الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

تونس تطوي انتخاباتها بتهنئة المرزوقي للرئيس الجديد الباجي القائد السبسي

    ديسمبر 23, 2014   No comments

طوت تونس أمس صفحةالانتخابات الرئاسية، فيما كان لافتاً حجم الاحتفاء الدولي بانتخاب الباجي القائد السبسي، الذي قال في أول كلمة له إنه سيكون «رئيساً لكل التونسيين»

تعهد الرئيس التونسي المنتخب، الباجي قائد السبسي، مساء أمس، بأن يكون «رئيساً لكل التونسيين»، داعياً مواطنيه الى نسيان «انقسامات» فترة الحملة الانتخابية.
وقال قائد السبسي (88 عاماً)، في كلمة عبر التلفزيون التونسي العام، «أؤكد أني سأكون إن شاء الله رئيساً لكل التونسيات والتونسيين»، شاكراً في الوقت ذاته منافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي.
وقال «أتوجه بالشكر الى السيد الرئيس السابق المنصف المرزوقي الذي هاتفني منذ حين وهنأني على ثقة الشعب. أشكره وأقول له إن الشعب التونسي لا يزال في حاجة إليه، وأنا شخصياً، الى نصائحه».

وأظهرت النتائج الرسمية، أمس، فوز قائد السبسي بنسبة 55.68 في المئة، في أول انتخابات رئاسية حرة في تونس، أشادت بها الولايات المتحدة، التي رحبت بتونس ضمن «الدول الديموقراطية». وقال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، «نعلن فوز الباجي قائد السبسي بنسبة 55.68 على المرزوقي الحاصل على 44.32 في المئة من الأصوات.»
وفي رد فعل على مواجهات بين محتجين ورجال أمن في بعض مناطق الجنوب التونسي، حيث حلّ المرزوقي في الطليعة، إثر إعلان النتائج، دعا قائد السبسي الى الهدوء. وقال «أريد أن أتوجه الى شعبنا، سواء في الجنوب أو الشمال... إن ما يجري في بعض مناطق الجنوب ما كان يجب أن يحصل»، مشككاً في أن يكون الأمر عفوياً. وأضاف «الحملة الانتخابية انتهت، وعلينا الآن أن ننظر الى المستقبل».
واشنطن تقود الاحتفاء بالانتخابات، والدوحة تنضمّ إلى المهنئين

وكان محتجون في تطاوين (جنوب) قد أحرقواً مقر «نداء تونس» احتجاجاً على فوز قائد السبسي. وقال شهود إن قوات الشرطة التونسية أطلقت في وقت سابق، أمس، قنابل الغاز في مدينة الحامة الجنوبية لتفريق مئات الشبان المحتجين على إعلان حملة السبسي. لكن المنصف المرزوقي دعا، في بيان، إلى الهدوء، قائلاً إن «تونس انتصرت».
وقال، في بيان، «أتابع بانشغال بعض التحركات غير السلمية هنا وهناك في علاقة بنتائج الانتخابات وأدعو الجميع إلى الكف عن أي أشكال التحريض والتشنج، وخاصة في هدا الظرف الحساس». وأضاف إن «نجاح الانتخابات وإتمام المرحلة الانتقالية في حد ذاته مكسب كبير لكل التونسيين، مهما اختلفت خياراتنا وتوجهاتنا، ويجب علينا أن نتحلى بالروح الرياضية وتغليب المصلحة العليا للبلاد على أي حسابات أخرى».
وتمثل الانتخابات الرئاسية الخطوة الأخيرة في مرحلة الانتقال الديموقراطي في تونس إثر الحراك الذي أطاح الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011.
وهنأ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قائد السبسي بالفوز وتعهد بالعمل معه في الفترة المقبلة، مشيداً «بنجاح الانتخابات» التي قال إنها مرحلة هامة في «إنهاء الانتقال الديموقراطي التاريخي».
بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في بيان، «لقد ضربت تونس لمنطقتها وللعالم بأسره مثالاً مشرقاً لما يمكن تحقيقه من خلال التفاني من أجل الديموقراطية والتوافق واتباع عملية سياسية حاضنة لكل الأطراف». وأضاف «ستواصل الولايات المتحدة دعم تونس وهي تنضم إلى الدول الديموقراطية في العالم».
وفي سياق الاحتفاء بنتائج الانتخابات التونسية، هنأ الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، الرئيس التونسي المنتخب وتمنى له «النجاح الكامل في مهمته في خدمة الشعب التونسي»، وأشاد «بحس المسؤولية لديه».
بدورها، قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في برقية تهنئة للرئيس التونسي المنتخب الجديد، إن «الاتحاد الأوروبي متمسك بالعمل مع السلطات التونسية الجديدة لدعم العملية الديموقراطية».
كذلك، كانت لافتة التهنئة القطرية الموجهة إلى الرئيس التونسي الجديد. وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الأمير تميم بعث «برقية تهنئة إلى فخامة السيد الباجي قائد السبسي لمناسبة فوزه... متمنياً له التوفيق والنجاح».
__________________

تونس: عجوز على كرسي الرئاسة بعد سنوات من ثورة الشباب

نور الدين بالطيب

تونس | لم يكن أحد من التونسيين يتصور أن ذلك العجوز، الذي نسي مع من نسي من وزراء بورقيبة، الباجي قائد السبسي، سيكون رئيساً لتونس في حوالى التسعين من عمره، بعد ثورة كان عنوانها الرئيس: (الشباب).
فاز الباجي قائد السبسي (١٩٢٦) بنسبة ٥٥،٦٨% من الأصوات أمام منافسه في الدور الثاني، الرئيس المؤقت، منصف المرزوقي، الذي حصل على نسبة ٤٤،٣٢%، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات ٦٠،١١% من مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية. ويمثل وصول السبسي إلى الحكم مفارقة كبيرة بعد ثورة أطاحت النظام السابق في ١٤ كانون الثاني، قادها الشباب، من متخرجي الجامعات، العاطلين من العمل خاصة.

المفارقة في أنه ربح على مرشح "الثورة" و"الربيع العربي" الذي لقي ترحيباً عربياً ودولياً، عند انطلاقته من تونس، أواخر ٢٠١٠، وبداية ٢٠١١، والذي امتدّ بعد ذلك إلى اليمن ومصر وليبيا وسوريا، وأدى إلى نتائج كارثية في معظم الحالات.
صعود السبسي اليوم، بما يمثله من إرث رمزي، باعتباره أحد بناة دولة الاستقلال التي انطلقت في ٢٠ آذار ١٩٥٦، عندما التحق بديوان رئيس الحكومة مستشاراً للحبيب بورقيبة، يمثل نهاية عملية للمشروع الذي بشّر به منافسه، منصف المرزوقي، الحقوقي والمعارض الشرس لنظامي بورقيبة وبن علي، والذي بنى مشروعه على الترويج لمشروع "الربيع العربي" ضد "أنظمة الفساد والاستبداد" وقد كانت انطلاقة هذا المشروع من مدينة سيدي بوزيد، بعد إحراق الشهيد محمد البوعزيزي نفسه في ١٧ كانون الأول ٢٠١٠، وتبعت ذلك احتجاجات غير مسبوقة، انتهت برحيل بن علي، وتولي رئيس وزرائه، محمد الغنوشي، الحكم لليلة واحدة، ليتولى بعده رئيس البرلمان فؤاد المبزع الحكم. لكن شباب الثورة (كما يسمونهم في تونس) أسقطوا الحكومة الأولى والثانية، عبر اعتصامين شهيرين (القصبة الأولى والثانية) ولم تستقر حال البلاد إلا مع تولي الباجي قائد السبسي رئاسة الحكومة في أواخر شهر شباط ٢٠١١.

