وجّه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، انتقادات حادة للرئيس المصري محمد مرسي على خلفية مقاربته للملفات الداخلية والخارجية، مشدداً على أن قطع العلاقات مع سوريا هو قرار لا يملكه، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري، محذراً من أن هذه الخطوة تعني خروج مصر من آسيا، في الوقت الذي تواجه فيه مشاكل صعبة في القارة الإفريقية.
ورأى هيكل، في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي على قناة «سي بي سي»، إن «شهر حزيران يعتبر شهراً كاشفاً وخطيراً في تاريخ هذا البلد وهذا النظام»، لافتاً إلى أن «هناك ثلاث كوارث وقعت على مدار ثلاثة أسابيع متلاحقة، وكل واحدة منها تكفي لإسقاط نظام بمفردها»، مشيراً على وجه الخصوص إلى ملف سوريا، وملف النيل، ومؤتمر الحوار الوطني الذي أذيع مباشرة على الهواء.
واعتبر هيكل أنه «أي رئيس لا يملك أن يتجاوز حدود الأمن القومي المصري»، موضحاً أن «الأمن القومي لأي بلد محدد بالجغرافيا والتاريخ أو بالممارسات المتبعة والتي لا يملك فرد أو نظام حتى أن يغيّر فيها».
وتابع إن «الأمن القومي المصري يستند إلى الوجود في سوريا، والعلاقة بها لا تقبل المناقشة، وإذا خرجت مصر من سوريا وفقدت التأثير على الوضع هناك، تكون قد خرجت عملياً من آسيا بالكامل، وانحسرت في إفريقيا، علماً بأنها مكبّلة أيضاً في القارة الإفريقية بالمشاكل التي لا حدود لها».
وقال هيكل إنه كان ينبغي على مرسي أن ينتظر ثلاثة أمور قبل اتخاذ قراره بشأن سوريا، وهي قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما في إيرلندا، والانتخابات الرئاسية في إيران، والتطورات في تركيا.
وأشار هيكل إلى أن «الوضع في تركيا فاجأ الجميع، رغم أنني توقعت حدوث ذلك لأسباب عدة، أولها أن تركيا تورطت في معركة في سوريا وفي منطقة فيها علويون، وهم موجودون في البلدين (سوريا وتركيا)، وتعدادهم يضاهي 19- 21 مليون نسمة على أقل تقدير». واستغرب هيكل قرار مرسي بشأن سوريا، في الوقت الذي توافقت فيه الولايات المتحدة وروسيا على حل تفاوضي للنزاع.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان مرسي بقراره هذا قد حاول إرضاء الأميركيين، أجاب هيكل «قيل إنه حاول إرضاء أطراف نفطية تصوّر أنها بإمكانها أن تساعده»، مشيراً في هذا الإطار إلى قطر والسعودية. واضاف «قيل أيضاً إنه يحاول أن يرضي السلفيين، وهذا شيء غريب جداً... ارضهم مثلما تشاء، ولكن ليس في مثل هذه الأمور».
ورداً على سؤال آخر حول دعوة مرسي إلى الجهاد في سوريا، قال هيكل «هذا أمر لا يمكن تصوّره... أريد ان أحيله إلى ما قاله أوباما مؤخراً من أنه لا يريد أن تجد الولايات المتحدة نفسها في صراع بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي». واضاف هيكل «عندما يتلفظ رئيس جمهورية بلفظة (النظام الرافضي)، فهذه كارثة»، موضحاً أن «إيران قوة في المنطقة يجب أن يُحسَب حسابها، سواء أردت أن تكون صديقاً لها أم عدواً، وعليك وأنت ترسم السياسة أن تأخذ أموراً في اعتبارك».
وتابع «أعجب من أنه (مرسي) هاجم «حزب الله»، فكل واحد منا يعلم ما هو الهدف مما يحدث في سوريا. إنهم يريدون الحصول على إيران من دون تدميرها، ولكن لا مانع لديهم من أن يضرب كل ما في طريقهم، مما يعتقد أنهم أجنحة لإيران وتصفية الحسابات معهم». وفي إشارة إلى معركة القصير قال «حزب الله يعلم أنه مهدد بوجود 40 ألف أجنبي يحاربون في سوريا. ألم يلفت نظرهم هذا المشهد؟ ولفت نظرهم «حزب الله»؟ عيب فعلاً... أرجوكم ضعوا الامور في سياقها».
وحول موقف الجيش المصري، قال هيكل: «لا أعرف موقف الجيش من سوريا، لكنني أتصور أن أي أحد لديه فكرة عن الاستراتيجية المصرية ويفهم الأمن القومي المصري، طار صوابه مما حدث».
وحول تظاهرات 30 حزيران، قال هيكل «أرى أن كل الأطراف الموجودة في الساحة إما حائرة من الموقف أو أقل قدرة من الموقف، لكن الجزء الذي يُسعدني في هذا المشهد هو الطاقة المتجددة لهذا الشباب».
وردأ على سؤال بشأن الورقة الأخيرة التي يملكها مرسي لتجنب الانهيار، قال هيكل «أخشى أن أقول إنه ليس لديه ورقة، فهو يسير بمنطق أنه لا يستطيع التنازل أمام الشعب». وتوجّه إلى مرسي بالقول «كان عليك مواجهة الأمر ليس بحشود الإسلاميين، ولكن بموجة إصلاحية واسعة وحقيقية».
وحول موقف الجيش، قال هيكل «الجيش آخر حائط في أمان هذا الوطن. اتركوه في عمله وحاولوا أن تحلوا مشاكلكم قدر المستطاع خارج القوات المسلحة، وإلا فإننا ندفع هذا البلد إلى مجهول». وتابع «هناك مقامرات في هذا البلد لا تجوز». وختم «أنا مرعوب مما يدفع إليه هذا البلد، ومرعوب من فوضى القمة أكثر من فوضى القاع».
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات