وائل عبد الفتاح
السقوط كبير
ليس رئيسا اراد تأسيس ديكتاتورية بائسة.
ولا جماعة احتلت دولة وأرادت اعادة بناء ديموقراطيتهم المستبدة.
لكنه سقوط مشروع دولة الفرعون الاسلامي ...وإعادة «الخلافة « وسلطة الفقهاء.
محمد مرسي في ٣٦٥ يوما انهى مشروعا ظهر في مصر منذ ٨٥ عاما وصدّره الى العالمين العربي والاسلامي ، ثم اسقطته مصر ايضا... بخروج اكثر من ٣٣ مليون مواطن، أي اسقطه المجتمع لا السلطة المنافسة.
التنظيم الذي عاش باسطورة المضطهد من دولة الجنرال اراد خطف موقع الجنرال وإقامة دولته، لتكون مقدمة لدولة الشيخ / الفقيه، فقد كل هذا الان في مواجهة جماهير خرجت كما لم تخرج من قبل لتعلن كونها شعبا... لا قطيع ورعيّة... جماهير ترفض فخ الهوية المغلقة / هوية التمييز على اساس ديني، الخروج الكبير رمم شرخا في الذات الجماعية للمصريين، وأنهى عقودا من الابتزاز باسم الدين، وسلطة مهاوييس الفاشية الدينية، هؤلاء الذين استثمروا وديعة مبارك (الجهل والتخلف والفقر) لتكوين قطعان من المؤمنين بأن الدفاع عن كرسي مرسي دفاع عن الاسلام... هؤلاء كانوا آخر حائط بشري أقام بجوار مسجد رابعة العدوية في اقصى درجات البؤس الانساني ينتظرون ظهور جبريل (عليه السلام) وأوباما في يوم واحد.
انقلاب أم ثورة؟
السقوط كبير
ليس رئيسا اراد تأسيس ديكتاتورية بائسة.
ولا جماعة احتلت دولة وأرادت اعادة بناء ديموقراطيتهم المستبدة.
لكنه سقوط مشروع دولة الفرعون الاسلامي ...وإعادة «الخلافة « وسلطة الفقهاء.
محمد مرسي في ٣٦٥ يوما انهى مشروعا ظهر في مصر منذ ٨٥ عاما وصدّره الى العالمين العربي والاسلامي ، ثم اسقطته مصر ايضا... بخروج اكثر من ٣٣ مليون مواطن، أي اسقطه المجتمع لا السلطة المنافسة.
التنظيم الذي عاش باسطورة المضطهد من دولة الجنرال اراد خطف موقع الجنرال وإقامة دولته، لتكون مقدمة لدولة الشيخ / الفقيه، فقد كل هذا الان في مواجهة جماهير خرجت كما لم تخرج من قبل لتعلن كونها شعبا... لا قطيع ورعيّة... جماهير ترفض فخ الهوية المغلقة / هوية التمييز على اساس ديني، الخروج الكبير رمم شرخا في الذات الجماعية للمصريين، وأنهى عقودا من الابتزاز باسم الدين، وسلطة مهاوييس الفاشية الدينية، هؤلاء الذين استثمروا وديعة مبارك (الجهل والتخلف والفقر) لتكوين قطعان من المؤمنين بأن الدفاع عن كرسي مرسي دفاع عن الاسلام... هؤلاء كانوا آخر حائط بشري أقام بجوار مسجد رابعة العدوية في اقصى درجات البؤس الانساني ينتظرون ظهور جبريل (عليه السلام) وأوباما في يوم واحد.
انقلاب أم ثورة؟
لم يعد لديهم غير الراعي الاميركي يحاولون معه احياء «شركة الحكم».
مرسي ظهر في فيديو متلفز بعد اذاعة بيان ازاحته، يكلّم راعيه الاميركي وبقايا جمهوره، ويحاول الدفاع عن كرسيه الى آخر مدى (الدم)، ويمارس ابتزازا يختصر فيما حدث في أنه انقلاب عسكري.
الترتيبات تأخرت لكي لا تظهر علامات قد توحي بأنه انقلاب. وعلى عكس ظهور المجلس العسكري بعد تنحي مبارك، وطبيعته العسكرية، فقد ظهر الفريق أول عبد الفتاح السيسي وسط ما يسمى كلاسيكيا قوة مصر الناعمة (الازهر، الكنيسة، القضاء، الشباب... وقبلهم نساء ومثقفون)، وهي القوة التي كادت تختفي كلها في ظل طغيان حكم الجماعة.
كان هؤلاء يعلنون انتصار الشعب / المجتمع على الجماعة، ويتخلص من حكم الفاشية الدينية، بينما الجماعة / العصابة تواجه مصيرها كقبيلة ملعونة، مطاردة، ليس امامها الا تحريض جمهورها من الانتحاريين لاشعال الاقتتال الاهلي، او لتحريض العالم على من ثاروا على حكمهم.
