر وجرى تجديد الثقة بالأخ أبو الوليد. الآن هل هذا كله مرتبط بمنظمة التحرير؟ بالتأكيد كلا.. نحن عندنا خطوات باتجاه المصالحة، الإسرائيليون يقولون إن العلاقات لن تشهد تحسناً، أقول لك أبو الوليد كان له دور كبير في دفع العلاقات نحو الأمام مع حركة فتح، وفتح تدرك ذلك، ومع أبو مازن..

كليب: هذا الموضوع لو سمحت لي سيد أسامة سنتحدث عنه مع شخص من فتح بعد قليل، ربما يكون أفضل..

حمدان: جيد لكن أرجع هنا، ليست الفلسفة في إعادة الإنتخاب هو العودة أو الذهاب إلى رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية. منظمة التحرير الفلسطينية هي جزء من ملف المصالحة والإصلاح الداخلي الفلسطيني، وهذه ستأخذ شوطاً ولا يوجد ضمانات بأي شيء خاصة إذا سار الأمر على النحو الذي اتفقنا عليه وهو تأسيس مجلس وطني فلسطيني وعندها ربما الخارطة السياسية الفلسطينية ستصبح أكثر وضوحاً ولا شك أنها ستكون أكثر تنوعاً وتشكلاً..

كليب: على كل حال اليوم محمود عباس هاتف الأخ خالد مشعل وهنأه بإعادة إنتخابه..

حمدان: صحيح..

كليب: المعلومات التي ترد أيضاً منذ اعادة التجديد لخالد مشعل ولا شك أنك قرأتها كما نقرأها نحن، أن أمير قطر تدخل شخصياً لإعادة إنتخاب خالد مشعل، وأنه في بعض المعلومات التي وصلتنا، تقول إنه ربما هدّد أشخاصاً في حركة حماس بعدم إعادة إعمار قطاع غزة في حال لم يتم التجديد له..حمدان يضحك

كليب: طبعاً أنت ستقول لي هذا ليس صحيحاً ولكن هل دول الخليج مثل قطر والسعودية ودول أخرى تفضل خالد مشعل على شخص آخر من الداخل، أسهل كما تتفضل؟

حمدان: كل الذين نصحوا لم ينصحوا على قاعدة المفاضلة بين الأخ أبو الوليد وشخص آخر وإنما نصحوا على قاعدة أن هناك علاقة مع الحركة، والأخ أبو الوليد رئيس الحركة تعاملوا معه ولهم رأي بأنه من الجيد أن تستمر. لكن بوضوح مطلق وصريح في مؤسسة الحركة، في مجلس شورى الحركة الذي انعقد لاختيار رئيس المكتب السياسي للحركة لم يكن حاضراً في هذا المجلس أحد سوى أبناء حركة حماس..

كليب: هذه بسيطة، هناك هواتف و..

حمدان: نحن الحمد لله لأننا مستهدفون من الإسرائيليين لا الهواتف تكون شغالة ولا الإنترنت ولا أي وسيلة اتصال. لأن أمننا في هذه المسألة مهم خاصة وأنك تتكلم عن زبدة من قيادات الحركة الموجودة في هذا اللقاء، لهذا لا توجد تدخلات.. جملة النصائح التي سمعناها نصائح مقدرة نشكر أصحابها، لكن كان عندنا الجواب التالي دائماً، هناك أبو الوليد قال رأيه وهذا حقه، ولكن هناك مؤسسة في الحركة هي التي ستأخذ القرار. من معرفتنا بالأخ أبو الوليد حتى لو كان هذا يخالف رأيه وقراره فهو سيتبنى قرار المؤسسة ويقبل به. الآن كما تفضلت أمير قطر كان من الأشخاص الذين نصحوا أبو الوليد أن يظل في موقعه ونصح إخوانه أن يظل في موقعه. وهناك آخرون من قيادات إقليمية وقيادات إسلامية وقومية على المستوى العربي، الكل نصح بذلك والكل فعل ذلك ونحن سمعنا من هؤلاء جميعاً طوال العام الماضي الكثير من النصائح والمبررات المقدرة والمحترمة ولكن أنا أقول لك في نهاية المطاف الذي صنع قرار الحركة هو المجلس وهذا المجلس 70% ممن كان فيه لم يستمع لأي نصيحة بشكل مباشر..

كليب: من الأسئلة التي وردتنا سيد أسامة حمدان سؤال يقول كيف سيفسر ضيفك الكريم الخطابين المزدوجين داخل حركة حماس وأن هناك صراعاً بين عدة اتجاهات داخل الحركة، بين الداخل والخارج، بين العسكر والسياسيين وما إلى ذلك، ولكن يعطي السائل مثالاً، الخطابين المزدوجين بين محمود الزهار وخالد مشعل، يقول حين تم قرار الذهاب إلى الأمم المتحدة لإعلان الدولة الفلسطينية طبعاً مشعل وافق وأيد لكن الزهار رفض. وعند اتفاق الدوحة وقبول مشعل بتأليف الحكومة رفض الزهار وانتقد مشعل، حينها وقف محمد ضيف القائد العام للقسام إلى جانب الزهار ونائبه الشهيد أحمد الجعبري وقف مع مشعل. كيف نفسر ذلك؟ هل هذا دليل انقسام داخل حركة حماس؟ أم تيارات أو أجنحة؟

حمدان: أولاً بالذات القصة الأخيرة أن الأخ محمد ضيف وقف مع الزهار والجعبري ابو محمد رحمة الله عليه وقف مع أبو الوليد الأخ خالد مشعل، هذا الكلام يفترض أن من يقوله له علاقة بالشخصين ولا علاقة له بأحد منهما، نحن نعرف دائرة علاقاتهما، وكلاهما كان مشروع المقاومة هو الذي يسيطر عليه ونحن ما يميز كتائب القسام أنها موقع ثقة قيادة الحركة في العمل المقاوم وهي أيضاً تلتزم قرارات الحركة وموقفها السياسي. الآن هذا موضوع خارج دائرة النقاش وليس له أصل. الآن في ما يتعلق باتفاق الدوحة او الذهاب إلى الأمم المتحدة، في اتفاق الدوحة هذا عملية إجرائية تتعلق بمصالحة مع أبو مازن أو مع فتح، حصل اتفاق الدوحة، عبر الدكتور الزهار عن رأيه، أنا أعتقد أن كثيرين لا يعرفون أو لا يريدون أن يصدقوا أننا داخل الحركة لسنا نسخة كربونية عن بعض. نحن في حالة حوار دائم، في مؤسسات الحركة، المكتب السياسي، مجلس الشورى..كليب: تختلفون؟

حمدان: نعم نختلف، نتباين في الرأي، نتحاور..

كليب: أعطني نقطة خلاف بينك وبين خالد مشعل..

حمدان: نقدر المصالح..

كليب (يضحك): أخبرني على ماذا تختلف مع خالد مشعل

حمدان (مبتسماً): سأجيبك عن هذا السؤال بعيداً عن الهواء، لكن عندنا قاعدة واحدة أننا في نهاية الأمر نلتزم بما تقرره المؤسسة جميعاً. الآن مرة يعلو الصوت، وأخرى يتنصتون على هاتف ما، ويخرج كلام بأنه غير راض عن أمر ما وهو يتحدث على الهاتف، فيضخم الموضوع، ولكن نحن نعتبر ذلك أقرب إلى حالة من المزاح السمج أحياناً. لذلك أقول وبكل وضوح في اجتماع الدوحة اجتمع المكتب السياسي بكل هيئته بما في ذلك الأخ د.محمود الزهار وأصدر بياناً واضحاً أنه يدعم اتفاق الدوحة ويؤيده، في ما يتعلق بخطوة الذهاب إلى الأمم المتحدة لم يكن الأمر تأييداً لأبو مازن. قلنا نحن أي إنجاز يتحقق للشعب الفلسطيني دون تقديم أثمان من الحقوق الفلسطينية نحن لا مانع لدينا به وندعمه. القصة ليست أننا ضد أبو مازن في كل شيء، إذا قام أبو مازن بأمر صائب سنقبله منه ولكن إذا أخطأ لن نسكت له..

