‏إظهار الرسائل ذات التسميات المجتمع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المجتمع. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

السلفية الأردنية مهاجمة "الدولة الإسلامية": وقف سفك دماء المسلمين ... المقدسي ينتقد إعلان "الخلافة" ويهاجم تنظيم الدولة

    يوليو 01, 2014   No comments
في أول تعليق له بعد خروجه من السجن منتصف الشهر الماضي, أبدى منظر التيار السلفي الجهادي بالأردن عصام البرقاوي واسم شهرته "أبو محمد المقدسي" تحفظه وتشكيكه في إعلان "دولة الخلافة" من قبل تنظيم الدولة الإسلامية, ودعا مجددا إلى الخروج عليها.

وهذا  نصه
____________________
هذا بعض ما عندي وليس كله

 بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد ..

فهذه بعض النقاط والملاحظات التي أحببت أن أدونها بين يدي هذا الشهر الكريم شهر القرآن نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفرقان بين الحق والباطل وأن يستعملنا في نصرة الحق غير هيابين لعدو أو متضررين بمخالف أو عابئين بمشاغب وأن يسددنا ويهدينا وجميع إخواننا إلى سواء السبيل ..

أولا : لقد استمعت في الأسبوعين الماضيين إلى الكثير وإن كنت - بسبب تتابع الزوار - لم يوفر لي الوقت لأقرأ إلا القليل؛ فقرأت ولكن أقل مما سمعت ولا زال عندي الكثير لأقرأه وأطلع عليه؛ ومع ذلك فكل طرف كان حريصا على السعي للحصول على ما يتمناه من نصرة للفصيل الذي يواليه واجتهد في الإدلاء بأدلته وتعداد بيناته وذكر براهينه، وكثير منها بطبيعة الحال لا يصلح كبينات شرعية؛ وأكثره كان قد نقل لي واطلعت عليه قبل خروجي من السجن؛ ومع ذلك فلن أغلق سمعي أو أعرض عن النظر فيما يعرض علي؛ لأني أرى أنه لا يخلو من فائدة إما في ترسيخ الحق أو الرجوع إليه.

ثانيا : في الأطراف التي استمعت إليها لا شك عقلاء وأفاضل من كلا الطرفين يريدون الحق ونصرته؛ ولا يتعصبون للباطل بل يتبرؤون منه وإن صدر ممن يوالونهم؛ وهؤلاء فرحت بهم وقررت مواصلة التواصل معهم فقد أثروا مجالسي، وأمثال هؤلاء هم من يعول عليهم في الإصلاح وسداد الثغر؛ كما أن في تلك الأطراف متعصبين ممن ينطبق عليهم مقالة ( المتحيز لا يميز ) لم يعطوا المجالس كثير فائدة بل زادوها في بعض الأحيان اشتعالا وحدة؛ فهؤلاء يجب عليهم أن يتعلموا الإستماع والاستيعاب ..

ثالثا : قد مورست علي ضغوط معنوية لأتراجع عن البيان الذي أصدرته بعد ثمرة التواصل الطويل مع الأطراف المعنية للصلح أو التحكيم الذي رفضه جماعة الدولة؛ وزعم قوم في خضم هذه المحاولات أن البيان لاغ أو سيلغى؛ وكل ذلك لم يصدر عني ولم أعد أحدا به.

وإنما الذي قلته أمام هؤلاء ولا زلت أقوله : أن البيان ليس بمعصوم و صاحبه ليس بمعصوم بطبيعة الحال؛ ولكنه جاء ثمرة تواصل ومراسلات مع كافة الأطراف خصوصا الطرف الرافض لمبادرات سابقة والممتنع عن التحاكم للشرع؛ ودعوى بعضهم أني كنت أسمع من طرف واحد مردودة، فقد كان معي في غرفتي في السجن من أنصار تنظيم الدولة من كان يتواصل مع الشام في مكالماته الأسبوعية ويأتينا غالبا بأخبار متحيزة لجماعة الدولة وبلغتني حكايات وأخبار وكتابات مناصري جماعة الدولة كما أني اطلعت على ردود شرعيي الدولة على المراسلات، والردود محفوظة تدحر دعاوى المشككين؛ ومع ذلك أكرر وأقول أني متى ما ظهر لي أني ظلمت طرفا في بياني، أو حدت فيه عن جادة الحق فسأتراجع عنه فورا دون تردد لأن الحق ضالتي واتباعه أسهل ما يكون علي كوني غير مرتبط أو متحيز لأحد الأطراف ..

وأما البيان فقد تسبب بإصداره من رفض النزول على حكم الله؛ ومن ثم نصحنا فيه بالإنحياز إلى من قبل تحكيم شرع الله؛ ولا يعني ذلك أن الطرف الذي دعونا إلى الإنحياز إليه معصوم أو أننا نزكيه تزكية مطلقة بل الأمر كما قال شيخ الإسلام : ( والعدل المحض في كل شيء متعذر، علماً وعملاً، ولكن الأمثل فالأمثل) الفتاوى (10/99).

رابعا : لا زلت أردد بأن الإنصاف حلة الأشراف والأشراف أقل الأصناف بين كافة الأطراف المتقاتلة وأنصارهم في كافة البلاد.

وقد ترتب على قلة إنصاف كثير من المبرزين من إعلاميي ومفتيي الأطراف المتنازعة ظواهر سيئة انتشرت بين شباب التيار في كثير من البلاد فقد وجدوا قدوات سيئة يقتدون بها في نهج السباب وقلة الأدب وسوء الظن والافتقار إلى أدب الحوار .. ولقد سمعت قبل الإفراج عني عن إساءات بعض الناطقين الإعلاميين والشرعيين في كلا الطائفتين المتنازعتين ورددت على بعض ذلك وأنكرته، كما طالعت فيما طالعته بعد خروجي من السجن إساءات وسفالات لا يستحق أصحابها وصف المجاهدين ولا وصف الشرعيين ولو وصفوا بالشوارعيين بدلا من الشرعيين لكان أقرب؛ فمن اتهام للمخالفين باللقطاء وابناء العواهر ونحوه من الفحش ووضيع القول .. إلى غير ذلك من الكذب والبهتان والافتراء على المخالف بما لا يليق بمن تصدر للتوقيع عن الله والفتوى في دين الله .. إلى التحريض على سفك الدماء المعصومة والاستخفاف بها؛ حتى أمسوا قدوات سيئة لشباب هذا التيار في كافة أرجاء المعمورة وليس في الساحة الشامية وحسب، وعم البلاء بهم وانتشرت قلة الأدب والتطاول على الصغار والكبار والعلماء والمربين؛ بل وانتشر الاعتداء على المخالفين من المسلمين وإباحة أبشارهم ودماءهم فحسبنا الله ونعم الوكيل من هذه الطوام التي نشروها بين العوام والطغام ..

ونحن نعجب بأي شيء يصدَر أمثال هؤلاء كشرعيين ومفتين وناطقين رسميين وهم يتميزون بمثل هذه الأخلاق الوضيعة والجرأة على دماء المسلمين ! ولذلك فنحن نبرأ من باطلهم ونطالب مسؤوليهم من كافة الأطراف إن كانوا حريصين على دين الله ونقاوة هذا التيار وتميز أهله ويهمهم شأن الجهاد والمجاهدين؛ نطالبهم بإقصائهم وإبعادهم عن مواضع التوجيه والخطاب؛ فكل يوم يصدون عن هذا الدين بخطاباتهم المتهافتة وينفرون عن نهجه القويم بنهجهم المعوج؛ ويشوهون أخلاقه الكريمه بأخلاقهم الوضيعة؛ فلا بد لمن أراد مصلحة الجهاد من إقصاء قليلي الأدب والضالين المضلين والمحرضين على سفك دماء المسلمين ونشر أخلاق السوء وألفاظ الفحش بين شباب المسلمين؛ وأن يجعل بدلا منهم هداة مهديين رحماء بالمسلمين يتشبثون بأخلاق النبوة ويسيرون على هديها في الأمة ويعرفون كيف يخاطبون الناس جميعا ..

خامسا : نقل لي بعض الفضلاء عن بعض الناس في الشام في محاولة للتأثير علي للتراجع عن البيان أن دماء سفكت بسببه أو على إثر إصداره وأن عملية تفجيرية أهديت لي باسم "ملة إبراهيم" من أطراف معادية لتنظيم الدولة؛ وهذا كلام للتهويل والضغط بأقصى ما يمكن لتحصيل أكبر قدر من التنازلات؛ وهو أسلوب ربما يكون نافعا في التفاوض أو البيع والشراء، ولكنه غير نافع في المحاججة والإقناع وإحقاق الحق وإبطال الباطل؛ فلا جدوى في استخدامه في هذا المجال، والدعوى تفتقر إلى المصداقية لأن البيان لم يحرض على سفك دم مسلم ولم يتطرق لدعوة إلى قتل أو قتال بل كل الجهود التي بذلت خلال ثمانية أشهر وأثمرت هذا البيان كانت لأجل حقن الدماء وكف توجيه البنادق إلى صدور المسلمين والمجاهدين وترك إهمال الآخرين من المسلمين أو الإعراض عن أداء حقوقهم؛ والكف عن الاستخفاف بدمائهم وأموالهم بذرائع مصلحة الدولة وبناء الدولة وما إلى ذلك؛ وكأن الآخرين جميعا لا يريدون بناء دولة ولا تحكيم شرع الله، وعلى كل حال فمن رفض التحكيم هو من يتحمل مسؤولية استمرار سفك الدماء؛ كما يتحمل ذلك كل من باشر سفكها من كافة الأطراف؛ أما أنا فأحمد الله الذي سلمني من سفك قطرة من دم مسلم وأسأله تعالى أن لا أكون سببا ولو بحرف أو شطر كلمة في ذلك؛ فأقول للضاغطين بمثل هذه الأساليب على رسلكم: ( فلست ممن يققع خلفه بشنان )، كما أقول : لمن أهداني أي عملية يسفك فيها دم مسلم من أي طرف من الأطراف: (( بل أنتم بهديتكم تفرحون ))، أهدوني إن شئتم طاعة لنصائحي واستجابة لدعواتي لحقن الدماء ورضا بالتحكيم والإصلاح واستقامة على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والجهاد؛ هذا ما نطالبكم بإهدائه لنا إن كنتم تحبوننا أو تحبون إقرار عيوننا؛ فعيوننا لا تقر بسفك دم مسلم من أي طرف من الأطراف التي هي داخل دائرة الاسلام ولو كانوا من العصاة؛ ولا نبيح قتال مسلم كائنا من كان إلا دفعا للصائل ومعلوم أن دفع الصائل لا يعني القتل تحديدا بل يدفع بالأولى فالأولى؛ وما أمكن دفعه باللسان أو اليد لم يجز دفعه بالسلاح لأن الأصل حرمة دم المسلم وماله وعرضه.

سادسا : سئلت عن انتصارات تنظيم الدولة في العراق فقلت : لا يوجد مؤمن لا يفرح بانتصارات مسلمين مهما كان حالهم ووصفهم على روافض ومرتدين؛ وإنما الخوف على مآلات هذه الإنتصارات وكيف سيعامل أهل السنة والجماعات الأخرى الدعوية أو المجاهدة وعموم المسلمين في المناطق المحررة ؟ وضد من ستستخدم الأسلحة الثقيلة التي غنمت من العراق وأرسلت إلى سوريا ؟ هذا هو سؤالي وهمي؟ ونتخوف من الإجابات عليه على أرض الواقع لأننا لا نثق بالعقليات التي تمسك بذلك السلاح لأسباب كثيرة .

سابعا : في صباح هذا اليوم قيل لي هل اطلعت على كتابة لفلان يتكلم فيها عن الخلافة وأنها لا يشترط لها التمكين !! فقلت : لا لم أطلع عليه ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه ولا بد أن الإعلان عن تسميتهم لتنظيمهم بالخلافة قد صار وشيكا . فقال : وما رأيك لو أعلنوا بذلك ؟

فقلت : لا يضيرني المسمى وإعلانه ولن إضيع وقتي في تفنيد ما سوده فلان في كتابه؛ فكلنا يتمنى رجوع الخلافة وكسر الحدود ورفع رايات التوحيد وتنكيس رايات التنديد ولا يكره ذلك إلا منافق؛ والعبرة بمطابقة الأسماء للحقائق ووجودها وتطبيقها حقا وفعلا على أرض الواقع؛ ومن تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه؛ ولكن الذي يهمني جدا هو ماذا سيرتب القوم على هذا الإعلان والمسمى الذي طوروه من تنظيم إلى دولة عراق ثم إلى دولة عراق وشام ثم إلى خلافة عامة؛ هل ستكون هذه الخلافة ملاذا لكل مستضعف وملجأ لكل مسلم؛ أم سيتخذ هذا المسمى سيفا مسلطا على مخالفيهم من المسلمين؛ ولتشطب به جميع الإمارات التي سبقت دولتهم المعلنة، ولتبطل به كل الجماعات التي تجاهد في سبيل الله في شتى الميادين قبلهم ..

لقد سبق وأعلن الإخوة في القوقاز إمارتهم المباركة ولم يرتبوا على ذلك شيئا يلزم عموم المسلمين في نواحي الأرض ولا سفكوا لأجل هذا المسمى أو به دما حراما، فما مصير إمارة القوقاز الإسلامي عند هؤلاء القوم بعد الصدح بمسمى الخلافة ؟؟ كما وأعلن الطالبان إمارة إسلامية قبلهم ولا زال أميرها الملا عمر حفظه الله يقارع الأعداء هو وجنوده وما رتبوا على مسمى الإمارة التي وجدت فعلا على أرض الواقع لسنين سفك دم حرام أو حل عقدة معقودة؛ فما مصير هذه الإمارة عند من تسمى بمسمى الخلافة وأعلنها ؟ وما هو مصير سائر الجماعات المسلمة المقاتلة المبايع لها من أفرادها في العراق والشام وفي كافة بقاع الأرض وما هو مصير دمائهم عند من تسمى بمسمى الخلافة اليوم ولم يكف بعد عن توعد مخالفيه من المسلمين بفلق هاماتهم بالرصاص ؟؟؟؟؟

هذه الأسئلة هي الأسئلة المهمة عندي والتي تحتاج إلى إجابات ..

وها نحن قبل أن نمسي قد صاح العدناني بالإجابات المتوقعة فكان كما هو ظننا فيه لم نظلمه قيد أنملة ..

اللهم ارحم المسلمين والطف بهم يا رب العالمين وول عليهم خيارهم واصرف السوء والضراء عنهم ..