تسليم السلطة

عندما عاد اسم قائد السبسي إلى الأضواء كان اسماً جديداً لغالبية الشبان الذين شاركوا في الحراك الاحتجاجي، بسبب انسحابه من الحياة السياسية منذ سنة ١٩٩١، بعد سنة واحدة قضاها رئيساً لأول برلمان، في عهد بن علي. لكن السبسي قديم في المشهد السياسي، وله محطّات هامّة مع الديموقراطية، فهو أول من انشق على النظام البورقيبي، عندما استقال من سفارة تونس في باريس١٩٧٠، وقد كان نشره لاستقالته على أعمدة جريدة "لو موند" تحدياً ضمنياً لـ"الأب الروحي" والزعيم، الحبيب بورقيبة، الذي تحدث عن تفاصيل علاقته به في كتابه الشهير "بورقيبة الأهم والمهم". وبعد هذه الاستقالة تتالت الاستقالات من نظام بورقيبة، ومن أشهرها استقالة أحمد المستيري، والحبيب بولعراس، ومحمد مواعدة، ومصطفى بن جعفر، وغيرهم، وذلك على خلفية انتهاك النظام لأسس الديموقراطية، ومنع التعددية الحزبية وحرية الإعلام، وفي سنة ١٩٧٦ أسّس قائد السبسي مجلة بالفرنسية بعنوان "الديموقراطية" كان لها دور حيوي في نشر الثقافة الديموقراطية في بلد لا يؤمن بغير الزعيم الواحد. كما كان قريباً وفاعلاً في المجموعة التي أسست الرابطة التونسية للدفاع عن "حقوق الإنسان"، وكذلك جريدة "الراي" أواخر سبعينيات القرن الماضي، ولم يعد قائد السبسي إلى الحكومة إلا بعد اعتراف الزعيم، الحبيب بورقيبة، بالتعددية الحزبية، وحرية الإعلام، فتولّى وزارة الخارجية في عهد رئيس الوزراء، القريب من الإسلاميين، محمد مزالي، ثمّ سفارة تونس في بون بألمانيا.
استعاد قائد السبسي حضوره في المشهد التونسي بعد فشل حكومتي محمد الغنوشي، ودخل التاريخ كأول رئيس حكومة عربي يسلّم الحكم لحكومة منبثقة من برلمان انتخبه الشعب، وبرئاسة أحد قادة الحركة الإسلامية، حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة "النهضة" وقد كان الاحتفال الذي نظّمه في قصر الحكومة بالقصبة، كانون الأول ٢٠١١، سابقة في تاريخ العالم العربي، بعد ثماني سنوات من رئاسة الحكومة التي التزم خلالها بتنظيم الانتخابات، وعدم الترشح لأي منصب، وكذلك كلّ أعضاء حكومته.

العودة

بعد انسحاب السبسي، وتسليمه للحكم، لم يكن أحد يتصور أن العجوز، الثمانيني، سيعود إلى الأضواء. لكنّه اختار، منذ ٢٦ كانون الثاني ٢٠١٢، أن يعود لتحقيق المعادلة في المشهد السياسي، فأسّس حركة "نداء تونس" مع مجموعة من اليساريين واليوسفيين (أنصار صالح بن يوسف الذي اغتاله بورقيبة) والنقابيين والدستوريين، ليغدو حزبه، في وقت قياسي، القوّة السياسية الأولى التي فازت بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (٨٦ مقعداً) لتتولى بذلك، حسب الدستور الجديد، تشكيل الحكومة. كما فاز هو برئاسة الجمهورية، محققاً استثناءً تونسياً جديداً، إذ إن الاحتجاجات الشعبية، التي فجرها الشباب، وأسقطت النظام السابق، تكون بذلك قد اختارت عجوزاً على رأس الدولة، في انتخابات كان الشباب فيها الغائب الأبرز. فهل هو الحنين الى بورقيبة؟ أم اليأس من الثورة وحكم الإسلاميين وحلفائهم؟

_______________

ISR Weekly

About ISR Weekly

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.