كليب: وهو أيضاً.. حسناً في العلاقة مع سورية وطهران، بعد قليل سنتحدث ربما في التفصيل عن هذا الموضوع. السيد محمود الزهار زار طهران بعد الحرب الأخيرة، شكر علانية سورية وإيران لكن السيد خالد مشعل لم يفعل. قيل أيضاً إن الزهار زار طهران دون التنسيق المسبق مع خالد مشعل.أولاً نلاحظ سيد أسامة وكأن العلاقة مع طهران باتت تشكل إحراجاً لكم بعدما كانت مفتوحة والدعم المباشر والمستمر وتلقي السلاح وما إلى ذلك. ما هي المشكلة؟ ما الذي حدث؟ وأنا أوجه السؤال تحديداً لك لأنك عشت في طهران وكنت ممثلاً لحركة حماس لسنوات طويلة وعلاقاتك كانت قوية مع الإيرانيين. أولاً هل تزال العلاقة قوية؟

حمدان: حتى تكون في الصورة لا أحد يذهب إلى دولة زائراً بشكل رسمي دون موافقة المكتب السياسي للحركة، وبالتالي لا يمكن القول إن فلاناً أياً كان هذا الأخ في موقعه، إن هذا القيادي ذهب، ربما يكون الأمر بشكل شخصي فيستأذن رئيس الحركة، ولكن إذا كانت زيارة رسمية فلا بد أن يكون بقرار من قيادة الحركة.

كليب: يعني خالد مشعل كان موافقاً؟

حمدان: نعم، وحتى بعد الدكتور محمود الزهار ذهب وفد آخر على رأسه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة د.موسى أبو مرزوق وقابل الرئيس الإيراني آنذاك والإعلام بث هذه الصور واللقاءات. أنا أريد أن أكون صريحاً وواضحاً بصراحة أسئلتك، العلاقة مع طهران من طرفنا لم تتعرض لأي إشكال وأي اهتزاز. ما زلنا نقدّر هذه العلاقة وما تم في هذه العلاقة من تاريخ لا شكّ أنه جيد وإيجابي وخدم المقاومة. لكن النقطة التي أكد عليها أبو الوليد الذي شكر إيران وسورية بعد ذلك، النقطة التي لا شك حساسة أننا اختلفنا حول ما يجري في سورية، وهذا الخلاف عكس نفسه للحظة ما على مجمل العلاقة، وهذا شيء طبيعي في لحظات الصدمة، ولكن من غير الطبيعي أن يستمر طويلاً. هذا الخلاف عكس نفسه على هذه العلاقة في البداية، كان هناك تقدير موقف عند الأخوة في إيران وكان عندنا تقدير موقف آخر، كنا صريحين في هذا التقدير وبذلنا جهداً للمعالجة لعلك إطلعت على البعض منه خلال حوارات سابقة بيننا، وأيضاً مع الأخ خالد. ولكن أنا أستطيع أن أقول نحن كحركة عندما نتعامل مع الدول وبالذات مع إيران نتعامل على قاعدة دعم المقاومة. ولا يمكن أن نغفل الدعم الذي قدم ولا يمكن أن نهمله أو أن ننكره. هذا الذي حصل وأنا لا أستطيع أن أرى فارقاً بين شكر الزهار وشكر أبو الوليد وشكر أي أخ قيادي في الدعم للحركة الذي يقدّم، وهذا يختلف تماماً عن التباين في الموقف تجاه المشهد السوري الذي يؤلمنا.

كليب: هذا كلام مهم جداً سيد أسامة حمدان، يعني هل يمكن أن نقول إن التباين والقراءتين اختلفتا في المرحلة الأولى والآن عادت العلاقات؟

حمدان: التباين لا زال قائماً في تقدير الموقف تجاه الموضوع السوري، ولكن نحن لا زلنا نقول إن لا حلّ أمنياً، لا بدّ من حل سياسي يعطي الإعتبار للشعب السوري وما يريده الشعب السوري..

كليب: طيب كيف توصف العلاقة الآن مع طهران؟ هناك اتصالات؟

حمدان: الإتصالات قائمة، العلاقة مع طهران قائمة ومكتب الحركة موجود، وممثل الحركة موجود هناك ويمثل دوره وعلاقاته..

كليب: بشكل رسمي موجود ممثل حماس؟

حمدان: نعم بشكل رسمي

كليب: من هو؟

حمدان: الدكتور خالد قدومي، ما زال موجوداً في طهران لكن لا شك أن مشهد العلاقة الذي كان قائماً فيما مضى لم يعد قائماً الآن، بسبب المشهد في سورية ومشهد الإقليم الذي يتقلب ويتغير ودعني أقول إن البعض تعامل مع علاقات حماس الجديدة بحساسية وكأن هناك عملية استبدال، يعني إذا أقمت علاقة مع تركيا وكأنه من الضرورة أن تترك إيران أو العكس..

كليب: مضطرون للتوقف لحظات مع موجز للأنباء ولكن قل لي بنعم أو كلا قبل الموجز وبعده نفصّل، هل لا يزال الدعم العسكري والمادي الإيراني مستمراً لكم كما كان في السابق؟

حمدان: يصعب الإجابة بنعم أو لا، يحتاج الأمر إلى تفصيل..

كليب: حسناً بعد الفاصل مباشرة، أعزائي المشاهدين إبقوا معنا عبر قناة الميادين وبرنامج لعبة الأمم، سنواصل هذا الحوار وسينضم إلينا ضيوف أكثر لنتحدث عن حماس ودورها الآن في مناخ التغييرات العربية الحاصلة. إبقوا معنا لو سمحتم وسنعود بعد قليل.(فاصل)

كليب: مرحباً بكم مجدداً أعزائي المشاهدين لمواصلة برنامج لعبة الأمم عبر قناة الميادين نتحدث فيه عن حركة حماس هذه الليلة، هل تغيرت حركة حماس بعد التغييرات التي حصلت في الوطن العربي؟ هل ستبقى حركة مقاومة بالسلاح والقتال ضد إسرائيل؟ أم قد تذهب باتجاه المفاوضات؟ ما هي حقيقة علاقاتها الآن مع مصر، مع سورية، مع طهران؟ لماذا توترت مع بعض الدول وبردت مع أخرى وانقطعت مع ثالثة؟ يسعدني أن أعود وأرحب بأسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس هنا في الأستديو. وينضم إلينا الآن من دمشق مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنور رجا. مساء الخير أستاذ أنور، ومن رام الله عضو اللجنة المركزية لحركة فتح السيد عزام الأحمد. أهلاً وسهلاً بك أيضاً سيد عزام، مرحباً بكم جميعاً.كنا انتهينا في الجزء الأول من البرنامج بسؤال السيد أسامة حمدان هل غيرت إيران مساعداتها المالية والعسكرية للحركة؟ وقلت لي لا أستطيع أن أجيب بنعم أو لا، تفضل..

حمدان: لا شك أن الأمور ليست كما كانت سابقاً والدعم ليس كما كان سابقاً وحتى لا يقول لي أحد هو أكثر، نقول نحن لسنا راضين عن ذلك، لسنا راضين لأننا نعرف أن إمكانيات إيران أن تفعل أكثر من هذا، وأيضاً لأننا ما زلنا متمسكين بأصل العلاقة المرتبط بقضية فلسطين والمقاومة، وبمقاومة الإحتلال والمشروع الصهيوني، وأفترض أن شيئاً يجب أن لا يؤثر على هذا طالما أن أصل المسألة هو مقاومة الإحتلال.

كليب: يعني هو التقليل من قبلهم وكأنه ردة فعل على موقفكم مما يحصل؟

حمدان: لا شك أن هناك تراجعاً كبيراً لهذا السبب

كليب: تراجع كبير، يعني مثلاً 20% او 30%؟

حمدان: بدون نسب لكنه تراجع نعتبر أنه لا يليق بهذه العلاقة والمشروع الذي نواجهه

كليب: للتذكير بهذه العلاقة، نشاهد هذا المقطع.. (من كلمة لخالد مشعل خلال زيارته إيران)(مشعل: سعداء بلقائكم سعداء بزيارة إيران الإسلام والمقاومة والنصرة لفلسطين، جئناكم بعد أن نصرنا الله نصراً مؤزراً على أرض غزة، جئناكم لنقول لكم شكراً، شكراً لإيران التي وقفت معنا رسمياً وشعبياً، آزرتنا ودعمتنا، فأنتم شركاء في انتصار غزة. شكراً لسماحة القائد السيد خامنئي..)

كليب: يعني أكيد هذا الخطاب بهذه الحماسة..

حمدان: في 2009..

كليب: في 2009 بعد الحرب لا يشبه أبداً آخر مؤتمر صحفي بعد الحرب الأخيرة في غزة، كان الكلام عن إيران وسورية تقريباً يمر بشكل خجول. ما الذي تغير في العلاقة؟

حمدان: من طرفنا لا شيء. لكن لا شك أن الذي غيّر المشهد المسألة السورية ونحن بصراحة ووضوح قلنا رأينا في الموضوع السوري وتصرفنا بما أملته عليه قناعاتنا وإيماننا، دون أن يعني ذلك تنكراً للعلاقات التي كانت قائمة والعلاقات التي لا تزال موجودة مع إيران. ولكنك تعرف أن العلاقات تتأثر أحياناً بمثل هذه المواقف. البعض كان يظن أن حماس يمكن أن تعطي موقفاً مجاملاً على حساب قناعاتها. هذا لم يحصل. ولكن نحن أيضاً لدينا عتب عندما تتأثر العلاقة على هذا النحو لهذا السبب.

كليب: سنرى أيضاً مقطعاً وننتقل إلى الضيوف لنسمع رأيهم في هذه العلاقة ثم نواصل الحوار، كلام السيد خالد مشعل حول سورية قبل شهر تقريباً من بدء الأزمة السورية.(مشعل: نحن لدى سورية تعودنا، ونحن نقيم في دياركم العامرة محتضنين منكم بقلوبكم الواسعة العامرة بالإيمان وبأصالة الشام وبركة دعوة النبي (ص)، نلقى الرعاية والترحاب والمحبة والدعم والإسناد والإحتضان من سورية رئيساً وشعباً وعلماء وكتل كريمة، فما وجدنا الرعاية والاحتضان والدعم كما وجدناه في سورية).

كليب: لم نجد رعاية كما وجدنا في سورية، أيضاً مقطع أخير من تركيا على ما يبدو، نشاهده قليلاً ومن ثم ندخل في الحوار.(مشعل خلال زيارة إلى تركيا: هذا الربيع العربي انتاج عربي ولم يتصدق به الغرب أو الشرق علينا. ونحن مع تطلعات الشعوب نحو الحرية والديمقراطية والكرامة والاستقلال الحقيقي. رحبنا بثورة مصر وتونس وليبيا واليمن ونرحب بثورة الشعب السوري الذي يسعى نحو الحرية والاستقلال ونحو الديمقراطية وأن يملك قراره وأن تتوقف الدماء الزكية من هذا الشعب العظيم. ونحب أن نؤكد انه لا تعارض بين أن نتبنى الديمقراطية والإصلاح والحرية في سياستنا الداخلية وبين أن نتبنى دعم المقاومة والوقوف أمام الهيمنة والعدوان في سياستنا الخارجية.

كليب: سيد أنور رجا حضرتك تمثل فصيلاً فلسطينياً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لا زلتم في دمشق، الآن حركة حماس كما تعلمون في شبه قطيعة مع سورية، كيف يمكن أن نفسر هذا التناقض بين حركة فلسطينية بقيت وأخرى خرجت. واحدة لا تزال واقفة إلى جانب النظام وأخرى أصبحت عملياً ضد النظام.

أنور رجا: أولاً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، هذا هو السؤال الكبير الذي يسأله العقل ويسأله المواطن الفلسطيني وكذلك العربي وربما المواطن السوري أكثر من يسأل هذا الأمر مستهجناً مستغرباً. نحن نقول سبحان مغير الأحوال، الذين الآن يخنقون حماس حبّاً ومن الحب ما قتل، الذين فتحوا الآن صدورهم وقصورهم وبعض أموالهم لإخوتنا في حماس، كنا نتأمل لو أن هذا الحب كان بمقدار الحب والمواقف العملية التي قدمتها دمشق لنا كفلسطينيين ومن خلال العنوان الأبرز آنذاك حماس. كنا نتمنى لو أن الأردن التي فتحت ذراعيها للسيد خالد مشعل، بعد قطيعة استمرت أكثر من 13 عاماً، أن تقدم شيئاً لشعبنا بدل أن تحاصره وتمنعه حتى من حرية التعبير عن قضاياه. كذلك السيد أمير قطر كنا نتمنى لو أن هذه العاطفة الجياشة كانت موجودة. لو أن حماس التي كانت مطاردة عملياً ولم تجد بيتاً آمناً ومقاوماً يقدم لها بمعنى يقدم للشعب الفلسطيني كل هذه الرعاية، أن نرى ذلك في السنوات العجاف، في الوقت الذي كانت هنا السلة الوفيرة بعطاءاتها وبغلتها تقدم لنا بدون حساب. وكانت قاعدة أساسية بل عاملاً أساسياً في عامل النصر سواء في 2006 في لبنان أو في 2008 ـ 2009 في غزة وكذلك في العدوان الأخير في غزة، كل ذلك، كل تلك القوة إلى جانب إرادة شعبنا بالتأكيد وثقافته المقاومة، ما كان يمكن أن يتحقق هذا الإنتصار لولا موقف سورية المبدئي الميداني. ثمة مشاكل داخل سورية لا تستوجب تلك القطيعة، الأصدقاء وشركاء الدم والمصير يتحدثون مع بعضهم من بوابة الموقع الواحد في التشاور، والنصح وتبادل الآراء. أما أن يذهب الأمر إلى حدّ القطيعة والذهاب إلى الدوحة، كنا نقول حتى لو أن السيد خالد مشعل بمعنى حماس أرادت أن تغادر دمشق ولكن ليس للدوحة، قاعدة التآمر على امتنا العربية، قد أستوعب مصر ولهم سياسة وتبريرات معينة. لكن من الدوحة ثم إلى عمان وتحت عباءة أمير قطر، وبيد ورفقة ولي عهد قطر، صبي قطر، لا نرضى لحماس ذلك يا سيدي..