ونختم بأن نقول محذرين للوالغين في دماء المسلمين كائنا من كانوا : لا تظنوا أنكم بأصواتكم العالية ستسكتون صوت الحق؛ أو أنكم بتهديدكم وزعيقكم وقلة أدبكم وعدوانكم ستخرسون شهاداتنا بالحق لا وألف لا .. فسنبقى حرسا مخلصين لهذا الدين؛ وحماة ساهرين على حراسة هذه الملة نذب عنها تحريف المحرفين وانتحال المبطلين وتشويه الغلاة والمتعنتين وغيرهم من المشوهين .. فإما أن تصلحوا وتسددوا وتتوبوا وتؤوبوا وتكفوا عن دماء المسلمين وعن تشويه هذا الدين أو لنجردن لكم ألسنة كالسيوف السقال تضرب ببراهينها أكباد المطي ويسير بمقالها الركبان ..وأنتم وغيركم يعلم أننا لم نصمت في الأسر والقضبان؛ فلن نصمت بعد فكاك سطوة السجان؛ ووالله الذي رفع السماء بلا عمد لن نترك أحدا يعبث بهذا الدين ويستخف بدماء المسلمين ولو تخطفتنا الطير ورمانا بالعداوة والافتراء والكذب والبهتان كل قريب أو بعيد .. وها نحن نحذركم تشويه دين الله والإفساد والفساد والتلطخ بدماء المسلمين والمجاهدين فاتقوا الله وقولوا قولا سديدا ..

ولكل حادث حديث و لكل مقام مقال.

قلت: هذا بعض ما عندي وليس كله .. أبثه بين يدي هذا الشهر الكريم مستذكرا حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)

ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل : كيف كنتم تستقبلون شهر رمضان ؟ فقال : ( ما كان أحدنا يجرؤ أن يستقبل الهلال وفي قلبه مثقال ذرة حقد على أخيه المسلم)

وكتب : أبو محمد المقدسي
غرة رمضان 1435
من هجرة المصطفى
عليه الصلاة والسلام

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

مفاجأة المعارضة التركية: «الإسلامي» إحسان أوغلو مرشحاً رئاسياً

    يونيو 17, 2014   No comments
محمد نور الدين
ليس من كلمة يمكن أن يصف بها «حزب العدالة والتنمية» الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمال الدين إحسان اوغلو، سوى انه «خائن».
فالرجل الذي اكتسب شهرة أثناء ترؤسه لمركز الدراسات التاريخية والفنون، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سابقا وعلى امتداد سنوات، ما كان ليكون أمينا عاما للمنظمة لولا ترشيح «العدالة والتنمية» له سابقا وتبنيه في إطار تعزيز الحضور التركي في العالم في سياق سياسة «العمق الاستراتيجي» التي اتبعها ولا يزال الحزب الحاكم في تركيا. ووزير الخارجية احمد داود اوغلو، الأكاديمي كان يدرك أهمية هذا النوع من الشخصيات لتمرير المشروع التركي.

غير أن الرجل، ذا الطلة العثمانية والذي يعكس باقتدار صورة البيروقراطي التقليدي لكن الذكي في طريقة استخدام الموروث الإسلامي لتركيا لحماية هويتها في زمن الحملة العلمانية القاسية على الإسلاميين، خضع لموازين القوى، حيث ان من يتولى منصب الأمانة لمنظمة التعاون الإسلامي لا بد من أن يكون أكثر ولاء وانحيازا لصاحبة التمويل الأكبر للمنظمة، أي السعودية، من دون أن يقطع مع الدول الأخرى المؤثرة، ولا سيما إيران واندونيسيا وماليزيا وبالطبع تركيا.
لم يكن إحسان أوغلو من المتحمسين لنجم الدين أربكان، وكان مؤيدا للحالة الإسلامية، لكنه يرفض الاصطدام العلني بالمؤسسة العسكرية العلمانية، ويرى أن تكتيكات أربكان استفزازية ولا تخدم التخفيف من الضغوط على الحالة الإسلامية. لذا فقد كان إحسان اوغلو من المؤيدين لحركة التجديد في «حزب الرفاه» و«حزب الفضيلة» بقيادة عبد الله غول، ودعم بقوة سلطة «العدالة والتنمية»، وكان من ثمار ذلك ترشيح أنقرة له أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الإسلامي في العام 2005. وهو ما كان.
لذلك فإن قبول إحسان اوغلو اليوم ترشيح حزبي «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» له لخوض معركة الانتخابات لرئاسة الجمهورية، كان أيضا مفاجأة كبيرة. إذ يتعين عليه أن يخوضها ضد «رفاق السلاح» وإن لم يكن يوما حزبيا.
ولا يعني ذلك أن العلاقات بين الطرفين كانت جيدة في الآونة الأخيرة، إذ افترقت السبل بين رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان وإحسان اوغلو بعد الإطاحة بالرئيس المصري «الإخواني» محمد مرسي، والانتقاد اللاذع من جانب رئيس الحكومة لإحسان أوغلو كونه أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي، على الصمت على «انقلاب» عبد الفتاح السيسي. وربما من تلك اللحظة تغيرت وجهة احسان أوغلو في اتجاه الافتراق عن اردوغان وصحبه والميل أكثر للموقف السعودي من مصر.
غير أن مواقف إحسان اوغلو من الأزمة السورية لا تفترق عن اردوغان، وإن كان بصفته الرسمية أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي أقل حدة في المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد بشكل غير مباشر.
وبصورة ما يمكن اعتبار إحسان اوغلو مصريا، إذ ولد في القاهرة في العام 1943 وتعلم فيها وأنهى دراسته الجامعية في عين شمس والأزهر، والدكتوراه في أنقرة، وعمل بعدها في بريطانيا. وهو رجل علم قدير ومتميز، وله عشرات المؤلفات النوعية في الدراسات التاريخية والعلمية، وأولى العلاقات العربية التركية شأنا كبيرا في مسيرته العلمية.
مفاجأة اكمال الدين إحسان أوغلو أن ترشيحه جاء أولا من «حزب الشعب الجمهوري» العلماني، المتهم دائما بأنه الذراع السياسية للمؤسسة العسكرية في عز النفوذ العسكري في البلاد. أما تأييد «حزب الحركة القومية» له، في مؤتمر مشترك بين زعيمه دولت باهتشلي وزعيم «الشعب الجمهوري» كمال كيليتشدار أوغلو فلم يكن مفاجئا، إذ ان إحسان اوغلو أقرب بما لا يقاس للقوميين منه إلى العلمانيين، علما بانه أكثر احتراما للعلمانية الحقيقية من قادة «العدالة والتنمية» الحاليين.
ووقوف باهتشلي وكيليتشدار اوغلو معا في صورة ترشيح إحسان اوغلو رسالة قوية من المعارضة إلى أنها جادة في طلب إسقاط اردوغان شعبيا هذه المرة. ورهان المعارضة الأساسي أن إحسان أوغلو في النهاية إسلامي الهوية ورفيق سابق لأردوغان وعبد الله غول واحمد داود اوغلو، ورجل علم له اعتباره الفعلي وبالتالي يستطيع أن يأخذ من قاعدة «العدالة والتنمية» بعض الأصوات مهما كانت قليلة، فالمعركة قد تحسم بنسبة ضئيلة بينهما، وكل صوت له أثره.
لكن التضحية الكبرى جاءت من «الشعب الجمهوري»، حيث ان إحسان اوغلو لا يمثل أبدا الخط الكمالي والأتاتوركي للحزب، وبالتالي من الواضح أن أولوية الحزب هي إسقاط اردوغان، ومن بعدها لكل حادث حديث، على اعتبار أن المطلوب إحداث اختراق في «الستاتيكو» السياسي القائم منذ العام 2003. كذلك فإن ترشيح إحسان اوغلو كإسلامي يمكن أن يشكل بديلا عن أردوغان لكل الإسلاميين الذي كانوا يقولون انه ليس من مرشح إسلامي بديل، لذا لا خيار سوى التصويت لأردوغان. أي أن إحسان اوغلو يمكن أن يأخذ من قاعدة اردوغان، وسينال تأييد كل الإسلاميين غير المنتمين إلى «العدالة والتنمية» أو المعارضين له، ولا سيما جماعة فتح الله غولين.
وفي هذه الحالة، إذا جمعنا أصوات هؤلاء قياسا إلى الانتخابات البلدية السابقة فإن حزبي «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» يحظيان بحوالي 42-43 في المئة من الأصوات. وإذا افترضنا أن الإسلاميين من غير «العدالة والتنمية» سيصوتون لإحسان أوغلو فقد ترتفع النسبة إلى 45 في المئة، وإذا خسر اردوغان من قاعدته واحدا أو اثنين في المئة تكون المحصلة أن إحسان اوغلو ينطلق من قاعدة مبدئية تقارب الـ 45-47 في المئة، بينما سينطلق اردوغان من 40-43 في المئة.
وهنا تبدو المعادلة مثيرة جدا. وهو أن الذي سيحسم المعركة هو الصوت الكردي المؤيد لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، والذي يقارب 6 إلى 7 في المئة. وهنا قد يكون اردوغان أمام تنازلات مؤلمة جدا للأكراد ليكسب صوتهم، وإلا فإن رئيس «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي ارطغرل كوركتشي قال قبل أيام إن حزبه سيصوت لمرشح كردي في الدورة الأولى ولمرشح المعارضة في الدورة الثانية. وربما يكون هذا الكلام للضغط على أردوغان، لكن إذا صدق في كلامه فإن إحسان اوغلو سيكون الفائز حتما في الدورة الثانية. ولن يكون هناك في ظل الموقف الكردي فائز من الدورة الأولى.
سوف يتفوق اردوغان على إحسان أوغلو في المهرجانات الشعبية، فأردوغان اقتحامي له خبرة في التواصل مع الجمهور ومخاطبته، بينما يغلب على إحسان اوغلو الوقور في التحادث مع الآخرين، وعلى هذا قد لا يبدو شعبيا، وهذه نقطة لصالح أردوغان.
وإذا كان من كلمة ختامية فهو أن المعركة الرئاسية في تركيا ستكون حامية ومثيرة بين اردوغان وخطه وبين إحسان أوغلو، المدعوم ربما من الولايات المتحدة وبالتأكيد من السعودية ودول الخليج. وسوف يكون مثيرا للترقب أين ستكون إيران من هذه المعمعة المستجدة، وهي التي تمد اليد لأردوغان فلا يقابلها إلا بمد السلاح إلى سوريا والعراق.