رواية الاخوان ستقود رواتها الى السجن، حتى مرسي نفسه تنتظره محاكمة على جرائم قد تصل الى الخيانة العظمي (بتعريضه السلم الاجتماعي للخطر وتحريضه على العنف واتصاله بإرهابيين في اتصالات مرصودة بالفعل).
مرسي ظل يفاوض طويلا على مصير مكتب الإرشاد، لكن الأوامر صدرت بمنع ٢٧٠ من قادة الاخوان والمتحالفين معهم من السفر، تمهيدا للسيطرة عليهم، وتقديمهم الى محاكمات على أطول سنة في تاريخ مصر.
هذه هي الموجة الثالثة للثورة
الأولى قامت ضد حكم الجنرال المقنّع (نصف المدني/ نصف العسكري).
والثانية أنهت أسطورة حكم العسكر (أو بمعني أدق وصاية مؤسسة العسكر المستمدة من انتصار الضباط الاحرار في يوليو ١٩٥٢).
والثالثة تنهي على الهواء مباشرة دولة الفقيه / المرشد وتنظيمات الابتزاز ونشر الكآبة العمومية وإرهاب الناس باسم الله والاسلام.
مع كل موجة كنا نصل الى مرحلة أفضل... لكن أخطر.
التحديات تكبر ولا تتوقف.
والمؤسسات المعادية أو المضادة للثورة (دولة قديمة / اخوان / تحالفات المال والسلطة) تحاول تطوير وجودها للتوافق مع كل موجة.
في كل مرة تتصور إحدى هذه القوى إمكانية ركوبها الدائم على الثورة، وفي كل مرة ينتهي هذا الى تفكيك الاساطير القديمة او تحطيمها / تدميرها.
هكذا مثلا تصور المجلس العسكري (القيادة العجوز/ بمصالحها القديمة المتهالكة) أن طلبها من مبارك الرحيل، يمكن أن يتحول الى صك مبايعة يعود فيه الشعب الى النوم مبكراً ليتفرغ العسكر في غزل ونسج دولة على هواهم ومزاجهم الأبوي الخالص.
تصور المجلس في مرحلة (المشير والتماسيح العجوزة) أنهم سيمدّون في عمر «دولة يوليو» التي تحتضر منذ يونيو ١٩٦٧.
انتهى الصدام بين التماسيح والثورة الى تهشّم أسطورة الوصاية العسكرية / الكاكي وإلى مسار ١٩ آذار الذي صاغه التقارب بين الاخوان ومجلس المشير ومهد الارض لحكم وحلم الاخوان في تأسيس ديكتاتورية مماليك إخوانية.
عبر هذا المسار الملعون دخلت مصر إلى متاهات شركة الحكم بين العسكر والاخوان الى أن اعلن مرسي انقلابه في ٢١ تشرين الثاني بالإعلان الدستوري الملعون ايضا... هنا تكشّف الوجه القبيـــح تحـــت الابتســـامة الباهـــتة... وتشققـــت الشــركة بعــد الكشـــف عن الشهـــوة والطمع.
ومع كل شهيد يسقط في طريق الثورة كانت اللعنة تصيب المؤسسات التي تريد اعادة بناء دولة الاستبداد والتسلط والوصاية.
لم يفهم ركاب الموجتين السابقتين معنى التغيير في المجتمع من الثبات الى الحركة.
لم يعد المجتمع ثابتا ينتظر التغيير من أعلى
أو بمعنى أدق لم يعد يحتمل التغيير القائم على الخداع، ربما يفعل هذا بدون خبرات سابقة أو بمساحة كبيرة من عدم الثقة في النخب السياسية الجديدة، وهذا ما يدفعه الى المؤسسات المستقرة (الجيش والإخوان).
لكن المجتمع يجرّب...
يجرّب وفي خبراته ووعيه مكتسب جديد وهو أنه كلما أراد التغيير فإن الشارع ملك له.
هكذا تسلّم كل موجة للموجة التالية دروساً وخبرات وقوى جديدة وطاقات قادرة على إثارة الدهشة، بينما الدولة القديمة لم يعد باقيا منها إلا كيانات عفنة متناثرة، ليست قادرة على أن تصبح جسما، ولم تعد لديها القدرة على إقناع المجتمع بخطاباتها المتهالكة. تبحث فقط عن جسم كبير تعيش داخله.
الثورة تخلصت كما لم يتوقع أحد من مشروع تدميري، حملته على ظهرها، واستخدمته الدولة القديمة في تعطيلها.
وهذا يمنح الأمل... أو مزيداً من الثقة
كما يُعلي من درجة الخطر.
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات