الخميس، 4 سبتمبر 2014

كيف تحول تنظيم القاعدة ( داعش ) إلى وبال على الإسلام والمسلمين ؟

    سبتمبر 04, 2014   No comments

بقلم: مجدى حسين

أنا مدين بهذا المقال للقارئ الذي يتابعني منذ سنوات ، لأنني سأمارس فيه نوعا من المراجعة لموقفي من ما يسمى اصطلاحا تنظيم القاعدة ، الذي تحول إلى خط فكري ثم إلى مجموعات منفصلة بنفس الفكر في البلدان المختلفة . وأقول موقفي لا موقف حزب العمل ( الاستقلال حاليا ) ،لأن الحزب ليس له أي وثيقة رسمية تحدد موقفه من تنظيم القاعدة ، ولكننا في حزب الاستقلال كنا دائما نترك هامشا لحرية التعبير والآراء السياسية للكتاب، وليس فقط لأمين عام أو رئيس الحزب بل لأي كاتب في الجريدة من أعضاء وغير أعضاء الحزب ، وستجد دائما في جريدة الشعب أقلامَ (القوميين والناصريين واليساريين والليبراليين الوطنيين و الشرفاء وبطبيعة الحال الإسلاميين من كل الاتجاهات والتنظيمات والمسيحيين) ، وكل ذلك في إطار الخط العام للحزب الذي ننظر إليه باعتباره المشروع الحضاري العربي الإسلامي ، لذلك فقد كان الحزب كريمًا معي ، ومع غيري في عدم السعي إلى التطابق في كل ما نكتب ، وهذا هو مفهومنا الذي يرفض الحزبية  الضيقة التي تتصور أن الناس يمكن أن يكونوا قوالب في الآراء والأفكار ، وهذا غير ممكن ، والتمسك بهذا يخلق تنظيمات مشوهة أو يخلق آلة صماء لا يمكن أن تنجح في التفاعل مع الشعب.

كان موقف حزب العمل ( الاستقلال حاليا ) من الأحداث التي كانت القاعدة طرفا فيها يتمثل في الآتي : أن العنف الموجه للسفارات والمصالح الأمريكية هو رد فعل للمظالم الاستعمارية التاريخية والمستمرة التي تمارسها أمريكا على الأمة العربية والإسلامية ، وبالتالي لم يكن الحزب يتورط في حملات الإدانة عما يسمى الإرهاب ، ويحمل المسؤولية لأمريكا وإسرائيل وما يفعلاه في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان ، ولكن ظل حزبنا يدرك أن تقييم الأوضاع في مصر يؤكد على ضرورة التمسك بالسلمية ضد النظام العميل وبالتالي، فإن القضاء على النفوذ الأمريكي الصهيوني لا يحتاج إلا المقاومة السلمية ،لإسقاط النظام ، ولكننا أيدنا بلا تردد المقاومة المسلحة في البلاد المحتلة بقوات أجنبية : (العراق – فلسطين – أفغانستان – لبنان – الصومال) ، وبالتالي فإننا كنا نؤيد أي عمليات تقوم بها القاعدة أو غيرها ضد القوات الأمريكية في العراق مثلا



الجانب الخاص بي أنني كنت أحتفل بالقاعدة أكثر مما ينبغي ، حتى لقد وضعت صورة "أسامة بن لادن" في غرفة مكتبي التي يدخلها كثير من المخبرين والمراسلين الأجانب ، ولا أعتقد – في حدود علمي – أن سياسيا مصريا احتفل بالقاعدة مثلي ، وقد كان هذا يعرضني لمخاطر شديدة سواء في مصر أو جوانتنامو!! والذي حماني بالتأكيد أن شخصيتي معروفة بأنني مقاوم سلمي وأنني لا أقاوم المخبرين عندما يأتون لاعتقالي ، وعندما يصدر عليّ حكم بالحبس وأنا بالخارج أعود فورا لأدخل السجن !! إلخ.



لقد كتبت كثيرا أنني أختلف مع نهج القاعدة ،فيما عدا عملياتها المسلحة ضد القوات الغازية ، وكنت أعذرها في بعض عملياتها في أوروبا وأمريكا ، باعتبار أن الغربيين لا يرحموا المدنيين المسلمين ، ولكنني كنت أرفضها ، ولقد ناقشت ذلك بالتفصيل في كتابي ( أمريكا طاغوت العصر ) ، وكنت أرفض تماما عملياتها ضد الأبرياء في بلاد المسلمين والتي يروح ضحيتها مواطنون أبرياء مسلمون أو غير مسلمين من مارة الطريق . أذكر من العمليات التي آلمتني جدا : تفجير بنك بريطاني في تركيا ، لم يؤدِّ إلا إلى قتل مواطنين أتراك من العاملين في البنك أو المارين في الطريق وكنت أرى في هذا استهانة بأرواح البشر لا يمكن أن تكون مقبولة ، وهذا أخطر ما في فكر القاعدة : الفتاوى التي تستهين وتستسهل حياة البشر، بينما الدم أمر غليظ وخطير في عقيدة الإسلام . المهم دعوني أبدأ المراجعة ولأوضح كيف أصبحت أرى أن القاعدة أصبحت وبالا على الإسلام والمسلمين وأن ضررها أكثر من نفعها إن كان لها نفع!

ظاهرة الجهاد العالمي ضد السوفييت



هناك كثير من المعلومات الخطيرة التي يمكن قولها حول العلاقات العميقة التي نشأت بين المجاهدين ضد السوفييت وبين الأجهزة الأمنية الأمريكية ، وقد نشر الكثير حول ذلك ، وسننشر هذه المعلومات بعد تنقيتها في موضع آخر ، ولكن سنركز الآن على هذا النمط أو "الموديل" من الجهاد ، ونحلله ، ونرى ما نتج عنه . قام هذا النمط من الجهاد على:

أولا : تجميع المقاتلين من أقاصي الأرض ،لمحاربة الغزو السوفيتي لأفغانستان ، وقد كان مبرر ذلك واضحا ،فالحرب ضد قوة عظمى تعد الثانية في العالم بل كانت تتجه ماديا وعسكريا ،لتسبق الولايات المتحدة ، بل وسبقتها بالفعل وفقا لبعض التقديرات الاستراتيجية.

ثانيا : لأننا نحارب دولة عظمى فلا يفل الحديد إلا الحديد . إذن الاستعانة بأمريكا أمر مبرر ، نستعين بظالم لنضرب ظالما آخر ، ثم نعود لنستدير إليه ونقصم ظهره . وهذه الاستعانة بالكافرين على الكافرين فيها نظر وأرى أنها لا تجوز عموما ، ولا تجوز خصوصا في هذا الموقف ؛ لأن هذه الاستعانة لم تكن سياسية أو دبلوماسية ، بل كانت عسكرية لوجستية مالية من الطراز الرفيع ، قامت على التسليح الأمريكي والتدريب الأمريكي والمعلومات الاستخبارية الأمريكية ، ولم يكن الأمريكيون غافلين عن نظرية "تربية النمر" الذي يمكن أن يأكل صاحبه ، فهم منذ اليوم الأول ، كانوا يتحسبون لما بعد انتهاء الحرب وجندوا واخترقوا وصنعوا ( حزب النور الأفغاني والعالمي ) . أقول حزب النور ،لأن حزب النور أفادنا كثيرا من حيث لا يشعر، فالآن أدركت الناس أنه يمكن أن يكون هناك شخص ملتحيًا ولحيته كبيرة ، ولديه زبيبة ولا تفوته صلاة ويبكي فيها ثم يتضح أنه مخبر ، علمنا حزب النور أنك يمكن أن تتحدث في الفقه وتكتب فيه كتبا ثم يتضح أنك مخبر ، بل يمكن أن تحفظ القرآن بالتجويد وتكون عميلا للأجهزة . وقد كان طنطاوي شيخ الأزهر الراحل يحفظ القرآن ويفتي للسلطان بما يريد .  وما نراه في حزب النور على المستوى المحلي  حدث في أفغانستان على المستوى العالمي . بل بدأ منذ الثمانينيات من القرن الماضي على أرض أفغانستان واستمر وترعرع وتفرع ، وقد قرأت مذكرات لبعض هؤلاء المخترقين من جنسيات أوروبية ، درسوا الفقه وتعلموا البكاء في الصلاة  ،لاختراق المجاهدين!

بالنسبة لموضوع تمويل الجهاد ، اسمع هذه القصة الطريفة الموثوق فيها  التي أسرها لي  مسؤول باكستاني : في مباحثات المجاهدين مع مسؤولين  بالمخابرات  الأمريكية  كان المجاهدون الأفغان يلحون على زيادة الدعم المالي ، فقال لهم الأمريكيون : "إن الدعم يرتبط بقرارات للكونجرس وهذه عملية معقدة ،ولها سقف معين ، فلنحل مشكلاتكم المالية على النحو التالي : سنعطيكم مطبعة تطبعون عليها الدولارات التي تحتاجونها ، بحيث تخرج حقيقية وغير مزورة  ، ونتخلص من موضوع الكونجرس !! وقد تم تنفيذ هذا الاقتراح فعلا تحت إشراف مندوب من المخابرات حتى لا يتم تجاوز المعقول في الطباعة !! لقد كانت معركة ،لاستنزاف وإسقاط الاتحاد السوفيتي واستحقت كل هذه الخطوات الجريئة وغير المسبوقة . وطبعا حصل المجاهدون على كل الذي يحبونه ومنها "صواريخ ستينجر" الأمريكية المحمولة على الكتف التي أسقطت كميات من الطائرات السوفيتية، وبالتأكيد فإن المجاهدين لم يحصلوا عليها من سوق السلاح أو سوق الكانتو!

ثالثا : كان حلفا متماسكا ولم يقتصر على الأمريكان ، كان الحلف يضم حكومة باكستان ودول الخليج  الواقعين جميعا تحت السيطرة الأمريكية والسادات الذي أعلن الجهاد ضد السوفييت ،للتغطية على بيع مصر لإسرائيل وأمريكا في كامب ديفيد التي ترافقت مع صعود الجهاد الأفغاني . وطبعا دول الخليج دفعت عشرات المليارات من الدولارات  قدرها ياسر عرفات ب 40 مليار دولار ، لو دفعوا نصفها لفلسطين لتم تحريرها ، وهذه أهم وسيلة ،لاختراق واسع النطاق للمجاهدين : أي عبر الأجهزة الأمنية المصرية والباكستانية والسعودية والقطرية والإماراتية الذين كانوا يتولون مهمة التدريب والتخطيط ، فهؤلاء عرب ومسلمون وملتحون ، ويمكن أن يبكوا في الصلاة بسهولة أكبر ، ويتحدثون بلغة القرآن ،والمهم أن ندرك أن هذه الشبكة نمت وتطورت بعد انتهاء الحرب مع السوفييت.

رابعا : كان يمكن لنا التغاضي عن كل هذا طالما أننا هزمنا السوفييت وأخرجناهم من أفغانستان ، ولاشك أن المجاهدين على خط النار قدموا أرواحهم فداء للوطن والإسلام . وكان يمكن أن نترك تقييم هذه التجربة للمؤرخين ، ولكن المشكلة بدأت تظهر عندما أصبح هناك اتجاه مريب لإعادة إنتاج التجربة الجهادية الأفغانية في البلدان المختلفة.

خامسا : بعد وصول طالبان للحكم ، تحولت أفغانستان إلى ( الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين ) ،ولكنها فتحت معارك شتى مع الصين في تركستان الشرقية وروسيا في الشيشان وداغستان والقوقاز عموما ، ومع بلدان وسط آسيا مثل، طاجيكستان وأوزبكستان . وأصبحت أفغانستان دولة مزعجة لبلدان كثيرة من العالم.

سادسا : جاءت ضربة 11 سبتمبر 2001 ،وأصرت القاعدة على أنها قامت بها ، وأكدت وقائع دامغة أنها خطة أمريكية صهيونية لتبرير إعلان الحرب على العالم الإسلامي . والراجح أن هذه الخطة كانت موجودة بالفعل من قبل القاعدة ،ولكن ترك لها المجال لتفعلها ، بل وتمت مساعدتها بوضع متفجرات شديدة الانفجار في قواعد البرجين ، بل وتم تدمير برج ثالث لم تصطدم به أي طائرة ، وثبت بالدليل القاطع أن صاروخا هو الذي ضرب مبنى البنتاجون لا طائرة بوينج ! وهناك دراسات موثقة على الإنترنت وخارج الإنترنت تؤكد بعشرات ومئات الأدلة هذه الرؤية ، وسنعرض ذلك في مجال آخر . المهم أن "أسامة بن لادن" ظل يؤكد على غزوة نيويورك وواشنطن ، وصدرت عدة فيديوهات من القاعدة تؤكد مسؤوليتها ، ولم يكن الأمريكان يريدون غير ذلك ليفتروا على الإسلام والمسلمين . بل وليعلنوا الحرب الصليبية المعاصرة على الإسلام ويبدأوا بأفغانستان والعراق كخطوة أولى.

سابعا : ورغم أن طالبان والقاعدة لم يستطعا الحفاظ على دولتهم في أفغانستان وسهلوا للأمريكان مهمة ضربهما ، ورغم أن القاعدة انتهت إلى الاختباء في كهوف ثم تبين أنها شقق وفيلات في بيشاور وغيرها من المدن الباكستانية ، إلا أنه أصابها انحرافًا آخر ، وهو السعي لتأسيس دويلة في أي مكان من العالم الإسلامي ، حتى وإن كان الأمر بإقامة هذه الدويلة على جزء من قطر إسلامي ، بل تحول الموضوع إلى خط مستقر ، فيتم تأسيس دويلات وهمية في العراق وسوريا والصومال واليمن ومالي وأجزاء من الصحراء الكبرى وباكستان وليبيا . وأصبح شعار القاعدة هو تقسيم العالم الإسلامي ، تقسيم دولة ، ولا يوجد أكثر من ذلك تنفيذا للمخططات والخرائط المنشورة منذ عدة عقود في إسرائيل ومراكز البحث الأمريكية لتقسيم كل دولة عربية وإسلامية إلى عدة قطع أو شقف ، فهذا هو المناخ الذي تزدهر فيه إسرائيل وتسوس الشرق الأوسط ، وبالنسبة لأمريكا ينتهي كابوس المارد الإسلامي.



 ثامنا : عندما وقع احتلال العراق عام 2003 ،وكانت دعوة القاعدة لحشد المجاهدين من كل أنحاء العالم لقتال الأمريكان ،وكانت فكرة معقولة فقد كانت مواجهة الأمريكان في العراق معركة كل المسلمين لا تقل أهمية عن معركة أفغانستان ضد السوفييت. وأبلى المجاهدون العراقيون من القاعدة وغير القاعدة والمجاهدون العرب والقادمون من خارج العراق ، أبلوا جميعا بلاءً حسنا ، وكسروا ظهر أمريكا وجيشها ، و كان تطورا تاريخيا ، وكانت نقطة تحول في هبوط القوة العظمى الأمريكية ، كما كانت هزيمة السوفييت في أفغانستان نقطة تحول لسقوطهم كقوة عظمى ، والحقيقة فلم يكن هذا هو موقف القاعدة وحدها بل كان تيارا جارفا في العالم العربي والإسلامي ، ونذكر حملة التطوع للعراق في مصر ، والتي تصدى لها نظام مبارك واعتقل كل من أراد السفر للجهاد في العراق.

ولكن مايعنينا هنا أن القاعدة بدأت اتجاهها المنحرف بالتأكيد على إقامة الدويلات ، ولأنهم كما يتصورون : إسلاميون جدا ، فلا يعترفون بالقوميات ولا القبائل ولا الشعوب ، رغم أنها وردت في القرآن الكريم باعتبارها من آيات الله ! فهم لا يهتمون بالحفاظ على حدود الدولة الإسلامية التي اسمها العراق ولا يعترفون بالشعب العراقي ، ولكن يعترفون بالسنة فقط ، بل وبالسنة التي تبايعهم !! وقد ترافق ذلك مع حالة من السذاجة السياسية . فيتم الإعلان عن دولة مستقلة في جزء من العراق ، ويتم تعيين أميرا للمؤمنين ، وتشكيل وزارة وتسمية الوزراء ، فهذا وزير للدفاع وهذا للتجارة وذاك للإعلام ، وهو تصور كاريكاتيري للدولة ، كما يلعب الأطفال . فحدث خلط بين المناطق المحررة من المستعمر وبين إعلان الدولة ، فالمناطق المحررة تكون فيه بالفعل سلطة شعبية ما ولكنها ليست هي الدولة بعد ، كما أن تأسيس دولة مستقرة على جزء صغير من الوطن ليست هدفا لأي عاقل . وإن كنت لم أقرأ لهم أنهم يقتدون بدولة المدينة التي أقامها الرسول ، فقد يكون هذا هو مبررهم . وهذا تصور سطحي ،لأنه يقتدى بالمتغيرات لا بالثوابت ، فجزيرة العرب لم يكن بها نظام مركزي ولا دولة مركزية ، فقد كانت(مكة) عاصمة روحية دينية وتجارية وثقافية للجزيرة ، تتربع فيها قريش ، ولكن بدون جيش مركزي ولا سلطة مركزية سياسية ، فكانت الوحدات السياسية هي القبائل ، وبالتالي فإن هجرة سيدنا محمد والمؤمنين إلى المدينة كانت بالأساس "للأوس والخزرج" معا ، وكان توجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو العودة بأسرع ما يمكن إلى مكة وقد حدث بالفعل بعد 8 سنوات . وقد كانت العودة أساسا بنشر الدعوة ولم تكن الغزوا ت والسرايا  إلا أداة مساعدة ، أداة لشل وتحييد قوى البغي والعدوان . ( القتلى والشهداء حول ال600).

وبالتالي نحن لن نقيم دولة الإسلام بتفتيت العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا والصومال ، بل بالحفاظ على هذه الوحدات السياسية ثم ضمها إلى بعضها البعض بأشكال الوحدة المختلفة.

وفي العراق وجدوا مشكلة كبرى  : أن الشيعة يمثلون حوالي 60 % من السكان ، ولأن المدرسة "الديوبندية الهندية" تكفر الشيعة ، وهي مدرسة طالبان والقاعدة ، فتحول الشيعة  في العراق لقوة محتلة لدولة الإسلام ، وأصبحوا مستباحين ، ومرة أخرى نجد الاستهانة بالأرواح ، فالمفخخات توضع في مساجد الشيعة ويموت المصلون أو في أماكن تجمعات الشيعة في أحيائهم وليمُت النساء والأطفال والشيوخ . وليقتل أي شيعي يتجه لإحياء أي مناسبة دينية شيعية في "كربلاء" أو "النجف" ،أو غيرهما . وحتى إذا اتهم الشيعة بالوقوع في ممارسة مماثلة عكسية ، بل سنفترض جدلا أن كل ما يقال عن ممارسات الشيعة في العراق صحيح ، وبعضه صحيح بالتأكيد ، فلابد من تطويق الفتنة ، ولابد للعراقيين أن يعودوا ليعيشوا مع بعضهم البعض كما فعلوا طوال عشرات ومئات السنين الماضية ،

وحتى إذا جاز لك أن تكفر الشيعة الاثنى عشرية باعتبار أن ذلك موقف فكري ولا يمكن الحجر على فكر أي إنسان أو جماعة ، فإن قتل المدنيين الأبرياء مسألة محرمة باتفاق . كما أن تطهير العراق من 60 % من سكانه هدف غير واقعي ، بل هدف مجنون ، لن يؤدي إلا إلى إغراق البلاد في بحور لا تنتهي من الدماء . تصور نفسك وأنت جالس في غرف العمليات بتل أبيب وواشنطن ولاحظ كم الحبور و السعادة التي ترتسم على وجوه الموجودين وهم يتابعون هذه البلاهة ، ويتبادلون الأنخاب ، فالمسلمون والعرب يقتلون بعضهم بعضا ، لتحقيق أهدافنا ، أمر رائع بلا جدال . ثم من سيحدث أمة العرب والمسلمين عن النهضة الاقتصادية أو متابعة ركب الحضارة أو تحقيق العدالة الاجتماعية ؟! ( المساحة المخصصة للمقال انتهت) . ولكن الموضوع لم ينتهِ.

  (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
___________________

مجدي أحمد حسين (23 يوليو 1951) سياسي وكاتب صحفي مصري ورئيس التحرير الحالي لصحيفة الشعب المصرية.

ISR Weekly

About ISR Weekly

هيئة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات


ابحث عن مقالات مثل التي قرأت

Advertise Here

المقالات الأكثر قراءة

_____________________________________________________
حقوق التأليف والنشر © مراجعات. جميع الحقوق محفوظة.