الأربعاء، 19 مارس 2014

بين «شارب» القرم و«لحية» سوريا: هل تفتح تركيا جبهة «جهادية» جديدة؟

    مارس 19, 2014   No comments
محمد نورالدين
لم تستفق تركيا بعد من سياساتها الخاطئة في سوريا وتدخلها السافر في شأن داخلي لدولة أخرى ذات سيادة كاملة حتى وقعت في خطأ ثان عندما أعلنت أنها لن تعترف بالاستفتاء على ضم القرم الى روسيا. المفارقة في الموقف التركي انه يتعلق بدولة على حدوده الجنوبية هي سوريا وأخرى على مرمى موجات مائية من حدودها الشمالية. وهو ما دفع المعلق التركي غونيري جيفا أوغلو، الى القول إن تركيا عالقة بين الشارب القرمي واللحية السورية.

الخطأ التركي هو أنه يأتي من مقارنة بسيطة وبديهية بين وضع القرم ووضع كوسوفا. فقد كانت تركيا بقضها وقضيضها، بعلمانييها وإسلامييها رأس الحربة في دعم تطلعات شعب كوسوفا الى الاستقلال عن صربيا، ومن أكبر المحرّضين على استخدام القوة المسلحة الأطلسية لضرب مواقع صربيا تمهيداً لحماية سكان كوسوفا؛ علما ان كوسوفا كانت مجرد منطقة ذات حكم ذاتي داخل جمهورية صربيا ولم تكن جمهورية مستقلة ضمن الاتحاد اليوغسلافي مثل البوسنة وكرواتيا ومقدونيا وصربيا. مع ذلك وقفت تركيا الى جانب كوسوفا مطالبة باستقلالها.
أما القرم فهي جمهورية مستقلة ضمن الاتحاد الأوكراني ووضعها القانوني أقوى بكثير من كوسوفا؛ رغم ذلك فقد أعلن وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، أنه لن يعترف باستقلال القرم.
وتركيا بذلك إنما كانت تغلّب عوامل عدة مزمنة على سياسات تظاهرت أنها جديدة وتتبعها وعنوانها الانفتاح وصفر مشكلات، وإذا بها تنقلب عليها حيث كانت ترى انها لا تخدمها بالكامل.
رغم العلاقات الاقتصادية الجيدة بين تركيا وروسيا واتفاق البلدين على تحييد الخلافات السياسية عنها غير أن «الغريزة» التاريخية تتغلب في لحظة تقدم الدور الروسي واقترابه أكثر من الحدود التركية عبر شبه جزيرة القرم، التي يعني انضمامها الى روسيا تغييراً جذرياً في التوازنات الاستراتيجية في البحر الأسود.
وهنا غلّبت الدولة التركية الحديثة العامل العثماني في التحالف مع الغرب ضد روسيا العدو التاريخي لتركيا وقبلها الدولة العثمانية.
وفي هذا الموقف انما كانت تركيا أيضاً تستشعر الخطر الروسي الجديد الذي لا يمكن مقاومته إلا بتأكيد الانتماء لحلف شمال الأطلسي، تماماً كما فعلت عندما علا صوتها رهبة من بضع قذائف مدفعية سورية سقطت على أراضيها؛ فأعلنت النفير وأطلقت النذير وقدّمت صفتها الأطلسية على أي صفة أخرى إسلامية أو تركية أو مشرقية، وأعلن مسؤولوها جميعاً عبارتهم الشهيرة ان»حدود تركيا هي حدود الأطلسي»، وهو ما تكرره اليوم مع الأزمة في القرم.
لقد دعت تركيا الحالية الى الحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية، وبالتالي عدم انسلاخ القرم عنها. ولكنها لم تبد الحرص نفسه على وحدة الأراضي الصربية تماماً مثلما لم تحترم من قبل وحدة أراضي العراق وسيادته بزيارة داود أوغلو الشهيرة الى كركوك من دون إذن بغداد، وبتوقيع اتفاقيات مع إقليم كردستان الفيدرالي بمعزل عن حكومة بغداد، كما بالتدخل السافر في الشأنين الداخلي لكل من سوريا ومصر.
وكان داود أوغلو اول من قال بنظرية الدومينو عقب ثورة 30 حزيران وتغيير النظام في مصر.
وفي الموقف التركي من استفتاء القرم تتجلى نزعة الخوف من تعميم نظرية الدومينو السلبية، وتكرار الاستفتاءات في مناطق مُتنازع عليها؛ ومن ذلك مصير مقاطعة ناغورنو قره باخ الأرمنية وتحذير الوزير التركي من أي استفتاء على وحدة الأراضي الأذرية.
ولا شك ان الخوف التركي يرصد أيضاً ما يمكن أن يطالب به أكراد تركيا من تقرير المصير والمطالبة بالحد الأدنى بالحكم الذاتي.
ولعل ما أثار غضب أنقرة أكثر من غيره أن الاستفتاء على استقلال القرم قد تم بنتيجة 96.7 في المئة، أي أن قسماً من تتار القرم الذين يقاربون العشرة في المئة قد صوتوا لمصلحة الانضمام الى روسيا، إلا في حال لم يذهب أحد منهم الى الاقتراع وهذا شبه مستحيل.
مثل هذه النتيجة يُسقط من يد تركيا اللعب بورقة أقلية التتار في القرم التي لمّحت اليها منذ البداية، علماً أن الثلاثمئة ألف قرمي قد اعتُرِف بلغتهم في «الجمهورية الجديدة» كلغة رسمية الى جانب الروسية والأوكرانية، بينما 12 - 15 مليون كردي في تركيا لا يُعتَرف بهم لا كشعب ولا بلغتهم لا في التعليم ولا كلغة رسمية.
في قرارها عدم الاعتراف باستفتاء القرم، تدخل تركيا نفسها أيضاً في معمعة العقوبات التي فرضتها أميركا وأوروبا على روسيا لا سيما حركة الأشخاص. فهل ستلتزم بها كونها من دول المحور الغربي؟ أم تكتفي بتسجيل موقف فقط؟.
لكن ما هو أخطر من كل هذا، هو أن تركيا بهذا الموقف تشجع التتار أكثر على التمرد على الواقع الجديد، ومن خلفهم كل من تنفتح شهيته على «الجهاد» من جنسيات العالم أجمع، من خلال تكرار خطئها في سوريا.
ولكن هذا المرة سيكون في القرم عبر تشجيع المجموعات «الجهادية» على مقاومة الهيمنة الروسية الجديد فتنفتح جبهة «جهاد» جديدة ضد روسيا وبدعم تركي؛ وهو ما لمّح اليه زعيم التتار في القرم مصطفى جميل أوغلو، في لقاء مع صحيفة «فايننشيل تايمز» في التاسع من آذار الجاري. فهل تفتح تركيا على نفسها جبهة مخاطر جديدة كما فعلت في سوريا وتحصد النتيجة نفسها: الفشل؟.

الأحد، 9 مارس 2014

لائحة الإرهاب السعودية تضمن عبارات فضفاضة تجعل من تفسيره أمراً بالغ الصعوبة وخاضعاً لاختلافات كثيرة

    مارس 09, 2014   No comments
السعودية تتفاعل مع  النظر إليها
كراع المتمردين التكفيرية

عبدالله سليمان علي 

اعتمدت السعودية، أمس، قائمة إرهاب مبدئية تضمنت أسماء العديد من التنظيمات والتيارات داخل المملكة وخارجها.
ويأتي اعتماد هذه القائمة تنفيذاً للأمر الملكي الذي صدر مطلع شباط الماضي والقاضي بتجريم كل من يقاتل خارج السعودية، حيث نص على تشكيل لجنة تكون مهمتها إعداد قائمة بالتيارات والحركات التي ينطبق عليها وصف الإرهاب، ويُجرَّم بالتالي كل من ينتمي إليها أو يتعاطف معها.

وبينما ذكر قرار اللجنة، المشكّلة من ممثلين عن وزارة الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والخارجية وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام، الأسماء الصريحة لبعض التنظيمات والتيارات مثل «القاعدة» و«القاعدة في جزيرة العرب» و«القاعدة في اليمن» و«القاعدة في العراق» و«جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«حزب الله داخل المملكة» و«جماعة الإخوان المسلمين» و«جماعة الحوثي»، إلا أنه من جهة أخرى تضمن عبارات فضفاضة تجعل من تفسيره أمراً بالغ الصعوبة وخاضعاً لاختلافات كثيرة قد تكون مقصودة من أجل ترك هامش أمام السلطات السعودية للمناورة أو المرونة مع بعض التنظيمات التي ارتبطت معها بعلاقات قوية، لا سيما على الساحة السورية، وقد يكون أهمها «جيش الإسلام» خصوصاً و«الجبهة الإسلامية» عموماً.
فمن غير الواضح ما إذا كانت «الجبهة الإسلامية» مشمولة بوصف الإرهاب حسب القائمة السعودية أم لا. ورغم أن عدم ذكر «الجبهة الإسلامية» بالاسم ضمن القائمة يوحي بأنها مستثناة من هذا الوصف، وذلك استمراراً في سياسة الدعم التي طالما اتبعتها الرياض مع مكونات الجبهة، وخصوصاً «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش. إلا أن تأكيد قرار اللجنة على أن القائمة تشمل «كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات فكراً أو قولاً أو فعلاً» وكذلك «كل التنظيمات الواردة في قرارات مجلس الأمن والهيئات الدولية» ومن «عرفت بالإرهاب وممارسة العنف» يشير إلى أن القرار فضفاض، وقد يتسع للكثير من التنظيمات والتيارات غير الواردة بالاسم في القائمة، لكنه متروك لتقدير القيادة السياسية في البلاد لاتخاذه في الوقت المناسب لها، والذي يخدم مصلحتها.
مع ذلك، فإن الانطباع الأولي الذي يرد إلى الذهن لدى الاطلاع على القرار هو أن السعودية استثنت بالفعل «الجبهة الإسلامية» من وصف الإرهاب. ومما لا شك فيه أن هذا الاستثناء سيضع المملكة في مواجهة تناقضات جسيمة، فكيف لها أن تسوّغ تصنيف «جماعة الإخوان المسلمين» على أنها إرهابية ثم تستثني من هذا التصنيف تنظيماً يصف نفسه بأنه «سلفي جهادي» مثل «أحرار الشام» التي تهيمن على «الجبهة الإسلامية»، والمعروف أن «السلفية الجهادية» أكثر تطرفاً من «الإخوان» فكراً وعملاً؟ والأهم من ذلك أن حركة «أحرار الشام» تضم شخصيات قيادية من «القاعدة»، ولا نقصد بذلك أبو خالد السوري الذي قُتل مؤخراً وحسب، فقد أكد مصدر جهادي لـ«السفير» أن هاني اللاحم الذي قتل في وقت سابق كان أيضاً شخصاً قيادياً مرتبطاً بـ«القاعدة».
وإذا كان كلا الرجلين المذكورين قد قتل قبل صدور القرار السعودي الأخير، فإن المصدر يذكر اسم عبد الحميد السوري، واسمه الحقيقي بهاء الجغل، مؤكداً أنه من قيادات «القاعدة» (تيار «القاعدة» المعارض لأسامة بن لادن والذي ضم ثلاثة سوريين هم أبو مصعب السوري وأبو خالد السوري وعبد الحميد السوري) وفي الوقت نفسه هو من مؤسسي «أحرار الشام» وأحد القيادات البارزة فيها. وقد اعتقل الجغل في باكستان من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية في أيار العام 2002 لارتباطه بتنظيم «القاعدة» وسلّمته إلى السلطات السورية التي أفرجت عنه عند انتهاء مدة عقوبته أواخر العام 2011، ليخرج وينضم إلى «أحرار الشام» وأصبح أحد قياداتها المؤثرة.
ويضيف المصدر أن شخصاً آخر، يدعى أبو الصادق، وهو قيادي في «حركة أحرار الشام»، وكان ممثلاً لها في «المحكمة الشرعية في حلب»، هو أيضاً من القيادات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وسبق له القتال مع أبي مصعب الزرقاوي في العراق، لكنه بحسب المصدر عميل للاستخبارات السعودية، التي كلفته بين العامين 2004 و2005 إبان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري بتشكيل تنظيم إسلامي في سوريا، حيث كانت التوقعات أن سوريا في تلك الفترة كانت مرشحة لتشهد أعمال عنف وفوضى كتلك التي تشهدها منذ ثلاث سنوات، إلا أن انكشاف التنظيم واعتقال السلطات السورية لأبي الصادق، الذي قدم اعترافات كاملة عن التنظيم وارتباطاته، دفع الرياض إلى الإقرار بفشل المحاولة، وسلّمت السلطات السورية عدداً من المطلوبين المرتبطين بتنظيم أبو الصادق، وأهمهم صهره حسن صوفان. ولا معلومات متى أُفرج عن أبي الصادق، لكن المؤكد أنه أصبح أحد قيادات «أحرار الشام» البارزين.
وليس التناقض في كيفية التعامل مع «أحرار الشام» هو العقبة الوحيدة، إذ يشكل تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» على أنها تنظيم إرهابي وفق القرار السعودي، تحدياً خطيراً للسلطات السعودية، ولا سيما على الساحة السورية. فعلى الساحة السورية، ليس هناك كتائب أو فصائل مسلحة تتبع تنظيمياً لجماعة «الإخوان» إلا «هيئة حماية المدنيين»، لكن من المعروف أن أتباع ومناصري «الإخوان» يتوزعون على العديد من الفصائل والكتائب المسلحة، حتى أن أبا عيسى الشيخ، رئيس مجلس شورى «الجبهة الإسلامية» وقائد «ألوية صقور الشام»، ينتمي إلى عائلة «إخوانية» معروفة، وكان والده ممن هربوا خارج البلاد إبان أحداث الثمانينيات الدموية مع تضارب الروايات حول اعتقال الأب من قبل السلطات السورية وإعدامه بعد ذلك.
وكذلك فإن «جيش الإسلام»، بقيادة زهران علوش، يضم أعداداً كثيرة من «الإخوان» أو المتعاطفين معهم، إضافة إلى «لواء التوحيد» و«جبهة ثوار سوريا» بقيادة جمال معروف وغيرها كثير من الألوية التي لم يسمها القرار السعودي بالاسم في تحديده للتنظيمات الإرهابية، رغم أنه أكد شمول «كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات فكراً أو قولاً أو فعلاً».
ومن المتوقع أن يترك القرار السعودي بتصنيف كل من «جبهة النصرة» و«داعش» كمنظمات إرهابية، أثره على التطورات الميدانية على الساحة السورية، لا سيما لجهة الصراع بين التنظيمين. لأن تصنيف «النصرة» على أنها إرهابية، واستثناء «الجبهة الإسلامية»، وهي حليفة «النصرة» من هذا التصنيف، سيؤدي تلقائياً إلى أحد احتمالين، إما التباعد بين «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» لأن الأخيرة لا تستطيع التعامل مع جهة تعتبرها السعودية إرهابية، خصوصاً أن معظم تمويل «الجبهة الإسلامية» يأتي من السعودية والخليج، وهو ما قد يدفع «النصرة» إلى التقارب مع «داعش».
والاحتمال الثاني، وهو مستبعد، أن تتمرد «الجبهة الإسلامية» على القرار السعودي، وتستمر في تحالفها مع «النصرة» ضد «داعش»، وهذا في حال حدوثه سيؤدي إلى حدوث صدع كبير داخل «الجبهة الإسلامية»، ومن غير المستبعد أن ينفرط عقدها وتنقسم بعضها على بعض، لأن زهران علوش، الذي يقود «جيش الإسلام» وهو في الوقت ذاته القائد العسكري لـ«الجبهة الإسلامية»، لا يمكن أن يتمرد على قرار ولاة أمره السعوديين.