كليب: دعنا نتحاور في هذا لو سمحت، ولكن قبل أن أعطي الجواب للسيد أسامة أيضاً أريد أن أستمع لو سمحت سيد عزام الأحمد لرأيك حول الموضوع، بين حركات بقيت في سورية وأخرى خرجت وتحديداً حركة حماس.. هل اختارت الطريق الصواب بتركها سورية للوقوف إلى جانب ما وصفها خالد مشعل بالثورة السورية؟

عزام الأحمد: ربما جوابي له طابع خاص، أعتبر نفسي أمثل تنظيماً يمثل الشعب الفلسطيني بكامله، وبالتالي حكمنا على الأمور في علاقاتنا الخارجية ليس موقف هذا النظام منا كتنظيم حركة فتح فقط وإنما مجمل سياسة أي نظام تجاه القضية الفلسطينية بمجملها. ليس مقياسنا كم نأخذ مالاً، كم نأخذ مقراً، كم نأخذ امتيازات أخرى. مقياسنا كحركة فتح ونحن نعتبر أنفسنا حركة الشعب الفلسطيني نقود منظمة التحرير الفلسطينية، فجرنا الثورة الفلسطينية المعاصرة، علمنا المنطقة مفهوم المقاومة والكفاح المسلح دون لف أو دوران. بالتالي مقياسنا من يقف مع الشعب الفلسطيني وليس كم يدفع لحركة فتح. هذا هو مقياسنا. علاقاتنا كانت متذبذبة مع الإخوة في سورية لفترات طويلة ورغم ذلك كنا حريصين حتى ونحن مختلفون أن نبقي الخيوط قائمة. لا يوجد لنا مكتب حتى هذه اللحظة كحركة فتح، رغم ذلك الشهيد ابو عمار كان يزور دمشق والرئيس ابو مازن ايضا بعده كان يتردد على دمشق في إطار التنسيق المشترك لتعزيز الموقف العربي مع القضية الفلسطينية. وبالتالي هذا هو مقياسنا الذي نحكم عليه. من مع فلسطين ليس فلسطين مع من.

كليب: سيد عزام تحديداً حول هذا الموضوع لذلك أنا أسألك هل الآن تغير النظام السوري الذي دعم لسنوات طويلة فلسطين والفلسطينيين لكي يتخذ حياله هذا الموقف وتخرج حركة حماس؟ هذا أولاً. وثانياً أنت ذهبت كما عرفت إلى سورية مؤخراً لمعالجة الوضع الفلسطيني منتدباً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. هل التقيت الرئيس بشار الأسد؟

الأحمد: حقيقة الوفد الأخير الذي زار دمشق لم أكن فيه، كان وفد عضوي لجنة تنفيذية، الدكتور زكريا الآغا ذهب من أجل معالجة قضية مخيم اليرموك واللاجئين الفلسطينيين..

كليب: لا أتحدث عن آخر وفد حضرتك ذهبت مؤخراً..

الأحمد: نعم أنا قبل ذلك كنت أذهب إلى سورية وأيضاً على تواصل مع الأخوة في سورية حتى الآن، ونحن لا ننكر ذلك ونتمنى لسورية كل الخير ونتمنى أن يحفظ الله سورية وتحافظ على وحدتها وأمنها، ونرفض أي تدخل أجنبي في الشؤون السورية، ونحترم أيضاً إرادة الشعب السوري ونقول الشعب السوري من حقه أن يختار ما يريد بخيارات سياسية والحكم والدستور والقانون، تداول السلطة إلخ.. هذه خيارات نحترمها.

كليب: سيد عزام الأحمد، هل صحيح ما قاله له السوريون أو بعض المسؤولين "ندمنا لأننا كنا ربما على برود معكم وكنا ندعم بقوة حركة حماس، وكان ينبغي أن نكون معكم أكثر"، هل صحيح هذا الكلام؟

الأحمد: أنا سأكون صريحاً في الإجابة دون لف ودوران، قبل الوضع الداخلي الحالي في سورية والحراك الذي حصل والقتال والدمار الذي يحل بسورية الآن، أنا التقيت أحد المسؤولين الكبار في سوية وفي دمشق، قال لي نقف على مساحة واحدة منكم ومن حماس. قلت له نحن رغم القطيعة بيننا نرفض ذلك، نحن نعتبر أنكم تنظيم علماني والمفترض أن تكونوا أقرب إلينا ونحن مع علاقتكم مع حماس ونحن دائماً أيضاً نتمنى لو أن حماس حافظت على علاقتها مع سورية. ليس فقط حماس بل كل الفصائل الفلسطينية. نحن نعتقد أننا لسنا بحاجة إلى أن نفتح صداماً سواء مع سورية أو غير سورية. وكما قلت لك رغم القطيعة لكننا كنا نسعى لتحسين علاقاتنا مع سورية طيلة فترة القطيعة. ومؤخراً الجملة التي سألتني عنها فعلاً سمعتها من مسؤولين سوريين وقالوا فعلاً أنتم كنتم واضحين أكثر معنا وأيضاً في طبيعة نظرتكم لعلاقتكم معنا كنتم أكثر من حماس او غيرها من الذين بنوا علاقات معنا، نحن بنينا علاقات عميقة جداً مع سورية واختلفنا مع سورية قبل تأسيس حماس أيضاً، لأننا ندرك أهمية سورية ونعرف موقعها السياسي والجغرافي، وما تمثله سورية في الوطن العربي. يجب المحافظة عليها. كان هناك ثلاث قوى مركزية في المنطقة العربية، مصر، العراق وسورية.نحن في زمن الفوضى الخلاقة لاحظنا أن المقصود هو تدمير هذه القوى الثلاثة المركزية بأساليب وطرق مختلفة. نحن كنا نتمنى لو تمت المحافظة على هذه القوى الثلاث لتكون مصدر قوة للأمة العربية بكاملها حتى تستطيع أن تحفظ مكانها وتحافظ على كيانها وحقوقها وطموحات أمتنا العربية.

كليب: سيد عزام الأحمد بعد قليل سنتحدث معك ومع السيد أسامة حمدان أيضاً حول المصالحة الفلسطينية وظروفها المقبلة تحديداً حول ما يحكى عن قمة في قطر. سيد أسامة حمدان إضافة إلى ما تقدم به ضيفانا الكريمان، طبعاً هناك كلام كثير في سورية وحول سورية ومن حلفاء سورية أن حماس تركت سورية ليس لدعم الثورة وغير الثورة وإلا كانت دعمت ثورات في دول ليس فيها ثورات أيضاً، وإنما لأنها جزء من تيار الإخوان المسلمين وحين وجدت أن الإخوان المسلمين بدأوا بالسيطرة على الأنظمة العربية أو الوصول إلى الأنظمة العربية، ذهبت باتجاههم وأنه عند أول عملية تحول إذا صحّ التعبير تخلت عن الدولة التي دعمتها.. لك الرد..

حمدان: هذا الكلام غير صحيح، لأننا لم نغادر سورية بالمعنى المباشر، نحن لا زلنا موجودين في سورية، والذي غادر هو قيادة الحركة والمكتب السياسي هو الذي غادر ونحن كان لنا موقف واضح وصريح منذ بداية الأزمة حتى الآن لم يتغير هذا الموقف، نحن ضد التدخل الخارجي ولكننا أيضاً مع احترام إرادة الشعب السوري. وكان لنا جهد بذلناه وكانت لك إطلالة وكتبت عن هذا في صحيفة السفير مقالاً ربما شكل صفحة كاملة حول الدور الذي قامت به حركة حماس للمحاولة في الخروج من هذا المأزق وحقن الدم السوري لأنه بالنسبة لي الدم السوري كالدم الفلسطيني كأي دم عربي، ولا يمكن أن اعتبر أن الدم الفلسطيني يختلف أو الدم العربي يختلف هو دم واحد.الآن ما تفضلت وعرضته من مقاطع ذكر فيها الأخ أبو الوليد شكره لسورية وإيران، نحن لا ننكر هذا، هذا موجود ونحن نكرره، ما قدمته سورية ليس هو محل النقاش. الأخ ابو الوليد ذكر كلاماً ما زلنا نقول إنه حصل وما زلنا نشير إليه ولم ولن نتنكر له. ما نتكلم عنه هنا وبشكل واضح أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة وهي القضية المركزية ويجب أن لا تكون طرفاً في أزمة داخلية أو إقليمية. بمعنى أننا رفضنا سياسة المحاور في الإقليم ورفضنا إلا أن نكون مع خيار المقاومة، وأيضاً نرفض أن نكون طرفاً في أزمة داخلية، بغض النظر عن هذا الطرف.

كليب: ولكن حين يرفع السيد خالد مشعل علم الثورة السورية يعني هو أخذ طرفاً..

حمدان: سأشير إلى هذا ولكن عملياً لو كانت القصة قصة إخوان مسلمين الكل يعرف تاريخ العلاقة بين الإخوان والنظام في سورية. رغم هذا لم يؤثر على علاقتنا مع النظام، على العكس نحن في مرحلة من المراحل تدخلنا وتوسطنا والذي طلب ذلك هو الرئيس بشار الأسد ولم تنتج الأمور. وهذا لم يغير في علاقتتنا ولم يؤثر عليها..

كليب (مشيراً إلى الشاشة): هذه صورة السيد خالد مشعل يرفع علم الثورة السورية..

حمدان: نعم في غزةـ، الآن هذه المسألة لا علاقة لها بكون الإخوان تقدموا. فالإخوان هم جزء من نسيج هذه الأمة وحركة حماس مرتبطة بالأمة، بالإخوان وغير الإخوان في هذه الأمة. نحن نرفض أن تصبح قضية فلسطين محل تجاذب ولذلك قيادة الحركة غادرت بعد أن شعرت أن كل جهد بذلته لمساعدة سورية أقفل الباب في وجهه ولم يكن له فرصة. لذلك غادر المكتب السياسي. الآن هل هذا يعني أن الذي مضى ننكره؟ لا ننكره نقبله ونؤكد عليه ونتمنى أن يعود وأن يكون مثله في كل بلد. أما الحديث والغمز واللمز، راحت أين وأتت من أين، أنا أقول إن قطر لم تحب فقط حركة حماس، أحبت الفصائل وأنا أذكر الأخ أنور رجا بالدعم الذي تلقته الفصائل ومنها من القيادة العامة في قمة غزة التي عقدت في الدوحة في عام 2009. وعلاقتنا مع قطر هي علاقة قائمة منذ ما قبل العلاقة مع سورية، وظلت موجودة وعلاقتنا مع سورية تقدمت على علاقتنا مع قطر وكنا سعداء بهذا التقدم. نحن قاعدتنا في العلاقة ارتباط هذه المسألة بالقضية الفلسطينية والموقف منها لكن أيضاً هذه العلاقة لا تأتي من جانب واحد، نحن نريد علاقة جيدة ولكن...

كليب: ولكن على حدّ علمنا النظام السوري لم يغير قناعاته بالنسبة للقضية الفلسطينية، لا تزال القضية الفلسطينية أولى..

حمدان: ونحن لم نتهمه في ذلك..

كليب: اقصد اذا كان معيار العلاقة القضية الفلسطينية

حمدان: ولكن إقامة قيادة الحركة هذا شأن يخصنا نحن وشأن نقدّر نحن جملة مصالح فيه، هذا لا أحد يمليه علينا ولا أحد يطالبنا به ولا أحد يعيب علينا فيه ونحن لم نضغط على أحد ليستقبلنا ولم نحرج أحداً ولن نحرج أحداً في استقبالنا. نحن نتكلم وفق منطق محدد، حماس اعترض على الجملة التي قلتها بأنها عملياً ضد النظام، الأمر ليس كذلك. الآن إذا لم تكن مقيماً في سورية فأنت ضد النظام؟ هذه معادلة عجيبة.

كليب: كلا ولكن أن ترفع علم الذين يقاتلون النظام...

حمدان: الآن هذا العلم نحن لا نقبل ذلك، ولكن أنا أقولها بكل وضوخ أنا اؤكد وأعدتها مرتين وهذه الثالثة، لا بدّ من احترام إرادة الشعب السوري ونحن نفعل ذلك. والشعب السوري لا شك أن إرادته تختلف عما يقوله كثيرون، هناك إرادة لدى الشعب السوري كان يمكن أن تتحقق بأقل كثير مما جرى..

كليب: ذكرت مسألة مهمة جداً تقول لا توافق على رفع العلم كما فعل خالد مشعل؟

حمدان: أنا لا أوافق على ذبح الشعب السوري، الأخ أبو الوليد رفع العلم تعبيراً عن دعم الشعب السوري، وليس دعماً لفريق في الشعب السوري، خاصة أن علاقتنا مع سورية علاقة معروفة وليست علاقة سرية..

كليب: ليس كل الشعب السوري يرفع هذا العلم..حمدان: هناك جزء من الشعب ينبغي أن يحترم ويقدّر وتقدّر إرادته..

كليب: والجزء الآخر؟

حمدان: كل الشعب السوري مقدّر ولذلك أنا قلت هناك جزء من الشعب السوري يجب أن لا ينفى وأن لا يهمل..

كليب: طيب هلى حماس تقاتل في سورية؟

حمدان: طبعاً كلا..

كليب: هناك معلومات تردنا على الأقل سأذكرها لك وصحّح إن كانت خطأ.. تقول المعلومات إنه منذ بداية الحراك في سورية لم تتردد حماس في المشاركة بعسكرة الحراك وتدريب مقاتلي الجيش الحر بحسب مصادر المعاضة. مستودعات الأسلحة لها التابعة لها فتحت أمام الجيش الحر في دمشق. أحفاد الرسول وأمهات المؤنين وأحفاد عائشة في يلدا والتقدم والحجر الأسود هم مقاتلون من حماس ومنذ أن أعطى السيد خالد مشعل الإشارة برفع علم الثورة السورية، تحول السلاح المتواجد في مخيم اليرموك من قبل مقاتلي حماس، الحاكم الفعلي واكبر تواجد مسلح فيه ضد الجيش السوري. وشكلتم كتائب مخيم اليرموك وأحرار اليرموك..قبل أن تجيب دعني فقط أسأل السيد أنور رجا إذا كان صحيحاً هذا الكلام؟ هل حماس تقاتل في سورية؟رجا: أولاً أتمنى أن يخصص لنا في هذا اللقاء الطويل الذي بدأ الساعة الثامنة والنصف ولو خمس دقائق أستاذ سامي..

كليب: تفضل..

رجا: الأمور تقاس بنتائجها أستاذ سامي، البيئة الحاضنة، التحريض على سورية، القول بأن النظام يذبح شعبه هذا يستنفر بالتأكيد جمهور حماس ويجعل الناس في حالة توثب وتحفز للقيام بأفعال قد لا تكون تنسجم مع نهج حماس والمفترض مع موقع حماس، وأن بوصلة حماس هي فلسطين.التحريض على سورية والإصطفاف إلى جانب فئة سياسية من الناس ورفع العلم والقول إن سورية أو النظام يذبح شعبه وإلى ما هنالك، هذه المسائل كلها بالتأكيد تصب الزيت على النار. نقطة أخرى نحن معنيون كفلسطينيين، أن نؤكد دوماً على ثوابتنا. أنا أعلم تماماً أن ما يجري الآن على مستوى المنطقة ليس كما ذكر الأخ خالد مشعل بأن هذا الربيع العربي هو إنتاج عربي. نعم بدأ بلحظة عربية لكنه خطف وسرق والآن المشهد الدامي في الساحة العربية حيث الكل يذهب ضارعاً متوسلاً إلى أميركا متوسلاً عطاءات أوباما من أجل السلام مع إسرائيل. يقدم من أجل القدس 250 مليون دولار، لغسل آثام حمد بقضيتنا، القدس تحتاج ليس فقط إلى المليارات..

كليب (مقاطعاً): سيد أنور لو سمحت لي، انا أحترم موقعك وكلامك ولكن كلام التجريح بالشيخ حمد أو غيره نحاول أن نتجنبه على الأقل في كل كلام عن أي شخص عبر قناة الميادين. أنا سألتك سؤالاً محدداً وأرجو ان تجيبني عليه هل حركة حماس تقاتل الآن بالسلاح في سورية ضد النظام؟ هل لديك معلومات؟

رجا: يا سيدي قلت لك إن المسألة أخطر من ذلك، يعني الموضوع لا يقتضي أن تهبط كتائب من حماس أو يتم تأليف كتائب وعناصر من حماس فلسطينيين ليقاتلوا الشعب السوري، التحريض السياسي الذي أدى ما أدى إليه، التحريض ضد الدولة السورية ولّد بعض العناصر التي حملت السلاح واندفعت لا أدري إن كان هنالك أمراً مركزياً بهذا الموضوع. هذا يتعلق بقيادة حماس. لكن هناك عناصر فلسطينية للأسف، فلسطينية بالمعنى الجنسي والفيزيولوجي. ولكن بالمنطق والموقف الفلسطيني هوية وقضية وبوصلة باتجاه فلسطين. كل من يحمل السلاح ضد سورية سواء كان فلسطينياً أو تونسياً هذا ليس عربياً، فما بالك إن كان فلسطينياً. نحن براء من أي فلسطيني يمكن أن يحمل السلاح على قاعدة التحريض، وما يسمى زوراً وبهتاناً بالثورة. الذي يريد أن يدعم سورية من بوابة الإصلاحات لأن الإصلاح في سورية قوة، عليه أن يقف إلى جانب الدولة والنظام الذي بدأ الإصلاح منذ الأيام الأولى ولكن كان لا بدّ من إغراق سورية بالدم وبالسلاح، وكان ما كان، بالتالي يعلم الجميع أن الإصلاح في سورية قوة للنظام، قوة للدولة وبالتالي قوة للمقاومة، لكن الاستراتيجية التي جاءت باسم الفوضى الخلاقة لاستنبات الربيع من الدم وعلى حساب القضية الفلسطينية لا تريد لسورية الإصلاح والقوة بل تريد لها الدمار. وهذا ما تعمل عليه الأطراف العربية التي اجتمعت بغالبيتها في الدوحة مؤخراً. أنا لم اسمهم استاذ سامي، هم قالوا عن انفسهم نعاجاً، بماذا يمكن أن نعيد توصيفهم.

كليب: والله كل هذا الكلام معروف سيد انور، ولكن فقط سيد عزام الأحمد عنده تعليق فنحن لا نعطيه كامل الوقت كما لك، دعه يجيب ثم نعود إليك سيد أسامة. تفضل تريد أن تقول شيئاً سيد عزام؟

عزام: حول أي موضوع؟

كليب: فقط بدا لي وكأنك كنت تريد التعليق، إن لم تكن تشأ التعليق نستمع للسيد أسامة حمدان يجيب ونتحدث عن المصالحة..

حمدان: أولاً رغم أن الأخ أنور رجا يعلم أن لا وجوداً مسلحاً لحماس في سورية ولا علاقة لها بما يجري من قتال لكنه يرفض أن يقول ذلك ويريد بأي طريقة أن يتهم حماس وهذا أمر معيب لا اقبله، ولو فقط في الحدّ الأدنى لتاريخ العلاقة الموجود..اولاً لا يوجد وجود مسلح لحماس ولا يدرب ولا يساعد ولا يمكن أن نكون طرفاً في أزمة داخلية فضلاً أن نكون طرفاً في قتال داخلي يجري بين أبناء شعب واحد.

كليب: هل تدين القتال؟

حمدان: نحن قلنا من البداية أن الحل في سورية هو حل سياسي وأن سفك الدم مدان أيا كان فاعله، وبوضوح شديد هناك اثنان يتقاتلان، ولا ينفع أن نقول إن هناك من يقتل والثاني يتفرج عليه. ولذلك هناك سفك للدم في سورية نحن ندينه ونرفضه ولا نقبل به وبالتالي لا يمكن أن نكون طرفاً به ولا يمكن أن نكون عاملاً مساعداً في ذلك. أما قصة التحريض اسمح لي..

كليب: إذاً ترفضون أن يقاتل رجال حماس ضد النظام؟

حمدان: ليس هناك من حماس من يقاتل ولا يمكن أن يكون هناك وجود لحماس..

كليب: كيف قتل إذاً بعض رجال حماس؟

حمدان: قتل رجال حماس وهم يقدمون الإغاثة للناس وهم يساعدون الناس في سيارات الإسعاف. الذين ينتمون لحماس وقتلوا هم من أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئ في سورية وقتلوا وهم يؤدون واجبهم في مخيماتهم وفي مجتمعهم. بعضهم قتل في قصف عشوائي، قتل مع مجموعة من الناس.

كليب: بينهم ابن عمك؟

حمدان: ليس لي ابن عم قتل..

كليب: من هو أسامة أحمد حمدان؟

حمدان: هناك شاب ينتمي إلى عائلة أخرى اسمها عائلة قشطة وهي عائلة مقدرة ومحترمة من العائلات الفلسطينية في رفح. اسمه اسامة واسم ابيه حمدان ومن عائلة قشطة...

كليب: اسمه اسامة احمد حمدان قشطة صحيح..

حمدان: تماماً، اسم العائلة قشطة، أحد الناس حاول أن يستخدم ذلك في إطار محاولة التجريح والتعرض لنا بأي طريقة. وإذا كان ابن عمي فعل ذلك، إذا كان مخطئاً فأنا أملك الجرأة الأدبية أن أقول إنه مخطئ. وإذا فعل ذلك شخص من حماس وخالف سياسات الحركة فأنا أملك كل الشجاعة أن أقول إنه خالف سياسات الحركة الواضحة التي شرحت. لأنني أؤكد أن الربيع عربي ونشأ عربياً وحاول الكثيرون وكل الأطراف دخلت على الخط. لذلك حين يقول الأخ أبو الوليد إنه لا تعارض بين تبني الديمقراطية والوقوف أمام العدوان ودعم المقاومة لم يكن يوجه رسالة تحريض. كان يوجه رسالة إيجابية يقول فيها إن دعم المقاومة شيء مقدر ومحفوظ ولا مشكلة بينه وبين تبني الديمقراطية. بل على العكس هو يقول لكل من يريد أن يقاتل بإمكاننا أن نجمع بين الأمرين، بل إننا كحركة نريد أن نجمع بين الأمرين. بالعكس قوة هذه الأمة مطلوبة، وجزء من قوتها أن تكون شعوبها قادرة وحرة وتكون شعوبها صاحبة قرار، وشريكة في دعم المقاومة.الآن نحن لا نرجو عطاءات من أميركا ولا نرجو..

كليب: الآن حلف الأطلسي في ليبيا شارك في الربيع العربي

حمدان: ونحن أدنا تدخل الأطلسي في ليبيا وأدنا التدخل الخارجي وبياناتنا موجودة..

كليب: إذاً ليس في كل الدول ربيعاً عربياً..

حمدان: أنا قلت عبارة واضحة ومحددة بدأ عربياً وتدخلات الآخرين لسنا مسؤولين عنها، نحن نرفضها. نحن قلنا بوضوح ليس فقط في سورية بل في كل مكان، نرفض أي تدخل خارجي في أي دولة. نحن نعاني من كثير من التدخلات كفلسطينيين لذلك لا يمكن أن نقبل لحظة ما تدخلاً خارجياً في أمتنا. لذلك كنت أتمنى أن يقال نحن ضد أي فلسطيني يتورط في أزمة داخلية ويعرف الأخ أنور رجا ماذا أعني بذلك..

كليب: سيد عزام الأحمد هل حضرتك توصف لأني قرأت لك العديد من المرات انتقادات للربيع العربي، تقول إنه ليس ربيعاً، هو ربيع او غير ربيع؟

الأحمد: انا رأيي أنه أصبح صيفاً قاحلاً، والأرض جفّت بشكل تام، بسبب أن بداية التحرك في تونس كما سميت ثورة الياسمين فعلاً كانت ربيعاً ولكن سرعان ما خطفت. بدأت تكشف الأمور كيف بدأ التحضير لها. وعندما يتدخل حلف الناتو في ليبيا أو غيرها وعندما تتدخل الولايات المتحدة وتصبح هي وأوروبا وغيرها تريد أن تفصل لنا في هذا البلد أو ذاك شكل النظام أو شكل القانون فهذا ليس ربيعاً وإنما أسوأ من صيف. وسنبقى نحترم كما قلت خيارات أمتنا العربية وشعوبها ومن حقها أن تعيش في ظل الديمقراطية، والرأي والرأي الآخر، وتداول السلطة وقوانين عصرية والقضاء على الفساد والهيمنة والظلم. هذا كله يجب أن يبقى. ولو بقيت هكذا الأمور نقول نعم إنه ربيع. ولكن ماذا يجري الآن وأنتم ترون تحركات شعبية عربية متواصلة من الذين بدأوا وتحولوا الآن إلى معارضة لما هو قائم. إذاً أين هو الربيع؟

كليب: سيد عزام الأحمد لو سمحت لي، طبعاً في الكلام عن الربيع العربي حكي اكثر عن ربيع للإخوان المسلمين لأنهم وصلوا إلى سلطات عديدة في الدول التي حكموها وهذا لا شك أثر على حركة فتح ومنظمة التحرير، لأنه في نهاية الأمر حركة حماس كان لها النصيب الأكبر في الحلفاء في دول الجوار.في الحديث عن المصالحة قلت وأنا أقتبس منك تماماً ما ذكرت أـنه لا يوجد أزمة بيننا وبين حماس واقتراح قطر بعقد قمة لتطبيق المصالحة لا أعرف دوافعه، هو يزيد الأمور تعقيداً ولا مبرر لهذه القمة إطلاقاً. ومصر ترعى هذا الملف ولا نرى عقبات إلا إذا كانت لدى الدوحة معلومات لا نعرفها. وقلت دعوة قطر لعقد قمة عربية مصغرة للمصالحة فيه شيء من الريبة. ما الذي تعنيه في ذلك..

الأحمد: فقط جملة أخيرة قبل الإجابة، علاقاتنا مع الدول العربية كلها جيدة بما فيها مصر، بما فيها تونس بغض النظر عن دور الإخوان المسلمين في هذا البلد أو ذاك البلد. باستمرار نحن على تواصل مع هؤلاء جميعاً. وبالتالي لم نخسر، يا ليت المكانة الفلسطينية تصبح في الدول العربية بالشكل الذي تحدثت عنه. كلا.. جزء من التحرك القائم، كنا نعاير وما زلنا نعير ليس كفتح وإنما كفلسطينيين.. الذين أطلقوا كلمة الربيع العربي في أوروبا والولايات المتحدة واسرائيل كانوا يرددون بجفاء أن القضية الفلسطينية غابت..

كليب: جوابك على موضوع القمة المصغرة في قطر..

الأحمد: نعم، طرح موضوع القمة وأنا أكرر كل الذي قرأته علي، أقول لا يوجد داعي لقمة عربية لا مصغرة ولا موسعة من أجل المصالحة. ولا داع لحوارات جديدة أيضاً بيننا كفلسطينيين إطلاقاً. نحن وقعنا اتفاقاً، ورقة المصالحة المصرية. فتح وقعت عليها قبل بقية الفصائل وقبل حماس بسنة ونصف. وهي حرفياً دون أن يضاف لها فاصلة، حتى شكر الرئيس مبارك كان موجوداً في المقدمة..

كليب: حسناً لماذا شككت بدعوة الدوحة؟

الأحمد: عندنا ورقة مصالحة، أتى إعلان الدوحة مكملاً لورقة المصالحة لحلّ عقدة رئيس الوزراء، جمّدت المصالحة عندما منعت لجنة الإنتخابات من قبل حماس من العمل في غزة في شهر تموز من العام الماضي. استؤنف العمل مرة أخرى بما وقعنا عليه عندما التقى الرئيس أبو مازن مع الأخ خالد مشعل ووفد من حماس في القاهرة يوم 9/1 يناير الماضي قبل شهرين، تم الإتفاق على جدول زمني، ويجري تنفيذ الجدول الزمني بدقة، ولا نقطة اتفقنا عليها جرى تعطيلها، لجنة الحريات تعمل، لجنة المصالحة تعمل، العقدة الرئيسية لجنة الإنتخابات التي تعطلت المصالحة بسببها، عادت وأكملت عملها في غزة، ويوم 10 نيسان الحالي بعد أسبوع ستعلن جدول الناخبين المحدد. في ضوء تسليم هذا الجدول للرئيس أبو مازن..

كليب (مقاطعاً): حسناً

الأحمد: أرجو أن تدعني أوضح الصورة..

كليب: سيد عزام الأحمد أنا ومعك ولكنك تطيل، لا نستطيع أن نطيل كثيراً الشرح لأن هناك على الأقل نقطتين نريد أن نناقشهما معكم..

الأحمد: صدقني لو تركتني كنت انتهيت..

كليب: تفضل

الأحمد: لذلك الأمور تسير بشكل طبيعي، ما الداعي للدعوة لقمة مصغرة؟ لا داعي..

كليب: ما الداعي؟

الأحمد: لا داعي لذلك قلت إذا كانت لدى الأخوة في قطر معلومات لا نعرفها فليبلغونا حتى نقتنع أن هناك مبرراً أم لا. برأينا لا يوجد مبرر لهذه الدعوة.

كليب: قلت إنهم قد يفعلون مع أبو مازن ما فعلوه مع السيد معاذ الخطيب.. صحيح هذا الكلام؟

الأحمد: كلا لم ألفظه إطلاقاً لكن نقل على لسان أحد الناطقين بلسان حماس في غزة، طلب إعادة التبديل، وهذا يعطي إثباتاً على الريبة التي تحدثت عنها وحتى الآن الفكرة القطرية لم تتحول إلى دعوة ولا إلى واقع، إذا طرحت علينا سندرس ما هي الدوافع، ما هو جدول الأعمال؟ من الذي سيحضر؟ أي قمة عربية لا يحضرها عن فلسطين إلا شخص واحد هو رئيس دولة فلسطين فقط وفقط.. إذا كانت الدعوة وفق هذه الأسس ويوجد مبرر لا مانع..

كليب: فقط نتوقف مع إعلان قصير ونعود لنكمل هذه الحلقة وسنرى ما الذي يحصل في مصر أيضاً مع حركة حماس لو سمحت ضيفي الكريم..

(فاصل)
كليب: مرحباً بكم أعزائي المشاهدين مجدداً لمواصلة برنامج لعبة الأمم عبر قناة الميادين في جزئه الأخير. كنا تحدثنا عن العلاقة مع إيران، عن العلاقة مع سورية، في الواقع هذه المواضيع تحتاج لساعات لمناقشتها في العمق. ينضم إلينا رئيس تحرير صحيفة الأهرام المسائي السابق من القاهرة طارق حسن. مساء الخير سيد طارق..

طارق حسن: مساء النور ومرحباً بضيوفك الكرام..

كليب: معنا في الاستديو مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أسامة حمدان، أريد أن تقول لنا ما هي الأمور التي تلام بشأنها حركة حماس في القاهرة لكي يستطيع أن يجيب عليها؟ هل فعلاً هي تتدخل في شأن داخلي بالسياسة والسلاح؟

حسن: أولاً تحياتي لك ولضيوفك، المسألة متعلقة بمعطيات وحقائق جديدة في المنطقة العربية وداخل مصر، أكثر مما هي متعلقة بلوم هذا الطرف أو ذاك. إننا إزاء معطيات جديدة تراها حماس، يراها التيار الأم الإخوان المسلمون في مصر أو في عموم المنطقة أنه أصبح السيد، وأن هناك فرصة كبيرة الآن لتثبيت دعائم سيادة الإخوان، ليس في مصر وحدها وإنما بالشكل الذي يطابق تفكير الإخوان في أنهم أمة المسلمين.

كليب: حسناً، هذا طبيعي وهذا حق حركة حماس ولكن الآن مصر في الواقع فيها مشاكل عديدة، وتلام حركة حماس. طبعاً نحن نسأل لأن صحيفة الأهرام وبعض الصحف المصرية تحدثت عن هذا الموضوع. أريد أن تختصر لنا سيد طارق، لكي يفهم المشاهد ما الذي جرى، هل هناك تدخل؟ هل من معلومات عن تدخل؟

حسن: حصلت عملية هدم للدولة الوطنية في مصر ومن ثم استبيحت حدود الأمن القومي المصري. لأنه أصبحت هناك نظرات جديدة للأطراف. ما يخص حماس في هذا أنها لا تضع اعتبارات الأمن القومي المصري في مكانتها اللائقة.

كليب: كيف؟

حسن: فيما سبق كانت حماس باستمرار لا تضع مهمات الأمن القومي المصري في اعتباراتها. الآن زادت..

كليب: سيد طارق أعطني أمثلة..

حسن: هناك وقائع معروفة..

كليب: يعني مثلاً؟

حسن: من كسر للحدود وبناء أنفاق ومن رعاية أنفاق وعمليات تهريب ومنها ما هو يختص بالبضائع والسلاح، هذه جملة أشياء لا يتحملها الأمن القومي المصري هذه مسائل واضحة وليست جديدة..

كليب: شكراً لك سيد طارق، فقط سيد أسامة طبعاً الكلام كثير ونحن بحاجة لساعات طويلة لكي ترد على كل ما قيل. الآن هناك مشكلة مع سورية، سورية التي دعمت حركة حماس طويلاً، الآن انتم تركتموها حتى لو كان هناك البعض من حماس لا يزال هناك ولكن أنتم كقيادة تركتم سورية. الآن تتوجه حركة حماس إلى دول لها علاقات مع إسرائيل بنهاية الأمر وتدعم التفاوض، الآن أسئلة كثيرة حول دور حماس بالنسبة لإيران، بالنسبة لحزب الله، بالنسبة لمصر، هل ستفاوض؟ هل ستستمر في القتال؟حضرتك قلت منذ البداية إنها ستستمر بالقتال ولن تفاوض..بالنسبة لمصر، لماذا كل هذه الضجة ضدكم الآن؟

حمدان: فقط دعني أتحدث عن ملاحظتين صغيرتين ومهمتين قبل هذا، فيما يتعلق بالقمة المصغرة..

كليب: أنا سأعطيك فقط دقيقتين لأن الوقت انتهى

حمدان: سأختصر، أولاً نحن لم نكن حاضرين في قمة الدوحة، الذي كان حاضراً هو أبو مازن، رحب بالدعوة أبو مازن، رحب الرئيس المصري، نحن رحبنا بهذه الدعوة بعدهم. لا مانع لدينا من أي جهد عربي يبذل من أجل دعم المصالحة ليس على قاعدة أن هناك مشكلة ولكن كل ما يمكن بذله لدعم المصالحة نرحب به. عندما تتحول المبادرة إلى دعوة رسمية ندعى إليها عند ذلك لكل حادث حديث. الذي يريد أن يحضر ولا يحضر سيكون أمام الشعب الفلسطيني.المسألة الثانية نحن نؤكد، لأنه ورد في المقال الذي قرأته أن حماس هي الحاكم الفعلي في المخيم، نحن لسنا حاكماً فعلياً لأحد، أنا تكلم معي بعض الأخوة في الفصائل لتشكيل قوة مسلحة في المخيمات، فقلت لهم نحن لا زلنا نعتبر أنه طالما النظام موجود فهو المسؤول عن الأمن في المخيمات، وليس المطلوب أن يقوم أحد بالوكالة في حفظ الأمن في المخيمات بالنيابة عنه. ولو كان عندنا مسلحون وتنظيم مسلح لكنا بادرنا للإستجابة لدعوات الفصائل وهذه الإجابة يعرفها كل الفصائل..

كليب: ما زلتم تعترفون بالنظام السوري كنظام..

حمدان: هذا ليس موضوعاً ولم يكن في يوم من الأيام موضوعاً..

كليب: العلاقة مع حزب الله بشكل سريع جيدة؟

حمدان: العلاقة مع حزب الله جيدة، ليس هناك أي تغيير فيها، ما زلنا نلتقي ونتحاور ونفهم بعضنا ونتعاون مع بعضنا. ونرفض أي تشويش على هذه العلاقة. والكل يعرف أننا تاريخياً رفضنا أن نتحدث عن تفاصيل هذه العلاقة من أجل مصلحة المقاومة..

كليب: لا زلت تلتقي السيد حسن نصر الله؟

حمدان: أنا لن أجيب عن هذا السؤال لأنك تعرف أن هذا له علاقة بالموضوع الأمني.كليب: مصر؟

حمدان: الآن في مصر، نحن لنا علاقة جيدة مع مصر والمؤسسة الرسمية في مصر، لا شأن لنا بما يجري في الداخل المصري من صراع سياسي بين القوى السياسية، علاقتنا في مصر مع كل القوى، نحن وبوضوح تعاملنا مع الدولة المصرية وما زلنا نتعامل مع الدولة المصرية. أنا أقول لك ما هو سر الهجوم على حركة حماس. هناك في هذا الهجوم ثلاثة أطراف، طرف مصري يعتبرنا جزءاً من الإخوان في إطار صراعه مع الإخوان يريد أن يندد بنا كجزء من الإخوان. وطرف مرتبط بإسرائيل وبعض الفلسطينيين متورطين في ذلك ويريد أن يحرّض علينا خدمة لإسرائيل. والطرف الثالث طرف يرى أن هناك مسائل تمس واقع مصر، كما قيل منذ مدة، وجد قماش يخص الجيش المصري في الأنفاق وقلنا لا بد أن يحاسب المسؤولون عن ذلك.. أنا أريد أن أقول سطراً واحداً وأختم لأنك تلاحقني، الحلقة كانت عن حماس، وثلثاها لم يكونا عن حماس..

كليب: لم نتحدث سوى عن حماس..

حمدان: أريد أن أختم بسطر أخ سامي، حركة حماس لا تزال حماس التي عرفها الناس وأحبها الناس ووثق بها الناس ودعمها الناس على ذلك، ستظل على هذا حتى تحرر فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها إن شاء الله.

كليب: شكراً جزيلاًـ، على كل حال القلق كبير أيضاً على حماس، الآن إذا ذهبت باتجاه بعض الدول في الواقع وخرجت من ظهر المقاومة الذي كان يدعمها تاريخياً، ماذا لو قامت إسرائيل بحرب ضدها؟

حمدان: سنحصل على دعم، وأنا أعتقد أن الحرب الأخيرة في غزة أثبتت أن الدعم يتسع للقضية ولحماس. وأقول لك سطراً واحداً، نرحب بكل قلق حان وعاطف على القضية الفلسطينية ونرفض أي قلق دافعه التشويه والتجريح وشكراً لك.

كليب: شكراً جزيلاً لك نود أن نختم بصورة للشيخ أحمد ياسين والرئيس الراحل ياسر عرفات (الصورة على الشاشة)، شكراً لحضورك السيد أسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس، أشكر أيضاً من دمشق مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أنور رجا، أعدك سيد أنور سيكون معك حوار أطول إن شاء الله قريباً، من رام الله عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد أيضاً أشكر لك جزيل الشكر هذا الحضور، وطارق حسن رئيس تحرير الأهرام المسائي سابقاً.العديد من الرسائل وردتنا عبر الفايسبوك، وردتنا أكثر من 1500 رسالة لهذه الحلقة، في الواقع الكثير من هذه الرسائل سيد أسامة يطرح أسئلة حول مستقبل حماس وكأن القلق بات كبيراً..

حمدان: أنا مستعد لحلقة ثانية..

كليب: ان شاء الله، شكراً لكم أعزائي المشاهدين لمواصلة ومتابعة لعبة الأمم عبر قناة الميادين، إلى اللقاء في الأسبوع المقبل
___________

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.