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

الأمر الملكي يعكس إمكانية ومخاطر ارتدادات الحرب في سوريا على أمن المملكة السعودية وشرعية نظامها السياسي

    فبراير 11, 2014   No comments
السعودية بعد "الأمر الملكي".. ضبط التفلت الداخلي وعودة التواصل الفعال مع واشنطن
علي عبادي

تلوح نذر ارتدادات الحرب في  سوريا على أمن المملكة السعودية وشرعية نظامها السياسي أكثر من أي وقت مضى. لقد انتهت مغامرة إسقاط النظام في سوريا التي تقودها الحكومة السعودية حتى الآن الى إخفاقات جمّة من بينها: شعور السعودية بالإغتراب عن أوثق حلفائها في العالم: الولايات المتحدة الاميركية بسبب التباعد (المصحوب بفتور العلاقة) بين الموقفين في التعامل مع قضايا إقليمية، النظام في سوريا يعاود النهوض برغم قساوة الحملة التي عصفت به من كل جانب، ايران التي سعت الرياض الى عزلها عبر قطع القناة السورية تبدو أقرب الى تحقيق هدفها في أن تصبح قوة إقليمية عظمى، حزب الله أحد مقاصد الحملة على سوريا ينجح في تجاوز واحد من أصعب التحديات التي واجهها منذ انطلاقته وهو يعود شريكاً "مقبولاً" في الحكومة اللبنانية بعد أن استبعدته شروط حلفاء الرياض مرة بدعوى احتفاظه بقدراته العسكرية، ومرة أخرى بحجة انخراطه في القتال في سوريا. غير ان الثمن الأكثر فداحة الذي تدفعه الحكومة السعودية يتمثل في خروج آلاف الشباب السعوديين عن طاعتها بعدما هاجروا الى سوريا للقتال وقد حصل بعضهم على بركة رسمية أو غض طرف، كما يتمثل في امتناع العديد من المشايخ- الدعاة عن الإنضباط ضمن التوجيهات الرسمية، فذهبوا بعيداً في التبشير بـ"الحرب المقدسة" في بلاد الشام والتي لا تدانيها بالنسبة لهم أولوية أخرى.

مثـّل الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبدالله بن عبدالعزيز قمة جبل الجليد الذي يكتنف حالياً العلاقة الصعبة التي تربط بين العائلة الحاكمة وشعبها. لقد أصبحت استعادة ولاء بعض الرعية أمراً ضرورياً، بعدما أفلت الأمر او كاد من يد السلطة. ربطت القيادة السعودية تحقق أهدافها الإقليمية ، وإلى حد ما مشروعية سياساتها، بإسقاط النظام في سوريا من جهة، وإسقاط الأنظمة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبلدان أخرى من جهة ثانية. نجحت في إنجاز الهدف الثاني، لكن مضاعفاته على الداخل السعودي ليست بسيطة بسبب التعاطف والتأييد الذي يلقاه "الإخوان" من جانب شريحة من السعوديين الحركيين، وينعكس ذلك تعارضاً صريحاً مع توجهات السلطة في الموقف من أحداث مصر. وقد خصص الأمر الملكي نصيباً من الإهتمام لهؤلاء تحت عنوان "التيارات أو الجماعات الدينية او الفكرية المتطرفة" الخ . أما الهدف الأول فيواجه مصاعب تقضّ مضجع القيادة السعودية التي لا تستطيع تخيل بقاء الرئيس الأسد في السلطة ولو في المرحلة الإنتقالية وتسعى جاهدة لتكوين الظروف الميدانية والدولية التي تحول دون ذلك. غير ان ذلك لا يشفع لها لدى قسم من الشباب والمشايخ الذين يرون في المشهد الإقليمي، وخاصة في سوريا، فرصة للخروج من عهدة الوصاية الأبوية للعائلة الحاكمة. هؤلاء وجدوا في سوريا (وجزئياً في العراق واليمن) ساحة "حرة" يستطيعون فيها ان يعبروا عن أنفسهم من دون أي قيد أو رقابة، وأصبح كل من يريد أن يخطّ مشروعاً إعتراضياً يتوجه الى إحدى الساحات الساخنة لكي يتمكن من التأسيس لذلك.


مواجهة الإنشقاقات والإنفلات 
استعاد الملك عبدالله في الأمر الملكي نبرته التي ظهرت عقيب تفجير مجمعات سكن الرعايا الغربيين والأجانب في الرياض عام 2003 حين قال: "ليس بيننا وبينهم ( القائمين بالتفجيرات) الا السيف"، رافضاً إقتراح بعض الدعاة للحوار معهم. وهو يتخذ مرة جديدة قرار المواجهة الى الآخر، كان "الأمر" شاملاً في حق: الذين يقاتلون في الخارج، او الذين ينتمون للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية، او الذين يؤيدونها أو يتبنون فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو يفصحون عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو يقدمون أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو يحرضون على شيء من ذلك أو يشجعون عليه أو يروجون له بالقول أوالكتابة بأي طريقة. باختصار، قطع الأمر الملكي الطريق على أي فعل يُشتمّ منه الخروج على السياسات المنضبطة بإيقاع السلطة، وفي ذلك مغزى عميق يستبطن القلق مما وصلت إليه الحال داخل المملكة. ويمكن قراءة هذا التوجه الرئيسي الذي سيترك بصماته على تعامل السلطة السعودية داخلياً في الفترة المقبلة في اتجاهات عدة:

أولاً: في اتجاه أركان العائلة المالكة التي عرفت بعض الترهل في قيادة السياسات الداخلية والخارجية في غياب قدرة الملك على المتابعة لأسباب تتعلق بالسن والصحة. وليس خافياً ان بعض الأمراء لم يعودوا يستسيغون مماشاة توجهات مدير الاستخبارات ورئيس مجلس الامن الوطني الأمير بندر بن سلطان التي فتحت أبواباً مغلقة وأشاعت أجواء تهددُ الأمن الداخلي من خلال إهمال مشكلة تورط عدد هائل من الشباب السعوديين في الحرب السورية. ويقال هنا إن وزير الداخلية الامير محمد بن نايف تبنى وجهة نظر ترى في مواجهة تنظيم القاعدة وفروعه أولوية أكبر من مواجهة النظام في سوريا، بخلاف الأمير بندر. ومن اللافت هنا ان اللجنة التي قضى الأمر الملكي بتشكيلها لإعداد قائمة  بالتيارات والجماعات المتطرفة والإرهابية تشكلت من وزارات: الداخلية، الخارجية، الشؤون الإسلامية والأوقاف، العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وليس واضحاً أي دور فيها للإستخبارات او لوزارة الدفاع وهما الجهتان اللتان اضطلعتا ميدانياً بمهام مباشرة في الحرب السورية.

ثانياً: في اتجاه المؤسسة الدينية او بعض خيوط نسيجها التي "شقت الصف". أفصح عن ذلك مثلاً رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ الذي صرح بأن هناك "دعاة للفتن داخل جهاز الهيئة"، متوعدا بإقصائهم، واعتبر ان "من يدعو إلى الجهاد في الدول المجاورة دعواه باطلة، وهو بذلك محرّض ويدعو إلى الفتن، لا يجوز الخروج عن طاعة ولي الأمر". كما ان الفضائيات ووسائل الإعلام القريبة من الحكومة بدأت حملة إعلامية لفضح من تسميهم "دعاة الفتنة" و"نجوم الفضائيات" و"شيوخ الدرهم والدينار".

ثالثاً: في اتجاه الجهاز التنفيذي للدولة، سواء السلك الوظيفي المدني او العسكري، وقد ظهرت تقارير عن حصول حالات انشقاق مع توجه عسكريين في الخدمة الفعلية بالجيش السعودي الى سوريا. وتناول الأمر الملكي هذه الفئة بالتحديد عندما نص على انه "إذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن ثلاثين سنة".

رابعاً: عامة الناس الذين تشتت ولاؤهم بين أصحاب المنابر الأرضية (المساجد وغيرها) والفضائية خلال الفترة الماضية بسبب تصاعد خطاب التطرف من كل ناح، ما أحدث حرجاً بالغاً للسلطة وهدد مكانتها.


العودة الى حضن واشنطن
وثمة رسالة بالغة الأهمية موجهة للخارج مفادها إظهار السعودية على أنها لا تزال شريكاً أساسياً في الحرب على الإرهاب. ولا يمكن فهم هذا المغزى من دون الرسالة العلنية التي بعثت بها الإدارة الأميركية الى "قادة دول المنطقة" أواخر العام المنصرم لطلب "اتخاذ التدابير الفعالة لمنع تمويل وتجنيد عناصر في المجموعات (الارهابية)، ومن بينها الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، وإيقاف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا، حيث يقوم الكثير منهم لاحقاً بتنفيذ تفجيرات انتحارية ضد مدنيين أبرياء في العراق". ومن غير المنطقي ان يأتي الإعلان عن إضافة الرياض الى قائمة دول يخطط الرئيس الاميركي اوباما لزيارتها الشهر المقبل من باب الصدفة في اليوم نفسه الذي نـُشر فيه الأمر الملكي السعودي. وعلى ضوء التطورات الأخيرة على الساحة الدولية، تحتاج الرياض الى إعادة ترتيب علاقاتها مع واشنطن وطي صفحة إنزعاجها من التحول الاميركي المحدود في شأن التعامل مع ملف أزمة سوريا وملف برنامج ايران النووي. ويقال إن واشنطن، بعد دعوتها قادة المنطقة لمكافحة الإرهاب، قدمت للقيادة السعودية أدلة استخبارية على ارتباط مسؤولين ومواطنين سعوديين بدعم منظمات في سوريا مدرجة على اللوائح الأميركية للإرهاب من ضمنها "جبهة النصرة" التابعة للقاعدة. وما يريد الاميركيون لفت انتباه السعوديين اليه ان هذه المنظمات تستخدم الأراضي السورية ساحة للتدريب بهدف نشر خلاياها في دول كثيرة، وهذه نقطة تهم السعوديين بالدرجة الاولى، كما تهم الأميركيين. وأصبح في قناعة الأميركيين ان الوضع على الأرض في سوريا أصبح شديد السيولة بحيث يصعب الإحاطة باتجاهات المنظمات المسلحة وأهدافها ومدى نفوذها في ضوء الإنشقاقات المتتالية والإستقطابات الحادة وتبادل السيطرة على المناطق. ويمكن القول انه لم يعد بإمكان أحد ان يزعم انه يستطيع توجيه مسار الأمور. وقد نقل عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي غراهام عن وزير الخارجية الامريكي جون كيري قوله في لقاء خاص مع اعضاء الكونغرس ان "خطر القاعدة حقيقي ويخرج عن نطاق السيطرة". ولا تزال واشنطن تعتقد بإمكان الحصول على تعاون السعودية وقطر وتركيا في هذا المجال بما يسهم في لملمة صفوف المعارضة السورية في الخارج التي باشرت مفاوضات مع الحكومة السورية في جنيف وتحجيم المنظمات ذات البعد الإرهابي الدولي.


تنظيف البيت الداخلي
غير ان السعودية التي تأخرت في تدارك تداعيات الإنفلاش المسلح على الأراضي السورية على أمنها القومي، تعرف ان القضية ليست سهلة وتتطلب وقتاً طويلاً وصراعاً متجدداً مع التيار الجذري في البيئة التكفيرية؛ هذا التيار يستفيد الآن من ساحة قتال جديدة ليست بعيدة كثيراً عن المملكة وهو يعدّ العدّة لمنازلة السلطات السعودية رداً على محاولة استبعاده. ولكن ثمة مشكلة هنا تحتاج الى مقاربة توفيقية: إذا كانت القيادة السعودية قد حزمت أمرها في مواجهة الخروج على نسقها في إدارة الملفات الإقليمية، فكيف ستستطيع المواءمة بين انخراطها الساخن في الأزمة السورية تسليحاً وتمويلاً وبين منع مواطنيها من التجند مع المقاتلين هناك او إبداء المساندة لهم بأي صورة كانت؟ أيضاً هناك استحقاق آخر يتعلق بتنظيف البيت الداخلي للعائلة المالكة من رواسب التورط في الأزمة وتحديداً في ما يتعلق بمسؤولية رئيس الاستخبارات الأمير بندر بن سلطان وأخيه غير الشقيق الأمير سلمان الذي أقام غرفة عمليات في الاردن لتنسيق جهود المعارضة المسلحة في سوريا. وهناك من يرى أن غياب بندر (البعض يقول إنه موجود في اميركا بغرض "العلاج") عن المشهد السعودي الحالي قد يكون مقدمة لإبعاده بعد فشله في تحقيق تعهده بإطاحة الرئيس بشار الأسد.

بعد توصل واشنطن وموسكو الى اتفاق للتخلص من الترسانة الكيماوية السورية، قيل يومها إن روسيا وفرت سُلـّماً يمكن ان يستخدمه الأميركيون للنزول من أعلى الشجرة بعد تهديدهم بضرب سوريا وظهور عواقب جسيمة لهذا الأمر. والآن يبدو ان الأميركيين يمدون سلـّماً لأصدقائهم السعوديين للنزول من الشجرة المليئة بالأغصان الشائكة التي صعدوا اليها حين حددوا سقفاً عالياً لموقفهم من الأزمة السورية دون حساب لتداعياتها. بعضهم يرى أنه توجد الآن فرصة أمام الرياض للبدء في معالجة الإختلالات التي صاحبت زمن المواجهة مع العديد من الاطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً، ويمكن ترجمة الأمر بفتح نافذة حوار مع طهران وقبول مبدأ البحث عن تسوية سلمية للأزمة السورية بما يؤدي فعلاً الى تهدئة خطاب التطرف وتجفيف الساحات التي ينبت الإرهاب عليها. فهل تملك السعودية الجرأة للإعتراف بالأخطاء والإقدام على تصحيحها؟

________________

الأربعاء، 15 يناير 2014

تييري ميسان: تنظيم القاعدة.. استطالة سرية لحلف شمال الأطلسي

    يناير 15, 2014   No comments
تييري ميسان
لاتزال تؤكد الدول الأعضاء في حلف ناتو, حتى هذا الوقت, أن حركة الجهاد الدولية التي دعموا تشكلها إبان الحرب ضد السوفييت في أفغانستان (1979), قد انقلبت ضدهم منذ عملية تحرير الكويت (1991), ويتهمون تنظيم القاعدة بتدبير هجمات 11 أيلول-سبتمبر 2001. لكنهم يقرون بعودة بعض العناصر الجهادية للعمل مجددا معهم, في ليبيا وسورية, خصوصا بعد مقتل أسامة بن لادن (2011).

لكن سرعان ماوضعت واشنطن حدا نهائيا لهذا التقارب التكتيكي وذلك في شهر كانون أول-ديسمبر 2012.

غير أن الحقائق تنفي صحة هذه الرواية: لأن تنظيم القاعدة لم يستهدف أبدا أيا من مصالح حلف شمال الأطلسي, بل على العكس من ذلك, فقد قاتل على الدوام أعداء حلف شمال الأطلسي كما تكشف لنا الفضيحة التي تهز تركيا في الوقت الحالي.

جميعنا صار يعرف أن "مصرفي" تنظيم القاعدة ياسين القاضي, كان معروفا بهذه الصفة, وأن الولايات المتحدة تلاحقه منذ الهجوم على سفارتيها في كينيا وتانزانيا (1998), هو أيضا صديق شخصي لكل من نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني, ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

الآن نكتشف أن هذا "الارهابي المصرفي" يعيش حياة مترفة, متنقلا بطائرته الخاصة, ضاربا عرض الحائط بالعقوبات المفروضة عليه من قبل الأمم المتحدة.

هكذا تمكن من زيارة صديقه أردوغان, أربع مرات على الأقل خلال العام 2012, حيث كانت تحط طائرته في مطار اسطنبول الثاني, وكان يجري استقباله من قبل رئيس الوزراء شخصيا, طبعا دون المرور عبر بوابة الجمارك, وبعد قطع التيار الكهربائي عن كل كاميرات المراقبة.

ووفقا للشرطة والقضاة الأتراك الذين رفعوا الغطاء عن هذه المعلومات, وقاموا باعتقال أبناء الوزراء المتورطين في القضية في 17 كانون أول-ديسمبر 2013, قبل أن يسحب رئيس الوزراء ملف التحقيق من أيديهم, ولنقل قبل أن يجردهم من وظائفهم, فقد كشفت هذه المعلومات كيف أنشأ ياسين القاضي ورجب طيب أردوغان نظاما واسعا في تحويل الأموال بشكل سري لتمويل أنشطة تنظيم القاعدة في سورية.

لكن الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تم فيه الكشف عن هذه اللعبة المزدوجة اللامعقولة, قامت دورية تركية من الدرك بإيقاف شاحنة محملة بأسلحة مرسلة لتنظيم القاعدة بالقرب من الحدود مع سورية. واحد من الأشخاص الثلاثة الذين تم اعتقالهم, أفاد بأن الحمولة موجهة لحساب جمعية انسانية تابعة لتنظيم الاخوان المسلمين في تركيا, في حين أفاد شخص آخر من الموقوفين أنه عنصر في مهمة تخص جهاز الاستخبارات التركية.

في نهاية المطاف, فقد تدخل حاكم الولاية, ومنع الشرطة والقضاء من القيام بعملها في هذه القضية, مؤكدا أن هذه الحمولة هي عملية سرية تخص جهاز الاستخبارات العسكرية, مصدرا أوامره بترك الشاحنة وحمولتها تستأنف رحلتها.

لقد نوه التحقيق أيضا إلى أن التمويل التركي لتنظيم القاعدة عمد إلى استخدام قناة مالية ايرانية, كي يغطوا تحركاتهم في سورية, وينفذوا عمليات ارهابية في ايران, في آن واحد.

حلف شمال الأطلسي الذي يتمتع ضمن أوساط الرئيس الأسبق رفسنجاني بمتواطئين معه في طهران, على أثر عملية "ايران –كونترا", يعمل حاليا مع أشخاص من داخل إدارة الرئيس روحاني.

هذه الحقائق تكذب فرضية المعارضة السياسية السورية في المنفى, التي تدعي أن جبهة النصرة وداعش هما من صنع المخابرات السورية, وأنهما مكلفتان بإشاعة الرعب في نفوس السكان بهدف إعادتهم إلى صف النظام.

إذا كان بوسعنا أن نقر اعتبارا من الآن, أن غالبية قادة دول حلف شمال الأطلسي يجهلون كل مايتعلق بدعم منظمتهم للإرهاب الدولي, غير أنه من واجبنا أن نعترف في المقابل, أن حلف شمال الأطلسي, هو رأس الارهاب العالمي.

ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.